قراءة في كتاب النسخ في القرآن بين المؤيدين والمعارضين
مؤلف الكتاب محمد الناصري من اهل المغرب وهو يدور حول وجود النسخ من عدمه في القرآن وفى التمهيد قال الناصرى:
"تمهيد ...
القرآن الكريم كلمة الله وهدايته الأخيرة لإرشاد الخلق إلى طريق الحق، ومعجزة الإسلام الخالدة التي لا يزيدها التقدم العلمي إلا رسوخا في الإعجاز ... ولا عجب والقرآن كذلك، أن حظي بعناية فائقة واهتمام بالغ من لدن علماء الأمة سلفا وخلفا.
ومن مظاهر عناية علماء الأمة بالقرآن الكريم: إقبالهم على حفظ ألفاظه، وتفسير معانيه، وتأليف المؤلفات العديدة حوله، التي ضمت علوما جليلة لكشف كنوزه التي لا تنقضي."
واستدل الناصرى على أهمية النسخ بالرواية التى ذكرها بقوله:
"ومن أعظم علوم القرآن، التي اجتهد علماء الأمة في وضع قواعد لها: علم الناسخ والمنسوخ، العلم الذي أجمعت الأمة على أن معرفته "أكيدة وفائدته عظيمة، لا يستغني عن معرفته العلماء، ولا ينكره إلا الجهلة الأغبياء، لما يترتب عليه من النوازل في الأحكام، ومعرفة الحلال من الحرام، روى أبو البختري قال:"دخل علي المسجد فإذا رجل يخوف الناس، فقال: ما هذا؟، قالوا: رجل يذكر الناس، فقال: ليس برجل يذكر الناس! لكنه يقول: أنا فلان ابن فلان فاعرفوني، فأرسل إليه فقال: أتعرف الناسخ من المنسوخ؟! فقال: لا، قال: فاخرج من مسجدنا ولا تذكر فيه وفي رواية أخرى أتعرف الناسخ والمنسوخ؟ قال: لا، قال: هلكت وأهلكت! ومثله عن ابن عباس""
والحديث باطل والخطأ فيه هو السماح باستخدام المسجد لتخويف الناس بينما الواجب هو أن المسج بنى بذكر اسم الله وهو وحيه كما قال تعالى :
" في بيوت اذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه "
وتحدث عن فائدة علم النسخ فقال :
"ولأهمية العلم الكبيرة -هاته- "اهتم العلماء بدراسة النسخ في القرآن الكريم، وصنفوا فيه، وأفردوا له مؤلفات خاصة، وكشفوا النقاب عن مواطنه، وأزالوا الشبهات التي أحيطت بموضوع النسخ، ومن أبرز من ألف في النسخ كل من: ابن الجوزي الفقيه الحنبلي المتوفى سنة (597 هـ) في كتابه "أخبار الرسوخ بمقدار الناسخ والمنسوخ"، وهو مطبوع مع كتاب مراتب المدلسين لابن حجر، وأبي جعفر النحاس محمد بن أحمد المرادي المتوفى سنة (338 هـ) في كتابه، الناسخ والمنسوخ "وهو مطبوع بهامش كتاب "أسباب النزول "للواحيدي، ومكي بن أبي طالب القيسي المتوفى سنة (313 هـ) في كتابه "الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه " وكتاب "الإيجاز في ناسخ القرآن ومنسوخه" وكتب في الناسخ والمنسوخ كل من قتادة بن دعامة من تابعي البشرة، وأبي عبيد القاسم بن سلام، وأبي داود السجستاني، وأبي بكر ابن الأنباري، وأبي بكر بن العربي المعافري .. "
وبعد أن ذكر تاريخ بعض الناسخ والمنسوخ في التاريخ عرف النسح من خلال اللغة والمصطلح فقال :
"النسخ ... الدلالة اللغوية والشرعية
"يذكر اللغويون لمادة النسخ عدة معان تدور بين النقل، والإبطال، والإزالة، فيقولون نسخ زيد الكتاب إذا نقله عن معارضة [مقابلة]، ونسخ النحل إذا نقله من خلية إلى أخرى، ويقولون: نسخ الشيب الشباب إذا أزاله وحل محله، ويقولون: نسخت الريح آثار القوم إذا أبطلتها.
وأمام هذه المعاني المتعددة للمادة، نراهم يختلفون في أيها هو المعنى الحقيقي، وأيها مجاز له، ثم يتجاوز هذا الخلاف دائرتهم إلى الأصوليين والمؤلفين في الناسخ والمنسوخ، حين ينقلون عنهم ... "
ورجح الناصرى أن معنى النسخ هو الإزالة فقال :
"والراجح أن مادة النسخ وضعت لتدل على معنى الإزالة "فالإزالة هي المعنى الحقيقي لمادة النسخ في القرآن كما يدل على ذلك استعمال القرآن نفسه لمادة النسخ، إذ نلحظ أنه (أي القرآن الكريم) مع استعماله للمادة في معنى النقل، يكاد يحكم بأن الإزالة هي معناها الحقيقي: بيان ذلك أنه عبر عن جواز النسخ في ثلاث آيات، فاستعمل مادته في أولها، واستعمل في الثانية مادة المحو والإثبات، وفي الثالثة مادة التبديل، وكل ذلك حيث يقول:
"ما ننسخ من آية أو ننسها بخير منها أو مثلها"
"يمحو الله ما يشاء ويثبت، وعنده أم الكتاب"
"وإذا بدلنا آية مكان آية"
والذي يبدو لنا أن التعبير عن النسخ بالمحو والإثبات في آية، وبالتبديل في آية آخرى .... يوحي بأن مثلهما في إفادة معنى الإزالة، فالإزالة هي معناه الحقيقي إذن"
وأما النسخ بمعنى المحو النهائى من كتاب الله فلا دليل عليه بدليل وجود الأحكام الناسخة والمنسوخة فيه كما أن آية تبديل آية مكان آية واضحة في استبدال الحكم فقط
وبعد ذلك انتقل الرجل إلى اختلاف القوم في معانى النسخ فقال :
"وإذا انتقلنا إلى البحث عن حقيقة النسخ الشرعية، بعد أن تبينا حقيقته ومجازه لغة، فإن ما نسجله كملاحظة أولى هو: اختلاف علماء الأصول في تعريف النسخ شرعا، تبعا لاختلافهم في تحديد معناه لغة.
وهكذا "نجد من الأصوليين من يعرفه بأنه بيان انتهاء مدة التعبد مع التراضي، ومن يعرفه بأنه الخطاب الدال على ارتفاع الحكم الثابت بالخطاب المتقدم، ومن يعرفه بأنه اللفظ الدال على ظهور انتفاء شرط دوام الحكم الأول، ومن يعرفه فيقول: هو أن يرد دليل شرعي متراخيا عن دليل شرعي مقتضيا خلاف حكمه ومن يذهب في تعريفه إلى أنه رفع تعلق مطلق بحكم شرعي ابتداء، ومن يضطرب فيحاول الجمع بين عدة اتجاهات في تعريفه، ومن يستوحي القرآن والسنة وكلام المتقدمين فيعرفه، بأنه رفع حكم شرعي بدليل شرعي متأخر".
وحدثنا الناصرى عن حكم الحكم الراجح عند العلماء وهو بقاء الحكمين في كتاب الله مع نسح أحدهما للأخر وهو قوله:
"والتعريف الأخير للنسخ -والذي مفاده بأنه رفع حكم شرعي بدليل شرعي متأخر- هو الراجح عند جمهور العلماء، لأنه "تعريف واضح بسيط لا غموض فيه ولا تعقيد، وأنه يعود بالنسخ إلى مدلوله الأول، فيربط بينه وبين معناه اللغوي برباط وثيق، ويستمد القرآن الكريم والسنة المطهرة، ولغة الصحابة والتابعين حقيقته الشرعية كما أنه تعريف جامع مانع لا يحمل نوعا من النسخ، ولا يسمح بدخول ما ليس بنسخ في نطاق النسخ كما حده، بالإضافة إلى أنه يعرفه على أنه هو فعل الشارع، وهذه هي حقيقته، والشارع وحده هو الذي يملك سلطة تقريره والقول به فيما شاء من أحكامه"
إنها ملاحظات تجعل من تعريفنا هو الراجح "والجائز عند جمهور علماء الأمة" "
وتحدث عن أنواع النسخ فقال:
"النسخ ... حكمه ... دليله ... أنواعه
والنسخ -بمعناه الراجح- جائز عقلا وواقع شرعا في الشريعة الواحدة وبين الشرائع، حيث إن شريعتنا ناسخة لما قبلها، وهو قول الجمهور.
وبناء على هذا القول، أمكن تقسيم النسخ إلى قسمين:
النسخ الكلي: وهو النسخ الواقع بين الشرائع السماوية، فكل شريعة متأخرة زمنيا، تأتي أحكامها ناسخة لبعض أحكام الشريعة التي سبقتها، فمثلا شريعة عيسى ناسخة لشريعة موسى، وشريعة محمد صلى الله عليه وسلم ناسخة لشريعة عيسى وبذلك تعتبر شريعة محمد ناسخة لما قبلها من الشرائع، فلا عمل بما في شريعة سابقة إلا ما وافق الشريعة الخاتمة الخالدة.
ولا يوجد مسلم ينكر هذه الحقيقة، إذ لا نعلم أحدا من المسلمين أنكر نسخ شريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لجميع ما سبقها من شرائع، إلا ما ادعى على أبي مسلم الأصفهاني، وهذا من التحامل عليه، فإنه إنما أنكر النسخ الجزئي في الشريعة الإسلامية لا النسخ الكلي، وكلامه منصب على إنكار النسخ في القرآن على وجه الخصوص"
مما سبق نجد تناقضا في كلام الناصرى فمرة يقول بالنسخ الكلى للشرائع السابقة في قوله" وبذلك تعتبر شريعة محمد ناسخة لما قبلها من الشرائع" ومرة يقول أنها لا تنسخها كليا وإنما تنسخ جزء صغير منها بقوله" فكل شريعة متأخرة زمنيا، تأتي أحكامها ناسخة لبعض أحكام الشريعة التي سبقتها"
فالرسالات وهى الشرائع الإلهية أكثر من99.9% منها ثابتة وعدد قليل يعد على أصابه اليد هو المنسوخ
وتحدث عما سماه النسخ الجزئى فقال :
"النسخ الجزئي: وهو النسخ الواقع في الشريعة الواحدة، كأن يكون في الشريعة الواحدة حكم جاء مخالفا لحكم سابق عليه، ولا يمكن الجمع بينهما بتأويل مقبول، فيكون الثاني حتما ناسخا للأول ...
ويجمع جمهرة علماء المسلمين على جواز وقوع النسخ الجزئي في القرآن الكريم، بل يقرون بنسخ بعضه مستدلين بما يلي:
أولا: قوله تعالى:"ما ننسخ من آية او ننسها بخير منها أو مثلها"
ثانيا: قوله تعالى:"يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب"
ثالثا: قوله تعالى:"وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل"
رابعا: قوله تعالى:"فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم" ووجه الدلالة فيها أنها تفيد تحريم ما أحل من قبل وما ذلك إلا نسخ، وكلمة "أحلت لهم" يفهم منها أن الحكم الأول كان حكما شرعيا لا براءة أصلية.
خامسا: أن سلف الأمة أجمعوا على أن النسخ وقع في الشريعة الإسلامية، كما وقع بها.
سادسا: أن في القرآن آيات كثيرة نسخت أحكامها" "
ومما سبق يتبين وقوع النسخ في القرآن وهو نسخ بمعنى أن الحياة في مجتمع الكفار كالمرحلة المكية تحتاج لأحكام غير أحكام الحياة في مجتمع مسلم كالمرحلة المدنية ومن ثم فبعض تلك الأحكام في مرحلة الحياة في مجتمع كفر يتم الغاء طاعتها ويتم تنفيذ طاعة أحكام الحياة في المجتمع المسلم وما صلح للطاعة من أحكام المجتمع الكافر
ولكن في حالة ضياع دولة المسلمين والعودة للحياة في مجتمع كافر يتم العودة لأحكام مرحلة الحياة في مجتمع كافر وتبغى أحكام الحياة في مجتمع مسلم
ومن ثم فالأحكام دائرة حسب كيفية حياة الإنسان
وتحدث عن أنواع النسخ في القرآن فقال :
"وتبعا لذلك نوع القائلون بالنسخ في القرآن النسخ إلى أنواع ثلاثة:
الأول: نسخ التلاوة والحكم معا.
الثاني: نسخ الحكم دون التلاوة.
الثالث: نسخ التلاوة دون الحكم. "
وهذا التقسيم لا دليل عليه فلا يوجد محو للتلاوة والحكم معا فكل الأحكام من النوعين موجودة في كتاب الله
وتحدث عن حكم النسخ فقال :
"وفوق ما أسلفنا، نجد أن النسخ كما يشير القرآن الكريم لا يخلو من حكمة، وليس فيه شيء من العبث في كثير أو قليل.
إن الله عز وجل يقول في آية البقرة:"ما ننسخ من آية أو ننسها بخير منها أو مثلها" فالحكم الناسخ إذن قد يكون خيرا من الحكم المنسوخ، وقد يكون مثله، ذلك أنه قد يكون أخف منه، ومصدر الخيرية فيه - حين يكون كذلك- أنه أيسر في العمل، وقد يكون أشق منه، ومصدر الخيرية فيه- إن كان من هذا النوع- أنه أعظم مثوبة، وأكثرا أجرا، وقد يكون هو والمنسوخ متماثلين في السهولة أو المشقة، وفي مقدار الأجر، فليس أحدهما أيسر أداء ولا أعظم أجرا، ولكن أسبقهما استنفذ الغاية من شرعه، وأصبح الثاني هو الذي تقتضيه المصلحة، ويتطلبه المجتمع في وضعه الذي تطور إليه ...
وهذه الحكم، وغيرها مما لا نعلمه، تشير إليها كذلك آية النحل، حيث يعقب على تبديل آية مكان آية قائلة "والله أعلم بما ينزل" ثم يقول في الرد على الذين اتهموا الرسول نتيجة للتبديل "بل أكثرهم لا يعلمون""
ومن ثم فسمة الناسخ أنه أفضل أى أحسن من المنسوخ وحكمة النسخ وهو تبديل الحكم هو الإتيان بأفضل أو مثيل للحكم السابق
وتعرض الناصرى لموقف الرافضون لوجود النسخ في كتاب الله فقال :
"الرافضون ... لوقوع النسخ في القرآن
بهذا العرض نكون قد فصلنا القول في موقف الجمهور من النسخ. لكن أليس القول بالنسخ، إخلالا بإطلاقية القرآن وإحكامه وحسن تفصيله؟ أليس في القول بالنسخ تعارضا مع قوله تعالى "كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير" "وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد" ؟ أليس في القول بالنسخ إقرارا باختلاف القرآن وتناقض آياته، وهو المحال في حقه، مصداقا لقوله تعالى "ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا" ؟ "ألم يحكم القرآن بخلود آياته، ويقر بأن خطابه خطاب عالمي إنساني شامل نزل ليرسم الطريق الصحيح للبشرية ويعالج مشكلاتها، ويضع حلولا لها في كل زمان ومكان، فكيف يمكن والحالة هذه أن نعمل بعض الآيات ونعطل بعضا بسبب القول بالنسخ"
إنها أسئلة تعبر إلى حد بعيد عن موقف الرافضين لوقوع النسخ في القرآن.
ويمثل هذا الاتجاه قديما:"أبو مسلم الأصفهاني محمد بن بحر المتوفى سنة 322 هـ حيث أنكر أن يكون في القرآن آيات منسوخة، واستدل لهذا الإنكار بآية رأى أنها تعضده
وتدعمه، وهذه الآية هي قوله تعالى في وصف القرآن الكريم "لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه"
ومن أنصار هذا الاتجاه حديثا محمد الغزالي، إذ اعتبر القول بالنسخ في القرآن أمرا باطلا، يقول:"فقصة النسخ أو الحكم بتحنيط بعض الآيات، فهي موجودة ولكن لا تعمل، هذا باطل، وليس في القرآن أبدا آية يمكن أن يقال إنها عطلت عن العمل وحكم عليها بالموت ... هذا باطل ... كل آية يمكن أن تعمل لكن الحكيم العليم هو الذي يعرف الظروف التي يمكن أن تعمل فيها الآية. وبذلك توزع آيات القرآن على أحوال البشر بالحكمة والموعظة الحسنة"
ويضيف الغزالي قائلا:"هل في القرآن آيات معطلة، الأحكام بقيت في المصحف للذكرى والتاريخ -كما يقولون- التماسا للأجر، وينظر إليها كما ينظر إلى التحف الثمينة في دور الآثار؟ غاية ما يرجى منها إثبات المرحلة التي أدتها في الماضي، أما الحاضر والمستقبل فلا شأن لها بهما؟!
ثم يقول الغزالي "من المسلمين من يرون هذا الرأي ... وهم يلجأون إلى هذا الفهم دفعا لما يتوهم من تناقض ظواهر الآي. ونحن لا نميل إلى المسير مع هذا الاتجاه بل لا نرى ضرورة للأخذ به، وسنرى عند التحقيق أن التناقض المتوهم لا محل له، وأن التشريعات النازلة في أمر ما مرتبة ترتيبا دقيقا بحيث تنفرد كل آية بالعمل في المجال المهيأ لها. فإذا ذهب هذا المجال، وجاء غيره تلقفته آية أخرى بتوجيه يناسبه وهكذا، فهل هذا التدرج في التشريع يسمى نسخا؟!!
في نفس الاتجاه يأتي كتاب "تفنيد دعوى النسخ في القرآن الكريم" لمؤلفه "جمال البنا" الذي يقول في معرض تفنيده لدعوى النسخ في القرآن الكريم:"إن القرآن أكثر من ستة آلاف آية لم يجد أنصار النسخ فيها سوى آيتين ادعيا أنهما تجيزان النسخ، ثم قطعوا بوقوعه، وتعاموا عن الآيات العديدة التي تثبت وتؤكد إحكام القرآن.
هاتان الآيتان هما:
في الآية 106 من سورة البقرة "ما ننسخ من آية أو ننسها نات بخير منها أو مثلها" والآية 101 من سورة النحل "وإذا بدلنا آية مكان آية".
وقد اعتبر أنصار النسخ وأخذوها قضية مسلمة أن كلمة "آية" في النصين السابقين والتي يقع عليها النسخ أو التبديل إنما يقصد بها النص القرآني، وبالتالي يكون المعنى نسخ نص قرآني متقدم بنص قرآني آخر متخلف أو متراخي كما يقولون.
وصحيح أننا جميعا نفهم من كلمة "آية" النص القرآني ونقول إن سورة كذا تضم كذا آية ... ونستشهد بالآيات آية آية ونرقمها ... ولكن هذا الفهم منا لهذه الكلمة شيء، والمعنى الذي يعطيه القرآن للكلمة شيء آخر، ولا تجوز لنا عندما نكون بصدد تفسير نص قرآني أن نفرض تعريفنا الخاص على القرآن الكريم، ونطرح تعريف القرآن نفسه والقرآن له مدلوله الخاص لكلمة آية ويكون علينا أن نلتزم بمدلول القرآن.
والقرآن الكريم لا يستخدم كلمة آية بمعنى النص ولكن بمعنى الحجة والدلالة والمعجزة والعلامة التي تثبت النبوات أو تبعث على الإيمان، وإذا أراد القرآن الإشارة إلى النصوص في الكتب المقدسة وما تحويه من توجيهات ثمينة فإنه قد يستخدم كلمة الآيات. ويبدو لنا أن الوجه في هذه التفرقة هو أن المعجزة عادة ما تكون واحدة بينما التوجيهات من تحليل وتحريم وأوامر ونواه إلخ ... تكون عديدة ... وقد ذكرت كلمة آية في القرآن الكريم على ما ذكر المرحوم محمد عبد الباقي في المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم في اثنين وثمانين مرة ومن هذا الاستقصاء لكلمة آية في القرآن الكريم بأسره نجد أن القرآن لا يستخدم أبدا كلمة آية بمعنى نص أو جملة قرآنية، وإنما يستخدمها كمعجزة أو دلالة أو حجة أو علامة أو برهان على صدق النبوة، وقد تكون هذه الآية الشمس والقمر والليل والنهار والحياة والموت، وقد تكون مائدة عيسى أو عصا موسى أو جسد فرعون أو ناقة صالح، ويؤيد هذا استخدام القرآن تعبير "إن في ذلك لآية" أو "لتكون آية" ومطالبة المشركين بإنزال آية وجعلهم إيمانهم رهنا بذلك، وهي معظم الاستخدامات لكلمة آية في القرآن"
وقد فسر محمد عبده الآية 106 من سورة البقرة بما يؤيد قول البنا، حيث قال:"والمعنى الصحيح الذي يلتئم مع السياق إلى آخره أن الآية هنا هي ما يؤيد الله تعالى به الأنبياء من الدلائل على نبوتهم، أي ما ننسخ من آية نقيمها دليلا على نبوة نبي من الأنبياء أي نزيلها ونترك تأييد نبي آخر بها أو ننسها الناس لطول العهد بما جاء بها فإننا بما لنا من القدرة التامة والتصرف في الملك نأت بخير منها من قوة الإقناع وإثبات النبوة أو مثلها في ذلك. ومن كان هذا شأنه في قدرته وسعة ملكه فلا يتقيد بآية مخصوصة يمنحها جميع أنبيائه، والآية في أصل اللغة هي الدليل والحجة والعلامة على صحة الشيء، وسميت جمل القرآن آيات لأنها بإعجازها حجج على صدق النبي ودلائل على أنه مؤيد فيها بالوحي من الله عز وجل من قبيل تسمية الخاص باسم العام"
وهذا الكلام مردود على أهله فالآيات شاءوا أم ابوا هى في النسخ وهى التبديل والآيات المبدلة عديدة فمثلا الحق المعلوم وهو المعروف بالزكاة كان في مكة للسائل والمحروم كما قال تعالى :
" والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم"
وهو ما يخالف المصارف الثمانية في آية الصدقات والتى تسمى الزكاة فليس فيها السائل وأما المحروم فهو ينطبق على الفقير والمسكين وأحيانا غيرهم
وأمر وجود قبلة غير الكعبة معلوم من قوله " وما جعلنا القبلة التى كنت عليها" وهو ما غيره قوله :
" فول وجهك شطر المسجد الحرام"
فهنا تغيير معلوم في الحكم لا يمكن لأحد إنكاره
وكما سبق القول إن الأحكام المنسوخة يعمل بها مع وجود نواسخها إذا عاش المسلم في مجتمع كافر فالنسخ لا يعنى سوى تبدل الحال فقط
وتحدث الناصرى عن الغلو في القول بالنسخ فقال :
"المغالاة في القول بالنسخ ...
إنها اعتراضات وجيهة بالنظر إلى عدد الآيات التي حكم القائلون بالنسخ بنسخها، إذ "اعتبر ابن العربي المعافري عدد الآيات المنسوخة، مائة آية خمس وسبعون آية منسوخة بآية القتال، وذهب ابن حزم في كتابه معرفة الناسخ والمنسوخ أن آيات النسخ تبلغ مائتين وأربع عشرة آية، وذهب أبو جعفر النحاس في كتابه الناسخ والمنسوخ إلى أنها تبلغ مائة وأربعا وثلاثين آية، وأوصلها ابن سلامة الضرير إلى مائتين وثلاث عشرة آية ... " في حين أوصلها ابن الجوزي إلى مائتين وسبعة وأربعين آية"
تعليق ... وإجمال
إن القول بنسخ هذا العدد من الآيات القرآنية أمر خطير يحتاج إلى أمر محقق. فالقول بآية السيف يعطل العمل بآيات قرآنية هي من القواعد الكلية والمبادئ العامة في الدين الإسلامي، من ذلك قوله تعالى "لا إكراه في الدين" "ولو شاء ربك لآمن من في الارض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مومنين" "فاصفح الصفح الجميل" "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم". وغيرها ...
حيث "لم يترك الموسعون في النسخ آية تدعو إلى الرفق واللين أو العفو والصفح أو الصبر والدفع بالتي هي أحسن أو غير ذلك مما هو أساس في مكارم الأخلاق التي أعلن محمد عليه الصلاة والسلام أنه بعث ليتممها إلا قالوا عنها نسختها آية السيف"
الأمر الذي يجعل من القول بالنسخ أمرا في غاية الخطورة، لكن إذا سلمنا بصحة القول الرافض للنسخ بخصوص آية السيف، فبماذا نرد وقائع النسخ التي توافرت فيها شروطه، وقام الدليل الصحيح على النسخ فيها. كواقعة تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى الكعبة وواقعة تحريم الكلام في الصلاة بعد أن كان مباحا بالسنة العملية، وآية الصدقة بين يدي نجوى الرسول.
مما يجعل معه القول بإنكار النسخ أمرا لا يقل خطورة على القول به. إننا إزاء إشكالية خطيرة ومما يزيد من خطورتها ارتباطها بالمصدر الأول للتشريع الإسلامي الذي يفترض توحد كلمة علماء الأمة حول قضاياه."
والآيات المنسوخة في كتاب الله قليلة ولا وجود لما يسمى بآية السيف فهى اختراع بشرى لأن كلمة السيف نفسها لم تذكر في المصحف في أى مكان منه
والمنسوخ في ذلك الموضوع هى الآيات التى تتحدث عن العفو عن الظلمة الكفرة دون رد العدوان في المرحلة المكية كما في قوله تعالى :
" ادفع بالتى هى أحسن السيئة"
فهذه نسخت بقوله تعالى :
"أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير"
وأنهى الناصرى كتابه بالتوصيات التالية:
توصيات ومقترحات
"ولذلك نقترح في ختام بحثنا هذا:
1. إنه على الفكر الإسلامي المعاصر تحرير القول الفصل بخصوص موضوع النسخ في القرآن: إن إقرارا أو إنكارا، حتى يتسنى للمسلم الدفاع عن الشريعة الإسلامية السمحاء ومجاهدة أعدائها.
2. إن الناسخ والمنسوخ في السنة النبوية الكريمة يجب أن يحظى بنفس عناية موضوع النسخ في القرآن على اعتبار مكانة السنة في التشريع الإسلامي.
3. أن تقوم مراكز البحوث والمعاهد العلمية ووزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية في مختلف بلدان العالم الإسلامي، بتحقيق ونشر بعض الكتب المخطوطة في موضوع الناسخ والمنسوخ وتكليف أهل الاختصاص بدراستها ونقدها وتمحيصها وفق المنهج الإسلامي في الجرح والتعديل."
وبالقطع الفكر المسلم لا ينكر النسخ بمعنى تبديل الأحكام بسبب تغير المجتمع والمانعين للنسخ مثل المكثرين منه ليسوا على صواب وهذا بالتأكيد يفهمه الكل فالمجتمع الكافر الذى نعيش فيه لا يمكن للجهاد أن يكون موجودا فيه لعدم وجود جيش مسلم فإذا وجد المجتمع المسلم وجد وجود الجيش لرد العدوان كما قال تعالى :
" فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم"
مؤلف الكتاب محمد الناصري من اهل المغرب وهو يدور حول وجود النسخ من عدمه في القرآن وفى التمهيد قال الناصرى:
"تمهيد ...
القرآن الكريم كلمة الله وهدايته الأخيرة لإرشاد الخلق إلى طريق الحق، ومعجزة الإسلام الخالدة التي لا يزيدها التقدم العلمي إلا رسوخا في الإعجاز ... ولا عجب والقرآن كذلك، أن حظي بعناية فائقة واهتمام بالغ من لدن علماء الأمة سلفا وخلفا.
ومن مظاهر عناية علماء الأمة بالقرآن الكريم: إقبالهم على حفظ ألفاظه، وتفسير معانيه، وتأليف المؤلفات العديدة حوله، التي ضمت علوما جليلة لكشف كنوزه التي لا تنقضي."
واستدل الناصرى على أهمية النسخ بالرواية التى ذكرها بقوله:
"ومن أعظم علوم القرآن، التي اجتهد علماء الأمة في وضع قواعد لها: علم الناسخ والمنسوخ، العلم الذي أجمعت الأمة على أن معرفته "أكيدة وفائدته عظيمة، لا يستغني عن معرفته العلماء، ولا ينكره إلا الجهلة الأغبياء، لما يترتب عليه من النوازل في الأحكام، ومعرفة الحلال من الحرام، روى أبو البختري قال:"دخل علي المسجد فإذا رجل يخوف الناس، فقال: ما هذا؟، قالوا: رجل يذكر الناس، فقال: ليس برجل يذكر الناس! لكنه يقول: أنا فلان ابن فلان فاعرفوني، فأرسل إليه فقال: أتعرف الناسخ من المنسوخ؟! فقال: لا، قال: فاخرج من مسجدنا ولا تذكر فيه وفي رواية أخرى أتعرف الناسخ والمنسوخ؟ قال: لا، قال: هلكت وأهلكت! ومثله عن ابن عباس""
والحديث باطل والخطأ فيه هو السماح باستخدام المسجد لتخويف الناس بينما الواجب هو أن المسج بنى بذكر اسم الله وهو وحيه كما قال تعالى :
" في بيوت اذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه "
وتحدث عن فائدة علم النسخ فقال :
"ولأهمية العلم الكبيرة -هاته- "اهتم العلماء بدراسة النسخ في القرآن الكريم، وصنفوا فيه، وأفردوا له مؤلفات خاصة، وكشفوا النقاب عن مواطنه، وأزالوا الشبهات التي أحيطت بموضوع النسخ، ومن أبرز من ألف في النسخ كل من: ابن الجوزي الفقيه الحنبلي المتوفى سنة (597 هـ) في كتابه "أخبار الرسوخ بمقدار الناسخ والمنسوخ"، وهو مطبوع مع كتاب مراتب المدلسين لابن حجر، وأبي جعفر النحاس محمد بن أحمد المرادي المتوفى سنة (338 هـ) في كتابه، الناسخ والمنسوخ "وهو مطبوع بهامش كتاب "أسباب النزول "للواحيدي، ومكي بن أبي طالب القيسي المتوفى سنة (313 هـ) في كتابه "الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه " وكتاب "الإيجاز في ناسخ القرآن ومنسوخه" وكتب في الناسخ والمنسوخ كل من قتادة بن دعامة من تابعي البشرة، وأبي عبيد القاسم بن سلام، وأبي داود السجستاني، وأبي بكر ابن الأنباري، وأبي بكر بن العربي المعافري .. "
وبعد أن ذكر تاريخ بعض الناسخ والمنسوخ في التاريخ عرف النسح من خلال اللغة والمصطلح فقال :
"النسخ ... الدلالة اللغوية والشرعية
"يذكر اللغويون لمادة النسخ عدة معان تدور بين النقل، والإبطال، والإزالة، فيقولون نسخ زيد الكتاب إذا نقله عن معارضة [مقابلة]، ونسخ النحل إذا نقله من خلية إلى أخرى، ويقولون: نسخ الشيب الشباب إذا أزاله وحل محله، ويقولون: نسخت الريح آثار القوم إذا أبطلتها.
وأمام هذه المعاني المتعددة للمادة، نراهم يختلفون في أيها هو المعنى الحقيقي، وأيها مجاز له، ثم يتجاوز هذا الخلاف دائرتهم إلى الأصوليين والمؤلفين في الناسخ والمنسوخ، حين ينقلون عنهم ... "
ورجح الناصرى أن معنى النسخ هو الإزالة فقال :
"والراجح أن مادة النسخ وضعت لتدل على معنى الإزالة "فالإزالة هي المعنى الحقيقي لمادة النسخ في القرآن كما يدل على ذلك استعمال القرآن نفسه لمادة النسخ، إذ نلحظ أنه (أي القرآن الكريم) مع استعماله للمادة في معنى النقل، يكاد يحكم بأن الإزالة هي معناها الحقيقي: بيان ذلك أنه عبر عن جواز النسخ في ثلاث آيات، فاستعمل مادته في أولها، واستعمل في الثانية مادة المحو والإثبات، وفي الثالثة مادة التبديل، وكل ذلك حيث يقول:
"ما ننسخ من آية أو ننسها بخير منها أو مثلها"
"يمحو الله ما يشاء ويثبت، وعنده أم الكتاب"
"وإذا بدلنا آية مكان آية"
والذي يبدو لنا أن التعبير عن النسخ بالمحو والإثبات في آية، وبالتبديل في آية آخرى .... يوحي بأن مثلهما في إفادة معنى الإزالة، فالإزالة هي معناه الحقيقي إذن"
وأما النسخ بمعنى المحو النهائى من كتاب الله فلا دليل عليه بدليل وجود الأحكام الناسخة والمنسوخة فيه كما أن آية تبديل آية مكان آية واضحة في استبدال الحكم فقط
وبعد ذلك انتقل الرجل إلى اختلاف القوم في معانى النسخ فقال :
"وإذا انتقلنا إلى البحث عن حقيقة النسخ الشرعية، بعد أن تبينا حقيقته ومجازه لغة، فإن ما نسجله كملاحظة أولى هو: اختلاف علماء الأصول في تعريف النسخ شرعا، تبعا لاختلافهم في تحديد معناه لغة.
وهكذا "نجد من الأصوليين من يعرفه بأنه بيان انتهاء مدة التعبد مع التراضي، ومن يعرفه بأنه الخطاب الدال على ارتفاع الحكم الثابت بالخطاب المتقدم، ومن يعرفه بأنه اللفظ الدال على ظهور انتفاء شرط دوام الحكم الأول، ومن يعرفه فيقول: هو أن يرد دليل شرعي متراخيا عن دليل شرعي مقتضيا خلاف حكمه ومن يذهب في تعريفه إلى أنه رفع تعلق مطلق بحكم شرعي ابتداء، ومن يضطرب فيحاول الجمع بين عدة اتجاهات في تعريفه، ومن يستوحي القرآن والسنة وكلام المتقدمين فيعرفه، بأنه رفع حكم شرعي بدليل شرعي متأخر".
وحدثنا الناصرى عن حكم الحكم الراجح عند العلماء وهو بقاء الحكمين في كتاب الله مع نسح أحدهما للأخر وهو قوله:
"والتعريف الأخير للنسخ -والذي مفاده بأنه رفع حكم شرعي بدليل شرعي متأخر- هو الراجح عند جمهور العلماء، لأنه "تعريف واضح بسيط لا غموض فيه ولا تعقيد، وأنه يعود بالنسخ إلى مدلوله الأول، فيربط بينه وبين معناه اللغوي برباط وثيق، ويستمد القرآن الكريم والسنة المطهرة، ولغة الصحابة والتابعين حقيقته الشرعية كما أنه تعريف جامع مانع لا يحمل نوعا من النسخ، ولا يسمح بدخول ما ليس بنسخ في نطاق النسخ كما حده، بالإضافة إلى أنه يعرفه على أنه هو فعل الشارع، وهذه هي حقيقته، والشارع وحده هو الذي يملك سلطة تقريره والقول به فيما شاء من أحكامه"
إنها ملاحظات تجعل من تعريفنا هو الراجح "والجائز عند جمهور علماء الأمة" "
وتحدث عن أنواع النسخ فقال:
"النسخ ... حكمه ... دليله ... أنواعه
والنسخ -بمعناه الراجح- جائز عقلا وواقع شرعا في الشريعة الواحدة وبين الشرائع، حيث إن شريعتنا ناسخة لما قبلها، وهو قول الجمهور.
وبناء على هذا القول، أمكن تقسيم النسخ إلى قسمين:
النسخ الكلي: وهو النسخ الواقع بين الشرائع السماوية، فكل شريعة متأخرة زمنيا، تأتي أحكامها ناسخة لبعض أحكام الشريعة التي سبقتها، فمثلا شريعة عيسى ناسخة لشريعة موسى، وشريعة محمد صلى الله عليه وسلم ناسخة لشريعة عيسى وبذلك تعتبر شريعة محمد ناسخة لما قبلها من الشرائع، فلا عمل بما في شريعة سابقة إلا ما وافق الشريعة الخاتمة الخالدة.
ولا يوجد مسلم ينكر هذه الحقيقة، إذ لا نعلم أحدا من المسلمين أنكر نسخ شريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لجميع ما سبقها من شرائع، إلا ما ادعى على أبي مسلم الأصفهاني، وهذا من التحامل عليه، فإنه إنما أنكر النسخ الجزئي في الشريعة الإسلامية لا النسخ الكلي، وكلامه منصب على إنكار النسخ في القرآن على وجه الخصوص"
مما سبق نجد تناقضا في كلام الناصرى فمرة يقول بالنسخ الكلى للشرائع السابقة في قوله" وبذلك تعتبر شريعة محمد ناسخة لما قبلها من الشرائع" ومرة يقول أنها لا تنسخها كليا وإنما تنسخ جزء صغير منها بقوله" فكل شريعة متأخرة زمنيا، تأتي أحكامها ناسخة لبعض أحكام الشريعة التي سبقتها"
فالرسالات وهى الشرائع الإلهية أكثر من99.9% منها ثابتة وعدد قليل يعد على أصابه اليد هو المنسوخ
وتحدث عما سماه النسخ الجزئى فقال :
"النسخ الجزئي: وهو النسخ الواقع في الشريعة الواحدة، كأن يكون في الشريعة الواحدة حكم جاء مخالفا لحكم سابق عليه، ولا يمكن الجمع بينهما بتأويل مقبول، فيكون الثاني حتما ناسخا للأول ...
ويجمع جمهرة علماء المسلمين على جواز وقوع النسخ الجزئي في القرآن الكريم، بل يقرون بنسخ بعضه مستدلين بما يلي:
أولا: قوله تعالى:"ما ننسخ من آية او ننسها بخير منها أو مثلها"
ثانيا: قوله تعالى:"يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب"
ثالثا: قوله تعالى:"وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل"
رابعا: قوله تعالى:"فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم" ووجه الدلالة فيها أنها تفيد تحريم ما أحل من قبل وما ذلك إلا نسخ، وكلمة "أحلت لهم" يفهم منها أن الحكم الأول كان حكما شرعيا لا براءة أصلية.
خامسا: أن سلف الأمة أجمعوا على أن النسخ وقع في الشريعة الإسلامية، كما وقع بها.
سادسا: أن في القرآن آيات كثيرة نسخت أحكامها" "
ومما سبق يتبين وقوع النسخ في القرآن وهو نسخ بمعنى أن الحياة في مجتمع الكفار كالمرحلة المكية تحتاج لأحكام غير أحكام الحياة في مجتمع مسلم كالمرحلة المدنية ومن ثم فبعض تلك الأحكام في مرحلة الحياة في مجتمع كفر يتم الغاء طاعتها ويتم تنفيذ طاعة أحكام الحياة في المجتمع المسلم وما صلح للطاعة من أحكام المجتمع الكافر
ولكن في حالة ضياع دولة المسلمين والعودة للحياة في مجتمع كافر يتم العودة لأحكام مرحلة الحياة في مجتمع كافر وتبغى أحكام الحياة في مجتمع مسلم
ومن ثم فالأحكام دائرة حسب كيفية حياة الإنسان
وتحدث عن أنواع النسخ في القرآن فقال :
"وتبعا لذلك نوع القائلون بالنسخ في القرآن النسخ إلى أنواع ثلاثة:
الأول: نسخ التلاوة والحكم معا.
الثاني: نسخ الحكم دون التلاوة.
الثالث: نسخ التلاوة دون الحكم. "
وهذا التقسيم لا دليل عليه فلا يوجد محو للتلاوة والحكم معا فكل الأحكام من النوعين موجودة في كتاب الله
وتحدث عن حكم النسخ فقال :
"وفوق ما أسلفنا، نجد أن النسخ كما يشير القرآن الكريم لا يخلو من حكمة، وليس فيه شيء من العبث في كثير أو قليل.
إن الله عز وجل يقول في آية البقرة:"ما ننسخ من آية أو ننسها بخير منها أو مثلها" فالحكم الناسخ إذن قد يكون خيرا من الحكم المنسوخ، وقد يكون مثله، ذلك أنه قد يكون أخف منه، ومصدر الخيرية فيه - حين يكون كذلك- أنه أيسر في العمل، وقد يكون أشق منه، ومصدر الخيرية فيه- إن كان من هذا النوع- أنه أعظم مثوبة، وأكثرا أجرا، وقد يكون هو والمنسوخ متماثلين في السهولة أو المشقة، وفي مقدار الأجر، فليس أحدهما أيسر أداء ولا أعظم أجرا، ولكن أسبقهما استنفذ الغاية من شرعه، وأصبح الثاني هو الذي تقتضيه المصلحة، ويتطلبه المجتمع في وضعه الذي تطور إليه ...
وهذه الحكم، وغيرها مما لا نعلمه، تشير إليها كذلك آية النحل، حيث يعقب على تبديل آية مكان آية قائلة "والله أعلم بما ينزل" ثم يقول في الرد على الذين اتهموا الرسول نتيجة للتبديل "بل أكثرهم لا يعلمون""
ومن ثم فسمة الناسخ أنه أفضل أى أحسن من المنسوخ وحكمة النسخ وهو تبديل الحكم هو الإتيان بأفضل أو مثيل للحكم السابق
وتعرض الناصرى لموقف الرافضون لوجود النسخ في كتاب الله فقال :
"الرافضون ... لوقوع النسخ في القرآن
بهذا العرض نكون قد فصلنا القول في موقف الجمهور من النسخ. لكن أليس القول بالنسخ، إخلالا بإطلاقية القرآن وإحكامه وحسن تفصيله؟ أليس في القول بالنسخ تعارضا مع قوله تعالى "كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير" "وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد" ؟ أليس في القول بالنسخ إقرارا باختلاف القرآن وتناقض آياته، وهو المحال في حقه، مصداقا لقوله تعالى "ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا" ؟ "ألم يحكم القرآن بخلود آياته، ويقر بأن خطابه خطاب عالمي إنساني شامل نزل ليرسم الطريق الصحيح للبشرية ويعالج مشكلاتها، ويضع حلولا لها في كل زمان ومكان، فكيف يمكن والحالة هذه أن نعمل بعض الآيات ونعطل بعضا بسبب القول بالنسخ"
إنها أسئلة تعبر إلى حد بعيد عن موقف الرافضين لوقوع النسخ في القرآن.
ويمثل هذا الاتجاه قديما:"أبو مسلم الأصفهاني محمد بن بحر المتوفى سنة 322 هـ حيث أنكر أن يكون في القرآن آيات منسوخة، واستدل لهذا الإنكار بآية رأى أنها تعضده
وتدعمه، وهذه الآية هي قوله تعالى في وصف القرآن الكريم "لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه"
ومن أنصار هذا الاتجاه حديثا محمد الغزالي، إذ اعتبر القول بالنسخ في القرآن أمرا باطلا، يقول:"فقصة النسخ أو الحكم بتحنيط بعض الآيات، فهي موجودة ولكن لا تعمل، هذا باطل، وليس في القرآن أبدا آية يمكن أن يقال إنها عطلت عن العمل وحكم عليها بالموت ... هذا باطل ... كل آية يمكن أن تعمل لكن الحكيم العليم هو الذي يعرف الظروف التي يمكن أن تعمل فيها الآية. وبذلك توزع آيات القرآن على أحوال البشر بالحكمة والموعظة الحسنة"
ويضيف الغزالي قائلا:"هل في القرآن آيات معطلة، الأحكام بقيت في المصحف للذكرى والتاريخ -كما يقولون- التماسا للأجر، وينظر إليها كما ينظر إلى التحف الثمينة في دور الآثار؟ غاية ما يرجى منها إثبات المرحلة التي أدتها في الماضي، أما الحاضر والمستقبل فلا شأن لها بهما؟!
ثم يقول الغزالي "من المسلمين من يرون هذا الرأي ... وهم يلجأون إلى هذا الفهم دفعا لما يتوهم من تناقض ظواهر الآي. ونحن لا نميل إلى المسير مع هذا الاتجاه بل لا نرى ضرورة للأخذ به، وسنرى عند التحقيق أن التناقض المتوهم لا محل له، وأن التشريعات النازلة في أمر ما مرتبة ترتيبا دقيقا بحيث تنفرد كل آية بالعمل في المجال المهيأ لها. فإذا ذهب هذا المجال، وجاء غيره تلقفته آية أخرى بتوجيه يناسبه وهكذا، فهل هذا التدرج في التشريع يسمى نسخا؟!!
في نفس الاتجاه يأتي كتاب "تفنيد دعوى النسخ في القرآن الكريم" لمؤلفه "جمال البنا" الذي يقول في معرض تفنيده لدعوى النسخ في القرآن الكريم:"إن القرآن أكثر من ستة آلاف آية لم يجد أنصار النسخ فيها سوى آيتين ادعيا أنهما تجيزان النسخ، ثم قطعوا بوقوعه، وتعاموا عن الآيات العديدة التي تثبت وتؤكد إحكام القرآن.
هاتان الآيتان هما:
في الآية 106 من سورة البقرة "ما ننسخ من آية أو ننسها نات بخير منها أو مثلها" والآية 101 من سورة النحل "وإذا بدلنا آية مكان آية".
وقد اعتبر أنصار النسخ وأخذوها قضية مسلمة أن كلمة "آية" في النصين السابقين والتي يقع عليها النسخ أو التبديل إنما يقصد بها النص القرآني، وبالتالي يكون المعنى نسخ نص قرآني متقدم بنص قرآني آخر متخلف أو متراخي كما يقولون.
وصحيح أننا جميعا نفهم من كلمة "آية" النص القرآني ونقول إن سورة كذا تضم كذا آية ... ونستشهد بالآيات آية آية ونرقمها ... ولكن هذا الفهم منا لهذه الكلمة شيء، والمعنى الذي يعطيه القرآن للكلمة شيء آخر، ولا تجوز لنا عندما نكون بصدد تفسير نص قرآني أن نفرض تعريفنا الخاص على القرآن الكريم، ونطرح تعريف القرآن نفسه والقرآن له مدلوله الخاص لكلمة آية ويكون علينا أن نلتزم بمدلول القرآن.
والقرآن الكريم لا يستخدم كلمة آية بمعنى النص ولكن بمعنى الحجة والدلالة والمعجزة والعلامة التي تثبت النبوات أو تبعث على الإيمان، وإذا أراد القرآن الإشارة إلى النصوص في الكتب المقدسة وما تحويه من توجيهات ثمينة فإنه قد يستخدم كلمة الآيات. ويبدو لنا أن الوجه في هذه التفرقة هو أن المعجزة عادة ما تكون واحدة بينما التوجيهات من تحليل وتحريم وأوامر ونواه إلخ ... تكون عديدة ... وقد ذكرت كلمة آية في القرآن الكريم على ما ذكر المرحوم محمد عبد الباقي في المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم في اثنين وثمانين مرة ومن هذا الاستقصاء لكلمة آية في القرآن الكريم بأسره نجد أن القرآن لا يستخدم أبدا كلمة آية بمعنى نص أو جملة قرآنية، وإنما يستخدمها كمعجزة أو دلالة أو حجة أو علامة أو برهان على صدق النبوة، وقد تكون هذه الآية الشمس والقمر والليل والنهار والحياة والموت، وقد تكون مائدة عيسى أو عصا موسى أو جسد فرعون أو ناقة صالح، ويؤيد هذا استخدام القرآن تعبير "إن في ذلك لآية" أو "لتكون آية" ومطالبة المشركين بإنزال آية وجعلهم إيمانهم رهنا بذلك، وهي معظم الاستخدامات لكلمة آية في القرآن"
وقد فسر محمد عبده الآية 106 من سورة البقرة بما يؤيد قول البنا، حيث قال:"والمعنى الصحيح الذي يلتئم مع السياق إلى آخره أن الآية هنا هي ما يؤيد الله تعالى به الأنبياء من الدلائل على نبوتهم، أي ما ننسخ من آية نقيمها دليلا على نبوة نبي من الأنبياء أي نزيلها ونترك تأييد نبي آخر بها أو ننسها الناس لطول العهد بما جاء بها فإننا بما لنا من القدرة التامة والتصرف في الملك نأت بخير منها من قوة الإقناع وإثبات النبوة أو مثلها في ذلك. ومن كان هذا شأنه في قدرته وسعة ملكه فلا يتقيد بآية مخصوصة يمنحها جميع أنبيائه، والآية في أصل اللغة هي الدليل والحجة والعلامة على صحة الشيء، وسميت جمل القرآن آيات لأنها بإعجازها حجج على صدق النبي ودلائل على أنه مؤيد فيها بالوحي من الله عز وجل من قبيل تسمية الخاص باسم العام"
وهذا الكلام مردود على أهله فالآيات شاءوا أم ابوا هى في النسخ وهى التبديل والآيات المبدلة عديدة فمثلا الحق المعلوم وهو المعروف بالزكاة كان في مكة للسائل والمحروم كما قال تعالى :
" والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم"
وهو ما يخالف المصارف الثمانية في آية الصدقات والتى تسمى الزكاة فليس فيها السائل وأما المحروم فهو ينطبق على الفقير والمسكين وأحيانا غيرهم
وأمر وجود قبلة غير الكعبة معلوم من قوله " وما جعلنا القبلة التى كنت عليها" وهو ما غيره قوله :
" فول وجهك شطر المسجد الحرام"
فهنا تغيير معلوم في الحكم لا يمكن لأحد إنكاره
وكما سبق القول إن الأحكام المنسوخة يعمل بها مع وجود نواسخها إذا عاش المسلم في مجتمع كافر فالنسخ لا يعنى سوى تبدل الحال فقط
وتحدث الناصرى عن الغلو في القول بالنسخ فقال :
"المغالاة في القول بالنسخ ...
إنها اعتراضات وجيهة بالنظر إلى عدد الآيات التي حكم القائلون بالنسخ بنسخها، إذ "اعتبر ابن العربي المعافري عدد الآيات المنسوخة، مائة آية خمس وسبعون آية منسوخة بآية القتال، وذهب ابن حزم في كتابه معرفة الناسخ والمنسوخ أن آيات النسخ تبلغ مائتين وأربع عشرة آية، وذهب أبو جعفر النحاس في كتابه الناسخ والمنسوخ إلى أنها تبلغ مائة وأربعا وثلاثين آية، وأوصلها ابن سلامة الضرير إلى مائتين وثلاث عشرة آية ... " في حين أوصلها ابن الجوزي إلى مائتين وسبعة وأربعين آية"
تعليق ... وإجمال
إن القول بنسخ هذا العدد من الآيات القرآنية أمر خطير يحتاج إلى أمر محقق. فالقول بآية السيف يعطل العمل بآيات قرآنية هي من القواعد الكلية والمبادئ العامة في الدين الإسلامي، من ذلك قوله تعالى "لا إكراه في الدين" "ولو شاء ربك لآمن من في الارض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مومنين" "فاصفح الصفح الجميل" "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم". وغيرها ...
حيث "لم يترك الموسعون في النسخ آية تدعو إلى الرفق واللين أو العفو والصفح أو الصبر والدفع بالتي هي أحسن أو غير ذلك مما هو أساس في مكارم الأخلاق التي أعلن محمد عليه الصلاة والسلام أنه بعث ليتممها إلا قالوا عنها نسختها آية السيف"
الأمر الذي يجعل من القول بالنسخ أمرا في غاية الخطورة، لكن إذا سلمنا بصحة القول الرافض للنسخ بخصوص آية السيف، فبماذا نرد وقائع النسخ التي توافرت فيها شروطه، وقام الدليل الصحيح على النسخ فيها. كواقعة تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى الكعبة وواقعة تحريم الكلام في الصلاة بعد أن كان مباحا بالسنة العملية، وآية الصدقة بين يدي نجوى الرسول.
مما يجعل معه القول بإنكار النسخ أمرا لا يقل خطورة على القول به. إننا إزاء إشكالية خطيرة ومما يزيد من خطورتها ارتباطها بالمصدر الأول للتشريع الإسلامي الذي يفترض توحد كلمة علماء الأمة حول قضاياه."
والآيات المنسوخة في كتاب الله قليلة ولا وجود لما يسمى بآية السيف فهى اختراع بشرى لأن كلمة السيف نفسها لم تذكر في المصحف في أى مكان منه
والمنسوخ في ذلك الموضوع هى الآيات التى تتحدث عن العفو عن الظلمة الكفرة دون رد العدوان في المرحلة المكية كما في قوله تعالى :
" ادفع بالتى هى أحسن السيئة"
فهذه نسخت بقوله تعالى :
"أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير"
وأنهى الناصرى كتابه بالتوصيات التالية:
توصيات ومقترحات
"ولذلك نقترح في ختام بحثنا هذا:
1. إنه على الفكر الإسلامي المعاصر تحرير القول الفصل بخصوص موضوع النسخ في القرآن: إن إقرارا أو إنكارا، حتى يتسنى للمسلم الدفاع عن الشريعة الإسلامية السمحاء ومجاهدة أعدائها.
2. إن الناسخ والمنسوخ في السنة النبوية الكريمة يجب أن يحظى بنفس عناية موضوع النسخ في القرآن على اعتبار مكانة السنة في التشريع الإسلامي.
3. أن تقوم مراكز البحوث والمعاهد العلمية ووزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية في مختلف بلدان العالم الإسلامي، بتحقيق ونشر بعض الكتب المخطوطة في موضوع الناسخ والمنسوخ وتكليف أهل الاختصاص بدراستها ونقدها وتمحيصها وفق المنهج الإسلامي في الجرح والتعديل."
وبالقطع الفكر المسلم لا ينكر النسخ بمعنى تبديل الأحكام بسبب تغير المجتمع والمانعين للنسخ مثل المكثرين منه ليسوا على صواب وهذا بالتأكيد يفهمه الكل فالمجتمع الكافر الذى نعيش فيه لا يمكن للجهاد أن يكون موجودا فيه لعدم وجود جيش مسلم فإذا وجد المجتمع المسلم وجد وجود الجيش لرد العدوان كما قال تعالى :
" فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم"