الأموال المبذولة بسبب الخطبة , وما يتعلق بها من أحكام :
يقوم الخاطب عادة بتقديم اموال لمخطوبته , وأهلها فى فترة الخطبة فى صورة هدايا , أو أموال نقدية تأليفا لقلبها هى , واهلها من أجل إتمام عقد النكاح , فإذا حدث , وفسخت هذه الخطبة , فإن التساؤل يثور عن حكم هذه الهدايا , والأموال التى قدمها الخاطب فى فترة الخطبة لمخطوبته , وأهلها . هل يستردها أم لا ؟ وفيما يلى نورد أقوال الفقهاء فى هذه المسألة :-
أولا : المذهب الحنفى :-
يرى الأحناف : أن الخاطب إذا قدم لمخطوبته فى فترة الخطبة شيئا من المهر . فله أن يسترده إذا كان قائما , فإن هلك , أو استهلك كان له أن يسترد قيمته , وأما بالنسبة للهدايا فله أن يستردها إذا كانت قائمة , فإن هلكت , أو استهلكت , أو حدث فيها تغيير , كأن ضاع الخاتم , وأكل الطعام , وصنع القماش ثوبا , فلا يحق للخاطب استرداد بدله . لأن الهدايا عندهم حكمها حكم الهبة
وقالوا : لو أنفق رجل على معتدة الغير – قال ابن عابدين : ( ولا شك أن المعتدة مخطوبة أيضا _ يطمع أن يتزوجها بعد عدتها , إن تزوجته لا رجوع مطلقا , وإن أبت فله الرجوع إن كان دفع لها , وإن أكلت معه فلا رجوع مطلقا , لأنه إباحة لا تمليك , أو لأنه مجهول لا يعلم قدره .
ثانيا : المذهب المالكى :-
يرى المالكية التفريق بين ما إذا كان العدول عن الخطبة من جهة الخاطب أم من جهة المخطوبة . فقالوا : إذا كان العدول عن الخطبة من جهة الخاطب فليس له أن يسترد شيئا من الهدايا . سواء كانت قائمة , أم مستهلكة , وإذال كان العدول من جهة المخطوبة , أو وليها , فالخاطب أن يسترد جميع الهدايا التى قدمها . سواء كانت قائمة , أم هالكة , أو مستهلكة . فيأخذ القائم , ويأخذ قيمة الهالك , والمستهلك , أو بدله .
وقال المالكية : يجوز الإهداء للمعتدة من وفاة , أو طلاق غيره البائن . لا الاتفاق عليها فيحرم , فإن أهدى لها , أو أنفق عليها , ثم تزوجت غيره فلا يرجع عليها بشئ
ثالثا : المذهب الشافعى :-
يرى الشافعية أن الخاطب إذا قدم لمخطوبته هدايا , أو أنفق عليها من أجل أن يتزوج بها ولم يتم له ذلك كان له أن يسترد ما دفع من نفقة , أو أهدى من هدايا , ولو هلكت , أو استهلكت كان له أخذ بدلها , أو قيمتها , يستوى فى ذلك أن يكون العدول عن الخطبة من جهته , أم من جهتها , وأما إذا أهدى لها هدايا بغير قصد النكاح فحينئذ يكون حكمها .حكم الهبة فى عدم جواز استردادها . وهذا الرأى من الشافعية مبناه على أن هذه الهدايا , وتلك النفقة قدمت للمخطوبة تأليفا لقلبها من أجل النكاح , ولم يتم المقصود الذى من أجله قدمت هذه الهدايا فحينئذ يجوز له أن يرجع عليها , وعلى وليها بما أهدى , أو أنفق .
رابعا المذهب الحنبلى :
يرى الحنابلة : أن الهدية التى تقدم قبل النكاح بسببه , فإن للخاطب أن يستردها بعينها إذا كانت قائمة و فإن هلكت أو استهلكت أخذ بدلها , أو قيمتها هذا إذا كان العدول .
الرأى الراجح :
بعد عرض أراء الفقهاء فى هذه المسألة يتبين لنا أن الراجح هو : ما اتفق عليه الفقهاء من أن الخاطب يسترد ما دفعه من المهر لأنه قدمة من أجل النكاح ولم يتم .