معاناة التربية القوية لا تخفى على أحد، وكلنا يقدر دور الأم في رحلة التربية والبناء والإعداد لفلذات كبدها، وفي ما يلي نصائح هامة للأمهات الجديدات عن أهم الملاحظات التي يجب أخذها بعين الاعتبار في مشوار التربية الطويل والشاق.
تبدأ المرحلة التربوية الصعبة ببلوغ الطفل العامين، وهي الفترة التي تتطور فيها أولوياته ورغباته، وتكمن صعوبتها في أنه لا يمكن مؤهلا بعد للتعبير عن ذلك بصورة واضحة، والأكثر من ذلك، هو يفتقد المهارات الإدراكية التي تمكنه من فهم الأسباب التي لا تسمح له بأن يفعل دائما ما يحلو له، كما يصعب عليه فهم بعض المفاهيم مثل: المشاركة في اللعب، انتظار دوره، أو التحلي بالصبر لحين تلبية طلبه أو حاجته سواء كانت تتعلق بالطعام، أو الشراب أو اللعب، ولهذه نجده يبدي دائما اعتراضه على كل شيء، ولا يتقبل أي نقد أو توجيه، وقد تصطدمين بعناده الشديد، أو قد يلجأ إلى الصراخ العالي، وربما ينخرط في نوبة بكاء شديدة وجميعها وسائل يحاول من خلالها أن يمتحن قدرتك على الصبر.
ويشعر الأطفال بالرضا عندما تنجح محاولتهم في التعبير عن حاجاتهم، فمثل هذا الإحساس يشبع حاجتهم إلى الاهتمام، لكن من الضروري أن يتعلم الأطفال منذ صغرهم أننا غير قادرين على تلبية كافة طلباتهم، وانه ليس بالضرورة أن نلبي لهم كل ما يطلبونه، أو أن تحتل طلباتهم المرتبة الأولى دائما، ففي كثير من الأحيان تخطئ الأمهات في تعاملهن مع صغارهن عندما يجبرن إخوانهم الأكبر سنا على التنازل دائما لهم بحجة صغر سنهم، وتعتبر هذه المرحلة مناسبة لتركهم يعتمدون على أنفسهم قليلا، فمثلا يمكن أن تشجع الأم طفلها على تسلية نفسه بنفسه بينما تجلس هي بالقرب منه لتتناول قهوتها أو تتصفح الصحيفة، ربما يبكي في بادئ الأمر لكنه سرعان ما يعتاد الوضع.
ويمكنك ابتداء من الآن أن تبدئي بإرساء القواعد والحدود غير المسموح بتجاوزها وذلك ببساطة من خلال تعريفه بأن بعض الأفعال ليست مقبولة، فمثلا إذا أبدى عنادا وقت النوم، ضعي يديك على كتفيه، وانظري في عينيه مباشرة، وقولي له بصوت حاسم: "لقد حان وقت النوم"، ثم قومي بحمله على الفور وضعيه في سريره، وإذا أبدى اعتراضا، انتظري قليلا حتى يهدأ، ثم أعيدي الكرة من جديد بالأسلوب نفسه عليه، عندها سيتأكد انك مصرة على رأيك وليس أمامه سوى الانصياع.
ويميل الأطفال إلى الاستعراض، كما يحبون أن يكونوا موضع اهتمام وحب، لهذا حاولي قدر استطاعتك أن تحيطيه بعطفك وتشجيعك، ولا تنسي أن هذا حق من حقوقه عليك، لكيلا يشعر بالإهمال، ومثال على ذلك عندما يصدر بعض الأصوات المزعجة، أو يلهو بالملعقة أثناء تناوله الطعام، لا تبدي انزعاجا من الوهلة الأولى، حاولي قبلها أن تبتسمي في وجهة محاولة ملاطفته، لأنه ستوقف عما يفعله بمجرد أن يشعر بأنه حظي بانتباهك، وغالبا ما يتعمد الطفل مثل هذه الحركات عندما يشعر بأن أمه شاردة الذهن عنه.
والوسيلة الأفضل لتعويد الطفل على الاستقلال بنفسه والاعتماد على نفسه هي عدم تركه يعاني الفراغ، وذلك من خلال توفير الألعاب المسلية والتعليمية في آن واحد، وينصح باختيار الألعاب التي تشجعه على التفكير والإبداع.
اللهم استرني فوق الارض و تحت الارض و يوم العرض .