وأنا أتصفح بعض المواقع وجدت مجموعة محاضرات للأستاذ الدكتور ماهر ياسين الفحل، وهو أحد أساطين علم الحديث ، رئيس قسم الحديث بكلية العلوم الإسلامية، جامعة الأنبار بالعراق. وسأضع هذه المحاضرات تباعاً في موضوع حلقات تعلم الحديث الشريف، بالترتيب بداية من هذه الحلقة الثالثة.
يقول الدكتور ماهر في محاضرة الحديث الشريف:
الحديث الصحيح: هو ما اتصل إسناده برواية عدلٍ تمَّ ضبطهُ عن مثلهِ إلى منتهاه، ولم يكن شاذاً ولا معلاً.
فيظهر من هذا التعريف أن شروط صحة الحديث خمسة :
الأوّل : الاتصال ، وهو سماع الحديث لكل راوٍ من الراوي الذي يليه .
ويعرف الاتصال بأحد أَمرين : الأول أن يصرح الراوي بإحدى صيغ السّماع كأن يقول الراوي : حدثنا ، أو حدثني ، أو أَخبرنا ، أو أخبرني ، أو أَنبأنا ، أو أنبأني ، أو سمعت ، أو قال لي ، أو قال لنا ، أو نحوها من صيغ السماع .
الثاني : أن يأتي الراوي بصيغةٍ تحتمل السّماع وغير السّماع ، كأن يقول الراوي : عن ، أو أن ، أو
قال ، أو حدث ، أو روى ، أو ذكر ، وغيرها من الصيغ التي تحتمل السّماعَ وعدم السّماع .
فهنا تشترط ثلاثة أمور :
الأول : عدم التدليس .
الثاني : المعاصرة .
الثالث : ثبوت السّماع .
وقد اكتفى مسلم بالشرطين الأوليين ، أما الشرط الثالث فقد اشترطه البخاري ، وشيخه علي بن المديني ، واشتراطه قول جمهور أهل العلم .
وباشتراط الاتصال يخرج المنقطع ، والمعضل ، والمعلق ، والمدلس ، والمرسل .
أما الشرط الثاني : فهوَ العدالة : وهي هيئة راسخة في النفس تمنح صاحبها عدم فعل الكبائر ، وَعدم الإصرار على الصغائر ، وَعدم فعل ما يخرم المروءة .
أمّا الشرط الثالث : فهو الضبط : وهو تيقظ الراوي حين تحمله وفهمه لما سمعه ، وضبطه لذلك من وقت التحمل إلى وقت الأداء .
والضبط ضبطان : ضبط صدرٍ ، وضبط كتاب ، ويلخص مما ذكر في الضبط بقولنا : أنْ يكون الراوي حافظاً عالماً بما يرويه ، إن حدث من حفظه ، فاهماً إن حدث على المعنى ، وحافظاً لكتابه من دخول التحريف أو التبديل ، أو النقص عليه إن حدث من كتابه .
وفي اشتراط الضبط احترازٌ عن حديث المغفل ، وكثير الخطأ ، وسيئ الحفظ ، والذي يقبل التلقين . وهذه الشروط * الاتصال ، العدالة ، الضبط * الثلاثة تتعلق بالإسناد .
أما الشرط الرابع : فهو عدم الشذوذ ، والحديث الشاذ *1* هو الذي خالف فيه راويه من هو أوثق منه عدداً أو حفظاً .
أمّا الشرط الخامس : فهو عدم العلة هو أنْ لا يكون الحديث معلاً ، والحديث المعل *2*
وهذا الحديث فيه ثلاث علل نص عليها البخاري فيما نقله عنه الترمذي في الجامع عقب * 248 * فقال : ** سمعت محمداً – يعني البخاري – يقول : حديث سفيان أصح من حديث شعبة في مواضع من هذا الحديث ، فقال : عن حُجر أبي العنبس ، وإنما هو حجر بن عنبس ، ويكنى ابا السكن ، وزاد فيه : عن علقمة بن وائل ، وليس فيه عن علقمة ، وإنما هو حجر بن عنبس ، عن وائل بن حجر ، وقال : ** وخفض بها صوته ** وإنما هو ** ومدّ بها صوته ** .
ورواية سفيان الصحيحة هي ما قال فيها : عن سلمة بن كهيل ، عن حجر بن عنبس ، عن وائل بن حجر ، قال : سمعت النبي * قرأ : * غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ * ، فقال : ** آمين ** ، ومدّ بها صوته .
أقول : ومما يرجح رواية سفيان أنه قد توبع على ذلك تابعه العلاء بن صالح الأسدي ومحمد بن سلمة قال الترمذي
: ** وسألت أبا زرعة عن هذا الحديث ؟ فقال : حديث سفيان في هذا أصح ، وقال : وروى العلاء بن صالح الأسدي عن سلمة بن كهيل نحو رواية سفيان ** .
هو ما اطلع فيه على علةٍ خفيةٍ تقدح في صحته ، مع أنْ الظاهر سلامة الحديث من العلة .
وينقسم الحديث الصحيح إلى قسمين : صحيح لذاته وصحيح لغيره ، فالصحيح لذاته هو ما تقدم تعريفه ، وقلنا : لذاته ؛ لأن صحته ناشئة من نفسه دون إضافة شيء .
أما الصحيح لغيره : فهو الحديث الحسن الذي ارتقى بمتابع أو شاهد .
وقد تكلم العلماء في أصح الأسانيد فقيل : أصحها الزهري ، عن سالم ، عن أبيه .
وقيل : الأعمش ، عن إبراهيم النخعي ، عن علقمة بن قيس ، عن عبد الله بن مسعود .
وقيل : مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر .
وقيل : محمد بن سيرين ، عن عَبيدة بن عمرو السلماني عن علي .
وهذه تنفع عند الاختلاف ، فما قيل فيه : أصح الأسانيد يرجح على غيره ، وكذا يعرف به صحة الحديث .
وإذا قال المحدثون : صحيح الإسناد ، أو إسناده صحيح ، فهذا معناه : أنْ الحديث قد استكمل شروط الصحةِ الثلاثةِ الأولى ، ولا يلزم منه أن يكون صحيحاً ؛ إذ قد يكون شاذاً أو معلاً فلا يلزم من صحة الإسناد صحة المتن ، ولا من ضعف الإسناد ضعف المتن .
وإذا قال المحدثون : أصحُ شيءٍ في الباب فلا يعنون صحته ، وإنما يعنون أنه أمثل شيءٍ في الباب .
أما أول من صنّف في الصحيح المجرد فهو الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة المولود سنة * 194 ه* ، والمتوفى سنة * 256 ه* ، وقد طلب العلم صغيراً وله أحد عشر عاماً ، وكان من أوعيةِ العلم ، وكتابه أصحُ كتابٍ بعد كتاب الله ، واسم الكتاب " الجامع الصحيح المسند المختصر من أمور رسول الله * وسننهِ وأيامهِ " .
ويستفاد من قوله : * الجامع * أنه يجمع الأحكام والفضائل والأخبار عن الأمور الماضية ، والآتية ، والآداب ، والرقائق ، والتفسير .
ويستفاد من قوله : * الصحيح * أنه احترز عن إدخال الضعيف في كتابهِ ، وقد صح عن الإمام البخاري أنّه قال : ** ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح ** .
ومن قوله : * المسند * أن مقصوده الأصلي تخريج الأحاديث المتصل إسنادها بالصحابةِ إلى رسول الله * من قولٍ ، أو فعلٍ ، أو تقريرٍ ، وأنّ ما وقع في الكتاب من غير ذلك فإنما وقع تبعاً وعرضاً لا أصلاً ومقصوداً ، وذكر للاستشهاد والاستئناس ليكون الكتاب جامعاً لمعاني الإسلام .
ثمَّ تبعه بجمع الصحيح تلميذه وخريجه أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النَّيْسابوري المتوفى سنة
* 261ه* ، وقد استفاد من شيخه البخاري ، وفاق البخاريَّ من حيث التبويب ، والترتيب ، والجمع ، والتنسيق ، وكتاب البخاري أجود من حيث الصحة على رأي الجمهور .
هل استوعب الصحيحان جميع الصحيح ؟
لم يستوعب الصحيحان جميع الصحيح ، ولم يريدا ذلك ، فقد قال البخاري : ** تركت من الصحاح لحالِ الطولِ ** ، وقال الإمام مسلم : ** ليس كل شيء عندي صحيح وَضعته هاهنا ** .
وَيوجد في كتب العلم تصحيح للإمام البخاري ومسلم لكثيرٍ من الأحاديث ، وتوجد كتب أخرى التزم مصنفوها الصحة لكنهم وقعوا في بعض الأخطاء منهم ابن خزيمة ، وابن حبان ، والحاكم ، وابن السكن ، والضياء في المختارة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
*1* مثاله ما رواه عبد الواحد بن زياد قال : حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله * : ** إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع على يمينه ** فقد أخطأ عبد الواحد بن زياد وشذّ حينما جعل الحديث من قول النبي * والصواب أنه من فعله هكذا رواه سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه عند ابن ماجه * 1199 *، والنسائي في الكبرى * 1456 *، وكذا رواه محمد بن إبراهيم ، عن أبي صالح عند البيهقي 3/45 .
وقد صرح جمع من الأئمة بشذوذ رواية عبد الواحد بن زياد منهم البيهقي في السنن الكبرى 3/45 فقال عن رواية الفعل: ** وهذا أولى أن يكون محفوظاً لموافقته سائر الروايات عن عائشة وابن عباس ** ، وكذا نقل الحكم بالشذوذ ابن القيم عن شيخه ابن تيمية في زاد المعاد 1/308 فقال : ** هذا باطل وليس بصحيح ، وإنما الصحيح عنه الفعل لا الأمر بها ، والأمر تفرد به عبد الواحد بن زياد وغلط فيه ** . وبنحو هذا قال الذهبي في الميزان 2/672 . وهذا الشذوذ في جميع المتن ، وهناك شذوذ ببعض المتن كزيادة التسمية في حديث أنس في الوضوء .
*2* مثاله ما رواه شعبة عن سلمة بن كهيل ، عن حجر أبي العنبس ، عن علقمة بن وائل ، عن أبيه : ** أن النبي * قرأ * غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ * فقال : آمين ، وخفض بها صوته ** .
يقول الدكتور ماهر في محاضرة الحديث الشريف:
الحديث الصحيح: هو ما اتصل إسناده برواية عدلٍ تمَّ ضبطهُ عن مثلهِ إلى منتهاه، ولم يكن شاذاً ولا معلاً.
فيظهر من هذا التعريف أن شروط صحة الحديث خمسة :
الأوّل : الاتصال ، وهو سماع الحديث لكل راوٍ من الراوي الذي يليه .
ويعرف الاتصال بأحد أَمرين : الأول أن يصرح الراوي بإحدى صيغ السّماع كأن يقول الراوي : حدثنا ، أو حدثني ، أو أَخبرنا ، أو أخبرني ، أو أَنبأنا ، أو أنبأني ، أو سمعت ، أو قال لي ، أو قال لنا ، أو نحوها من صيغ السماع .
الثاني : أن يأتي الراوي بصيغةٍ تحتمل السّماع وغير السّماع ، كأن يقول الراوي : عن ، أو أن ، أو
قال ، أو حدث ، أو روى ، أو ذكر ، وغيرها من الصيغ التي تحتمل السّماعَ وعدم السّماع .
فهنا تشترط ثلاثة أمور :
الأول : عدم التدليس .
الثاني : المعاصرة .
الثالث : ثبوت السّماع .
وقد اكتفى مسلم بالشرطين الأوليين ، أما الشرط الثالث فقد اشترطه البخاري ، وشيخه علي بن المديني ، واشتراطه قول جمهور أهل العلم .
وباشتراط الاتصال يخرج المنقطع ، والمعضل ، والمعلق ، والمدلس ، والمرسل .
أما الشرط الثاني : فهوَ العدالة : وهي هيئة راسخة في النفس تمنح صاحبها عدم فعل الكبائر ، وَعدم الإصرار على الصغائر ، وَعدم فعل ما يخرم المروءة .
أمّا الشرط الثالث : فهو الضبط : وهو تيقظ الراوي حين تحمله وفهمه لما سمعه ، وضبطه لذلك من وقت التحمل إلى وقت الأداء .
والضبط ضبطان : ضبط صدرٍ ، وضبط كتاب ، ويلخص مما ذكر في الضبط بقولنا : أنْ يكون الراوي حافظاً عالماً بما يرويه ، إن حدث من حفظه ، فاهماً إن حدث على المعنى ، وحافظاً لكتابه من دخول التحريف أو التبديل ، أو النقص عليه إن حدث من كتابه .
وفي اشتراط الضبط احترازٌ عن حديث المغفل ، وكثير الخطأ ، وسيئ الحفظ ، والذي يقبل التلقين . وهذه الشروط * الاتصال ، العدالة ، الضبط * الثلاثة تتعلق بالإسناد .
أما الشرط الرابع : فهو عدم الشذوذ ، والحديث الشاذ *1* هو الذي خالف فيه راويه من هو أوثق منه عدداً أو حفظاً .
أمّا الشرط الخامس : فهو عدم العلة هو أنْ لا يكون الحديث معلاً ، والحديث المعل *2*
وهذا الحديث فيه ثلاث علل نص عليها البخاري فيما نقله عنه الترمذي في الجامع عقب * 248 * فقال : ** سمعت محمداً – يعني البخاري – يقول : حديث سفيان أصح من حديث شعبة في مواضع من هذا الحديث ، فقال : عن حُجر أبي العنبس ، وإنما هو حجر بن عنبس ، ويكنى ابا السكن ، وزاد فيه : عن علقمة بن وائل ، وليس فيه عن علقمة ، وإنما هو حجر بن عنبس ، عن وائل بن حجر ، وقال : ** وخفض بها صوته ** وإنما هو ** ومدّ بها صوته ** .
ورواية سفيان الصحيحة هي ما قال فيها : عن سلمة بن كهيل ، عن حجر بن عنبس ، عن وائل بن حجر ، قال : سمعت النبي * قرأ : * غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ * ، فقال : ** آمين ** ، ومدّ بها صوته .
أقول : ومما يرجح رواية سفيان أنه قد توبع على ذلك تابعه العلاء بن صالح الأسدي ومحمد بن سلمة قال الترمذي
: ** وسألت أبا زرعة عن هذا الحديث ؟ فقال : حديث سفيان في هذا أصح ، وقال : وروى العلاء بن صالح الأسدي عن سلمة بن كهيل نحو رواية سفيان ** .
هو ما اطلع فيه على علةٍ خفيةٍ تقدح في صحته ، مع أنْ الظاهر سلامة الحديث من العلة .
وينقسم الحديث الصحيح إلى قسمين : صحيح لذاته وصحيح لغيره ، فالصحيح لذاته هو ما تقدم تعريفه ، وقلنا : لذاته ؛ لأن صحته ناشئة من نفسه دون إضافة شيء .
أما الصحيح لغيره : فهو الحديث الحسن الذي ارتقى بمتابع أو شاهد .
وقد تكلم العلماء في أصح الأسانيد فقيل : أصحها الزهري ، عن سالم ، عن أبيه .
وقيل : الأعمش ، عن إبراهيم النخعي ، عن علقمة بن قيس ، عن عبد الله بن مسعود .
وقيل : مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر .
وقيل : محمد بن سيرين ، عن عَبيدة بن عمرو السلماني عن علي .
وهذه تنفع عند الاختلاف ، فما قيل فيه : أصح الأسانيد يرجح على غيره ، وكذا يعرف به صحة الحديث .
وإذا قال المحدثون : صحيح الإسناد ، أو إسناده صحيح ، فهذا معناه : أنْ الحديث قد استكمل شروط الصحةِ الثلاثةِ الأولى ، ولا يلزم منه أن يكون صحيحاً ؛ إذ قد يكون شاذاً أو معلاً فلا يلزم من صحة الإسناد صحة المتن ، ولا من ضعف الإسناد ضعف المتن .
وإذا قال المحدثون : أصحُ شيءٍ في الباب فلا يعنون صحته ، وإنما يعنون أنه أمثل شيءٍ في الباب .
أما أول من صنّف في الصحيح المجرد فهو الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة المولود سنة * 194 ه* ، والمتوفى سنة * 256 ه* ، وقد طلب العلم صغيراً وله أحد عشر عاماً ، وكان من أوعيةِ العلم ، وكتابه أصحُ كتابٍ بعد كتاب الله ، واسم الكتاب " الجامع الصحيح المسند المختصر من أمور رسول الله * وسننهِ وأيامهِ " .
ويستفاد من قوله : * الجامع * أنه يجمع الأحكام والفضائل والأخبار عن الأمور الماضية ، والآتية ، والآداب ، والرقائق ، والتفسير .
ويستفاد من قوله : * الصحيح * أنه احترز عن إدخال الضعيف في كتابهِ ، وقد صح عن الإمام البخاري أنّه قال : ** ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح ** .
ومن قوله : * المسند * أن مقصوده الأصلي تخريج الأحاديث المتصل إسنادها بالصحابةِ إلى رسول الله * من قولٍ ، أو فعلٍ ، أو تقريرٍ ، وأنّ ما وقع في الكتاب من غير ذلك فإنما وقع تبعاً وعرضاً لا أصلاً ومقصوداً ، وذكر للاستشهاد والاستئناس ليكون الكتاب جامعاً لمعاني الإسلام .
ثمَّ تبعه بجمع الصحيح تلميذه وخريجه أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النَّيْسابوري المتوفى سنة
* 261ه* ، وقد استفاد من شيخه البخاري ، وفاق البخاريَّ من حيث التبويب ، والترتيب ، والجمع ، والتنسيق ، وكتاب البخاري أجود من حيث الصحة على رأي الجمهور .
هل استوعب الصحيحان جميع الصحيح ؟
لم يستوعب الصحيحان جميع الصحيح ، ولم يريدا ذلك ، فقد قال البخاري : ** تركت من الصحاح لحالِ الطولِ ** ، وقال الإمام مسلم : ** ليس كل شيء عندي صحيح وَضعته هاهنا ** .
وَيوجد في كتب العلم تصحيح للإمام البخاري ومسلم لكثيرٍ من الأحاديث ، وتوجد كتب أخرى التزم مصنفوها الصحة لكنهم وقعوا في بعض الأخطاء منهم ابن خزيمة ، وابن حبان ، والحاكم ، وابن السكن ، والضياء في المختارة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
*1* مثاله ما رواه عبد الواحد بن زياد قال : حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله * : ** إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع على يمينه ** فقد أخطأ عبد الواحد بن زياد وشذّ حينما جعل الحديث من قول النبي * والصواب أنه من فعله هكذا رواه سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه عند ابن ماجه * 1199 *، والنسائي في الكبرى * 1456 *، وكذا رواه محمد بن إبراهيم ، عن أبي صالح عند البيهقي 3/45 .
وقد صرح جمع من الأئمة بشذوذ رواية عبد الواحد بن زياد منهم البيهقي في السنن الكبرى 3/45 فقال عن رواية الفعل: ** وهذا أولى أن يكون محفوظاً لموافقته سائر الروايات عن عائشة وابن عباس ** ، وكذا نقل الحكم بالشذوذ ابن القيم عن شيخه ابن تيمية في زاد المعاد 1/308 فقال : ** هذا باطل وليس بصحيح ، وإنما الصحيح عنه الفعل لا الأمر بها ، والأمر تفرد به عبد الواحد بن زياد وغلط فيه ** . وبنحو هذا قال الذهبي في الميزان 2/672 . وهذا الشذوذ في جميع المتن ، وهناك شذوذ ببعض المتن كزيادة التسمية في حديث أنس في الوضوء .
*2* مثاله ما رواه شعبة عن سلمة بن كهيل ، عن حجر أبي العنبس ، عن علقمة بن وائل ، عن أبيه : ** أن النبي * قرأ * غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ * فقال : آمين ، وخفض بها صوته ** .