قراءة فى كتاب رجال من سقط المتاع
المؤلف عبد اللطيف الغامدي وهو يدور حول من يهملون فى بعض أو كل أعمالهم الوظيفية وفى مقدمته بين أن من سيقرأ تلك الرسالة هم أولى الهمم وهى رسالة فى مصائب سيقوم بها بعض أفراد الأمة غير منتبهين لعظم ما يرتكبونه من النوب وفى هذا قال :
"أما بعد:
* في البداية.. عذرا – أيها الإخوة – على القسوة! فربما تكون جراح الأقلام أدمى من جراح السهام، وأنكى من ركلة الأقدام..
ولمشقة من كاتب بمداده
أمضى وأقطع من صنيع حسام
* وعذري أن هذه الرسالة لن يقرأها ويهتم بها – بإذن الله – إلا من علت همته، وزكت نفسه، وعظمت عزيمته، وصلحت سريرته، فطابت سيرته.
* والحق يقال: إن لكل جواد كبوة، ولكل حكيم هفوة، ولكل حليم جفوة، ولكل سهام نبوة.. والتمام متعذر، والكمال عزيز.
وفي كل مستحسن عيب بلا ريب
ما يسلم الذهب الإبريز من عيب
* ورسالتي هي موجعة مفجعة، تثير الحفائظ، وتؤلب النفوس، وتنكأ الجراح، وتدمي القلوب، ولكنها الحقيقة الدقيقة، صيغت بلفظ قاس، وحرف حاد، ونبرة ملتهبة!
فلا يحزنك قولي؛ فإنه لك، وليس عليك!
ورب أمر يسوء ثم يسر
وكذاك الأمور حلو ومر "
ويبين الغامدى أن رسالته موجهة لمن يريد صلاحهم ونجاحهم فيقول:
"أرسلها – بحياء – إلى من أريد بهم الصلاح، وسلوك دروب النجاح..
عنوانها المحبة.
وحاديها الشوق..
وحاملها الحنين..
وفحواها النصيحة المخلصة..
لمن لهم في القلب حظ ونصيب!
{ إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب } "
وفى مقدمة ثانية يبين أن من يتحدث عن مصائبهم هم سقط المتاع وهو تعبير عن أنهم أراذل المجتمع مع أن سقط المتاع فى التعبير قد يوجد فيه فوائد ويعدد الرجل صفاتهم الرذيلة وفى هذا قال :
ثم أما بعد:
رجال من سقط المتاع!
ليس لهم في الواقع مواقع، ولا في الوجود جهود، ولا في ميدان العمل محل، فهم من سقط المتاع، ومن العمل الرعاع، يرضون من المكاسب بالدون، ويقنعون من المعالي باليسير، ويقبلون من الغياب بالإياب!
ينكسون رايتهم قبل دخول المعارك، ويسلمون أعناقهم قبل حلول النزال، ويسقط في أيديهم حين وقوع النوازل، فليس حلول النزال، ويسقط في أيديهم حين وقوع النوازل، فليس لهم على الأمجاد اجتهاد، ولا على صعود القمة همة..!
ومن طلب العلا من غير كد
أضاع العمر في طلب المحال
والمعالي مهرها غال!
يا طالب المجد دون المجد ملحمة
في طيها تلف للنفس والمال
هممهم فاترة، وعزائمهم خائرة، تملكهم الخوف والفزع، وسيطر عليهم الجبن والهلع، واستبد بهم اليأس والجزع، يحسبون كل صيحة عليهم، وكل إشارة إليهم.
وما يدرك الحاجات من حيث تبتغي
من القوم إلا من أعد وشمرا
لا ينظر أحدهم إلا إلى موضع قدمه، ولا يعيش إلا لساعته، ولا يرعى إلا مصالحه، ولا يتعدى اهتمامه بغير نفسه، ولا يرى إلا صورته، ولا يسمع سوى صوته، ولا يأخذ إلا برأيه.
وإن امرءا لا يتقي سخط قومه
ولا يحفظ القربى لغير موفق
يقضى الأمر ولا يستشار، ويبت في القضايا دون أن يؤخذ له رأي أو يسمع له قرار..
إذا كنت لا ترجى لدفع ملمة
ولم يك للمعروف عندك موضع
ولا أنت ذو جاه يعاش بجاهه
ولا أنت يوم البعث للناس تشفع
فعيشك في الدنيا وموتك واحد
وعود خلال من حياتك أنفع
فلا يفتقد حال غيابه، ولا يؤبه به حين حضوره وإيابه..
من الناس ميت وهو حي بذكره
وحي سليم وهو في الناس ميت
والذي يفري الكبد أنه على العطاء قادر، وللبذل مستطيع، لكن الكسل قعد به، والخمول كبل قدمه، والغفلة أركست همته، واهتماماته الدنيئة سلبته مكانته، وأنقصت من شأنه..
من أين يكتسب المحامد لاه؟
أم كيف يرقى للعلا بالله؟
وعلام يلهو، والثناء على الفتى
لا ينتهي، وعناؤه متناهي "
وبعد كل هذا الذم فى أولئك القوم بين الرجل أنه يكتب هذا لأنه يظن فى هؤلاء القوم الخير فقال :
ولذا صحت في وجهه محذرا، وهتفت في مسمعه منذرا، مع علمي الأكيد أنه على خير وفي خير، وله من الفضائل ما لا يحصى أو ينسى.
وليس لي الحق أن أصادر عمله، أو أمحو فضله، حتى لا أغدو كمن يحاول أن يطفئ الشمس بنفخة من فيه، لكني آمل منه المزيد من الفضل والإنعام، والبر والإحسان على الأنام، والعمل الجاد المتواصل الذي يسمو بالأمة بين الأمم حتى تصبح قمة الهرم!
ولم أجد الإنسان إلا ابن سعيه
فمن كان أسعى كان بالمجد أجدرا
وبالهمة العلياء يرقى إلى العلا
فمن كان أرقى همة كان أظهرا "
وتحدث عن استمرارية الخير فى الأمة وهى مقولة خاطئة فالأمة هى أمة خير فى كل الأحوال كما تعالى :
" كنتم خير أمة للناس"
فالمسلمون إن فقدوا الخيرية فقد كفروا وساعتها لا تكون أمة ولا يكون من فقد خيريته مسلم أبدا وفى هذا قال :
"ولا يزال في الأمة الخير إلى قيام الساعة، ولا يزال قائم لله بحجة ما تعاقب الليل والنهار، ولا يزال الله يغرس لهذا الدين غرسا يستعملهم في طاعته، ويجري على أيديهم منافع العباد ومصالح البلاد ليرفعهم بها في الدنيا والآخرة.
الناس منهم كواحد
وواحد كالألف إن أمر عنا
والناس طاقات وقدرات، فليست كل الطيور تحمل الكتب، ولا كل الدود ينسج الحرير، ولا كل الذباب ينتج العسل، وما كل فرس تعد للسباق، ومن يرض بالعير يهجر كاهل الفرس، ولا يزالون مختلفين!
ما كلف الله نفسا فوق طاقتها
ولا تجود يد إلا بما تجد
فمن الناس من همه عند الثريا، ومنهم من همته تحت الثرى، وكل ميسر لما خلق له.
ولست مسفها قومي بقولي
ولكن الرجال لها مزايا"
وبين الغامدى أن كلامه هو موجه للبعض الذى يهمل فى أعماله الصالحة وأن هذه الحالة قد تحدث مع الكل حتى هو فقال:
"ولينتبه القارئ الكريم – وهذا مهم للغاية – أن حديثي هذا لا ينسحب على الجميع، فإنما أخاطب آحادا وأفرادا في مجموعات ومجتمعات، وما أبريء نفسي، فإن الداء قد حل بساحتي، ونزل بباحتي، وليس لي عليه معين إلا رب العالمين فعليه أتوكل، وإليه ألجأ، وبه أستعين.."
أول من تناولهم بالنقد هم بعض الموظفين العاملين بما يسمى الإدارة فقال:
بعض الموظفين
* الموظف الذي رفع شعار: راجعنا غدا! مر علينا بعد أسبوع! المعاملة لم تنته!ليواري كسله وخموله، وتقاعسه وفتوره..يتشاغل عن مشاغل الناس.. ويتغافل عن طلباتهم.. ويتناسى إنهاء معاملاتهم.. وقته يمضي دون حساب في السلام والكلام..ويذهب هدرا في المكالمات الهاتفية الطويلة المملة المخجلة وفي قراءة الجرائد قليلة الفوائد!وفي الأكل والشراب، ومقابلة الأقارب والأصحاب، والخروج من الدوام على الدوام..وأصحاب المصالح المهملة والمعاملات المعطلة يكتوون بنار الانتظار، ويعانون من مرارة الاصطبار..
* عن أنس ، قال: قال رسول الله (ص): «يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا».
وربما يتعمد تأخيرهم، ويتقصد تعطيل أعمالهم ليشنف أذنيه بسماع رجاء الناس وتوسلاتهم، ويمتع عينيه بخضوعهم وذلتهم بين يديه..
* عن عائشة رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله (ص)يقول في بيتي هذا: «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به»
وربما اضطرهم – آسفين – لدفع الرشوة الملعونة، أو كما يقول ذلك الأكول للمال الحرام: هدية! أو حق الشاي! أو ادهن السير يسير..يسمونها بغير اسمها! تبا لهم ولها!!
فإذا ما جاءه مراجع معلوم بكنزه أو مركزه، أو رجل مدعوم بتوصية مغلفة، قام له باشا وهاشا في وجهه، مبادرا لتنفيذ طلبه، معطيا له من وقته وجهده واهتمامه ما يفت به أكباد أولئك المراجعين المنتظرين خلف الأبواب المغلقة والنوافذ المشبكة!
* عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله (ص): «إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه»
تذوقت أنواع الشراب فلم يسغ ... بحلقي أشهى من حلال المكاسب
ونمت على ريش النعام فلم أجد ... فراشا وثيرا مثل إتمام واجبي "
وفات الغامدى أن يقول أن يقول أن هذا الإهمال فى أداء الوظيفة هو إفساد فى الأرض أى حرب لله يستحق عليها المهمل قتله لأنه بسبب إهماله قد يموت البعض أو قد يمرض أو تتشرد اسرة أو يجوع ناس ومن ثم لو كان هناك دولة للمسلمين لقتل هذا المهمل لأن نتيجة إهماله هى مصائب وكوارث ولكن نحن نعيش فى مجتمعات لا تحكم بشرع الله وغالبا هذا الموظف فى مجتمعاتنا مغلوب على أمره حيث تسرق الحكومات بعض راتبه أو تعطيه راتب لا يكفى لضرورياته هو واسرته فيضطر إلى تحصيله بطريقته سواء كانت أخ الرشوة أو ترك العمل ليعمل فى عمل ثانى يجهده نفسيا وبدنيا فيذهب لعمله الحكومى متعبا
وتحدث عن بعض ما يقوم به الأطباء فقال :
"بعض الأطباء
الطبيب الذي يرى المريض يقاوم الآلام، ويصارع الأسقام..يسمع أنينه وحنينه.. ويبصر زفراته وآهاته.. ويرى توجعه وتألمه..ثم لا يحرك ساكنا، ولا يسكن ألما..ينظر إليه بتبلد وجمود، ويعامله بصلف وصدود، ويخاطبه بتكبر وجحود.فأين هذا القلب الذي غدا كالحجر الصلب عن تفريج الكربات، وتخفيف النكبات، وتنفيس الغموم والهموم؟!
* عن عمرو بن حبيب ، قال: قال رسول الله (ص): «خاب عبد وخسر لم يجعل الله في قلبه رحمة للبشر»
أين الاحتساب يا ذوي الألباب؟! في مداواة الجرحى، ومعالجة المرضى، والصبر على الكثرة والازدحام، واللطف والعطف على الأنام؟!
* عن ابن المنكدر قال: قال رسول الله (ص): «من أفضل العمل إدخال السرور على المؤمن، تقضي عنه دينا، تقضي له حاجة، تنفس له كربة»
دونكم – أيها الأطباء – هذه الأجور العظيمة، والحسنات الكريمة..
اغتنموا منها ما تستطيعون، واهتبلوا منها ما تقدرون، فتنفيس كربات اليوم الحاضر؛ مهر تنفيس كربات الغد السائر!
* عن أبي هريرة ، قال: قال رسول الله (ص): «من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما، ستره الله في الدنيا والآخرة والله في عون العبد، ما كان العبد في عون أخيه...»
ما نال محمدة الرجال وشكرهم.
إلا الصبور عليهم المفضال"
وما قاله عن بعض الأطباء هو نفسه ما قيل عن الإداريين فتبلد حس بعض الأطباء أتى من أنهم يريدون جمع المال من خلال اكراه المريض على الذهاب لعيادته لدفع ثمن الكشف حتى يقوم بعمله العام فى مكان خاص أو من خلال اجباره على إجراء فحوصات وأشعات فى أماكن خارجية يأخذ منها نسبة أو يقوم بكتابة أدوية غالية من شركات معينة تعطيه نسبة على هذا مع وجود ادوية رخيصة تؤدى نفس العمل
وتحدث عن إهمال راعى الأسرة فى رعاية أسرته فقال :
"بعض الأولياء
الولي الذي لا يغار على محارمه..فتراهن يخرجن مبترجات سافرات، كاسيات عاريات، مائلات مميلات، قد كشفن أقدامهن وأرجلهن، وأخرجن أكفهن وأيديهن، وحسرن الغطاء عن شعورهن، وربما انتقبن بما يزيد في الفتنة بهن، ويغري ضعاف الإيمان بالتطاول عليهن..
* قال تعالى: { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما }
يخرجن وقد تلطخن بالأصباغ الفاتنة، وتطيبن بالعطور الملفتة، ولبسن العباءات المزركشة فوق الأزياء المتهتكة والموديلات الفاسدة..وكل ذلك على عين الولي وتحت سمعه وبصره وعلمه..
يراهن يضاحكن الباعة في سماحة باهتة..ويتسكعن في الأسواق المكتظة بذئاب البشر..ويتنزهن في غير حشمة أو ستر في الحدائق المختلطة بالرجال الأجانب..ثم لا تفور الغيرة في أوردته.. ولا تجري دماء الحمية في شرايينه..
أشباه رجال ولا رجال!
* عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله (ص): «كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت».
وربما ذهبت إحداهن مع السائق السارق لوحدها، وكأنه من محارمها أو من بنات جنسها، ليجوس بها الديار، ويذهب لها – دون رقابة – ذات اليمين وذات اليسار! والولي الغافل لا يدري أي أرض تقلها؟ وأي سماء تظلها؟ثم يقول ذلك الكسول، ويا بئسما يقول: أنا واثق بها! ويتناسي ذئابا بشرية، ووحوشا كاسرة تحوم حول الفريسة المخدوعة التي لا حامي لها ولا راع!
وإذا أمنت العقوبة ساء الأدب ورأيت العجب!"
قطعا هذا الإهمال سببه ليس رعاة الأسر وحدهم وإنما القيادة الذى تسمح باستيراد أدوات التبرج المحرمة باعتبارها تغيير لخلقة الله والتى تسمح بفتح محلات التجميل ....والتى تسمح بتعرى النساء أو الرجال فى الأماكن العامة العرى المحرم والتى تسمح بما يسمى الاصطياف مع خلع الملابس على الشواطىء... والأهم أن القيادة التى تعمل من خلال وسائل إعلامها على بث الفواحش وشيوعها فى المجتمع من خلال ظهور النساء والرجال فى وسائل وبرامج التزيين والتجميل وبث الأفلام والمسلسلات...
وتحدث عن إهمال بعض المعلمين فقال :
"بعض المعلمين
المعلم الذي يرى التعليم وظيفة مملة عقيمة، وليس رسالة عظيمة..فلا أثر لها في قلوب تلاميذه، ولا دور له في تهذيب سلوكهم، وتقويم أخلاقهم، وحل مشاكلهم، وتغيير مفاهيمهم، وتأديب طباعهم همه تلك المعلومات المجردة يحشو بها العقول وينسى القلوب والأفئدة..
يراقب مديره الحازم، ويخاف من موجهه الصارم، ويخشى من تلميذه الناقم، وينسى أن التعليم مهمة الرسل والأنبياء، وعمل العظماء، ورسالة الحكماء؛ فلا شرف يوازيها، ولا كرامة تساميها!
* عن أبي أمامة قال: قال رسول الله (ص): «إن الله وملائكته، وأهل السموات والأرض، حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت في البحر، ليصلون على معلم الناس الخير»
فم للمعلم وفه التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا
أعلمت أشرف أو أجل من الذي
يبني وينشيء أنفسا وعقولا
لكنها انحطت في عينه لانحطاط همته وفتور عزيمته، ويبرر لتقصيره في أداء واجبه بمعاذير مختلفة وحجج ملفقة، فربما يردد في يأس وقنوط: لماذا أصارع التيار؟! وأقاوم الإعصار؟!
سأترك الحبل على المغارب، وأترك الجمل بما حمل!
فيدع العمل، ويردد في فتور وكسل:
شوقي يقول وما درى بمصيبتي
قم للمعلم وفه التبجيلا
اقعد فديتك هل يكون مبجلا؟
من كان للنشء الصغار خليلا
ويكاد يقلقني الأمير بقوله:
كاد المعلم أن يكون رسولا
لو جرب التعليم شوقي ساعة
لقضى الحياة شقاوة وخمولا
حسب المعلم غمة وكآبة
مرأى الدفاتر بكرة وأصيلا
لا تعجبوا إن صحت يوما صيحة
ووقعت بين البنوك قتيلا
يا من يريد الانتحار وجدته
إن المعلم لا يعيش طويلا
شغله الشاغل نهاية الحصة، وبداية الإجازة، ويوم الراتب!
ولذا فهو يعد لورقة الاختبار ويوم الامتحان، أما أن يعده لاختبار الآخرة، فيخرج لنا جيلا تقيا نقيا، زكيا ذكيا، يخاف الله ويخشى لقاءه، فذلك مما لا يخطر له على بال.فأين التربية، يا أهل التربية؟!أين الأثر الذي لا ينطمس، والعلم الذي لا يندرس، والموقف الذي لا ينسى، والعبرة التي لا تنتهي؟!أين؟! أين؟!أين الذي كنت أرجوه وآمله أما الذي كنت أخشاه فقد كانا"
إهمال بعض المعلمين ليس نتاج هؤلاء المعلمين وحدهم وإنما هو نتاج فساد القيادة التى لا تريد تعليم الناس الحق من خلال مناهج بعيدة عن دين الناس ومن خلال حرمان المعلمين من حقوقهم المالية حيث يعطونه فى معظم بلاد المنطقة أقل الرواتب ومن ثم اضطر كثير منهم إما لعدم شرح الدروس فى المدرسة أو للعمل على عدم حضور التلاميذ حتى يذهبوا لأخذ الدروس عنده فى خارج المدرسة واضطر بعض منهم للعمل بوظيفة ثانية وأحيانا ثالثة لكى يقدر على الإنفاق على أسرته بدلا من أن يعمل سارقا أو بائع مخدرات ومن ثم أثر هذا على عمله الأصلى لأنه منهك طوال الوقت
وتحدث الرجال عن الإعلاميين فقال :
"بعض الكتاب
الكاتب أو الصحفي الذي وهب الله تعالى ملكة القلم السيال والحرف الرقيق والكلمة المعبرة والتصوير المؤثر، فأخذ يصول ويجول فيما لا فائدة فيه، ولا طائل خير يعود من وراء ما يسود به الصحائف!وربما زلت به القدم وطاش به القلم، فكتب ما شره أقرب من خيره، وضره أكثر من نفعه..عندما أخذ يهذي بما لا يدري، ويرهف فيما لا يعرف، ويغوص في بحر الفكر والثقافة وليس يحسن العوم في ضحضاحه..
يا باري القوس بريا ليس يحسنه
لا تفسدنها وأعط القوس باريها
وربما أصبح معول هدم ومنجل صرم بين أصابع ومخالب أعداء الله تعالى ينشرون به فكرهم، ويسطرون بيراعه زيفهم، بعد أن غدا يلقف ما يأفكون، ويقم ما يتقيؤون، ويرتضع منهم زبالات فكرهم لينفثها سما زعافا في قلوب الغافلين وعقول المغفلين!
* قال تعالى: { ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون }.
* عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): «... ومن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم آثام من تبعه، ولا ينقص ذلك من آثامهم شيئا»
لا يكتب لينافح عن دينه أو ليبرز محاسنه أو ليدعو إليه أو ليفند مؤامرات أعدائه عليه، وإنما شغله الشاغل وهمه المتواصل ما يكتبه عن فنون الأقدام والأجسام والأفلام.. وغير ذلك مما لا داعي له أو لا فائدة فيه.
فواحسرتاه على من يدع الصفو ويشرب الكدر!
وينام في الصحو ويرحل مع النقع إذا انتشر!
وما من كاتب إلا سيفنى
ويبقى الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بخطك غير شيء
يسرك في القيامة أن تراه "
الغامدى فى هذا الكتاب يرى المجتمع من خلال المهملين فقط من الصغار وأما النصف الثانى الذى عمى عنه فهو القيادة أو السلطة فهؤلاء الكتاب الذى يتحدث عنهم لا يمكن أن يظهروا فى وسائل الإعلام الحكومية إلا برضا الحكومة وهى القيادة والقيادات فى بلادنا فاسدة وهى من خلال بعض المؤسسات الأمنية هى التى تأمر وتزين للكتاب الكتابة فى مخالفة الشرع فالسلطة تملك أن توقف أيا كان عن الكتابة ولكنها لا تفعل لأنها هى من تأمرهم بأن يكتبوا تلك الكتابات حتى يظل المجتمع فى جهله وحيرته فى الدين
وتحدث عن بعض الأغنياء وإهمالهم فى أداء الزكاة وإسرافهم فى المال فقال :
"بعض الأغنياء
الغني الثري الذي يحمل هم تجارته، وغم حساباته، ثم لا يحمل هم جوعى المسلمين الذين نهشهم الجوع، وأضنتهم الأمراض، ودمرهم الجهل، وأردتهم المسغبة.
* قال تعالى: { ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون }
تراه يغير أثاث بيته في كل حين، ليوافق أحدث الصرخات! ومن المسلمين من يفترشون الأرض ويلتحفون السماء!ويبدل مركباته لتتبع ما التقفته الأسواق من الموديلات! ومن المؤمنين من يمشي حافي القدمين دون حذاء!ويغير ملابسه بتغير الزمان والمكان، ليكسر قلوب الفقراء! يتباهى بها بين الضغفاء!
* عن معاذ بن أنس ، قال: قال رسول الله (ص): «من ترك اللباس تواضعا لله وهو يقدر عليه دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي حلل الإيمان يلبسها»
ينفق في المناسبات الاجتماعية ما لا عد له ولا حد، ليقال عنه؛ جواد زمانه، وحاتم عصره!
فإذا ما جاءه الفقير المدقع، ضاق به صدره، وأشاح عنه بوجهه، وأعرض ونأى بجانبه، ثم ولى عنه الدبر!
* قال تعالى: { ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم } .
وربما تجد من أقاربه وجيرانه وأصدقائه وخلانه من يعانون من التقاسيط التي قصمت ظهورهم، والديون التي سكبت ماء وجوههم، ويقاسون من الحرمان والخصاصة والفاقة، وهو لا يشعر بهم، ولا يحس بمعاناتهم، ولا يمد بيده لهم للتنفيس عنهم، والتفريج عن كرباتهم.
فإذا ما ذكرته بالإنفاق.. ادعى الإملاق!وإذا ما رغبته في البذل والعطاء.. اشتكى قلة الموارد والنماء!وإذا ما أنذرته بالآخرة، صاح فيك متنمرا: أريد تأمين مستقبل حياتي، وزماني الآتي.وأين أنت عن مستقبلك الحقيقي، وعمرك الأبدي، وحياتك الباقية في يوم القيامة؟!
* قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون * وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين * ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون } فتبا للأماني الخادعة كيف تفعل بالعقول الغافلة والقلوب القاسية!
فيا له من غني من الأموال المتكاثرة! وويله كم هو فقير من الأعمال الصالحة!!"
هذا الكلام كما سبق القول يتناسى أن القيادة هى من تسمح للمفسد بالفساد من خلال تشريعاتها الوضعية فالسلطة تقوم بتشريعات تسمح بتصنيع الأغنياء لكى تتقاسم معهم المال سواء بصورة مباشرة من خلال الرشاوى أو بصورة غير مباشرة من خلال السماح بوجود المخدرات والخمور والداعرات حتى يصرفوا تلك ألأموال على الحرام الذى تتحفى السلطات خلفه من خلال إدارة تلك الأماكن حتى وإن أعلنت أنها ملك فلان وفلان
السلطة التى تتحدث عن الضرائب ولا تضع فى تشريعها جمع الزكاة السلطة التى تسمح للبعض بالتهرب من الضرائب إما من خلال ما يسمى بالتصالح وتقسيط ما عليه وإما من خلال تغيير اسم المنشأة كل سنة أو اثنين حتى تعفى من الضرائب
"وتحدث عن إهمال بعض الجنود فقال :
بعض الجنود
الجندي الذي لا يعرف شرف مهنته، ولا أهمية مهمته...فيتأفف من وظيفته، ويزهد في عمله، ويضجر من رسالته، ويغفل عن الأجور العظيمة التي أكرم الله بها من بات يكلأ أمته، ويحرس رعيته، ويدافع عن عقيدته، ويجاهد من أجل مقدساته، ويناضل من أجل وطنه حتى لا ترفع فوق ثراه غير راية الإسلام، ولا يحكم فيه غير شرع الملك العلام.
فتراه يندب حظه، ويعض على أصابعه من فرط الندم وتتابع الألم، ويقول بلسان الخامل المتكاسل:وما دخلي أنا بالناس؟!هم يغطون في نومهم، وأبات أسهر على حمايتهم!يرتاحون في دورهم، وأنصب على راحتهم!يجتمعون مع أهليهم في البيوت والقصور، وأنا عاكف أحرسهم على الثغور!فيجتمع عليه التعب والنصب، والملل والكسل، وذهاب الأجر والثواب، لغياب الصبر والاحتساب.
* عن أبي ريحانة قال: قال رسول الله (ص): «حرمت عين على النار، سهرت في سبيل الله»
* وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله (ص): «ألا أنبئكم بليلة أفضل من ليلة القدر؟ حارس الحرس في أرض خوف لعله لا يرجع إلى أهله»
وربما رأيته يعامل الناس في فظاظة وقسوة، وغلظة وجوفة، قد ارتسمت على محياه نظرة العبوس، وفاحت من لسانه كلمات الأذى، لأنه يرى الناس دونه، وأنه يعلو ولا يعلى عليه، ويسمو فلا يوصل إليه!
* عن جرير بن عبد الله البجلي ، قال: قال رسول الله (ص): «من يحرم الرفق، يحرم الخير»
تواضع تكن كالبدر لاح لناظر
على صفحات الماء وهو رفيع
ولا تك كالدخان يعلو تجبرا
على طبقات الجو وهو وضيع"
قطعا لا يوجد فى الإسلام ما يسمى بالجندية الإجبارية ولا ما يسمى بمغريات التجنيد وهى مغريات تسمح لبعض أفراد المجتمع بالترقى لمرتبة الضباط وتمنع 80% من أبناء الشعب من الوصول للقيادة من خلال منعهم من دخول كليات الحرب والشرطة وتجعل ذلك وراثة فى أسر معينة
الجهاد فى الإسلام يعتمد على التطوع النفسى فلا يوجد ما يسمى التجنيد الإجبارى ولا وجود اسس للانضمام للمجاهدين وهم يسمونها حاليا جيوش وليس جهاد لأنهم بعيدون عن الإسلام تماما ولذلك فعندما يهمل جندى فهو يهمل فى الغالب نتيجة هذا الظلم فالجندى المجند يقبض راتب قليل جدا لا يكفى لطعامه أو شرابه بينما الضابط يصرف راتب قدرة مئات أو عشرات المئات مع أن العمل معظمه يقوم به الجنود المجندين
وتحدث عما يقوم به بعض المغتربين فقال :
"بعض المغتربين
ذلك الذي حزم حقائب سفره ليحل وثاقها في ديار لا تشق سماءها منائر الأذان أو منابر الإيمان فتنظره – ويا لسوء ما تبصره! – ينسلخ عن دينه، ويتجرد من إيمانه، ويقطع كل حبل وثيق له بعقيدته..ليغدو كالبهيمة السائمة، يلهث في نهم وسعار من شهوات الجسد، وملذات البدن، ليشبع نوازع الحيوان فيه، ويستجيب لنوازع الشيطان عليه، دون وازع من دين أو رادع من عقل أو مانع من حياء!عرضت عليه الفتن عودا فأشربها قلبه الذي غدا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما وافق هواه وساير رغبته قد أصيب بالهزيمة النفسية والإفلاس الروحي لأنه غير واثق بنفسه أو معتز بدينه، ولذا فهو ينكس رأسه خجلا وذلة إذا استعلت رؤوس من لا يؤمنون بالله واليوم الآخر؛ لأنه يرى نفسه دونهم، وأقل منهم، فهو ينظر إليهم من طرف خفي، كنظرة منكسر بين يدي منتصر!
«ونحن قوم أعزنا الله بالإسلام، ومهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله».
* قال تعالى: { ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون }
فتراهم – ويا للأسف! – يستعلون بباطلهم وكفرهم وتمردهم على خالقهم، وينافحون عن معتقدهم الفاسد، ويذودون عن دينهم المنحرف، وهو يجاملهم في انهزام ويداريهم في انكسار، ويداهنهم في مسكنة وصغار، ويعاملهم في ذلة واندحار، ويحاكيهم في حياتهم ومعاشهم، ويتشبه بهم في مأكلهم ومشربهم وملبسهم ومسكنهم..تقاربت القلوب.. فتشابهت القوالب! «ومن تشبه بقوم فهو منهم».فهو معجب بهم إلى درجة التبجيل..ومستحسن لحالهم إلى حد تضخيم الحسنات والتغافل عن السيئات..فإذا ما نطق لسانه بثناء.. فعليهم.
وإذا ما أشار بإصبعه إلى رقي.. فلهم.وإذا تحدث عن مزية.. فعنهم.مال قلبه إليهم، فجرى لسانه بذكر ما لديهم..مادح لهم، وقادح في غيرهم..
* قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق...
عرفوا الإسلام من خلاله، فقاسوا المسلمين عليه، وشبهوا المؤمنين به، فزهدوا – بزعمهم – في دين ينجب مثله، وقالوا بلسان حالهم ومقالهم: لو كان في دينه خير لنطق به، أو كان فيه صلاح لظهر عليه، ولغير من حاله، فأصبح – ويله! – فتنة للقوم الكافرين!"
والمهاجرين أو المبتعثين أو السائحين لو كانوا فى دولة العدل دولة المسلمين حقا ما سافروا منها لأن سفر المسلم من دولته لدولة كافرة يعنى كفره ما لم يكن يجاهد أو يؤدى مهمة مكلف بها كالتفاوض مع الأعداء والدليل أن الله أمر المؤمنين بالهجرة لدولة المسلمين حتى يكون من ضمن ولاية المسلمين ألاخرين فقال:
"والذين أمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شىء حتى يهاجروا"
السفر والاقامة فى دول الكفر يمنع المسلمين من نصر هؤلاء إذا اعتدى عليهم من قبل الكفار المعاهدين كما قال تعالى :
"وإن استنصروكم فى الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق"
وفى خاتمة الكتاب قال الغامدى:
"الخاتمة
... وبعد:هؤلاء بعض رجال من سقط المتاع..
وجودهم كعدمهم.. وحضورهم كغيابهم.. وحياتهم كمماتهم.. قولهم كصمتهم.. وفعلهم كسكونهم.. فهم لا يتأثرون ولا يؤثرون! لا يقدمون ولا يؤخرون!
إذا المرء لم تغن العفاة صلاته
ولم يرغم القوم العدى سطواته
ولم يرض في الدنيا صديقا ولم يكن
شفيعا في الحشر منه نجاته
فإن شاء فليهلك وإن شاء فليعش
فسيان عندي موته وحياته
وهم – على أي حال – خير من سوء المتاع، وأفضل ممن ضل سعيهم، وأكمل ممن سارت سيرتهم، وأولى ممن شانت أفعالهم، وخابت أقوالهم.
فلا يزال الخير فيهم.. لكن هممهم خبت جذوتها تحت رماد الغفلة، وحاجتها ماسة إلى واعظ مخلص ومذكر صادق ينفخ – بحب ومودة – في جمرة عزائمهم في غير عنف فيحرقها، ومن غير ضعف فيخمدها! والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير!!
والمرء يذكر بالجمائل بعده
فارفع لذكرك بالجميل بناء
واعلم بأنك سوف تذكر مرة
فيقال أحسن أو يقال أساء "
والخاتمة كالمقدمة كالكتاب وهو النظر للمشاكل بعين واحدة وليس بالعينين فالرجل وضع الذنوب كلها على كفة المهملين بينما الذنوب المفروض أنها على من سهلها واضطر القوم للقيام بها وهم الحكومات التى تضطر الناس للفساد فى الغالب
المؤلف عبد اللطيف الغامدي وهو يدور حول من يهملون فى بعض أو كل أعمالهم الوظيفية وفى مقدمته بين أن من سيقرأ تلك الرسالة هم أولى الهمم وهى رسالة فى مصائب سيقوم بها بعض أفراد الأمة غير منتبهين لعظم ما يرتكبونه من النوب وفى هذا قال :
"أما بعد:
* في البداية.. عذرا – أيها الإخوة – على القسوة! فربما تكون جراح الأقلام أدمى من جراح السهام، وأنكى من ركلة الأقدام..
ولمشقة من كاتب بمداده
أمضى وأقطع من صنيع حسام
* وعذري أن هذه الرسالة لن يقرأها ويهتم بها – بإذن الله – إلا من علت همته، وزكت نفسه، وعظمت عزيمته، وصلحت سريرته، فطابت سيرته.
* والحق يقال: إن لكل جواد كبوة، ولكل حكيم هفوة، ولكل حليم جفوة، ولكل سهام نبوة.. والتمام متعذر، والكمال عزيز.
وفي كل مستحسن عيب بلا ريب
ما يسلم الذهب الإبريز من عيب
* ورسالتي هي موجعة مفجعة، تثير الحفائظ، وتؤلب النفوس، وتنكأ الجراح، وتدمي القلوب، ولكنها الحقيقة الدقيقة، صيغت بلفظ قاس، وحرف حاد، ونبرة ملتهبة!
فلا يحزنك قولي؛ فإنه لك، وليس عليك!
ورب أمر يسوء ثم يسر
وكذاك الأمور حلو ومر "
ويبين الغامدى أن رسالته موجهة لمن يريد صلاحهم ونجاحهم فيقول:
"أرسلها – بحياء – إلى من أريد بهم الصلاح، وسلوك دروب النجاح..
عنوانها المحبة.
وحاديها الشوق..
وحاملها الحنين..
وفحواها النصيحة المخلصة..
لمن لهم في القلب حظ ونصيب!
{ إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب } "
وفى مقدمة ثانية يبين أن من يتحدث عن مصائبهم هم سقط المتاع وهو تعبير عن أنهم أراذل المجتمع مع أن سقط المتاع فى التعبير قد يوجد فيه فوائد ويعدد الرجل صفاتهم الرذيلة وفى هذا قال :
ثم أما بعد:
رجال من سقط المتاع!
ليس لهم في الواقع مواقع، ولا في الوجود جهود، ولا في ميدان العمل محل، فهم من سقط المتاع، ومن العمل الرعاع، يرضون من المكاسب بالدون، ويقنعون من المعالي باليسير، ويقبلون من الغياب بالإياب!
ينكسون رايتهم قبل دخول المعارك، ويسلمون أعناقهم قبل حلول النزال، ويسقط في أيديهم حين وقوع النوازل، فليس حلول النزال، ويسقط في أيديهم حين وقوع النوازل، فليس لهم على الأمجاد اجتهاد، ولا على صعود القمة همة..!
ومن طلب العلا من غير كد
أضاع العمر في طلب المحال
والمعالي مهرها غال!
يا طالب المجد دون المجد ملحمة
في طيها تلف للنفس والمال
هممهم فاترة، وعزائمهم خائرة، تملكهم الخوف والفزع، وسيطر عليهم الجبن والهلع، واستبد بهم اليأس والجزع، يحسبون كل صيحة عليهم، وكل إشارة إليهم.
وما يدرك الحاجات من حيث تبتغي
من القوم إلا من أعد وشمرا
لا ينظر أحدهم إلا إلى موضع قدمه، ولا يعيش إلا لساعته، ولا يرعى إلا مصالحه، ولا يتعدى اهتمامه بغير نفسه، ولا يرى إلا صورته، ولا يسمع سوى صوته، ولا يأخذ إلا برأيه.
وإن امرءا لا يتقي سخط قومه
ولا يحفظ القربى لغير موفق
يقضى الأمر ولا يستشار، ويبت في القضايا دون أن يؤخذ له رأي أو يسمع له قرار..
إذا كنت لا ترجى لدفع ملمة
ولم يك للمعروف عندك موضع
ولا أنت ذو جاه يعاش بجاهه
ولا أنت يوم البعث للناس تشفع
فعيشك في الدنيا وموتك واحد
وعود خلال من حياتك أنفع
فلا يفتقد حال غيابه، ولا يؤبه به حين حضوره وإيابه..
من الناس ميت وهو حي بذكره
وحي سليم وهو في الناس ميت
والذي يفري الكبد أنه على العطاء قادر، وللبذل مستطيع، لكن الكسل قعد به، والخمول كبل قدمه، والغفلة أركست همته، واهتماماته الدنيئة سلبته مكانته، وأنقصت من شأنه..
من أين يكتسب المحامد لاه؟
أم كيف يرقى للعلا بالله؟
وعلام يلهو، والثناء على الفتى
لا ينتهي، وعناؤه متناهي "
وبعد كل هذا الذم فى أولئك القوم بين الرجل أنه يكتب هذا لأنه يظن فى هؤلاء القوم الخير فقال :
ولذا صحت في وجهه محذرا، وهتفت في مسمعه منذرا، مع علمي الأكيد أنه على خير وفي خير، وله من الفضائل ما لا يحصى أو ينسى.
وليس لي الحق أن أصادر عمله، أو أمحو فضله، حتى لا أغدو كمن يحاول أن يطفئ الشمس بنفخة من فيه، لكني آمل منه المزيد من الفضل والإنعام، والبر والإحسان على الأنام، والعمل الجاد المتواصل الذي يسمو بالأمة بين الأمم حتى تصبح قمة الهرم!
ولم أجد الإنسان إلا ابن سعيه
فمن كان أسعى كان بالمجد أجدرا
وبالهمة العلياء يرقى إلى العلا
فمن كان أرقى همة كان أظهرا "
وتحدث عن استمرارية الخير فى الأمة وهى مقولة خاطئة فالأمة هى أمة خير فى كل الأحوال كما تعالى :
" كنتم خير أمة للناس"
فالمسلمون إن فقدوا الخيرية فقد كفروا وساعتها لا تكون أمة ولا يكون من فقد خيريته مسلم أبدا وفى هذا قال :
"ولا يزال في الأمة الخير إلى قيام الساعة، ولا يزال قائم لله بحجة ما تعاقب الليل والنهار، ولا يزال الله يغرس لهذا الدين غرسا يستعملهم في طاعته، ويجري على أيديهم منافع العباد ومصالح البلاد ليرفعهم بها في الدنيا والآخرة.
الناس منهم كواحد
وواحد كالألف إن أمر عنا
والناس طاقات وقدرات، فليست كل الطيور تحمل الكتب، ولا كل الدود ينسج الحرير، ولا كل الذباب ينتج العسل، وما كل فرس تعد للسباق، ومن يرض بالعير يهجر كاهل الفرس، ولا يزالون مختلفين!
ما كلف الله نفسا فوق طاقتها
ولا تجود يد إلا بما تجد
فمن الناس من همه عند الثريا، ومنهم من همته تحت الثرى، وكل ميسر لما خلق له.
ولست مسفها قومي بقولي
ولكن الرجال لها مزايا"
وبين الغامدى أن كلامه هو موجه للبعض الذى يهمل فى أعماله الصالحة وأن هذه الحالة قد تحدث مع الكل حتى هو فقال:
"ولينتبه القارئ الكريم – وهذا مهم للغاية – أن حديثي هذا لا ينسحب على الجميع، فإنما أخاطب آحادا وأفرادا في مجموعات ومجتمعات، وما أبريء نفسي، فإن الداء قد حل بساحتي، ونزل بباحتي، وليس لي عليه معين إلا رب العالمين فعليه أتوكل، وإليه ألجأ، وبه أستعين.."
أول من تناولهم بالنقد هم بعض الموظفين العاملين بما يسمى الإدارة فقال:
بعض الموظفين
* الموظف الذي رفع شعار: راجعنا غدا! مر علينا بعد أسبوع! المعاملة لم تنته!ليواري كسله وخموله، وتقاعسه وفتوره..يتشاغل عن مشاغل الناس.. ويتغافل عن طلباتهم.. ويتناسى إنهاء معاملاتهم.. وقته يمضي دون حساب في السلام والكلام..ويذهب هدرا في المكالمات الهاتفية الطويلة المملة المخجلة وفي قراءة الجرائد قليلة الفوائد!وفي الأكل والشراب، ومقابلة الأقارب والأصحاب، والخروج من الدوام على الدوام..وأصحاب المصالح المهملة والمعاملات المعطلة يكتوون بنار الانتظار، ويعانون من مرارة الاصطبار..
* عن أنس ، قال: قال رسول الله (ص): «يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا».
وربما يتعمد تأخيرهم، ويتقصد تعطيل أعمالهم ليشنف أذنيه بسماع رجاء الناس وتوسلاتهم، ويمتع عينيه بخضوعهم وذلتهم بين يديه..
* عن عائشة رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله (ص)يقول في بيتي هذا: «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به»
وربما اضطرهم – آسفين – لدفع الرشوة الملعونة، أو كما يقول ذلك الأكول للمال الحرام: هدية! أو حق الشاي! أو ادهن السير يسير..يسمونها بغير اسمها! تبا لهم ولها!!
فإذا ما جاءه مراجع معلوم بكنزه أو مركزه، أو رجل مدعوم بتوصية مغلفة، قام له باشا وهاشا في وجهه، مبادرا لتنفيذ طلبه، معطيا له من وقته وجهده واهتمامه ما يفت به أكباد أولئك المراجعين المنتظرين خلف الأبواب المغلقة والنوافذ المشبكة!
* عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله (ص): «إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه»
تذوقت أنواع الشراب فلم يسغ ... بحلقي أشهى من حلال المكاسب
ونمت على ريش النعام فلم أجد ... فراشا وثيرا مثل إتمام واجبي "
وفات الغامدى أن يقول أن يقول أن هذا الإهمال فى أداء الوظيفة هو إفساد فى الأرض أى حرب لله يستحق عليها المهمل قتله لأنه بسبب إهماله قد يموت البعض أو قد يمرض أو تتشرد اسرة أو يجوع ناس ومن ثم لو كان هناك دولة للمسلمين لقتل هذا المهمل لأن نتيجة إهماله هى مصائب وكوارث ولكن نحن نعيش فى مجتمعات لا تحكم بشرع الله وغالبا هذا الموظف فى مجتمعاتنا مغلوب على أمره حيث تسرق الحكومات بعض راتبه أو تعطيه راتب لا يكفى لضرورياته هو واسرته فيضطر إلى تحصيله بطريقته سواء كانت أخ الرشوة أو ترك العمل ليعمل فى عمل ثانى يجهده نفسيا وبدنيا فيذهب لعمله الحكومى متعبا
وتحدث عن بعض ما يقوم به الأطباء فقال :
"بعض الأطباء
الطبيب الذي يرى المريض يقاوم الآلام، ويصارع الأسقام..يسمع أنينه وحنينه.. ويبصر زفراته وآهاته.. ويرى توجعه وتألمه..ثم لا يحرك ساكنا، ولا يسكن ألما..ينظر إليه بتبلد وجمود، ويعامله بصلف وصدود، ويخاطبه بتكبر وجحود.فأين هذا القلب الذي غدا كالحجر الصلب عن تفريج الكربات، وتخفيف النكبات، وتنفيس الغموم والهموم؟!
* عن عمرو بن حبيب ، قال: قال رسول الله (ص): «خاب عبد وخسر لم يجعل الله في قلبه رحمة للبشر»
أين الاحتساب يا ذوي الألباب؟! في مداواة الجرحى، ومعالجة المرضى، والصبر على الكثرة والازدحام، واللطف والعطف على الأنام؟!
* عن ابن المنكدر قال: قال رسول الله (ص): «من أفضل العمل إدخال السرور على المؤمن، تقضي عنه دينا، تقضي له حاجة، تنفس له كربة»
دونكم – أيها الأطباء – هذه الأجور العظيمة، والحسنات الكريمة..
اغتنموا منها ما تستطيعون، واهتبلوا منها ما تقدرون، فتنفيس كربات اليوم الحاضر؛ مهر تنفيس كربات الغد السائر!
* عن أبي هريرة ، قال: قال رسول الله (ص): «من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما، ستره الله في الدنيا والآخرة والله في عون العبد، ما كان العبد في عون أخيه...»
ما نال محمدة الرجال وشكرهم.
إلا الصبور عليهم المفضال"
وما قاله عن بعض الأطباء هو نفسه ما قيل عن الإداريين فتبلد حس بعض الأطباء أتى من أنهم يريدون جمع المال من خلال اكراه المريض على الذهاب لعيادته لدفع ثمن الكشف حتى يقوم بعمله العام فى مكان خاص أو من خلال اجباره على إجراء فحوصات وأشعات فى أماكن خارجية يأخذ منها نسبة أو يقوم بكتابة أدوية غالية من شركات معينة تعطيه نسبة على هذا مع وجود ادوية رخيصة تؤدى نفس العمل
وتحدث عن إهمال راعى الأسرة فى رعاية أسرته فقال :
"بعض الأولياء
الولي الذي لا يغار على محارمه..فتراهن يخرجن مبترجات سافرات، كاسيات عاريات، مائلات مميلات، قد كشفن أقدامهن وأرجلهن، وأخرجن أكفهن وأيديهن، وحسرن الغطاء عن شعورهن، وربما انتقبن بما يزيد في الفتنة بهن، ويغري ضعاف الإيمان بالتطاول عليهن..
* قال تعالى: { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما }
يخرجن وقد تلطخن بالأصباغ الفاتنة، وتطيبن بالعطور الملفتة، ولبسن العباءات المزركشة فوق الأزياء المتهتكة والموديلات الفاسدة..وكل ذلك على عين الولي وتحت سمعه وبصره وعلمه..
يراهن يضاحكن الباعة في سماحة باهتة..ويتسكعن في الأسواق المكتظة بذئاب البشر..ويتنزهن في غير حشمة أو ستر في الحدائق المختلطة بالرجال الأجانب..ثم لا تفور الغيرة في أوردته.. ولا تجري دماء الحمية في شرايينه..
أشباه رجال ولا رجال!
* عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله (ص): «كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت».
وربما ذهبت إحداهن مع السائق السارق لوحدها، وكأنه من محارمها أو من بنات جنسها، ليجوس بها الديار، ويذهب لها – دون رقابة – ذات اليمين وذات اليسار! والولي الغافل لا يدري أي أرض تقلها؟ وأي سماء تظلها؟ثم يقول ذلك الكسول، ويا بئسما يقول: أنا واثق بها! ويتناسي ذئابا بشرية، ووحوشا كاسرة تحوم حول الفريسة المخدوعة التي لا حامي لها ولا راع!
وإذا أمنت العقوبة ساء الأدب ورأيت العجب!"
قطعا هذا الإهمال سببه ليس رعاة الأسر وحدهم وإنما القيادة الذى تسمح باستيراد أدوات التبرج المحرمة باعتبارها تغيير لخلقة الله والتى تسمح بفتح محلات التجميل ....والتى تسمح بتعرى النساء أو الرجال فى الأماكن العامة العرى المحرم والتى تسمح بما يسمى الاصطياف مع خلع الملابس على الشواطىء... والأهم أن القيادة التى تعمل من خلال وسائل إعلامها على بث الفواحش وشيوعها فى المجتمع من خلال ظهور النساء والرجال فى وسائل وبرامج التزيين والتجميل وبث الأفلام والمسلسلات...
وتحدث عن إهمال بعض المعلمين فقال :
"بعض المعلمين
المعلم الذي يرى التعليم وظيفة مملة عقيمة، وليس رسالة عظيمة..فلا أثر لها في قلوب تلاميذه، ولا دور له في تهذيب سلوكهم، وتقويم أخلاقهم، وحل مشاكلهم، وتغيير مفاهيمهم، وتأديب طباعهم همه تلك المعلومات المجردة يحشو بها العقول وينسى القلوب والأفئدة..
يراقب مديره الحازم، ويخاف من موجهه الصارم، ويخشى من تلميذه الناقم، وينسى أن التعليم مهمة الرسل والأنبياء، وعمل العظماء، ورسالة الحكماء؛ فلا شرف يوازيها، ولا كرامة تساميها!
* عن أبي أمامة قال: قال رسول الله (ص): «إن الله وملائكته، وأهل السموات والأرض، حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت في البحر، ليصلون على معلم الناس الخير»
فم للمعلم وفه التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا
أعلمت أشرف أو أجل من الذي
يبني وينشيء أنفسا وعقولا
لكنها انحطت في عينه لانحطاط همته وفتور عزيمته، ويبرر لتقصيره في أداء واجبه بمعاذير مختلفة وحجج ملفقة، فربما يردد في يأس وقنوط: لماذا أصارع التيار؟! وأقاوم الإعصار؟!
سأترك الحبل على المغارب، وأترك الجمل بما حمل!
فيدع العمل، ويردد في فتور وكسل:
شوقي يقول وما درى بمصيبتي
قم للمعلم وفه التبجيلا
اقعد فديتك هل يكون مبجلا؟
من كان للنشء الصغار خليلا
ويكاد يقلقني الأمير بقوله:
كاد المعلم أن يكون رسولا
لو جرب التعليم شوقي ساعة
لقضى الحياة شقاوة وخمولا
حسب المعلم غمة وكآبة
مرأى الدفاتر بكرة وأصيلا
لا تعجبوا إن صحت يوما صيحة
ووقعت بين البنوك قتيلا
يا من يريد الانتحار وجدته
إن المعلم لا يعيش طويلا
شغله الشاغل نهاية الحصة، وبداية الإجازة، ويوم الراتب!
ولذا فهو يعد لورقة الاختبار ويوم الامتحان، أما أن يعده لاختبار الآخرة، فيخرج لنا جيلا تقيا نقيا، زكيا ذكيا، يخاف الله ويخشى لقاءه، فذلك مما لا يخطر له على بال.فأين التربية، يا أهل التربية؟!أين الأثر الذي لا ينطمس، والعلم الذي لا يندرس، والموقف الذي لا ينسى، والعبرة التي لا تنتهي؟!أين؟! أين؟!أين الذي كنت أرجوه وآمله أما الذي كنت أخشاه فقد كانا"
إهمال بعض المعلمين ليس نتاج هؤلاء المعلمين وحدهم وإنما هو نتاج فساد القيادة التى لا تريد تعليم الناس الحق من خلال مناهج بعيدة عن دين الناس ومن خلال حرمان المعلمين من حقوقهم المالية حيث يعطونه فى معظم بلاد المنطقة أقل الرواتب ومن ثم اضطر كثير منهم إما لعدم شرح الدروس فى المدرسة أو للعمل على عدم حضور التلاميذ حتى يذهبوا لأخذ الدروس عنده فى خارج المدرسة واضطر بعض منهم للعمل بوظيفة ثانية وأحيانا ثالثة لكى يقدر على الإنفاق على أسرته بدلا من أن يعمل سارقا أو بائع مخدرات ومن ثم أثر هذا على عمله الأصلى لأنه منهك طوال الوقت
وتحدث الرجال عن الإعلاميين فقال :
"بعض الكتاب
الكاتب أو الصحفي الذي وهب الله تعالى ملكة القلم السيال والحرف الرقيق والكلمة المعبرة والتصوير المؤثر، فأخذ يصول ويجول فيما لا فائدة فيه، ولا طائل خير يعود من وراء ما يسود به الصحائف!وربما زلت به القدم وطاش به القلم، فكتب ما شره أقرب من خيره، وضره أكثر من نفعه..عندما أخذ يهذي بما لا يدري، ويرهف فيما لا يعرف، ويغوص في بحر الفكر والثقافة وليس يحسن العوم في ضحضاحه..
يا باري القوس بريا ليس يحسنه
لا تفسدنها وأعط القوس باريها
وربما أصبح معول هدم ومنجل صرم بين أصابع ومخالب أعداء الله تعالى ينشرون به فكرهم، ويسطرون بيراعه زيفهم، بعد أن غدا يلقف ما يأفكون، ويقم ما يتقيؤون، ويرتضع منهم زبالات فكرهم لينفثها سما زعافا في قلوب الغافلين وعقول المغفلين!
* قال تعالى: { ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون }.
* عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): «... ومن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم آثام من تبعه، ولا ينقص ذلك من آثامهم شيئا»
لا يكتب لينافح عن دينه أو ليبرز محاسنه أو ليدعو إليه أو ليفند مؤامرات أعدائه عليه، وإنما شغله الشاغل وهمه المتواصل ما يكتبه عن فنون الأقدام والأجسام والأفلام.. وغير ذلك مما لا داعي له أو لا فائدة فيه.
فواحسرتاه على من يدع الصفو ويشرب الكدر!
وينام في الصحو ويرحل مع النقع إذا انتشر!
وما من كاتب إلا سيفنى
ويبقى الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بخطك غير شيء
يسرك في القيامة أن تراه "
الغامدى فى هذا الكتاب يرى المجتمع من خلال المهملين فقط من الصغار وأما النصف الثانى الذى عمى عنه فهو القيادة أو السلطة فهؤلاء الكتاب الذى يتحدث عنهم لا يمكن أن يظهروا فى وسائل الإعلام الحكومية إلا برضا الحكومة وهى القيادة والقيادات فى بلادنا فاسدة وهى من خلال بعض المؤسسات الأمنية هى التى تأمر وتزين للكتاب الكتابة فى مخالفة الشرع فالسلطة تملك أن توقف أيا كان عن الكتابة ولكنها لا تفعل لأنها هى من تأمرهم بأن يكتبوا تلك الكتابات حتى يظل المجتمع فى جهله وحيرته فى الدين
وتحدث عن بعض الأغنياء وإهمالهم فى أداء الزكاة وإسرافهم فى المال فقال :
"بعض الأغنياء
الغني الثري الذي يحمل هم تجارته، وغم حساباته، ثم لا يحمل هم جوعى المسلمين الذين نهشهم الجوع، وأضنتهم الأمراض، ودمرهم الجهل، وأردتهم المسغبة.
* قال تعالى: { ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون }
تراه يغير أثاث بيته في كل حين، ليوافق أحدث الصرخات! ومن المسلمين من يفترشون الأرض ويلتحفون السماء!ويبدل مركباته لتتبع ما التقفته الأسواق من الموديلات! ومن المؤمنين من يمشي حافي القدمين دون حذاء!ويغير ملابسه بتغير الزمان والمكان، ليكسر قلوب الفقراء! يتباهى بها بين الضغفاء!
* عن معاذ بن أنس ، قال: قال رسول الله (ص): «من ترك اللباس تواضعا لله وهو يقدر عليه دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي حلل الإيمان يلبسها»
ينفق في المناسبات الاجتماعية ما لا عد له ولا حد، ليقال عنه؛ جواد زمانه، وحاتم عصره!
فإذا ما جاءه الفقير المدقع، ضاق به صدره، وأشاح عنه بوجهه، وأعرض ونأى بجانبه، ثم ولى عنه الدبر!
* قال تعالى: { ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم } .
وربما تجد من أقاربه وجيرانه وأصدقائه وخلانه من يعانون من التقاسيط التي قصمت ظهورهم، والديون التي سكبت ماء وجوههم، ويقاسون من الحرمان والخصاصة والفاقة، وهو لا يشعر بهم، ولا يحس بمعاناتهم، ولا يمد بيده لهم للتنفيس عنهم، والتفريج عن كرباتهم.
فإذا ما ذكرته بالإنفاق.. ادعى الإملاق!وإذا ما رغبته في البذل والعطاء.. اشتكى قلة الموارد والنماء!وإذا ما أنذرته بالآخرة، صاح فيك متنمرا: أريد تأمين مستقبل حياتي، وزماني الآتي.وأين أنت عن مستقبلك الحقيقي، وعمرك الأبدي، وحياتك الباقية في يوم القيامة؟!
* قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون * وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين * ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون } فتبا للأماني الخادعة كيف تفعل بالعقول الغافلة والقلوب القاسية!
فيا له من غني من الأموال المتكاثرة! وويله كم هو فقير من الأعمال الصالحة!!"
هذا الكلام كما سبق القول يتناسى أن القيادة هى من تسمح للمفسد بالفساد من خلال تشريعاتها الوضعية فالسلطة تقوم بتشريعات تسمح بتصنيع الأغنياء لكى تتقاسم معهم المال سواء بصورة مباشرة من خلال الرشاوى أو بصورة غير مباشرة من خلال السماح بوجود المخدرات والخمور والداعرات حتى يصرفوا تلك ألأموال على الحرام الذى تتحفى السلطات خلفه من خلال إدارة تلك الأماكن حتى وإن أعلنت أنها ملك فلان وفلان
السلطة التى تتحدث عن الضرائب ولا تضع فى تشريعها جمع الزكاة السلطة التى تسمح للبعض بالتهرب من الضرائب إما من خلال ما يسمى بالتصالح وتقسيط ما عليه وإما من خلال تغيير اسم المنشأة كل سنة أو اثنين حتى تعفى من الضرائب
"وتحدث عن إهمال بعض الجنود فقال :
بعض الجنود
الجندي الذي لا يعرف شرف مهنته، ولا أهمية مهمته...فيتأفف من وظيفته، ويزهد في عمله، ويضجر من رسالته، ويغفل عن الأجور العظيمة التي أكرم الله بها من بات يكلأ أمته، ويحرس رعيته، ويدافع عن عقيدته، ويجاهد من أجل مقدساته، ويناضل من أجل وطنه حتى لا ترفع فوق ثراه غير راية الإسلام، ولا يحكم فيه غير شرع الملك العلام.
فتراه يندب حظه، ويعض على أصابعه من فرط الندم وتتابع الألم، ويقول بلسان الخامل المتكاسل:وما دخلي أنا بالناس؟!هم يغطون في نومهم، وأبات أسهر على حمايتهم!يرتاحون في دورهم، وأنصب على راحتهم!يجتمعون مع أهليهم في البيوت والقصور، وأنا عاكف أحرسهم على الثغور!فيجتمع عليه التعب والنصب، والملل والكسل، وذهاب الأجر والثواب، لغياب الصبر والاحتساب.
* عن أبي ريحانة قال: قال رسول الله (ص): «حرمت عين على النار، سهرت في سبيل الله»
* وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله (ص): «ألا أنبئكم بليلة أفضل من ليلة القدر؟ حارس الحرس في أرض خوف لعله لا يرجع إلى أهله»
وربما رأيته يعامل الناس في فظاظة وقسوة، وغلظة وجوفة، قد ارتسمت على محياه نظرة العبوس، وفاحت من لسانه كلمات الأذى، لأنه يرى الناس دونه، وأنه يعلو ولا يعلى عليه، ويسمو فلا يوصل إليه!
* عن جرير بن عبد الله البجلي ، قال: قال رسول الله (ص): «من يحرم الرفق، يحرم الخير»
تواضع تكن كالبدر لاح لناظر
على صفحات الماء وهو رفيع
ولا تك كالدخان يعلو تجبرا
على طبقات الجو وهو وضيع"
قطعا لا يوجد فى الإسلام ما يسمى بالجندية الإجبارية ولا ما يسمى بمغريات التجنيد وهى مغريات تسمح لبعض أفراد المجتمع بالترقى لمرتبة الضباط وتمنع 80% من أبناء الشعب من الوصول للقيادة من خلال منعهم من دخول كليات الحرب والشرطة وتجعل ذلك وراثة فى أسر معينة
الجهاد فى الإسلام يعتمد على التطوع النفسى فلا يوجد ما يسمى التجنيد الإجبارى ولا وجود اسس للانضمام للمجاهدين وهم يسمونها حاليا جيوش وليس جهاد لأنهم بعيدون عن الإسلام تماما ولذلك فعندما يهمل جندى فهو يهمل فى الغالب نتيجة هذا الظلم فالجندى المجند يقبض راتب قليل جدا لا يكفى لطعامه أو شرابه بينما الضابط يصرف راتب قدرة مئات أو عشرات المئات مع أن العمل معظمه يقوم به الجنود المجندين
وتحدث عما يقوم به بعض المغتربين فقال :
"بعض المغتربين
ذلك الذي حزم حقائب سفره ليحل وثاقها في ديار لا تشق سماءها منائر الأذان أو منابر الإيمان فتنظره – ويا لسوء ما تبصره! – ينسلخ عن دينه، ويتجرد من إيمانه، ويقطع كل حبل وثيق له بعقيدته..ليغدو كالبهيمة السائمة، يلهث في نهم وسعار من شهوات الجسد، وملذات البدن، ليشبع نوازع الحيوان فيه، ويستجيب لنوازع الشيطان عليه، دون وازع من دين أو رادع من عقل أو مانع من حياء!عرضت عليه الفتن عودا فأشربها قلبه الذي غدا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما وافق هواه وساير رغبته قد أصيب بالهزيمة النفسية والإفلاس الروحي لأنه غير واثق بنفسه أو معتز بدينه، ولذا فهو ينكس رأسه خجلا وذلة إذا استعلت رؤوس من لا يؤمنون بالله واليوم الآخر؛ لأنه يرى نفسه دونهم، وأقل منهم، فهو ينظر إليهم من طرف خفي، كنظرة منكسر بين يدي منتصر!
«ونحن قوم أعزنا الله بالإسلام، ومهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله».
* قال تعالى: { ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون }
فتراهم – ويا للأسف! – يستعلون بباطلهم وكفرهم وتمردهم على خالقهم، وينافحون عن معتقدهم الفاسد، ويذودون عن دينهم المنحرف، وهو يجاملهم في انهزام ويداريهم في انكسار، ويداهنهم في مسكنة وصغار، ويعاملهم في ذلة واندحار، ويحاكيهم في حياتهم ومعاشهم، ويتشبه بهم في مأكلهم ومشربهم وملبسهم ومسكنهم..تقاربت القلوب.. فتشابهت القوالب! «ومن تشبه بقوم فهو منهم».فهو معجب بهم إلى درجة التبجيل..ومستحسن لحالهم إلى حد تضخيم الحسنات والتغافل عن السيئات..فإذا ما نطق لسانه بثناء.. فعليهم.
وإذا ما أشار بإصبعه إلى رقي.. فلهم.وإذا تحدث عن مزية.. فعنهم.مال قلبه إليهم، فجرى لسانه بذكر ما لديهم..مادح لهم، وقادح في غيرهم..
* قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق...
عرفوا الإسلام من خلاله، فقاسوا المسلمين عليه، وشبهوا المؤمنين به، فزهدوا – بزعمهم – في دين ينجب مثله، وقالوا بلسان حالهم ومقالهم: لو كان في دينه خير لنطق به، أو كان فيه صلاح لظهر عليه، ولغير من حاله، فأصبح – ويله! – فتنة للقوم الكافرين!"
والمهاجرين أو المبتعثين أو السائحين لو كانوا فى دولة العدل دولة المسلمين حقا ما سافروا منها لأن سفر المسلم من دولته لدولة كافرة يعنى كفره ما لم يكن يجاهد أو يؤدى مهمة مكلف بها كالتفاوض مع الأعداء والدليل أن الله أمر المؤمنين بالهجرة لدولة المسلمين حتى يكون من ضمن ولاية المسلمين ألاخرين فقال:
"والذين أمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شىء حتى يهاجروا"
السفر والاقامة فى دول الكفر يمنع المسلمين من نصر هؤلاء إذا اعتدى عليهم من قبل الكفار المعاهدين كما قال تعالى :
"وإن استنصروكم فى الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق"
وفى خاتمة الكتاب قال الغامدى:
"الخاتمة
... وبعد:هؤلاء بعض رجال من سقط المتاع..
وجودهم كعدمهم.. وحضورهم كغيابهم.. وحياتهم كمماتهم.. قولهم كصمتهم.. وفعلهم كسكونهم.. فهم لا يتأثرون ولا يؤثرون! لا يقدمون ولا يؤخرون!
إذا المرء لم تغن العفاة صلاته
ولم يرغم القوم العدى سطواته
ولم يرض في الدنيا صديقا ولم يكن
شفيعا في الحشر منه نجاته
فإن شاء فليهلك وإن شاء فليعش
فسيان عندي موته وحياته
وهم – على أي حال – خير من سوء المتاع، وأفضل ممن ضل سعيهم، وأكمل ممن سارت سيرتهم، وأولى ممن شانت أفعالهم، وخابت أقوالهم.
فلا يزال الخير فيهم.. لكن هممهم خبت جذوتها تحت رماد الغفلة، وحاجتها ماسة إلى واعظ مخلص ومذكر صادق ينفخ – بحب ومودة – في جمرة عزائمهم في غير عنف فيحرقها، ومن غير ضعف فيخمدها! والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير!!
والمرء يذكر بالجمائل بعده
فارفع لذكرك بالجميل بناء
واعلم بأنك سوف تذكر مرة
فيقال أحسن أو يقال أساء "
والخاتمة كالمقدمة كالكتاب وهو النظر للمشاكل بعين واحدة وليس بالعينين فالرجل وضع الذنوب كلها على كفة المهملين بينما الذنوب المفروض أنها على من سهلها واضطر القوم للقيام بها وهم الحكومات التى تضطر الناس للفساد فى الغالب