سورة الفتح
سميت بهذا الاسم لذكر الفتح فيها بقوله "إنا فتحنا لك فتحا مبينا ".
"بسم الله الرحمن الرحيم إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما وينصرك الله نصرا عزيزا "المعنى بحكم الرب النافع المفيد إنا قضينا لك قضاء عظيما ليعفو الله لك الرب عما سبق من جرمك وما تأجل أى يعطى رحمته لك أى يسكنك مسكنا سليما أى يرحمك الرب رحمة عظيمة،يبين الله لنبيه (ص)أن اسم الله الرحمن الرحيم والمراد أن حكم الرب النافع المفيد هو أنه فتح له فتحا مبينا والمراد أنه نصره نصرا عظيما والسبب ليغفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر والمراد ليترك عقابك على الذى سبق أن فعلته من سيئاتك والذى تأجل وهو ما ستعمله من سيئات فيما بعد وتتوب منه وفسر هذا بأنه يتم نعمته عليه أى يعطى رحمته له وفسر هذا بأنه يهديه صراطا مستقيما أى يدخله مسكنا سليما هو الجنة وفسر هذا بأنه ينصره الله نصرا عزيزا والمراد أنه يرحمه الرب رحمة عظيمة .
"هو الذى أنزل السكينة فى قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ولله جنود السموات والأرض وكان الله عليما حكيما"المعنى هو الذى وضع الطمأنينة فى نفوس المصدقين ليداوموا تصديقا بعد تصديقهم ولله عسكر السموات والأرض وكان الرب خبيرا قاضيا ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله هو الذى أنزل السكينة فى قلوب المؤمنين والمراد الذى وضع الأمن فى نفوس المصدقين بالماء وهو الوحى والسبب ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم والمراد ليستمروا فى تصديق بعد تصديق أى يطهروا أى يذهب عنهم رجز الشيطان أى يربط على قلوبهم أى يثبت أقدامهم مصداق لقوله بسورة الأنفال"وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام"ويبين له أن له جنود وهو عسكر النصر فى السموات والأرض وهذا يعنى أنهم ينفذون ما يأمر به لنصر أمره والله عليم حكيم والمراد والرب خبير قاض بالحق والخطاب وما قبله للنبى(ص) وما بعده وما بعده.
"ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزا عظيما "المعنى ليسكن المصدقين والمصدقات بحكم الله حدائق تسير من أسفلها العيون مقيمين فيها أى يغفر لهم ذنوبهم وكان هذا لدى الرب نصرا مبينا،يبين الله لنبيه (ص)أن الله قاضى بالحق ليدخل المؤمنين والمؤمنات والمراد ليسكن المصدقين والمصدقات بحكم الله جنات أى رحمة مصداق لقوله بسورة الجاثية "فيدخلهم ربهم فى رحمته "والرحمة هى جنات تجرى من تحتها الأنهار والمراد تسير من أسفل أرضها العيون ذات الأشربة اللذيذة وهم خالدين فيها أى "ماكثين فيها أبدا"كما قال بسورة الكهف والمراد ساكنين فيها وفسر هذا بقوله ويكفر عنهم سيئاتهم أى "ويغفر لكم ذنوبكم "كما قال بسورة آل عمران والمراد ويترك عقابهم على ذنوبهم وكان ذلك وهو دخول الجنة عند الله فوزا عظيما والمراد لدى الرب نصرا كبيرا أى مبينا مصداق لقوله بسورة الجاثية "ذلك الفوز المبين ".
"ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا"المعنى ويعاقب المذبذبين والمذبذبات بين الإسلام والكفر والكافرين والكافرات المعتقدين فى الرب اعتقاد الشر لهم عقاب الكفر أى سخط الرب لهم أى عذبهم أى جهز لهم النار وقبحت مقاما ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله يعذب والمراد يعاقب المنافقين والمنافقات وهم المذبذبين والمذبذبات بين الكفر والإسلام والمشركين والمشركات وهم الكافرين والكافرات بحكم الله الظانين بالله ظن السوء والمراد المعتقدين فى الرب اعتقاد الباطل وهذا يعنى أنهم مخطئون فى أحكامهم عن الله وفسر الله العذاب بأن عليهم دائرة السوء أى لهم عقاب الكفر وفسر هذا بأن غضب الله وهو سخط الرب عليهم أى عقاب الرب لهم أى لعنهم أى عذبهم وفسر هذا بأنه أعد لهم جهنم أى جهز لهم النار وهى ساءت مصيرا أى قبحت مقاما أى مستقرا مصداق لقوله بسورة الفرقان "إنها ساءت مستقرا ومقاما "والمراد أنها مكان مؤذى لهم .
"ولله جنود السموات والأرض وكان الله عزيزا حكيما "المعنى ولله عسكر السموات والأرض وكان الرب ناصرا قاضيا ،يبين الله لنبيه (ص)أن له جنود وهو عسكر أى مقاتلى السموات والأرض وكان الله عزيزا حكيما والمراد وكان الرب ناصرا لمطيعيه قاضيا بالحق بين الخلق والخطاب وما بعده للنبى(ص) والناس.
"إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا"المعنى إنا بعثناك حاكما ومبلغا أى مخبرا لتصدقوا بالرب ونبيه (ص)وتطيعوه أى تتبعوه أى تطيعوا نهارا وليلا ،يبين الله لنبيه (ص)أنه أرسله شاهدا والمراد أنه بعثه للناس حاكما مصداق لقوله بسورة النساء"إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله "ومبشرا أى نذيرا والمراد مبلغا لحكم الله ويبين للناس أنه أرسله لهم ليؤمنوا بالله ورسوله والمراد ليصدقوا بحكم الرب ونبيه (ص)ويعزروه أى ويطيعوا حكم الله وفسر هذا بقوله وتوقروه أى وتتبعوا حكمه وفسر هذا بقوله وتسبحوه بكرة وأصيلا والمراد وتطيعوا حكم الله نهارا وليلا .
"إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد الله عليه فسيؤتيه أجرا عظيما"المعنى إن الذين يناصرونك إنما يناصرون الرب قوة الله مناصرة قوتهم فمن خالف فإنما يعاقب نفسه ومن فعل ما واثق الرب عليه فسيعطيه ثوابا كبيرا،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين يبايعونه وهم الذين يعاهدونه على نصر دين الله إنما يبايعون الله والمراد إنما ينصرون دين الله ويبين له أن يد الله والمراد أن نصر أى قوة الله فوق أيديهم أى مناصرة قوتهم وهذا يعنى أن تأييد الله لهم هو انتصارهم على عدوهم ويبين له أن من نكث أى خالف عهد الله بالنصر فإنما ينكث على نفسه والمراد فإنما يعاقب نفسه حيث يدخلها النار ومن أوفى بما عاهد الله عليه والمراد وما عمل ما واثق الرب عليه وهو النصر فسيؤتيه الله أجرا عظيما والمراد فسيدخله الله مسكنا كبيرا هو الجنة والخطاب للنبى(ص) وما بعده
"سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا يقولون بألسنتهم ما ليس فى قلوبهم قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا بل كان الله بما تعملون خبيرا "المعنى سيقول لك القاعدون من البدو ألهتنا أملاكنا وعائلاتنا فاستعفى لنا يقولون بكلماتهم ما ليس فى نفوسهم قل فمن يمنع عنكم من الرب أمرا إن شاء بكم أذى أو شاء بكم خيرا بل كان الرب بما تفعلون عليما،يبين الله لنبيه (ص)أن المخلفون من الأعراب وهم القاعدون من البدو عن الجهاد سيقولون له عن سبب قعودهم شغلتنا أموالنا وأهلونا والمراد ألهتنا رعاية أملاكنا وأسرنا عن الجهاد وهذا يعنى منعنا الجهاد حبنا لمتاعنا وعائلاتنا فاستغفر لنا أى فاطلب لنا العفو وهو ترك العقاب من الله على ذنب القعود،وهم يقولون بألسنتهم وهى أفواههم ما ليس فى قلوبهم وهى صدورهم مصداق لقوله بسورة آل عمران"يقولون بأفواههم ما ليس فى قلوبهم "ويطلب منه أن يقول لهم من يملك لكم من الله شيئا والمراد من يمنع عنكم من الله أمرا إن أراد أى شاء بكم ضرا أى سوء أو أراد أى شاء بكم نفعا أى رحمة أى خيرا مصداق لقوله بسورة الأحزاب "قل من ذا الذى يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة "بل كان الله بما تعملون خبيرا والمراد إن الله كان بالذى تفعلون عليما مصداق لقوله بسورة النور"والله عليم بما يفعلون ".ى أذى أو اأو أراد بكم
"بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا وزين ذلك فى قلوبكم وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا "المعنى لقد اعتقدتم أن لن يرجع النبى (ص)والمصدقون إلى عائلاتهم دوما وحسن ذلك فى نفوسكم أى اعتقدتم اعتقاد الباطل أى كنتم ناسا خاسرين،يبين الله للمخلفين أنهم ظنوا والمراد اعتقدوا فى أنفسهم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا والمراد أن لن يعود النبى (ص) والمصدقون بحكم الله إلى أسرهم إطلاقا فقد اعتقدوا بهلاكهم فى الحرب وهزيمتهم وزين ذلك فى قلوبكم والمراد وحسن الظن فى نفوسكم وهذا يعنى فرحهم بهذا الإعتقاد ويبين لهم أن ذلك ظن السوء أى اعتقاد الباطل وهو الخطأ وهذا يعنى أنهم كانوا قوما بورا أى ناسا خاسرين أى معذبين مصداق لقوله بسورة فصلت"الذى ظننتم بربكم أرادكم فأصبحتم خاسرين " والخطاب للمخلفين.
"ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنا أعتدنا للكافرين سعيرا "المعنى ومن لم يصدق بالرب ونبيه (ص)فإنا جهزنا للمكذبين نارا،يبين الله لنبيه (ص)أن من لم يؤمن بالله ورسوله (ص)أى من لم يصدق بحكم الله المنزل على نبيه (ص)والمراد من يكفر بآيات الله مصداق لقوله بسورة آل عمران"ومن يكفر بآيات الله"فإن الله أعتد للكافرين سعيرا والمراد جهز للمكذبين بآياته وهم الظالمين نارا مصداق لقوله بسورة الكهف"إنا أعتدنا للظالمين نارا"والخطاب للمؤمنين وما بعده .
"ولله ملك السموات والأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وكان الله غفورا رحيما "المعنى ولله حكم السموات والأرض يرحم من يريد ويعاقب من يريد وكان الرب نافعا مفيدا،يبين الله لنبيه (ص)أن لله ملك أى حكم أى "ميراث السموات والأرض "كما قال بسورة آل عمران وهو يغفر لمن يشاء أى يرحم من يريد وهو المؤمن ويعذب من يشاء أى ويعاقب من يريد وهو الكافر مصداق لقوله بسورة العنكبوت"يرحم من يشاء ويعذب من يشاء"والله غفور رحيم أى عفو أى نافع مفيد للمؤمنين.
"سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا "المعنى سيقول القاعدون:إذا ذهبتم إلى أموال لتقبضوها اتركونا نذهب معكم ،يحبون أن يغيروا أحكام الرب قل لن تذهبوا معنا هكذا قال الرب من قبل فسيقولون إنما تحقدون علينا بل كانوا لا يفهمون إلا قليلا ،يبين الله لنبيه (ص)والمؤمنين أن المخلفين وهم القاعدين عن الجهاد سيقولون لهم :إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها والمراد إذا سافرتم أى خرجتم إلى أموال لتملكوها ذرونا نتبعكم والمراد دعونا نذهب معكم لنملك بعضا منها وهذا يعنى أنهم يريدون جمع المال من الخروج مع المؤمنين وليس نصر دين الله ،وهم بقولهم هذا يريدون أن يبدلوا كلام الله والمراد يحبون أن يغيروا أى يظهروا كذب حكم الله بعدم خروجهم مع المؤمنين ويطلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم لن تتبعونا أى لن تخرجوا معنا أبدا كذلكم قال الله من قبل والمراد هكذا حكم الله فى الوحى من قبل،وعند هذا سيقولون لكم :بل تحسدوننا والمراد إنما تحقدون علينا أى إنما تكرهوننا،والمخلفون كانوا لا يفقهون إلا قليلا والمراد كانوا لا يؤمنون أى لا يطيعون حكم الله إلا وقتا قصيرا مصداق لقوله بسورة النساء"فلا يؤمنون إلا قليلا" والخطاب للنبى(ص) ومنه للمخلفين وما بعده .
"قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولى بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما "المعنى قل للقاعدين من البدو ستطلبون للسفر إلى ناس أصحاب قوة كبرى تحاربونهم أو يطيعون فإن تتبعوا يعطكم الرب ثوابا كريما،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للمخلفين من الأعراب وهم القاعدين من البدو عن القتال ستدعون إلى قوم أولى بأس شديد والمراد ستنادون للخروج إلى ناس أصحاب قوة عظمى تقاتلونهم أو يسلمون والمراد تحاربونهم أو يطيعون حكم الله فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا والمراد فإن تطيعوا حكم الله يعطكم الرب ثوابا كريما مصداق لقوله بسورة الأحزاب"أجرا كريما "وإن تتولوا أى تخالفوا حكم الله كما توليتم من قبل والمراد كما خالفتم حكمه من قبل بعدم القتال يعذبكم عذابا أليما أى عقابا مهينا مصداق لقوله بسورة النساء"عذابا مهينا ".
"ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجرى من تحتها الأنهار ومن يتول يعذبه عذابا أليما "المعنى ليس على الكفيف عقاب ولا على الأعرج عقاب ولا على العليل عقاب ومن يتبع الرب ونبيه (ص)يسكنه حدائق تسير من أسفلها العيون ومن يعصى يعاقبه عقابا مهينا ،يبين الله لنبيه (ص)أن ليس على الأعمى وهى الضرير أى فاقد البصر والأعرج وهو صاحب العاهة فى رجله والمريض وهو العليل بأى داء مقعد وهم أولى الضرر حرج أى عقاب إذا لم يخرجوا للجهاد مصداق لقوله بسورة النساء"لا يستوى القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون فى سبيل الله "ومن يطع أى يتبع حكم الله المنزل على رسوله (ص)أى "ومن يتق الله "كما قال بسورة الطلاق يدخله جنات تجرى من تحتها الأنهار والمراد يسكنه حدائق تسير من أسفل أرضها العيون ذات الأشربة اللذيذة ومن يتول يعذبه عذابا أليما والمراد ومن يعصى حكم الله يعاقبه عقابا مهينا هو دخول النار والخطاب للمؤمنين.
"لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما فى قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزا حكيما "المعنى لقد قبل الرب من المصدقين حين يعاهدونك أسفل الشجرة فعرف الذى فى نفوسهم فوضع الأمن فيهم وأعطاهم نصرا واقعا وأملاك عديدة يملكونها وكان الرب ناصرا قاضيا ،يبين الله لنبيه (ص)أنه رضى عن المؤمنين إذ يبايعونه تحت الشجرة والمراد أنه قبل من المصدقين بحكمه عهدهم إذا يعاهدونه على القتال أسفل الشجرة التى كان موجودا تحتها وقد علم ما فى قلوبهم والمراد وقد عرف الله الذى فى نفوسهم مصداق لقوله بسورة البقرة "ويعلم ما فى أنفسكم"ولذا أنزل السكينة عليهم والمراد وضع الطمأنينة فى قلوبهم بذكرهم لله مصداق لقوله بسورة الرعد "ألا بذكر الله تطمئن القلوب"وأثابهم فتحا قريبا والمراد وأعطاهم نصرا واقعا هو فتح مكة ومغانم كثيرة أى وأموال عديدة يأخذونها أى يملكونها وكان الله عزيزا حكيما والمراد وكان الرب ناصرا للمؤمنين قاضيا بالحق والخطاب للنبى(ص).
"وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيدى الناس عنكم ولتكون آية للمؤمنين ويهديكم صراطا مستقيما "المعنى أخبركم الرب أموال عديدة تملكونها فأعطى لكم هذه ومنع أذى الخلق عنكم ولتصبح عبرة للمصدقين ويدخلكم مسكنا سليما،يبين الله للمؤمنين أن الله وعدهم مغانم كثيرة والمراد أن الرب أخبرهم أملاك كثيرة يأخذونها أى يملكونها فعجل لكم هذه أى فأعطى لكم هذه وهى أموال مكة وكف أيدى الناس عنكم والمراد ومنع أذى الكفار عنكم فلم يحاربوكم ولتكون آية للمؤمنين والمراد وليصبح فتح مكة عظة للمصدقين بحكم الله ويهديكم صراطا مستقيما والمراد ويدخلكم بعد الموت مسكنا حسنا هو الجنة والخطاب للمؤمنين وما بعده .
"وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل شىء قديرا "المعنى وبلدة أخرى لم تنتصروا عليها قد علم الرب بها وكان الرب لكل أمرا فاعلا،يبين الله للمؤمنين أن هناك أخرى أى أهل بلدة لم يقدروا عليها أى لم ينتصروا عليها وهم الروم الذين غلبوهم مصداق لقوله بسورة الروم "غلبت الروم "وقد أحاط الله بها والمراد وقد علم الله بأهلها وكان الله على كل شىء قديرا والمراد وكان الرب لكل أمر فاعلا مصداق لقوله بسورة البروج"فعال لما يريد" وهذا يعنى أنهم سيجعلهم يقدرون على الروم فى المستقبل .
"ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا سنة الله التى قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا"المعنى ولو حاربكم الذين كذبوا حكم الله لأعطوا الظهور ثم لا يلقون ناصرا أى منجيا حكم الرب الذى قد مضى من قبل ولن تلق لحكم الرب تغييرا ،يبين الله للمؤمنين أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله لو قاتلوهم أى لو حاربوهم لولوا الأدبار أى لأعطوهم الظهور وهذا معناه أن ينهزموا وهم لا يجدون وليا ولا نصير والمراد لا يلقون ناصرا أى منقذا من الهزيمة وهذه هى سنة الله التى قد خلت من قبل والمراد وهذا حكم الرب الذى قد مضى أى تحقق من قبل فى الكفار السابقين ويبين لنبيه (ص)أنه لن يجد لسنة الله تبديلا والمراد لن يلق لحكم الله تغييرا أى تحويلا مصداق لقوله بسورة فاطر"ولن تجد لسنة الله تحويلا "وهذا يعنى هزيمة الكفار فى أى وقت إذا حاربهم المسلمون بإخلاص والخطاب للمؤمنين.
"وهو الذى كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا "المعنى وهو الذى منع أذاهم عنكم وأذاكم عنهم بأرض مكة من بعد أن نصركم عليهم وكان الرب بما تفعلون خبيرا ،يبين الله للمؤمنين أن الذى كف أيديهم عنهم والمراد الذى منع أذى الكفار عن المؤمنين وأيديكم عنهم أى وأذى المؤمنين عن الكافرين ببطن وهى أرض مكة من بعد أن أظفركم عليهم والمراد من بعد أن نصركم على الكافرين وهذا يعنى عدم وقوع قتال فى أرض مكة أثناء الفتح فكل ما حدث من قتال كان خارجها وكان الله بما تعملون بصيرا والمراد وكان الرب بالذى تفعلون خبيرا مصداق لقوله بسورة البقرة "والله بما تعملون خبيرا".
"هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدى معكوفا أن يبلغ محله ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطؤهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله فى رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما "المعنى هم الذين كذبوا وردوكم عن البيت العتيق والأنعام مقيمة لا تصل مكانها ولولا ذكور مصدقون وإناث مصدقات لم تعرفوهم أن تؤذوهم فيمسكم منهم ذنب بغير معرفة ليسكن الرب فى جنته من يريد لو تباعدوا لعاقبنا الذين كذبوا منهم عقابا مهينا ،يبين الله للمؤمنين أن كفار مكة هم الذين كفروا أى كذبوا حكم الله وصدوكم عن المسجد الحرام والمراد وردوكم عن حج البيت الحرام والهدى معكوفا أن يبلغ محله والمراد والأنعام مقيمة فى مكانها خارج مكة لا تصل مكان الذبح بسبب منعكم من الحج ،ويبين الله للمؤمنين أن لولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات والمراد وبسبب ذكور مصدقون وإناث مصدقات بحكم الله يخفون تصديقهم لم تعلموهم أى لم تعرفوا شخصياتهم أن تطؤهم والمراد كى لا تقتلوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم والمراد فيكتب عليكم بسببهم ذنب بغير معرفة وهو القتل الخطأ وهذا يعنى أنهم سيرتكبون خطأ غير متعمد منهم وبهذا الكف يدخل الله فى رحمته من يشاء والمراد يسكن الرب فى جناته من يريد مصداق لقوله بسورة محمد"ويدخلهم الجنة "ويبين لهم أنهم لو تزيلوا أى تباعدوا والمراد لو خرج المؤمنون والمؤمنات من وسط الكفار لعذبنا الذين كفروا من أهل مكة عذابا أليما والمراد لعاقبنا الذين كذبوا حكم الله من أهل مكة عقابا مهينا عن طريق حربهم من المؤمنين والخطاب وما قبله للمؤمنين فى المدينة عند الفتح .
"إذ جعل الذين كفروا فى قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شىء عليما "المعنى حين وضع الذين كذبوا فى نفوسهم الغضب غضب الكفر فوضع الرب طمأنينة فى نبيه (ص)وفى المصدقين أى فرض عليهم حكم الطاعة وكانوا أولى بها وأصحابها وكان الرب بكل أمر محيطا،يبين الله لنا أن الذين كفروا جعلوا فى قلوبهم الحمية حمية الجاهلية والمراد أن الذين كذبوا حكم الله أشعلوا فى أنفسهم الثورة ثورة الكفر أى جعلوا أنفسهم تغضب لدين الكفر فأرادوا الحرب فى مكة فأنزل الله سكينته على رسوله والمؤمنين والمراد وضع طمأنينة وهى طاعة حكم الله فى قلب النبى (ص)والمصدقين بحكمه وفسر هذا بقوله ألزمهم كلمة التقوى أى أوجب عليهم حكم الطاعة والمراد فرض عليهم اتباع حكم عدم القتال فى مكة وكانوا أحق بها والمراد وكانوا أولى بطاعة حكم الله وفسر هذا بأنهم أهلها أى المؤمنون أصحاب طاعة حكم الله ويبين لهم أنه بكل شىء عليما والمراد أنه لكل أمر خبيرا وسيحاسبهم عليه والقول لنا
"لقد صدق الله رسوله الرءيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا "المعنى لقد حقق الرب لنبيه (ص)المنام بالعدل لتحكمن البيت الحرام إن أراد الرب مطمئنين محلقين شعوركم ومقصرين لا تخشون فعرف الذى لم تعرفوا فجعل من بعد ذلك نصرا واقعا،يبين الله لنا أن الله صدق رسوله (ص)الرؤيا بالحق والمراد أن الرب نفذ لنبيه (ص)الحلم بالعدل أى كما حدث فى المنام بالضبط وهو حلم دخول مكة ويبين الله للمؤمنين أنهم يدخلون المسجد الحرام إن شاء الله آمنين والمراد أنهم يزورون البيت الحرام وهو مكة مطمئنين وهم محلقين رءوسهم والمراد وهم مزيلين شعورهم وأظافرهم ومقصرين أى أو مقللين من طول شعورهم وأظافرهم وهم لا يخافون أى لا يخشون أذى الكفار ويبين لهم أنه علم ما لم يعلموا والمراد عرف الذى لم يعرفوا وهو أنه جعل من دون ذلك فتحا قريبا والمراد أنه جعل من بعد زيارتهم لمكة عمارا وحجاجا نصرا واقعا وهو فتح مكة والخطاب للناس.
"محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم فى وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم فى التوراة ومثلهم فى الإنجيل كزرع أخرج شطئه فأزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما "المعنى محمد (ص)مبعوث الرب والذين ناصروه أعزة على المكذبين أذلة بينهم تعلمهم مطيعين يطلبون ثوابا من الرب أى قبولا ،أفراحهم فى نفوسهم من نتيجة الطاعة ذلك وصفهم فى التوراة ووصفهم فى الإنجيل كنبات أخرج ثمره فقواه فاستعظم فاستقر على فروعه يعجب الفلاحين ليثير بهم الكاذبين أخبر الله الذين صدقوا وفعلوا الحسنات منهم رحمة أى ثوابا حسنا،يبين الله للناس أن محمد(ص)رسول أى مبعوث الله لإبلاغ الوحى للناس والذين معه وهم المؤمنين برسالته أشداء على الكفار أى غليظين فى معاملة المكذبين لحكم الله أى "أعزة على الكافرين "كما قال بسورة المائدة رحماء بينهم أى أذلاء لبعضهم البعض كما قال بسورة المائدة"أذلة على المؤمنين"والمراد خدم لبعضهم البعض،ويبين للإنسان أنه يراهم ركعا سجدا أى يعلمهم مطيعين متبعين لحكم الله يبتغون فضلا من الله والمراد يريدون رحمة من الرب فسرها بأنها رضوان أى ثواب أى الجنة سيماهم فى وجوههم من أثر السجود والمراد أفراحهم وهى نضرة النعيم ظاهرة على نفوسهم من نتيجة الطاعة لحكم الله مصداق لقوله بسورة المطففين "تعرف فى وجوههم نضرة النعيم"وذلك وهو ما سبق ذكره مثلهم فى التوراة أى وصفهم فى التوراة المنزلة على موسى (ص) وهذا يعنى أن الله قال فى التوراة عن محمد (ص)ومن معه "ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم فى وجوههم من أثر السجود"وأما مثلهم وهو وصفهم فى الإنجيل وهو الكتاب المنزل على عيسى (ص)فهو أنهم كزرع أخرج شطئه فأزره فاستغلظ فاستوى على سوقه والمراد يشبهون نبات أطلع ثمره فقواه والمراد أمده بالغذاء فاستقوى أى أصبح ناضجا أى فاستقر على جذوره وهذا يعنى أن المسلمين أخرجوا الأعمال الصالحة فأمدهم الله بالقوة حتى تكثر الأعمال الصالحة حتى أصبحت الأعمال الصالحة هى قوة المسلمين ويبين أن هذا النبات يعجب الزراع والمراد أن هذا النبات يرضى الخالق له حتى يغيظ بهم الكفار والمراد حتى يهزم بهم المكذبين للدين ويبين الله أنه وعد أى أخبر الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله وعملوا الصالحات والمراد وفعلوا الحسنات مغفرة أى جنات مصداق لقوله بسورة التوبة "وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات"وفسرها بأنها أجرا عظيما أى ثوابا كبيرا مصداق لقوله بسورة الإسراء"أجرا كبيرا"والخطاب للناس
سميت بهذا الاسم لذكر الفتح فيها بقوله "إنا فتحنا لك فتحا مبينا ".
"بسم الله الرحمن الرحيم إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما وينصرك الله نصرا عزيزا "المعنى بحكم الرب النافع المفيد إنا قضينا لك قضاء عظيما ليعفو الله لك الرب عما سبق من جرمك وما تأجل أى يعطى رحمته لك أى يسكنك مسكنا سليما أى يرحمك الرب رحمة عظيمة،يبين الله لنبيه (ص)أن اسم الله الرحمن الرحيم والمراد أن حكم الرب النافع المفيد هو أنه فتح له فتحا مبينا والمراد أنه نصره نصرا عظيما والسبب ليغفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر والمراد ليترك عقابك على الذى سبق أن فعلته من سيئاتك والذى تأجل وهو ما ستعمله من سيئات فيما بعد وتتوب منه وفسر هذا بأنه يتم نعمته عليه أى يعطى رحمته له وفسر هذا بأنه يهديه صراطا مستقيما أى يدخله مسكنا سليما هو الجنة وفسر هذا بأنه ينصره الله نصرا عزيزا والمراد أنه يرحمه الرب رحمة عظيمة .
"هو الذى أنزل السكينة فى قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ولله جنود السموات والأرض وكان الله عليما حكيما"المعنى هو الذى وضع الطمأنينة فى نفوس المصدقين ليداوموا تصديقا بعد تصديقهم ولله عسكر السموات والأرض وكان الرب خبيرا قاضيا ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله هو الذى أنزل السكينة فى قلوب المؤمنين والمراد الذى وضع الأمن فى نفوس المصدقين بالماء وهو الوحى والسبب ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم والمراد ليستمروا فى تصديق بعد تصديق أى يطهروا أى يذهب عنهم رجز الشيطان أى يربط على قلوبهم أى يثبت أقدامهم مصداق لقوله بسورة الأنفال"وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام"ويبين له أن له جنود وهو عسكر النصر فى السموات والأرض وهذا يعنى أنهم ينفذون ما يأمر به لنصر أمره والله عليم حكيم والمراد والرب خبير قاض بالحق والخطاب وما قبله للنبى(ص) وما بعده وما بعده.
"ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزا عظيما "المعنى ليسكن المصدقين والمصدقات بحكم الله حدائق تسير من أسفلها العيون مقيمين فيها أى يغفر لهم ذنوبهم وكان هذا لدى الرب نصرا مبينا،يبين الله لنبيه (ص)أن الله قاضى بالحق ليدخل المؤمنين والمؤمنات والمراد ليسكن المصدقين والمصدقات بحكم الله جنات أى رحمة مصداق لقوله بسورة الجاثية "فيدخلهم ربهم فى رحمته "والرحمة هى جنات تجرى من تحتها الأنهار والمراد تسير من أسفل أرضها العيون ذات الأشربة اللذيذة وهم خالدين فيها أى "ماكثين فيها أبدا"كما قال بسورة الكهف والمراد ساكنين فيها وفسر هذا بقوله ويكفر عنهم سيئاتهم أى "ويغفر لكم ذنوبكم "كما قال بسورة آل عمران والمراد ويترك عقابهم على ذنوبهم وكان ذلك وهو دخول الجنة عند الله فوزا عظيما والمراد لدى الرب نصرا كبيرا أى مبينا مصداق لقوله بسورة الجاثية "ذلك الفوز المبين ".
"ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا"المعنى ويعاقب المذبذبين والمذبذبات بين الإسلام والكفر والكافرين والكافرات المعتقدين فى الرب اعتقاد الشر لهم عقاب الكفر أى سخط الرب لهم أى عذبهم أى جهز لهم النار وقبحت مقاما ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله يعذب والمراد يعاقب المنافقين والمنافقات وهم المذبذبين والمذبذبات بين الكفر والإسلام والمشركين والمشركات وهم الكافرين والكافرات بحكم الله الظانين بالله ظن السوء والمراد المعتقدين فى الرب اعتقاد الباطل وهذا يعنى أنهم مخطئون فى أحكامهم عن الله وفسر الله العذاب بأن عليهم دائرة السوء أى لهم عقاب الكفر وفسر هذا بأن غضب الله وهو سخط الرب عليهم أى عقاب الرب لهم أى لعنهم أى عذبهم وفسر هذا بأنه أعد لهم جهنم أى جهز لهم النار وهى ساءت مصيرا أى قبحت مقاما أى مستقرا مصداق لقوله بسورة الفرقان "إنها ساءت مستقرا ومقاما "والمراد أنها مكان مؤذى لهم .
"ولله جنود السموات والأرض وكان الله عزيزا حكيما "المعنى ولله عسكر السموات والأرض وكان الرب ناصرا قاضيا ،يبين الله لنبيه (ص)أن له جنود وهو عسكر أى مقاتلى السموات والأرض وكان الله عزيزا حكيما والمراد وكان الرب ناصرا لمطيعيه قاضيا بالحق بين الخلق والخطاب وما بعده للنبى(ص) والناس.
"إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا"المعنى إنا بعثناك حاكما ومبلغا أى مخبرا لتصدقوا بالرب ونبيه (ص)وتطيعوه أى تتبعوه أى تطيعوا نهارا وليلا ،يبين الله لنبيه (ص)أنه أرسله شاهدا والمراد أنه بعثه للناس حاكما مصداق لقوله بسورة النساء"إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله "ومبشرا أى نذيرا والمراد مبلغا لحكم الله ويبين للناس أنه أرسله لهم ليؤمنوا بالله ورسوله والمراد ليصدقوا بحكم الرب ونبيه (ص)ويعزروه أى ويطيعوا حكم الله وفسر هذا بقوله وتوقروه أى وتتبعوا حكمه وفسر هذا بقوله وتسبحوه بكرة وأصيلا والمراد وتطيعوا حكم الله نهارا وليلا .
"إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد الله عليه فسيؤتيه أجرا عظيما"المعنى إن الذين يناصرونك إنما يناصرون الرب قوة الله مناصرة قوتهم فمن خالف فإنما يعاقب نفسه ومن فعل ما واثق الرب عليه فسيعطيه ثوابا كبيرا،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين يبايعونه وهم الذين يعاهدونه على نصر دين الله إنما يبايعون الله والمراد إنما ينصرون دين الله ويبين له أن يد الله والمراد أن نصر أى قوة الله فوق أيديهم أى مناصرة قوتهم وهذا يعنى أن تأييد الله لهم هو انتصارهم على عدوهم ويبين له أن من نكث أى خالف عهد الله بالنصر فإنما ينكث على نفسه والمراد فإنما يعاقب نفسه حيث يدخلها النار ومن أوفى بما عاهد الله عليه والمراد وما عمل ما واثق الرب عليه وهو النصر فسيؤتيه الله أجرا عظيما والمراد فسيدخله الله مسكنا كبيرا هو الجنة والخطاب للنبى(ص) وما بعده
"سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا يقولون بألسنتهم ما ليس فى قلوبهم قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا بل كان الله بما تعملون خبيرا "المعنى سيقول لك القاعدون من البدو ألهتنا أملاكنا وعائلاتنا فاستعفى لنا يقولون بكلماتهم ما ليس فى نفوسهم قل فمن يمنع عنكم من الرب أمرا إن شاء بكم أذى أو شاء بكم خيرا بل كان الرب بما تفعلون عليما،يبين الله لنبيه (ص)أن المخلفون من الأعراب وهم القاعدون من البدو عن الجهاد سيقولون له عن سبب قعودهم شغلتنا أموالنا وأهلونا والمراد ألهتنا رعاية أملاكنا وأسرنا عن الجهاد وهذا يعنى منعنا الجهاد حبنا لمتاعنا وعائلاتنا فاستغفر لنا أى فاطلب لنا العفو وهو ترك العقاب من الله على ذنب القعود،وهم يقولون بألسنتهم وهى أفواههم ما ليس فى قلوبهم وهى صدورهم مصداق لقوله بسورة آل عمران"يقولون بأفواههم ما ليس فى قلوبهم "ويطلب منه أن يقول لهم من يملك لكم من الله شيئا والمراد من يمنع عنكم من الله أمرا إن أراد أى شاء بكم ضرا أى سوء أو أراد أى شاء بكم نفعا أى رحمة أى خيرا مصداق لقوله بسورة الأحزاب "قل من ذا الذى يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة "بل كان الله بما تعملون خبيرا والمراد إن الله كان بالذى تفعلون عليما مصداق لقوله بسورة النور"والله عليم بما يفعلون ".ى أذى أو اأو أراد بكم
"بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا وزين ذلك فى قلوبكم وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا "المعنى لقد اعتقدتم أن لن يرجع النبى (ص)والمصدقون إلى عائلاتهم دوما وحسن ذلك فى نفوسكم أى اعتقدتم اعتقاد الباطل أى كنتم ناسا خاسرين،يبين الله للمخلفين أنهم ظنوا والمراد اعتقدوا فى أنفسهم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا والمراد أن لن يعود النبى (ص) والمصدقون بحكم الله إلى أسرهم إطلاقا فقد اعتقدوا بهلاكهم فى الحرب وهزيمتهم وزين ذلك فى قلوبكم والمراد وحسن الظن فى نفوسكم وهذا يعنى فرحهم بهذا الإعتقاد ويبين لهم أن ذلك ظن السوء أى اعتقاد الباطل وهو الخطأ وهذا يعنى أنهم كانوا قوما بورا أى ناسا خاسرين أى معذبين مصداق لقوله بسورة فصلت"الذى ظننتم بربكم أرادكم فأصبحتم خاسرين " والخطاب للمخلفين.
"ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنا أعتدنا للكافرين سعيرا "المعنى ومن لم يصدق بالرب ونبيه (ص)فإنا جهزنا للمكذبين نارا،يبين الله لنبيه (ص)أن من لم يؤمن بالله ورسوله (ص)أى من لم يصدق بحكم الله المنزل على نبيه (ص)والمراد من يكفر بآيات الله مصداق لقوله بسورة آل عمران"ومن يكفر بآيات الله"فإن الله أعتد للكافرين سعيرا والمراد جهز للمكذبين بآياته وهم الظالمين نارا مصداق لقوله بسورة الكهف"إنا أعتدنا للظالمين نارا"والخطاب للمؤمنين وما بعده .
"ولله ملك السموات والأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وكان الله غفورا رحيما "المعنى ولله حكم السموات والأرض يرحم من يريد ويعاقب من يريد وكان الرب نافعا مفيدا،يبين الله لنبيه (ص)أن لله ملك أى حكم أى "ميراث السموات والأرض "كما قال بسورة آل عمران وهو يغفر لمن يشاء أى يرحم من يريد وهو المؤمن ويعذب من يشاء أى ويعاقب من يريد وهو الكافر مصداق لقوله بسورة العنكبوت"يرحم من يشاء ويعذب من يشاء"والله غفور رحيم أى عفو أى نافع مفيد للمؤمنين.
"سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا "المعنى سيقول القاعدون:إذا ذهبتم إلى أموال لتقبضوها اتركونا نذهب معكم ،يحبون أن يغيروا أحكام الرب قل لن تذهبوا معنا هكذا قال الرب من قبل فسيقولون إنما تحقدون علينا بل كانوا لا يفهمون إلا قليلا ،يبين الله لنبيه (ص)والمؤمنين أن المخلفين وهم القاعدين عن الجهاد سيقولون لهم :إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها والمراد إذا سافرتم أى خرجتم إلى أموال لتملكوها ذرونا نتبعكم والمراد دعونا نذهب معكم لنملك بعضا منها وهذا يعنى أنهم يريدون جمع المال من الخروج مع المؤمنين وليس نصر دين الله ،وهم بقولهم هذا يريدون أن يبدلوا كلام الله والمراد يحبون أن يغيروا أى يظهروا كذب حكم الله بعدم خروجهم مع المؤمنين ويطلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم لن تتبعونا أى لن تخرجوا معنا أبدا كذلكم قال الله من قبل والمراد هكذا حكم الله فى الوحى من قبل،وعند هذا سيقولون لكم :بل تحسدوننا والمراد إنما تحقدون علينا أى إنما تكرهوننا،والمخلفون كانوا لا يفقهون إلا قليلا والمراد كانوا لا يؤمنون أى لا يطيعون حكم الله إلا وقتا قصيرا مصداق لقوله بسورة النساء"فلا يؤمنون إلا قليلا" والخطاب للنبى(ص) ومنه للمخلفين وما بعده .
"قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولى بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما "المعنى قل للقاعدين من البدو ستطلبون للسفر إلى ناس أصحاب قوة كبرى تحاربونهم أو يطيعون فإن تتبعوا يعطكم الرب ثوابا كريما،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للمخلفين من الأعراب وهم القاعدين من البدو عن القتال ستدعون إلى قوم أولى بأس شديد والمراد ستنادون للخروج إلى ناس أصحاب قوة عظمى تقاتلونهم أو يسلمون والمراد تحاربونهم أو يطيعون حكم الله فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا والمراد فإن تطيعوا حكم الله يعطكم الرب ثوابا كريما مصداق لقوله بسورة الأحزاب"أجرا كريما "وإن تتولوا أى تخالفوا حكم الله كما توليتم من قبل والمراد كما خالفتم حكمه من قبل بعدم القتال يعذبكم عذابا أليما أى عقابا مهينا مصداق لقوله بسورة النساء"عذابا مهينا ".
"ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجرى من تحتها الأنهار ومن يتول يعذبه عذابا أليما "المعنى ليس على الكفيف عقاب ولا على الأعرج عقاب ولا على العليل عقاب ومن يتبع الرب ونبيه (ص)يسكنه حدائق تسير من أسفلها العيون ومن يعصى يعاقبه عقابا مهينا ،يبين الله لنبيه (ص)أن ليس على الأعمى وهى الضرير أى فاقد البصر والأعرج وهو صاحب العاهة فى رجله والمريض وهو العليل بأى داء مقعد وهم أولى الضرر حرج أى عقاب إذا لم يخرجوا للجهاد مصداق لقوله بسورة النساء"لا يستوى القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون فى سبيل الله "ومن يطع أى يتبع حكم الله المنزل على رسوله (ص)أى "ومن يتق الله "كما قال بسورة الطلاق يدخله جنات تجرى من تحتها الأنهار والمراد يسكنه حدائق تسير من أسفل أرضها العيون ذات الأشربة اللذيذة ومن يتول يعذبه عذابا أليما والمراد ومن يعصى حكم الله يعاقبه عقابا مهينا هو دخول النار والخطاب للمؤمنين.
"لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما فى قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزا حكيما "المعنى لقد قبل الرب من المصدقين حين يعاهدونك أسفل الشجرة فعرف الذى فى نفوسهم فوضع الأمن فيهم وأعطاهم نصرا واقعا وأملاك عديدة يملكونها وكان الرب ناصرا قاضيا ،يبين الله لنبيه (ص)أنه رضى عن المؤمنين إذ يبايعونه تحت الشجرة والمراد أنه قبل من المصدقين بحكمه عهدهم إذا يعاهدونه على القتال أسفل الشجرة التى كان موجودا تحتها وقد علم ما فى قلوبهم والمراد وقد عرف الله الذى فى نفوسهم مصداق لقوله بسورة البقرة "ويعلم ما فى أنفسكم"ولذا أنزل السكينة عليهم والمراد وضع الطمأنينة فى قلوبهم بذكرهم لله مصداق لقوله بسورة الرعد "ألا بذكر الله تطمئن القلوب"وأثابهم فتحا قريبا والمراد وأعطاهم نصرا واقعا هو فتح مكة ومغانم كثيرة أى وأموال عديدة يأخذونها أى يملكونها وكان الله عزيزا حكيما والمراد وكان الرب ناصرا للمؤمنين قاضيا بالحق والخطاب للنبى(ص).
"وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيدى الناس عنكم ولتكون آية للمؤمنين ويهديكم صراطا مستقيما "المعنى أخبركم الرب أموال عديدة تملكونها فأعطى لكم هذه ومنع أذى الخلق عنكم ولتصبح عبرة للمصدقين ويدخلكم مسكنا سليما،يبين الله للمؤمنين أن الله وعدهم مغانم كثيرة والمراد أن الرب أخبرهم أملاك كثيرة يأخذونها أى يملكونها فعجل لكم هذه أى فأعطى لكم هذه وهى أموال مكة وكف أيدى الناس عنكم والمراد ومنع أذى الكفار عنكم فلم يحاربوكم ولتكون آية للمؤمنين والمراد وليصبح فتح مكة عظة للمصدقين بحكم الله ويهديكم صراطا مستقيما والمراد ويدخلكم بعد الموت مسكنا حسنا هو الجنة والخطاب للمؤمنين وما بعده .
"وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل شىء قديرا "المعنى وبلدة أخرى لم تنتصروا عليها قد علم الرب بها وكان الرب لكل أمرا فاعلا،يبين الله للمؤمنين أن هناك أخرى أى أهل بلدة لم يقدروا عليها أى لم ينتصروا عليها وهم الروم الذين غلبوهم مصداق لقوله بسورة الروم "غلبت الروم "وقد أحاط الله بها والمراد وقد علم الله بأهلها وكان الله على كل شىء قديرا والمراد وكان الرب لكل أمر فاعلا مصداق لقوله بسورة البروج"فعال لما يريد" وهذا يعنى أنهم سيجعلهم يقدرون على الروم فى المستقبل .
"ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا سنة الله التى قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا"المعنى ولو حاربكم الذين كذبوا حكم الله لأعطوا الظهور ثم لا يلقون ناصرا أى منجيا حكم الرب الذى قد مضى من قبل ولن تلق لحكم الرب تغييرا ،يبين الله للمؤمنين أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله لو قاتلوهم أى لو حاربوهم لولوا الأدبار أى لأعطوهم الظهور وهذا معناه أن ينهزموا وهم لا يجدون وليا ولا نصير والمراد لا يلقون ناصرا أى منقذا من الهزيمة وهذه هى سنة الله التى قد خلت من قبل والمراد وهذا حكم الرب الذى قد مضى أى تحقق من قبل فى الكفار السابقين ويبين لنبيه (ص)أنه لن يجد لسنة الله تبديلا والمراد لن يلق لحكم الله تغييرا أى تحويلا مصداق لقوله بسورة فاطر"ولن تجد لسنة الله تحويلا "وهذا يعنى هزيمة الكفار فى أى وقت إذا حاربهم المسلمون بإخلاص والخطاب للمؤمنين.
"وهو الذى كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا "المعنى وهو الذى منع أذاهم عنكم وأذاكم عنهم بأرض مكة من بعد أن نصركم عليهم وكان الرب بما تفعلون خبيرا ،يبين الله للمؤمنين أن الذى كف أيديهم عنهم والمراد الذى منع أذى الكفار عن المؤمنين وأيديكم عنهم أى وأذى المؤمنين عن الكافرين ببطن وهى أرض مكة من بعد أن أظفركم عليهم والمراد من بعد أن نصركم على الكافرين وهذا يعنى عدم وقوع قتال فى أرض مكة أثناء الفتح فكل ما حدث من قتال كان خارجها وكان الله بما تعملون بصيرا والمراد وكان الرب بالذى تفعلون خبيرا مصداق لقوله بسورة البقرة "والله بما تعملون خبيرا".
"هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدى معكوفا أن يبلغ محله ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطؤهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله فى رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما "المعنى هم الذين كذبوا وردوكم عن البيت العتيق والأنعام مقيمة لا تصل مكانها ولولا ذكور مصدقون وإناث مصدقات لم تعرفوهم أن تؤذوهم فيمسكم منهم ذنب بغير معرفة ليسكن الرب فى جنته من يريد لو تباعدوا لعاقبنا الذين كذبوا منهم عقابا مهينا ،يبين الله للمؤمنين أن كفار مكة هم الذين كفروا أى كذبوا حكم الله وصدوكم عن المسجد الحرام والمراد وردوكم عن حج البيت الحرام والهدى معكوفا أن يبلغ محله والمراد والأنعام مقيمة فى مكانها خارج مكة لا تصل مكان الذبح بسبب منعكم من الحج ،ويبين الله للمؤمنين أن لولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات والمراد وبسبب ذكور مصدقون وإناث مصدقات بحكم الله يخفون تصديقهم لم تعلموهم أى لم تعرفوا شخصياتهم أن تطؤهم والمراد كى لا تقتلوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم والمراد فيكتب عليكم بسببهم ذنب بغير معرفة وهو القتل الخطأ وهذا يعنى أنهم سيرتكبون خطأ غير متعمد منهم وبهذا الكف يدخل الله فى رحمته من يشاء والمراد يسكن الرب فى جناته من يريد مصداق لقوله بسورة محمد"ويدخلهم الجنة "ويبين لهم أنهم لو تزيلوا أى تباعدوا والمراد لو خرج المؤمنون والمؤمنات من وسط الكفار لعذبنا الذين كفروا من أهل مكة عذابا أليما والمراد لعاقبنا الذين كذبوا حكم الله من أهل مكة عقابا مهينا عن طريق حربهم من المؤمنين والخطاب وما قبله للمؤمنين فى المدينة عند الفتح .
"إذ جعل الذين كفروا فى قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شىء عليما "المعنى حين وضع الذين كذبوا فى نفوسهم الغضب غضب الكفر فوضع الرب طمأنينة فى نبيه (ص)وفى المصدقين أى فرض عليهم حكم الطاعة وكانوا أولى بها وأصحابها وكان الرب بكل أمر محيطا،يبين الله لنا أن الذين كفروا جعلوا فى قلوبهم الحمية حمية الجاهلية والمراد أن الذين كذبوا حكم الله أشعلوا فى أنفسهم الثورة ثورة الكفر أى جعلوا أنفسهم تغضب لدين الكفر فأرادوا الحرب فى مكة فأنزل الله سكينته على رسوله والمؤمنين والمراد وضع طمأنينة وهى طاعة حكم الله فى قلب النبى (ص)والمصدقين بحكمه وفسر هذا بقوله ألزمهم كلمة التقوى أى أوجب عليهم حكم الطاعة والمراد فرض عليهم اتباع حكم عدم القتال فى مكة وكانوا أحق بها والمراد وكانوا أولى بطاعة حكم الله وفسر هذا بأنهم أهلها أى المؤمنون أصحاب طاعة حكم الله ويبين لهم أنه بكل شىء عليما والمراد أنه لكل أمر خبيرا وسيحاسبهم عليه والقول لنا
"لقد صدق الله رسوله الرءيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا "المعنى لقد حقق الرب لنبيه (ص)المنام بالعدل لتحكمن البيت الحرام إن أراد الرب مطمئنين محلقين شعوركم ومقصرين لا تخشون فعرف الذى لم تعرفوا فجعل من بعد ذلك نصرا واقعا،يبين الله لنا أن الله صدق رسوله (ص)الرؤيا بالحق والمراد أن الرب نفذ لنبيه (ص)الحلم بالعدل أى كما حدث فى المنام بالضبط وهو حلم دخول مكة ويبين الله للمؤمنين أنهم يدخلون المسجد الحرام إن شاء الله آمنين والمراد أنهم يزورون البيت الحرام وهو مكة مطمئنين وهم محلقين رءوسهم والمراد وهم مزيلين شعورهم وأظافرهم ومقصرين أى أو مقللين من طول شعورهم وأظافرهم وهم لا يخافون أى لا يخشون أذى الكفار ويبين لهم أنه علم ما لم يعلموا والمراد عرف الذى لم يعرفوا وهو أنه جعل من دون ذلك فتحا قريبا والمراد أنه جعل من بعد زيارتهم لمكة عمارا وحجاجا نصرا واقعا وهو فتح مكة والخطاب للناس.
"محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم فى وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم فى التوراة ومثلهم فى الإنجيل كزرع أخرج شطئه فأزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما "المعنى محمد (ص)مبعوث الرب والذين ناصروه أعزة على المكذبين أذلة بينهم تعلمهم مطيعين يطلبون ثوابا من الرب أى قبولا ،أفراحهم فى نفوسهم من نتيجة الطاعة ذلك وصفهم فى التوراة ووصفهم فى الإنجيل كنبات أخرج ثمره فقواه فاستعظم فاستقر على فروعه يعجب الفلاحين ليثير بهم الكاذبين أخبر الله الذين صدقوا وفعلوا الحسنات منهم رحمة أى ثوابا حسنا،يبين الله للناس أن محمد(ص)رسول أى مبعوث الله لإبلاغ الوحى للناس والذين معه وهم المؤمنين برسالته أشداء على الكفار أى غليظين فى معاملة المكذبين لحكم الله أى "أعزة على الكافرين "كما قال بسورة المائدة رحماء بينهم أى أذلاء لبعضهم البعض كما قال بسورة المائدة"أذلة على المؤمنين"والمراد خدم لبعضهم البعض،ويبين للإنسان أنه يراهم ركعا سجدا أى يعلمهم مطيعين متبعين لحكم الله يبتغون فضلا من الله والمراد يريدون رحمة من الرب فسرها بأنها رضوان أى ثواب أى الجنة سيماهم فى وجوههم من أثر السجود والمراد أفراحهم وهى نضرة النعيم ظاهرة على نفوسهم من نتيجة الطاعة لحكم الله مصداق لقوله بسورة المطففين "تعرف فى وجوههم نضرة النعيم"وذلك وهو ما سبق ذكره مثلهم فى التوراة أى وصفهم فى التوراة المنزلة على موسى (ص) وهذا يعنى أن الله قال فى التوراة عن محمد (ص)ومن معه "ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم فى وجوههم من أثر السجود"وأما مثلهم وهو وصفهم فى الإنجيل وهو الكتاب المنزل على عيسى (ص)فهو أنهم كزرع أخرج شطئه فأزره فاستغلظ فاستوى على سوقه والمراد يشبهون نبات أطلع ثمره فقواه والمراد أمده بالغذاء فاستقوى أى أصبح ناضجا أى فاستقر على جذوره وهذا يعنى أن المسلمين أخرجوا الأعمال الصالحة فأمدهم الله بالقوة حتى تكثر الأعمال الصالحة حتى أصبحت الأعمال الصالحة هى قوة المسلمين ويبين أن هذا النبات يعجب الزراع والمراد أن هذا النبات يرضى الخالق له حتى يغيظ بهم الكفار والمراد حتى يهزم بهم المكذبين للدين ويبين الله أنه وعد أى أخبر الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله وعملوا الصالحات والمراد وفعلوا الحسنات مغفرة أى جنات مصداق لقوله بسورة التوبة "وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات"وفسرها بأنها أجرا عظيما أى ثوابا كبيرا مصداق لقوله بسورة الإسراء"أجرا كبيرا"والخطاب للناس