نظرات فى كتاب النصال الخارقة لنحور المارقة
الكتاب من تأليف حسن الحسيني آل المجدد الشيرازي والكتاب يدور حول أحداث لم تقع وشخصيات لا وجود لها اخترعها الكفار من خلال روايات الحديث والسير والتاريخ لكى يجعلوا الناس فرقا كلها يتشاجر ويتقاتل على أحداث لم تقع واشخاص يقدسونهم أو يلعنونهم لم يولدوا يوما ولم يكن لهم وجود
استهل الشيرازى مقدمته بذكر حادث لم يقع وهو قتل يزيد بن معاوية للحسين بن على وكلاهما لا وجود لهما وعدم لعن يزيد بسبب القتل فقال :
"فإن طغاما من القوم المخالفين، ولئاما من حثالات المعاصرين والسالفين، قد تجرأوا على تصويب فعل يزيد، في قتله أبا عبد الله الحسين السبط الشهيد فلا يرون جواز نسبة ذلك الفاجر إلى فسق أو كبيرة، بل ينزهونه عن كل جرم وجريرة، وهم مع ذلك يتولونه ويحظرون التكلم في عظائمه، ويوجبون الامساك عن لعنه والخوض في تفاصيل جرائمه، مع ما تواتر عنه من هتك حرمات الشريعة المطهرة، حتى كاد يلحق بالضروريات.
ويعتلون لذلك بنحو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تسبوا الاموات، فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا».
ويقولون ـ مضللين ـ: ما يجديكم التكلم في لعن يزيد وطرق هذا الباب، وقد أفضى إلى ما قدم وهلك منذ قرون وأحقاب؟!
فيقال لهؤلاء المخذولين: إن الحديث محله في غير كافر ومتظاهر بفسق أو بدعة، فلا يحرم سب هؤلاء ولا ذكرهم بشر؛ بقصد التحذير من طريقتهم والاقتداء بآثارهم ـ كما قال المناوي الشافعي.
وجرو معاوية لم ينفك عن واحدة من هذه الخصال.. (فماذا بعد الحق إلا الضلال).."
والواقعة التى لم تقع هى خرافة للتالى:
-أن فى عهد المزعوم يزيد عاش كثير من الصحابة كما يقول التاريخ مثل عبد الله بن عمر وابن الزبير وسليمان بن صرد وطالما كان الصحابة موجودون فلا يمكن أن تتحول الدولة للكفر لأن التحول يكون فى عهد الخلف مصداق لقوله تعالى بسورة مريم "وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا "والمهتدين والمجتبين هم الصحابة وفيهم قال تعالى بسورة المجادلة "رضى الله عنهم ".
-أن بفرض حدوث وراثة يزيد للخلافة فإن الصحابة لابد أن يحاربوه ولابد أن ينتصروا مهما كانت قوة عدوهم لأنهم يحاربون بصفتهم جنود الله وفيهم قال تعالى بسورة الصافات "وإن جندنا لهم الغالبون "ولكن الروايات تبين لنا عكس ذلك وهو إنهزام جند الله وانتصار جند الشيطان .
-أنه لايجوز أن يتولى يزيد الخلافة لأمور عدة هى وجود الصحابة وأنه ليس صحابيا وليس عالما .
-أن الحسين نفسه – لو كان له وجود حقيقى – لو طلب الخلافة فى وجود الصحابة لكان باغيا لأنه ليس مهاجرا ولا أنصاريا وإنما ممن أتوا بعدهم والخلافة هى حق المهاجرين والأنصار طالما كانوا علماء لأنهم أعظم درجة ممن أمن بعد الفتح وجاهد مصداق لقوله تعالى بسورة الحديد "لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل اولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا ".
-أن الحكايات المروية عن مقتل الحسين كاذبة فمبايعة أهل الكوفة له لا تعنى فى الإسلام حقه فى الخلافة لأنها بلد من بلاد كثيرة وحكاية تركه للمدينة حيث يوجد أصحاب جده الذين ينصرون الحق هى الأخرى غير مبلوعة خاصة أنه بين أهله وبين من يريدون للحق أن يعلو .
-أن ما يحكى عن يزيد من أن أباه تركه فى البادية مع أمه حتى شب وكبر حكاية غير معقولة لأسباب عدة أهمها أن يزيد كان الولد الوحيد والأب بطبيعته يحب أن يكون ولده بجواره خوفا عليه وأن يترك معاوية زوجته وابنه عدة سنوات ثم يستدعيهم إنما هو ضرب من الخيال خاصة أن المرأة التى يتغيب عنها زوجها أكثر من أربعة أشهر تصبح مطلقة فى الإسلام حتى ولو لم يطلقها زوجها لقوله تعالى بسورة البقرة "الذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم ".
أن خروج الحسين للكوفة بالطريقة المذكورة وهيه أخذ النساء والأولاد والأقارب إنما هى طريقة مجنون لا يصلح لقيادة حرب فضلا عن قيادة المسلمين ومن ثم فالرواية كذب فى كذب لأن أقل قائد يعرف أن أول قاعدة فى البحث عن قيادة الناس إنما هى الحذر أى الإحتياط وهنا ليس أى إحتياط لخروجه علنا حتى أن بعض الناس نصحوه بعدم الذهاب وتظهر الروايات الحسين متهورا مندفعا فعندما بلغه نبأ تخاذل أهل الكوفة بمقتل مسلم بن عقيل لم يعد من حيث أتى أو يغير من وجهته وإنما ذهب ليلقى حتفه .
-المصيبة الكبرى هى زواج العم على بابنة أخيه وانجابهم الحسن والحسين وغيرهم وهى كارثة لم تقع لأنه لا يجوز للأخ زواج ابنة أخيه كما أن القرآن بين أن بنات النبى(ص) لم يتزوجم إلا فيما بعد نزول آيات الجلباب " قل [زواجم وبناتك ونساء المؤمنين" فلو كن متزوجات كما تقول الرواية ما ذكرهم كبناته وإنما كان سيذكرهم كنساء المؤمنين "
الكتاب قائم على شىء لم يحدث وإنما الكفار هم من وضعوا تلك الروايات لتفرقة الناس ليظلوا يتقاتلوا بينما هم وأحفادهم يشاهدون المعارك ويتفرجون ويتلذذون بدماء تلك الفرق المتناحرة
الكتاب يدور حول وجوب لعن يزيد والأدلة على صحة ذلك مع أنه لا توجد أدلة من الوحى لأن القرآن نزل قبل عقود من تلك الأحداث التى لم تحدث
قال الشيرازى :
"ولله در من قال:
ألعن اللعن إن لعنت يزيدا * * انما اللعن عين ذاك اللعين
وهذه رسالة ضمنتها الادلة القاطعة، والبراهين النيرة الساطعة، الدالة على جواز لعن يزيد بن معاوية، أسكنهما الله في قعر الهاوية، والرد على من منع ذلك من جهلة المفتين، لينقطع منهم الدابر والوتين، إنه سبحانه خير ناصر ومعين.
وينبغي قبل الخوض في المقصود بيان أمور:"
استهل الشيرازى حديثه ببيان معنى اللعن فى كتب اللغة والمصطلح فقال :
"الاول: حقيقة اللعن:
قال الجوهري في الصحاح: اللعن: الطرد والابعاد من الخير.
وقال الزمخشري في أساس البلاغة: لعنه أهله: طردوه وأبعدوه، وهو لعين طريد، وقد لعن الله إبليس: طرده من الجنة وأبعده من جوار الملائكة، ولعنت الكلب والذئب: طردتهما.
وقال الراغب: اللعن: الطرد والابعاد على سبيل السخط، وذلك من الله تعالى في الآخرة عقوبة، وفي الدنيا انقطاع من قبول رحمته وتوفيقه، ومن الانسان دعاء على غيره.
وقال ابن سيدة في المحكم: لعنه الله يلعنه لعنا، عذبه.
وقال المحقق الكركي في نفحات اللاهوت: إذا قيل: لعنه الله على طريق الدعاء كان معناه طرده الله وأبعده من رحمته.
قال: والمراد من الطرد والابعاد هنا نزول العقوبة والعذاب به، وحرمان الرحمة، وهو لازم المعنى، وليس معنى الغضب ببعيد عنه، إذ المتعقل من غضب الله سبحانه فعل أثر الغضب، لا حصول الغضب الحقيقي الذي هو من توابع الاجسام، فإن ذلك محال عليه تعالى. انتهى."
قطعا معنى اللعن هو طلب العذاب للملعون من قبل الداعى سواء بشر أو ملائكة وأما لعن الله فهو تعذيبه للملعون
وتحدث عن إباحة اللعن فى الوحى فقال :
الثاني: مشروعية اللعن:
لا ريب في مشروعية اللعن في الجملة، وإن اختلف العامة في جواز لعن المعين، وسيأتي بيان الحق فيه إن شاء الله تعالى.
وقد دل الكتاب والسنة على ذلك، قال الله تعالى: (أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار).
وقال سبحانه: (قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه).. الآية.
وقال تبارك اسمه: (أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم)
وقال عز سلطانه: (وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم).
وقال عز من قائل: (فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين).
وقال جل وعلا: (وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين)
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها»، رواه أبو داود والحاكم عن ابن عمر.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لعن الله الراشي والمرتشي في الحكم»، رواه أحمد والترمذي والحاكم عن أبي هريرة، والطبراني في المعجم الكبير عن أم سلمة.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لعن الله الربا وآكله وموكله وكاتبه وشاهده وهم يعلمون، والواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة»، رواه الطبراني في المعجم الكبير عن ابن مسعود.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لعن الله المحلل والمحلل له»، رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة عن علي ، والترمذي والنسائي عنه وعن ابن مسعود ورواه الترمذي أيضا عن جابر
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لعن عبد الدينار، لعن عبد الدرهم»، رواه الترمذي عن أبي هريرة.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «ستة لعنتهم، لعنهم الله وكل نبي مجاب: الزائد في كتاب الله، والمكذب بقدر الله تعالى، والمتسلط بالجبروت فيعز بذلك من أذل الله ويذل من أعز الله، والمستحل لحرم الله، والمستحل من عترتي ما حرم الله، والتارك لسنتي»، رواه الحاكم عن عائشة.
وغير ذلك مما لا يحصى كثرة.
وبالجملة: فلا يرتاب ذو تحصيل في أن اللعن طاعة يستحق عليها الثواب إذا وقع على وجهه، وهو أن يلعن مستحق اللعنة تقربا إلى الله تعالى لا للعصبية والهوى، وقد يكون واجبا كما إذا قصد به البراءة من أعداء الله واقتصر عليه، وسيأتي الكلام في ذلك إن شاء الله تعالى."
قطعا اللعن جائز مباح بما ورد فى القرآن وأما حكاية الحسن ويزيد فأمر أخر لكون الحوادث لم تحدث ولا يمكن حدوثها فى ذلك العصر كما بينا فى أول النقد
ولكن لو أخذنا الروايات على أنها صادقة وكلها كاذب فيجوز لعن يزيد ومن معه وبناء على جواز اللعن استحل الشيرازى لعن يزيد ومن معه لارتكابهم جرائم القتل وهدم الكعبة التى لا يمكن هدمها ولا مسها لأن الله يعاقب من يريد فقط ارتكاب ذنب فيها العقاب على الإرادة وهى النية وليس الفعل لنه محال وقوعه فيها وفى هذا قال تعالى :
" ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم"
وهو مكان آمن لا يمكن أيذاء من دخله فإذا يحمى من فيه فكيف يتم هدمه واحراقه وسرقته كما تزعم الروايات والتى يقول :
" ومن دخله كان آمنا "
وفى هذا قال :
"هذا، وإنك لخبير بأن تلك الامور التي استحق فاعلها اللعن ليست بأعظم من قتل الحسين وأصحابه، والرضا به، واستباحة المدينة، وهدم الكعبة وضربها بالمجانيق، إن لم تكن دونه، فإذا جاز اللعن هناك فليجز هنا أيضا.
بل الحق أن جوازه هنا بطريق أولى، إذ لا رزية ولا مصيبة في الاسلام أعظم مما وقع يوم عاشوراء بكربلاء، كما لا يخفى على من أنار الله بصيرته، وطهر من الخبث سريرته."
وناقش الشيرازى أدلة مانعى اللعن فقال :
"فإن قال قائل: قد ورد النهي عن كون المؤمن لعانا في قوله صلى الله عليه وآله وسلم:
«لا تكونوا لعانين» وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا ينبغي لصديق أن يكون لعانا».
قلنا: هذا وارد في النهي عن اتخاذ اللعن خلقا بسبب المبالغة فيه والافراط في ارتكابه بحيث ينجر إلى أن يلعن اللعان من لا يستحق اللعن ـ كما حكى ذلك ابن الجوزي عن خط القاضي أبي الحسين محمد بن أبي يعلى بن الفراء.
وليس فيه النهي عن لعن المستحقين، وإلا لقال صلى الله عليه وآله وسلم: لا تكونوا لاعنين، ولا ينبغي لصديق أن يكون لاعنا، فإن بينهما فرقا يعلمه من أحاط بدقائق تصاريف لسان العرب.
وأما نهي علي أصحابه عن لعن أهل الشام، فإنه كان يرجو إسلامهم ورجوعهم إليه، كما هو شأن الرئيس المشفق على الرعية، ولذلك قال: «قولوا: اللهم أصلح ذات بيننا وبينهم».
وهذا قريب من قول الله تعالى في قصة فرعون: (فقولا له قولا لينا)، كذا قال أصحابنا رحمهم الله تعالى.
وقال ابن أبي الحديد المعتزلي الشافعي في (شرح النهج): الذي كرهه منهم أنهم كانوا يشتمون أهل الشام، ولم يكن يكره منهم لعنهم إياهم والبذاءة منهم. انتهى.
وله في هذا المقام كلام ينبغي لرواد الحقائق الوقوف عليه، والله الموفق والمستعان."
الأدلة السابقة فى منع اللعن تخالف آيات الوحى فى وجوب لعن الكفار وهو الدعاء عليهم عندما يعتدون على المسلمين
وتحدث عن الأعمال التى توجب اللعن فقال :
"الثالث: الصفات المقتضية للعن
قال الغزالي في (الاحياء): الصفات المقتضية للعن ثلاثة:
الكفر والبدعة والفسق.
وقال الشيخ الامام المحقق الكركي في (النفحات): لا ريب أن اللعن من الله تعالى هو الطرد والابعاد من الرحمة، وإنزال العقوبة بالمكلف، وكل فعل أو قول اقتضى نزول العقوبة بالمكلف من فسق أو كفر فهو مقتض لجواز اللعن، ويدل عليه قوله تعالى في القاتل: (وغضب الله عليه ولعنه)، وقوله تعالى: (والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين) رتب اللعن على الكذب، وهو إنما يقتضي الفسق، وكذا قوله تعالى: (والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين) رتب الغضب على صدقه في كونها زنت، والزنا ليس بكفر.
وقوله تعالى: (ألا لعنة الله على الظالمين) أي على كل ظالم،
لان الجمع المعرف للعموم، والفاسق ظالم لنفسه كما يرشد إليه قوله تعالى: (فمنهم ظالم لنفسه) حيث جعله سبحانه قسيما للمقتصد وقسيما للسابق بالخيرات.
قال رحمه الله: ولا ريب أن الكبائر مجوزة للعن، لان الكبيرة مقتضية لاستحقاق الذم والعقاب في الدنيا والآخرة، وهو معنى اللعن.
وأما الصغائر فإنها تقع مكفرة لقوله تعالى: (الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش إلا اللمم) فقد فسر بصغائر الذنوب، فلهذا لا ينقص إيمان فاعلها، ولا ترد شهادته، ولا تسقط عدالته.
نعم، لو أصر عليها ألحقت بالكبائر، وصار اللعن بها سائغا. انتهى كلامه "
قطعا كل ذنب لم يتب منه صاحبه ,اصر عليه يوجب لعنه وأما من تاب فلا يجوز لعنه كما يجوز لعن الكافر المستمر فى كفره
وتحدث عن أدلة لعن يزيد من القرآن وهو كلام ليس صحيحا فلا وجود ليزيد فى الكتاب وإنما الموجود لعن من يرتكبون الذنوب ولا يتوبون منها وفى هذا قال :
"جواز لعن يزيد من الكتاب:
إذا تمهد هذا فلنشرع في تقرير ما دل على جواز لعن يزيد بن معاوية ـ لعنهما الله تعالى ـ من الكتاب والسنة بحول الله وقوته.
أما الكتاب العزيز:
1 ـ فقوله تعالى: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الارض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله..).. الآية.
استدل به الامام أحمد بن حنبل على لعن يزيد، كما حكاه أبو الفرج ابن الجوزي في الرد على المتعصب العنيد المانع من ذم يزيد، عن القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين بن الفراء، إذ روى في كتابه المعتمد في الاصول بإسناده عن صالح بن أحمد، قال: قلت لابي: إن قوما ينسبوننا إلى توالي يزيد.
فقال: يا بني! وهل يتوالى يزيد أحد يؤمن بالله؟!
فقلت: لم لا تلعنه؟!
فقال: ومتى رأيتني ألعن شيئا؟! لم لا يلعن من لعنه الله في كتابه؟!
فقلت: وأين لعن الله يزيد في كتابه؟!
فقرأ: (فهل عسيتم..) ـ الآية، فهل يكون فساد أعظم من القتل؟
وفي رواية: يا بني! ما أقول في رجل لعنه الله في كتابه؟!
2 ـ وقوله تعالى: (والذين... ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الارض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار).
قال الامام أحمد: وأي قطيعة أفظع من قطيعته صلى الله عليه وآله وسلم في ابن بنته الزهراء ـ كما حكاه الشبراوي في (الاتحاف).
3 ـ وقوله تعالى: (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن).
أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في (الدلائل) وابن عساكر عن سعيد بن المسيب، قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بني أمية على المنابر، فساءه ذلك.
قال الفخر الرازي: وهذا قول ابن عباس في رواية عطاء."
الحديث يزعم رؤيتهم عيانا على المنابر فى عهد الرسول(ص) وهو ما يناقض أنه رآهم فى الحلم فى الحديث التالى :
وأخرج ابن أبي حاتم عن يعلى بن مرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أريت بني أمية على منابر الارض، وسيتملكونكم فتجدونهم أرباب سوء»، واهتم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لذلك، فأنزل الله (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس).
وأخرج ابن مردويه نحوه عن الحسين بن علي."
ثم قال :
قلت: ولا ريب أن يزيد داخل في الملعونين من بني أمية دخولا أوليا.
قال ابن حجر الهيتمي المكي في تطهير الجنان واللسان: صح أنه صلى الله عليه وآله وسلم رأى ثلاثة منهم ـ يعني بني الحكم بن أبي العاص ـ ينزون على منبره نزو القردة، فغاظه ذلك وما ضحك بعده إلى أن توفاه الله سبحانه وتعالى.
قال: ولعله هؤلاء ويزيد بن معاوية، فإنه من أقبحهم وأفسقهم، بل قال جماعة من الائمة بكفره. انتهى.
4 ـ وقوله تعالى: (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا).
فمن ذا الذي يشك في أن قتل الحسين عليه السلام وجماعة من آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وسبي الذرية الطاهرة على أقتاب الجمال، وضرب الثنايا الشريفة بالقضيب، وغير ذلك مما يذوب الفؤاد بذكره، إيذاء لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي وفاطمة عليهما السلام ومحاربة لهم؟! ـ مع ما قد فرض الله من مودتهم وأوجب على العباد من محبتهم ـ.
وما أحسن قول عمر الهيتي في ذلك:
بأية آية يأتي يزيد * * غداة صحائف الاعمال تتلا
وقام رسول رب العالمين يتلو * * ـ وقد صمت جميع الخلق ـ: (قل لا)
يعني قوله تعالى: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى).
أما النبي صلى الله عليه وآله وسلم فالحسين منه، كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: «حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا، حسين سبط من الاسباط»، رواه الترمذي وابن ماجة، والبخاري في الادب المفرد، وأحمد والحاكم
الحديث كاذب لكونه اتهام مباشر للنبى(ص) بزنى المحارم مع ابنته والعياذ بالله
ثم قال :
"وأما علي وفاطمة فذلك معلوم بالضرورة والوجدان، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: «من آذى عليا فقد آذاني»، رواه أحمد، والبخاري في (تاريخه) وابن حبان في (صحيحه)، وابن مندة، والحاكم في (المستدرك).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم لفاطمة عليها السلام: «إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك»،
رواه الحاكم عن علي عليه السلام وأبو يعلى والطبراني، وأبو نعيم في فضائل الصحابة.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «فاطمة بضعة مني، فمن أغضبها أغضبني»، رواه البخاري ومسلم والترمذي والحاكم.
قال الشريف السمهودي: ومعلوم أن أولادها بضعة منها، فيكونون بواسطتها بضعة منه صلى الله عليه وآله وسلم. انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر: فيه تحريم أذى من يتأذى المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بتأذيه، فكل من وقع منه في حق فاطمة 3 شيء تأذت به فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم يتأذى به بشهادة هذا الخبر.
قال: ولا شيء أعظم من إدخال الاذى عليها من قبل ولدها، ولهذا عرف بالاستقراء معاجلة من تعاطى ذلك بالعقوبة (ولعذاب الآخرة أشد) انتهى.
قلت:
ويلحق بذلك وجه إلزامي، وهو أن يزيد ـ لعنه الله ـ آذى الصحابة بقتل الحسين عليه السلام، وإيذاء كل واحد منهم إيذاء للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ عند القوم ـ
ولا خلاف في أن إيذاءه صلى الله عليه وآله وسلم موجب لاستحقاق اللعن.
أما الصغرى فظاهرة، وأما الكبرى فقد أخرج الترمذي في (سننه) عن عبد الله بن مغفل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الله الله في أصحابي، الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضا بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه».
5 ـ وقوله تعالى: (وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم).
وقد كان اللعين منافقا ظاهر النفاق، دلت على ذلك أقواله وأفعاله وأحواله.
فقد اشتهر عنه أنه لما جاءه رأس الحسين جمع أهل الشام وجعل ينكت رأسه بالخيزران وينشد أبيات ابن الزبعرى المشهورة:
ليت أشياخي ببدر شهدوا * * جزع الخزرج من وقع الاسل
فأهلوا واستهلوا فرحا * * ثم قالوا: يا يزيد لا تشل
قد قتلنا القرم من ساداتهم * * وعدلناه ببدر فاعتدل
قال الامام أحمد ـ في ما حكاه عنه القاضي أبو يعلى في كتاب الوجهين والروايتين ـ: إن صح ذلك عن يزيد فقد فسق.
وزاد فيها بيتين مشتملين على صريح الكفر، وهما قوله ـ فض الله فاه ـ:
لست من خندف إن لم أنتقم * * من بني أحمد ما كان فعل
لعبت هاشم بالملك فلا * * خبر جاء ولا وحي نزل
قال مجاهد: نافق.
وقال الزهري: لما جاءت الرؤوس كان يزيد في منظره على جيرون، فأنشد لنفسه:
لما بدت تلك الحمول وأشرقت * * تلك الشموس على ربى جيرون
نعب الغراب فقلت صح أو لا تصح * * فلقد قضيت من الغريم ديوني
وإلى ذلك أشار عبد الباقي العمري في الباقيات الصالحات بقوله:
نقطع في تكفيره إن صح ما * * قال للغراب لما نعبا
قال ابن عقيل ـ من الحنابلة ـ: ومما يدل على كفره وزندقته فضلا عن سبه ولعنه أشعاره التي أفصح بها بالالحاد، وأبان عن خبث الضمائر وسوء الاعتقاد، فمنها قوله في قصيدته التي أولها:
علية هاتي أعلني وترنمي * * بذلك أني لا أحب التناجيا
حديث أبي سفيان قدما سما بها * * إلى أحد حتى أقام البواكيا
ألا هات فاسقيني على ذاك قهوة * * تخيرها العنسي كرما وشاميا
إذا ما نظرنا في أمور قديمة * * وجدنا حلالا شربها متواليا
وإن مت يا أم الاحيمر فانكحي * * ولا تأملي بعد الفراق تلاقيا
فإن الذي حدثت عن يوم بعثنا * * أحاديث طسم تجعل القلب ساهيا
ولا بد لي من أن أزور محمدا * * بمشمولة صفراء تروي عظاميا
ومما يعزى إليه، قوله:
معشر الندمان قوموا * * واسمعوا صوت الاغاني
واشربوا كأس مدام * * واتركوا ذكر المغاني
أشغلتني نغمة العيدان * * عن صوت الاذان
وتعوضت عن الحور * * خمورا في الدنان
ومنها قوله:
ولو لم يمس الارض فاضل بردها * * لما كان عندي مسحة في التيمم
وذكر ابن أبي الدنيا أنه لما نكت بالقضيب ثنايا الحسين أنشد لحصين بن الحمام المري:
صبرنا وكان الصبر منا سجية * * بأسيافنا تفرين هاما ومعصما
نفلقن هاما من رؤوس أحبة * * إلينا وهم كانوا أعق وأظلما
قال مجاهد: نافق فيها، ثم والله ما بقي في عسكره أحد إلا تركه، أي عابه وسبه.
قال ابن أبي الدنيا: وكان عنده أبو برزة الاسلمي، فقال له: يا يزيد! ارفع قضيبك، فوالله لطالما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقبل ثناياه.
وهذا كله كفر بواح، ونفاق صراح، وإنكار للرسالة والبعث والمعاد، وتناه في ضروب الزندقة والالحاد.
وقد أجمع أصحابنا الامامية ـ أعلى الله كلمتهم ـ تبعا لائمة العترة الطاهرة على كفره وخروجه عن ربقة الاسلام، وقطع بذلك بعض أئمة الجمهور ـ كما تقدم ويأتي إن شاء الله تعالى ـ.
6 ـ وقوله تعالى: (فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين).
ويزيد ظالم غشوم بلا شبهة، فيشمله اللعن الوارد في الآية، بل هو من أتم مصاديق الظالم، والله العالم.
وقد تبين لك ـ بما قررنا ـ أن الآيات بإطلاقها وعمومها تدل على جواز لعن هذا اللعين وأضرابه من الفاسقين، كما ذهب إليه الامام أحمد وغيره من جهابذة المحققين.
جواز لعن يزيد من السنة
هذا، وقد دلت السنة المطهرة أيضا على جواز لعن يزيد ـ لعنه الله ـ وهي أحاديث:
منها: قوله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي وفاطمة والحسنين: «أنا حرب لمن حاربكم، وسلم لمن سالمكم».
أخرجه الامام أحمد في مسنده عن أبي هريرة، وروى الترمذي عن زيد بن أرقم: «أنا حرب لمن حاربتم، وسلم لمن سالمتم».
وقد دل الحديث على أن محاربة الحسين عليه السلام محاربة لجده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، وهو كفر بالاجماع، فيكون فاعله مستحقا للعن والعذاب الاليم.
ومنها: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «ستة لعنتهم، لعنهم الله وكل نبي مجاب: الزائد في كتاب الله، والمكذب بقدر الله تعالى، والمتسلط بالجبروت فيعز من أذل الله ويذل من أعز الله، والمستحل لحرم الله، والمستحل من عترتي ما حرم الله، والتارك لسنتي»، رواه الحاكم عن عائشة.
قال المناوي في قوله صلى الله عليه وآله وسلم «والمستحل من عترتي ما حرم الله»: يعني من فعل بأقاربي ما لا يجوز فعله من إيذائهم أو ترك تعظيمهم، فإن اعتقد حله فكافر، وإلا فمذنب.
قال: وخص الحرم والعترة باللعن لتأكد حق الحرم والعترة وعظم قدرهما بإضافتهما إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.انتهى.
قلت:
لا يرتاب من كان له مثقال حبة من خردل من إنصاف في أن يزيد ومن خرج لقتال الحسين إنما استحلوا منه ما حرم الله، فهم كفرة بمقتضى هذا الحديث، وعلى فرض التنزل فإنهم فسقة مذنبون، فاللعن مسجل عليهم على كلا التقديرين، والله تعالى أعلم.
ومنها: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من أخاف أهل المدينة أخافه الله عز وجل، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا»، رواه أحمد ومسلم.
وأخرج الطبراني من حديث السائب بن خلاد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «اللهم من ظلم أهل المدينة وأخافهم فأخفه، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا»، ورواه الطبراني أيضا في الاوسط والكبير عن عبادة بن الصامت بإسناد جيد ـ كما قال الحافظ المنذري.
وأخرج الطبراني في المعجم الكبير عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من آذى أهل المدينة آذاه الله، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل».
قال الامام أحمد: أليس قد أخاف أهل المدينة؟!.
قلت:
لا خلاف أن يزيد أخاف أهل المدينة وظلمهم وآذاهم، وذلك في وقعة الحرة، وما أدراك ما وقعة الحرة!
ذكرها الحسن البصري مرة فقال: والله ما كاد ينجو منهم، قتل فيها خلق من الصحابة ومن غيرهم.
وحكى المدائني في كتاب الحرة عن الزهري، قال: كان القتلى يوم الحرة سبعمائة من وجوه الناس من قريش والانصار والمهاجرين ووجوه الموالي، وأما من لم يعرف من عبد أو حر أو امرأة فعشرة آلاف، وخاض الناس في الدماء حتى وصلت الدماء إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وامتلات الروضة والمسجد.
قال مجاهد: التجأ الناس إلى حجرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومنبره والسيف يعمل فيهم. انتهى.
وأبيحت المدينة أياما بأمر يزيد لعنه الله ـ كما قال الحافظ ابن حجر ـ وبطلت الجماعة من المسجد النبوي أياما، واختفت أهل المدينة أياما، فلم يمكن أحدا دخول مسجدها حتى دخلته الكلاب والذئاب وبالت على منبره صلى الله عليه وآله وسلم، وافتض فيها نحو ألف بكر، وحمل فيها من النساء اللاتي لا أزواج لهن نحو من ألف امرأة، وقيل: عشرة آلاف امرأة، وكان الرجل بعد ذلك إذا زوج ابنته لا يضمن بكارتها، ويقول: لعلها افتضت في وقعة الحرة.
ولم يرض مسلم بن عقبة المري ـ أمير ذلك الجيش ـ إلا بأن يبايعوه ليزيد على أنهم خول له، إن شاء باع وإن شاء أعتق، فذكر له بعضهم البيعة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم فضرب عنقه.
ثم سار الجيش إلى قتال ابن الزبير، فرموا الكعبة بالمنجنيق وأحرقوها بالنار.
فأي شيء أعظم من هذه العظائم الموبقة التي وقعت في إمرته ناشئة"
وكل ما حكى الرجل من ألأدلة ليس فى يزيد وإنما فيمن ارتكب الذنوب وكل من ارتكب ذنبا لم يتب منه جائز لعنه لكونه كفر ككفر الكفار حيث استمروا فى كفرهم وقد سبق القول أن كل هذه الروايات لا صحة لها ولم يحدث منها شىء فكلها تاريخ كاذب وضعه الكفار لتفريق الناس وابعادهم عن القرآن منشغلين بخلافات لم تحدث إلا فى بطون كتب الروايات
الكتاب من تأليف حسن الحسيني آل المجدد الشيرازي والكتاب يدور حول أحداث لم تقع وشخصيات لا وجود لها اخترعها الكفار من خلال روايات الحديث والسير والتاريخ لكى يجعلوا الناس فرقا كلها يتشاجر ويتقاتل على أحداث لم تقع واشخاص يقدسونهم أو يلعنونهم لم يولدوا يوما ولم يكن لهم وجود
استهل الشيرازى مقدمته بذكر حادث لم يقع وهو قتل يزيد بن معاوية للحسين بن على وكلاهما لا وجود لهما وعدم لعن يزيد بسبب القتل فقال :
"فإن طغاما من القوم المخالفين، ولئاما من حثالات المعاصرين والسالفين، قد تجرأوا على تصويب فعل يزيد، في قتله أبا عبد الله الحسين السبط الشهيد فلا يرون جواز نسبة ذلك الفاجر إلى فسق أو كبيرة، بل ينزهونه عن كل جرم وجريرة، وهم مع ذلك يتولونه ويحظرون التكلم في عظائمه، ويوجبون الامساك عن لعنه والخوض في تفاصيل جرائمه، مع ما تواتر عنه من هتك حرمات الشريعة المطهرة، حتى كاد يلحق بالضروريات.
ويعتلون لذلك بنحو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تسبوا الاموات، فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا».
ويقولون ـ مضللين ـ: ما يجديكم التكلم في لعن يزيد وطرق هذا الباب، وقد أفضى إلى ما قدم وهلك منذ قرون وأحقاب؟!
فيقال لهؤلاء المخذولين: إن الحديث محله في غير كافر ومتظاهر بفسق أو بدعة، فلا يحرم سب هؤلاء ولا ذكرهم بشر؛ بقصد التحذير من طريقتهم والاقتداء بآثارهم ـ كما قال المناوي الشافعي.
وجرو معاوية لم ينفك عن واحدة من هذه الخصال.. (فماذا بعد الحق إلا الضلال).."
والواقعة التى لم تقع هى خرافة للتالى:
-أن فى عهد المزعوم يزيد عاش كثير من الصحابة كما يقول التاريخ مثل عبد الله بن عمر وابن الزبير وسليمان بن صرد وطالما كان الصحابة موجودون فلا يمكن أن تتحول الدولة للكفر لأن التحول يكون فى عهد الخلف مصداق لقوله تعالى بسورة مريم "وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا "والمهتدين والمجتبين هم الصحابة وفيهم قال تعالى بسورة المجادلة "رضى الله عنهم ".
-أن بفرض حدوث وراثة يزيد للخلافة فإن الصحابة لابد أن يحاربوه ولابد أن ينتصروا مهما كانت قوة عدوهم لأنهم يحاربون بصفتهم جنود الله وفيهم قال تعالى بسورة الصافات "وإن جندنا لهم الغالبون "ولكن الروايات تبين لنا عكس ذلك وهو إنهزام جند الله وانتصار جند الشيطان .
-أنه لايجوز أن يتولى يزيد الخلافة لأمور عدة هى وجود الصحابة وأنه ليس صحابيا وليس عالما .
-أن الحسين نفسه – لو كان له وجود حقيقى – لو طلب الخلافة فى وجود الصحابة لكان باغيا لأنه ليس مهاجرا ولا أنصاريا وإنما ممن أتوا بعدهم والخلافة هى حق المهاجرين والأنصار طالما كانوا علماء لأنهم أعظم درجة ممن أمن بعد الفتح وجاهد مصداق لقوله تعالى بسورة الحديد "لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل اولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا ".
-أن الحكايات المروية عن مقتل الحسين كاذبة فمبايعة أهل الكوفة له لا تعنى فى الإسلام حقه فى الخلافة لأنها بلد من بلاد كثيرة وحكاية تركه للمدينة حيث يوجد أصحاب جده الذين ينصرون الحق هى الأخرى غير مبلوعة خاصة أنه بين أهله وبين من يريدون للحق أن يعلو .
-أن ما يحكى عن يزيد من أن أباه تركه فى البادية مع أمه حتى شب وكبر حكاية غير معقولة لأسباب عدة أهمها أن يزيد كان الولد الوحيد والأب بطبيعته يحب أن يكون ولده بجواره خوفا عليه وأن يترك معاوية زوجته وابنه عدة سنوات ثم يستدعيهم إنما هو ضرب من الخيال خاصة أن المرأة التى يتغيب عنها زوجها أكثر من أربعة أشهر تصبح مطلقة فى الإسلام حتى ولو لم يطلقها زوجها لقوله تعالى بسورة البقرة "الذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم ".
أن خروج الحسين للكوفة بالطريقة المذكورة وهيه أخذ النساء والأولاد والأقارب إنما هى طريقة مجنون لا يصلح لقيادة حرب فضلا عن قيادة المسلمين ومن ثم فالرواية كذب فى كذب لأن أقل قائد يعرف أن أول قاعدة فى البحث عن قيادة الناس إنما هى الحذر أى الإحتياط وهنا ليس أى إحتياط لخروجه علنا حتى أن بعض الناس نصحوه بعدم الذهاب وتظهر الروايات الحسين متهورا مندفعا فعندما بلغه نبأ تخاذل أهل الكوفة بمقتل مسلم بن عقيل لم يعد من حيث أتى أو يغير من وجهته وإنما ذهب ليلقى حتفه .
-المصيبة الكبرى هى زواج العم على بابنة أخيه وانجابهم الحسن والحسين وغيرهم وهى كارثة لم تقع لأنه لا يجوز للأخ زواج ابنة أخيه كما أن القرآن بين أن بنات النبى(ص) لم يتزوجم إلا فيما بعد نزول آيات الجلباب " قل [زواجم وبناتك ونساء المؤمنين" فلو كن متزوجات كما تقول الرواية ما ذكرهم كبناته وإنما كان سيذكرهم كنساء المؤمنين "
الكتاب قائم على شىء لم يحدث وإنما الكفار هم من وضعوا تلك الروايات لتفرقة الناس ليظلوا يتقاتلوا بينما هم وأحفادهم يشاهدون المعارك ويتفرجون ويتلذذون بدماء تلك الفرق المتناحرة
الكتاب يدور حول وجوب لعن يزيد والأدلة على صحة ذلك مع أنه لا توجد أدلة من الوحى لأن القرآن نزل قبل عقود من تلك الأحداث التى لم تحدث
قال الشيرازى :
"ولله در من قال:
ألعن اللعن إن لعنت يزيدا * * انما اللعن عين ذاك اللعين
وهذه رسالة ضمنتها الادلة القاطعة، والبراهين النيرة الساطعة، الدالة على جواز لعن يزيد بن معاوية، أسكنهما الله في قعر الهاوية، والرد على من منع ذلك من جهلة المفتين، لينقطع منهم الدابر والوتين، إنه سبحانه خير ناصر ومعين.
وينبغي قبل الخوض في المقصود بيان أمور:"
استهل الشيرازى حديثه ببيان معنى اللعن فى كتب اللغة والمصطلح فقال :
"الاول: حقيقة اللعن:
قال الجوهري في الصحاح: اللعن: الطرد والابعاد من الخير.
وقال الزمخشري في أساس البلاغة: لعنه أهله: طردوه وأبعدوه، وهو لعين طريد، وقد لعن الله إبليس: طرده من الجنة وأبعده من جوار الملائكة، ولعنت الكلب والذئب: طردتهما.
وقال الراغب: اللعن: الطرد والابعاد على سبيل السخط، وذلك من الله تعالى في الآخرة عقوبة، وفي الدنيا انقطاع من قبول رحمته وتوفيقه، ومن الانسان دعاء على غيره.
وقال ابن سيدة في المحكم: لعنه الله يلعنه لعنا، عذبه.
وقال المحقق الكركي في نفحات اللاهوت: إذا قيل: لعنه الله على طريق الدعاء كان معناه طرده الله وأبعده من رحمته.
قال: والمراد من الطرد والابعاد هنا نزول العقوبة والعذاب به، وحرمان الرحمة، وهو لازم المعنى، وليس معنى الغضب ببعيد عنه، إذ المتعقل من غضب الله سبحانه فعل أثر الغضب، لا حصول الغضب الحقيقي الذي هو من توابع الاجسام، فإن ذلك محال عليه تعالى. انتهى."
قطعا معنى اللعن هو طلب العذاب للملعون من قبل الداعى سواء بشر أو ملائكة وأما لعن الله فهو تعذيبه للملعون
وتحدث عن إباحة اللعن فى الوحى فقال :
الثاني: مشروعية اللعن:
لا ريب في مشروعية اللعن في الجملة، وإن اختلف العامة في جواز لعن المعين، وسيأتي بيان الحق فيه إن شاء الله تعالى.
وقد دل الكتاب والسنة على ذلك، قال الله تعالى: (أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار).
وقال سبحانه: (قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه).. الآية.
وقال تبارك اسمه: (أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم)
وقال عز سلطانه: (وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم).
وقال عز من قائل: (فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين).
وقال جل وعلا: (وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين)
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها»، رواه أبو داود والحاكم عن ابن عمر.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لعن الله الراشي والمرتشي في الحكم»، رواه أحمد والترمذي والحاكم عن أبي هريرة، والطبراني في المعجم الكبير عن أم سلمة.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لعن الله الربا وآكله وموكله وكاتبه وشاهده وهم يعلمون، والواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة»، رواه الطبراني في المعجم الكبير عن ابن مسعود.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لعن الله المحلل والمحلل له»، رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة عن علي ، والترمذي والنسائي عنه وعن ابن مسعود ورواه الترمذي أيضا عن جابر
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لعن عبد الدينار، لعن عبد الدرهم»، رواه الترمذي عن أبي هريرة.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «ستة لعنتهم، لعنهم الله وكل نبي مجاب: الزائد في كتاب الله، والمكذب بقدر الله تعالى، والمتسلط بالجبروت فيعز بذلك من أذل الله ويذل من أعز الله، والمستحل لحرم الله، والمستحل من عترتي ما حرم الله، والتارك لسنتي»، رواه الحاكم عن عائشة.
وغير ذلك مما لا يحصى كثرة.
وبالجملة: فلا يرتاب ذو تحصيل في أن اللعن طاعة يستحق عليها الثواب إذا وقع على وجهه، وهو أن يلعن مستحق اللعنة تقربا إلى الله تعالى لا للعصبية والهوى، وقد يكون واجبا كما إذا قصد به البراءة من أعداء الله واقتصر عليه، وسيأتي الكلام في ذلك إن شاء الله تعالى."
قطعا اللعن جائز مباح بما ورد فى القرآن وأما حكاية الحسن ويزيد فأمر أخر لكون الحوادث لم تحدث ولا يمكن حدوثها فى ذلك العصر كما بينا فى أول النقد
ولكن لو أخذنا الروايات على أنها صادقة وكلها كاذب فيجوز لعن يزيد ومن معه وبناء على جواز اللعن استحل الشيرازى لعن يزيد ومن معه لارتكابهم جرائم القتل وهدم الكعبة التى لا يمكن هدمها ولا مسها لأن الله يعاقب من يريد فقط ارتكاب ذنب فيها العقاب على الإرادة وهى النية وليس الفعل لنه محال وقوعه فيها وفى هذا قال تعالى :
" ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم"
وهو مكان آمن لا يمكن أيذاء من دخله فإذا يحمى من فيه فكيف يتم هدمه واحراقه وسرقته كما تزعم الروايات والتى يقول :
" ومن دخله كان آمنا "
وفى هذا قال :
"هذا، وإنك لخبير بأن تلك الامور التي استحق فاعلها اللعن ليست بأعظم من قتل الحسين وأصحابه، والرضا به، واستباحة المدينة، وهدم الكعبة وضربها بالمجانيق، إن لم تكن دونه، فإذا جاز اللعن هناك فليجز هنا أيضا.
بل الحق أن جوازه هنا بطريق أولى، إذ لا رزية ولا مصيبة في الاسلام أعظم مما وقع يوم عاشوراء بكربلاء، كما لا يخفى على من أنار الله بصيرته، وطهر من الخبث سريرته."
وناقش الشيرازى أدلة مانعى اللعن فقال :
"فإن قال قائل: قد ورد النهي عن كون المؤمن لعانا في قوله صلى الله عليه وآله وسلم:
«لا تكونوا لعانين» وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا ينبغي لصديق أن يكون لعانا».
قلنا: هذا وارد في النهي عن اتخاذ اللعن خلقا بسبب المبالغة فيه والافراط في ارتكابه بحيث ينجر إلى أن يلعن اللعان من لا يستحق اللعن ـ كما حكى ذلك ابن الجوزي عن خط القاضي أبي الحسين محمد بن أبي يعلى بن الفراء.
وليس فيه النهي عن لعن المستحقين، وإلا لقال صلى الله عليه وآله وسلم: لا تكونوا لاعنين، ولا ينبغي لصديق أن يكون لاعنا، فإن بينهما فرقا يعلمه من أحاط بدقائق تصاريف لسان العرب.
وأما نهي علي أصحابه عن لعن أهل الشام، فإنه كان يرجو إسلامهم ورجوعهم إليه، كما هو شأن الرئيس المشفق على الرعية، ولذلك قال: «قولوا: اللهم أصلح ذات بيننا وبينهم».
وهذا قريب من قول الله تعالى في قصة فرعون: (فقولا له قولا لينا)، كذا قال أصحابنا رحمهم الله تعالى.
وقال ابن أبي الحديد المعتزلي الشافعي في (شرح النهج): الذي كرهه منهم أنهم كانوا يشتمون أهل الشام، ولم يكن يكره منهم لعنهم إياهم والبذاءة منهم. انتهى.
وله في هذا المقام كلام ينبغي لرواد الحقائق الوقوف عليه، والله الموفق والمستعان."
الأدلة السابقة فى منع اللعن تخالف آيات الوحى فى وجوب لعن الكفار وهو الدعاء عليهم عندما يعتدون على المسلمين
وتحدث عن الأعمال التى توجب اللعن فقال :
"الثالث: الصفات المقتضية للعن
قال الغزالي في (الاحياء): الصفات المقتضية للعن ثلاثة:
الكفر والبدعة والفسق.
وقال الشيخ الامام المحقق الكركي في (النفحات): لا ريب أن اللعن من الله تعالى هو الطرد والابعاد من الرحمة، وإنزال العقوبة بالمكلف، وكل فعل أو قول اقتضى نزول العقوبة بالمكلف من فسق أو كفر فهو مقتض لجواز اللعن، ويدل عليه قوله تعالى في القاتل: (وغضب الله عليه ولعنه)، وقوله تعالى: (والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين) رتب اللعن على الكذب، وهو إنما يقتضي الفسق، وكذا قوله تعالى: (والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين) رتب الغضب على صدقه في كونها زنت، والزنا ليس بكفر.
وقوله تعالى: (ألا لعنة الله على الظالمين) أي على كل ظالم،
لان الجمع المعرف للعموم، والفاسق ظالم لنفسه كما يرشد إليه قوله تعالى: (فمنهم ظالم لنفسه) حيث جعله سبحانه قسيما للمقتصد وقسيما للسابق بالخيرات.
قال رحمه الله: ولا ريب أن الكبائر مجوزة للعن، لان الكبيرة مقتضية لاستحقاق الذم والعقاب في الدنيا والآخرة، وهو معنى اللعن.
وأما الصغائر فإنها تقع مكفرة لقوله تعالى: (الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش إلا اللمم) فقد فسر بصغائر الذنوب، فلهذا لا ينقص إيمان فاعلها، ولا ترد شهادته، ولا تسقط عدالته.
نعم، لو أصر عليها ألحقت بالكبائر، وصار اللعن بها سائغا. انتهى كلامه "
قطعا كل ذنب لم يتب منه صاحبه ,اصر عليه يوجب لعنه وأما من تاب فلا يجوز لعنه كما يجوز لعن الكافر المستمر فى كفره
وتحدث عن أدلة لعن يزيد من القرآن وهو كلام ليس صحيحا فلا وجود ليزيد فى الكتاب وإنما الموجود لعن من يرتكبون الذنوب ولا يتوبون منها وفى هذا قال :
"جواز لعن يزيد من الكتاب:
إذا تمهد هذا فلنشرع في تقرير ما دل على جواز لعن يزيد بن معاوية ـ لعنهما الله تعالى ـ من الكتاب والسنة بحول الله وقوته.
أما الكتاب العزيز:
1 ـ فقوله تعالى: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الارض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله..).. الآية.
استدل به الامام أحمد بن حنبل على لعن يزيد، كما حكاه أبو الفرج ابن الجوزي في الرد على المتعصب العنيد المانع من ذم يزيد، عن القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين بن الفراء، إذ روى في كتابه المعتمد في الاصول بإسناده عن صالح بن أحمد، قال: قلت لابي: إن قوما ينسبوننا إلى توالي يزيد.
فقال: يا بني! وهل يتوالى يزيد أحد يؤمن بالله؟!
فقلت: لم لا تلعنه؟!
فقال: ومتى رأيتني ألعن شيئا؟! لم لا يلعن من لعنه الله في كتابه؟!
فقلت: وأين لعن الله يزيد في كتابه؟!
فقرأ: (فهل عسيتم..) ـ الآية، فهل يكون فساد أعظم من القتل؟
وفي رواية: يا بني! ما أقول في رجل لعنه الله في كتابه؟!
2 ـ وقوله تعالى: (والذين... ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الارض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار).
قال الامام أحمد: وأي قطيعة أفظع من قطيعته صلى الله عليه وآله وسلم في ابن بنته الزهراء ـ كما حكاه الشبراوي في (الاتحاف).
3 ـ وقوله تعالى: (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن).
أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في (الدلائل) وابن عساكر عن سعيد بن المسيب، قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بني أمية على المنابر، فساءه ذلك.
قال الفخر الرازي: وهذا قول ابن عباس في رواية عطاء."
الحديث يزعم رؤيتهم عيانا على المنابر فى عهد الرسول(ص) وهو ما يناقض أنه رآهم فى الحلم فى الحديث التالى :
وأخرج ابن أبي حاتم عن يعلى بن مرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أريت بني أمية على منابر الارض، وسيتملكونكم فتجدونهم أرباب سوء»، واهتم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لذلك، فأنزل الله (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس).
وأخرج ابن مردويه نحوه عن الحسين بن علي."
ثم قال :
قلت: ولا ريب أن يزيد داخل في الملعونين من بني أمية دخولا أوليا.
قال ابن حجر الهيتمي المكي في تطهير الجنان واللسان: صح أنه صلى الله عليه وآله وسلم رأى ثلاثة منهم ـ يعني بني الحكم بن أبي العاص ـ ينزون على منبره نزو القردة، فغاظه ذلك وما ضحك بعده إلى أن توفاه الله سبحانه وتعالى.
قال: ولعله هؤلاء ويزيد بن معاوية، فإنه من أقبحهم وأفسقهم، بل قال جماعة من الائمة بكفره. انتهى.
4 ـ وقوله تعالى: (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا).
فمن ذا الذي يشك في أن قتل الحسين عليه السلام وجماعة من آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وسبي الذرية الطاهرة على أقتاب الجمال، وضرب الثنايا الشريفة بالقضيب، وغير ذلك مما يذوب الفؤاد بذكره، إيذاء لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي وفاطمة عليهما السلام ومحاربة لهم؟! ـ مع ما قد فرض الله من مودتهم وأوجب على العباد من محبتهم ـ.
وما أحسن قول عمر الهيتي في ذلك:
بأية آية يأتي يزيد * * غداة صحائف الاعمال تتلا
وقام رسول رب العالمين يتلو * * ـ وقد صمت جميع الخلق ـ: (قل لا)
يعني قوله تعالى: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى).
أما النبي صلى الله عليه وآله وسلم فالحسين منه، كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: «حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا، حسين سبط من الاسباط»، رواه الترمذي وابن ماجة، والبخاري في الادب المفرد، وأحمد والحاكم
الحديث كاذب لكونه اتهام مباشر للنبى(ص) بزنى المحارم مع ابنته والعياذ بالله
ثم قال :
"وأما علي وفاطمة فذلك معلوم بالضرورة والوجدان، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: «من آذى عليا فقد آذاني»، رواه أحمد، والبخاري في (تاريخه) وابن حبان في (صحيحه)، وابن مندة، والحاكم في (المستدرك).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم لفاطمة عليها السلام: «إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك»،
رواه الحاكم عن علي عليه السلام وأبو يعلى والطبراني، وأبو نعيم في فضائل الصحابة.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «فاطمة بضعة مني، فمن أغضبها أغضبني»، رواه البخاري ومسلم والترمذي والحاكم.
قال الشريف السمهودي: ومعلوم أن أولادها بضعة منها، فيكونون بواسطتها بضعة منه صلى الله عليه وآله وسلم. انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر: فيه تحريم أذى من يتأذى المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بتأذيه، فكل من وقع منه في حق فاطمة 3 شيء تأذت به فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم يتأذى به بشهادة هذا الخبر.
قال: ولا شيء أعظم من إدخال الاذى عليها من قبل ولدها، ولهذا عرف بالاستقراء معاجلة من تعاطى ذلك بالعقوبة (ولعذاب الآخرة أشد) انتهى.
قلت:
ويلحق بذلك وجه إلزامي، وهو أن يزيد ـ لعنه الله ـ آذى الصحابة بقتل الحسين عليه السلام، وإيذاء كل واحد منهم إيذاء للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ عند القوم ـ
ولا خلاف في أن إيذاءه صلى الله عليه وآله وسلم موجب لاستحقاق اللعن.
أما الصغرى فظاهرة، وأما الكبرى فقد أخرج الترمذي في (سننه) عن عبد الله بن مغفل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الله الله في أصحابي، الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضا بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه».
5 ـ وقوله تعالى: (وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم).
وقد كان اللعين منافقا ظاهر النفاق، دلت على ذلك أقواله وأفعاله وأحواله.
فقد اشتهر عنه أنه لما جاءه رأس الحسين جمع أهل الشام وجعل ينكت رأسه بالخيزران وينشد أبيات ابن الزبعرى المشهورة:
ليت أشياخي ببدر شهدوا * * جزع الخزرج من وقع الاسل
فأهلوا واستهلوا فرحا * * ثم قالوا: يا يزيد لا تشل
قد قتلنا القرم من ساداتهم * * وعدلناه ببدر فاعتدل
قال الامام أحمد ـ في ما حكاه عنه القاضي أبو يعلى في كتاب الوجهين والروايتين ـ: إن صح ذلك عن يزيد فقد فسق.
وزاد فيها بيتين مشتملين على صريح الكفر، وهما قوله ـ فض الله فاه ـ:
لست من خندف إن لم أنتقم * * من بني أحمد ما كان فعل
لعبت هاشم بالملك فلا * * خبر جاء ولا وحي نزل
قال مجاهد: نافق.
وقال الزهري: لما جاءت الرؤوس كان يزيد في منظره على جيرون، فأنشد لنفسه:
لما بدت تلك الحمول وأشرقت * * تلك الشموس على ربى جيرون
نعب الغراب فقلت صح أو لا تصح * * فلقد قضيت من الغريم ديوني
وإلى ذلك أشار عبد الباقي العمري في الباقيات الصالحات بقوله:
نقطع في تكفيره إن صح ما * * قال للغراب لما نعبا
قال ابن عقيل ـ من الحنابلة ـ: ومما يدل على كفره وزندقته فضلا عن سبه ولعنه أشعاره التي أفصح بها بالالحاد، وأبان عن خبث الضمائر وسوء الاعتقاد، فمنها قوله في قصيدته التي أولها:
علية هاتي أعلني وترنمي * * بذلك أني لا أحب التناجيا
حديث أبي سفيان قدما سما بها * * إلى أحد حتى أقام البواكيا
ألا هات فاسقيني على ذاك قهوة * * تخيرها العنسي كرما وشاميا
إذا ما نظرنا في أمور قديمة * * وجدنا حلالا شربها متواليا
وإن مت يا أم الاحيمر فانكحي * * ولا تأملي بعد الفراق تلاقيا
فإن الذي حدثت عن يوم بعثنا * * أحاديث طسم تجعل القلب ساهيا
ولا بد لي من أن أزور محمدا * * بمشمولة صفراء تروي عظاميا
ومما يعزى إليه، قوله:
معشر الندمان قوموا * * واسمعوا صوت الاغاني
واشربوا كأس مدام * * واتركوا ذكر المغاني
أشغلتني نغمة العيدان * * عن صوت الاذان
وتعوضت عن الحور * * خمورا في الدنان
ومنها قوله:
ولو لم يمس الارض فاضل بردها * * لما كان عندي مسحة في التيمم
وذكر ابن أبي الدنيا أنه لما نكت بالقضيب ثنايا الحسين أنشد لحصين بن الحمام المري:
صبرنا وكان الصبر منا سجية * * بأسيافنا تفرين هاما ومعصما
نفلقن هاما من رؤوس أحبة * * إلينا وهم كانوا أعق وأظلما
قال مجاهد: نافق فيها، ثم والله ما بقي في عسكره أحد إلا تركه، أي عابه وسبه.
قال ابن أبي الدنيا: وكان عنده أبو برزة الاسلمي، فقال له: يا يزيد! ارفع قضيبك، فوالله لطالما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقبل ثناياه.
وهذا كله كفر بواح، ونفاق صراح، وإنكار للرسالة والبعث والمعاد، وتناه في ضروب الزندقة والالحاد.
وقد أجمع أصحابنا الامامية ـ أعلى الله كلمتهم ـ تبعا لائمة العترة الطاهرة على كفره وخروجه عن ربقة الاسلام، وقطع بذلك بعض أئمة الجمهور ـ كما تقدم ويأتي إن شاء الله تعالى ـ.
6 ـ وقوله تعالى: (فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين).
ويزيد ظالم غشوم بلا شبهة، فيشمله اللعن الوارد في الآية، بل هو من أتم مصاديق الظالم، والله العالم.
وقد تبين لك ـ بما قررنا ـ أن الآيات بإطلاقها وعمومها تدل على جواز لعن هذا اللعين وأضرابه من الفاسقين، كما ذهب إليه الامام أحمد وغيره من جهابذة المحققين.
جواز لعن يزيد من السنة
هذا، وقد دلت السنة المطهرة أيضا على جواز لعن يزيد ـ لعنه الله ـ وهي أحاديث:
منها: قوله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي وفاطمة والحسنين: «أنا حرب لمن حاربكم، وسلم لمن سالمكم».
أخرجه الامام أحمد في مسنده عن أبي هريرة، وروى الترمذي عن زيد بن أرقم: «أنا حرب لمن حاربتم، وسلم لمن سالمتم».
وقد دل الحديث على أن محاربة الحسين عليه السلام محاربة لجده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، وهو كفر بالاجماع، فيكون فاعله مستحقا للعن والعذاب الاليم.
ومنها: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «ستة لعنتهم، لعنهم الله وكل نبي مجاب: الزائد في كتاب الله، والمكذب بقدر الله تعالى، والمتسلط بالجبروت فيعز من أذل الله ويذل من أعز الله، والمستحل لحرم الله، والمستحل من عترتي ما حرم الله، والتارك لسنتي»، رواه الحاكم عن عائشة.
قال المناوي في قوله صلى الله عليه وآله وسلم «والمستحل من عترتي ما حرم الله»: يعني من فعل بأقاربي ما لا يجوز فعله من إيذائهم أو ترك تعظيمهم، فإن اعتقد حله فكافر، وإلا فمذنب.
قال: وخص الحرم والعترة باللعن لتأكد حق الحرم والعترة وعظم قدرهما بإضافتهما إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.انتهى.
قلت:
لا يرتاب من كان له مثقال حبة من خردل من إنصاف في أن يزيد ومن خرج لقتال الحسين إنما استحلوا منه ما حرم الله، فهم كفرة بمقتضى هذا الحديث، وعلى فرض التنزل فإنهم فسقة مذنبون، فاللعن مسجل عليهم على كلا التقديرين، والله تعالى أعلم.
ومنها: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من أخاف أهل المدينة أخافه الله عز وجل، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا»، رواه أحمد ومسلم.
وأخرج الطبراني من حديث السائب بن خلاد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «اللهم من ظلم أهل المدينة وأخافهم فأخفه، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا»، ورواه الطبراني أيضا في الاوسط والكبير عن عبادة بن الصامت بإسناد جيد ـ كما قال الحافظ المنذري.
وأخرج الطبراني في المعجم الكبير عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من آذى أهل المدينة آذاه الله، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل».
قال الامام أحمد: أليس قد أخاف أهل المدينة؟!.
قلت:
لا خلاف أن يزيد أخاف أهل المدينة وظلمهم وآذاهم، وذلك في وقعة الحرة، وما أدراك ما وقعة الحرة!
ذكرها الحسن البصري مرة فقال: والله ما كاد ينجو منهم، قتل فيها خلق من الصحابة ومن غيرهم.
وحكى المدائني في كتاب الحرة عن الزهري، قال: كان القتلى يوم الحرة سبعمائة من وجوه الناس من قريش والانصار والمهاجرين ووجوه الموالي، وأما من لم يعرف من عبد أو حر أو امرأة فعشرة آلاف، وخاض الناس في الدماء حتى وصلت الدماء إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وامتلات الروضة والمسجد.
قال مجاهد: التجأ الناس إلى حجرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومنبره والسيف يعمل فيهم. انتهى.
وأبيحت المدينة أياما بأمر يزيد لعنه الله ـ كما قال الحافظ ابن حجر ـ وبطلت الجماعة من المسجد النبوي أياما، واختفت أهل المدينة أياما، فلم يمكن أحدا دخول مسجدها حتى دخلته الكلاب والذئاب وبالت على منبره صلى الله عليه وآله وسلم، وافتض فيها نحو ألف بكر، وحمل فيها من النساء اللاتي لا أزواج لهن نحو من ألف امرأة، وقيل: عشرة آلاف امرأة، وكان الرجل بعد ذلك إذا زوج ابنته لا يضمن بكارتها، ويقول: لعلها افتضت في وقعة الحرة.
ولم يرض مسلم بن عقبة المري ـ أمير ذلك الجيش ـ إلا بأن يبايعوه ليزيد على أنهم خول له، إن شاء باع وإن شاء أعتق، فذكر له بعضهم البيعة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم فضرب عنقه.
ثم سار الجيش إلى قتال ابن الزبير، فرموا الكعبة بالمنجنيق وأحرقوها بالنار.
فأي شيء أعظم من هذه العظائم الموبقة التي وقعت في إمرته ناشئة"
وكل ما حكى الرجل من ألأدلة ليس فى يزيد وإنما فيمن ارتكب الذنوب وكل من ارتكب ذنبا لم يتب منه جائز لعنه لكونه كفر ككفر الكفار حيث استمروا فى كفرهم وقد سبق القول أن كل هذه الروايات لا صحة لها ولم يحدث منها شىء فكلها تاريخ كاذب وضعه الكفار لتفريق الناس وابعادهم عن القرآن منشغلين بخلافات لم تحدث إلا فى بطون كتب الروايات