سورة الحاقة
سميت بهذا الاسم لذكر الحاقة بقوله "الحاقة ما الحاقة ".
"بسم الله الرحمن الرحيم الحاقة ما الحاقة وما أدراك ما الحاقة كذبت ثمود وعاد بالقارعة فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية "المعنى بحكم الرب النافع المفيد القيامة ما القيامة والذى أعلمك ما القيامة كفرت ثمود وعاد بالقيامة فأما ثمود فدمروا بالصيحة،يبين الله لنبيه (ص)أن اسم الله الرحمن الرحيم والمراد أن حكم الرب النافع المفيد هو الحاقة أى القيامة أى القارعة التى يصدر فيها حكم العدل ويسأل ما الحاقة أى ما القيامة ويقول وما أدراك ما الحاقة أى وما أعلمك ما القارعة والمراد والله هو الذى عرفك ما القيامة وفى هذا قال بسورة القارعة "القارعة ما القارعة وما أدراك ما القارعة"،ويبين له أن كل من ثمود وعاد كذبوا بالقارعة والمراد كفروا بالقيامة أى الساعة مصداق لقوله بسورة الفرقان"بل كذبوا بالساعة" ولذا فثمود أهلكوا بالطاغية والمراد عوقبوا بالصيحة وهى الرجفة مصداق لقوله بسورة الأعراف "فأخذتهم الرجفة "وقوله بسورة هود"فأخذت الذين ظلموا الصيحة "والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية فهل ترى من باقية "المعنى وأما عاد فدمروا بهواء مؤذى عاصف سلطه عليهم سبع ليال وثمانية نهارات متتابعة فتشاهد الكفار فيها راقدين كأنهم سيقان نخل خالية فهل تعلم منهم من حى؟،يبين الله لنبيه (ص)أن عاد أهلكوا بريح صرصر عاتية والمراد دمروا بهواء مؤذى عاصف سخرها والمراد سلطها الله عليهم مدة قدرها سبع ليال وثمانية أيام حسوما أى متتابعة فترى القوم فيها صرعى والمراد فتشاهد الكفار فيها موتى أى راقدين كأنهم جذور نخل خالية أى يشبهون جذور نخل خالية والمراد أن العظام ليس بها لحم شبه الجذر الخالى إلا من جوانبه ويسأله فهل ترى لهم من باقية والمراد فهل تعلم منهم من حى ؟والغرض من السؤال إخباره بهلاك الكل بدليل عدم وجود حى واحد منهم .
"وجاء فرعون ومن قبله والمؤتفكات بالخاطئة فعصوا رسول ربهم فأخذهم أخذة رابية "المعنى وأتى فرعون ومن معه وقوم لوط(ص)بالكفر أى خالفوا مبعوث خالقهم فأهلكهم هلاكا عظيما ،يبين الله لنبيه (ص)أن فرعون ومن قبله وهم قومه والمؤتفكات وهم قوم لوط(ص)جاءوا بالخاطئة والمراد ارتكبوا الخطيئة وهى الكفر وفسرها بأنهم عصوا رسول ربهم والمراد خالفوا حكم مبعوث إلههم فكانت النتيجة أن أخذهم أخذة رابية والمراد أن دمرهم تدميرا تاما حيث لم يترك منهم أحدا والخطاب للنبى(ص).
"إنا لما طغا الماء حملناكم فى الجارية لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية "المعنى إنا لما زاد الطوفان أركبناكم فى الفلك لنجعلها لكم عبرة أى تعقلها نفس عاقلة،يبين الله للنبى(ص)أنه قال لنوح(ص)وصحبه إنا لما طغا الماء حملناكم فى الجارية والمراد إنا لما زاد الماء فى الأرض أركبناكم فى الفلك وهو السفينة والسبب أن نجعلها تذكرة والمراد أن نجعلها عظة أى عبرة يعتبر بها المؤمن وفسر هذا بأن تعيها أذن واعية والمراد أن تفهمها نفس فاهمة أى تتعظ بها نفس عاقلة والخطاب للنبى(ص)والخطاب محذوف أوله.
"فإذا نفخ فى الصور نفخة واحدة وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة فيومئذ وقعت الواقعة وانشقت السماء فهى يومئذ واهية والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية "المعنى فإذا نودى فى الآلة نداء واحد ورفعت الأرض والرواسى فنسفتا نسفة واحدة فيومئذ حدثت القيامة وتفتحت السماء فهى يومذاك واهنة والملائكة فى نواحيها ويرفع كرسى إلهك أعلاهم يومذاك ثمانية ،يبين الله لنبيه (ص)أن إذا نفخ فى الصور نفخة واحدة والمراد إذا نقر فى الناقور نقرة أى صيحة واحدة مصداق لقوله بسورة يس"إن كانت إلا صيحة واحدة "وحملت الأرض والجبال والمراد ورفعت الأرض والرواسى فدكتا دكة واحدة أى فرجتا رجة واحدة أى بستا بسة واحدة والمراد وزلزلتا زلزلة واحدة مصداق لقوله بسورة الواقعة "إذا رجت الأرض رجا وبست الجبال بسا"وانشقت السماء فهى يومئذ واهية والمراد وانفطرت أى تفتحت السماء مصداق لقوله بسورة الإنفطار"إذا السماء انفطرت " فهى يومذاك ضعيفة والملك على أرجائها والمراد والملائكة فى نواحى السماء متواجدين ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية والمراد ويرفع كرسى إلهك أعلاهم ثمانية ملائكة والكرسى هو رمز لملك الله للكون وليس للجلوس فيومئذ وقعت الواقعة والمراد فعند هذا حدثت الحادثة وهى القيامة والخطاب للنبى(ص).
"يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية فأما من أوتى كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه إنى ظننت أنى ملاق حسابيه فهو فى عيشة راضية فى جنة عالية قطوفها دانية كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم فى الأيام الخالية"المعنى يومذاك تظهرون لا يغيب منكم شىء فأما من أعطى سجله فى يمينه فيقول تعالوا شاهدوا سجلى إنى اعتقدت أنى آخذ ثوابى فهو فى حياة سعيدة فى حديقة عظيمة ثمارها قريبة اطعموا وارتووا متاعا بما صنعتم فى الأيام السابقة،يبين الله للناس أن فى يوم القيامة يعرضون لا تخفى منهم خافية والمراد يحشرون لا يغيب منهم أحدا مصداق لقوله بسورة الكهف "وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا"فأما من أوتى كتابه بيمينه والمراد فأما من تسلم صحيفة عمله فى يده اليمنى فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه والمراد هلموا اعرفوا عملى المدون فى صحيفتى إنى ظننت أنى ملاق حسابيه والمراد أنى صدقت أن آخذ ثوابى من الله ،لذا هو فى عيشة راضية أى حياة سعيدة فى جنة عالية والمراد فى حديقة عظيمة قطوفها دانية والمراد ثمارها قريبة أى معطاة لمن يشتهيها ويقال لهم كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم فى الأيام الخالية والمراد اطعموا من ثمرها وارتووا من شرابها ثوابا لما عملتم فى الأوقات السابقة وهى الدنيا وفى هذا قال بسورة الطور"كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون"والخطاب للناس ما بعده.
"وأما من أوتى كتابه بشماله فيقول يا ليتنى لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه يا ليتها كانت القاضية ما أغنى عنى ماليه هلك عنى سلطانيه "المعنى وأما من أعطى سجله فى شماله فيقول يا ليتنى لم أسلم سجلى ولم أعرف ما جزائى يا ليتها كانت المنهية ما منع عنى ملكى بعدت عنى قوتى ،يبين الله للناس أن من أوتى كتابه بشماله والمراد أن من سلم سجل عمله فى يده اليسرى يقول :يا ليتنى لم أوت كتابيه والمراد يا ليتنى لم أسلم سجل عملى ،ولم أدر ما حسابيه والمراد ولم أعلم ما جزائى ،يا ليتها كانت القاضية والمراد يا ليت الوفاة السابقة كانت المنهية على حياتى فلا يصبح لى وجود بعدها،وهذا يعنى أنه يتمنى لو لم يتسلم سجل عمله ولم يعرف عقابه ولم يحيى،ويقول ما أغنى عنى ماليه والمراد ما أفادنى ملكى فى الدنيا بشىء فى الآخرة هلك عنى سلطانيه أى بعد عنى نفوذى والمراد ذهب ما كان لى من قوة فى الدنيا ذهابا تاما .
"خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه ثم فى سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه إنه كان لا يؤمن بالله العظيم ولا يحض على طعام المسكين فليس له اليوم هاهنا حميم ولا طعام إلا من غسلين لا يأكله إلا الخاطئون "المعنى أمسكوه فقيدوه ثم النار أذيقوه ثم فى قيد طوله سبعون ذراعا فاربطوه إنه كان لا يصدق بالله الكبير ولا يوصى بأكل المحتاج فليس له الآن هاهنا صديق ولا أكل إلا من ضريع لا يتناوله إلا الكافرون ،يبين الله للناس أنه يقول للملائكة عن الكافر :خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه والمراد أمسكوه فقيدوه ثم النار أذيقوه ألمها وفسر هذا التقييد بقوله فى سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه والمراد فى قيد طوله سبعون ذراعا فاربطوه وهذا يعنى أن السلسلة وهى القيد تبين لنا أن الكفار يتحركون فى مكان دائرة الحركة فيه نصف قطرها سبعون ذراعا والسبب فى تعذيبه إنه كان لا يؤمن بالله العظيم والمراد إنه كان لا يصدق بآيات الرب الكبير مصداق لقوله بسورة طه"ولم يؤمن بآيات ربه"ولا يحض على طعام المسكين والمراد ولا يأمر بأكل للمحتاج وهذا يعنى أنه كان لا يوصى بتأكيل المحتاجين للطعام لذا ليس له اليوم ها هنا حميم أى ليس له صديق ينفعه فى الآخرة ولا طعام إلا من غسلين والمراد ولا أكل إلا من ضريع أى زقوم لا يأكله إلا الخاطئون والمراد لا يطعمه إلا الكافرون وهم الأثمون مصداق لقوله بسورة الدخان "إن شجرة الزقوم طعام الأثيم " وقوله بسورة الغاشية "ليس لهم طعام إلا من ضريع"والخطاب للناس وما بعده وما بعده.
"فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون إنه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون تنزيل من رب العالمين "المعنى فلا أحلف بالذى ترون والذى لا ترون إنه لحديث مبعوث عظيم وما هو بحديث شاعر قليلا ما تصدقون ولا بحديث كاهن قليلا ما تطيعون وحى من إله الكل،يقسم الله للناس بما يبصرون وهو ما يرون من المخلوقات وما لا يبصرون والمراد والذى لا يرون من المخلوقات على أن القرآن هو قول رسول كريم والمراد حديث مبعوث عظيم وما هو بقول شاعر والمراد وليس بحديث قائل الشعر ولا بقول كاهن والمراد وليس بحديث عالم من علماء الأديان الضالة إنما هو تنزيل من رب العالمين والمراد إنما القرآن وحى من عند إله الكل ويبين لهم أنهم قليلا ما يؤمنون أى ما يصدقون القرآن وفسره بأنه قليلا ما يذكرون والمراد قليلا ما يطيعون القرآن .
"ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين وإنه لتذكرة للمتقين "المعنى ولو افترى علينا بعض الأحكام لأمسكنا منه اليمين ثم لشللنا منه اللسان فما منكم من أحد عنه مانعين وإنه لرحمة للمطيعين،يبين الله للناس أن محمد(ص)لو تقول عليه بعض الأقاويل والمراد لو افترى عليه بعض الأحكام أى لو نسب إلى الله الذى لم يقله لحدث التالى أخذنا منه باليمين أى شللنا منه الجانب الأيمن ثم لقطعنا منه الوتين والمراد وشللنا منه اللسان فما منكم من أحد عنه حاجزين أى مانعين والمراد لا يقدر أحد منكم أوصاه بالكذب على منع عذاب الله له وإنه لتذكرة للمتقين والمراد وإن القرآن لرحمة للمطيعين لما فيه من الأحكام.
"وإنا لنعلم أن منكم مكذبين وإنه لحسرة على الكافرين وإنه لحق اليقين فسبح باسم ربك العظيم "المعنى وإنا لنعرف أن منكم كافرين وإنه لمؤذى للمكذبين وإنه لواجب التصديق فاعمل بحكم إلهك الكبير،يبين الله للناس أنه يعلم أن منهم مكذبين والمراد يعرف أن من الناس كافرين بحكم الله وإنه لحسرة على الكافرين والمراد وإن القرآن لجالب العقاب للمكذبين به وهو النار ويبين لنبيه (ص)أن القرآن هو حق اليقين والمراد واجب التصديق من كل إنسان ويطلب منه أن يسبح باسم ربه العظيم والمراد أن يعمل بحكم خالقه الكبير وهو القرآن والخطاب حتى مكذبين للناس وما بعده للنبى(ص)
سميت بهذا الاسم لذكر الحاقة بقوله "الحاقة ما الحاقة ".
"بسم الله الرحمن الرحيم الحاقة ما الحاقة وما أدراك ما الحاقة كذبت ثمود وعاد بالقارعة فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية "المعنى بحكم الرب النافع المفيد القيامة ما القيامة والذى أعلمك ما القيامة كفرت ثمود وعاد بالقيامة فأما ثمود فدمروا بالصيحة،يبين الله لنبيه (ص)أن اسم الله الرحمن الرحيم والمراد أن حكم الرب النافع المفيد هو الحاقة أى القيامة أى القارعة التى يصدر فيها حكم العدل ويسأل ما الحاقة أى ما القيامة ويقول وما أدراك ما الحاقة أى وما أعلمك ما القارعة والمراد والله هو الذى عرفك ما القيامة وفى هذا قال بسورة القارعة "القارعة ما القارعة وما أدراك ما القارعة"،ويبين له أن كل من ثمود وعاد كذبوا بالقارعة والمراد كفروا بالقيامة أى الساعة مصداق لقوله بسورة الفرقان"بل كذبوا بالساعة" ولذا فثمود أهلكوا بالطاغية والمراد عوقبوا بالصيحة وهى الرجفة مصداق لقوله بسورة الأعراف "فأخذتهم الرجفة "وقوله بسورة هود"فأخذت الذين ظلموا الصيحة "والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية فهل ترى من باقية "المعنى وأما عاد فدمروا بهواء مؤذى عاصف سلطه عليهم سبع ليال وثمانية نهارات متتابعة فتشاهد الكفار فيها راقدين كأنهم سيقان نخل خالية فهل تعلم منهم من حى؟،يبين الله لنبيه (ص)أن عاد أهلكوا بريح صرصر عاتية والمراد دمروا بهواء مؤذى عاصف سخرها والمراد سلطها الله عليهم مدة قدرها سبع ليال وثمانية أيام حسوما أى متتابعة فترى القوم فيها صرعى والمراد فتشاهد الكفار فيها موتى أى راقدين كأنهم جذور نخل خالية أى يشبهون جذور نخل خالية والمراد أن العظام ليس بها لحم شبه الجذر الخالى إلا من جوانبه ويسأله فهل ترى لهم من باقية والمراد فهل تعلم منهم من حى ؟والغرض من السؤال إخباره بهلاك الكل بدليل عدم وجود حى واحد منهم .
"وجاء فرعون ومن قبله والمؤتفكات بالخاطئة فعصوا رسول ربهم فأخذهم أخذة رابية "المعنى وأتى فرعون ومن معه وقوم لوط(ص)بالكفر أى خالفوا مبعوث خالقهم فأهلكهم هلاكا عظيما ،يبين الله لنبيه (ص)أن فرعون ومن قبله وهم قومه والمؤتفكات وهم قوم لوط(ص)جاءوا بالخاطئة والمراد ارتكبوا الخطيئة وهى الكفر وفسرها بأنهم عصوا رسول ربهم والمراد خالفوا حكم مبعوث إلههم فكانت النتيجة أن أخذهم أخذة رابية والمراد أن دمرهم تدميرا تاما حيث لم يترك منهم أحدا والخطاب للنبى(ص).
"إنا لما طغا الماء حملناكم فى الجارية لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية "المعنى إنا لما زاد الطوفان أركبناكم فى الفلك لنجعلها لكم عبرة أى تعقلها نفس عاقلة،يبين الله للنبى(ص)أنه قال لنوح(ص)وصحبه إنا لما طغا الماء حملناكم فى الجارية والمراد إنا لما زاد الماء فى الأرض أركبناكم فى الفلك وهو السفينة والسبب أن نجعلها تذكرة والمراد أن نجعلها عظة أى عبرة يعتبر بها المؤمن وفسر هذا بأن تعيها أذن واعية والمراد أن تفهمها نفس فاهمة أى تتعظ بها نفس عاقلة والخطاب للنبى(ص)والخطاب محذوف أوله.
"فإذا نفخ فى الصور نفخة واحدة وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة فيومئذ وقعت الواقعة وانشقت السماء فهى يومئذ واهية والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية "المعنى فإذا نودى فى الآلة نداء واحد ورفعت الأرض والرواسى فنسفتا نسفة واحدة فيومئذ حدثت القيامة وتفتحت السماء فهى يومذاك واهنة والملائكة فى نواحيها ويرفع كرسى إلهك أعلاهم يومذاك ثمانية ،يبين الله لنبيه (ص)أن إذا نفخ فى الصور نفخة واحدة والمراد إذا نقر فى الناقور نقرة أى صيحة واحدة مصداق لقوله بسورة يس"إن كانت إلا صيحة واحدة "وحملت الأرض والجبال والمراد ورفعت الأرض والرواسى فدكتا دكة واحدة أى فرجتا رجة واحدة أى بستا بسة واحدة والمراد وزلزلتا زلزلة واحدة مصداق لقوله بسورة الواقعة "إذا رجت الأرض رجا وبست الجبال بسا"وانشقت السماء فهى يومئذ واهية والمراد وانفطرت أى تفتحت السماء مصداق لقوله بسورة الإنفطار"إذا السماء انفطرت " فهى يومذاك ضعيفة والملك على أرجائها والمراد والملائكة فى نواحى السماء متواجدين ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية والمراد ويرفع كرسى إلهك أعلاهم ثمانية ملائكة والكرسى هو رمز لملك الله للكون وليس للجلوس فيومئذ وقعت الواقعة والمراد فعند هذا حدثت الحادثة وهى القيامة والخطاب للنبى(ص).
"يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية فأما من أوتى كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه إنى ظننت أنى ملاق حسابيه فهو فى عيشة راضية فى جنة عالية قطوفها دانية كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم فى الأيام الخالية"المعنى يومذاك تظهرون لا يغيب منكم شىء فأما من أعطى سجله فى يمينه فيقول تعالوا شاهدوا سجلى إنى اعتقدت أنى آخذ ثوابى فهو فى حياة سعيدة فى حديقة عظيمة ثمارها قريبة اطعموا وارتووا متاعا بما صنعتم فى الأيام السابقة،يبين الله للناس أن فى يوم القيامة يعرضون لا تخفى منهم خافية والمراد يحشرون لا يغيب منهم أحدا مصداق لقوله بسورة الكهف "وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا"فأما من أوتى كتابه بيمينه والمراد فأما من تسلم صحيفة عمله فى يده اليمنى فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه والمراد هلموا اعرفوا عملى المدون فى صحيفتى إنى ظننت أنى ملاق حسابيه والمراد أنى صدقت أن آخذ ثوابى من الله ،لذا هو فى عيشة راضية أى حياة سعيدة فى جنة عالية والمراد فى حديقة عظيمة قطوفها دانية والمراد ثمارها قريبة أى معطاة لمن يشتهيها ويقال لهم كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم فى الأيام الخالية والمراد اطعموا من ثمرها وارتووا من شرابها ثوابا لما عملتم فى الأوقات السابقة وهى الدنيا وفى هذا قال بسورة الطور"كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون"والخطاب للناس ما بعده.
"وأما من أوتى كتابه بشماله فيقول يا ليتنى لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه يا ليتها كانت القاضية ما أغنى عنى ماليه هلك عنى سلطانيه "المعنى وأما من أعطى سجله فى شماله فيقول يا ليتنى لم أسلم سجلى ولم أعرف ما جزائى يا ليتها كانت المنهية ما منع عنى ملكى بعدت عنى قوتى ،يبين الله للناس أن من أوتى كتابه بشماله والمراد أن من سلم سجل عمله فى يده اليسرى يقول :يا ليتنى لم أوت كتابيه والمراد يا ليتنى لم أسلم سجل عملى ،ولم أدر ما حسابيه والمراد ولم أعلم ما جزائى ،يا ليتها كانت القاضية والمراد يا ليت الوفاة السابقة كانت المنهية على حياتى فلا يصبح لى وجود بعدها،وهذا يعنى أنه يتمنى لو لم يتسلم سجل عمله ولم يعرف عقابه ولم يحيى،ويقول ما أغنى عنى ماليه والمراد ما أفادنى ملكى فى الدنيا بشىء فى الآخرة هلك عنى سلطانيه أى بعد عنى نفوذى والمراد ذهب ما كان لى من قوة فى الدنيا ذهابا تاما .
"خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه ثم فى سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه إنه كان لا يؤمن بالله العظيم ولا يحض على طعام المسكين فليس له اليوم هاهنا حميم ولا طعام إلا من غسلين لا يأكله إلا الخاطئون "المعنى أمسكوه فقيدوه ثم النار أذيقوه ثم فى قيد طوله سبعون ذراعا فاربطوه إنه كان لا يصدق بالله الكبير ولا يوصى بأكل المحتاج فليس له الآن هاهنا صديق ولا أكل إلا من ضريع لا يتناوله إلا الكافرون ،يبين الله للناس أنه يقول للملائكة عن الكافر :خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه والمراد أمسكوه فقيدوه ثم النار أذيقوه ألمها وفسر هذا التقييد بقوله فى سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه والمراد فى قيد طوله سبعون ذراعا فاربطوه وهذا يعنى أن السلسلة وهى القيد تبين لنا أن الكفار يتحركون فى مكان دائرة الحركة فيه نصف قطرها سبعون ذراعا والسبب فى تعذيبه إنه كان لا يؤمن بالله العظيم والمراد إنه كان لا يصدق بآيات الرب الكبير مصداق لقوله بسورة طه"ولم يؤمن بآيات ربه"ولا يحض على طعام المسكين والمراد ولا يأمر بأكل للمحتاج وهذا يعنى أنه كان لا يوصى بتأكيل المحتاجين للطعام لذا ليس له اليوم ها هنا حميم أى ليس له صديق ينفعه فى الآخرة ولا طعام إلا من غسلين والمراد ولا أكل إلا من ضريع أى زقوم لا يأكله إلا الخاطئون والمراد لا يطعمه إلا الكافرون وهم الأثمون مصداق لقوله بسورة الدخان "إن شجرة الزقوم طعام الأثيم " وقوله بسورة الغاشية "ليس لهم طعام إلا من ضريع"والخطاب للناس وما بعده وما بعده.
"فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون إنه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون تنزيل من رب العالمين "المعنى فلا أحلف بالذى ترون والذى لا ترون إنه لحديث مبعوث عظيم وما هو بحديث شاعر قليلا ما تصدقون ولا بحديث كاهن قليلا ما تطيعون وحى من إله الكل،يقسم الله للناس بما يبصرون وهو ما يرون من المخلوقات وما لا يبصرون والمراد والذى لا يرون من المخلوقات على أن القرآن هو قول رسول كريم والمراد حديث مبعوث عظيم وما هو بقول شاعر والمراد وليس بحديث قائل الشعر ولا بقول كاهن والمراد وليس بحديث عالم من علماء الأديان الضالة إنما هو تنزيل من رب العالمين والمراد إنما القرآن وحى من عند إله الكل ويبين لهم أنهم قليلا ما يؤمنون أى ما يصدقون القرآن وفسره بأنه قليلا ما يذكرون والمراد قليلا ما يطيعون القرآن .
"ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين وإنه لتذكرة للمتقين "المعنى ولو افترى علينا بعض الأحكام لأمسكنا منه اليمين ثم لشللنا منه اللسان فما منكم من أحد عنه مانعين وإنه لرحمة للمطيعين،يبين الله للناس أن محمد(ص)لو تقول عليه بعض الأقاويل والمراد لو افترى عليه بعض الأحكام أى لو نسب إلى الله الذى لم يقله لحدث التالى أخذنا منه باليمين أى شللنا منه الجانب الأيمن ثم لقطعنا منه الوتين والمراد وشللنا منه اللسان فما منكم من أحد عنه حاجزين أى مانعين والمراد لا يقدر أحد منكم أوصاه بالكذب على منع عذاب الله له وإنه لتذكرة للمتقين والمراد وإن القرآن لرحمة للمطيعين لما فيه من الأحكام.
"وإنا لنعلم أن منكم مكذبين وإنه لحسرة على الكافرين وإنه لحق اليقين فسبح باسم ربك العظيم "المعنى وإنا لنعرف أن منكم كافرين وإنه لمؤذى للمكذبين وإنه لواجب التصديق فاعمل بحكم إلهك الكبير،يبين الله للناس أنه يعلم أن منهم مكذبين والمراد يعرف أن من الناس كافرين بحكم الله وإنه لحسرة على الكافرين والمراد وإن القرآن لجالب العقاب للمكذبين به وهو النار ويبين لنبيه (ص)أن القرآن هو حق اليقين والمراد واجب التصديق من كل إنسان ويطلب منه أن يسبح باسم ربه العظيم والمراد أن يعمل بحكم خالقه الكبير وهو القرآن والخطاب حتى مكذبين للناس وما بعده للنبى(ص)