نقد كتاب أصل الاحتفال بالنيروز
مؤلف الكتاب مجيد الخليفة من أهل العصر وهو يدور حول البحث عن أصل ما يسمى بعيد النيروز أو الربيع ومدى تغلغل الروايات الموضوعة عنه فى كتب الحديث والأخبار وقد استهل الخليفة الكتاب بتاريخ من المؤكد أنه تاريخ كاذب عن النيروز حيث قال:
"أصل النيروز:
يعد عيد النيروز من أقدم الأعياد المعروفة في تاريخ البشرية، إذ يرجح أن أول ظهور لهذا العيد كان في عهد السومريين الذين حكموا بلاد ما بين النهرين في الألفية الثالثة قبل الميلاد، وكانوا يسمون هذا العيد (زكموك)، وسار على نهجهم في الاحتفال به الحضارات المتتالية التي حكمت بلاد الرافدين مقلدين للسومريين في هذا العيد، فكان البابليون يسمونه (اجيتوا – الحج) أي عيد رأس السنة، وهي التسمية نفسها التي أطلقها الآشوريون فيما بعد على هذا العيد أيضا.
وكان بدء هذا العيد في أول يوم من السنة حسب التقويم العراقي القديم، حيث يعتبر المنقلب الربيعي (21 آذار – مارس) أول أيام السنة، وكان الكاهن الأعظم في الحضارة البابلية يصلي لـ (مردوخ) وهو إله النور في معتقدهم، ثم يقوم باقي الكهنة بمراسيم الاحتفال التي تبقى أكثر من عشرة أيام، وتنظم مسيرة ضخمة في شارع الموكب حيث يتم إحراق دمى ملونة بعد الانتهاء من المراسيم الرسمية، وفي اليوم العاشر يتم الاعتراف بشرعية حكم الملك من قبل الإله مردوخ.. وخلال ايام العيد يعم الفرح بين الناس وتباح الكثير من الممنوعات.
انتقلت تقاليد الاحتفال بهذا العيد إلى الشام مع انتقال الميراث السومري إلى الساميين إلا أنه لا يقتصر تأثير هذا العيد عند هذا الحد بل يظهر أيضا بشكل واضح في احتفال النصارى بعيد( الفصح ـ أي الطبيعة التي تفصح وتتفتح في الربيع ) الذي يعتبره النصارى عيد القيامة، أما هذا العيد فيعني بالفارسية: "اليوم الجديد"، وهو مدلول "التجدد" بمعناه الواسع المطلق، إذ زيادة عن كونه العيد الرسمي لرأس السنة، فانه اليوم الأول من شهر "فروردين" أول شهور السنة، ويوافق حلوله حدوث الاعتدال الربيعي (21مارس)، أي في نفس الوقت الذي تتم فيه الأرض دورتها السنوية حول الشمس، لتبدأ دورة جديدة، فتبدأ الأفراح عند الفرس بحلول عهد جديد تتحول فيه الطبيعة، ومعها الإنسان – بمعتقدهم - من فترة الفاصل الذي يمحو الزمن ويضع حدا للماضي، ولكن يعلن في آن واحد عن " العودة ".. عودة الحياة وتجددها"
مما سبق أن نجد أن أصل النيروز هو حكم من أحكام الأديان الضالة التى قلبت سنة الله وهى السنة القمرية كما قال تعالى :
" إن عدة الشهور عند الله أثنا عشر شهرا يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم"
قلبتها لسنة شمسية لم يشرعها الله وبدلا من أن يكون العيد مرتبطا بالصوم أو بالحج أصبح مرتبطا بيوم شمسى لا وجود له عند الله
الغريب هو اتفاق الأمم الكافرة على كونه أول السنة ولا ندرى كيف يكون يوم21 أول السنة لأن أول كل شىء يكون يوم واحد من الشهر من السنة
وبعد ذلك يعرف النيروز فيقول:
"تعريف النيروز:
أما النيروز فكلمة فارسية مركبة من: نيو، أي جديد، وروز بمعنى يوم، وهو أول يوم من أيام الربيع، وهو أول أيام السنة الشمسية الفارسية، حيث يفرح الناس به ستة أيام، وتاريخه يقابل 21 مارس عند الساسانيين، وقيل 16 حزيران فرحا بالحصاد، وقد غيره الخليفة المعتضد إلى يوم 11 حزيران، وكان أهل الذمة يدفعون الخراج فيه للمسلمين.
قال الراغب الأصفهاني: ((سأل المأمون أصحابه عن أصل النيروز والمهرجان وصب الماء، فلم يخبره أحد فقال: الأصل في النيروز أن ابرويز عمر أقاليم إيران شهر، وهي أرض بابل، فاستوت له أسبابه واستقام ملكه يوم النيروز، فصار سنة للعجم، وكان ملكه ألفا وخمسين سنة، ثم أتى بعده بيو راسف وملك ألف سنة، فقصد افريدون وأسره بأرض المغرب وسجنه بأرض بجبل دياوند يوم النصف من ماء نهر، فسمى ذلك اليوم مهرجانا وصار سنة لهم تعظيمه. فالنيروز أقدم من المهرجان بألفين وخمسين سنة))"
قطعا كلها تخاريف واضحة فالأعمار الطويلة المتتالية المذكورة غير ممكنة الحدوث إلا فى جيل أو اثنين ولكن أن تكون هى القاعدة فهو خبل زد على هذا أن الملوكية لا يمكن أن تدوم كل تلك الفترة لأن الله بعث فى كل أمة رسول ومن المؤكد أن هلكوا كما هلك قوم نوح(ص) الذى يعتبر طبقا للنص المصحفى أطول الأنبياء(ص) عمرا لأنه دعا قومه950 سنة فضلا عما عاشه قبل الدعوة وبعد هلاك الكفار بالغرق
وينقل الخليفة عن التويجرى قوله:
"ويقول التويجري: وبعض الفرس يزعم أنه أول الزمان الذي ابتدأ فيه الفلك بالدوران، ومدته عندهم ستة أيام، أولها اليوم الأول من شهر ( أفريدون ماه ) الذي هو أول شهور سنتهم، ويسمون اليوم السادس النوروز الكبير ؛ لأن الأكاسرة كانوا يقضون في الأيام الخمسة حوائج الناس، ثم ينتقلون إلى مجالس أنسهم مع خواصهم وكان من عادتهم فيه: أن يأتي الملك من الليل رجل جميل الوجه، قد أرصد لما يفعله، فيقف على الباب حتى يصبح، فإذا أصبح دخل على الملك من غير استئذان، فإذا رآه الملك يقول له: من أنت ؟ ومن أين أقبلت ؟ وأين تريد ؟ وما أسمك ؟ ولأي شيء وردت ؟ وما معك ؟ فيقول: أنا المنصور، واسمي المبارك، ومن قبل الله أقبلت، والملك السعيد أردت، وبالهناء والسلامة وردت، ومعي السنة الجديدة ثم يجلس، ويدخل بعده رجل معه طبق من فضة، وفيه حنطة، وشعير، وحمص، وسمسم، وأرز – من كل واحد سبع سنابل، وتسع حبات – وقطعة سكر، ودينار ودرهم جديدان، فيضع بين يدي الملك، ثم تدخل عليه الهدايا، ثم يدخل عليه الناس حسب مراتبهم، وقربهم من الملك، ثم يقدم للملك رغيف كبير مصنوع من تلك الحبوب، موضوع في سلة، فيأكل منه ويطعم من حضره، ثم يقول: هذا يوم جديد، من شهر جديد، من عام جديد، من زمان جديد، يحتاج أن تجدد فيه ما أخلق من الزمان، وأحق الناس بالفضل والإحسان الرأس على سائر الأعضاء، ثم يخلع على وجوه دولته، ويصلهم، ويفرق فيهم ما حمل إليه من هدايا، ومن عادة عوام الفرس رفع النار في ليلته ورش الماء في صبيحته"
كلام عن طقس من طقوس الوثنية فيه اقتباس من شرع الله وهو أيام الخلق الست وبقيته تشريع إنسانى ناتج من أهواء النفوس
بعد ذلك حدثنا الخليفة عن الاحتفال بالنيروز فقال:
"الاحتفال بالنيروز:
على كل حال يتبين من هذه النصوص أن عيد النيروز ليس عيدا مجوسيا خالصا، وإنما هو عيد وثني يمتد إلى حقبة سحيقة في التاريخ، وقد أخذه الفرس من بعض الحضارات التي تتالت على حكم بلاد الرافدين، فهو عيد وثني جملة وتفصيلا، وليس له أي علاقة بالأديان السماوية من يهودية ونصرانية.. وحتى الإسلام.
وعند مجيء الإسلام وجدنا الفرس يبذلون جهدا كبيرا في سيبل إدخال هذا العيد إلى الإسلام، ويرد أول ذكر للاحتفال به في خلافة علي رضي الله عنه، حيث أهدي له فالوذج في جام يوم النيروز، فقال: ما هذا ؟ قالوا: هذا يوم النيروز، فقال: نيروزنا كل يوم بالماء قال: أسامة كره - رضي الله عنه- أن يقول النيروز، قال البيهقي: وفي هذا كراهة لتخصيص يوم بذلك لم يجعله الشرع مخصوصا به، وهذا دليل على نهي الأئمة من الاحتفال بهذا العيد، حسب الرواية المتفق عليها في كتب القوم."
الرواية لا تصح فلا يمكن أن يدخل على على الكفار حتى ولو كانوا معهم هدايا فدولة المسلمين لم تكن بهذا الخبل والأدهى أن ينافقهم عن وجود نيروز للمسلمين كل يوم بدلا من ان يقول لهم أن أعياد المسلمين معروفة وينهاهم عن عملهم ويرفض ما جاءوا به
ثم قال:
"وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية عمن يفعل من المسلمين: مثل طعام النصارى في النيروز ويفعل سائر المواسم مثل الغطاس والميلاد وخميس العدس وسبت النور ومن يبيعهم شيئا يستعينون به على أعيادهم أيجوز للمسلمين أن يفعلوا شيئا من ذلك ؟ أم لا ؟ فأجاب:ـ الحمد لله لا يحل للمسلمين أن يتشبهوا بهم في شيء مما يختص بأعيادهم لا من طعام ولا لباس ولا اغتسال، ولا إيقاد نيران ولا تبطيل عادة من معيشة أو عبادة أو غير ذلك ولا يحل فعل وليمة ولا الإهداء ولا البيع بما يستعان به على ذلك لأجل ذلك، ولا تمكين الصبيان ونحوهم من اللعب الذي في الأعياد ولا إظهار زينة وبالجملة ليس لهم أن يخصوا أعيادهم بشيء من شعائرهم بل يكون يوم عيدهم عند المسلمين كسائر الأيام لا يخصه المسلمون بشيء من خصائصهم وأما إذا أصابه المسلمون قصدا فقد كره ذلك طوائف من السلف والخلف وأما تخصيصه بما تقدم ذكره فلا نزاع فيه بين العلماء بل قد ذهب طائفة من العلماء إلى كفر من يفعل هذه الأمور لما فيها من تعظيم شعائر الكفر وقال طائفة منهم: من ذبح نطيحة يوم عيدهم فكأنما ذبح خنزيرا وقال عبد الله بن عمرو بن العاص: من تأسى ببلاد الأعاجم وصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حشر معهم يوم القيامة."
قطعا المسلمون لا يشاركون أهل العهد أعيادهم احتفاليا ويكتفون بالتهنئة بالقول عيد سعيد دون زيادة
ثم قال :
"النيروز عند الإمامية:
لقد جاء المعلى بن خنيس الكوفي – وهو من موالي الفرس الذين دخلوا في خدمة جعفر الصادق – ليدخل هذا العيد في دين الشيعة الإمامية، رغم كونه عيدا وثنيا لا يمت إلى أعياد المسلمين بأي صلة، فقد أخرج العاملي وغيره عن المعلى بن خنيس عن الصادق في يوم النيروز قال: (( إذا كان يوم النيروز فاغتسل وألبس أنظف ثيابك وتطيب بأطيب طيبك، وتكون ذلك اليوم صائما، فإذا صليت النوافل والظهر والعصر فصل بعد ذلك أربع ركعات... الخ ))
وكذلك روى المعلى بن خنيس أيضا عن الصادق قال: ((إن النيروز هو اليوم الذي أخذ فيه النبي صلى الله عليه وسلم لأمير المؤمنين العهود في بغدير خم فأقروا آية الولاية، فطوبى لمن ثبت عليها، والويل لمن نكثها، وهو اليوم الذي وجه فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا إلى وادي الجن وأخذ عليهم العهود، وهو اليوم الذي ظفر فيه بأهل النهروان وقتل ذي الثدية....))
وروى معلى بن خنيس أيضا قال: دخلت على الصادق يوم النيروز فقال: ((أتعرف هذا اليوم ؟ قلت: جعلت فداك، هذا يوم تعظمه العجم، وتتهادى فيه... الخ))
وعن المعلى بن خنيس عن أبي عبد الله قال: ((يوم النيروز هو اليوم الذي أحيا الله فيه القوم الذين أخرجوا من ديارهم حذر الموت))
ولا توجد رواية في كتب الشيعة الإمامية تفيد الاحتفال بالنيروز غير الروايات التي هي من جهة المعلى بن خنيس، وهو كذاب في كتب الفريقين:
أما في كتب أهل السنة والجماعة فقد روى المزي وغيره عن الفضيل بن مرزوق قال: سألت عمر بن علي وحسين بن علي عمي جعفر بن محمد، قلت: أفيكم إنسان من أهل البيت من فرضت طاعته تعرفون له ذلك، ومن لم يعرف له ذلك فمات، مات ميتة جاهلية. فقالا: لا والله ما فينا هذا، من قال هذا فينا فهو كذاب، فقال: فقلت لعمر بن علي: رحمك الله إن مذم منزلة إنهم يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى إلى علي، وأن عليا أوصى إلى الحسن، وإن الحسن أوصى للحسين، وأن الحسين أوصى إلى ابنه علي بن الحسين، وأن علي بن الحسين أوصى إلى ابنه محمد بن علي، فقال: والله لقد مات أبي فما أوصى بحرفين، مالهم قاتلهم الله، والله إن هؤلاء متأكلون بنا، هذا خنيس الخرء وما خنيس الخرء ! قال: قلت له: المعلى بن خنيس ؟ قال: نعم، المعلى بن خنيس، والله لقد أفكرت على فراشي طويلا أتعجب من قوم لبس الله عقولهم حتى أضلهم المعلى بن خنيس
وورد ذمه وتكذيبه في كتب الشيعة الإمامية أيضا، قال النجاشي: ((معلى بن خنيس: مولى (الصادق)، ومن قبله كان مولى بني أسد، كوفي بزاز، ضعيف جدا لا يعول عليه، له كتاب يرويه جماعة)).
وقال ابن الغضائري في حق المعلى: ((كان أول أمره مغيريا، ثم دعا إلى محمد بن عبد الله، وفي هذه الظنة أخذه داود بن علي فقتله، والغلاة يضيفون إليه كثيرا، ولا أرى الاعتماد على شيء من حديثه))
وروى الكشي عن حفص الأبيض التمار قال: ((دخلت على أبي عبد الله أيام صلب المعلى بن خنيس، قال لي: يا حفص: إني أمنت المعلى فخالني، فابتلي بالحديد والنار))
وروى الكشي أيضا في رجاله في ترجمة عبد الله بن أبي يعفور، قال: تذاكر ابن أبي يعفور ومعلى بن خنيس، فقال ابن ابي يعفور: الأوصياء علماء أبرار أتقياء، وقال ابن خنيس: الأوصياء أنبياء، قال: فدخلا على أبي عبد الله قال: فلما استقر مجلسهما، قال: فبدأهما أبو عبد الله فقال: يا عبد الله إني أبرأ ممن قال إنا أنبياء
وقد حاول المتأخرون من علماء الشيعة – خاصة الخوئي – رد مطاعن أئمة البيت عن المعلى بن خنيس، خاصة وأنه كان مغيريا غاليا، والمغيرية هي فرقة من غلاة الشيعة قالت بنبوة المغيرة بن أبي سعيد العجلي، كما أن فيها تكذيبا لمشاهير علماء الرجال عن الإمامية، خاصة الكشي والنجاشي، فكيف يصح إثبات عيد النيروز في دينهم من طريق هذا الرجل الكذاب عند الفريقين، بل تفضيل هذا العيد على عيد الأضحى والفطر المجمع عليه عند المسلمين.
من هذا يتضح أن دين النيروز هو بدعة في دين الإمامية، بل هو بدعة في دين المجوس نفسه، إذ أخذوه عن السومريين والبابليين، ثم عدوه عيدا لهم، وقد حاول الفرس عبر تاريخهم الطويل ترسيخ هذا العيد في نفوس من جاورهم من المسلمين، خاصة في فترة النفوذ الفارسي على الخلافة العباسية، ثم مجي الصفويين لحكم إيران، أما اليوم فإن هذا العيد هو عيد مقدم على غيره عند الفرس، ويعدونه عيدا قوميا لا يضاهيه أي عيد آخر من أعياد المسلمين"
ومما سبق يتضح أن الوضاعين حاولوا تأليف روايات ونسبتها للأئمة من أهل البيت كى يثبتوا أنه عيد للناس وكما سبق القول لا يوجد فى كتب الشيعة إلا كل ما ينفى كون النيروز عيد للمسلمين أو حتى لبعضهم وإنما هو أثر من آثار الكفر توارثته أدين كافرة متعددة
مؤلف الكتاب مجيد الخليفة من أهل العصر وهو يدور حول البحث عن أصل ما يسمى بعيد النيروز أو الربيع ومدى تغلغل الروايات الموضوعة عنه فى كتب الحديث والأخبار وقد استهل الخليفة الكتاب بتاريخ من المؤكد أنه تاريخ كاذب عن النيروز حيث قال:
"أصل النيروز:
يعد عيد النيروز من أقدم الأعياد المعروفة في تاريخ البشرية، إذ يرجح أن أول ظهور لهذا العيد كان في عهد السومريين الذين حكموا بلاد ما بين النهرين في الألفية الثالثة قبل الميلاد، وكانوا يسمون هذا العيد (زكموك)، وسار على نهجهم في الاحتفال به الحضارات المتتالية التي حكمت بلاد الرافدين مقلدين للسومريين في هذا العيد، فكان البابليون يسمونه (اجيتوا – الحج) أي عيد رأس السنة، وهي التسمية نفسها التي أطلقها الآشوريون فيما بعد على هذا العيد أيضا.
وكان بدء هذا العيد في أول يوم من السنة حسب التقويم العراقي القديم، حيث يعتبر المنقلب الربيعي (21 آذار – مارس) أول أيام السنة، وكان الكاهن الأعظم في الحضارة البابلية يصلي لـ (مردوخ) وهو إله النور في معتقدهم، ثم يقوم باقي الكهنة بمراسيم الاحتفال التي تبقى أكثر من عشرة أيام، وتنظم مسيرة ضخمة في شارع الموكب حيث يتم إحراق دمى ملونة بعد الانتهاء من المراسيم الرسمية، وفي اليوم العاشر يتم الاعتراف بشرعية حكم الملك من قبل الإله مردوخ.. وخلال ايام العيد يعم الفرح بين الناس وتباح الكثير من الممنوعات.
انتقلت تقاليد الاحتفال بهذا العيد إلى الشام مع انتقال الميراث السومري إلى الساميين إلا أنه لا يقتصر تأثير هذا العيد عند هذا الحد بل يظهر أيضا بشكل واضح في احتفال النصارى بعيد( الفصح ـ أي الطبيعة التي تفصح وتتفتح في الربيع ) الذي يعتبره النصارى عيد القيامة، أما هذا العيد فيعني بالفارسية: "اليوم الجديد"، وهو مدلول "التجدد" بمعناه الواسع المطلق، إذ زيادة عن كونه العيد الرسمي لرأس السنة، فانه اليوم الأول من شهر "فروردين" أول شهور السنة، ويوافق حلوله حدوث الاعتدال الربيعي (21مارس)، أي في نفس الوقت الذي تتم فيه الأرض دورتها السنوية حول الشمس، لتبدأ دورة جديدة، فتبدأ الأفراح عند الفرس بحلول عهد جديد تتحول فيه الطبيعة، ومعها الإنسان – بمعتقدهم - من فترة الفاصل الذي يمحو الزمن ويضع حدا للماضي، ولكن يعلن في آن واحد عن " العودة ".. عودة الحياة وتجددها"
مما سبق أن نجد أن أصل النيروز هو حكم من أحكام الأديان الضالة التى قلبت سنة الله وهى السنة القمرية كما قال تعالى :
" إن عدة الشهور عند الله أثنا عشر شهرا يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم"
قلبتها لسنة شمسية لم يشرعها الله وبدلا من أن يكون العيد مرتبطا بالصوم أو بالحج أصبح مرتبطا بيوم شمسى لا وجود له عند الله
الغريب هو اتفاق الأمم الكافرة على كونه أول السنة ولا ندرى كيف يكون يوم21 أول السنة لأن أول كل شىء يكون يوم واحد من الشهر من السنة
وبعد ذلك يعرف النيروز فيقول:
"تعريف النيروز:
أما النيروز فكلمة فارسية مركبة من: نيو، أي جديد، وروز بمعنى يوم، وهو أول يوم من أيام الربيع، وهو أول أيام السنة الشمسية الفارسية، حيث يفرح الناس به ستة أيام، وتاريخه يقابل 21 مارس عند الساسانيين، وقيل 16 حزيران فرحا بالحصاد، وقد غيره الخليفة المعتضد إلى يوم 11 حزيران، وكان أهل الذمة يدفعون الخراج فيه للمسلمين.
قال الراغب الأصفهاني: ((سأل المأمون أصحابه عن أصل النيروز والمهرجان وصب الماء، فلم يخبره أحد فقال: الأصل في النيروز أن ابرويز عمر أقاليم إيران شهر، وهي أرض بابل، فاستوت له أسبابه واستقام ملكه يوم النيروز، فصار سنة للعجم، وكان ملكه ألفا وخمسين سنة، ثم أتى بعده بيو راسف وملك ألف سنة، فقصد افريدون وأسره بأرض المغرب وسجنه بأرض بجبل دياوند يوم النصف من ماء نهر، فسمى ذلك اليوم مهرجانا وصار سنة لهم تعظيمه. فالنيروز أقدم من المهرجان بألفين وخمسين سنة))"
قطعا كلها تخاريف واضحة فالأعمار الطويلة المتتالية المذكورة غير ممكنة الحدوث إلا فى جيل أو اثنين ولكن أن تكون هى القاعدة فهو خبل زد على هذا أن الملوكية لا يمكن أن تدوم كل تلك الفترة لأن الله بعث فى كل أمة رسول ومن المؤكد أن هلكوا كما هلك قوم نوح(ص) الذى يعتبر طبقا للنص المصحفى أطول الأنبياء(ص) عمرا لأنه دعا قومه950 سنة فضلا عما عاشه قبل الدعوة وبعد هلاك الكفار بالغرق
وينقل الخليفة عن التويجرى قوله:
"ويقول التويجري: وبعض الفرس يزعم أنه أول الزمان الذي ابتدأ فيه الفلك بالدوران، ومدته عندهم ستة أيام، أولها اليوم الأول من شهر ( أفريدون ماه ) الذي هو أول شهور سنتهم، ويسمون اليوم السادس النوروز الكبير ؛ لأن الأكاسرة كانوا يقضون في الأيام الخمسة حوائج الناس، ثم ينتقلون إلى مجالس أنسهم مع خواصهم وكان من عادتهم فيه: أن يأتي الملك من الليل رجل جميل الوجه، قد أرصد لما يفعله، فيقف على الباب حتى يصبح، فإذا أصبح دخل على الملك من غير استئذان، فإذا رآه الملك يقول له: من أنت ؟ ومن أين أقبلت ؟ وأين تريد ؟ وما أسمك ؟ ولأي شيء وردت ؟ وما معك ؟ فيقول: أنا المنصور، واسمي المبارك، ومن قبل الله أقبلت، والملك السعيد أردت، وبالهناء والسلامة وردت، ومعي السنة الجديدة ثم يجلس، ويدخل بعده رجل معه طبق من فضة، وفيه حنطة، وشعير، وحمص، وسمسم، وأرز – من كل واحد سبع سنابل، وتسع حبات – وقطعة سكر، ودينار ودرهم جديدان، فيضع بين يدي الملك، ثم تدخل عليه الهدايا، ثم يدخل عليه الناس حسب مراتبهم، وقربهم من الملك، ثم يقدم للملك رغيف كبير مصنوع من تلك الحبوب، موضوع في سلة، فيأكل منه ويطعم من حضره، ثم يقول: هذا يوم جديد، من شهر جديد، من عام جديد، من زمان جديد، يحتاج أن تجدد فيه ما أخلق من الزمان، وأحق الناس بالفضل والإحسان الرأس على سائر الأعضاء، ثم يخلع على وجوه دولته، ويصلهم، ويفرق فيهم ما حمل إليه من هدايا، ومن عادة عوام الفرس رفع النار في ليلته ورش الماء في صبيحته"
كلام عن طقس من طقوس الوثنية فيه اقتباس من شرع الله وهو أيام الخلق الست وبقيته تشريع إنسانى ناتج من أهواء النفوس
بعد ذلك حدثنا الخليفة عن الاحتفال بالنيروز فقال:
"الاحتفال بالنيروز:
على كل حال يتبين من هذه النصوص أن عيد النيروز ليس عيدا مجوسيا خالصا، وإنما هو عيد وثني يمتد إلى حقبة سحيقة في التاريخ، وقد أخذه الفرس من بعض الحضارات التي تتالت على حكم بلاد الرافدين، فهو عيد وثني جملة وتفصيلا، وليس له أي علاقة بالأديان السماوية من يهودية ونصرانية.. وحتى الإسلام.
وعند مجيء الإسلام وجدنا الفرس يبذلون جهدا كبيرا في سيبل إدخال هذا العيد إلى الإسلام، ويرد أول ذكر للاحتفال به في خلافة علي رضي الله عنه، حيث أهدي له فالوذج في جام يوم النيروز، فقال: ما هذا ؟ قالوا: هذا يوم النيروز، فقال: نيروزنا كل يوم بالماء قال: أسامة كره - رضي الله عنه- أن يقول النيروز، قال البيهقي: وفي هذا كراهة لتخصيص يوم بذلك لم يجعله الشرع مخصوصا به، وهذا دليل على نهي الأئمة من الاحتفال بهذا العيد، حسب الرواية المتفق عليها في كتب القوم."
الرواية لا تصح فلا يمكن أن يدخل على على الكفار حتى ولو كانوا معهم هدايا فدولة المسلمين لم تكن بهذا الخبل والأدهى أن ينافقهم عن وجود نيروز للمسلمين كل يوم بدلا من ان يقول لهم أن أعياد المسلمين معروفة وينهاهم عن عملهم ويرفض ما جاءوا به
ثم قال:
"وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية عمن يفعل من المسلمين: مثل طعام النصارى في النيروز ويفعل سائر المواسم مثل الغطاس والميلاد وخميس العدس وسبت النور ومن يبيعهم شيئا يستعينون به على أعيادهم أيجوز للمسلمين أن يفعلوا شيئا من ذلك ؟ أم لا ؟ فأجاب:ـ الحمد لله لا يحل للمسلمين أن يتشبهوا بهم في شيء مما يختص بأعيادهم لا من طعام ولا لباس ولا اغتسال، ولا إيقاد نيران ولا تبطيل عادة من معيشة أو عبادة أو غير ذلك ولا يحل فعل وليمة ولا الإهداء ولا البيع بما يستعان به على ذلك لأجل ذلك، ولا تمكين الصبيان ونحوهم من اللعب الذي في الأعياد ولا إظهار زينة وبالجملة ليس لهم أن يخصوا أعيادهم بشيء من شعائرهم بل يكون يوم عيدهم عند المسلمين كسائر الأيام لا يخصه المسلمون بشيء من خصائصهم وأما إذا أصابه المسلمون قصدا فقد كره ذلك طوائف من السلف والخلف وأما تخصيصه بما تقدم ذكره فلا نزاع فيه بين العلماء بل قد ذهب طائفة من العلماء إلى كفر من يفعل هذه الأمور لما فيها من تعظيم شعائر الكفر وقال طائفة منهم: من ذبح نطيحة يوم عيدهم فكأنما ذبح خنزيرا وقال عبد الله بن عمرو بن العاص: من تأسى ببلاد الأعاجم وصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حشر معهم يوم القيامة."
قطعا المسلمون لا يشاركون أهل العهد أعيادهم احتفاليا ويكتفون بالتهنئة بالقول عيد سعيد دون زيادة
ثم قال :
"النيروز عند الإمامية:
لقد جاء المعلى بن خنيس الكوفي – وهو من موالي الفرس الذين دخلوا في خدمة جعفر الصادق – ليدخل هذا العيد في دين الشيعة الإمامية، رغم كونه عيدا وثنيا لا يمت إلى أعياد المسلمين بأي صلة، فقد أخرج العاملي وغيره عن المعلى بن خنيس عن الصادق في يوم النيروز قال: (( إذا كان يوم النيروز فاغتسل وألبس أنظف ثيابك وتطيب بأطيب طيبك، وتكون ذلك اليوم صائما، فإذا صليت النوافل والظهر والعصر فصل بعد ذلك أربع ركعات... الخ ))
وكذلك روى المعلى بن خنيس أيضا عن الصادق قال: ((إن النيروز هو اليوم الذي أخذ فيه النبي صلى الله عليه وسلم لأمير المؤمنين العهود في بغدير خم فأقروا آية الولاية، فطوبى لمن ثبت عليها، والويل لمن نكثها، وهو اليوم الذي وجه فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا إلى وادي الجن وأخذ عليهم العهود، وهو اليوم الذي ظفر فيه بأهل النهروان وقتل ذي الثدية....))
وروى معلى بن خنيس أيضا قال: دخلت على الصادق يوم النيروز فقال: ((أتعرف هذا اليوم ؟ قلت: جعلت فداك، هذا يوم تعظمه العجم، وتتهادى فيه... الخ))
وعن المعلى بن خنيس عن أبي عبد الله قال: ((يوم النيروز هو اليوم الذي أحيا الله فيه القوم الذين أخرجوا من ديارهم حذر الموت))
ولا توجد رواية في كتب الشيعة الإمامية تفيد الاحتفال بالنيروز غير الروايات التي هي من جهة المعلى بن خنيس، وهو كذاب في كتب الفريقين:
أما في كتب أهل السنة والجماعة فقد روى المزي وغيره عن الفضيل بن مرزوق قال: سألت عمر بن علي وحسين بن علي عمي جعفر بن محمد، قلت: أفيكم إنسان من أهل البيت من فرضت طاعته تعرفون له ذلك، ومن لم يعرف له ذلك فمات، مات ميتة جاهلية. فقالا: لا والله ما فينا هذا، من قال هذا فينا فهو كذاب، فقال: فقلت لعمر بن علي: رحمك الله إن مذم منزلة إنهم يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى إلى علي، وأن عليا أوصى إلى الحسن، وإن الحسن أوصى للحسين، وأن الحسين أوصى إلى ابنه علي بن الحسين، وأن علي بن الحسين أوصى إلى ابنه محمد بن علي، فقال: والله لقد مات أبي فما أوصى بحرفين، مالهم قاتلهم الله، والله إن هؤلاء متأكلون بنا، هذا خنيس الخرء وما خنيس الخرء ! قال: قلت له: المعلى بن خنيس ؟ قال: نعم، المعلى بن خنيس، والله لقد أفكرت على فراشي طويلا أتعجب من قوم لبس الله عقولهم حتى أضلهم المعلى بن خنيس
وورد ذمه وتكذيبه في كتب الشيعة الإمامية أيضا، قال النجاشي: ((معلى بن خنيس: مولى (الصادق)، ومن قبله كان مولى بني أسد، كوفي بزاز، ضعيف جدا لا يعول عليه، له كتاب يرويه جماعة)).
وقال ابن الغضائري في حق المعلى: ((كان أول أمره مغيريا، ثم دعا إلى محمد بن عبد الله، وفي هذه الظنة أخذه داود بن علي فقتله، والغلاة يضيفون إليه كثيرا، ولا أرى الاعتماد على شيء من حديثه))
وروى الكشي عن حفص الأبيض التمار قال: ((دخلت على أبي عبد الله أيام صلب المعلى بن خنيس، قال لي: يا حفص: إني أمنت المعلى فخالني، فابتلي بالحديد والنار))
وروى الكشي أيضا في رجاله في ترجمة عبد الله بن أبي يعفور، قال: تذاكر ابن أبي يعفور ومعلى بن خنيس، فقال ابن ابي يعفور: الأوصياء علماء أبرار أتقياء، وقال ابن خنيس: الأوصياء أنبياء، قال: فدخلا على أبي عبد الله قال: فلما استقر مجلسهما، قال: فبدأهما أبو عبد الله فقال: يا عبد الله إني أبرأ ممن قال إنا أنبياء
وقد حاول المتأخرون من علماء الشيعة – خاصة الخوئي – رد مطاعن أئمة البيت عن المعلى بن خنيس، خاصة وأنه كان مغيريا غاليا، والمغيرية هي فرقة من غلاة الشيعة قالت بنبوة المغيرة بن أبي سعيد العجلي، كما أن فيها تكذيبا لمشاهير علماء الرجال عن الإمامية، خاصة الكشي والنجاشي، فكيف يصح إثبات عيد النيروز في دينهم من طريق هذا الرجل الكذاب عند الفريقين، بل تفضيل هذا العيد على عيد الأضحى والفطر المجمع عليه عند المسلمين.
من هذا يتضح أن دين النيروز هو بدعة في دين الإمامية، بل هو بدعة في دين المجوس نفسه، إذ أخذوه عن السومريين والبابليين، ثم عدوه عيدا لهم، وقد حاول الفرس عبر تاريخهم الطويل ترسيخ هذا العيد في نفوس من جاورهم من المسلمين، خاصة في فترة النفوذ الفارسي على الخلافة العباسية، ثم مجي الصفويين لحكم إيران، أما اليوم فإن هذا العيد هو عيد مقدم على غيره عند الفرس، ويعدونه عيدا قوميا لا يضاهيه أي عيد آخر من أعياد المسلمين"
ومما سبق يتضح أن الوضاعين حاولوا تأليف روايات ونسبتها للأئمة من أهل البيت كى يثبتوا أنه عيد للناس وكما سبق القول لا يوجد فى كتب الشيعة إلا كل ما ينفى كون النيروز عيد للمسلمين أو حتى لبعضهم وإنما هو أثر من آثار الكفر توارثته أدين كافرة متعددة