سورة مريم
سميت بهذا الاسم لذكر قصة مريم (ص)فيها .
"بسم الله الرحمن الرحيم كهيعص ذكر رحمة ربك عبده زكريا إذ نادى ربه نداء خفيا "المعنى بحكم الرب النافع المفيد يا محمد قصة رأفة خالقك بمملوكه زكريا (ص)إذ دعا خالقه دعاء سريا ،يخاطب الله نبيه (ص)باسم كهيعص بدليل الكاف فى كلمة ربك ويبين له أن باسمه وهو حكمه وهو الله الرحمن الرحيم أى الرب النافع المفيد يقص ذكر رحمة الرب عبده زكريا (ص)أى قصة عطاء الله لمملوكه زكريا (ص) حين نادى ربه نداء خفيا أى دعا خالقه دعاء سريا والمراد دعا فى الخفاء والخطاب وما بعده من قصص هو للنبى(ص)ومنه للناس.
"قال رب إنى وهن العظم منى واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك ربى شقيا "المعنى قال إلهى ضعف العظم منى وانتشر بالشعر بياض ولم أكن لحكمك إلهى عصيا ،يبين الله لنبيه (ص)أن زكريا (ص)قال فى ندائه الخفى رب أى خالقى وهن العظم منى أى ضعفت العظام عندى واشتعل الرأس شيبا أى وانتشر بالشعر بياض ولم أكن بدعائك ربى شقيا أى ولم أصبح لحكمك خالقى مخالفا ،وزكريا (ص)هنا يشرح حالته الجسمية الواهنة التى تدل على عجزه عن تحقيق ما يطلبه من الله كما يشرح أنه أطاع الله ويستحق منه ثوابا فى الدنيا والآخرة .
"وإنى خفت الموالى من ورائى وكانت امرأتى عاقرا فهب لى من لدنك وليا يرثنى ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا "المعنى وإنى خشيت على الأنصار من بعدى وكانت زوجتى عقيما فأعطنى من عندك ناصرا يأخذ منى ومن أهل إسرائيل(ص)واجعله إلهى مقبولا ،يبين الله لنبيه(ص)أن زكريا قال فى ندائه الخفى :وإنى خفت الموالى من ورائى والمراد وإنى خشيت ضلال الأنصار من بعد وفاتى وكانت امرأتى عاقرا أى وكانت زوجتى عقيما -وهذا يعنى أن زوجة زكريا (ص)لم تكن تنجب أولاد _فهب لى من لدنك أى فأعطنى بقدرتك وليا أى ناصرا أى ولدا يرثنى أى يأخذ مالى ويرث من آل يعقوب أى ويأخذ من مال أهل إسرائيل (ص)،وهذا يعنى أن يكون الولد وارثا لكل ملك زكريا (ص)وملك بعض أهل يعقوب(ص)حتى يعمل فيه بحكم الله ،واجعل رب رضيا أى واخلقه إلهى مقبولا أى مسلما وهذا يعنى أن زكريا (ص)يريد ولد يكون حاكم للموالى بوحى الله ويرث الملك من والده وأقاربه ويكون مسلما .
"يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا "المعنى يا زكريا إنا نخبرك بولد اسمه يحيى (ص)لم نخلق له من قبل شبيها ،يبين الله لنبيه(ص)أنه أوحى إلى زكريا وحيا عن طريق الملاك فقال له فيه:يا زكريا إنا نبشرك بغلام والمراد إنا نخبرك بولادة صبى لك اسمه يحيى (ص)وهذا يعنى أن على زكريا (ص)أن يسمى الولد عند ولادته يحيى (ص)وقال لم نجعل له من قبل سميا أى لم نخلق له من قبل شبيها وهذا يعنى أن يحيى (ص)متفرد بشخصيته حيث لا يوجد مثيل له .
"قال رب أنى يكون لى غلام وكانت امرأتى عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا "المعنى قال إلهى كيف يوجد لى صبى وكانت زوجتى عقيما وقد وصلت من العجز عظما ،يبين الله لنبيه(ص)أن زكريا (ص)لما سمع الوحى خاطب الله متسائلا :ربى أنى يكون لى غلام أى إلهى كيف يصبح لى ابن وكانت امرأتى عاقرا أى وكانت زوجتى عقيما وقد بلغت من الكبر عتيا أى وقد وصلت من العجز أكبره؟والهدف من التساؤل هو أن يعرف زكريا (ص)كيف يأتى الولد لأنه يعلم أن أسباب إتيانه غير متوفرة بسبب عقم زوجته وبلوغه سن الشيخوخة .
"قال كذلك قال ربك هو على هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا "المعنى قال هكذا قال إلهك هو على يسير وقد أنشأتك من قبل ولم تك مخلوقا ،يبين الله لنبيه(ص)أنه أرسل جبريل(ص)إلى زكريا (ص)فقال له ردا على سؤاله :كذلك والمراد ستنجب الولد وأنت كبير السن وامرأتك العقيم كما هى وهذا يعنى أن الولد طريقة مجيئه من زكريا (ص)وزوجته وقال كذلك قال إلهك أى هكذا قال ربك :هو على هين أى سهل وهذا يعنى أن الخلق عند الله أمر سهل وقال وقد خلقتك من قبل والمراد وقد أنشأتك
من قبل ولم تك مخلوقا وهذا القول يبين لزكريا (ص)أن تعجبه من إنجابه للولد رغم كبره وعقم زوجته لا داعى له لأن الله خلقه من عدم وما دام خلقه من عدم فهو قادر على خلق ابنه من عدم .
"قال رب اجعل لى آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوه بكرة وعشيا "المعنى قال إلهى حدد لى علامة قال علامتك ألا تحدث الناس ثلاث أيام متتالية فطلع على شعبه من المصلى فأشار إليهم أن أطيعوه نهارا وليلا ،يبين الله لنبيه(ص)أن زكريا (ص)لما سمع كلام جبريل(ص)دعا الله فقال :رب أى إلهى اجعل لى آية أى حدد لى علامة والمراد أن يعين له إشارة معينة يعلم بها أن الحمل سيتحقق فى المستقبل فأوحى الله له :آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا والمراد علامتك ألا تحدث البشر ثلاث أيام كليا وهذا يعنى أن العلامة الدالة على تحقق الحمل فى المستقبل هى ألا يقدر زكريا (ص)على الحديث مع الناس لمدة ثلاث أيام متتالية وبعد أن انتهى من العلم بأمر الوحى أحس أنه لا يقدر على الكلام فخرج على قومه من المحراب والمراد فطلع على شعبه من المصلى فأوحى إليهم أى فأشار لهم بالرموز إشارة معناها سبحوه بكرة وعشيا أى أطيعوا حكم الله نهارا وليلا .
"يا يحيى خذ الكتاب بقوة وأتيناه الحكم صبيا وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا "المعنى يا يحيى أطع الوحى بعزم وأعطيناه الوحى شابا وعطفا من عندنا وطهارة وكان طائعا ومحسنا لأبويه ولم يكن متكبرا مخالفا ورحمة له يوم أنجب ويوم يتوفى ويوم يرجع مبعوثا ،يبين الله لنبيه(ص)أنه أوحى ليحيى (ص)لما كبر وحيا قال له فيه :يا يحيى خذ الكتاب بقوة أى أطع الوحى بعزم أى اتبع الحكم بإصرار ،ويبين له أنه أتاه الحكم وهو الحنان أى الرحمة أى الزكاة وهى الحق وكل ذلك بمعنى واحد هو الوحى وهو صبى أى شاب وهذا يعنى أن يحيى (ص)نزل عليه الوحى فى سن الشباب ،ويبين للنبى (ص)أن يحيى (ص)كان تقيا أى مطيعا للوحى ،برا بوالديه أى محسنا إلى أبويه ،ولم يكن جبارا أى عنيدا وفسره بأنه لم يكن عصيا أى مخالفا للوحى الإلهى ويبين للنبى (ص)أن السلام وهو الخير ليحيى (ص)يوم ولد أى أتى للحياة ويوم يموت أى يتوفى وهذا القول يعنى أنه مات موتة طبيعية ولم يقتل ويوم يبعث حيا أى ويوم يعود عائشا فى يوم القيامة وهذا يعنى أن الله جعل له الرحمة فى الدنيا والأخرة .
"واذكر فى الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا "المعنى وتحدث فى الوحى عن مريم(ص)حين بعدت عن أسرتها موضعا شرقيا فصنعت من دونهم حاجزا فبعثنا لها جبريل (ص)فتشبه لها بإنسان كامل ، يطلب الله من نبيه(ص)أن يذكر فى الكتاب مريم (ص)والمراد أن يقص فى الوحى المسجل فى الصحف فى الكعبة قصة مريم (ص)إذا انتبذت من أهلها مكانا شرقيا والمراد إذا ابتعدت عن مكان سكن أسرتها إلى مكان شرقى أى يقع إلى الشرق من مسكن أسرتها فاتخذت من دونهم حجابا أى فصنعت من أمامهم ساترا والمراد فبنت بينها وبينهم سور وهذا يعنى أنها بنت مسكن لها بجوار مسكن أسرتها وصنعت بينهما سور فأرسل لها روحه وهو رسوله (ص)جبريل فتمثل لها بشرا سويا أى فتشبه لها بإنسان سليم والمراد ذهب إليها إنسانا كاملا .
"قالت إنى أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا قالت أنى يكون لى غلام ولم يمسسنى بشر ولم أك بغيا "المعنى قالت إنى أحتمى بالله منك إن كنت مطيعا قال إنما أنا مبعوث إلهك لأعطى لك صبيا بريئا قالت كيف يكون لى ابن ولم يتزوجنى إنسان ولم أصبح زانية ،يبين الله لنا أن مريم (ص)قالت لجبريل (ص)إنى أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا أى إنى أحتمى منك بالنافع إن كنت مطيعا وهذا القول يعنى أنها تقول له إن الحامى لى منك فى حالة كونك مطيع لله هو خوفك من عذاب الرحمن أى أن تكون متبعا لحكم النافع ،فقال لها :إنما أنا رسول ربك أى إنما أنا مبعوث خالقك وهذا يعنى أن الله كلفه بالذهاب لها خاصة ،وقال لأهب لك غلاما زكيا أى لأعطى لك ولدا بريئا وهذا يعنى أن سبب بعث الله لها هو أن يعطيها الغلام الطاهر ،فلما سمعت مريم (ص)القول تعجبت فتساءلت :أنى يكون لى غلام أى كيف يصبح لى طفل ولم يمسسنى بشر أى ولم يتزوجنى إنسان ولم أك بغيا أى زانية عاهرة ؟ والغرض من التساؤل هو إخبار جبريل (ص)أن أسباب الإنجاب المعروفة وهى الزواج والزنى ليست موجودة ومن ثم فهى تريد معرفة طريقة مجىء هذا الولد إذا كانت الأسباب غير متوفرة .
"قال كذلك قال ربك هو على هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا "المعنى قال هكذا قال إلهك هو على يسير ولنخلقه برهان للخلق ونفع منا وكان خبرا واقعا ،يبين الله لنا أن جبريل(ص)قال لمريم (ص)ردا على سؤالها :كذلك قال ربك هو على هين والمراد هكذا ستحملين بدون زواج أو زنى فهكذا قضى خالقك فقال هو على يسير أى سهل وهذا يعنى أن الخلق حسب القوانين المعروفة وعدم الخلق حسبها كلاهما سواء عند الله فى السهولة وقال لها ولنجعله آية للناس أى ولنخلقه برهان للخلق ،ورحمة منا أى"روح منه"كما قال بسورة النساء والمراد أن الولد نافع للناس بإبلاغه الوحى لهم وكان أمرا مقضيا والمراد وكان خبرا حادثا أى "أمرا كان مفعولا "كما قال بسورة الأنفال وهذا يعنى أن الولد سيولد فى المستقبل .
"فحملته فانتبذت به مكانا قصيا فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتنى مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا "المعنى فحبلت به فأقامت بأرض بعيدة فأتتها الولادة عند ساق النخلة قالت يا ليتنى توفيت قبل هذا وكنت تركا متروكا ،يبين الله لنا أن مريم(ص)لما حملت بالولد والمراد لما حبلت بالإبن انتبذت به مكانا قصيا أى أقامت به فى مكان بعيد وهذا يعنى أنها خرجت من البلد فأقامت فى مكان بعيد عن أسرتها،وقد جاء مريم (ص)المخاض وهو الولادة جاءتها إلى جذع النخلة والمراد أتتها عند ساق النخلة وهو المكان الذى سكنت عنده ولما أتتها الولادة تذكرت ما سيقوله الناس عنها فحزنت ومن حزنها قالت :يا ليتنى مت قبل هذا أى يا ليتنى توفيت قبل أمر هذا الولد وهذا يعنى أنها فضلت فى تلك اللحظة الموت على حياتها التى ستتهم فيها فى شرفها وعرضها وقالت وكنت نسيا منسيا أى وكنت شيئا مهملا وهذا يعنى أنها تمنت لو كانت شيئا ميتا حتى ينساها الناس ولا يذكرونها بسوء .
"فناداها من تحتها ألا تحزنى قد جعل ربك تحتك سريا وهزى إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا فكلى واشربى وقرى عينا فإما ترين من البشر أحدا فقولى إنى نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا "المعنى فخاطبها من أسفلها ألا تخافى قد خلق إلهك أسفلك نهرا وحركى لك ساق النخلة تنزل عليك بلحا طريا فاطعمى وارتوى واطمئنى قلبا فإما تشاهدين من الناس فردا فقولى إنى جعلت لله صياما فلن أحدث اليوم إنسانا ،يبين الله لنا أن جبريل(ص)نادى أى خاطب مريم (ص)من تحتها والمراد من أسفل الأرض التى جلست عليها فقال لها :لا تحزنى أى لا تخافى من حدوث مكروه لك قد جعل ربك تحتك سريا والمراد قد خلق إلهك أسفل الأرض التى أنت عليها عين ماء لتشربى منها ،وهزى إليك بجذع النخلة والمراد وحركى بقوة نفسك ساق الشجرة تساقط عليك رطبا جنيا والمراد تنزل لك بلحا نافعا فكلى واشربى وقرى عينى والمراد فاطعمى من البلح وارتوى من السرى واطمئنى قلبا أى اجعلى نفسك ساكنة هادئة ،وقال لها فإما ترين من البشر أحدا فقولى إنى نذرت للرحمن صوما أى فإما تشاهدين فردا من الناس فقولى إنى فرضت للنافع انقطاعا عن الكلام فلن أكلم اليوم إنسيا أى فلن أتحدث اليوم مع إنسان ،وهذا يعنى أن الله جعل لها مخرج من الحديث المؤلم مع الناس عن ابنها وعرضها وهو أن تعلن لهم أنها صائمة عن الحديث اليوم وعند ذلك لن يدخلوا معها فى مناقشات كلامية عن ابنها وعرضها .
"فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا يا أخت مريم ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا "المعنى فجاءت به أهلها ترفعه قالوا يا مريم لقد أتيت فعلا منكرا يا أخت هارون ما كان والدك إنسانا كافرا وما كانت أمك كافرة ،يبين الله لنا أن مريم (ص)بعد أن ولدت عيسى (ص)أقامت به مدة فى المكان القصى ثم أتت به قومها تحمله والمراد ثم جاءت به إلى أهلها تحضنه فلما شاهدوا ذلك ذهبت أنفسهم إلى أن مريم (ص)قد زنت فى فترة غيابها فقالوا لها :يا مريم لقد جئت شيئا فريا أى "لقد جئت شيئا نكرا"كما قال بسورة الإسراء والمراد لقد ارتكبت فعلا سيئا ثم قالوا يا أخت هارون وكان لها أخ يسمى هارون :ما كان أبوك امرأ سوء والمراد ما كان والدك إنسانا كافرا وما كانت أمك بغيا أى وما كنت والدتك كافرة وهذا القول يعنى أنهم يقولون لها كيف تزنين وأباك وأمك مسلمين لم يفعلا كفرا كالزنى .
"فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان فى المهد صبيا "المعنى فأماءت إليه قالوا كيف نحدث من كان فى الفراش شابا ؟يبين الله لنا أن القوم لما اتهموا مريم (ص)بالزنى لم تزد على أنها أشارت أى أماءت إلى ولدها لأنها كانت ممنوعة من الكلام بسبب نذر الصوم وكان معنى إشارتها لولدها هو أنه الذى سيدافع عنها فقال القوم لها ساخرين منها كيف نكلم من كان فى المهد صبيا والمراد كيف نحدث من كان فى الفراش شابا ؟ومعنى السؤال هل يحدثنا الرضيع فى الفراش كما يحدثنا الشاب؟وهو سؤال ساخر منها.
"قال إنى عبد الله أتانى الكتاب وجعلنى نبيا وجعلنى مباركا أينما كنت وأوصانى بالصلاة والزكاة ما دمت حيا وبرا بوالدتى ولم يكن جبارا شقيا والسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا "المعنى قال إنى مملوك الله أعطانى الوحى واختارنى رسولا وجعلنى نافعا حيثما كنت وأمرنى بالطاعة أى الحق ما بقيت عائشا ومحسنا لأمى ولم يخلقنى عنيدا مخالفا والرحمة على يوم أنجبت ويوم أتوفى ويوم أرجع عائشا ،يبين الله لنا أن القوم لما استحالوا أن يدافع الوليد عن أمه وهو فى الفراش وجدوا الوليد يقول لهم :إنى عبد الله أى إنى مملوك الله أى إنى مطيع حكم الله ،أتانى الكتاب وجعلنى نبيا أى أوحى لى الوحى واختارنى رسولا وهذا يعنى أنه عرف أن سيكون نبى فى المستقبل،وجعلنى مباركا أينما كنت أى وخلقنى وجيها أى نافعا حيثما وجدت مصداق لقوله بسورة آل عمران "وجيها فى الدنيا والآخرة "وهذا يعنى أنه نافع أى عظيم فى أى مكان يتواجد فيه ،وأوصانى بالصلاة أى الزكاة والمراد وأمرنى بطاعة الدين أى اتباع الإسلام ما دمت حيا أى ما بقيت عائشا ،وبرا بوالدتى أى ومحسنا لأمى ولم يجعلنى جبارا شقيا والمراد ولم يخلقنى عنيدا مخالفا لحكمه،والسلام على يوم ولدت أى والرحمة لى يوم أنجبتنى أمى ويوم أموت أى أتوفى ويوم أبعث حيا أى ويوم أعود موجودا فى يوم القيامة ،وهذا يعنى أن رحمة الله لعيسى (ص)فى الدنيا والأخرة ويفيد هذا القول موت عيسى (ص) دنيويا .
"ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذى فيه يمترون ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون "المعنى ذلك عيسى ولد مريم (ص)كلمة الحق الذى به يكذبون ما كان لله أن يصطفى من ابن طاعته إذا أراد شيئا فإنما يوحى له تواجد فيوجد،يبين الله لنا أن ذلك أى والمراد أن قصة عيسى ابن أى ولد مريم (ص)هى قول الحق وهو حديث الصدق الذى فيه يمترون والمراد الذى به يكذبون وهذا يعنى أن النصارى يكذبون بهذه القصص الحق ويبين لنا أنه ما كان لله أن يتخذ من ولد والمراد ما ينبغى لله أن يصطفى من ابن لأنه حرم ذلك على نفسه ويبين لنا أنه سبحانه والمراد أن التسبيح له أى أن الطاعة لحكم الله وحده ويبين لنا أنه إذا قضى أى أراد أمرا كما قال بسورة يس"إنما أمره إذا أراد شيئا "فإنما يقول له كن فيكون والمراد فإنما يوحى له أصبح فيصبح أى انخلق فينخلق .
"وإن الله ربى وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم "المعنى وإن الله إلهى وإلهكم فأطيعوه هذا دين عادل،يبين الله لنا أن المسيح(ص)قال للقوم :إن الله ربى وربكم والمراد إن الرب خالقى وخالقكم فاعبدوه أى فأطيعوا حكمه أى فاتقوه مصداق لقوله بسورة النساء"اتقوا ربكم"هذا صراط مستقيم أى فهو الدين العادل وهذا يعنى أن عبادة الله وحده هى الدين الحق .
"فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا لكن الظالمون اليوم فى ضلال مبين "المعنى فتنازعت الفرق فيما بينهم فعذاب للذين كذبوا عن حضور يوم كبير اعلم بهم أى اشهد يوم يجيئنونا لكن الكافرون اليوم فى عذاب عظيم ،يبين الله لنبيه(ص)أن الأحزاب وهى الفرق ذات الأديان المتعددة حدث بينها التالى الإختلاف وهو التنازع أى التفرق فى تفسير الدين الإلهى فأدى ذلك إلى كفر الفرق كلها عدا فرقة واحدة هى التى تثبت على ما كان عليه رسولها (ص)ويبين أن الويل العظيم وهو الألم الكبير للذين كفروا أى ظلموا من مشهد يوم عظيم أى من عذاب يوم أليم مصداق لقوله بسورة الزخرف"فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم "ويطلب الله من نبيه(ص)أن يسمع بالذين كفروا أى يبصر والمراد أن يعلم بهم يوم يأتون الله والمراد يوم يدخلون عقاب الله ويبين له أن الظالمون وهم الكافرون اليوم وهو وقت القيامة فى ضلال مبين أى فى عذاب عظيم .
"وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضى الأمر وهم فى غفلة وهم لا يؤمنون"المعنى وأخبرهم بيوم العذاب إذا انتهى الحكم وهم فى سهوة وهم لا يصدقون ،يطلب الله من نبيه(ص)أن ينذر أى يخبر أى يخوف الكفار من يوم الحسرة وهو يوم العذاب أى يوم الأزفة مصداق لقوله بسورة غافر"وأنذرهم يوم الأزفة" لهم حين قضى الأمر والمراد حين انتهى الحكم بالحق وهو بتعذيبهم وهم فى غفلة أى سهو أى انشغال عن طاعة حكم الله وفسر هذا ذلك بأنهم لا يؤمنون أى لا يصدقون حكم الله أى يعرضون عنه مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وهم فى غفلة معرضون .
"إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون "المعنى إنا نحن نملك الأرض ومن فوقها وإلينا يعودون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه هو يرث الأرض أى يملك الحكم فى الأرض وفسر ذلك بأنه يرث من على الأرض والمراد يملك الحكم فى مخلوقات الأرض وترجع له المخلوقات أى وتؤوب له المخلوقات مصداق لقوله بسورة الغاشية "إنا إلينا إيابهم "والمراد يعودون لجزاء الله ثوابا أو عقابا.
"واذكر فى الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغنى عنك شيئا "المعنى وقص فى القرآن قصة إبراهيم(ص)إنه كان خليلا رسولا حين قال لوالده يا والدى لماذا تطيع الذى لا يعلم ولا يدرى ولا يمنع عنك ضررا ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يذكر فى الكتاب والمراد أن يقص فى القرآن قصة إبراهيم (ص)وهى أنه كان صديقا أى مصدقا بحكم الله أى خليلا لله مصداق لقوله بسورة النساء "واتخذ الله إبراهيم خليلا"و نبيا أى رسولا إذ قال لأبيه والمراد حين قال لوالده:يا أبت والمراد يا والدى لم تعبد ما لا يسمع أى لا يبصر والمراد لماذا تتبع الذى لا يعلم أى يدرى بدعوتكم ولا يغنى عنك شيئا والمراد ولا يمنع عنك ضررا مصداق لقوله بسورة الشعراء"هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون "والغرض من السؤال هو إخبار الأب هو أن الآلهة المزعومة جاهلة بما يدعى القوم أنه طاعة لها وعاجزة عن رد الضرر عنهم .
"يا أبت إنى قد جاءنى من العلم ما لم يأتك فاتبعنى أهدك صراطا سويا يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا يا أبت إنى أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا "المعنى يا والدى إنى قد أتانى من الوحى الذى لم يجيئك فأطعنى أعلمك دينا سليما يا والدى لا تطع الهوى إن الهوى كان للنافع مخالفا يا والدى إنى أخشى أن يصيبك عقاب من النافع فتصبح للهوى نصيرا ،يبين الله لنا على لسان نبيه(ص)أن إبراهيم (ص)قال لأبيه :يا أبت أى يا والدى :إنى قد جاءنى من العلم ما لم يأتك والمراد إنى قد أتانى من وحى الله الذى لم يجيئك اتبعنى أهدك صراطا سويا أى فأطعنى أعلمك دينا عادلا وهذا يعنى أن إبراهيم (ص)يوضح لأبيه أنه أتاه العلم الصحيح الذى لا يعرف به الأب ومن ثم عليه أن يطيعه حتى يعرفه الدين الصحيح الواجب عليه اتباعه ،وقال يا أبت أى يا والدى لا تعبد الشيطان أى لا تطع الهوى والمراد لا تتبع قول شهوات النفس إن الشيطان وهو الهوى أى الشهوات كان للرحمن وهو الله النافع عصيا أى مخالفا فى الأحكام ،وهذا يعنى أن إبراهيم (ص)ينهى أباه عن عبادة الشيطان وهو شهوات النفس لأنها دائما مخالفة لأحكام الله فى الوحى ،وقال يا أبت أى يا والدى إنى أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن أى إنى أخشى أن يصيبك عقاب من النافع ،وهذا يعنى أن إبراهيم (ص)من حبه لوالده يخاف أن يقع عليه عذاب الله ،وقال فتكون للشيطان وليا أى فتصبح للهوى نصيرا وهذا يعنى أن إبراهيم (ص)يؤكد لأبيه أن العذاب إن نزل عليه فقد أصبح ولى أى متبع أى مناصر للشيطان وهو هوى النفس الضال .
سميت بهذا الاسم لذكر قصة مريم (ص)فيها .
"بسم الله الرحمن الرحيم كهيعص ذكر رحمة ربك عبده زكريا إذ نادى ربه نداء خفيا "المعنى بحكم الرب النافع المفيد يا محمد قصة رأفة خالقك بمملوكه زكريا (ص)إذ دعا خالقه دعاء سريا ،يخاطب الله نبيه (ص)باسم كهيعص بدليل الكاف فى كلمة ربك ويبين له أن باسمه وهو حكمه وهو الله الرحمن الرحيم أى الرب النافع المفيد يقص ذكر رحمة الرب عبده زكريا (ص)أى قصة عطاء الله لمملوكه زكريا (ص) حين نادى ربه نداء خفيا أى دعا خالقه دعاء سريا والمراد دعا فى الخفاء والخطاب وما بعده من قصص هو للنبى(ص)ومنه للناس.
"قال رب إنى وهن العظم منى واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك ربى شقيا "المعنى قال إلهى ضعف العظم منى وانتشر بالشعر بياض ولم أكن لحكمك إلهى عصيا ،يبين الله لنبيه (ص)أن زكريا (ص)قال فى ندائه الخفى رب أى خالقى وهن العظم منى أى ضعفت العظام عندى واشتعل الرأس شيبا أى وانتشر بالشعر بياض ولم أكن بدعائك ربى شقيا أى ولم أصبح لحكمك خالقى مخالفا ،وزكريا (ص)هنا يشرح حالته الجسمية الواهنة التى تدل على عجزه عن تحقيق ما يطلبه من الله كما يشرح أنه أطاع الله ويستحق منه ثوابا فى الدنيا والآخرة .
"وإنى خفت الموالى من ورائى وكانت امرأتى عاقرا فهب لى من لدنك وليا يرثنى ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا "المعنى وإنى خشيت على الأنصار من بعدى وكانت زوجتى عقيما فأعطنى من عندك ناصرا يأخذ منى ومن أهل إسرائيل(ص)واجعله إلهى مقبولا ،يبين الله لنبيه(ص)أن زكريا قال فى ندائه الخفى :وإنى خفت الموالى من ورائى والمراد وإنى خشيت ضلال الأنصار من بعد وفاتى وكانت امرأتى عاقرا أى وكانت زوجتى عقيما -وهذا يعنى أن زوجة زكريا (ص)لم تكن تنجب أولاد _فهب لى من لدنك أى فأعطنى بقدرتك وليا أى ناصرا أى ولدا يرثنى أى يأخذ مالى ويرث من آل يعقوب أى ويأخذ من مال أهل إسرائيل (ص)،وهذا يعنى أن يكون الولد وارثا لكل ملك زكريا (ص)وملك بعض أهل يعقوب(ص)حتى يعمل فيه بحكم الله ،واجعل رب رضيا أى واخلقه إلهى مقبولا أى مسلما وهذا يعنى أن زكريا (ص)يريد ولد يكون حاكم للموالى بوحى الله ويرث الملك من والده وأقاربه ويكون مسلما .
"يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا "المعنى يا زكريا إنا نخبرك بولد اسمه يحيى (ص)لم نخلق له من قبل شبيها ،يبين الله لنبيه(ص)أنه أوحى إلى زكريا وحيا عن طريق الملاك فقال له فيه:يا زكريا إنا نبشرك بغلام والمراد إنا نخبرك بولادة صبى لك اسمه يحيى (ص)وهذا يعنى أن على زكريا (ص)أن يسمى الولد عند ولادته يحيى (ص)وقال لم نجعل له من قبل سميا أى لم نخلق له من قبل شبيها وهذا يعنى أن يحيى (ص)متفرد بشخصيته حيث لا يوجد مثيل له .
"قال رب أنى يكون لى غلام وكانت امرأتى عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا "المعنى قال إلهى كيف يوجد لى صبى وكانت زوجتى عقيما وقد وصلت من العجز عظما ،يبين الله لنبيه(ص)أن زكريا (ص)لما سمع الوحى خاطب الله متسائلا :ربى أنى يكون لى غلام أى إلهى كيف يصبح لى ابن وكانت امرأتى عاقرا أى وكانت زوجتى عقيما وقد بلغت من الكبر عتيا أى وقد وصلت من العجز أكبره؟والهدف من التساؤل هو أن يعرف زكريا (ص)كيف يأتى الولد لأنه يعلم أن أسباب إتيانه غير متوفرة بسبب عقم زوجته وبلوغه سن الشيخوخة .
"قال كذلك قال ربك هو على هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا "المعنى قال هكذا قال إلهك هو على يسير وقد أنشأتك من قبل ولم تك مخلوقا ،يبين الله لنبيه(ص)أنه أرسل جبريل(ص)إلى زكريا (ص)فقال له ردا على سؤاله :كذلك والمراد ستنجب الولد وأنت كبير السن وامرأتك العقيم كما هى وهذا يعنى أن الولد طريقة مجيئه من زكريا (ص)وزوجته وقال كذلك قال إلهك أى هكذا قال ربك :هو على هين أى سهل وهذا يعنى أن الخلق عند الله أمر سهل وقال وقد خلقتك من قبل والمراد وقد أنشأتك
من قبل ولم تك مخلوقا وهذا القول يبين لزكريا (ص)أن تعجبه من إنجابه للولد رغم كبره وعقم زوجته لا داعى له لأن الله خلقه من عدم وما دام خلقه من عدم فهو قادر على خلق ابنه من عدم .
"قال رب اجعل لى آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوه بكرة وعشيا "المعنى قال إلهى حدد لى علامة قال علامتك ألا تحدث الناس ثلاث أيام متتالية فطلع على شعبه من المصلى فأشار إليهم أن أطيعوه نهارا وليلا ،يبين الله لنبيه(ص)أن زكريا (ص)لما سمع كلام جبريل(ص)دعا الله فقال :رب أى إلهى اجعل لى آية أى حدد لى علامة والمراد أن يعين له إشارة معينة يعلم بها أن الحمل سيتحقق فى المستقبل فأوحى الله له :آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا والمراد علامتك ألا تحدث البشر ثلاث أيام كليا وهذا يعنى أن العلامة الدالة على تحقق الحمل فى المستقبل هى ألا يقدر زكريا (ص)على الحديث مع الناس لمدة ثلاث أيام متتالية وبعد أن انتهى من العلم بأمر الوحى أحس أنه لا يقدر على الكلام فخرج على قومه من المحراب والمراد فطلع على شعبه من المصلى فأوحى إليهم أى فأشار لهم بالرموز إشارة معناها سبحوه بكرة وعشيا أى أطيعوا حكم الله نهارا وليلا .
"يا يحيى خذ الكتاب بقوة وأتيناه الحكم صبيا وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا "المعنى يا يحيى أطع الوحى بعزم وأعطيناه الوحى شابا وعطفا من عندنا وطهارة وكان طائعا ومحسنا لأبويه ولم يكن متكبرا مخالفا ورحمة له يوم أنجب ويوم يتوفى ويوم يرجع مبعوثا ،يبين الله لنبيه(ص)أنه أوحى ليحيى (ص)لما كبر وحيا قال له فيه :يا يحيى خذ الكتاب بقوة أى أطع الوحى بعزم أى اتبع الحكم بإصرار ،ويبين له أنه أتاه الحكم وهو الحنان أى الرحمة أى الزكاة وهى الحق وكل ذلك بمعنى واحد هو الوحى وهو صبى أى شاب وهذا يعنى أن يحيى (ص)نزل عليه الوحى فى سن الشباب ،ويبين للنبى (ص)أن يحيى (ص)كان تقيا أى مطيعا للوحى ،برا بوالديه أى محسنا إلى أبويه ،ولم يكن جبارا أى عنيدا وفسره بأنه لم يكن عصيا أى مخالفا للوحى الإلهى ويبين للنبى (ص)أن السلام وهو الخير ليحيى (ص)يوم ولد أى أتى للحياة ويوم يموت أى يتوفى وهذا القول يعنى أنه مات موتة طبيعية ولم يقتل ويوم يبعث حيا أى ويوم يعود عائشا فى يوم القيامة وهذا يعنى أن الله جعل له الرحمة فى الدنيا والأخرة .
"واذكر فى الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا "المعنى وتحدث فى الوحى عن مريم(ص)حين بعدت عن أسرتها موضعا شرقيا فصنعت من دونهم حاجزا فبعثنا لها جبريل (ص)فتشبه لها بإنسان كامل ، يطلب الله من نبيه(ص)أن يذكر فى الكتاب مريم (ص)والمراد أن يقص فى الوحى المسجل فى الصحف فى الكعبة قصة مريم (ص)إذا انتبذت من أهلها مكانا شرقيا والمراد إذا ابتعدت عن مكان سكن أسرتها إلى مكان شرقى أى يقع إلى الشرق من مسكن أسرتها فاتخذت من دونهم حجابا أى فصنعت من أمامهم ساترا والمراد فبنت بينها وبينهم سور وهذا يعنى أنها بنت مسكن لها بجوار مسكن أسرتها وصنعت بينهما سور فأرسل لها روحه وهو رسوله (ص)جبريل فتمثل لها بشرا سويا أى فتشبه لها بإنسان سليم والمراد ذهب إليها إنسانا كاملا .
"قالت إنى أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا قالت أنى يكون لى غلام ولم يمسسنى بشر ولم أك بغيا "المعنى قالت إنى أحتمى بالله منك إن كنت مطيعا قال إنما أنا مبعوث إلهك لأعطى لك صبيا بريئا قالت كيف يكون لى ابن ولم يتزوجنى إنسان ولم أصبح زانية ،يبين الله لنا أن مريم (ص)قالت لجبريل (ص)إنى أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا أى إنى أحتمى منك بالنافع إن كنت مطيعا وهذا القول يعنى أنها تقول له إن الحامى لى منك فى حالة كونك مطيع لله هو خوفك من عذاب الرحمن أى أن تكون متبعا لحكم النافع ،فقال لها :إنما أنا رسول ربك أى إنما أنا مبعوث خالقك وهذا يعنى أن الله كلفه بالذهاب لها خاصة ،وقال لأهب لك غلاما زكيا أى لأعطى لك ولدا بريئا وهذا يعنى أن سبب بعث الله لها هو أن يعطيها الغلام الطاهر ،فلما سمعت مريم (ص)القول تعجبت فتساءلت :أنى يكون لى غلام أى كيف يصبح لى طفل ولم يمسسنى بشر أى ولم يتزوجنى إنسان ولم أك بغيا أى زانية عاهرة ؟ والغرض من التساؤل هو إخبار جبريل (ص)أن أسباب الإنجاب المعروفة وهى الزواج والزنى ليست موجودة ومن ثم فهى تريد معرفة طريقة مجىء هذا الولد إذا كانت الأسباب غير متوفرة .
"قال كذلك قال ربك هو على هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا "المعنى قال هكذا قال إلهك هو على يسير ولنخلقه برهان للخلق ونفع منا وكان خبرا واقعا ،يبين الله لنا أن جبريل(ص)قال لمريم (ص)ردا على سؤالها :كذلك قال ربك هو على هين والمراد هكذا ستحملين بدون زواج أو زنى فهكذا قضى خالقك فقال هو على يسير أى سهل وهذا يعنى أن الخلق حسب القوانين المعروفة وعدم الخلق حسبها كلاهما سواء عند الله فى السهولة وقال لها ولنجعله آية للناس أى ولنخلقه برهان للخلق ،ورحمة منا أى"روح منه"كما قال بسورة النساء والمراد أن الولد نافع للناس بإبلاغه الوحى لهم وكان أمرا مقضيا والمراد وكان خبرا حادثا أى "أمرا كان مفعولا "كما قال بسورة الأنفال وهذا يعنى أن الولد سيولد فى المستقبل .
"فحملته فانتبذت به مكانا قصيا فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتنى مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا "المعنى فحبلت به فأقامت بأرض بعيدة فأتتها الولادة عند ساق النخلة قالت يا ليتنى توفيت قبل هذا وكنت تركا متروكا ،يبين الله لنا أن مريم(ص)لما حملت بالولد والمراد لما حبلت بالإبن انتبذت به مكانا قصيا أى أقامت به فى مكان بعيد وهذا يعنى أنها خرجت من البلد فأقامت فى مكان بعيد عن أسرتها،وقد جاء مريم (ص)المخاض وهو الولادة جاءتها إلى جذع النخلة والمراد أتتها عند ساق النخلة وهو المكان الذى سكنت عنده ولما أتتها الولادة تذكرت ما سيقوله الناس عنها فحزنت ومن حزنها قالت :يا ليتنى مت قبل هذا أى يا ليتنى توفيت قبل أمر هذا الولد وهذا يعنى أنها فضلت فى تلك اللحظة الموت على حياتها التى ستتهم فيها فى شرفها وعرضها وقالت وكنت نسيا منسيا أى وكنت شيئا مهملا وهذا يعنى أنها تمنت لو كانت شيئا ميتا حتى ينساها الناس ولا يذكرونها بسوء .
"فناداها من تحتها ألا تحزنى قد جعل ربك تحتك سريا وهزى إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا فكلى واشربى وقرى عينا فإما ترين من البشر أحدا فقولى إنى نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا "المعنى فخاطبها من أسفلها ألا تخافى قد خلق إلهك أسفلك نهرا وحركى لك ساق النخلة تنزل عليك بلحا طريا فاطعمى وارتوى واطمئنى قلبا فإما تشاهدين من الناس فردا فقولى إنى جعلت لله صياما فلن أحدث اليوم إنسانا ،يبين الله لنا أن جبريل(ص)نادى أى خاطب مريم (ص)من تحتها والمراد من أسفل الأرض التى جلست عليها فقال لها :لا تحزنى أى لا تخافى من حدوث مكروه لك قد جعل ربك تحتك سريا والمراد قد خلق إلهك أسفل الأرض التى أنت عليها عين ماء لتشربى منها ،وهزى إليك بجذع النخلة والمراد وحركى بقوة نفسك ساق الشجرة تساقط عليك رطبا جنيا والمراد تنزل لك بلحا نافعا فكلى واشربى وقرى عينى والمراد فاطعمى من البلح وارتوى من السرى واطمئنى قلبا أى اجعلى نفسك ساكنة هادئة ،وقال لها فإما ترين من البشر أحدا فقولى إنى نذرت للرحمن صوما أى فإما تشاهدين فردا من الناس فقولى إنى فرضت للنافع انقطاعا عن الكلام فلن أكلم اليوم إنسيا أى فلن أتحدث اليوم مع إنسان ،وهذا يعنى أن الله جعل لها مخرج من الحديث المؤلم مع الناس عن ابنها وعرضها وهو أن تعلن لهم أنها صائمة عن الحديث اليوم وعند ذلك لن يدخلوا معها فى مناقشات كلامية عن ابنها وعرضها .
"فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا يا أخت مريم ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا "المعنى فجاءت به أهلها ترفعه قالوا يا مريم لقد أتيت فعلا منكرا يا أخت هارون ما كان والدك إنسانا كافرا وما كانت أمك كافرة ،يبين الله لنا أن مريم (ص)بعد أن ولدت عيسى (ص)أقامت به مدة فى المكان القصى ثم أتت به قومها تحمله والمراد ثم جاءت به إلى أهلها تحضنه فلما شاهدوا ذلك ذهبت أنفسهم إلى أن مريم (ص)قد زنت فى فترة غيابها فقالوا لها :يا مريم لقد جئت شيئا فريا أى "لقد جئت شيئا نكرا"كما قال بسورة الإسراء والمراد لقد ارتكبت فعلا سيئا ثم قالوا يا أخت هارون وكان لها أخ يسمى هارون :ما كان أبوك امرأ سوء والمراد ما كان والدك إنسانا كافرا وما كانت أمك بغيا أى وما كنت والدتك كافرة وهذا القول يعنى أنهم يقولون لها كيف تزنين وأباك وأمك مسلمين لم يفعلا كفرا كالزنى .
"فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان فى المهد صبيا "المعنى فأماءت إليه قالوا كيف نحدث من كان فى الفراش شابا ؟يبين الله لنا أن القوم لما اتهموا مريم (ص)بالزنى لم تزد على أنها أشارت أى أماءت إلى ولدها لأنها كانت ممنوعة من الكلام بسبب نذر الصوم وكان معنى إشارتها لولدها هو أنه الذى سيدافع عنها فقال القوم لها ساخرين منها كيف نكلم من كان فى المهد صبيا والمراد كيف نحدث من كان فى الفراش شابا ؟ومعنى السؤال هل يحدثنا الرضيع فى الفراش كما يحدثنا الشاب؟وهو سؤال ساخر منها.
"قال إنى عبد الله أتانى الكتاب وجعلنى نبيا وجعلنى مباركا أينما كنت وأوصانى بالصلاة والزكاة ما دمت حيا وبرا بوالدتى ولم يكن جبارا شقيا والسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا "المعنى قال إنى مملوك الله أعطانى الوحى واختارنى رسولا وجعلنى نافعا حيثما كنت وأمرنى بالطاعة أى الحق ما بقيت عائشا ومحسنا لأمى ولم يخلقنى عنيدا مخالفا والرحمة على يوم أنجبت ويوم أتوفى ويوم أرجع عائشا ،يبين الله لنا أن القوم لما استحالوا أن يدافع الوليد عن أمه وهو فى الفراش وجدوا الوليد يقول لهم :إنى عبد الله أى إنى مملوك الله أى إنى مطيع حكم الله ،أتانى الكتاب وجعلنى نبيا أى أوحى لى الوحى واختارنى رسولا وهذا يعنى أنه عرف أن سيكون نبى فى المستقبل،وجعلنى مباركا أينما كنت أى وخلقنى وجيها أى نافعا حيثما وجدت مصداق لقوله بسورة آل عمران "وجيها فى الدنيا والآخرة "وهذا يعنى أنه نافع أى عظيم فى أى مكان يتواجد فيه ،وأوصانى بالصلاة أى الزكاة والمراد وأمرنى بطاعة الدين أى اتباع الإسلام ما دمت حيا أى ما بقيت عائشا ،وبرا بوالدتى أى ومحسنا لأمى ولم يجعلنى جبارا شقيا والمراد ولم يخلقنى عنيدا مخالفا لحكمه،والسلام على يوم ولدت أى والرحمة لى يوم أنجبتنى أمى ويوم أموت أى أتوفى ويوم أبعث حيا أى ويوم أعود موجودا فى يوم القيامة ،وهذا يعنى أن رحمة الله لعيسى (ص)فى الدنيا والأخرة ويفيد هذا القول موت عيسى (ص) دنيويا .
"ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذى فيه يمترون ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون "المعنى ذلك عيسى ولد مريم (ص)كلمة الحق الذى به يكذبون ما كان لله أن يصطفى من ابن طاعته إذا أراد شيئا فإنما يوحى له تواجد فيوجد،يبين الله لنا أن ذلك أى والمراد أن قصة عيسى ابن أى ولد مريم (ص)هى قول الحق وهو حديث الصدق الذى فيه يمترون والمراد الذى به يكذبون وهذا يعنى أن النصارى يكذبون بهذه القصص الحق ويبين لنا أنه ما كان لله أن يتخذ من ولد والمراد ما ينبغى لله أن يصطفى من ابن لأنه حرم ذلك على نفسه ويبين لنا أنه سبحانه والمراد أن التسبيح له أى أن الطاعة لحكم الله وحده ويبين لنا أنه إذا قضى أى أراد أمرا كما قال بسورة يس"إنما أمره إذا أراد شيئا "فإنما يقول له كن فيكون والمراد فإنما يوحى له أصبح فيصبح أى انخلق فينخلق .
"وإن الله ربى وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم "المعنى وإن الله إلهى وإلهكم فأطيعوه هذا دين عادل،يبين الله لنا أن المسيح(ص)قال للقوم :إن الله ربى وربكم والمراد إن الرب خالقى وخالقكم فاعبدوه أى فأطيعوا حكمه أى فاتقوه مصداق لقوله بسورة النساء"اتقوا ربكم"هذا صراط مستقيم أى فهو الدين العادل وهذا يعنى أن عبادة الله وحده هى الدين الحق .
"فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا لكن الظالمون اليوم فى ضلال مبين "المعنى فتنازعت الفرق فيما بينهم فعذاب للذين كذبوا عن حضور يوم كبير اعلم بهم أى اشهد يوم يجيئنونا لكن الكافرون اليوم فى عذاب عظيم ،يبين الله لنبيه(ص)أن الأحزاب وهى الفرق ذات الأديان المتعددة حدث بينها التالى الإختلاف وهو التنازع أى التفرق فى تفسير الدين الإلهى فأدى ذلك إلى كفر الفرق كلها عدا فرقة واحدة هى التى تثبت على ما كان عليه رسولها (ص)ويبين أن الويل العظيم وهو الألم الكبير للذين كفروا أى ظلموا من مشهد يوم عظيم أى من عذاب يوم أليم مصداق لقوله بسورة الزخرف"فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم "ويطلب الله من نبيه(ص)أن يسمع بالذين كفروا أى يبصر والمراد أن يعلم بهم يوم يأتون الله والمراد يوم يدخلون عقاب الله ويبين له أن الظالمون وهم الكافرون اليوم وهو وقت القيامة فى ضلال مبين أى فى عذاب عظيم .
"وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضى الأمر وهم فى غفلة وهم لا يؤمنون"المعنى وأخبرهم بيوم العذاب إذا انتهى الحكم وهم فى سهوة وهم لا يصدقون ،يطلب الله من نبيه(ص)أن ينذر أى يخبر أى يخوف الكفار من يوم الحسرة وهو يوم العذاب أى يوم الأزفة مصداق لقوله بسورة غافر"وأنذرهم يوم الأزفة" لهم حين قضى الأمر والمراد حين انتهى الحكم بالحق وهو بتعذيبهم وهم فى غفلة أى سهو أى انشغال عن طاعة حكم الله وفسر هذا ذلك بأنهم لا يؤمنون أى لا يصدقون حكم الله أى يعرضون عنه مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وهم فى غفلة معرضون .
"إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون "المعنى إنا نحن نملك الأرض ومن فوقها وإلينا يعودون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه هو يرث الأرض أى يملك الحكم فى الأرض وفسر ذلك بأنه يرث من على الأرض والمراد يملك الحكم فى مخلوقات الأرض وترجع له المخلوقات أى وتؤوب له المخلوقات مصداق لقوله بسورة الغاشية "إنا إلينا إيابهم "والمراد يعودون لجزاء الله ثوابا أو عقابا.
"واذكر فى الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغنى عنك شيئا "المعنى وقص فى القرآن قصة إبراهيم(ص)إنه كان خليلا رسولا حين قال لوالده يا والدى لماذا تطيع الذى لا يعلم ولا يدرى ولا يمنع عنك ضررا ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يذكر فى الكتاب والمراد أن يقص فى القرآن قصة إبراهيم (ص)وهى أنه كان صديقا أى مصدقا بحكم الله أى خليلا لله مصداق لقوله بسورة النساء "واتخذ الله إبراهيم خليلا"و نبيا أى رسولا إذ قال لأبيه والمراد حين قال لوالده:يا أبت والمراد يا والدى لم تعبد ما لا يسمع أى لا يبصر والمراد لماذا تتبع الذى لا يعلم أى يدرى بدعوتكم ولا يغنى عنك شيئا والمراد ولا يمنع عنك ضررا مصداق لقوله بسورة الشعراء"هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون "والغرض من السؤال هو إخبار الأب هو أن الآلهة المزعومة جاهلة بما يدعى القوم أنه طاعة لها وعاجزة عن رد الضرر عنهم .
"يا أبت إنى قد جاءنى من العلم ما لم يأتك فاتبعنى أهدك صراطا سويا يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا يا أبت إنى أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا "المعنى يا والدى إنى قد أتانى من الوحى الذى لم يجيئك فأطعنى أعلمك دينا سليما يا والدى لا تطع الهوى إن الهوى كان للنافع مخالفا يا والدى إنى أخشى أن يصيبك عقاب من النافع فتصبح للهوى نصيرا ،يبين الله لنا على لسان نبيه(ص)أن إبراهيم (ص)قال لأبيه :يا أبت أى يا والدى :إنى قد جاءنى من العلم ما لم يأتك والمراد إنى قد أتانى من وحى الله الذى لم يجيئك اتبعنى أهدك صراطا سويا أى فأطعنى أعلمك دينا عادلا وهذا يعنى أن إبراهيم (ص)يوضح لأبيه أنه أتاه العلم الصحيح الذى لا يعرف به الأب ومن ثم عليه أن يطيعه حتى يعرفه الدين الصحيح الواجب عليه اتباعه ،وقال يا أبت أى يا والدى لا تعبد الشيطان أى لا تطع الهوى والمراد لا تتبع قول شهوات النفس إن الشيطان وهو الهوى أى الشهوات كان للرحمن وهو الله النافع عصيا أى مخالفا فى الأحكام ،وهذا يعنى أن إبراهيم (ص)ينهى أباه عن عبادة الشيطان وهو شهوات النفس لأنها دائما مخالفة لأحكام الله فى الوحى ،وقال يا أبت أى يا والدى إنى أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن أى إنى أخشى أن يصيبك عقاب من النافع ،وهذا يعنى أن إبراهيم (ص)من حبه لوالده يخاف أن يقع عليه عذاب الله ،وقال فتكون للشيطان وليا أى فتصبح للهوى نصيرا وهذا يعنى أن إبراهيم (ص)يؤكد لأبيه أن العذاب إن نزل عليه فقد أصبح ولى أى متبع أى مناصر للشيطان وهو هوى النفس الضال .