نقد بحث أهداف الترويح والترفيه من منظور إسلامي
المؤلف عبد العزيز الدغيثر وقد استهل البحث بذكر لأهداف مجملة فقال:
للترويح آثار إيجابية كثيرة منها: إشباع الحاجات الجسمية والاجتماعية والعلمية والعقلية؛ إضافة إلى دوره في اكتشاف الأخلاق، كما أنه يمكن أن يكون وسيلة استثمار عالية العوائد كما أن الترويح يزيد الترابط بين المشاركين في النشاط الترويحي ومما هو معلوم لدى كل إنسان أن الأنشطة الترويحية تجعل الإنسان يعود إلى عمله بنشاط أكثر ورغبة أقوى وإنتاجية أعلى"
وتحدث عن علاقة الترويح بالبدن وأكد على ضرورته للبدن فقال:
"والنشاط الترويحي ضروري للبدن؛ لذا جاء في قصة حنظلة قال: لقيني أبو بكر الصديق فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قال: قلت: نافق حنظلة! قال: سبحان الله! ما تقول؟ قال: قلت: نكون عند رسول الله (ص)يذكرنا بالنار والجنة، حتى وكأنا رأي العين، فإذا خرجنا من عند رسول الله (ص)عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيراً، قال أبو بكر: فوالله إنا لنلقى مثل هذا، فانطلقت أنا وأبو بكر الصديق، حتى دخلنا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قلت: نافق حنظلة يا رسول الله! فقال رسول الله (ص) وما ذاك؟ قلت: يا رسول الله! نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيراً فقال (ص) «والذي نفسي بيده! أن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ـ ثلاث مرات»"
والحديث المستشهد به ليس فى راحة البدن فجماع الأزواج ليست عملية جسمية فقط وإنما هى عملية جسمية نفسية وأما الأولاد والأموال فلا علاقة لهم بالبدن
زد على ذلك أن جماع الزوجات والاهتمام بالأولاد والأموال بالحلال هو من ضمن الطاعات لنيل الجنة والبعد عن النار ومن ثم لا وجود لحكاية ساعة وساعة فالوقت كله لله طاعة ويشترك فيها النفس والجسم الذى تأمره النفس
وحدثنا عن حديث أخر عن حق البدن فقال :
"ولما رأى النبي (ص)من عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ زيادة في التعبد على حساب حاجات أخرى أمره بالتوازن؛ فقال: «صم وأفطر، وقم ونم؛ فإن لجسدك عليك حقاً، وإن لعينك عليك حقاً، وإن لزوجك عليك حقاً»"
والحديث صحيح فى الاستشهاد به ولكن باطل فى الأمر بالصوم فلا صوم إلا ما فرض الله أو الصوم كعقوبة أى كفارة على ذنب والصوم من عند النفس تشريع من عند الناس نسبوه للنبى(ص) لأن الصوم لو اعتبرناه عمل حسن فبعشر حسنات بينما الافطار بأكلتين وشربتين بأربعين حسنة كما قال تعالى:
" من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها"
واستشهد بالمقولات التالية على راحة البدن فقال :
وقد جاءت الآثار عن الصحابة للتأكيد على هذا المفهوم؛ فقال علي : أَجِمُّوا هذه القلوبَ، والتمسوا لها طرائف الحكمة؛ فإنها تملّ كما تمل الأبدان» وقال ابن مسعود : أريحوا القلوب؛ فإن القلب إذا أُكره عمي"
والمقولات ليست فى البدن وإنما فى النفس وهى القلب
وحدثنا عن أهداف الترفيه فقال :
"إلا أن هذا لا يعني أن يغلب الترفيهُ الجِدَّ في حياة المسلم، بل الغالب على المسلم أن يكون جاداً منتجاً والترفيه طارئ كما أن الترفيه له أهداف رئيسة وأهداف جانبية"
والترفيه من الترف وهو سبب بلاء وعقاب الأمم كما قال تعالى :
"وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال فى سموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم إنهم كانوا قبل ذلك مترفين"
ومن ثم الحديث ليس عن الترفيه وإنما عن اراحة البدن والنفس وهى الطمأنينة
وتحدث عن الأهداف فقال :
" فمن أهداف الترفيه:
الهدف الأول: تجديد النشاط، وتقوية الإرادة:
للترويح أثر ملاحظ على النفس بتجديد نشاطها، وفي هذا يقول أبو الدرداء : «إني لأستجم لقلبي بالشيء من اللهو ليكون أقوى لي على الحق» ولذا يجد المتأمل في حكمة التشريع الإسلامي أن عيد الفطر يأتي بعد وقت جد وعبادة، بالصيام، والقيام، وغيرها من النوافل، وعيد الأضحى يأتي بعد يوم عرفة، وهو يوم عبادة، ودعاء، وتضرع، وصيام لغير الحاج والعيد هو البهجة والسعادة التي تجدد للقلب حياته وحيويته، وحتى يكون الفرح عبادة يؤجر عليها العبد ارتبط العيد بشعيرتين إسلاميتين، هما: صوم رمضان، وأداء مناسك الحج والأضاحي وسمي العيد عيداً؛ لأنه يعود كل سنة بفرح مجدد
وليس للمسلم في السنة إلا عيدان؛ فعن أنس قال: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولأهل المدينة يومان يلعبون فيهما في الجاهلية، فقال (ص) «قدمت عليكم، ولكم يومان تلعبون فيهما في الجاهلية، وقد أبدلكم الله بهما خيراً منهما: يوم النحر، ويوم الفطر» والعيدان المذكوران هما: يوم النيروز، ويوم المهرجان (عون المعبود 3/485) وفي حديث الجاريتين أنهما كانتا تغنيان، وتضربان بالدف عند عائشة في العيد من أيام منى"
الحديث باطل فكيف تكون أيام منى من ايام العيد فى المعروف من الفقه والعيد يكون بعدها بيومين ؟
والحديث المنسول لأبى الدرداء يستخدم كلمة اللهو وهى فى القرآن تعنى الكفر والتكذيب فليس هناك شىء فى الإسلام من اللهو أو اللعب وإن أخطأنا التعبير عنها بتلك الألفاظ وإنما هى طاعات لله
وتحدث عن الترفيه فى الصوم فقال :
"وللترفيه أثر في إزالة ما يعتري النفس من تعب وجوع وعطش، وقد استخدم الصحابة الترفيه لتصبير أطفالهم على الصوم؛ فقد روى البخاري ومسلم عن الربيع بنت معوذ قالت: «أرسل النبي (ص)غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار: من أصبح مفطراً فليتمّ بقية يومه، ومن أصبح صائماً فليصم، قالت: فكنا نصومه بعد ونصوم صبياننا، ونجعل لهم اللعبة من العهن؛ فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذلك، حتى يكون عند الإفطار»
والحديث باطل فلا يوجد صوم فى نصف النهار أو ربعه أو ما شابه وتصويم الصبيان يتعارض مع أن الصوم على المؤمنين كما قال تعالى :
" يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام"
فالصوم على الكبار لأن الأطفال لا يدخلون ضمن منظومة الإيمان إلا بعد أن يعقلوا وتشتد اجسامهم ونلاحظ التفرقة بين الصبيان والبنات فى الأمر
وتحدث عن السفر كنوع مع الترفيه فقال :
والتغيير بالسفر أمر لا بد منه، ولا يعارضه الشرع؛ لأن فيه مصلحة واضحة جلية، قال الشافعي:
"ما في المقام لذي عقل وذي أدبِ
من راحة فدعِ الأوطان واغتربِ
سافر تجد عوضاً عمَّن تفارقه
وانصب فإن لذيذ العيش في النصَبِ
إني رأيت وقوف الماء يفسده
إن سال طاب وإن لم يجر لم يطبِ
الأُسْدُ لولا فراق الغاب ما قنصت
والسهم لولا فراق القوس لم يُصبِ
والشمس لو وقفت في الفلك دائمة
لملها الناس من عجم ومن عربِ
والبدر لولا أفول منه ما نظرت
إليه في كل حين عين مرتقبِ
والتبر كالترب ملقى في أماكنه
والعود في أرضه نوع من الحطبِ
فإن تغرَّب هذا عز مطلبه
وإن أقام فلا يعلو على رتبِ
وقال:
الكحل نوع من الأحجار منطرحاً
في أرضه كالثرى يُذرى على الطرق
لما تغرَّب نال العز أجمعه
فصار يُحمل بين الجفن والحَدَقِ
ولكن العاقل من يتعظ بسفره، ويجعل سياحته تقربه لربه، وتزيد من إيمانه ومعرفته وثقافته ولما أراد أعداء ابن تيمية طرده من بلاده، قال «ما ينقم مني أعدائي أنا جنتي في صدري قتلي شهادة، وتسفيري سياحة، وسجني خلوة»"
والسفر ليس ترفية لأنه قطعة من العذاب كما يقال ولو كان ترفيه أى راحة ما أمرنا الله كمسافرين بالفطر فى رمضان فقال :
" فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر"
وتحدث عن اظهار رحمة الإسلام فقال :
" الهدف الثاني: إظهار سماحة الإسلام:
قد يظن ظان أن الترفيه يعارض الدين الإسلامي، وقد أعلنها رسول البشرية (ص)حين قال لبعض الغلاة: «لا رهبانية في الإسلام»؛ ولذا فإن إظهار الترفيه المباح لإعلام الآخرين بسماحة الدين وواقعيته أمر مطلوب ومشروع، ودليل ذلك ما ثبت في المسند من حديث عائشة أن النبي (ص)لما أذن لعائشة باللعب بالبنات مع صواحبها، قال: «لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني بُعثت بحنيفية سمحة» وقد فهم السلف من الصحابة ومن تبعهم هذا المقصد؛ فقد قال أحد السلف لأصحابه ليبين لهم هذه السماحة: «كان أصحاب رسول الله (ص)يتبادحون بالبطيخ؛ فإذا كانت الحقائق كانوا هُمُ الرجال»"
السماحة أى الفسحة مطلوبة وحكاية قذف القوم بعضهم بالبطيخ محرمة لأنها نوع من التبذير فى المال كما قال تعالى :
" ولا تبذر تبذيرا"
فالبطيخ للأكل وليس للتقاذف به ولو قال التقاذف بقشر البطيخ لكان أمرا مقبولا نوعا ما
وتحدث عن تفريح الصغار فقال :
"الهدف الثالث: إسعاد الصغار:
إسعاد الصغار أمر مطلوب حيث كان النبي (ص)يتحراه ويقصده؛ لأن الصغار هُمْ بهجة الدنيا وإسعادهم يملأ الأجواء سعادة وفرحاً ومما يدل على الحرص على هذا الأمر ما ثبت عن أبي هريرة قال كان رسول الله (ص)إذا أتى الثمر أُتي به فيقول: (اللهم بارك لنا في مدينتنا، وفي مدنا، وفي صاعنا بركة مع بركة)، ثم يعطيه أصغر من بحضرته من الولدان وهذه الهدية الصغيرة لها أثر عميق في نفس الصغير لا ينساه ما عاش
ومن ذلك إردافهم على الدابة؛ فقد قال عبد الله بن جعفر : «كان رسول الله (ص)إذا قدم من سفر تُلُقِّيَ بالصبيان من أهل بيته قال: وإنه قدم مرة من سفره فسيق بي إليه فحملني بين يديه، ثم جيء بأحد ابنيْ فاطمة؛ إما حسن، وإما حسين فأردفه خلفه، قال: فدخلنا المدينة ثلاثة على دابة» وقال ابن عباس لما قدم رسول الله (ص)مكة استقبله أغيلمة بني عبدالمطلب فحمل واحداً بين يديه، وآخر خلفه
ومن إسعاد الصغار تفريحهم بالمال؛ فقد مَرّ ابن عمر في طريق فرأى صبياناً يلعبون فأعطاهم درهمين
ومما يفرح الصبي حمله والإنشاد له؛ فعن عقبة بن الحارث قال: رأيت أبا بكر يحمل الحسن بن علي، ويقول:
بأبي شبيه بالنبي
ليس شبيهاً بعلي
وعلي معه يتبسم قال الحافظ في الفتح: وكان عمر الحسن إذ ذاك سبع سنين
وعن عروة بن الزبير قال: كان أبي ينقزني ويقول:
أبيض من آل عتيقِ
مبارك من ولد الصديقِ
ألذه كما ألذ ريقي
وكان العباس يرقص قثم، ويقول:
يا قثم يا قثم
يا ذا الأنف الأشم
يا شبه ذي الكرم
وكانت أم الفضل بن عباس ترقصه وتقول:
ثكلت نفسي وثكلت بكري
إن لم يسد قهراً أو عين قهري
بالحسب العز وبذل الوفر
وقال الشعبي: كانت قريش تحب عثمان بن عفان حتى إن المرأة كانت ترقص ابنها وتقول:
أحبك والرحمن
حب قريش عثمان"
والتعامل مع الأطفال ليس طوال الوقت اسعادهم لأن طلباتهم أحيانا ما تجلب لهم الحزن والبكاء سواء نفذت طلباتهم أو لم تنفذ كمن يريد مسك النار أو اللعب فى الكهرباء ففى كلا الحالين سيحزن الطفل
وتحدث عن تقوية العضلات فقال :
"الهدف الرابع: التنمية العضلية:
من أفضل الوسائل الترفيهية ما يفيد البدن وينشطه؛ لأنه ثبت في الحديث أن النبي (ص)قال: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير» والصغير كثير الحركة واللهو، والمطلوب من الكبار أن يتنزلوا لهم ليسعدوا؛ ولأن في حركتهم تنمية لقواهم العضلية؛ فعن أبي هريرة : «أنه صلى مع رسول الله (ص)العشاء؛ فأخذ الحسن والحسين يركبان على ظهره؛ فلما جلس وضع واحداً على فخذه، والآخر على فخذه الأخرى »، وفي حديث شداد بن الهاد أنه رأى الحسن أو الحسين على ظهر النبي (ص)وهو ساجد فأطال السجود؛ فلما قضيت الصلاة قال الناس: يا رسول الله! إنك سجدت بين ظهراني صلاتك هذه سجدة قد أطلتها؛ فظننا أنه قد حدث أمر، أو أنه يوحى إليك، قال: «فكل ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتحلني؛ فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته»، وعن ابن مسعود قال: «كان النبي (ص)يصلي والحسن والحسين يثبان على ظهره، فيأخذهما الناس فقال: دعوهما بأبي هما وأمي! من أحبني فليحب هذين!»"
هذه الأحاديث باطلة فالمساجد ليست للأطفال وإنما للرجال كما قال تعالى :
"فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له بالغدو والأصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله"
كما أن رؤية المصلين لتلك المشاهد يعنى أنهم لم يكونوا يخشعون فى الصلاة وإنما كانوا يجلسون للفرجة وليس للصلاة نعوذ بالله أن ننسب لهم عدم الخشوع ولو لاحظ القوم أنهم كانوا ظهره وقت السجود لعلم أن المشاهد لم يكن يسجد وإنما كان يترك السجود وينظر من وضعية أخرى وهو ما يدل على عدم سجوده الحقيقى
وقال :
"فهذه الوقائع تدل على أن الإنسان في حال تعامله الجادّ يختلف عن حاله وقت الترفيه؛ فليس التجهّم من الإسلام في شيء، وقد ورد عنه (ص)أنه كان من أفكه الناس مع صبي
ونقل ابن مفلح عن ابن عقيل أنه قال: «والعاقل إن خلا بأطفاله خرج بصورة طفل، ويهجر الجد في ذلك الوقت»
وقد عزل عمر والياً؛ لأنه لا يلاعب أطفاله
والصغار يحبون المنافسة كثيراً، وقد استخدم النبي (ص)الترفيه للصغار عن طريق إجراء السباق بينهم؛ فقد ثبت عن عبد الله بن الحارث قال: كان (ص)يصفُّ عبدَ الله وعبيدَ الله ـ من بني العباس ـ ثم يقول: من سبق إلى كذا فله كذا وكذا، قال: فيستبقون إليه فيقعون على ظهره وصدره فيقبلهم"
وهذا الكلام صحيح المعنى فلابد أن يظهر كل واحد الرحمة لأولاده وأما الحديث التالى :
"والزوجة تحتاج إلى أن تأخذ حظها من الترفيه؛ فقد سابق النبي (ص)عائشة مرة فسبقته، ثم سابقها بعد أن حملت اللحم فسبقها، فقال (ص) «هذه بتلك»"
فهو باطل فلكى تجرى امرأة أو رجل مسافة لابد أن يرفعوا أرجلهم للتسابق وهو ما يناقض قوله تعالى :
"ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن"
كما أن الرسول (ص) لن يعرض نفسه لكشف العورات وكذلك امرأته فى مكان عام
وقال :
"وورد عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها كانت تلعب بالأرجوحة مع صاحباتها قبل دخول النبي (ص)بها
وقد وردت عدة وسائل في النصوص الشرعية؛ مما يحصل به الجمع بين الترفيه والتنمية العضلية والاستعداد العسكري للمجتمع المسلم؛ فمن ذلك:
أولاً: السبق بالأقدام:
تعتبر المسابقة بالأقدام من أقدم أنواع المسابقات وأسهلها وأقلها كلفة، وقد وردت في قصة يوسف أن إخوته قالوا: {إنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ} [يوسف: 17]، قال ابن سعدي في تفسيره: نستبق إما على الأقدام، أو بالرمي والنضال كما أن النبي (ص)استخدم هذا الأسلوب الترفيهي كما في حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها كانت مع النبي (ص)في سفر فسابقته على رجلها فسبقته، قالت: فلما حملت اللحم سابقته فسبقني، فقال: «هذه بتلك»
وبعد غزوة (ذي قرد) سابق سلمة بن الأكوع رجلاً من الأنصار إلى المدينة بإذن النبي (ص)فسبقه سلمة
وعندما قفل النبي (ص)وأصحابه من غزوة تبوك قالت الأنصار: السباق، فقال النبي (ص) إن شئتم
وسابق ابن الزبير عمر بن الخطاب فسبق ابن الزبير؛ فقال: سبقتك ورب الكعبة، قال عبد الله: ثم سبقني فقال: وسبقتك ورب الكعبة"
تسابق المجاهدين نوع من التدريب على الجهاد وليس ترفيه ويكون فى أماكن ليس بها نساء وأما حديث تسابق النبى(ص) وعائشة فهو حديث باطل
ثم قال :
"ثانياً: المصارعة:
وهذه رياضة نبيلة، لكنها تطلق الآن على رياضة عنيفة لا يقرها دين ولا عقل، وقد ورد في المصارعة أن سمرة بن جندب ورافع بن خديج تصارعاً بين يدي النبي (ص)يوم أحد ليتبين الأقوى فينال شرف الجهاد
وحديث ركانة بن عبد يزيد قال: كنت أنا والنبي (ص)في غُنَيْمة لأبي طالب نرعاها في أول ما رأى؛ إذ قال لي ذات يوم: هل لك أن تصارعني؟ قلت له: أنت؟ قال: أنا، فقلت: على ماذا؟ قال: على شاة من الغنم، فصارعته فصرعني» وقد أفادت هذه المصارعة إسلام ركانة؛ لأنه علم أن النبي (ص)مُعان من الله تعالى وردَّ عليه النبي (ص)غُنيمته"
وممارسة المصارعة كنوع من التدريب على الجهاد ليس ترفيها وإنما هو نوع من طاعة قوله تعالى :
" واعدوا لهم ما استطعتم من قوة "
ثم قال :
"ثالثاً: الغطس:
وهذه الوسيلة الترفيهية رياضة جماعية، وفيها فائدة تمرين الصدر والرئتين على الحصول على كمية أكبر من الهواء مع التكرار والصبر؛ ولذا نلاحظ أن الغواص المحترف يمكث تحت الماء مدة أطول من غيره لتمرّن رئتيه على ذلك، وقد ورد في هذا النوع من المسابقات أن عمر بن الخطاب مَرّ بساحل البحر وهو محرم، فقال لابن عباس: تعالَ أباقيك في الماء أينا أطول نَفَساً؟ قال ابن عباس: ونحن محرمون وجاء عن ابن عمر أن عاصم بن عمر وعبد الرحمن بن زيد وقعا في البحر يتمالقان (يتغاطسان) يغيِّب أحدهما رأس صاحبه وعمر ينظر إليهما، فلم ينكر ذلك عليهما"
هذا أيضا نوع من طاعة الله بالتدريب على الجهاد اعدادا لقوة الحرب ثم قال :
"رابعاً: السباحة:
وهي من أفضل وسائل الترفيه وأنفعها للبدن والنفس، وقد جاءت النصوص النبوية بمدح هذه الوسيلة، واستحباب تعلمها وتعليمها؛ لأنها قد تكون وسيلة لإنقاذ النفس، ومن طريف ما يُذكر أن نحوياً صعد سفينة فسمع ربانها يصيح بأعلى صوته: ارفعوا الشراعُ يا أيها البحارة! فقال النحوي للربان: ألا تعرف النحو؟ قال: لا، فقال النحوي: فاتك نصف عمرك! فهبَّت عاصفة هزت السفينة حتى ارتفعت الأمواج وتلاطمت؛ فقال الربان للنحوي: أتعرف السباحة؟ قال: لا؛ فقال الربان: فَاتَك عمرك كله!
ومما ورد في فضل السباحة ممارسة وتعلماً وتعليماً حديث جابر أن النبي (ص)قال: «كل شيء ليس من ذكر الله فهو لهو أو سهو غير أربع خصال: تأديب الرجل فرسه وملاعبته أهله ورميه بين الغرضين، وتعليم السباحة»
وكتب عمر إلى أبي عبيدة «أن علموا غلمانكم العوم ومقاتلتكم الرمي» وليعلم أن معرفة السباحة غاية في الأهمية؛ ولذا أوصى الحجاج مؤدب بنيه بقوله: «علمهم السباحة قبل الكتابة؛ فإنهم يجدون من يكتب عنهم ولا يجدون من يسبح عنهم»"
وتعلم السباحة نوع من اعداد القوة البدنية للمحاربين المجاهدين وغيرهم لانقاذ الناس من الغرق
ثم تحدث عن الفروسية فقال :
"خامساً: الفروسية:
وهي رياضة النبلاء والقادة؛ لأنها تدل على شجاعة وثبات ورباطة جأش وقوة عزيمة، ولقد حث الشرع على أن يكون الترفيه البدني معيناً على الاستعداد العسكري للجهاد، وأجاز بذل العوض فيه، والأصل في ذلك حديث أبي هريرة عن النبي (ص)قال: «لا سَبْقَ إلا في خف أو حافر أو نصل» وحديث ابن عمر أن النبي (ص)«سبَّق بين الخيل وراهن» وفي لفظ: «سبق بين الخيل وأعطى السابق» وأصل الحديث في مسلم بلفظ: «أن النبي (ص)سابق بالخيل» دون ذكر الرهن وتعليم الفرس وتأديبها من وسائل ذلك لحديث جابر أن النبي (ص)قال: «كل شيء ليس من ذكر الله فهو لهو أو سهو غير أربع خصال: تأديب الرجل فرسه، وملاعبته أهله، ورميه بين الغرضين، وتعليم السباحة»"
والخطأ وجود نبلاء فى الإسلام فلا وجود لنبلاء من المسلمين لأنهم كلهم نبلاء وأما وجود مجموعة منهم نبلاء فهو كفر وعودة للتفرقة بين المؤمنين وهو لا يجوز لقوله تعالى :
" إنما المؤمنون اخوة"
وأما السباق على شىء فهو أمحرم لأنه أكل لأموال الناس بالباطل فيجوز التسابق كنوع من التدريب ولكن بدون أى جائزة
وتحدث عن سباقات الإبل فقال :
" سادساً: السباق على الإبل:
من وسائل الترفيه عند العرب السباق على الإبل التي هي سفينتهم التي يعبرون بها الفيافي والقفار، وقد كان أغنياء العرب يتنافسون في اقتناء الإبل الأصيلة السريعة الصبورة، وإجراء المسابقات بين الإبل أمر شائع في العهد النبوي، ففي البخاري عن أنس قال: «كانت لرسول الله (ص)ناقة تسمى العضباء لا تُسبق» وكان الصحابة يسابقون على الخيل والركاب وعلى أقدامهم"
وتنظيم السباقات بين الحيوانات دون قصد التدريب على الجهاد هو أمر محرم لأنه تضييع لأوقات المسلمين فى غير طاعة الله
وتحدث عن ممارسة الرمى فقال :
"سابعاً: الرمي:
من أجمل وأمتع وسائل الترفيه الرمي بالسلاح للتمرين على الإصابة والدقة؛ فقد ثبت في صحيح مسلم عن عقبة بن عامر أنه سمع رسول الله (ص)وهو على المنبر يقول: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} [الأنفال: 60] ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي» وخرج النبي (ص)على قوم مِن أسلم يتناضلون بالسوق فقال: «ارموا بني إسماعيل! فإن أباكم كان رامياً»
بل حذر النبي (ص)من نسيان الرمي؛ حيث قال: «من تعلم الرمي ثم نسيه فليس منا»
ولذا حرصوا على هذا الأمر، حيث كانوا يتواصون به، فكتب عمر إلى أبي عبيدة «أن علموا غلمانكم العوم ومقاتِلَتَكم الرمي»
وقال سعد بن أبي وقاص : «عليكم بالرمي؛ فإنه خير لَهْوِكُم»
وفي مجمع الزوائد أن أنساً كان يجلس ويُطرح له فراش ويجلس عليه ويرمي ولده بين يديه، فخرج يوماً وهم يرمون فقال: يا بنيَّ! بئس ما ترمون، ثم أخذ القوس فرمى؛ فما أخطأ القرطاس»"
والرمى هو إعداد للمجاهدين على الجهاد من خلال اصابة الأهداف ولا يمكن تسميته لهو إلا إذا كان مسابقة على جائزة
وتحدث عن اللعب بالسلاح فقال :
"ثامنا: اللعب بالسلاح:
واللعب بالسلاح يشبه إلى حد كبير رقصة الحرب، ووقتها في العادة قبل المعارك وفي الأعياد ونحوها، ومشاهدة هذا اللعب وممارسته أمر مباح، ودليل ذلك حديث عائشة، في إذن النبي (ص)لها برؤية الحبشة وهم يلعبون بالحراب في المسجد"
والحديث باطل لأن المسجد ليس للعب وإنما لذكر الله كما قال تعالى :
"فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له بالغدو والأصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله"
ولا يمكن أن يسمح النبى(ص) لزوجته بمشاهدة رجال أغراب مع وجوب غض البصر
وتحدث عن الهدف التالة وهو غزالة القلق فقال:
"الهدف الخامس: التهيئة النفسية وإزالة التوتر:
من حكمة الشارع أنه شرع للإنسان في حال توتره وخوفه بعض الوسائل الترفيهية لإزالة ذلك، ومن أصعب المواقف ليلة زفة العروس إلى زوجها؛ إذ كل طرف يصيبه توجس وقلق من الموقف، وقد يصيبه خوف من الإخفاق؛ فشرع الضرب بالدف، وذكر الأناشيد التي تؤدي الغرض ومثل ذلك وقت الحرب والختان ونحوها كما ورد في السنة النشيد وقت العمل الشاق، كمثل ما حدث في حفر الخندق، وفي السفر، ونحو ذلك
جواز الغناء واستعمال الدف في وليمة العرس:
ورد في السنة جواز ذلك:
أولاً: حديث عائشة أنها زفت امرأةً إلى رجل من الأنصار فقال نبي الله (ص) يا عائشة! ما كان معكم لهو؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو»
ثانياً: حديث عائشة أن يتيمة تزوجت رجلاً من الأنصار، وكانت عائشة فيمن أهداها إلى زوجها، قالت: فسلمنا ودعونا بالبركة، ثم انصرفنا، فقال (ص) إن الأنصار قوم فيهم غزل، ألا قلتم يا عائشة: أتيناكم أتيناكم، فحيانا وحياكم» وفيه دليل على جواز الغزل غير الفاحش عند زفاف المرأة إلى زوجها والحكمة في ذلك إعلان النكاح
ثالثاً: حديث عامر البجلي قال: دخلت على قرظة بن كعب، وأبي مسعود ـ قال الراوي عنه: وذكر ثالثاً ذهب عليَّ ـ وجوارٍ يضربن بالدف ويغنين، فقلت: تقرون على هذا وأنتم أصحاب رسول (ص) قالوا: إنه قد رخص لنا في العرسات، وفي البكاء على الميت من غير نياحة»
حكم الدف والغناء في العرس:
قال أحمد: يستحب أن يُظهر النكاح، ويُضرب عليه بالدف، حتى يشتهر ويُعرف وقال أيضاً: لا بأس بالغزل في العرس كقول النبي (ص)للأنصار: «أتيناكم أتيناكم»
وأما الدف للرجال فقد قال المرداوي: ظاهر قوله ـ أي صاحب المقنع ـ والضرب عليه بالدف، أنه سواء كان الضارب رجلاً أو امرأة، قال في الفروع وظاهر نصوصه، وكلام الأصحاب التسوية
وقال صاحب الشرح: وإنما يستحب الضرب بالدف للنساء ذكره شيخنا وأما الطبل فقال أحمد: وأكره الطبل، وهو المنكر، وهو: الكوبة التي نهى عنها النبي (ص)"
والغناء بكلام طيب مباح وكذلك الضرب والعزف المصاحب له للتشجيع على الطاعة والكلام عن الأعراس هنا ليس ترفا وإنما هو تشجيعفقال وتعليم للعروسين على طاعة الله بالجماع وحسن التعامل
وتحدث عن الهدف السادس وهو التشجيع فقال:
"الهدف السادس: التشجيع:
إقامة الحفلات الترفيهية المباحة سبيل إلى تشجيع المحسن، سواء أكان كبيراً أم صغيراً، وقد ورد مثل هذه الحفلات عن بعض من سلف؛ فمن الأساليب التي تحبب العلم إلى الصغار الاحتفال بهم، بوضع حفلة ترفيهية مفرحة قال أبو خبيب الكرابيسي: كان معنا ابن لأيوب السختياني في الكُتَّاب فحذق الصبي، فأتينا منزلهم فوُضِع له منبر، فخطب عليه، ونهبوا علينا الجوز، وأيوب قائم على الباب، يقول لنا: ادخلوا، وهو خاص لنا"
التشجيع على طاعة الله وليس على أى شىء أخر فالتشجيع لا يكون بالجوائز لأن تعليم خاطىء لأنه يجعل الطفل يطلب الثواب الدنيوى والمطلوب أن يعمل حرصا على ثواب الآخرة
وحدثنا عن تنمية الروح الابتكارية والتخيلية فقال :"
" الهدف السابع: تنمية الروح الابتكارية والتخيلية:
من أهداف الترفيه: التعليم والابتكار، وقد توالت الدعوات في الدراسات التربوية الحديثة إلى توسيع أسلوب التعليم بالترفيه وقد كان من العادات التي أقرها الشرع استعمال الدمى للصغيرات؛ فقد ورد عن عائشة أنه كان لها فرس، له جناحان وفي الصحيحين عنها قالت: «كنت ألعب بالبنات عند النبي (ص) وكان لي صواحب يلعبن معي، فكان رسول الله (ص)إذا دخل ينقمعن منه فيُسَرِّبُهن إليَّ فيلعبن معي» قال النووي: قال القاضي: فيه جواز اللعب بهن، وهن مخصوصات من الصور المنهي عنها لهذا الحديث، ولما فيه من تدريب النساء في صغرهن لأمر أنفسهن وبيوتهن وأولادهن، وقد أجاز العلماء بيعهن وشراءهن ثم قال: ومذهب جمهور العلماء جواز اللعب بهن وقال ابن حجر نحو هذا الكلام وأضاف: جزم القاضي عياض بتخصيص لعب البنات من عموم النهي، ونقله عن الجمهور وقال الشيخ ابن عثيمين ـ: «إن كانت لعب الأطفال المجسمة كخلق الإنسان فاجتنابها أوْلى، ولكن لا أقطع بالتحريم؛ لأن الصغار يرخص لهم ما لا يرخص للكبار في مثل هذه الأمور؛ فإن الصغير مجبول على اللعب والتسلي وليس مكلفاً بشيء من العبادات حتى نقول: إن وقته يضيع عليه لهواً وعبثاً»
ومن الأساليب الترفيهية التي تنمي الروح الابتكارية لعب الصغار بالتراب النظيف، وذكر البيهقي باباً فيما ورد من لعب الصبيان بالتراب
ومن الترفيه المحبب إلى نفوس الصغار اقتناء الحيوانات والطيور الأليفة وملاعبتها بما لا يؤذيها فقد ذكر العلماء أنه يجوز لعب الأطفال ببعض الحيوانات والطيور؛ إذ لم يكن فيه أذى لها؛ ففي الصحيحين عن أنس أن النبي (ص)قال لأخ لأنس : «يا أبا عمير! ما فعل النغير؟» وقد ذكر العلماء في فوائده: جواز لعب الصغير بالطير، وجواز ترك الأبوين ولدهما الصغير يلعب بما أبيح له اللعب به، وجواز إنفاق المال فيما يتلهى به الصغير من المباحات، وجواز إمساك الطير في القفص ما دام يطعمه ويسقيه، وأشار بعض أهل العلم إلى جواز قص جناح الطير حتى لا يطير وقد جاء عن أبي هريرة أنه كني بهرة كان يحملها معه ويلاعبها
ومما يقود إلى التعلم بأسلوب ترويحي وترفيهي استعمال المسابقات العلمية؛ وذلك بطرح المسألة على الحاضرين ليعرف الأحذق والأعلم فيجيب، والأصل في جوازه حديث ابن عمر أن النبي (ص)قال: «إن من الشجر شجرة لا يعضد شوكها ولا يتحات ورقها، وإنها مثل المؤمن فخاض الناس في شجر البوادي ووقع في نفسي أنها النخلة»"
وهذا الكلام ليس ترفيه وإنما تعليم والكثير من الأحاديث المذكورة باطلة كحديث اللعب بالحيوانات فالحيوانات ليست مخلوقة لكى يلعب بها الأطفال وإنما الجائز تدريس تكوينها ومنافعها لهم من خلال المشاهدة والإمساك بها للحظات لفحصها ثم تركها
المؤلف عبد العزيز الدغيثر وقد استهل البحث بذكر لأهداف مجملة فقال:
للترويح آثار إيجابية كثيرة منها: إشباع الحاجات الجسمية والاجتماعية والعلمية والعقلية؛ إضافة إلى دوره في اكتشاف الأخلاق، كما أنه يمكن أن يكون وسيلة استثمار عالية العوائد كما أن الترويح يزيد الترابط بين المشاركين في النشاط الترويحي ومما هو معلوم لدى كل إنسان أن الأنشطة الترويحية تجعل الإنسان يعود إلى عمله بنشاط أكثر ورغبة أقوى وإنتاجية أعلى"
وتحدث عن علاقة الترويح بالبدن وأكد على ضرورته للبدن فقال:
"والنشاط الترويحي ضروري للبدن؛ لذا جاء في قصة حنظلة قال: لقيني أبو بكر الصديق فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قال: قلت: نافق حنظلة! قال: سبحان الله! ما تقول؟ قال: قلت: نكون عند رسول الله (ص)يذكرنا بالنار والجنة، حتى وكأنا رأي العين، فإذا خرجنا من عند رسول الله (ص)عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيراً، قال أبو بكر: فوالله إنا لنلقى مثل هذا، فانطلقت أنا وأبو بكر الصديق، حتى دخلنا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قلت: نافق حنظلة يا رسول الله! فقال رسول الله (ص) وما ذاك؟ قلت: يا رسول الله! نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيراً فقال (ص) «والذي نفسي بيده! أن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ـ ثلاث مرات»"
والحديث المستشهد به ليس فى راحة البدن فجماع الأزواج ليست عملية جسمية فقط وإنما هى عملية جسمية نفسية وأما الأولاد والأموال فلا علاقة لهم بالبدن
زد على ذلك أن جماع الزوجات والاهتمام بالأولاد والأموال بالحلال هو من ضمن الطاعات لنيل الجنة والبعد عن النار ومن ثم لا وجود لحكاية ساعة وساعة فالوقت كله لله طاعة ويشترك فيها النفس والجسم الذى تأمره النفس
وحدثنا عن حديث أخر عن حق البدن فقال :
"ولما رأى النبي (ص)من عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ زيادة في التعبد على حساب حاجات أخرى أمره بالتوازن؛ فقال: «صم وأفطر، وقم ونم؛ فإن لجسدك عليك حقاً، وإن لعينك عليك حقاً، وإن لزوجك عليك حقاً»"
والحديث صحيح فى الاستشهاد به ولكن باطل فى الأمر بالصوم فلا صوم إلا ما فرض الله أو الصوم كعقوبة أى كفارة على ذنب والصوم من عند النفس تشريع من عند الناس نسبوه للنبى(ص) لأن الصوم لو اعتبرناه عمل حسن فبعشر حسنات بينما الافطار بأكلتين وشربتين بأربعين حسنة كما قال تعالى:
" من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها"
واستشهد بالمقولات التالية على راحة البدن فقال :
وقد جاءت الآثار عن الصحابة للتأكيد على هذا المفهوم؛ فقال علي : أَجِمُّوا هذه القلوبَ، والتمسوا لها طرائف الحكمة؛ فإنها تملّ كما تمل الأبدان» وقال ابن مسعود : أريحوا القلوب؛ فإن القلب إذا أُكره عمي"
والمقولات ليست فى البدن وإنما فى النفس وهى القلب
وحدثنا عن أهداف الترفيه فقال :
"إلا أن هذا لا يعني أن يغلب الترفيهُ الجِدَّ في حياة المسلم، بل الغالب على المسلم أن يكون جاداً منتجاً والترفيه طارئ كما أن الترفيه له أهداف رئيسة وأهداف جانبية"
والترفيه من الترف وهو سبب بلاء وعقاب الأمم كما قال تعالى :
"وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال فى سموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم إنهم كانوا قبل ذلك مترفين"
ومن ثم الحديث ليس عن الترفيه وإنما عن اراحة البدن والنفس وهى الطمأنينة
وتحدث عن الأهداف فقال :
" فمن أهداف الترفيه:
الهدف الأول: تجديد النشاط، وتقوية الإرادة:
للترويح أثر ملاحظ على النفس بتجديد نشاطها، وفي هذا يقول أبو الدرداء : «إني لأستجم لقلبي بالشيء من اللهو ليكون أقوى لي على الحق» ولذا يجد المتأمل في حكمة التشريع الإسلامي أن عيد الفطر يأتي بعد وقت جد وعبادة، بالصيام، والقيام، وغيرها من النوافل، وعيد الأضحى يأتي بعد يوم عرفة، وهو يوم عبادة، ودعاء، وتضرع، وصيام لغير الحاج والعيد هو البهجة والسعادة التي تجدد للقلب حياته وحيويته، وحتى يكون الفرح عبادة يؤجر عليها العبد ارتبط العيد بشعيرتين إسلاميتين، هما: صوم رمضان، وأداء مناسك الحج والأضاحي وسمي العيد عيداً؛ لأنه يعود كل سنة بفرح مجدد
وليس للمسلم في السنة إلا عيدان؛ فعن أنس قال: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولأهل المدينة يومان يلعبون فيهما في الجاهلية، فقال (ص) «قدمت عليكم، ولكم يومان تلعبون فيهما في الجاهلية، وقد أبدلكم الله بهما خيراً منهما: يوم النحر، ويوم الفطر» والعيدان المذكوران هما: يوم النيروز، ويوم المهرجان (عون المعبود 3/485) وفي حديث الجاريتين أنهما كانتا تغنيان، وتضربان بالدف عند عائشة في العيد من أيام منى"
الحديث باطل فكيف تكون أيام منى من ايام العيد فى المعروف من الفقه والعيد يكون بعدها بيومين ؟
والحديث المنسول لأبى الدرداء يستخدم كلمة اللهو وهى فى القرآن تعنى الكفر والتكذيب فليس هناك شىء فى الإسلام من اللهو أو اللعب وإن أخطأنا التعبير عنها بتلك الألفاظ وإنما هى طاعات لله
وتحدث عن الترفيه فى الصوم فقال :
"وللترفيه أثر في إزالة ما يعتري النفس من تعب وجوع وعطش، وقد استخدم الصحابة الترفيه لتصبير أطفالهم على الصوم؛ فقد روى البخاري ومسلم عن الربيع بنت معوذ قالت: «أرسل النبي (ص)غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار: من أصبح مفطراً فليتمّ بقية يومه، ومن أصبح صائماً فليصم، قالت: فكنا نصومه بعد ونصوم صبياننا، ونجعل لهم اللعبة من العهن؛ فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذلك، حتى يكون عند الإفطار»
والحديث باطل فلا يوجد صوم فى نصف النهار أو ربعه أو ما شابه وتصويم الصبيان يتعارض مع أن الصوم على المؤمنين كما قال تعالى :
" يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام"
فالصوم على الكبار لأن الأطفال لا يدخلون ضمن منظومة الإيمان إلا بعد أن يعقلوا وتشتد اجسامهم ونلاحظ التفرقة بين الصبيان والبنات فى الأمر
وتحدث عن السفر كنوع مع الترفيه فقال :
والتغيير بالسفر أمر لا بد منه، ولا يعارضه الشرع؛ لأن فيه مصلحة واضحة جلية، قال الشافعي:
"ما في المقام لذي عقل وذي أدبِ
من راحة فدعِ الأوطان واغتربِ
سافر تجد عوضاً عمَّن تفارقه
وانصب فإن لذيذ العيش في النصَبِ
إني رأيت وقوف الماء يفسده
إن سال طاب وإن لم يجر لم يطبِ
الأُسْدُ لولا فراق الغاب ما قنصت
والسهم لولا فراق القوس لم يُصبِ
والشمس لو وقفت في الفلك دائمة
لملها الناس من عجم ومن عربِ
والبدر لولا أفول منه ما نظرت
إليه في كل حين عين مرتقبِ
والتبر كالترب ملقى في أماكنه
والعود في أرضه نوع من الحطبِ
فإن تغرَّب هذا عز مطلبه
وإن أقام فلا يعلو على رتبِ
وقال:
الكحل نوع من الأحجار منطرحاً
في أرضه كالثرى يُذرى على الطرق
لما تغرَّب نال العز أجمعه
فصار يُحمل بين الجفن والحَدَقِ
ولكن العاقل من يتعظ بسفره، ويجعل سياحته تقربه لربه، وتزيد من إيمانه ومعرفته وثقافته ولما أراد أعداء ابن تيمية طرده من بلاده، قال «ما ينقم مني أعدائي أنا جنتي في صدري قتلي شهادة، وتسفيري سياحة، وسجني خلوة»"
والسفر ليس ترفية لأنه قطعة من العذاب كما يقال ولو كان ترفيه أى راحة ما أمرنا الله كمسافرين بالفطر فى رمضان فقال :
" فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر"
وتحدث عن اظهار رحمة الإسلام فقال :
" الهدف الثاني: إظهار سماحة الإسلام:
قد يظن ظان أن الترفيه يعارض الدين الإسلامي، وقد أعلنها رسول البشرية (ص)حين قال لبعض الغلاة: «لا رهبانية في الإسلام»؛ ولذا فإن إظهار الترفيه المباح لإعلام الآخرين بسماحة الدين وواقعيته أمر مطلوب ومشروع، ودليل ذلك ما ثبت في المسند من حديث عائشة أن النبي (ص)لما أذن لعائشة باللعب بالبنات مع صواحبها، قال: «لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني بُعثت بحنيفية سمحة» وقد فهم السلف من الصحابة ومن تبعهم هذا المقصد؛ فقد قال أحد السلف لأصحابه ليبين لهم هذه السماحة: «كان أصحاب رسول الله (ص)يتبادحون بالبطيخ؛ فإذا كانت الحقائق كانوا هُمُ الرجال»"
السماحة أى الفسحة مطلوبة وحكاية قذف القوم بعضهم بالبطيخ محرمة لأنها نوع من التبذير فى المال كما قال تعالى :
" ولا تبذر تبذيرا"
فالبطيخ للأكل وليس للتقاذف به ولو قال التقاذف بقشر البطيخ لكان أمرا مقبولا نوعا ما
وتحدث عن تفريح الصغار فقال :
"الهدف الثالث: إسعاد الصغار:
إسعاد الصغار أمر مطلوب حيث كان النبي (ص)يتحراه ويقصده؛ لأن الصغار هُمْ بهجة الدنيا وإسعادهم يملأ الأجواء سعادة وفرحاً ومما يدل على الحرص على هذا الأمر ما ثبت عن أبي هريرة قال كان رسول الله (ص)إذا أتى الثمر أُتي به فيقول: (اللهم بارك لنا في مدينتنا، وفي مدنا، وفي صاعنا بركة مع بركة)، ثم يعطيه أصغر من بحضرته من الولدان وهذه الهدية الصغيرة لها أثر عميق في نفس الصغير لا ينساه ما عاش
ومن ذلك إردافهم على الدابة؛ فقد قال عبد الله بن جعفر : «كان رسول الله (ص)إذا قدم من سفر تُلُقِّيَ بالصبيان من أهل بيته قال: وإنه قدم مرة من سفره فسيق بي إليه فحملني بين يديه، ثم جيء بأحد ابنيْ فاطمة؛ إما حسن، وإما حسين فأردفه خلفه، قال: فدخلنا المدينة ثلاثة على دابة» وقال ابن عباس لما قدم رسول الله (ص)مكة استقبله أغيلمة بني عبدالمطلب فحمل واحداً بين يديه، وآخر خلفه
ومن إسعاد الصغار تفريحهم بالمال؛ فقد مَرّ ابن عمر في طريق فرأى صبياناً يلعبون فأعطاهم درهمين
ومما يفرح الصبي حمله والإنشاد له؛ فعن عقبة بن الحارث قال: رأيت أبا بكر يحمل الحسن بن علي، ويقول:
بأبي شبيه بالنبي
ليس شبيهاً بعلي
وعلي معه يتبسم قال الحافظ في الفتح: وكان عمر الحسن إذ ذاك سبع سنين
وعن عروة بن الزبير قال: كان أبي ينقزني ويقول:
أبيض من آل عتيقِ
مبارك من ولد الصديقِ
ألذه كما ألذ ريقي
وكان العباس يرقص قثم، ويقول:
يا قثم يا قثم
يا ذا الأنف الأشم
يا شبه ذي الكرم
وكانت أم الفضل بن عباس ترقصه وتقول:
ثكلت نفسي وثكلت بكري
إن لم يسد قهراً أو عين قهري
بالحسب العز وبذل الوفر
وقال الشعبي: كانت قريش تحب عثمان بن عفان حتى إن المرأة كانت ترقص ابنها وتقول:
أحبك والرحمن
حب قريش عثمان"
والتعامل مع الأطفال ليس طوال الوقت اسعادهم لأن طلباتهم أحيانا ما تجلب لهم الحزن والبكاء سواء نفذت طلباتهم أو لم تنفذ كمن يريد مسك النار أو اللعب فى الكهرباء ففى كلا الحالين سيحزن الطفل
وتحدث عن تقوية العضلات فقال :
"الهدف الرابع: التنمية العضلية:
من أفضل الوسائل الترفيهية ما يفيد البدن وينشطه؛ لأنه ثبت في الحديث أن النبي (ص)قال: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير» والصغير كثير الحركة واللهو، والمطلوب من الكبار أن يتنزلوا لهم ليسعدوا؛ ولأن في حركتهم تنمية لقواهم العضلية؛ فعن أبي هريرة : «أنه صلى مع رسول الله (ص)العشاء؛ فأخذ الحسن والحسين يركبان على ظهره؛ فلما جلس وضع واحداً على فخذه، والآخر على فخذه الأخرى »، وفي حديث شداد بن الهاد أنه رأى الحسن أو الحسين على ظهر النبي (ص)وهو ساجد فأطال السجود؛ فلما قضيت الصلاة قال الناس: يا رسول الله! إنك سجدت بين ظهراني صلاتك هذه سجدة قد أطلتها؛ فظننا أنه قد حدث أمر، أو أنه يوحى إليك، قال: «فكل ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتحلني؛ فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته»، وعن ابن مسعود قال: «كان النبي (ص)يصلي والحسن والحسين يثبان على ظهره، فيأخذهما الناس فقال: دعوهما بأبي هما وأمي! من أحبني فليحب هذين!»"
هذه الأحاديث باطلة فالمساجد ليست للأطفال وإنما للرجال كما قال تعالى :
"فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له بالغدو والأصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله"
كما أن رؤية المصلين لتلك المشاهد يعنى أنهم لم يكونوا يخشعون فى الصلاة وإنما كانوا يجلسون للفرجة وليس للصلاة نعوذ بالله أن ننسب لهم عدم الخشوع ولو لاحظ القوم أنهم كانوا ظهره وقت السجود لعلم أن المشاهد لم يكن يسجد وإنما كان يترك السجود وينظر من وضعية أخرى وهو ما يدل على عدم سجوده الحقيقى
وقال :
"فهذه الوقائع تدل على أن الإنسان في حال تعامله الجادّ يختلف عن حاله وقت الترفيه؛ فليس التجهّم من الإسلام في شيء، وقد ورد عنه (ص)أنه كان من أفكه الناس مع صبي
ونقل ابن مفلح عن ابن عقيل أنه قال: «والعاقل إن خلا بأطفاله خرج بصورة طفل، ويهجر الجد في ذلك الوقت»
وقد عزل عمر والياً؛ لأنه لا يلاعب أطفاله
والصغار يحبون المنافسة كثيراً، وقد استخدم النبي (ص)الترفيه للصغار عن طريق إجراء السباق بينهم؛ فقد ثبت عن عبد الله بن الحارث قال: كان (ص)يصفُّ عبدَ الله وعبيدَ الله ـ من بني العباس ـ ثم يقول: من سبق إلى كذا فله كذا وكذا، قال: فيستبقون إليه فيقعون على ظهره وصدره فيقبلهم"
وهذا الكلام صحيح المعنى فلابد أن يظهر كل واحد الرحمة لأولاده وأما الحديث التالى :
"والزوجة تحتاج إلى أن تأخذ حظها من الترفيه؛ فقد سابق النبي (ص)عائشة مرة فسبقته، ثم سابقها بعد أن حملت اللحم فسبقها، فقال (ص) «هذه بتلك»"
فهو باطل فلكى تجرى امرأة أو رجل مسافة لابد أن يرفعوا أرجلهم للتسابق وهو ما يناقض قوله تعالى :
"ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن"
كما أن الرسول (ص) لن يعرض نفسه لكشف العورات وكذلك امرأته فى مكان عام
وقال :
"وورد عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها كانت تلعب بالأرجوحة مع صاحباتها قبل دخول النبي (ص)بها
وقد وردت عدة وسائل في النصوص الشرعية؛ مما يحصل به الجمع بين الترفيه والتنمية العضلية والاستعداد العسكري للمجتمع المسلم؛ فمن ذلك:
أولاً: السبق بالأقدام:
تعتبر المسابقة بالأقدام من أقدم أنواع المسابقات وأسهلها وأقلها كلفة، وقد وردت في قصة يوسف أن إخوته قالوا: {إنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ} [يوسف: 17]، قال ابن سعدي في تفسيره: نستبق إما على الأقدام، أو بالرمي والنضال كما أن النبي (ص)استخدم هذا الأسلوب الترفيهي كما في حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها كانت مع النبي (ص)في سفر فسابقته على رجلها فسبقته، قالت: فلما حملت اللحم سابقته فسبقني، فقال: «هذه بتلك»
وبعد غزوة (ذي قرد) سابق سلمة بن الأكوع رجلاً من الأنصار إلى المدينة بإذن النبي (ص)فسبقه سلمة
وعندما قفل النبي (ص)وأصحابه من غزوة تبوك قالت الأنصار: السباق، فقال النبي (ص) إن شئتم
وسابق ابن الزبير عمر بن الخطاب فسبق ابن الزبير؛ فقال: سبقتك ورب الكعبة، قال عبد الله: ثم سبقني فقال: وسبقتك ورب الكعبة"
تسابق المجاهدين نوع من التدريب على الجهاد وليس ترفيه ويكون فى أماكن ليس بها نساء وأما حديث تسابق النبى(ص) وعائشة فهو حديث باطل
ثم قال :
"ثانياً: المصارعة:
وهذه رياضة نبيلة، لكنها تطلق الآن على رياضة عنيفة لا يقرها دين ولا عقل، وقد ورد في المصارعة أن سمرة بن جندب ورافع بن خديج تصارعاً بين يدي النبي (ص)يوم أحد ليتبين الأقوى فينال شرف الجهاد
وحديث ركانة بن عبد يزيد قال: كنت أنا والنبي (ص)في غُنَيْمة لأبي طالب نرعاها في أول ما رأى؛ إذ قال لي ذات يوم: هل لك أن تصارعني؟ قلت له: أنت؟ قال: أنا، فقلت: على ماذا؟ قال: على شاة من الغنم، فصارعته فصرعني» وقد أفادت هذه المصارعة إسلام ركانة؛ لأنه علم أن النبي (ص)مُعان من الله تعالى وردَّ عليه النبي (ص)غُنيمته"
وممارسة المصارعة كنوع من التدريب على الجهاد ليس ترفيها وإنما هو نوع من طاعة قوله تعالى :
" واعدوا لهم ما استطعتم من قوة "
ثم قال :
"ثالثاً: الغطس:
وهذه الوسيلة الترفيهية رياضة جماعية، وفيها فائدة تمرين الصدر والرئتين على الحصول على كمية أكبر من الهواء مع التكرار والصبر؛ ولذا نلاحظ أن الغواص المحترف يمكث تحت الماء مدة أطول من غيره لتمرّن رئتيه على ذلك، وقد ورد في هذا النوع من المسابقات أن عمر بن الخطاب مَرّ بساحل البحر وهو محرم، فقال لابن عباس: تعالَ أباقيك في الماء أينا أطول نَفَساً؟ قال ابن عباس: ونحن محرمون وجاء عن ابن عمر أن عاصم بن عمر وعبد الرحمن بن زيد وقعا في البحر يتمالقان (يتغاطسان) يغيِّب أحدهما رأس صاحبه وعمر ينظر إليهما، فلم ينكر ذلك عليهما"
هذا أيضا نوع من طاعة الله بالتدريب على الجهاد اعدادا لقوة الحرب ثم قال :
"رابعاً: السباحة:
وهي من أفضل وسائل الترفيه وأنفعها للبدن والنفس، وقد جاءت النصوص النبوية بمدح هذه الوسيلة، واستحباب تعلمها وتعليمها؛ لأنها قد تكون وسيلة لإنقاذ النفس، ومن طريف ما يُذكر أن نحوياً صعد سفينة فسمع ربانها يصيح بأعلى صوته: ارفعوا الشراعُ يا أيها البحارة! فقال النحوي للربان: ألا تعرف النحو؟ قال: لا، فقال النحوي: فاتك نصف عمرك! فهبَّت عاصفة هزت السفينة حتى ارتفعت الأمواج وتلاطمت؛ فقال الربان للنحوي: أتعرف السباحة؟ قال: لا؛ فقال الربان: فَاتَك عمرك كله!
ومما ورد في فضل السباحة ممارسة وتعلماً وتعليماً حديث جابر أن النبي (ص)قال: «كل شيء ليس من ذكر الله فهو لهو أو سهو غير أربع خصال: تأديب الرجل فرسه وملاعبته أهله ورميه بين الغرضين، وتعليم السباحة»
وكتب عمر إلى أبي عبيدة «أن علموا غلمانكم العوم ومقاتلتكم الرمي» وليعلم أن معرفة السباحة غاية في الأهمية؛ ولذا أوصى الحجاج مؤدب بنيه بقوله: «علمهم السباحة قبل الكتابة؛ فإنهم يجدون من يكتب عنهم ولا يجدون من يسبح عنهم»"
وتعلم السباحة نوع من اعداد القوة البدنية للمحاربين المجاهدين وغيرهم لانقاذ الناس من الغرق
ثم تحدث عن الفروسية فقال :
"خامساً: الفروسية:
وهي رياضة النبلاء والقادة؛ لأنها تدل على شجاعة وثبات ورباطة جأش وقوة عزيمة، ولقد حث الشرع على أن يكون الترفيه البدني معيناً على الاستعداد العسكري للجهاد، وأجاز بذل العوض فيه، والأصل في ذلك حديث أبي هريرة عن النبي (ص)قال: «لا سَبْقَ إلا في خف أو حافر أو نصل» وحديث ابن عمر أن النبي (ص)«سبَّق بين الخيل وراهن» وفي لفظ: «سبق بين الخيل وأعطى السابق» وأصل الحديث في مسلم بلفظ: «أن النبي (ص)سابق بالخيل» دون ذكر الرهن وتعليم الفرس وتأديبها من وسائل ذلك لحديث جابر أن النبي (ص)قال: «كل شيء ليس من ذكر الله فهو لهو أو سهو غير أربع خصال: تأديب الرجل فرسه، وملاعبته أهله، ورميه بين الغرضين، وتعليم السباحة»"
والخطأ وجود نبلاء فى الإسلام فلا وجود لنبلاء من المسلمين لأنهم كلهم نبلاء وأما وجود مجموعة منهم نبلاء فهو كفر وعودة للتفرقة بين المؤمنين وهو لا يجوز لقوله تعالى :
" إنما المؤمنون اخوة"
وأما السباق على شىء فهو أمحرم لأنه أكل لأموال الناس بالباطل فيجوز التسابق كنوع من التدريب ولكن بدون أى جائزة
وتحدث عن سباقات الإبل فقال :
" سادساً: السباق على الإبل:
من وسائل الترفيه عند العرب السباق على الإبل التي هي سفينتهم التي يعبرون بها الفيافي والقفار، وقد كان أغنياء العرب يتنافسون في اقتناء الإبل الأصيلة السريعة الصبورة، وإجراء المسابقات بين الإبل أمر شائع في العهد النبوي، ففي البخاري عن أنس قال: «كانت لرسول الله (ص)ناقة تسمى العضباء لا تُسبق» وكان الصحابة يسابقون على الخيل والركاب وعلى أقدامهم"
وتنظيم السباقات بين الحيوانات دون قصد التدريب على الجهاد هو أمر محرم لأنه تضييع لأوقات المسلمين فى غير طاعة الله
وتحدث عن ممارسة الرمى فقال :
"سابعاً: الرمي:
من أجمل وأمتع وسائل الترفيه الرمي بالسلاح للتمرين على الإصابة والدقة؛ فقد ثبت في صحيح مسلم عن عقبة بن عامر أنه سمع رسول الله (ص)وهو على المنبر يقول: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} [الأنفال: 60] ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي» وخرج النبي (ص)على قوم مِن أسلم يتناضلون بالسوق فقال: «ارموا بني إسماعيل! فإن أباكم كان رامياً»
بل حذر النبي (ص)من نسيان الرمي؛ حيث قال: «من تعلم الرمي ثم نسيه فليس منا»
ولذا حرصوا على هذا الأمر، حيث كانوا يتواصون به، فكتب عمر إلى أبي عبيدة «أن علموا غلمانكم العوم ومقاتِلَتَكم الرمي»
وقال سعد بن أبي وقاص : «عليكم بالرمي؛ فإنه خير لَهْوِكُم»
وفي مجمع الزوائد أن أنساً كان يجلس ويُطرح له فراش ويجلس عليه ويرمي ولده بين يديه، فخرج يوماً وهم يرمون فقال: يا بنيَّ! بئس ما ترمون، ثم أخذ القوس فرمى؛ فما أخطأ القرطاس»"
والرمى هو إعداد للمجاهدين على الجهاد من خلال اصابة الأهداف ولا يمكن تسميته لهو إلا إذا كان مسابقة على جائزة
وتحدث عن اللعب بالسلاح فقال :
"ثامنا: اللعب بالسلاح:
واللعب بالسلاح يشبه إلى حد كبير رقصة الحرب، ووقتها في العادة قبل المعارك وفي الأعياد ونحوها، ومشاهدة هذا اللعب وممارسته أمر مباح، ودليل ذلك حديث عائشة، في إذن النبي (ص)لها برؤية الحبشة وهم يلعبون بالحراب في المسجد"
والحديث باطل لأن المسجد ليس للعب وإنما لذكر الله كما قال تعالى :
"فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له بالغدو والأصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله"
ولا يمكن أن يسمح النبى(ص) لزوجته بمشاهدة رجال أغراب مع وجوب غض البصر
وتحدث عن الهدف التالة وهو غزالة القلق فقال:
"الهدف الخامس: التهيئة النفسية وإزالة التوتر:
من حكمة الشارع أنه شرع للإنسان في حال توتره وخوفه بعض الوسائل الترفيهية لإزالة ذلك، ومن أصعب المواقف ليلة زفة العروس إلى زوجها؛ إذ كل طرف يصيبه توجس وقلق من الموقف، وقد يصيبه خوف من الإخفاق؛ فشرع الضرب بالدف، وذكر الأناشيد التي تؤدي الغرض ومثل ذلك وقت الحرب والختان ونحوها كما ورد في السنة النشيد وقت العمل الشاق، كمثل ما حدث في حفر الخندق، وفي السفر، ونحو ذلك
جواز الغناء واستعمال الدف في وليمة العرس:
ورد في السنة جواز ذلك:
أولاً: حديث عائشة أنها زفت امرأةً إلى رجل من الأنصار فقال نبي الله (ص) يا عائشة! ما كان معكم لهو؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو»
ثانياً: حديث عائشة أن يتيمة تزوجت رجلاً من الأنصار، وكانت عائشة فيمن أهداها إلى زوجها، قالت: فسلمنا ودعونا بالبركة، ثم انصرفنا، فقال (ص) إن الأنصار قوم فيهم غزل، ألا قلتم يا عائشة: أتيناكم أتيناكم، فحيانا وحياكم» وفيه دليل على جواز الغزل غير الفاحش عند زفاف المرأة إلى زوجها والحكمة في ذلك إعلان النكاح
ثالثاً: حديث عامر البجلي قال: دخلت على قرظة بن كعب، وأبي مسعود ـ قال الراوي عنه: وذكر ثالثاً ذهب عليَّ ـ وجوارٍ يضربن بالدف ويغنين، فقلت: تقرون على هذا وأنتم أصحاب رسول (ص) قالوا: إنه قد رخص لنا في العرسات، وفي البكاء على الميت من غير نياحة»
حكم الدف والغناء في العرس:
قال أحمد: يستحب أن يُظهر النكاح، ويُضرب عليه بالدف، حتى يشتهر ويُعرف وقال أيضاً: لا بأس بالغزل في العرس كقول النبي (ص)للأنصار: «أتيناكم أتيناكم»
وأما الدف للرجال فقد قال المرداوي: ظاهر قوله ـ أي صاحب المقنع ـ والضرب عليه بالدف، أنه سواء كان الضارب رجلاً أو امرأة، قال في الفروع وظاهر نصوصه، وكلام الأصحاب التسوية
وقال صاحب الشرح: وإنما يستحب الضرب بالدف للنساء ذكره شيخنا وأما الطبل فقال أحمد: وأكره الطبل، وهو المنكر، وهو: الكوبة التي نهى عنها النبي (ص)"
والغناء بكلام طيب مباح وكذلك الضرب والعزف المصاحب له للتشجيع على الطاعة والكلام عن الأعراس هنا ليس ترفا وإنما هو تشجيعفقال وتعليم للعروسين على طاعة الله بالجماع وحسن التعامل
وتحدث عن الهدف السادس وهو التشجيع فقال:
"الهدف السادس: التشجيع:
إقامة الحفلات الترفيهية المباحة سبيل إلى تشجيع المحسن، سواء أكان كبيراً أم صغيراً، وقد ورد مثل هذه الحفلات عن بعض من سلف؛ فمن الأساليب التي تحبب العلم إلى الصغار الاحتفال بهم، بوضع حفلة ترفيهية مفرحة قال أبو خبيب الكرابيسي: كان معنا ابن لأيوب السختياني في الكُتَّاب فحذق الصبي، فأتينا منزلهم فوُضِع له منبر، فخطب عليه، ونهبوا علينا الجوز، وأيوب قائم على الباب، يقول لنا: ادخلوا، وهو خاص لنا"
التشجيع على طاعة الله وليس على أى شىء أخر فالتشجيع لا يكون بالجوائز لأن تعليم خاطىء لأنه يجعل الطفل يطلب الثواب الدنيوى والمطلوب أن يعمل حرصا على ثواب الآخرة
وحدثنا عن تنمية الروح الابتكارية والتخيلية فقال :"
" الهدف السابع: تنمية الروح الابتكارية والتخيلية:
من أهداف الترفيه: التعليم والابتكار، وقد توالت الدعوات في الدراسات التربوية الحديثة إلى توسيع أسلوب التعليم بالترفيه وقد كان من العادات التي أقرها الشرع استعمال الدمى للصغيرات؛ فقد ورد عن عائشة أنه كان لها فرس، له جناحان وفي الصحيحين عنها قالت: «كنت ألعب بالبنات عند النبي (ص) وكان لي صواحب يلعبن معي، فكان رسول الله (ص)إذا دخل ينقمعن منه فيُسَرِّبُهن إليَّ فيلعبن معي» قال النووي: قال القاضي: فيه جواز اللعب بهن، وهن مخصوصات من الصور المنهي عنها لهذا الحديث، ولما فيه من تدريب النساء في صغرهن لأمر أنفسهن وبيوتهن وأولادهن، وقد أجاز العلماء بيعهن وشراءهن ثم قال: ومذهب جمهور العلماء جواز اللعب بهن وقال ابن حجر نحو هذا الكلام وأضاف: جزم القاضي عياض بتخصيص لعب البنات من عموم النهي، ونقله عن الجمهور وقال الشيخ ابن عثيمين ـ: «إن كانت لعب الأطفال المجسمة كخلق الإنسان فاجتنابها أوْلى، ولكن لا أقطع بالتحريم؛ لأن الصغار يرخص لهم ما لا يرخص للكبار في مثل هذه الأمور؛ فإن الصغير مجبول على اللعب والتسلي وليس مكلفاً بشيء من العبادات حتى نقول: إن وقته يضيع عليه لهواً وعبثاً»
ومن الأساليب الترفيهية التي تنمي الروح الابتكارية لعب الصغار بالتراب النظيف، وذكر البيهقي باباً فيما ورد من لعب الصبيان بالتراب
ومن الترفيه المحبب إلى نفوس الصغار اقتناء الحيوانات والطيور الأليفة وملاعبتها بما لا يؤذيها فقد ذكر العلماء أنه يجوز لعب الأطفال ببعض الحيوانات والطيور؛ إذ لم يكن فيه أذى لها؛ ففي الصحيحين عن أنس أن النبي (ص)قال لأخ لأنس : «يا أبا عمير! ما فعل النغير؟» وقد ذكر العلماء في فوائده: جواز لعب الصغير بالطير، وجواز ترك الأبوين ولدهما الصغير يلعب بما أبيح له اللعب به، وجواز إنفاق المال فيما يتلهى به الصغير من المباحات، وجواز إمساك الطير في القفص ما دام يطعمه ويسقيه، وأشار بعض أهل العلم إلى جواز قص جناح الطير حتى لا يطير وقد جاء عن أبي هريرة أنه كني بهرة كان يحملها معه ويلاعبها
ومما يقود إلى التعلم بأسلوب ترويحي وترفيهي استعمال المسابقات العلمية؛ وذلك بطرح المسألة على الحاضرين ليعرف الأحذق والأعلم فيجيب، والأصل في جوازه حديث ابن عمر أن النبي (ص)قال: «إن من الشجر شجرة لا يعضد شوكها ولا يتحات ورقها، وإنها مثل المؤمن فخاض الناس في شجر البوادي ووقع في نفسي أنها النخلة»"
وهذا الكلام ليس ترفيه وإنما تعليم والكثير من الأحاديث المذكورة باطلة كحديث اللعب بالحيوانات فالحيوانات ليست مخلوقة لكى يلعب بها الأطفال وإنما الجائز تدريس تكوينها ومنافعها لهم من خلال المشاهدة والإمساك بها للحظات لفحصها ثم تركها