قراءة فى كتاب الآن يا عمر
المؤلف حسين بن محمود والكتاب يدور حول مسألة قتل من يساعدون المحتل لبلادهم حتى يتمكن من حكم بلادهم وهذه المسألة يتناولونها الناس من وجهات نظر مختلفة نتيجة اختلاف الدين فالقوميين وأمثالهم يسمونها خيانة وجزاء الخائن عندهم هو نفس جزاء الموالى لغير الله سواء أعلن ذلك أم لا
المؤلف ألف الكتاب ردا على سؤال عن حكم من يساعدون الأعداء فقال:
"سأل أحدهم عن مسألة قتل المجاهدين لبني جلدتهم من الأفغان والعراقيين والشيشان والفلسطينيين، فرأيت أن أكتب هذه الكلمات لأبين بها – إن شاء الله – الصواب في المسألة التي يدندن عليها بعض الرويبضة لتشويه صورة المجاهدين، ولتغييب الحقائق وتمييع الدين فأقول وبالله أستعين:
قال تعالى في سورة يونس {فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون} هما طريقان وخياران لا ثالث لهما: إما الحق، وإما الضلال، إما هذا الدين وإما الكفر المبين بهذا نزل القرآن، وهذا ما بينه النبي (ص)لأصحابه، فقد جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله (ص)خط خطا، وقال: "هذا سبيل الله، ثم خط خطوطا عن يمينه وعن يساره، وقال: هذه سبل، على كل سبيل شيطان يدعو إليه، ثم قرأ {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه، ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله، ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون} "
فالمؤمن من سلك سبيل الله ولزم الصراط المستقيم، والكافر من حاد عن هذا الصراط وسلك سبل الشياطين، أما المتذبذب المتنقل بين الخطوط فقد أدخله رب العزة في عداد المنافقين الذين هم دون الكافرين، فقال سبحانه {إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا} فالكافر الأصلي خير من المنافق المتذبذب لأن الأول صاحب مبدأ ثابت ورأي راسخ ألزم نفسه به، وربما لم تتأتى للكافر الصريح فرصة المنافق الذي يعيش بين المسلمين يسمع كلام الله ورسوله ثم يبقى على حاله، ولذلك كان المنافق أشد عذابا في الآخرة من الكافر الأصلي، قال تعالى {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا}"
هذا الكلام ليس فى صلب الموضوع وإن كان يمسه من بعيد وقد تكلم عن الموالاة والمعاداة فى الله فقال :
"المؤمن من التزم بهذا الدين وأحبه وقدمه على كل أمر سواه، ولم يتردد أو يتذبذب في القبول والإذعان لأوامر الواحد الديان، فالمؤمنون هم من {قالوا: سمعنا وأطعنا}، وهم الذين {يسارعون في الخيرات}، وإذا أمر الله ورسوله أمرا فلا يتخيرون ولا يترددون ولا يتأخرون ولا يتكاسلون، بل: يسارعون، فهؤلاء هم المؤمنون حقا
إن "أوثق عرى الإيمان: الموالاة في الله، و المعاداة في الله، و الحب في الله، و البغض في الله عز وجل" (صحيح: صحيح الجامع) لا قومية ولا عشائرية ولا حزبية ولا قطرية، فموالاة المؤمن تكون للمؤمنين، ومعاداته تكون للكافرين، وحبه للمؤمنين، وبغضه للكافرين، هكذا بين رسول رب العالمين، المبلغ عن رب العزة القائل في الكتاب المبين {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار}
فمحبة المؤمن للمؤمن نابعة من اللقاء في محبة الله ورسوله، فقد قال (ص)"لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين" (البخاري)، فالنبي (ص)أحب للمؤمن من كل أهله وعشيرته ودينه - (ص)– أعز على المؤمن من نفسه وولده، ومن قدم قريبا أو حبيبا على محبة رسول الله (ص)، ودين رسول الله (ص)، فقد وقع عليه قول النبي (ص): "لا يؤمن" "
والحديث لا يصح فحب الرسول(ص) نوع مختلف عن حب الناس لأن معناه هو تصديق رسالته والاقتداء بالوحى المنزل عليه وأما حب الوالد أو الولد أو الزوجة فشىء مختلف فهو ليس إيمانا بكلامهم ولا اقتداء بهم وإنما هو حالة من الحفاظ عليهم ومحاولة ارضاءهم
وتحدث حسين عن الولاء والبراء فقال :
لقد كان الصحابة مثالا حيا لعظمة هذا الولاء وهذا البراء في الدين، هذه المحبة، وتلك المعاداة في الدين، فتجد أحدهم يبيع نفسه وماله وينفصل عن أهله وعشيرته في سبيل تحقيق هذا المفهوم الرباني الذي لا يستقيم إيمان المرء إلا به
إن هذه القوة الإيمانية والعزيمة الربانية تحتاج إلى مراس وعزيمة تكاد تكون بلا حدود، تحتاج إلى قلب خالي من كل شيء إلا الإيمان إنه القلب الذي قال عنه النبي (ص)في الحديث المتفق عليه " ألا وان في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد واذا فسدت فسد لها سائر الجسد الا وهي القلب"، وروي أن أبا هريرة رضي الله عنه قال " القلب ملك والأعضاء جنوده فإذا طاب الملك طابت جنوده وإذا خبث الملك خبثت جنوده"
إن جميع العلاقات البشرية والأنساب القبلية والروابط العرقية لا يصبح لها قيمة في قلب المؤمن إذا دعى داعي الله، ولا يمكن للإيمان أن يساوم بين الأمرين {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار}
فالمؤمن لا يحابي ولا يوالي إلا أهل ملته، أما الكافر فمحبته وولايته ظلم للنفس ومهلكة، قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون}
قال القرطبي: ظاهر هذه الآية أنها خطاب لجميع المؤمنين كافة، وهي باقية الحكم إلى يوم القيامة في قطع الولاية بين المؤمنين والكافرين وروت فرقة أن هذه الآية إنما نزلت في الحض على الهجرة ورفض بلاد الكفرة فالمخاطبة على هذا إنما هي للمؤمنين الذين كانوا بمكة وغيرها من بلاد العرب، خوطبوا بألا يوالوا الآباء والإخوة فيكونوا لهم تبعا في سكنى بلاد الكفر
{إن استحبوا} أي أحبوا، كما يقال: استجاب بمعنى أجاب أي لا تطيعوهم ولا تخصوهم وخص الله سبحانه الآباء والإخوة إذ لا قرابة أقرب منها فنفى الموالاة بينهم كما نفاها بين الناس بقوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء} ليبين أن القرب قرب الأديان لا قرب الأبدان ولم يذكر الأبناء في هذه الآية إذ الأغلب من البشر أن الأبناء هم التبع للآباء {ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون} قال ابن عباس: هو مشرك مثلهم لأن من رضي بالشرك فهو مشرك (انتهى مختصرا)
وقال السعدي في قوله تعالى {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى ياتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين}
ولهذا ذكر السبب الموجب لذلك، وهو أن محبة الله ورسوله، يتعين تقديمها على محبة كل شيء، وجعل جميع الأشياء تابعة لهما فقال: {قل إن كان آباؤكم} ومثلهم الأمهات {وأبناؤكم وإخوانكم} في النسب والعشيرة {وأزواجكم وعشيرتكم} أي: قراباتكم عموما وهذه الآية الكريمة أعظم دليل على وجوب محبة الله ورسوله، وعلى تقديمها على محبة كل شيء وعلى الوعيد الشديد والمقت الأكيد على من كان شيء من المذكورات أحب إليه من الله ورسوله وجهاد في سبيله وعلامة ذلك أنه إذا عرض عليه أمران: أحدهما يحبه الله ورسوله، وليس لنفسه فيها هوى والآخر تحبه نفسه وتشتهيه ولكنه يفوت عليه محبوبا لله ورسوله أو ينقصه فإنه إن قدم ما تهواه نفسه على ما يحبه الله دل على أنه ظالم تارك لما يجب عليه"
قال ابن الجوزي في زاد المسير (وهو كتاب تفسير لم يحظ بالعناية اللائقة به) في قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذو ا آبآءكم وإخوانكم أوليآء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولائك هم الظالمون}
قوله تعالى: {لا تتخذوا ءاباءكم وإخوانكم أولياء} في سبب نزولها: خمسة أقوال
أحدها: أنه لما أمر المسلمون بالهجرة، جعل الرجل يقول لأهله: إنا قد أمرنا بالهجرة، فمنهم من يسرع إلى ذلك، ومنهم من يتعلق به عياله وزوجته، فيقولون: ننشدك الله أن تدعنا إلى غير شيء، فيرق قلبه، فيجلس معهم، فنزلت هذه الآية، قاله أبو صالح عن ابن عباس
والثاني: أنه لما أمر الله المؤمنين بالهجرة، قال المسلمون: يا نبي الله، إن نحن اعتزلنا من خالفنا في الدين، قطعنا آباءنا وعشائرنا، وذهبت تجارتنا، وخربت ديارنا، فنزلت هذه الآية، قاله الضحاك عن ابن عباس
والثالث: أنه لما قال العباس: أنا أسقي الحاج، وقال طلحة: أنا أحجب الكعبة فلا نهاجر، نزلت هذه الآية والتي قبلها، هذا قول قتادة، وقد ذكرناه عن مجاهد
والرابع: أن نفرا ارتدوا عن الإسلام ولحقوا بمكة، فنهى الله عن ولايتهم، وأنزل هذه الآية، قاله مقاتل
والخامس: أن النبي (ص)لما أمر الناس بالجهاز لنصرة خزاعة على قريش، قال أبو بكر الصديق: يا رسول الله، نعاونهم على قومنا؟ فنزلت هذه الآية، ذكره أبو سليمان الدمشقي (انتهى)
فكلام ابن الجوزي في أسباب النزول شمل أكثر ما يقع للمسلمين من أحوال في الثغور في وقتنا هذا: فالأهل والمال اللذان يمنعان المسلم من الجهاد وكثير من العبادات التي يزعم بعض الناس أنها أفضل من الجهاد في هذا الزمان والقومية والقبلية وأهل الردة الذين يتحفظ البعض عن قتالهم والمجاهدون الذين خرجوا من ديارهم لنصرة المسلمين في الثغور يزعم بعض أهل تلك البلاد أنه لا يجوز معاونتهم على قتل أهليهم وهم كفار وهذه هي عظمة القرآن الذي يصف في طياته دقائق الأمور والأحوال في كل زمان ومكان "
وأسباب النزول المحكية سابقا لا يصح منها شىء فالآية تحدث الرسول(ص) عن عادة الأقوام المسلمة كلها فى عصره وقبله وما بعده وهى " لا تجد قوما يؤمنون بالله"ولا تحدثه عن أهل عصره المرمنين فقط ومن ثم فليس لها سبب نزول لأنها إخبار عن عمل المسلمين فى مختلف العصور فى حالة كفر أقاربهم وحربهم لهم
وتحدث المؤلف عن أن السياق يقتضى قطع أواصر القربى مع الأقارب الكفار دون تحديد لماهيتهم مع أن الآية حددتهم بالمحادين وهم المحاربين لله فقال :
"إن في السياق القرآني تجريد المشاعر والصلات في قلوب الجماعة المؤمنة، وتمحيصها لله ولدين الله؛ فيدعو إلى تخليصها من وشائج القربى والمصلحة واللذة، ويجمع كل لذائذ البشر، وكل وشائج الحياة، فيضمنها في كفة، ويضع حب الله ورسوله وحب الجهاد في سبيله في الكفة الأخرى، ويدع للمسلمين الخيار ويستخلص المرء من حديث النبي (ص)هذا المعنى، فقد قال النبي (ص)"من خير معاش الناس لهم رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله يطير على متنه، كلما سمع هيعة أو فزعة طار على متنه يبتغي القتل أو الموت مظانه " (مسلم)، فكأن هذا الرجل ممسك بعنان فرسه بيمينه، وجاعل الدنيا وجميع ما فيها بشماله، ثم إذا دعى داعي الله ألقى ما في شماله وطار على متن فرسه، فالدنيا كلها لا تساوي عنده تلك الهيعة أو الفزعة، فيطير في لمح البصر، يطير ولا يمشي أو يزحف!!""
والحديث السابق لا يصح فهو دليل على عشوائية الجهاد ,انه غير منظم فهذا الرجل يذهب لأى مكان للجهاد بينما الله نظم الجهاد فأمر بوضع كل مجاهد فى مكان تجاه العدو فقال :
" واقعدوا لهم كل مرصد "
والحديث هو ضحك على الناس فذلك المجاهد المزعوم ليس له بيت ولا أهل ولا غيرهم فهو راكب ليل نهار على فرسه يسمع الأخبار وهو كلام يتناقض مع وجود بيت وأهل لكل مسلم لهم حقوق أيضا
وذكر المؤلف آيات أخرى فى الموضوع فقال :
"{يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون * قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم، وأموال اقترفتموها، وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله، فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين}
إن هذه العقيدة لا تحتمل لها في القلب شريكا؛ فإما تجرد لها، وإما انسلاخ منها وليس المطلوب أن ينقطع المسلم عن الأهل والعشيرة والزوج والولد والمال والعمل والمتاع واللذة؛ ولا أن يترهبن ويزهد في طيبات الحياة كلا، إنما تريد هذه العقيدة أن يخلص لها القلب، ويخلص لها الحب، وأن تكون هي المسيطرة والحاكمة، وهي المحركة والدافعة فإذا تم لها هذا فلا حرج عندئذ أن يستمتع المسلم بكل طيبات الحياة؛ على أن يكون مستعدا لنبذها كلها في اللحظة التي تتعارض مع مطالب العقيدة
ومفرق الطريق هو أن تسيطر العقيدة أو يسيطر المتاع؛ وأن تكون الكلمة الأولى للعقيدة أو لعرض من أعراض هذه الأرض فإذا اطمأن المسلم إلى أن قلبه خالص لعقيدته فلا عليه بعد هذا أن يستمتع بالأبناء والأخوة وبالزوج والعشيرة؛ ولا عليه أن يتخذ الأموال والمتاجر والمساكن؛ ولا عليه أن يستمتع بزينة الله والطيبات من الرزق - في غير سرف ولا مخيلة - بل إن المتاع بها حينئذ لمستحب، باعتباره لونا من ألوان الشكر لله الذي أنعم بها ليتمتع بها عباده، وهم يذكرون أنه الرازق المنعم الوهاب
{يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان} هكذا تتقطع أواصر الدم والنسب، إذا انقطعت آصرة القلب والعقيدة وتبطل ولاية القرابة في الأسرة إذا بطلت ولاية القرابة في الله فلله الولاية الأولى، وفيها ترتبط البشرية جميعا، فإذا لم تكن فلا ولاية بعد ذلك، والحبل مقطوع والعروة منقوضة
{ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون} و {الظالمون} هنا تعني المشركين فولاية الأهل والقوم - إن استحبوا الكفر على الإيمان - شرك لا يتفق مع الإيمان
ولا يكتفي القرآن بتقرير المبدأ، بل يأخذ في استعراض ألوان الوشائج والمطامع واللذائذ؛ ليضعها كلها في كفة ويضع العقيدة ومقتضياتها في الكفة الأخرى: الآباء والأبناء والإخوان والأزواج والعشيرة (وشيجة الدم والنسب والقرابة والزواج) والأموال والتجارة (مطمع الفطرة ورغبتها) والمساكن المريحة (متاع الحياة ولذتها) وفي الكفة الأخرى: حب الله ورسوله وحب الجهاد في سبيله الجهاد بكل مقتضياته وبكل مشتقاته الجهاد وما يتبعه من تعب ونصب، وما يتبعه من تضييق وحرمان، وما يتبعه من ألم وتضحية، وما يتبعه من جراح واستشهاد وهو - بعد هذا كله - "الجهاد في سبيل الله" مجردا من الصيت والذكر والظهور مجردا من المباهاة، والفخر والخيلاء، مجردا من إحسان أهل الأرض به وإشارتهم إليه وإشادتهم بصاحبه وإلا فلا أجر عليه ولا ثواب
{قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها، وتجارة تخشون كسادها، ومساكن ترضونها، أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره }
ألا إنها لشاقة ألا وإنها لكبيرة ولكنها هي ذاك وإلا {فتربصوا حتى يأتي الله بأمره}، وإلا فتعرضوا لمصير الفاسقين {والله لا يهدي القوم الفاسقين}
وهذا التجرد لا يطالب به الفرد وحده، إنما تطالب به الجماعة المسلمة، والدولة المسلمة فلا يجوز أن يكون هناك اعتبار لعلاقة أو مصلحة ترتفع على مقتضيات العقيدة في الله ومقتضيات الجهاد في سبيل الله
وما يكلف الله الفئة المؤمنة هذا التكليف، إلا وهو يعلم أن فطرتها تطيقه - فالله لا يكلف نفسا إلا وسعها - وإنه لمن رحمة الله بعباده أن أودع فطرتهم هذه الطاقة العالية من التجرد والاحتمال؛ وأودع فيها الشعور بلذة علوية لذلك التجرد لا تعدلها لذائذ الأرض كلها لذة الشعور بالاتصال بالله، ولذة الرجاء في رضوان الله، ولذة الاستعلاء على الضعف والهبوط، والخلاص من ثقلة اللحم والدم، والارتفاع إلى الأفق المشرق الوضيء فإذا غلبتها ثقلة الأرض ففي التطلع إلى الأفق ما يجدد الرغبة الطامعة في الخلاص والفكاك (انتهى مختصرا من الظلال)"
الكلام السابق والتالى يتناول المسألة تناولا مختلا فهو يتحدث عن الكفار وكأنهم جميعا شىء واحد مع أن الله فرق بين حالتين :
الأول الكفار المحاربين وهو على أنواع :
1- من يقاتلوننا مباشرة
2- من يظاهرون العدو المقاتل علينا وهؤلاء من سأل عنهم السائل فهؤلاء أقاربنا وغير أقاربنا الذين يساعدون العدو المقاتل بأى وسيلة كنقل الأخبار أو تموينهم بسلاح او مال أو مساعدتهم على التخفى فى أراضينا وغير ذلك من أعمال الخيانة
3- المخرجين وهم الطاردين للمؤمنين من بيوتهم
وفيهم قال تعالى :
"إنما ينهاكم عن الذين قاتلوكم فى الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون"
الثانى الكفار الذين لا يقاتلون المسلمين ولا يطردوهم من بيوتهم ولا يساعدوا المحاربين عليهم وفيهم قال تعالى :
" لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم والله يحب المقسطين"
هؤلاء يتم التعامل معهم بالعدل وهو الإحسان لأنهم لا يؤذوننا بأى صورة من الصور
وحدثنا المؤلف عن أسباب متعددة للنزول لا يصح منها شىء لأنها ليست فى قتال المسلمين ولا فى المظاهرة عليهم ولا فى طردهم من بيوتهم فقال :
"قال القرطبي في تفسيره " قال السدي: نزلت في عبدالله بن عبدالله بن أبي، جلس إلى النبي (ص)فشرب النبي (ص)ماء، فقال له: بالله يا رسول الله ما أبقيت من شرابك فضلة أسقيها أبي، لعل الله يطهر بها قلبه؟ فأفضل له فأتاه بها، فقال له عبدالله: ما هذا؟ فقال: هي فضلة من شراب النبي (ص)جئتك بها تشربها لعل الله يطهر قلبك بها
فقال له أبوه: فهلا جئتني ببول أمك فإنه أطهر منها فغضب وجاء إلى النبي (ص)، وقال: يا رسول الله! أما أذنت لي في قتل أبي؟ فقال النبي (ص): "بل ترفق به وتحسن إليه"
وقال ابن جريج: حدثت أن أبا قحافة سب النبي (ص)فصكه أبو بكر ابنه صكة فسقط منها على وجهه، ثم أتى النبي (ص)فذكر ذلك له، فقال: (أو فعلته، لا تعد إليه) فقال: والذى بعثك بالحق نبيا لو كان السيف مني قريبا لقتلته
وقال ابن مسعود: نزلت في أبي عبيدة بن الجراح، قتل أباه عبدالله بن الجراح يوم أحد وقيل: يوم بدر وكان الجراح يتصدى لأبي عبيدة وأبوعبيدة يحيد عنه، فلما أكثر قصد إليه أبو عبيدة فقتله، فأنزل الله حين قتل أباه {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الأخر}
{أو أبناءهم} يعني أبا بكر دعا ابنه عبدالله إلى البراز يوم بدر، فقال النبي (ص): " متعنا بنفسك يا أبا بكر أما تعلم أنك عندي بمنزلة السمع والبصر"
{أو إخوانهم} يعني مصعب بن عمير قتل أخاه عبيد بن عمير يوم بدر
{أو عشيرتهم} يعني عمر بن الخطاب قتل خاله العاص بن هشام بن المغيرة يوم بدر، وعلي وحمزة قتلا عتبة وشيبة والوليد يوم بدر (انتهى) "
وكل هذه الأسباب لا يصح منها شىء فى الآية موضوع الكتاب وأمثالها لأن الآية لا تتحدث عن قتالهم وإنما تتحدث عن مقاطعتهم فى التعامل تماما بسبب قتال الكفار للمسلمين أو مساعدة المقاتلين عليهم أو طرد المؤمنين
وأما قتل القريب لو كان أبا أو أخا أو غير ذلك فهذا فى القتال كما فى قوله تعالى :
" قاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة"
وحدثنا عن مسألة مختلفة معتبرا إياها من ضمن الموضوع فقال :
ولا تجتمع هذه المحبة وهذه الولاية في من يتقرب إلى السلطان بنبذ الإخوان، قال ابن كثير في تفسيره " وفي قوله تعالى: {رضي الله عنهم ورضوا عنه} سر بديع وهو أنه لما سخطوا على القرائب والعشائر في الله تعالى عوضهم الله بالرضا عنهم وأرضاهم عنه بما أعطاهم من النعيم المقيم والفوز العظيم والفضل العميم [إلى أن قال] وقال نعيم بن حماد: حدثنا محمد بن ثور عن يونس عن الحسن قال: قال رسول الله (ص): " اللهم لا تجعل لفاجر ولا لفاسق عندي يدا ولا نعمة فإني وجدت فيما أوحيته إلي {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله}، قال سفيان: يرون أنها نزلت فيمن يخالط السلطان رواه أبو أحمد العسكري (انتهى) "
الغريب هنا هو أن الآية نزلت كما يزعم هو ومن نقل عنهم فيمن يخالط السلطان مع أن نقل فى روايات سابقة وتالية أنها نزلت فى الموالاة والمعاداة لله فقال :
طوجاء في الدر المنثور للسيوطي: أخرج ابن أبي شيبة والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أحب في الله وأبغض في الله وعاد في الله ووال في الله فإنما تنال الله بذلك، ثم قرأ {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون} الآية
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود قال: قال رسول الله (ص): "أوحى الله إلى نبي من الأنبياء أن قل لفلان العابد أما زهدك في الدنيا فتعجلت راحة نفسك، وأما انقطاعك إلي فتعززت بي، فماذا عملت في مالي عليك؟ قال يا رب: ومالك علي؟ قال: هل واليت لي وليا أو عاديت لي عدوا"
وأخرج الحكيم الترمذي عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله (ص): "يبعث الله يوم القيامة عبدا لا ذنب له فيقول له: بأي الأمرين أحب إليك أن أجزيك بعملك أم بنعمتي عليك؟ قال: رب أنت تعلم أني لم أعصك، قال: خذوا عبدي بنعمة من نعمي فما يبقى له حسنة إلا استغرقتها تلك النعمة، فيقول: رب بنعمتك ورحمتك، فيقول: بنعمتي وبرحمتي ويؤتى بعبد محسن في نفسه لا يرى أن له سيئة فيقال له: هل كنت توالي أوليائي؟ قال: يا رب كنت من الناس سلما قال: هل كنت تعادي أعدائي قال: يا رب لم أكن أحب أن يكون بيني وبين أحد شيء فيقول الله تبارك وتعالى: وعزتي لا ينال رحمتي من لم يوال أوليائي ويعاد أعدائي (انتهى)"
وهذه الأحاديث لا يصح منها شىء فلا يوجد بشر لا يذنب وهى تناقض الحديث المعروف" كل ابن آدم خطاء"
ونقل الرجل عن سيد قطب التفسير التالى:
"واقرأ بتمعن ما قاله "سيد" في هذه الآيات تجد في كلامه البلسم الشافي والخير الوافي، فقد قال "فروابط الدم والقرابة هذه تتقطع عند حد الإيمان إنها يمكن أن ترعى إذا لم تكن هناك محادة وخصومة بين اللوائين: لواء الله ولواء الشيطان والصحبة بالمعروف للوالدين المشركين مأمور بها حين لا تكون هناك حرب بين حزب الله وحزب الشيطان فأما إذا كانت المحادة والمشاقة والحرب والخصومة فقد تقطعت تلك الأواصر التي لا ترتبط بالعروة الواحدة وبالحبل الواحد ولقد قتل أبو عبيدة أباه في يوم بدر وهم الصديق أبو بكر بقتل ولده عبد الرحمن وقتل مصعب بن عمير أخاه عبيد بن عمير وقتل عمر وحمزة وعلي وعبيدة والحارث أقرباءهم وعشيرتهم متجردين من علائق الدم والقرابة إلى آصرة الدين والعقيدة وكان هذا أبلغ ما ارتقى إليه تصور الروابط والقيم في ميزان الله {أولئك كتب في قلوبهم الإيمان} فهو مثبت في قلوبهم بيد الله مكتوب في صدورهم بيمين الرحمن فلا زوال له ولا اندثار، ولا انطماس فيه ولا غموض! {وأيدهم بروح منه} وما يمكن أن يعزموا هذه العزمة إلا بروح من الله وما يمكن أن تشرق قلوبهم بهذا النور إلا بهذا الروح الذي يمدهم بالقوة والإشراق، ويصلهم بمصدر القوة والإشراق
{ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها} جزاء ما تجردوا في الأرض من كل رابطة وآصرة، ونفضوا عن قلوبهم كل عرض من أعراضها الفانية
{رضي الله عنهم ورضوا عنه} وهذه صورة وضيئة راضية مطمئنة ترسم حالة المؤمنين هؤلاء في مقام عال رفيع وفي جو راض وديع ربهم راض عنهم وهم راضون عن ربهم انقطعوا عن كل شيء ووصلوا أنفسهم به: فتقبلهم في كنفه، وأفسح لهم في جنابه، وأشعرهم برضاه فرضوا رضيت نفوسهم هذا القرب وأنست به واطمأنت إليه
{أولئك حزب الله} فهم جماعته المتجمعة تحت لوائه المتحركة بقيادته المهتدية بهديه المحققة لمنهجه الفاعلة في الأرض ما قدره وقضاه فهي قدر من قدر الله {ألا إن حزب الله هم المفلحون} ومن يفلح إذن إذا لم يفلح أنصار الله المختارون!!
وهكذا تنقسم البشرية إلى حزبين اثنين: حزب الله وحزب الشيطان وإلى رايتين اثنتين: راية الحق وراية الباطل فإما أن يكون الفرد من حزب الله فهو: واقف تحت راية الحق، وإما أن يكون من حزب الشيطان: فهو واقف تحت راية الباطل وهما صفان متميزان لا يختلطان ولا يتميعان!!
لا نسب ولا صهر، ولا أهل ولا قرابة، ولا وطن ولا جنس، ولا عصبية ولا قومية إنما هي العقيدة، والعقيدة وحدها فمن انحاز إلى حزب الله ووقف تحت راية الحق فهو وجميع الواقفين تحت هذه الراية إخوة في الله تختلف ألوانهم وتختلف أوطانهم، وتختلف عشائرهم وتختلف أسرهم، ولكنهم يلتقون في الرابطة التي تؤلف حزب الله فتذوب الفوارق كلها تحت الراية الواحدة ومن استحوذ عليه الشيطان فوقف تحت راية الباطل، فلن تربطه بأحد من حزب الله رابطة لا من أرض، ولا من جنس، ولا من وطن ولا من لون، ولا من عشيرة ولا من نسب ولا من صهر لقد أنبتت الوشيجة الأولى التي تقوم عليها هذه الوشائج فأنبتت هذه الوشائج جميعا
ومع إيحاء هذه الآية بأنه كان هناك في الجماعة المسلمة من تشده أواصر الدم والقرابة وجواذب المصلحة والصداقة، مما تعالجه هذه الآية في النفوس، وهي تضع ميزان الإيمان بهذا الحسم الجازم، والمفاضلة القاطعة إلا أنها في الوقت ذاته ترسم صورة لطائفة كانت قائمة كذلك في الجماعة المسلمة، ممن تجردوا وخلصوا ووصلوا إلى ذلك المقام (انتهى كلامه رحمه الله: مختصرا)"
وهذا الكلام صحيح المعنى ولكن نقل تلك التفاسير دون تفصيل لأحكام المسألة لا يفيد القارىء لأنه يترك الموضوع كما يقال عائما مجملا وهو ما يجعل كل واحد يفسر ألأمر على هواه
وحدثنا الرجل هم حكاية وقعت حديثا تفيد هذا المعنى وهى :
"كلما قرأت هذه الآيات وهذه المعاني الربانية السامية، تذكرت تلك القصة العجيبة التي رواها الشيخ عبد الله عزام قصة تلك المرأة الأفغانية في الحرب السوفييتية، مفادها أن المجاهدين دخلوا قرية صغيرة فأتتهم امرأة عجوز تدلهم على ابنها الشيوعي الموالي لحكومة نجيب العميلة!! قبض المجاهدون على هذا الرجل، فأسرعت المرأة تستحلف المجاهدين أن يمكنوها من ولدها مقيدا!!
جعل المجاهدون الولد تحت تصرف هذه العجوز، فإذا بها تخرج سكينا طويلا من تحت ثيابها وتمسك برقبة ابنها المقيد وتقول: لقد كنت تتبجح أمامي بسب رسول الله (ص) اليوم أنتقم لرسول الله (ص)منك، فحزت رأس ابنها الشيوعي المرتد بدون تردد، وسط ذهول جموع المجاهدين ثم تكبيرهم "
المرأة عاقبت ابنها بعقاب الله فكل موالى أى خائن يساعد العدو على إيذاء المسلمين هو مقاتل فعلى ينبغى قتله
وأما عنوان الكتاب فهو حديث ذكره المؤلف فى الفقرة التالية:
"لقد جاء في صحيح البخاري عن عبد الله بن هشام قال: كنا مع النبي (ص)، وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب، فقال له عمر: يا رسول الله، لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي، فقال النبي (ص): "لا - والذي نفسي بيده - حتى أكون أحب إليك من نفسك"، فقال له عمر: فإنه الآن، والله، لأنت أحب إلي من نفسي، فقال النبي (ص): "الآن يا عمر"
ما تردد عمر وقال: أفكر في الأمر، أو تلكأ أو تأخر إنها عزمة عمرية إيمانية ربانية تحكي يقين القلب وثباته على المبدأ والعقيدة القويمة إذا أتاه أمر الحبيب: فالسمع والطاعة، يتغير القلب وتتغير الأولويات لتصبح على هوى الحبيب هي لحظة، بل أقل من لحظة، يتغير فيها قلب عمر بكلمات يسيرة ليعلنها مدوية " فإنه الآن، والله، لأنت أحب إلي من نفسي" "
والحديث لو صح فمعناه أن حب الرسول(ص) يعنى تفضيل طاعة الوحى المنزل على الرسول(ص) على طاعة النفس فهذا هو المعنى المباح وأما المعنى المحرم وهو أن يتخذ الرسول(ص) ربا من دون الله وللعلم فإن الإنسان لا يحب الرسول (ص) أكثر من نفسه إلا بالمعنى المباح لأن كل واحد يعمل على انقاذ نفسه من النار وهو حب النفس الحقيقى
ثم قال :
"هكذا الإيمان، وهكذا الثبات، وهذه هي العقيد التي فاق بها أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة وأبو عبيدة والصحابة هذه الأمة إنها عقيدة "سمعنا وأطعنا" إنها عقيدة الولاء والبراء كما فهمها الصحابة، لا كما يروج لها رويبضة هذا الزمان يكون الكافر أخا أو أبا أو ابنا، ويعامل معاملة حسنة بحكم القرابة والرحم، ولكن إذا رفع هذا الأب أو الإبن أو الأخ السيف في وجه الإسلام فإن الإسلام أغلى من كل دم وقرابة، فيسفك هذا الدم، وتلغى هذه القرابة ويصبح الدين قلعة القلب لتهب الجوارح فتدافع عن حماه
إن الكافر الأفغاني أو الفلسطيني أو الشيشاني أو العراقي هو مثل الكافر الأمريكي أو البريطاني "الكفر ملة واحدة"، بل هؤلاء أشد كفرا من النصارى واليهود، لأن أولئك لا تربطهم روابط نسب أو قرابة بالمسلمين، أما هؤلاء فقد قدموا المال والكفر على الرحم فكانوا أشد خطرا على الإسلام وأهله من الكفار الصائلين، لأنهم يدلون على عورات المسلمين، وكم قتل من قادة المسلمين في هذا الزمان بسبب هؤلاء المرتدين، وكم عانى المجاهدون من هؤلاء الخائنين!!
إن الذي يوالي الكفار ويقف في صفهم لقتال المسلمين: كافر كفرا أكبر بلا خلاف بين علماء المسلمين، فمن كان كافرا وحمل السلاح في وجه المسلمين فقتله قربة إلى الله، ولو كان هذا الكافر من ذوي القربى، وليكن في فعل أبي بكر وعمر وعلي وحمزة وأبو عبيد وأمثالهم عبرة لمن كانوا سلفه
لقد اختلف العلماء في قتل الجاسوس المسلم، ولكنني لا أعلم أنهم اختلفوا في قتل الكافر الصائل الذي ارتد عن دينه ووقف في صف الكفار يقاتل المسلمين، هؤلاء لا خلاف في قتلهم، بل يقدمون في القتل: لردتهم، ولشدة نكايتهم بالمسلمين فمن وقف في صف الأمريكان من العراقيين أو الأفغان فليقتلهم ذويهم تأسيا بخير هذه الأمة بعد نبيها (ص)
لا تأخذهم بهم رحمة أو شفقة، فدين الله أغلى من كل قريب أو نسيب، ولا يؤمن الإنسان حتى يكون هذا الدين أحب إليه من ماله وأهله والناس أجمعين "
مسألة الجاسوس والصائل هى تسميات فقهية ليست فى كتاب الله وهى تدخل ضمن حد الحرابة لله لأن التجسس هو إفساد فى الأرض وكذلك الردة
المؤلف حسين بن محمود والكتاب يدور حول مسألة قتل من يساعدون المحتل لبلادهم حتى يتمكن من حكم بلادهم وهذه المسألة يتناولونها الناس من وجهات نظر مختلفة نتيجة اختلاف الدين فالقوميين وأمثالهم يسمونها خيانة وجزاء الخائن عندهم هو نفس جزاء الموالى لغير الله سواء أعلن ذلك أم لا
المؤلف ألف الكتاب ردا على سؤال عن حكم من يساعدون الأعداء فقال:
"سأل أحدهم عن مسألة قتل المجاهدين لبني جلدتهم من الأفغان والعراقيين والشيشان والفلسطينيين، فرأيت أن أكتب هذه الكلمات لأبين بها – إن شاء الله – الصواب في المسألة التي يدندن عليها بعض الرويبضة لتشويه صورة المجاهدين، ولتغييب الحقائق وتمييع الدين فأقول وبالله أستعين:
قال تعالى في سورة يونس {فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون} هما طريقان وخياران لا ثالث لهما: إما الحق، وإما الضلال، إما هذا الدين وإما الكفر المبين بهذا نزل القرآن، وهذا ما بينه النبي (ص)لأصحابه، فقد جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله (ص)خط خطا، وقال: "هذا سبيل الله، ثم خط خطوطا عن يمينه وعن يساره، وقال: هذه سبل، على كل سبيل شيطان يدعو إليه، ثم قرأ {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه، ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله، ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون} "
فالمؤمن من سلك سبيل الله ولزم الصراط المستقيم، والكافر من حاد عن هذا الصراط وسلك سبل الشياطين، أما المتذبذب المتنقل بين الخطوط فقد أدخله رب العزة في عداد المنافقين الذين هم دون الكافرين، فقال سبحانه {إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا} فالكافر الأصلي خير من المنافق المتذبذب لأن الأول صاحب مبدأ ثابت ورأي راسخ ألزم نفسه به، وربما لم تتأتى للكافر الصريح فرصة المنافق الذي يعيش بين المسلمين يسمع كلام الله ورسوله ثم يبقى على حاله، ولذلك كان المنافق أشد عذابا في الآخرة من الكافر الأصلي، قال تعالى {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا}"
هذا الكلام ليس فى صلب الموضوع وإن كان يمسه من بعيد وقد تكلم عن الموالاة والمعاداة فى الله فقال :
"المؤمن من التزم بهذا الدين وأحبه وقدمه على كل أمر سواه، ولم يتردد أو يتذبذب في القبول والإذعان لأوامر الواحد الديان، فالمؤمنون هم من {قالوا: سمعنا وأطعنا}، وهم الذين {يسارعون في الخيرات}، وإذا أمر الله ورسوله أمرا فلا يتخيرون ولا يترددون ولا يتأخرون ولا يتكاسلون، بل: يسارعون، فهؤلاء هم المؤمنون حقا
إن "أوثق عرى الإيمان: الموالاة في الله، و المعاداة في الله، و الحب في الله، و البغض في الله عز وجل" (صحيح: صحيح الجامع) لا قومية ولا عشائرية ولا حزبية ولا قطرية، فموالاة المؤمن تكون للمؤمنين، ومعاداته تكون للكافرين، وحبه للمؤمنين، وبغضه للكافرين، هكذا بين رسول رب العالمين، المبلغ عن رب العزة القائل في الكتاب المبين {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار}
فمحبة المؤمن للمؤمن نابعة من اللقاء في محبة الله ورسوله، فقد قال (ص)"لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين" (البخاري)، فالنبي (ص)أحب للمؤمن من كل أهله وعشيرته ودينه - (ص)– أعز على المؤمن من نفسه وولده، ومن قدم قريبا أو حبيبا على محبة رسول الله (ص)، ودين رسول الله (ص)، فقد وقع عليه قول النبي (ص): "لا يؤمن" "
والحديث لا يصح فحب الرسول(ص) نوع مختلف عن حب الناس لأن معناه هو تصديق رسالته والاقتداء بالوحى المنزل عليه وأما حب الوالد أو الولد أو الزوجة فشىء مختلف فهو ليس إيمانا بكلامهم ولا اقتداء بهم وإنما هو حالة من الحفاظ عليهم ومحاولة ارضاءهم
وتحدث حسين عن الولاء والبراء فقال :
لقد كان الصحابة مثالا حيا لعظمة هذا الولاء وهذا البراء في الدين، هذه المحبة، وتلك المعاداة في الدين، فتجد أحدهم يبيع نفسه وماله وينفصل عن أهله وعشيرته في سبيل تحقيق هذا المفهوم الرباني الذي لا يستقيم إيمان المرء إلا به
إن هذه القوة الإيمانية والعزيمة الربانية تحتاج إلى مراس وعزيمة تكاد تكون بلا حدود، تحتاج إلى قلب خالي من كل شيء إلا الإيمان إنه القلب الذي قال عنه النبي (ص)في الحديث المتفق عليه " ألا وان في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد واذا فسدت فسد لها سائر الجسد الا وهي القلب"، وروي أن أبا هريرة رضي الله عنه قال " القلب ملك والأعضاء جنوده فإذا طاب الملك طابت جنوده وإذا خبث الملك خبثت جنوده"
إن جميع العلاقات البشرية والأنساب القبلية والروابط العرقية لا يصبح لها قيمة في قلب المؤمن إذا دعى داعي الله، ولا يمكن للإيمان أن يساوم بين الأمرين {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار}
فالمؤمن لا يحابي ولا يوالي إلا أهل ملته، أما الكافر فمحبته وولايته ظلم للنفس ومهلكة، قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون}
قال القرطبي: ظاهر هذه الآية أنها خطاب لجميع المؤمنين كافة، وهي باقية الحكم إلى يوم القيامة في قطع الولاية بين المؤمنين والكافرين وروت فرقة أن هذه الآية إنما نزلت في الحض على الهجرة ورفض بلاد الكفرة فالمخاطبة على هذا إنما هي للمؤمنين الذين كانوا بمكة وغيرها من بلاد العرب، خوطبوا بألا يوالوا الآباء والإخوة فيكونوا لهم تبعا في سكنى بلاد الكفر
{إن استحبوا} أي أحبوا، كما يقال: استجاب بمعنى أجاب أي لا تطيعوهم ولا تخصوهم وخص الله سبحانه الآباء والإخوة إذ لا قرابة أقرب منها فنفى الموالاة بينهم كما نفاها بين الناس بقوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء} ليبين أن القرب قرب الأديان لا قرب الأبدان ولم يذكر الأبناء في هذه الآية إذ الأغلب من البشر أن الأبناء هم التبع للآباء {ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون} قال ابن عباس: هو مشرك مثلهم لأن من رضي بالشرك فهو مشرك (انتهى مختصرا)
وقال السعدي في قوله تعالى {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى ياتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين}
ولهذا ذكر السبب الموجب لذلك، وهو أن محبة الله ورسوله، يتعين تقديمها على محبة كل شيء، وجعل جميع الأشياء تابعة لهما فقال: {قل إن كان آباؤكم} ومثلهم الأمهات {وأبناؤكم وإخوانكم} في النسب والعشيرة {وأزواجكم وعشيرتكم} أي: قراباتكم عموما وهذه الآية الكريمة أعظم دليل على وجوب محبة الله ورسوله، وعلى تقديمها على محبة كل شيء وعلى الوعيد الشديد والمقت الأكيد على من كان شيء من المذكورات أحب إليه من الله ورسوله وجهاد في سبيله وعلامة ذلك أنه إذا عرض عليه أمران: أحدهما يحبه الله ورسوله، وليس لنفسه فيها هوى والآخر تحبه نفسه وتشتهيه ولكنه يفوت عليه محبوبا لله ورسوله أو ينقصه فإنه إن قدم ما تهواه نفسه على ما يحبه الله دل على أنه ظالم تارك لما يجب عليه"
قال ابن الجوزي في زاد المسير (وهو كتاب تفسير لم يحظ بالعناية اللائقة به) في قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذو ا آبآءكم وإخوانكم أوليآء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولائك هم الظالمون}
قوله تعالى: {لا تتخذوا ءاباءكم وإخوانكم أولياء} في سبب نزولها: خمسة أقوال
أحدها: أنه لما أمر المسلمون بالهجرة، جعل الرجل يقول لأهله: إنا قد أمرنا بالهجرة، فمنهم من يسرع إلى ذلك، ومنهم من يتعلق به عياله وزوجته، فيقولون: ننشدك الله أن تدعنا إلى غير شيء، فيرق قلبه، فيجلس معهم، فنزلت هذه الآية، قاله أبو صالح عن ابن عباس
والثاني: أنه لما أمر الله المؤمنين بالهجرة، قال المسلمون: يا نبي الله، إن نحن اعتزلنا من خالفنا في الدين، قطعنا آباءنا وعشائرنا، وذهبت تجارتنا، وخربت ديارنا، فنزلت هذه الآية، قاله الضحاك عن ابن عباس
والثالث: أنه لما قال العباس: أنا أسقي الحاج، وقال طلحة: أنا أحجب الكعبة فلا نهاجر، نزلت هذه الآية والتي قبلها، هذا قول قتادة، وقد ذكرناه عن مجاهد
والرابع: أن نفرا ارتدوا عن الإسلام ولحقوا بمكة، فنهى الله عن ولايتهم، وأنزل هذه الآية، قاله مقاتل
والخامس: أن النبي (ص)لما أمر الناس بالجهاز لنصرة خزاعة على قريش، قال أبو بكر الصديق: يا رسول الله، نعاونهم على قومنا؟ فنزلت هذه الآية، ذكره أبو سليمان الدمشقي (انتهى)
فكلام ابن الجوزي في أسباب النزول شمل أكثر ما يقع للمسلمين من أحوال في الثغور في وقتنا هذا: فالأهل والمال اللذان يمنعان المسلم من الجهاد وكثير من العبادات التي يزعم بعض الناس أنها أفضل من الجهاد في هذا الزمان والقومية والقبلية وأهل الردة الذين يتحفظ البعض عن قتالهم والمجاهدون الذين خرجوا من ديارهم لنصرة المسلمين في الثغور يزعم بعض أهل تلك البلاد أنه لا يجوز معاونتهم على قتل أهليهم وهم كفار وهذه هي عظمة القرآن الذي يصف في طياته دقائق الأمور والأحوال في كل زمان ومكان "
وأسباب النزول المحكية سابقا لا يصح منها شىء فالآية تحدث الرسول(ص) عن عادة الأقوام المسلمة كلها فى عصره وقبله وما بعده وهى " لا تجد قوما يؤمنون بالله"ولا تحدثه عن أهل عصره المرمنين فقط ومن ثم فليس لها سبب نزول لأنها إخبار عن عمل المسلمين فى مختلف العصور فى حالة كفر أقاربهم وحربهم لهم
وتحدث المؤلف عن أن السياق يقتضى قطع أواصر القربى مع الأقارب الكفار دون تحديد لماهيتهم مع أن الآية حددتهم بالمحادين وهم المحاربين لله فقال :
"إن في السياق القرآني تجريد المشاعر والصلات في قلوب الجماعة المؤمنة، وتمحيصها لله ولدين الله؛ فيدعو إلى تخليصها من وشائج القربى والمصلحة واللذة، ويجمع كل لذائذ البشر، وكل وشائج الحياة، فيضمنها في كفة، ويضع حب الله ورسوله وحب الجهاد في سبيله في الكفة الأخرى، ويدع للمسلمين الخيار ويستخلص المرء من حديث النبي (ص)هذا المعنى، فقد قال النبي (ص)"من خير معاش الناس لهم رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله يطير على متنه، كلما سمع هيعة أو فزعة طار على متنه يبتغي القتل أو الموت مظانه " (مسلم)، فكأن هذا الرجل ممسك بعنان فرسه بيمينه، وجاعل الدنيا وجميع ما فيها بشماله، ثم إذا دعى داعي الله ألقى ما في شماله وطار على متن فرسه، فالدنيا كلها لا تساوي عنده تلك الهيعة أو الفزعة، فيطير في لمح البصر، يطير ولا يمشي أو يزحف!!""
والحديث السابق لا يصح فهو دليل على عشوائية الجهاد ,انه غير منظم فهذا الرجل يذهب لأى مكان للجهاد بينما الله نظم الجهاد فأمر بوضع كل مجاهد فى مكان تجاه العدو فقال :
" واقعدوا لهم كل مرصد "
والحديث هو ضحك على الناس فذلك المجاهد المزعوم ليس له بيت ولا أهل ولا غيرهم فهو راكب ليل نهار على فرسه يسمع الأخبار وهو كلام يتناقض مع وجود بيت وأهل لكل مسلم لهم حقوق أيضا
وذكر المؤلف آيات أخرى فى الموضوع فقال :
"{يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون * قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم، وأموال اقترفتموها، وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله، فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين}
إن هذه العقيدة لا تحتمل لها في القلب شريكا؛ فإما تجرد لها، وإما انسلاخ منها وليس المطلوب أن ينقطع المسلم عن الأهل والعشيرة والزوج والولد والمال والعمل والمتاع واللذة؛ ولا أن يترهبن ويزهد في طيبات الحياة كلا، إنما تريد هذه العقيدة أن يخلص لها القلب، ويخلص لها الحب، وأن تكون هي المسيطرة والحاكمة، وهي المحركة والدافعة فإذا تم لها هذا فلا حرج عندئذ أن يستمتع المسلم بكل طيبات الحياة؛ على أن يكون مستعدا لنبذها كلها في اللحظة التي تتعارض مع مطالب العقيدة
ومفرق الطريق هو أن تسيطر العقيدة أو يسيطر المتاع؛ وأن تكون الكلمة الأولى للعقيدة أو لعرض من أعراض هذه الأرض فإذا اطمأن المسلم إلى أن قلبه خالص لعقيدته فلا عليه بعد هذا أن يستمتع بالأبناء والأخوة وبالزوج والعشيرة؛ ولا عليه أن يتخذ الأموال والمتاجر والمساكن؛ ولا عليه أن يستمتع بزينة الله والطيبات من الرزق - في غير سرف ولا مخيلة - بل إن المتاع بها حينئذ لمستحب، باعتباره لونا من ألوان الشكر لله الذي أنعم بها ليتمتع بها عباده، وهم يذكرون أنه الرازق المنعم الوهاب
{يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان} هكذا تتقطع أواصر الدم والنسب، إذا انقطعت آصرة القلب والعقيدة وتبطل ولاية القرابة في الأسرة إذا بطلت ولاية القرابة في الله فلله الولاية الأولى، وفيها ترتبط البشرية جميعا، فإذا لم تكن فلا ولاية بعد ذلك، والحبل مقطوع والعروة منقوضة
{ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون} و {الظالمون} هنا تعني المشركين فولاية الأهل والقوم - إن استحبوا الكفر على الإيمان - شرك لا يتفق مع الإيمان
ولا يكتفي القرآن بتقرير المبدأ، بل يأخذ في استعراض ألوان الوشائج والمطامع واللذائذ؛ ليضعها كلها في كفة ويضع العقيدة ومقتضياتها في الكفة الأخرى: الآباء والأبناء والإخوان والأزواج والعشيرة (وشيجة الدم والنسب والقرابة والزواج) والأموال والتجارة (مطمع الفطرة ورغبتها) والمساكن المريحة (متاع الحياة ولذتها) وفي الكفة الأخرى: حب الله ورسوله وحب الجهاد في سبيله الجهاد بكل مقتضياته وبكل مشتقاته الجهاد وما يتبعه من تعب ونصب، وما يتبعه من تضييق وحرمان، وما يتبعه من ألم وتضحية، وما يتبعه من جراح واستشهاد وهو - بعد هذا كله - "الجهاد في سبيل الله" مجردا من الصيت والذكر والظهور مجردا من المباهاة، والفخر والخيلاء، مجردا من إحسان أهل الأرض به وإشارتهم إليه وإشادتهم بصاحبه وإلا فلا أجر عليه ولا ثواب
{قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها، وتجارة تخشون كسادها، ومساكن ترضونها، أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره }
ألا إنها لشاقة ألا وإنها لكبيرة ولكنها هي ذاك وإلا {فتربصوا حتى يأتي الله بأمره}، وإلا فتعرضوا لمصير الفاسقين {والله لا يهدي القوم الفاسقين}
وهذا التجرد لا يطالب به الفرد وحده، إنما تطالب به الجماعة المسلمة، والدولة المسلمة فلا يجوز أن يكون هناك اعتبار لعلاقة أو مصلحة ترتفع على مقتضيات العقيدة في الله ومقتضيات الجهاد في سبيل الله
وما يكلف الله الفئة المؤمنة هذا التكليف، إلا وهو يعلم أن فطرتها تطيقه - فالله لا يكلف نفسا إلا وسعها - وإنه لمن رحمة الله بعباده أن أودع فطرتهم هذه الطاقة العالية من التجرد والاحتمال؛ وأودع فيها الشعور بلذة علوية لذلك التجرد لا تعدلها لذائذ الأرض كلها لذة الشعور بالاتصال بالله، ولذة الرجاء في رضوان الله، ولذة الاستعلاء على الضعف والهبوط، والخلاص من ثقلة اللحم والدم، والارتفاع إلى الأفق المشرق الوضيء فإذا غلبتها ثقلة الأرض ففي التطلع إلى الأفق ما يجدد الرغبة الطامعة في الخلاص والفكاك (انتهى مختصرا من الظلال)"
الكلام السابق والتالى يتناول المسألة تناولا مختلا فهو يتحدث عن الكفار وكأنهم جميعا شىء واحد مع أن الله فرق بين حالتين :
الأول الكفار المحاربين وهو على أنواع :
1- من يقاتلوننا مباشرة
2- من يظاهرون العدو المقاتل علينا وهؤلاء من سأل عنهم السائل فهؤلاء أقاربنا وغير أقاربنا الذين يساعدون العدو المقاتل بأى وسيلة كنقل الأخبار أو تموينهم بسلاح او مال أو مساعدتهم على التخفى فى أراضينا وغير ذلك من أعمال الخيانة
3- المخرجين وهم الطاردين للمؤمنين من بيوتهم
وفيهم قال تعالى :
"إنما ينهاكم عن الذين قاتلوكم فى الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون"
الثانى الكفار الذين لا يقاتلون المسلمين ولا يطردوهم من بيوتهم ولا يساعدوا المحاربين عليهم وفيهم قال تعالى :
" لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم والله يحب المقسطين"
هؤلاء يتم التعامل معهم بالعدل وهو الإحسان لأنهم لا يؤذوننا بأى صورة من الصور
وحدثنا المؤلف عن أسباب متعددة للنزول لا يصح منها شىء لأنها ليست فى قتال المسلمين ولا فى المظاهرة عليهم ولا فى طردهم من بيوتهم فقال :
"قال القرطبي في تفسيره " قال السدي: نزلت في عبدالله بن عبدالله بن أبي، جلس إلى النبي (ص)فشرب النبي (ص)ماء، فقال له: بالله يا رسول الله ما أبقيت من شرابك فضلة أسقيها أبي، لعل الله يطهر بها قلبه؟ فأفضل له فأتاه بها، فقال له عبدالله: ما هذا؟ فقال: هي فضلة من شراب النبي (ص)جئتك بها تشربها لعل الله يطهر قلبك بها
فقال له أبوه: فهلا جئتني ببول أمك فإنه أطهر منها فغضب وجاء إلى النبي (ص)، وقال: يا رسول الله! أما أذنت لي في قتل أبي؟ فقال النبي (ص): "بل ترفق به وتحسن إليه"
وقال ابن جريج: حدثت أن أبا قحافة سب النبي (ص)فصكه أبو بكر ابنه صكة فسقط منها على وجهه، ثم أتى النبي (ص)فذكر ذلك له، فقال: (أو فعلته، لا تعد إليه) فقال: والذى بعثك بالحق نبيا لو كان السيف مني قريبا لقتلته
وقال ابن مسعود: نزلت في أبي عبيدة بن الجراح، قتل أباه عبدالله بن الجراح يوم أحد وقيل: يوم بدر وكان الجراح يتصدى لأبي عبيدة وأبوعبيدة يحيد عنه، فلما أكثر قصد إليه أبو عبيدة فقتله، فأنزل الله حين قتل أباه {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الأخر}
{أو أبناءهم} يعني أبا بكر دعا ابنه عبدالله إلى البراز يوم بدر، فقال النبي (ص): " متعنا بنفسك يا أبا بكر أما تعلم أنك عندي بمنزلة السمع والبصر"
{أو إخوانهم} يعني مصعب بن عمير قتل أخاه عبيد بن عمير يوم بدر
{أو عشيرتهم} يعني عمر بن الخطاب قتل خاله العاص بن هشام بن المغيرة يوم بدر، وعلي وحمزة قتلا عتبة وشيبة والوليد يوم بدر (انتهى) "
وكل هذه الأسباب لا يصح منها شىء فى الآية موضوع الكتاب وأمثالها لأن الآية لا تتحدث عن قتالهم وإنما تتحدث عن مقاطعتهم فى التعامل تماما بسبب قتال الكفار للمسلمين أو مساعدة المقاتلين عليهم أو طرد المؤمنين
وأما قتل القريب لو كان أبا أو أخا أو غير ذلك فهذا فى القتال كما فى قوله تعالى :
" قاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة"
وحدثنا عن مسألة مختلفة معتبرا إياها من ضمن الموضوع فقال :
ولا تجتمع هذه المحبة وهذه الولاية في من يتقرب إلى السلطان بنبذ الإخوان، قال ابن كثير في تفسيره " وفي قوله تعالى: {رضي الله عنهم ورضوا عنه} سر بديع وهو أنه لما سخطوا على القرائب والعشائر في الله تعالى عوضهم الله بالرضا عنهم وأرضاهم عنه بما أعطاهم من النعيم المقيم والفوز العظيم والفضل العميم [إلى أن قال] وقال نعيم بن حماد: حدثنا محمد بن ثور عن يونس عن الحسن قال: قال رسول الله (ص): " اللهم لا تجعل لفاجر ولا لفاسق عندي يدا ولا نعمة فإني وجدت فيما أوحيته إلي {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله}، قال سفيان: يرون أنها نزلت فيمن يخالط السلطان رواه أبو أحمد العسكري (انتهى) "
الغريب هنا هو أن الآية نزلت كما يزعم هو ومن نقل عنهم فيمن يخالط السلطان مع أن نقل فى روايات سابقة وتالية أنها نزلت فى الموالاة والمعاداة لله فقال :
طوجاء في الدر المنثور للسيوطي: أخرج ابن أبي شيبة والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أحب في الله وأبغض في الله وعاد في الله ووال في الله فإنما تنال الله بذلك، ثم قرأ {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون} الآية
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود قال: قال رسول الله (ص): "أوحى الله إلى نبي من الأنبياء أن قل لفلان العابد أما زهدك في الدنيا فتعجلت راحة نفسك، وأما انقطاعك إلي فتعززت بي، فماذا عملت في مالي عليك؟ قال يا رب: ومالك علي؟ قال: هل واليت لي وليا أو عاديت لي عدوا"
وأخرج الحكيم الترمذي عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله (ص): "يبعث الله يوم القيامة عبدا لا ذنب له فيقول له: بأي الأمرين أحب إليك أن أجزيك بعملك أم بنعمتي عليك؟ قال: رب أنت تعلم أني لم أعصك، قال: خذوا عبدي بنعمة من نعمي فما يبقى له حسنة إلا استغرقتها تلك النعمة، فيقول: رب بنعمتك ورحمتك، فيقول: بنعمتي وبرحمتي ويؤتى بعبد محسن في نفسه لا يرى أن له سيئة فيقال له: هل كنت توالي أوليائي؟ قال: يا رب كنت من الناس سلما قال: هل كنت تعادي أعدائي قال: يا رب لم أكن أحب أن يكون بيني وبين أحد شيء فيقول الله تبارك وتعالى: وعزتي لا ينال رحمتي من لم يوال أوليائي ويعاد أعدائي (انتهى)"
وهذه الأحاديث لا يصح منها شىء فلا يوجد بشر لا يذنب وهى تناقض الحديث المعروف" كل ابن آدم خطاء"
ونقل الرجل عن سيد قطب التفسير التالى:
"واقرأ بتمعن ما قاله "سيد" في هذه الآيات تجد في كلامه البلسم الشافي والخير الوافي، فقد قال "فروابط الدم والقرابة هذه تتقطع عند حد الإيمان إنها يمكن أن ترعى إذا لم تكن هناك محادة وخصومة بين اللوائين: لواء الله ولواء الشيطان والصحبة بالمعروف للوالدين المشركين مأمور بها حين لا تكون هناك حرب بين حزب الله وحزب الشيطان فأما إذا كانت المحادة والمشاقة والحرب والخصومة فقد تقطعت تلك الأواصر التي لا ترتبط بالعروة الواحدة وبالحبل الواحد ولقد قتل أبو عبيدة أباه في يوم بدر وهم الصديق أبو بكر بقتل ولده عبد الرحمن وقتل مصعب بن عمير أخاه عبيد بن عمير وقتل عمر وحمزة وعلي وعبيدة والحارث أقرباءهم وعشيرتهم متجردين من علائق الدم والقرابة إلى آصرة الدين والعقيدة وكان هذا أبلغ ما ارتقى إليه تصور الروابط والقيم في ميزان الله {أولئك كتب في قلوبهم الإيمان} فهو مثبت في قلوبهم بيد الله مكتوب في صدورهم بيمين الرحمن فلا زوال له ولا اندثار، ولا انطماس فيه ولا غموض! {وأيدهم بروح منه} وما يمكن أن يعزموا هذه العزمة إلا بروح من الله وما يمكن أن تشرق قلوبهم بهذا النور إلا بهذا الروح الذي يمدهم بالقوة والإشراق، ويصلهم بمصدر القوة والإشراق
{ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها} جزاء ما تجردوا في الأرض من كل رابطة وآصرة، ونفضوا عن قلوبهم كل عرض من أعراضها الفانية
{رضي الله عنهم ورضوا عنه} وهذه صورة وضيئة راضية مطمئنة ترسم حالة المؤمنين هؤلاء في مقام عال رفيع وفي جو راض وديع ربهم راض عنهم وهم راضون عن ربهم انقطعوا عن كل شيء ووصلوا أنفسهم به: فتقبلهم في كنفه، وأفسح لهم في جنابه، وأشعرهم برضاه فرضوا رضيت نفوسهم هذا القرب وأنست به واطمأنت إليه
{أولئك حزب الله} فهم جماعته المتجمعة تحت لوائه المتحركة بقيادته المهتدية بهديه المحققة لمنهجه الفاعلة في الأرض ما قدره وقضاه فهي قدر من قدر الله {ألا إن حزب الله هم المفلحون} ومن يفلح إذن إذا لم يفلح أنصار الله المختارون!!
وهكذا تنقسم البشرية إلى حزبين اثنين: حزب الله وحزب الشيطان وإلى رايتين اثنتين: راية الحق وراية الباطل فإما أن يكون الفرد من حزب الله فهو: واقف تحت راية الحق، وإما أن يكون من حزب الشيطان: فهو واقف تحت راية الباطل وهما صفان متميزان لا يختلطان ولا يتميعان!!
لا نسب ولا صهر، ولا أهل ولا قرابة، ولا وطن ولا جنس، ولا عصبية ولا قومية إنما هي العقيدة، والعقيدة وحدها فمن انحاز إلى حزب الله ووقف تحت راية الحق فهو وجميع الواقفين تحت هذه الراية إخوة في الله تختلف ألوانهم وتختلف أوطانهم، وتختلف عشائرهم وتختلف أسرهم، ولكنهم يلتقون في الرابطة التي تؤلف حزب الله فتذوب الفوارق كلها تحت الراية الواحدة ومن استحوذ عليه الشيطان فوقف تحت راية الباطل، فلن تربطه بأحد من حزب الله رابطة لا من أرض، ولا من جنس، ولا من وطن ولا من لون، ولا من عشيرة ولا من نسب ولا من صهر لقد أنبتت الوشيجة الأولى التي تقوم عليها هذه الوشائج فأنبتت هذه الوشائج جميعا
ومع إيحاء هذه الآية بأنه كان هناك في الجماعة المسلمة من تشده أواصر الدم والقرابة وجواذب المصلحة والصداقة، مما تعالجه هذه الآية في النفوس، وهي تضع ميزان الإيمان بهذا الحسم الجازم، والمفاضلة القاطعة إلا أنها في الوقت ذاته ترسم صورة لطائفة كانت قائمة كذلك في الجماعة المسلمة، ممن تجردوا وخلصوا ووصلوا إلى ذلك المقام (انتهى كلامه رحمه الله: مختصرا)"
وهذا الكلام صحيح المعنى ولكن نقل تلك التفاسير دون تفصيل لأحكام المسألة لا يفيد القارىء لأنه يترك الموضوع كما يقال عائما مجملا وهو ما يجعل كل واحد يفسر ألأمر على هواه
وحدثنا الرجل هم حكاية وقعت حديثا تفيد هذا المعنى وهى :
"كلما قرأت هذه الآيات وهذه المعاني الربانية السامية، تذكرت تلك القصة العجيبة التي رواها الشيخ عبد الله عزام قصة تلك المرأة الأفغانية في الحرب السوفييتية، مفادها أن المجاهدين دخلوا قرية صغيرة فأتتهم امرأة عجوز تدلهم على ابنها الشيوعي الموالي لحكومة نجيب العميلة!! قبض المجاهدون على هذا الرجل، فأسرعت المرأة تستحلف المجاهدين أن يمكنوها من ولدها مقيدا!!
جعل المجاهدون الولد تحت تصرف هذه العجوز، فإذا بها تخرج سكينا طويلا من تحت ثيابها وتمسك برقبة ابنها المقيد وتقول: لقد كنت تتبجح أمامي بسب رسول الله (ص) اليوم أنتقم لرسول الله (ص)منك، فحزت رأس ابنها الشيوعي المرتد بدون تردد، وسط ذهول جموع المجاهدين ثم تكبيرهم "
المرأة عاقبت ابنها بعقاب الله فكل موالى أى خائن يساعد العدو على إيذاء المسلمين هو مقاتل فعلى ينبغى قتله
وأما عنوان الكتاب فهو حديث ذكره المؤلف فى الفقرة التالية:
"لقد جاء في صحيح البخاري عن عبد الله بن هشام قال: كنا مع النبي (ص)، وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب، فقال له عمر: يا رسول الله، لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي، فقال النبي (ص): "لا - والذي نفسي بيده - حتى أكون أحب إليك من نفسك"، فقال له عمر: فإنه الآن، والله، لأنت أحب إلي من نفسي، فقال النبي (ص): "الآن يا عمر"
ما تردد عمر وقال: أفكر في الأمر، أو تلكأ أو تأخر إنها عزمة عمرية إيمانية ربانية تحكي يقين القلب وثباته على المبدأ والعقيدة القويمة إذا أتاه أمر الحبيب: فالسمع والطاعة، يتغير القلب وتتغير الأولويات لتصبح على هوى الحبيب هي لحظة، بل أقل من لحظة، يتغير فيها قلب عمر بكلمات يسيرة ليعلنها مدوية " فإنه الآن، والله، لأنت أحب إلي من نفسي" "
والحديث لو صح فمعناه أن حب الرسول(ص) يعنى تفضيل طاعة الوحى المنزل على الرسول(ص) على طاعة النفس فهذا هو المعنى المباح وأما المعنى المحرم وهو أن يتخذ الرسول(ص) ربا من دون الله وللعلم فإن الإنسان لا يحب الرسول (ص) أكثر من نفسه إلا بالمعنى المباح لأن كل واحد يعمل على انقاذ نفسه من النار وهو حب النفس الحقيقى
ثم قال :
"هكذا الإيمان، وهكذا الثبات، وهذه هي العقيد التي فاق بها أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة وأبو عبيدة والصحابة هذه الأمة إنها عقيدة "سمعنا وأطعنا" إنها عقيدة الولاء والبراء كما فهمها الصحابة، لا كما يروج لها رويبضة هذا الزمان يكون الكافر أخا أو أبا أو ابنا، ويعامل معاملة حسنة بحكم القرابة والرحم، ولكن إذا رفع هذا الأب أو الإبن أو الأخ السيف في وجه الإسلام فإن الإسلام أغلى من كل دم وقرابة، فيسفك هذا الدم، وتلغى هذه القرابة ويصبح الدين قلعة القلب لتهب الجوارح فتدافع عن حماه
إن الكافر الأفغاني أو الفلسطيني أو الشيشاني أو العراقي هو مثل الكافر الأمريكي أو البريطاني "الكفر ملة واحدة"، بل هؤلاء أشد كفرا من النصارى واليهود، لأن أولئك لا تربطهم روابط نسب أو قرابة بالمسلمين، أما هؤلاء فقد قدموا المال والكفر على الرحم فكانوا أشد خطرا على الإسلام وأهله من الكفار الصائلين، لأنهم يدلون على عورات المسلمين، وكم قتل من قادة المسلمين في هذا الزمان بسبب هؤلاء المرتدين، وكم عانى المجاهدون من هؤلاء الخائنين!!
إن الذي يوالي الكفار ويقف في صفهم لقتال المسلمين: كافر كفرا أكبر بلا خلاف بين علماء المسلمين، فمن كان كافرا وحمل السلاح في وجه المسلمين فقتله قربة إلى الله، ولو كان هذا الكافر من ذوي القربى، وليكن في فعل أبي بكر وعمر وعلي وحمزة وأبو عبيد وأمثالهم عبرة لمن كانوا سلفه
لقد اختلف العلماء في قتل الجاسوس المسلم، ولكنني لا أعلم أنهم اختلفوا في قتل الكافر الصائل الذي ارتد عن دينه ووقف في صف الكفار يقاتل المسلمين، هؤلاء لا خلاف في قتلهم، بل يقدمون في القتل: لردتهم، ولشدة نكايتهم بالمسلمين فمن وقف في صف الأمريكان من العراقيين أو الأفغان فليقتلهم ذويهم تأسيا بخير هذه الأمة بعد نبيها (ص)
لا تأخذهم بهم رحمة أو شفقة، فدين الله أغلى من كل قريب أو نسيب، ولا يؤمن الإنسان حتى يكون هذا الدين أحب إليه من ماله وأهله والناس أجمعين "
مسألة الجاسوس والصائل هى تسميات فقهية ليست فى كتاب الله وهى تدخل ضمن حد الحرابة لله لأن التجسس هو إفساد فى الأرض وكذلك الردة