بسم الله
قرأت هذا المقال فأحببت منكم إبداء الرأي حول الموضوع ....... وهذا المقال يعبر عن رأي صاحبه .. وإن كنت قد أوافق على كثير مما كتب فيه ..
مونديال قطر .. وأصفار العرب
الاربعاء 08 ديسمبر 2010
بقلم: شريف عبدالعزيز
حالة من الفرحة العارمة اجتاحت الدول العربية والإسلامية عقب الإعلان بفوز قطر بتنظيم مونديال كرة القدم عام 2022، وتبارت وسائل الإعلام العربية والإسلامية في بيان مزايا هذا الانتصار ومعانيه ودلالاته والمنافع المترتبة علي تنظيم بلد عربي وإسلامي لمثل هذا العرس الكروي الذي لا يأتي إلا كل أربع سنوات، ونزل في حلبة الثناء علي الفوز التاريخي! الرياضيون والسياسيون والاقتصاديون والإعلاميون.
التلميذ الخائب
رد فعل قطر والدول العربية علي هذا الفوز، يشبه حال الولد الذي نجح في مادة الألعاب، ورسب في كل المواد، فشهادته وصحيفة أحواله بها الدرجة النهائية في مادة الألعاب البدنية، وصفر في باقي المواد الدراسية، فصفر في الكيمياء، وصفر في الفيزياء، وصفر في الرياضيات، وصفر في سائر المواد التي تجعل الولد ينجح وينتقل للصف الثاني والمستوي الأعلى، ومع هذه الأصفار والفشل الذريع، يحتفل احتفالاً باهراً، يتداعى إليه الناس مع كل
حدب وصوب.
قد يظن الكثيرون أن ما ذكرته من قبيل التشاؤم والسوداوية، وإفساد الفرحة علي الشعوب المقهورة الباحثة عن أي نصر، ولو كان نصراً معنوياً لا قيمة له، ولكن حالة النشوة العامة التي سرت في أوساط العرب والمسلمين، والتي وصلت لحد السكر والخدر، هي عين ما يبحث عنه أعداء الأمة، لتبقي الأمة في النهاية فاقدة الوعي ، حاضرة ولكنها غائبة، وحية ولكنها إلي الموت أقرب.
أصفار العرب
الأمة العربية والإسلامية اليوم تعاني من صحيفة أحوال مثقلة بالأصفار في الكثير من الميادين والأمور العامة التي هي الأسباب الحقيقة لتقدم الأمم، وهي مقياس الرقي والحضارة بوجهها الفاعل والمؤثر، وبجولة سريعة نكتشف حجم المأساة التي تعيشها أمة المونديال العربية.
صفر التعليم
إن التعليم هو الدعامة الأساسية في بناء أي مجتمع وعندما احتلت اليابان تنازلت عن كل شيء إلا أنها رفضت أن يتدخل أحد في التعليم، وإذا أردت أن تدمر شعباً ما عليك إلا أن تضع له منهجاً تعليمياً فاشلاً، وبعد مرور عدة سنوات ستحصل على مجتمع فارغ أجوف، كمحصلة طبيعية لهذا التعليم المختل.
العالم الإسلامي بأسره به 500 جامعة، في حين أمريكا بها وحدها فقط 5758 جامعة، ولا توجد أي جامعة عربية ضمن الجامعات الخمسمائة الأولى علي العالم، في حين توجد في القائمة ست جامعات إسرائيلية، نسبة التعلم داخل الكيان الغاصب الصهيوني الذي يعتبر عدونا اللدود والأقرب 90%، بينما نسبة التعلم في العالم الإسلامي 40%، الطفل العربي يقرأ ما معدله ربع صفحة خارج المقرر الدراسي سنوياً، في حين يقرأ نظيره الأمريكي 600 صفحة سنوياً من خارج المقرر، معدل الإنفاق علي التعليم في العالم العربي بلغ 5% من الناتج القومي، في حين بلغ 40% في أمريكا و34% في أوروبا.
الولايات المتحدة الأمريكية عندما علمت أن الاتحاد السوفييتي السابق قد تفوق عليها في مجال الفضاء شعر المسئولون فيها بالخطر الداهم، وأعلنوا أن أمتهم في حالة خطر، وصدر تقريرهم الشهير "أمة في خطر “A Nation At Risk” عام 1983، وكان بمثابة صرخة مدوية، أظهرت مدى ما يستشعره صناع القرار الأمريكيون من الخطر الذي يتهدد أمريكا، ومدى تدني نوعية التعليم فيها، ومما جاء في هذا التقرير:"لأول مرة في مسيرة التعليم العام بأمريكا سيتخرج جيل لا يتفوق على آبائه، بل حتى لا يساويهم أو يدانيهم في المهارات والمعارف والقدرات"، على الفور أعد المسئولون عن التعليم الأمريكي الدراسات التربوية المتخصصة، وانطلقت الخطوات العاجلة لإصلاح التعليم الأمريكي، ووضع المسئولون الأمريكان نصب أعينهم الأسباب التي أدت إلى التراجع الخطير، فقاموا بتغيير المناهج التعليمية، وتعديل مناهج تدريس الرياضيات والفيزياء وغيرها من المواد العلمية، وفي عام 1991، في عهد الرئيس جورج بوش الأب نُشر مشروع بعنوان (أمريكا عام 2000 - إستراتيجية للتعليم)، تضمّن الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها نظام التعليم الأمريكي، ومنها : "أن يحتل الطالب الأمريكي المرتبة الأولى عالمياً بين دول العالم في مادتي العلوم والرياضيات"، ومن أجل تحقيق هذه الغاية قدّم الباحثون الأمريكيون تقارير حول أفضل الطرق التي تمكِّن الطلاب من التفوق في هذه المواد الأساسية، منها وثيقة "معايير منهج وتقويم الرياضيات المدرسية" وذلك من أجل النهوض بالتعليم وإصلاح الخلل الطارئ لمواصلة السيطرة والهيمنة علي العالم، هذا بينما الإحصائيات المفزعة عن مستوى التعليم في العالم العربي والإسلامي لا تزعج أحداً من المسئولين، ولا تشغل بالهم طالما أننا قد فزنا بالمونديال!
صفر الاقتصاد
تقول إحصاءات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) إن أكثر من مليار شخص في العالم يعانون من نقص التغذية، أي حوالي سدس سكان كوكب الأرض، وتشير الإحصائيات المتعلقة بالعالم العربي إلى أن حوالي 40 مليون عربي يعانون من نقص التغذية أي ما يعادل 13% من السكان تقريباً, بالإضافة إلى أن نحو مائة مليون عربي يعيشون تحت خط الفقر، وتضيف التقارير المتخصصة أن الأمن الغذائي العربي يظل مهدداً بسبب الخلل الذي يشوب العديد من الاقتصاديات العربية جراء عدة عوامل داخلية كفشل الخطط التنموية والتوزيع غير المتكافئ للثروات والفساد, وأسباب خارجية على غرار الأزمات الاقتصادية التي تؤثر على التنمية البشرية عالمياً، وإن كان هناك بعض الحالات الاستثنائية تتعمق فيها المشكلة، ففي الصومال الذي يعيش حرباً أهلية طاحنة منذ سنوات يهدد الموت جوعاً نحو 3.5 ملايين صومالي أي ما يعادل 45% تقريبا من عدد السكان، ويُعد جنوب البلاد ووسطها من أكثر المناطق المهددة بسبب العمليات المسلحة والجفاف حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية –المفقودة أصلاً - بنسبة وصلت إلى 400% في بعض الأحيان، وفي العراق الذي يعيش هو الآخر ظروفاً استثنائية بعد الاحتلال الخارجي وحالة عدم الاستقرار، كشف تقرير صادر عن وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي أواخر عام 2007 أن الفقر شمل 60% من العراقيين في حين بلغت نسبة البطالة 50%، أما في قطاع غزة فتشير بعض التقارير المحلية إلى أن نسبة الفقر بلغت 90% بسبب الأزمة الاقتصادية الناجمة عن حالة الحصار وإغلاق المعابر مما جعل سكان القطاع البالغ عددهم مليون ونصف المليون شخص يعتمدون على المساعدات الإنسانية كمصدر رئيسي للعيش.
وفي مصر – أكبر بلد عربي من حيث عدد السكان - أكد تقرير للمجالس القومية المتخصصة أن 46% من المصريين لا يحصلون على الطعام الكافي ويعانون من سوء التغذية، وأضاف التقرير أن 35% من النساء و53% من الأطفال في مصر لا يحصلون على الطعام اللازم مما يشكل خطورة على هاتين الفئتين اللتين تعدان الأكثر هشاشة، أما في السودان فقد ذكر تقرير صادر عن المجلس القومي للسكان، وهو هيئة حكومية، أن نسبة الفقر في البلاد تتراوح بين 45 و95%، مشيراً إلى أن إنتاج النفط في السودان لم ينجح في تحسين الظروف المعيشية للسكان، وفي بقية البلدان العربية تتفاوت النسبة من بلد إلى آخر لكن أغلب التقارير تشير إلى فشل السياسات في تأمين الأمن الغذائي لشرائح هامة من السكان.
فجوة غذائية
وتشير تقارير المنظمة العربية للتنمية الزراعية إلى اتساع مطرد للفجوة الغذائية في السلع الزراعية قاربت 20 مليار دولار خلال العام 2008. ويستورد الوطن العربي 50 مليون طن من الحبوب خاصة أن استهلاك الفرد العربي يبلغ 325 كيلوجراماً من الحبوب سنوياً، وهو من أعلى المعدلات العالمية.
كما أن الأراضي الزراعية المستغلة في الوطن العربي لا تمثل سوى 30% فقط من الأراضي الصالحة للزراعة والبالغة 175 مليون هكتار، وهي مساحات ما فتئت تتناقص بسبب الظروف الطبيعية والبشرية المختلفة.
صفر السياسة
هو أكبر أصفار العالم العربي والإسلامي، فعلي الرغم من ضخامة المساحة وكثرة الدول العربية والإسلامية، والمليار ونصف مسلم وعربي، والثروات الطبيعية الهائلة التي تزخر بها العرب والمسلمون، فإن الدول العربية والإسلامية تعاني من ضياع سياسي داخلي وخارجي لم تعرف الأمة العربية والإسلامية مثله من قبل.....
أما علي المستوي الخارجي فعلي الرغم من أن الدول العربية والإسلامية التي يبلغ عددها 57 دولة وتشغل تبلغ مساحته حوالي 32 مليون كم2 أي ما يقارب ربع مساحة اليابسة البالغة حوالي 149 مليون كم2، إلا أنه لا صوت لها في مجلس الأمم ولا تملك حق الفيتو مثل دول صغيرة مثل فرنسا أو انجلترا، لا يحسب لهم أي حساب عند اتخاذ أي قرارات مصيرية، بل إن معظم القرارات الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة هي ضد مصلحة العالم الإسلامي والعربي، ولا تستطيع السياسة الخارجية لأي دولة عربية أو إسلامية وقف مثل هذه القرارات، وأكبر دليل علي صفر السياسة في الوطن العربي والإسلامي، المشكلات التاريخية والمزمنة مثل مشكلة فلسطين وغيرها بقت الآن ولسنوات طويلة بلا حل، بل لم يعد هناك بلد محتل علي وجه الأرض إلا في المنطقة العربية أو الإسلامية.
المونديال وملهاة الشعوب
وعلي الرغم من أن الإنجليز هم من اخترعوا اللعبة إلا أن ملوك انجلترا هم أكثر من عاداها وحاربها وحاول منعها بكل سبيل، لما فيها من الأضرار وضياع الأوقات والأموال والطاقات، فقد أصدر ملك انجلترا هنري الثاني قراراً يحظر ممارستها ومعاقبة المخالف بالسجن وذلك سنة 1154 ميلادية، ثم عاد الملك إدوارد الأول ومنع لعب الكرة سنة 1314 بسبب انصراف الشعب الإنجليزي عن تعلم فنون الرمي بالسهام للعب الكرة، وفي سنة 1401 أصدر هنري الرابع قراراً بحظر لعب الكرة بسبب خسارة انجلترا في الحرب أمام فرنسا وبلجيكا وقد عزا الهزيمة إلى لعب الكرة.
ولما رأى الصهاينة أثرها وسرعة انتشارها قرروا اعتمادها كبند من بنود السيطرة على العالم بأسره، فقد جاء في بروتوكولات حكماء صهيون الفقرة السابعة عشر "إننا سنغرق العالم في جنون المباريات الرياضية؛ حتى لا يصبح للأمم ولا للشعوب اشتغال بالأشياء العظيمة، بل ينزلون إلى مستويات هابطة، ويتعودون على الاهتمام بالأشياء الفارغة، وينسون الأهداف العظيمة في الحياة؛ وبذلك يتمكن اليهود من تدمير الجوييم". والجوييم هم كل من غير اليهود، لذلك ما نراه اليوم من جنون وهوس عالمي وعربي وإسلامي بلعبة كرة القدم هو من ألاعيب اليهود الصهاينة الذين أقبلوا على شراء الأندية الكبرى والمؤسسات الراعية للعبة، ودعموا المسابقات العالمية واللقاءات الدولية من أجل الترويج لهذه اللعبة الخطيرة، ويكفي أن نعرف أيها المسلمون أن أول مرة تقام فيها مسابقة الدوري المصري كانت سنة 1948 أي في نفس السنة التي قام فيها الكيان الصهيوني الغاصب على أرض فلسطين.
لذلك توجب علي الأمة العربية والإسلامية أن تستفيق من غفلتها وتتعرف علي روشتة العلاج لمشاكلها المزمنة، وتبدأ في إتباع أجندة عمل ناجحة ترتقي بها إلي ركب الدول المتقدمة التي تصر علي تصدير كل ما هو ضار إلينا، في حين تبقي في خزائن أسرارها، مفاتيح هذا النجاح.
قرأت هذا المقال فأحببت منكم إبداء الرأي حول الموضوع ....... وهذا المقال يعبر عن رأي صاحبه .. وإن كنت قد أوافق على كثير مما كتب فيه ..
مونديال قطر .. وأصفار العرب
الاربعاء 08 ديسمبر 2010
بقلم: شريف عبدالعزيز
حالة من الفرحة العارمة اجتاحت الدول العربية والإسلامية عقب الإعلان بفوز قطر بتنظيم مونديال كرة القدم عام 2022، وتبارت وسائل الإعلام العربية والإسلامية في بيان مزايا هذا الانتصار ومعانيه ودلالاته والمنافع المترتبة علي تنظيم بلد عربي وإسلامي لمثل هذا العرس الكروي الذي لا يأتي إلا كل أربع سنوات، ونزل في حلبة الثناء علي الفوز التاريخي! الرياضيون والسياسيون والاقتصاديون والإعلاميون.
التلميذ الخائب
رد فعل قطر والدول العربية علي هذا الفوز، يشبه حال الولد الذي نجح في مادة الألعاب، ورسب في كل المواد، فشهادته وصحيفة أحواله بها الدرجة النهائية في مادة الألعاب البدنية، وصفر في باقي المواد الدراسية، فصفر في الكيمياء، وصفر في الفيزياء، وصفر في الرياضيات، وصفر في سائر المواد التي تجعل الولد ينجح وينتقل للصف الثاني والمستوي الأعلى، ومع هذه الأصفار والفشل الذريع، يحتفل احتفالاً باهراً، يتداعى إليه الناس مع كل
حدب وصوب.
قد يظن الكثيرون أن ما ذكرته من قبيل التشاؤم والسوداوية، وإفساد الفرحة علي الشعوب المقهورة الباحثة عن أي نصر، ولو كان نصراً معنوياً لا قيمة له، ولكن حالة النشوة العامة التي سرت في أوساط العرب والمسلمين، والتي وصلت لحد السكر والخدر، هي عين ما يبحث عنه أعداء الأمة، لتبقي الأمة في النهاية فاقدة الوعي ، حاضرة ولكنها غائبة، وحية ولكنها إلي الموت أقرب.
أصفار العرب
الأمة العربية والإسلامية اليوم تعاني من صحيفة أحوال مثقلة بالأصفار في الكثير من الميادين والأمور العامة التي هي الأسباب الحقيقة لتقدم الأمم، وهي مقياس الرقي والحضارة بوجهها الفاعل والمؤثر، وبجولة سريعة نكتشف حجم المأساة التي تعيشها أمة المونديال العربية.
صفر التعليم
إن التعليم هو الدعامة الأساسية في بناء أي مجتمع وعندما احتلت اليابان تنازلت عن كل شيء إلا أنها رفضت أن يتدخل أحد في التعليم، وإذا أردت أن تدمر شعباً ما عليك إلا أن تضع له منهجاً تعليمياً فاشلاً، وبعد مرور عدة سنوات ستحصل على مجتمع فارغ أجوف، كمحصلة طبيعية لهذا التعليم المختل.
العالم الإسلامي بأسره به 500 جامعة، في حين أمريكا بها وحدها فقط 5758 جامعة، ولا توجد أي جامعة عربية ضمن الجامعات الخمسمائة الأولى علي العالم، في حين توجد في القائمة ست جامعات إسرائيلية، نسبة التعلم داخل الكيان الغاصب الصهيوني الذي يعتبر عدونا اللدود والأقرب 90%، بينما نسبة التعلم في العالم الإسلامي 40%، الطفل العربي يقرأ ما معدله ربع صفحة خارج المقرر الدراسي سنوياً، في حين يقرأ نظيره الأمريكي 600 صفحة سنوياً من خارج المقرر، معدل الإنفاق علي التعليم في العالم العربي بلغ 5% من الناتج القومي، في حين بلغ 40% في أمريكا و34% في أوروبا.
الولايات المتحدة الأمريكية عندما علمت أن الاتحاد السوفييتي السابق قد تفوق عليها في مجال الفضاء شعر المسئولون فيها بالخطر الداهم، وأعلنوا أن أمتهم في حالة خطر، وصدر تقريرهم الشهير "أمة في خطر “A Nation At Risk” عام 1983، وكان بمثابة صرخة مدوية، أظهرت مدى ما يستشعره صناع القرار الأمريكيون من الخطر الذي يتهدد أمريكا، ومدى تدني نوعية التعليم فيها، ومما جاء في هذا التقرير:"لأول مرة في مسيرة التعليم العام بأمريكا سيتخرج جيل لا يتفوق على آبائه، بل حتى لا يساويهم أو يدانيهم في المهارات والمعارف والقدرات"، على الفور أعد المسئولون عن التعليم الأمريكي الدراسات التربوية المتخصصة، وانطلقت الخطوات العاجلة لإصلاح التعليم الأمريكي، ووضع المسئولون الأمريكان نصب أعينهم الأسباب التي أدت إلى التراجع الخطير، فقاموا بتغيير المناهج التعليمية، وتعديل مناهج تدريس الرياضيات والفيزياء وغيرها من المواد العلمية، وفي عام 1991، في عهد الرئيس جورج بوش الأب نُشر مشروع بعنوان (أمريكا عام 2000 - إستراتيجية للتعليم)، تضمّن الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها نظام التعليم الأمريكي، ومنها : "أن يحتل الطالب الأمريكي المرتبة الأولى عالمياً بين دول العالم في مادتي العلوم والرياضيات"، ومن أجل تحقيق هذه الغاية قدّم الباحثون الأمريكيون تقارير حول أفضل الطرق التي تمكِّن الطلاب من التفوق في هذه المواد الأساسية، منها وثيقة "معايير منهج وتقويم الرياضيات المدرسية" وذلك من أجل النهوض بالتعليم وإصلاح الخلل الطارئ لمواصلة السيطرة والهيمنة علي العالم، هذا بينما الإحصائيات المفزعة عن مستوى التعليم في العالم العربي والإسلامي لا تزعج أحداً من المسئولين، ولا تشغل بالهم طالما أننا قد فزنا بالمونديال!
صفر الاقتصاد
تقول إحصاءات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) إن أكثر من مليار شخص في العالم يعانون من نقص التغذية، أي حوالي سدس سكان كوكب الأرض، وتشير الإحصائيات المتعلقة بالعالم العربي إلى أن حوالي 40 مليون عربي يعانون من نقص التغذية أي ما يعادل 13% من السكان تقريباً, بالإضافة إلى أن نحو مائة مليون عربي يعيشون تحت خط الفقر، وتضيف التقارير المتخصصة أن الأمن الغذائي العربي يظل مهدداً بسبب الخلل الذي يشوب العديد من الاقتصاديات العربية جراء عدة عوامل داخلية كفشل الخطط التنموية والتوزيع غير المتكافئ للثروات والفساد, وأسباب خارجية على غرار الأزمات الاقتصادية التي تؤثر على التنمية البشرية عالمياً، وإن كان هناك بعض الحالات الاستثنائية تتعمق فيها المشكلة، ففي الصومال الذي يعيش حرباً أهلية طاحنة منذ سنوات يهدد الموت جوعاً نحو 3.5 ملايين صومالي أي ما يعادل 45% تقريبا من عدد السكان، ويُعد جنوب البلاد ووسطها من أكثر المناطق المهددة بسبب العمليات المسلحة والجفاف حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية –المفقودة أصلاً - بنسبة وصلت إلى 400% في بعض الأحيان، وفي العراق الذي يعيش هو الآخر ظروفاً استثنائية بعد الاحتلال الخارجي وحالة عدم الاستقرار، كشف تقرير صادر عن وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي أواخر عام 2007 أن الفقر شمل 60% من العراقيين في حين بلغت نسبة البطالة 50%، أما في قطاع غزة فتشير بعض التقارير المحلية إلى أن نسبة الفقر بلغت 90% بسبب الأزمة الاقتصادية الناجمة عن حالة الحصار وإغلاق المعابر مما جعل سكان القطاع البالغ عددهم مليون ونصف المليون شخص يعتمدون على المساعدات الإنسانية كمصدر رئيسي للعيش.
وفي مصر – أكبر بلد عربي من حيث عدد السكان - أكد تقرير للمجالس القومية المتخصصة أن 46% من المصريين لا يحصلون على الطعام الكافي ويعانون من سوء التغذية، وأضاف التقرير أن 35% من النساء و53% من الأطفال في مصر لا يحصلون على الطعام اللازم مما يشكل خطورة على هاتين الفئتين اللتين تعدان الأكثر هشاشة، أما في السودان فقد ذكر تقرير صادر عن المجلس القومي للسكان، وهو هيئة حكومية، أن نسبة الفقر في البلاد تتراوح بين 45 و95%، مشيراً إلى أن إنتاج النفط في السودان لم ينجح في تحسين الظروف المعيشية للسكان، وفي بقية البلدان العربية تتفاوت النسبة من بلد إلى آخر لكن أغلب التقارير تشير إلى فشل السياسات في تأمين الأمن الغذائي لشرائح هامة من السكان.
فجوة غذائية
وتشير تقارير المنظمة العربية للتنمية الزراعية إلى اتساع مطرد للفجوة الغذائية في السلع الزراعية قاربت 20 مليار دولار خلال العام 2008. ويستورد الوطن العربي 50 مليون طن من الحبوب خاصة أن استهلاك الفرد العربي يبلغ 325 كيلوجراماً من الحبوب سنوياً، وهو من أعلى المعدلات العالمية.
كما أن الأراضي الزراعية المستغلة في الوطن العربي لا تمثل سوى 30% فقط من الأراضي الصالحة للزراعة والبالغة 175 مليون هكتار، وهي مساحات ما فتئت تتناقص بسبب الظروف الطبيعية والبشرية المختلفة.
صفر السياسة
هو أكبر أصفار العالم العربي والإسلامي، فعلي الرغم من ضخامة المساحة وكثرة الدول العربية والإسلامية، والمليار ونصف مسلم وعربي، والثروات الطبيعية الهائلة التي تزخر بها العرب والمسلمون، فإن الدول العربية والإسلامية تعاني من ضياع سياسي داخلي وخارجي لم تعرف الأمة العربية والإسلامية مثله من قبل.....
أما علي المستوي الخارجي فعلي الرغم من أن الدول العربية والإسلامية التي يبلغ عددها 57 دولة وتشغل تبلغ مساحته حوالي 32 مليون كم2 أي ما يقارب ربع مساحة اليابسة البالغة حوالي 149 مليون كم2، إلا أنه لا صوت لها في مجلس الأمم ولا تملك حق الفيتو مثل دول صغيرة مثل فرنسا أو انجلترا، لا يحسب لهم أي حساب عند اتخاذ أي قرارات مصيرية، بل إن معظم القرارات الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة هي ضد مصلحة العالم الإسلامي والعربي، ولا تستطيع السياسة الخارجية لأي دولة عربية أو إسلامية وقف مثل هذه القرارات، وأكبر دليل علي صفر السياسة في الوطن العربي والإسلامي، المشكلات التاريخية والمزمنة مثل مشكلة فلسطين وغيرها بقت الآن ولسنوات طويلة بلا حل، بل لم يعد هناك بلد محتل علي وجه الأرض إلا في المنطقة العربية أو الإسلامية.
المونديال وملهاة الشعوب
وعلي الرغم من أن الإنجليز هم من اخترعوا اللعبة إلا أن ملوك انجلترا هم أكثر من عاداها وحاربها وحاول منعها بكل سبيل، لما فيها من الأضرار وضياع الأوقات والأموال والطاقات، فقد أصدر ملك انجلترا هنري الثاني قراراً يحظر ممارستها ومعاقبة المخالف بالسجن وذلك سنة 1154 ميلادية، ثم عاد الملك إدوارد الأول ومنع لعب الكرة سنة 1314 بسبب انصراف الشعب الإنجليزي عن تعلم فنون الرمي بالسهام للعب الكرة، وفي سنة 1401 أصدر هنري الرابع قراراً بحظر لعب الكرة بسبب خسارة انجلترا في الحرب أمام فرنسا وبلجيكا وقد عزا الهزيمة إلى لعب الكرة.
ولما رأى الصهاينة أثرها وسرعة انتشارها قرروا اعتمادها كبند من بنود السيطرة على العالم بأسره، فقد جاء في بروتوكولات حكماء صهيون الفقرة السابعة عشر "إننا سنغرق العالم في جنون المباريات الرياضية؛ حتى لا يصبح للأمم ولا للشعوب اشتغال بالأشياء العظيمة، بل ينزلون إلى مستويات هابطة، ويتعودون على الاهتمام بالأشياء الفارغة، وينسون الأهداف العظيمة في الحياة؛ وبذلك يتمكن اليهود من تدمير الجوييم". والجوييم هم كل من غير اليهود، لذلك ما نراه اليوم من جنون وهوس عالمي وعربي وإسلامي بلعبة كرة القدم هو من ألاعيب اليهود الصهاينة الذين أقبلوا على شراء الأندية الكبرى والمؤسسات الراعية للعبة، ودعموا المسابقات العالمية واللقاءات الدولية من أجل الترويج لهذه اللعبة الخطيرة، ويكفي أن نعرف أيها المسلمون أن أول مرة تقام فيها مسابقة الدوري المصري كانت سنة 1948 أي في نفس السنة التي قام فيها الكيان الصهيوني الغاصب على أرض فلسطين.
لذلك توجب علي الأمة العربية والإسلامية أن تستفيق من غفلتها وتتعرف علي روشتة العلاج لمشاكلها المزمنة، وتبدأ في إتباع أجندة عمل ناجحة ترتقي بها إلي ركب الدول المتقدمة التي تصر علي تصدير كل ما هو ضار إلينا، في حين تبقي في خزائن أسرارها، مفاتيح هذا النجاح.