المنافقون فى القرآن
أهل النفاق :
هم الذين قالوا أمنا أى صدقنا بالله ويوم القيامة وما هم بمصدقين بهما وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "ومن الناس من يقول أمنا بالله وباليوم الأخر وما هم بمؤمنين "وهم الذين يخادعون الله والمراد يخادعون الذين أمنوا وهم فى الحقيقة يخدعون أى يضرون أنفسهم دون أن يشعروا وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "يخادعون الله والذين أمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون "والنفاق هو مرض قلوبهم الزائد أى المستمر وفى هذا قال بسورة البقرة "فى قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ".
- حديث المسلمين والمنافقين :
قال المسلمون لهم صدقوا كما صدق الناس فردوا قائلين :أنصدق كما صدق المجانين وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "وإذا قيل لهم أمنوا كما أمن الناس قالوا أنؤمن كما أمن السفهاء "وإذا قابلوا المسلمين فى أى مكان قالوا لهم :صدقنا كما صدقتم وإما إذا قابلوا شياطينهم وهم أنصارهم فيقولون لهم إننا مثلكم إنما نحن ساخرون وفى هذا قال تعالى بنفس السورة "وإذا لقوا الذين أمنوا قالوا أمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزءون "
-المنافقون والقتال:
كلما قيل للمنافقين :تعالوا جاهدوا فى سبيل الله أو ادفعوا كان ردهم هو :لو نعرف أن القتال واقع لذهبنا معكم وبذا كفروا فى ذلك اليوم حيث قالوا بألسنتهم ما ليس فى قلوبهم وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا فى سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس فى قلوبهم "وقال المنافقون لبعضهم بعد أن قعدوا عن القتال :لو أطاعنا من ذهب للقتال ما قتل هناك وقد طلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم فادفعوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين وفى هذا قال بنفس السورة "الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين "ولما كتب أى فرض الله على المسلمين القتال إذا جماعة النفاق تقف الموقف التالى :تخش أذى الناس كخشية أذى الله والمراد تخاف عقاب الناس كخوفها عقاب الله وقالوا إلهنا لماذا فرضت علينا القتال ؟هلا أجلتنا إلى موعد قريب؟ من أجل هذا طلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم :متاع الدنيا قليل والأخرة متاعها باق لمن اتقى ولا تظلمون شيئا أينما تكونوا يلحقكم الموت ولو كنتم فى قلاع محصنة وفى هذا قال تعالى بسورة النساء "فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب قل متاع الدنيا قليل والأخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم فى بروج مشيدة "وقد بين الله لنا أن المؤمنين يقولون لولا نزلت سورة فإذا أوحى الله إلى نبيه (ص)سورة محكمة فيها ذكر القتال والمراد فرض الجهاد يرى المسلم الذين فى قلوبهم مرض ينظرون إليه نظر المغشى عليه من الموت والواجب هو الطاعة والقول المعروف حتى يكون الأمر خيرا لهم وفى هذا قال تعالى بسورة محمد "ويقول الذين أمنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين فى قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشى عليه من الموت فأولى لهم طاعة وقول معروف
-انقسام المسلمين فى المنافقين :
انقسم المسلمون فى أمر المنافقين فريقين :
1-يعاديهم ويريد أن يقضى عليهم كما أمر الله بذلك فى وحيه 2- يواليهم ويدعوهم للعودة للهدى وقد انخدع بإعلانهم المستمر إسلامهم بالحلفانات وغيرها من وسائل الخداع وقد بين الله للفريق الثانى أنه مخطىء إذا كان يريد أن يهديهم بعد أن ضلوا الطريق ومن يضل الطريق فلن يعيده أحد إليه وفى هذا قال بسورة النساء "فما لكم فى المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا "وقد بين الله للمسلمين أن المنافقين أحبوا أن يكفر المسلمون فيصبح الكل متساوين فى الكفر وأن الواجب على المسلمين تجاه المنافقين هو عدم موالاتهم حتى يهاجروا والمراد حتى يعودوا لدين الله وقتلهم فى أى مكان يوجدون فيه واتخاذ المنافقين أنصار وأولياء الذين يقومون بالوساطة والإتصال بين المسلمين والأقوام المعاهدة والذين لا يقاتلون المسلمين أو غيرهم معلنين إسلامهم مرة أخرى وفى هذا قال تعالى بسورة النساء "ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا فى سبيل الله فإن تولوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أو جاءوكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا "
-ولاية المنافقين للكافرين :
بين الله لنا أن المنافقين يجعلون الذين كفروا أولياء أى أنصار لهم من دون المسلمين والسبب ابتغاء العزة عندهم والمراد استمداد القوة بالتحالف معهم وفى هذا قال تعالى بسورة النساء "بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة "وقد بين الله لنا أن الكفار إذا نالوا شيئا من المسلمين فى القتال قال المنافقون لهم ألم نستحوذ عليكم ونحميكم من المسلمين وفى هذا قال بنفس السورة "وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين".
-صفات المنافقين :
بين الله للمسلمين أن من صفات المنافقين التالى :
أ-التربص وهو انتظار المشاركة فى الغنيمة فإذا كان المسلمون المنتصرون قالوا لهم ألم نكن أى نحارب معكم ؟ وذلك حتى يأخذوا منهم بعضا من الغنيمة وإذا كان الكفار المنتصرون قالوا لهم ألم نستحوذ عليكم ونحميكم من المسلمين ؟وذلك حتى يأخذوا بعض الغنيمة وفى هذا قال تعالى بسورة النساء "الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين ".
ب-الخداع حيث يؤدون الصلاة وهى الطاعة للإسلام وهم متباطئون والسبب مراءة الناس وهو إرضاء الناس وهم لا يذكرون الله إلا قليلا وفى هذا قال تعالى بنفس السورة "إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا ".
ت-الذبذبة فهم لا ينتمون للمسلمين ولا ينتمون للكافرين وإنما هم حالة وسط فهم فريق مستقل وفى هذا قال تعالى بنفس السورة "مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ".
ث- الاستهزاء بوحى الله حيث كانوا إذا نزلت سورة من القرآن قال بعضهم أيكم زادته هذه إيمانا أى أيكم أبقت هذه تصديقه بالوحى وهم يقصدون قطعا السخرية من الوحى الذى لا يؤمنون به وفى هذا قال تعالى بسورة التوبة "وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا ".
-مسارعة المنافقين فى أهل الكتاب :
إن الذين فى قلوبهم مرض وهم أهل النفاق يسارعون أى يتسابقون لموالاة ومناصرة أهل الكتاب ويقولون فى سبب هذا :نخشى أن تصيبنا دائرة والمراد نخاف أن تحدث لنا مصيبة مؤذية وفى هذا قال تعالى بسورة المائدة "فترى الذين فى قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة "ويقول المسلمون لأهل الكتاب فى المنافقين :أهؤلاء الذين حلفوا بالله قدر ما استطاعوا إنهم لمنكم ؟حبطت أعمالهم فأصبحوا هالكين وفى هذا قال تعالى بنفس السورة "ويقول الذين أمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد ايمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين ".
-استئذان المنافقين فى القعود عن الجهاد :
لما دق نفير الجهاد جاء المنافقون للنبى (ص)وقالوا :اسمح لنا بالقعود عن الخروج للجهاد لأننا لا نستطيع الخروج لأسباب قاهرة ،وصدق النبى (ص)الحديث وأذن لهم بالقعود عن الجهاد فنزل الوحى معاتبا له غافرا له ذنب الإذن للمنافقين بالقعود عن الجهاد مبينا له أن الخروج للجهاد هو الأمر الذى سيبين له من يصدقه ممن يكذبه وفى هذا قال بسورة التوبة "عفا الله عنك لما اذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين "وقد بين له أن المؤمنين لا يطلبون الإذن للجهاد والمكذبين يطلبونه فقال بنفس السورة "لا يستئذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الأخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والله عليم بالمتقين إنما يستئذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الأخر "وكان بعض المنافقين يذهب للنبى (ص)فيقول ائذن أى اسمح لى بالقعود ولا تختبرنى وفى هذا قال "ومنهم من يقول ائذن لى ولا تفتنى "وقد بين الله لنبيه (ص)أنه سيعود لمكانه بعض من المنافقين وسيطلبون منه الإذن بالخروج للجهاد وطلب منه أن يقول لهم :لن تذهبوا معى أبدا ولن تحاربوا معى عدوا إنكم قبلتم بالقعود أول مرة فابقوا مع المتخلفين عن الجهاد وفى هذا قال "فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستئذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معى أبدا ولن تقاتلوا معى عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين"وبين لنبيه (ص)أن المنافقين إذا نزلت سورة تطلب الإيمان بالله والجهاد مع نبيه (ص)أتاه أهل الطول والمراد الغنى منهم وقالوا دعنا مع القاعدين وفى هذا قال "وإذا أنزلت سورة أن أمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استئذنك أولوا الطول منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين "وقد بين للمسلمين أن السبيل وهو العقاب إنما هو للذين استئذنوا وهم أغنياء رضوا أن يكونوا من المتخلفين عن الجهاد وفى هذا قال "إنما السبيل على الذين يستئذنونك وهم أغنياء رضوا أن يكونوا مع الخوالف " .
-ابتغاء المنافقين للفتنة :
بين الله للمسلمين أن المنافقين لو ذهبوا معهم للقتال فإن الحادث هو إصابة المسلمين بالخبال وهو الفشل وإحداث الفرقة بينهم بسبب ابتغاء المنافقين للفتنة وهى الوقيعة وسبب حدوثها هو استماع البعض لكلامهم وفى هذا قال تعالى بسورة التوبة "لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم "ووضح الله لنبيه (ص)أن المنافقون قد طلبوا الفتنة وهى الوقيعة بين المسلمين قبل ذلك فقاموا بقلب الأمور وهو إخفاء الحقائق التى أظهرها الله ومنع الفتنة من الحدوث الوخيم لها وفى هذا قال تعالى بنفس السورة "لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون "وقد بين الله لنا أن المنافقون كان لهم فى كل عام فتنة أو اثنتين يقومون بهم ومع هذا لم يتوبوا من هذه الفتن وفى هذا قال بنفس السورة "أولا يرون أنهم فى كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون ".
-اتهامات المنافقين للنبى (ص):
اتهم المنافقون النبى (ص)بالظلم فى توزيع الصدقات والسبب هو أنهم كانوا يريدون بعض من الصدقات ولذا كانوا يتوقفون عن الإتهام إذا أخذوا من الصدقات ويغضبون ويكيلون الإتهام للنبى (ص)إذا لم يأخذوا وفى هذا قال تعالى بسورة التوبة "ومنهم من يلمزك فى الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون "وقد حرص المنافقون على إيذاء النبى(ص)بأقوالهم عنه مثل هو أذن والمراد ألعوبة يسمع كلام الكل وفى هذا قال تعالى "ومنهم الذين يؤذون النبى ويقولون هو أذن"وقد طلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم سماعة أحسن لكم يصدق بالله ويصدق المؤمنين ورحمة للذين أمنوا منكم وفى هذا قال بنفس الآية "قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين أمنوا منكم "ولما وجد القوم الإتهامات القولية لا تجدى لجأوا لأسلوب أخر هو العمل ومنه اختراع حديث الإفك وقالوا لبعضهم :لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا والمراد لا تعطوا المؤمنين مالا حتى يتركوا طاعة محمد وفى هذا قال بسورة المنافقون "هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ".
-تحذير المنافقين من نزول الوحى فيهم :
أصدر الله للمنافقين تحذيرا يطلب منهم الكف عن أعمال الكفر وقد خاف المنافقون أى حذروا من أن تنزل فيهم سورة من الوحى أساسها الإخبار بما فى قلوبهم من الشر وقد طلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم :اسخروا إن الله مظهر الذى تخفون وفى هذا قال بسورة التوبة "يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما فى قلوبهم قل استهزءوا إن الله مخرج ما تحذرون "وبين له أنه إذا سألهم عن السخرية سيكون ردهم هو :إنما كنا نخوض ونلهو ولذا فالواجب أن يقول لهم :أبالله وآياته ونبيه كنتم تسخرون وقد حدث كل هذا وفى هذا قال "ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون "وقد حاول المنافقون الإعتذار للمسلمين فطلب الله منهم ألا يعتذروا وبين لهم السبب فى هذا الطلب وهو أنهم كفروا بعد إسلامهم ومن ثم فاعتذارهم غير مقبول وأخبرهم أنه إذا عفا عن التائبين فإنه سيعذب الذين لم يتوبوا لكونهم مجرمين وفى هذا قال "لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين "وقد نفذ الله التحذير فأنزل فى المنافقين سورة فلما سمعها المنافقون تبادلوا النظرات وهم مع المسلمين وكان معنى النظرة هل يراكم من أحد أى هل يعرفكم أحد ؟ثم تسللوا واحد وراء الأخر وانصرفوا من المكان وفى هذا قال "وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون ".
-حلف المنافقين الكاذب :
استخدم المنافقون الحلف كثيرا فى تعاملهم مع النبى (ص)والمؤمنين ومن هذا أنهم أقسموا بالله إنهم لمن المسلمين وما هم من المسلمين وفى هذا قال بسورة التوبة "ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم " وبين لنا سبب حلفهم بالله وهو إرضاء المسلمين وليس إرضاء الله ونبيه (ص) وهو الواجب عليهم إن كانوا مصدقين بحكمهم وفى هذا قال "يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين "وقد حلف المنافقون على أنهم لم يقولوا كلمة الكفر وأقسموا على ذلك بالله وهم قد قالوا كلمة الكفر فكانت النتيجة أن كفروا بعد إسلامهم وأرادوا أن يأخذوا ما لم يأخذوا وسبب نقمتهم وهو كفرهم هو أن الله ورسوله (ص)أغناهم من فضله وبين الله أنهم إذا تابوا فهذا خير لهم وأما إذا لم يتوبوا فالعذاب فى انتظارهم فى كل من الدنيا والأخرة وفى هذا قال "يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما فى الدنيا والأخرة "وبين لنا أن بعض المنافقين عاهد الله على أن يصدق ويكون من الصالحين إذا أعطاه الله من رزقه وفى هذا قال "ومنهم من عاهد الله لئن أتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين "فلما حدث ما يحب حيث أعطاه الله الرزق الوفير كان رد فعله هو البخل والتولى فكانت نتيجة هذا أن الله أدخل فى قلوبهم النفاق إلى أن يموتوا والسبب إخلافهم وعدهم مع الله أى كذبهم وفى هذا قال "فلما أتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون فأعقبهم نفاقا فى قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون "وقد عمل المنافقون على لمز أى عيب المتطوعين بالصدقات من المسلمين كما استهزءوا وسخروا من المسلمين الذين لا يجدون شىء يقدمونه سوى جهدهم أى عملهم وفى هذا قال "الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين فى الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم "وبين الله للمسلمين أن المنافقين سيحلفون بالله لهم إذا عادوا إليهم والسبب أن يعرضوا عنهم ويتركوهم وقد طلب الله من المسلمين الإعراض عنهم لأنهم رجس ومسكنهم النار وفى هذا قال "سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس ومأواهم جهنم ".
-الاستغفار للمنافقين :
بين الله لنبيه (ص)أن استغفاره للمنافقين وعدم استغفاره لهم سيان فى النتيجة الحادثة حتى لو استغفر لهم أكبر عدد من المرات والنتيجة هى أن الله لن يغفر لهم والسبب كفرهم بالله ونبيه (ص)وفى هذا قال بسورة التوبة "استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله "وقد نصحهم المسلمون فقالوا :تعالوا يستغفر لكم نبى الله ،فما كان منهم إلا أن رفضوا واستكبروا ولذا كرر الله لنبيه (ص)أنه لن يغفر لهم سواء استغفر لهم أو لم يستغفر لهم وفى هذا قال بسورة المنافقون "وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رءوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون سواء عليهم استغفرت لهم أو لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم ".
-فرح المخلفين بالقعود :
كانت حال المتخلفين عن الجهاد هى الفرح وكان سبب فرحهم هو قعودهم بعيدا عن ميدان القتال حيث الخطر الممثل فى الموت فى نظرهم وهم قد بغضوا الجهاد فى سبيل الله بكل من النفس والمال وقد قالوا لبعضهم :لا تخرجوا فى الحر فطلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم :قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفهمون وفى هذا قال تعالى بسورة التوبة "فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله وقالوا لا تنفروا فى الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون "وكان المنافقون يقولون عن المسلمين :غر هؤلاء دينهم أى خدع هؤلاء حكمهم وفى هذا قال بسورة الأنفال "إذ يقول المنافقون والذين فى قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ".
-استئذان المنافقين للخروج والقعود :
لأمر ما من الله عاد النبى (ص)لمكان وجود طائفة من المنافقين فلما وجدوه بينهم طلبوا منه السماح لهم بالذهاب للقتال معه فقال لهم ما قال الله له:لن تذهبوا معى أبدا ولن تحاربوا معى كارها إنكم رضيتم بالتخلف أول مرة فاقعدوا مع المتخلفين وفى هذا قال بسورة التوبة "فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستئذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معى أبدا ولن تقاتلوا معى عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين "ولما نزلت على النبى سورة من القرآن فيها أن أمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله وبلغت مسامع المنافقين فكان موقفهم هو مجىء أولى الطول وهو الغنى للنبى (ص)فطلبوا منه الإذن بالقعود عن الجهاد فقالوا اتركنا نكن مع القاعدين وفى هذا قال تعالى "وإذا أنزلت سورة أن أمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استئذنك أولوا الطول منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين "ولقد رضى الأغنياء أن يكونوا مع الخوالف الذين خالفوا أمر الله ونبيه (ص)وفى هذا قال "رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون " .
-اعتذار المنافقين عن القعود :
لما رجع المسلمون من القتال سالمين أسرع المنافقون لهم مقدمين لهم الإعتذار وهو التبرير للظروف القاهرة ولذا طلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم :لا تعتذروا أى لا تقدموا لنا أسبابكم ،لن نصدق بأقوالكم قد أخبرنا الله من أفعالكم التى أخفيتموها وسيرى الله ونبيه (ص)عملكم وبعد ذلك تعودون لعالم الغيب والشهادة فيخبركم بما كنتم تفعلون وفى هذا قال بسورة التوبة "يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من أخباركم وسيرى الله عملكم ورسوله ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون "وقد حلف المنافقون بالله للمسلمين لما عادوا للمدينة حتى يعرضوا عنهم ويتركوهم فطلب الله منهم أن يتركوهم لكونهم رجس مأواه جهنم بسبب ما عمل فى دنياه وفى هذا قال "سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس ومأواه جهنم بما كانوا يكسبون "وسبب حلف المنافقين هو أن يرضى المسلمون عنهم وقد بين الله للمسلمين أن الله لن يرضى عن المنافقين حتى ولو رضوا هم عنهم وفى هذا قال "يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين".
-مسجد الضرار والمنافقين :
بنى المنافقون مسجد وكان المنافقون قد اتخذوا المسجد لأسباب عدة هى الضرار أى الكفر والتفريق والمراد إحداث الفرقة بين المسلمين وجمع المحاربين لله ونبيه(ص)فيه للتآمر وقد حلف المنافقون بالله للمسلمين على أن نيتهم سليمة فقالوا :إن أردنا إلا الحسنى ،والله يعرف أنهم كاذبون وفى هذا قال بسورة التوبة "والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد أنهم لكاذبون " وقد طلب الله من نبيه (ص) ألا يقيم فى هذا المسجد صلاة ما دام قائما فى أيدى المنافقين وفى هذا قال "لا تقم فيه أبدا "وقد بين الله لنا أن هذا البنيان وهو المسجد ما زال فى قلوبهم ريبة والمراد خيبة وفشل حتى يموتوا وفى هذا قال "لا يزال بنيانهم الذى بنوا ريبة فى قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم "
-تسلل المنافقين :
فى إطار استعداد المسلمين للقتال دخل معهم معسكرهم بعض المنافقين بدعوى الجهاد وقد قام هذا البعض بالتسلل من المعسكر وهو الهرب من أماكن القتال لواذا أى إحتماء من الأخطار فى ظنهم وذلك بالعودة للديار وقد حذرهم الله بأنه سيصيبهم الفتنة أو العذاب الأليم وفى هذا قال بسورة النور "قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ".
-موقف المنافقين بغزوة الأحزاب :
لما وجد المنافقون قوة أهل الأحزاب ولما عاينوا زلزلة المسلمين الزلزال الشديد بسبب هذه القوة قالوا هازئين من المسلمين :ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا أى ما أخبرنا الله ونبيه (ص)إلا كذبا وسرابا وفى هذا قال تعالى بسورة الأحزاب "وإذ يقول المنافقون والذين فى قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا "وقالت جماعة منهم :يا أهل يثرب لا بقاء لكم فعودوا لبيوتكم دون قتال وذهبت جماعة أخرى للنبى (ص)طالبة الإذن بالذهاب للبيوت لحراستها فقالوا :إن مساكننا ثغرة ينفذ منها العدو فاسمح لنا بالدفاع عنها وما كانت هذه البيوت ثغرة لنفاذ العدو ولكن الجماعة قالت ذلك لتهرب وتفر من القتال وفى هذا قال "وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستئذن فريق منهم النبى يقولون إن بيوتنا عورة وما هى بعورة إن يريدون إلا فرارا "وقد طلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم :لن يفيدكم الهروب إن هربتم من الموت أو القتل وإذا لا تبقون إلا وقتا قصيرا وفى هذا قال "قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا "كما طلب منه أن يقول لهم :من ذا الذى يمنعكم من أمر الله إن أراد بكم ضررا أو أراد بكم نفعا ؟وقد فعل النبى (ص)ما أمره به وفى هذا قال "من ذا الذى يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة " وقد قال بعض المنافقين لبعض :هلم إلينا والمراد تعالوا معنا فى ديارنا وفى هذا قال "قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا "والمنافقون كانوا بخلاء على المسلمين فإذا أتى الخوف شاهدهم المسلم ينظرون له وأعينهم تدور فى كل إتجاه كالذى يغشى عليه من الموت وإذا ذهب أمر الخوف شتموا المسلمين وسبوهم بألسنة طويلة حادة ولا يفعلون الخير لهم وفى هذا قال "أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذى يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير "وقد كان المنافقون يظنون الأحزاب لم يذهبوا ويتركوا القتال وإذا أتت الأحزاب أحبوا لو أنهم كانوا مع الأعراب فى البادية يسألون عن أخبار المسلمين وفى هذا قال "يحسبون الأحزاب لم يذهبوا وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بادون فى الأعراب يسألون عن أنبائكم " .
-خروج المنافقين من بيت النبى (ص):
كان المنافقون يذهبون لبيت النبى (ص)ويجلسون مع المسلمين مستمعين لكلامه حتى إذا خرجوا من البيت قالوا للذين أوتوا العلم وهم المسلمون :ماذا قال آنفا ؟أى ماذا كان يقول ونحن معه وفى هذا قال تعالى بسورة محمد "ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا "وكانوا يقولون للنبى (ص)فى مجلسه :سمعا وطاعة وإذا تركوا مجلسه غيرت طائفة منهم نيتهم فبدل الطاعة بيتوا العصيان وفى هذا قال بسورة النساء "ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذى تقول والله يكتب ما يبيتون ".
-تحالف المنافقين وأهل الكتاب :
تحالف القومين على نصر بعضهم لبعض فقال المنافقون للكتابيين :لئن طردتم لنذهبن معكم ولا نطيع فيكم أحدا دوما وإن حوربتم لننصرنكم وفى هذا قال بسورة الحشر "ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون "وقطعا لم يحدث شىء فلم يخرجوا معهم ولم ينصروهم فى القتال وقد قال المنافقون للذين كرهوا ما نزل الله من الوحى :سنطيعكم فى بعض الأمر وفى هذا قال تعالى بسورة محمد"ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم فى بعض الأمر والله يعلم إسرارهم ".
- المنافقون وصلاة الجمعة :
كان المنافقون إذا أذن للصلاة من يوم الجمعة جلسوا فى المسجد مراءة للمسلمين فإذا جاء وقت الصلاة وحدث أحد أمرين الأول التجارة وهى البضائع والثانى اللهو وهو المسليات والمفرحات ترك المنافقون رسول الله(ص)واقفا يخطب خطبته وذهبوا لمتابعة التجارة أو اللهو فطلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم ما عند الله أحسن من اللهو ومن التجارة والله أحسن الرازقين وفى هذا قال تعالى بسورة الجمعة "وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين "
-المنافقون والعودة للمدينة :
لما خرج المنافقين مع المسلمين للحرب مرة قال بعضهم لبعض المسلمين :لئن عدنا للمدينة ليطردن الأعز منها المهان وفى هذا قال تعالى بسورة المنافقون "يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون ".
-قتال المنافقين :
طلب الله من نبيه (ص) الحذر من المنافقين لأنهم أعداء للمسلمين وفى هذا قال بسورة المنافقون "هم العدو فاحذرهم "كما طلب منه أن يجاهد أى يقاتل المنافقين مع الكافرين وأن يشتد عليهم فى القتال وفى هذا قال بسورة التوبة "يا أيها النبى جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم "
أهل النفاق :
هم الذين قالوا أمنا أى صدقنا بالله ويوم القيامة وما هم بمصدقين بهما وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "ومن الناس من يقول أمنا بالله وباليوم الأخر وما هم بمؤمنين "وهم الذين يخادعون الله والمراد يخادعون الذين أمنوا وهم فى الحقيقة يخدعون أى يضرون أنفسهم دون أن يشعروا وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "يخادعون الله والذين أمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون "والنفاق هو مرض قلوبهم الزائد أى المستمر وفى هذا قال بسورة البقرة "فى قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ".
- حديث المسلمين والمنافقين :
قال المسلمون لهم صدقوا كما صدق الناس فردوا قائلين :أنصدق كما صدق المجانين وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "وإذا قيل لهم أمنوا كما أمن الناس قالوا أنؤمن كما أمن السفهاء "وإذا قابلوا المسلمين فى أى مكان قالوا لهم :صدقنا كما صدقتم وإما إذا قابلوا شياطينهم وهم أنصارهم فيقولون لهم إننا مثلكم إنما نحن ساخرون وفى هذا قال تعالى بنفس السورة "وإذا لقوا الذين أمنوا قالوا أمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزءون "
-المنافقون والقتال:
كلما قيل للمنافقين :تعالوا جاهدوا فى سبيل الله أو ادفعوا كان ردهم هو :لو نعرف أن القتال واقع لذهبنا معكم وبذا كفروا فى ذلك اليوم حيث قالوا بألسنتهم ما ليس فى قلوبهم وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا فى سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس فى قلوبهم "وقال المنافقون لبعضهم بعد أن قعدوا عن القتال :لو أطاعنا من ذهب للقتال ما قتل هناك وقد طلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم فادفعوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين وفى هذا قال بنفس السورة "الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين "ولما كتب أى فرض الله على المسلمين القتال إذا جماعة النفاق تقف الموقف التالى :تخش أذى الناس كخشية أذى الله والمراد تخاف عقاب الناس كخوفها عقاب الله وقالوا إلهنا لماذا فرضت علينا القتال ؟هلا أجلتنا إلى موعد قريب؟ من أجل هذا طلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم :متاع الدنيا قليل والأخرة متاعها باق لمن اتقى ولا تظلمون شيئا أينما تكونوا يلحقكم الموت ولو كنتم فى قلاع محصنة وفى هذا قال تعالى بسورة النساء "فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب قل متاع الدنيا قليل والأخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم فى بروج مشيدة "وقد بين الله لنا أن المؤمنين يقولون لولا نزلت سورة فإذا أوحى الله إلى نبيه (ص)سورة محكمة فيها ذكر القتال والمراد فرض الجهاد يرى المسلم الذين فى قلوبهم مرض ينظرون إليه نظر المغشى عليه من الموت والواجب هو الطاعة والقول المعروف حتى يكون الأمر خيرا لهم وفى هذا قال تعالى بسورة محمد "ويقول الذين أمنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين فى قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشى عليه من الموت فأولى لهم طاعة وقول معروف
-انقسام المسلمين فى المنافقين :
انقسم المسلمون فى أمر المنافقين فريقين :
1-يعاديهم ويريد أن يقضى عليهم كما أمر الله بذلك فى وحيه 2- يواليهم ويدعوهم للعودة للهدى وقد انخدع بإعلانهم المستمر إسلامهم بالحلفانات وغيرها من وسائل الخداع وقد بين الله للفريق الثانى أنه مخطىء إذا كان يريد أن يهديهم بعد أن ضلوا الطريق ومن يضل الطريق فلن يعيده أحد إليه وفى هذا قال بسورة النساء "فما لكم فى المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا "وقد بين الله للمسلمين أن المنافقين أحبوا أن يكفر المسلمون فيصبح الكل متساوين فى الكفر وأن الواجب على المسلمين تجاه المنافقين هو عدم موالاتهم حتى يهاجروا والمراد حتى يعودوا لدين الله وقتلهم فى أى مكان يوجدون فيه واتخاذ المنافقين أنصار وأولياء الذين يقومون بالوساطة والإتصال بين المسلمين والأقوام المعاهدة والذين لا يقاتلون المسلمين أو غيرهم معلنين إسلامهم مرة أخرى وفى هذا قال تعالى بسورة النساء "ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا فى سبيل الله فإن تولوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أو جاءوكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا "
-ولاية المنافقين للكافرين :
بين الله لنا أن المنافقين يجعلون الذين كفروا أولياء أى أنصار لهم من دون المسلمين والسبب ابتغاء العزة عندهم والمراد استمداد القوة بالتحالف معهم وفى هذا قال تعالى بسورة النساء "بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة "وقد بين الله لنا أن الكفار إذا نالوا شيئا من المسلمين فى القتال قال المنافقون لهم ألم نستحوذ عليكم ونحميكم من المسلمين وفى هذا قال بنفس السورة "وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين".
-صفات المنافقين :
بين الله للمسلمين أن من صفات المنافقين التالى :
أ-التربص وهو انتظار المشاركة فى الغنيمة فإذا كان المسلمون المنتصرون قالوا لهم ألم نكن أى نحارب معكم ؟ وذلك حتى يأخذوا منهم بعضا من الغنيمة وإذا كان الكفار المنتصرون قالوا لهم ألم نستحوذ عليكم ونحميكم من المسلمين ؟وذلك حتى يأخذوا بعض الغنيمة وفى هذا قال تعالى بسورة النساء "الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين ".
ب-الخداع حيث يؤدون الصلاة وهى الطاعة للإسلام وهم متباطئون والسبب مراءة الناس وهو إرضاء الناس وهم لا يذكرون الله إلا قليلا وفى هذا قال تعالى بنفس السورة "إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا ".
ت-الذبذبة فهم لا ينتمون للمسلمين ولا ينتمون للكافرين وإنما هم حالة وسط فهم فريق مستقل وفى هذا قال تعالى بنفس السورة "مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ".
ث- الاستهزاء بوحى الله حيث كانوا إذا نزلت سورة من القرآن قال بعضهم أيكم زادته هذه إيمانا أى أيكم أبقت هذه تصديقه بالوحى وهم يقصدون قطعا السخرية من الوحى الذى لا يؤمنون به وفى هذا قال تعالى بسورة التوبة "وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا ".
-مسارعة المنافقين فى أهل الكتاب :
إن الذين فى قلوبهم مرض وهم أهل النفاق يسارعون أى يتسابقون لموالاة ومناصرة أهل الكتاب ويقولون فى سبب هذا :نخشى أن تصيبنا دائرة والمراد نخاف أن تحدث لنا مصيبة مؤذية وفى هذا قال تعالى بسورة المائدة "فترى الذين فى قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة "ويقول المسلمون لأهل الكتاب فى المنافقين :أهؤلاء الذين حلفوا بالله قدر ما استطاعوا إنهم لمنكم ؟حبطت أعمالهم فأصبحوا هالكين وفى هذا قال تعالى بنفس السورة "ويقول الذين أمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد ايمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين ".
-استئذان المنافقين فى القعود عن الجهاد :
لما دق نفير الجهاد جاء المنافقون للنبى (ص)وقالوا :اسمح لنا بالقعود عن الخروج للجهاد لأننا لا نستطيع الخروج لأسباب قاهرة ،وصدق النبى (ص)الحديث وأذن لهم بالقعود عن الجهاد فنزل الوحى معاتبا له غافرا له ذنب الإذن للمنافقين بالقعود عن الجهاد مبينا له أن الخروج للجهاد هو الأمر الذى سيبين له من يصدقه ممن يكذبه وفى هذا قال بسورة التوبة "عفا الله عنك لما اذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين "وقد بين له أن المؤمنين لا يطلبون الإذن للجهاد والمكذبين يطلبونه فقال بنفس السورة "لا يستئذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الأخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والله عليم بالمتقين إنما يستئذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الأخر "وكان بعض المنافقين يذهب للنبى (ص)فيقول ائذن أى اسمح لى بالقعود ولا تختبرنى وفى هذا قال "ومنهم من يقول ائذن لى ولا تفتنى "وقد بين الله لنبيه (ص)أنه سيعود لمكانه بعض من المنافقين وسيطلبون منه الإذن بالخروج للجهاد وطلب منه أن يقول لهم :لن تذهبوا معى أبدا ولن تحاربوا معى عدوا إنكم قبلتم بالقعود أول مرة فابقوا مع المتخلفين عن الجهاد وفى هذا قال "فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستئذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معى أبدا ولن تقاتلوا معى عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين"وبين لنبيه (ص)أن المنافقين إذا نزلت سورة تطلب الإيمان بالله والجهاد مع نبيه (ص)أتاه أهل الطول والمراد الغنى منهم وقالوا دعنا مع القاعدين وفى هذا قال "وإذا أنزلت سورة أن أمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استئذنك أولوا الطول منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين "وقد بين للمسلمين أن السبيل وهو العقاب إنما هو للذين استئذنوا وهم أغنياء رضوا أن يكونوا من المتخلفين عن الجهاد وفى هذا قال "إنما السبيل على الذين يستئذنونك وهم أغنياء رضوا أن يكونوا مع الخوالف " .
-ابتغاء المنافقين للفتنة :
بين الله للمسلمين أن المنافقين لو ذهبوا معهم للقتال فإن الحادث هو إصابة المسلمين بالخبال وهو الفشل وإحداث الفرقة بينهم بسبب ابتغاء المنافقين للفتنة وهى الوقيعة وسبب حدوثها هو استماع البعض لكلامهم وفى هذا قال تعالى بسورة التوبة "لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم "ووضح الله لنبيه (ص)أن المنافقون قد طلبوا الفتنة وهى الوقيعة بين المسلمين قبل ذلك فقاموا بقلب الأمور وهو إخفاء الحقائق التى أظهرها الله ومنع الفتنة من الحدوث الوخيم لها وفى هذا قال تعالى بنفس السورة "لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون "وقد بين الله لنا أن المنافقون كان لهم فى كل عام فتنة أو اثنتين يقومون بهم ومع هذا لم يتوبوا من هذه الفتن وفى هذا قال بنفس السورة "أولا يرون أنهم فى كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون ".
-اتهامات المنافقين للنبى (ص):
اتهم المنافقون النبى (ص)بالظلم فى توزيع الصدقات والسبب هو أنهم كانوا يريدون بعض من الصدقات ولذا كانوا يتوقفون عن الإتهام إذا أخذوا من الصدقات ويغضبون ويكيلون الإتهام للنبى (ص)إذا لم يأخذوا وفى هذا قال تعالى بسورة التوبة "ومنهم من يلمزك فى الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون "وقد حرص المنافقون على إيذاء النبى(ص)بأقوالهم عنه مثل هو أذن والمراد ألعوبة يسمع كلام الكل وفى هذا قال تعالى "ومنهم الذين يؤذون النبى ويقولون هو أذن"وقد طلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم سماعة أحسن لكم يصدق بالله ويصدق المؤمنين ورحمة للذين أمنوا منكم وفى هذا قال بنفس الآية "قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين أمنوا منكم "ولما وجد القوم الإتهامات القولية لا تجدى لجأوا لأسلوب أخر هو العمل ومنه اختراع حديث الإفك وقالوا لبعضهم :لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا والمراد لا تعطوا المؤمنين مالا حتى يتركوا طاعة محمد وفى هذا قال بسورة المنافقون "هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ".
-تحذير المنافقين من نزول الوحى فيهم :
أصدر الله للمنافقين تحذيرا يطلب منهم الكف عن أعمال الكفر وقد خاف المنافقون أى حذروا من أن تنزل فيهم سورة من الوحى أساسها الإخبار بما فى قلوبهم من الشر وقد طلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم :اسخروا إن الله مظهر الذى تخفون وفى هذا قال بسورة التوبة "يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما فى قلوبهم قل استهزءوا إن الله مخرج ما تحذرون "وبين له أنه إذا سألهم عن السخرية سيكون ردهم هو :إنما كنا نخوض ونلهو ولذا فالواجب أن يقول لهم :أبالله وآياته ونبيه كنتم تسخرون وقد حدث كل هذا وفى هذا قال "ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون "وقد حاول المنافقون الإعتذار للمسلمين فطلب الله منهم ألا يعتذروا وبين لهم السبب فى هذا الطلب وهو أنهم كفروا بعد إسلامهم ومن ثم فاعتذارهم غير مقبول وأخبرهم أنه إذا عفا عن التائبين فإنه سيعذب الذين لم يتوبوا لكونهم مجرمين وفى هذا قال "لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين "وقد نفذ الله التحذير فأنزل فى المنافقين سورة فلما سمعها المنافقون تبادلوا النظرات وهم مع المسلمين وكان معنى النظرة هل يراكم من أحد أى هل يعرفكم أحد ؟ثم تسللوا واحد وراء الأخر وانصرفوا من المكان وفى هذا قال "وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون ".
-حلف المنافقين الكاذب :
استخدم المنافقون الحلف كثيرا فى تعاملهم مع النبى (ص)والمؤمنين ومن هذا أنهم أقسموا بالله إنهم لمن المسلمين وما هم من المسلمين وفى هذا قال بسورة التوبة "ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم " وبين لنا سبب حلفهم بالله وهو إرضاء المسلمين وليس إرضاء الله ونبيه (ص) وهو الواجب عليهم إن كانوا مصدقين بحكمهم وفى هذا قال "يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين "وقد حلف المنافقون على أنهم لم يقولوا كلمة الكفر وأقسموا على ذلك بالله وهم قد قالوا كلمة الكفر فكانت النتيجة أن كفروا بعد إسلامهم وأرادوا أن يأخذوا ما لم يأخذوا وسبب نقمتهم وهو كفرهم هو أن الله ورسوله (ص)أغناهم من فضله وبين الله أنهم إذا تابوا فهذا خير لهم وأما إذا لم يتوبوا فالعذاب فى انتظارهم فى كل من الدنيا والأخرة وفى هذا قال "يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما فى الدنيا والأخرة "وبين لنا أن بعض المنافقين عاهد الله على أن يصدق ويكون من الصالحين إذا أعطاه الله من رزقه وفى هذا قال "ومنهم من عاهد الله لئن أتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين "فلما حدث ما يحب حيث أعطاه الله الرزق الوفير كان رد فعله هو البخل والتولى فكانت نتيجة هذا أن الله أدخل فى قلوبهم النفاق إلى أن يموتوا والسبب إخلافهم وعدهم مع الله أى كذبهم وفى هذا قال "فلما أتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون فأعقبهم نفاقا فى قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون "وقد عمل المنافقون على لمز أى عيب المتطوعين بالصدقات من المسلمين كما استهزءوا وسخروا من المسلمين الذين لا يجدون شىء يقدمونه سوى جهدهم أى عملهم وفى هذا قال "الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين فى الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم "وبين الله للمسلمين أن المنافقين سيحلفون بالله لهم إذا عادوا إليهم والسبب أن يعرضوا عنهم ويتركوهم وقد طلب الله من المسلمين الإعراض عنهم لأنهم رجس ومسكنهم النار وفى هذا قال "سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس ومأواهم جهنم ".
-الاستغفار للمنافقين :
بين الله لنبيه (ص)أن استغفاره للمنافقين وعدم استغفاره لهم سيان فى النتيجة الحادثة حتى لو استغفر لهم أكبر عدد من المرات والنتيجة هى أن الله لن يغفر لهم والسبب كفرهم بالله ونبيه (ص)وفى هذا قال بسورة التوبة "استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله "وقد نصحهم المسلمون فقالوا :تعالوا يستغفر لكم نبى الله ،فما كان منهم إلا أن رفضوا واستكبروا ولذا كرر الله لنبيه (ص)أنه لن يغفر لهم سواء استغفر لهم أو لم يستغفر لهم وفى هذا قال بسورة المنافقون "وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رءوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون سواء عليهم استغفرت لهم أو لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم ".
-فرح المخلفين بالقعود :
كانت حال المتخلفين عن الجهاد هى الفرح وكان سبب فرحهم هو قعودهم بعيدا عن ميدان القتال حيث الخطر الممثل فى الموت فى نظرهم وهم قد بغضوا الجهاد فى سبيل الله بكل من النفس والمال وقد قالوا لبعضهم :لا تخرجوا فى الحر فطلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم :قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفهمون وفى هذا قال تعالى بسورة التوبة "فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله وقالوا لا تنفروا فى الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون "وكان المنافقون يقولون عن المسلمين :غر هؤلاء دينهم أى خدع هؤلاء حكمهم وفى هذا قال بسورة الأنفال "إذ يقول المنافقون والذين فى قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ".
-استئذان المنافقين للخروج والقعود :
لأمر ما من الله عاد النبى (ص)لمكان وجود طائفة من المنافقين فلما وجدوه بينهم طلبوا منه السماح لهم بالذهاب للقتال معه فقال لهم ما قال الله له:لن تذهبوا معى أبدا ولن تحاربوا معى كارها إنكم رضيتم بالتخلف أول مرة فاقعدوا مع المتخلفين وفى هذا قال بسورة التوبة "فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستئذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معى أبدا ولن تقاتلوا معى عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين "ولما نزلت على النبى سورة من القرآن فيها أن أمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله وبلغت مسامع المنافقين فكان موقفهم هو مجىء أولى الطول وهو الغنى للنبى (ص)فطلبوا منه الإذن بالقعود عن الجهاد فقالوا اتركنا نكن مع القاعدين وفى هذا قال تعالى "وإذا أنزلت سورة أن أمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استئذنك أولوا الطول منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين "ولقد رضى الأغنياء أن يكونوا مع الخوالف الذين خالفوا أمر الله ونبيه (ص)وفى هذا قال "رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون " .
-اعتذار المنافقين عن القعود :
لما رجع المسلمون من القتال سالمين أسرع المنافقون لهم مقدمين لهم الإعتذار وهو التبرير للظروف القاهرة ولذا طلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم :لا تعتذروا أى لا تقدموا لنا أسبابكم ،لن نصدق بأقوالكم قد أخبرنا الله من أفعالكم التى أخفيتموها وسيرى الله ونبيه (ص)عملكم وبعد ذلك تعودون لعالم الغيب والشهادة فيخبركم بما كنتم تفعلون وفى هذا قال بسورة التوبة "يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من أخباركم وسيرى الله عملكم ورسوله ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون "وقد حلف المنافقون بالله للمسلمين لما عادوا للمدينة حتى يعرضوا عنهم ويتركوهم فطلب الله منهم أن يتركوهم لكونهم رجس مأواه جهنم بسبب ما عمل فى دنياه وفى هذا قال "سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس ومأواه جهنم بما كانوا يكسبون "وسبب حلف المنافقين هو أن يرضى المسلمون عنهم وقد بين الله للمسلمين أن الله لن يرضى عن المنافقين حتى ولو رضوا هم عنهم وفى هذا قال "يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين".
-مسجد الضرار والمنافقين :
بنى المنافقون مسجد وكان المنافقون قد اتخذوا المسجد لأسباب عدة هى الضرار أى الكفر والتفريق والمراد إحداث الفرقة بين المسلمين وجمع المحاربين لله ونبيه(ص)فيه للتآمر وقد حلف المنافقون بالله للمسلمين على أن نيتهم سليمة فقالوا :إن أردنا إلا الحسنى ،والله يعرف أنهم كاذبون وفى هذا قال بسورة التوبة "والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد أنهم لكاذبون " وقد طلب الله من نبيه (ص) ألا يقيم فى هذا المسجد صلاة ما دام قائما فى أيدى المنافقين وفى هذا قال "لا تقم فيه أبدا "وقد بين الله لنا أن هذا البنيان وهو المسجد ما زال فى قلوبهم ريبة والمراد خيبة وفشل حتى يموتوا وفى هذا قال "لا يزال بنيانهم الذى بنوا ريبة فى قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم "
-تسلل المنافقين :
فى إطار استعداد المسلمين للقتال دخل معهم معسكرهم بعض المنافقين بدعوى الجهاد وقد قام هذا البعض بالتسلل من المعسكر وهو الهرب من أماكن القتال لواذا أى إحتماء من الأخطار فى ظنهم وذلك بالعودة للديار وقد حذرهم الله بأنه سيصيبهم الفتنة أو العذاب الأليم وفى هذا قال بسورة النور "قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ".
-موقف المنافقين بغزوة الأحزاب :
لما وجد المنافقون قوة أهل الأحزاب ولما عاينوا زلزلة المسلمين الزلزال الشديد بسبب هذه القوة قالوا هازئين من المسلمين :ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا أى ما أخبرنا الله ونبيه (ص)إلا كذبا وسرابا وفى هذا قال تعالى بسورة الأحزاب "وإذ يقول المنافقون والذين فى قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا "وقالت جماعة منهم :يا أهل يثرب لا بقاء لكم فعودوا لبيوتكم دون قتال وذهبت جماعة أخرى للنبى (ص)طالبة الإذن بالذهاب للبيوت لحراستها فقالوا :إن مساكننا ثغرة ينفذ منها العدو فاسمح لنا بالدفاع عنها وما كانت هذه البيوت ثغرة لنفاذ العدو ولكن الجماعة قالت ذلك لتهرب وتفر من القتال وفى هذا قال "وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستئذن فريق منهم النبى يقولون إن بيوتنا عورة وما هى بعورة إن يريدون إلا فرارا "وقد طلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم :لن يفيدكم الهروب إن هربتم من الموت أو القتل وإذا لا تبقون إلا وقتا قصيرا وفى هذا قال "قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا "كما طلب منه أن يقول لهم :من ذا الذى يمنعكم من أمر الله إن أراد بكم ضررا أو أراد بكم نفعا ؟وقد فعل النبى (ص)ما أمره به وفى هذا قال "من ذا الذى يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة " وقد قال بعض المنافقين لبعض :هلم إلينا والمراد تعالوا معنا فى ديارنا وفى هذا قال "قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا "والمنافقون كانوا بخلاء على المسلمين فإذا أتى الخوف شاهدهم المسلم ينظرون له وأعينهم تدور فى كل إتجاه كالذى يغشى عليه من الموت وإذا ذهب أمر الخوف شتموا المسلمين وسبوهم بألسنة طويلة حادة ولا يفعلون الخير لهم وفى هذا قال "أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذى يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير "وقد كان المنافقون يظنون الأحزاب لم يذهبوا ويتركوا القتال وإذا أتت الأحزاب أحبوا لو أنهم كانوا مع الأعراب فى البادية يسألون عن أخبار المسلمين وفى هذا قال "يحسبون الأحزاب لم يذهبوا وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بادون فى الأعراب يسألون عن أنبائكم " .
-خروج المنافقين من بيت النبى (ص):
كان المنافقون يذهبون لبيت النبى (ص)ويجلسون مع المسلمين مستمعين لكلامه حتى إذا خرجوا من البيت قالوا للذين أوتوا العلم وهم المسلمون :ماذا قال آنفا ؟أى ماذا كان يقول ونحن معه وفى هذا قال تعالى بسورة محمد "ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا "وكانوا يقولون للنبى (ص)فى مجلسه :سمعا وطاعة وإذا تركوا مجلسه غيرت طائفة منهم نيتهم فبدل الطاعة بيتوا العصيان وفى هذا قال بسورة النساء "ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذى تقول والله يكتب ما يبيتون ".
-تحالف المنافقين وأهل الكتاب :
تحالف القومين على نصر بعضهم لبعض فقال المنافقون للكتابيين :لئن طردتم لنذهبن معكم ولا نطيع فيكم أحدا دوما وإن حوربتم لننصرنكم وفى هذا قال بسورة الحشر "ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون "وقطعا لم يحدث شىء فلم يخرجوا معهم ولم ينصروهم فى القتال وقد قال المنافقون للذين كرهوا ما نزل الله من الوحى :سنطيعكم فى بعض الأمر وفى هذا قال تعالى بسورة محمد"ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم فى بعض الأمر والله يعلم إسرارهم ".
- المنافقون وصلاة الجمعة :
كان المنافقون إذا أذن للصلاة من يوم الجمعة جلسوا فى المسجد مراءة للمسلمين فإذا جاء وقت الصلاة وحدث أحد أمرين الأول التجارة وهى البضائع والثانى اللهو وهو المسليات والمفرحات ترك المنافقون رسول الله(ص)واقفا يخطب خطبته وذهبوا لمتابعة التجارة أو اللهو فطلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم ما عند الله أحسن من اللهو ومن التجارة والله أحسن الرازقين وفى هذا قال تعالى بسورة الجمعة "وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين "
-المنافقون والعودة للمدينة :
لما خرج المنافقين مع المسلمين للحرب مرة قال بعضهم لبعض المسلمين :لئن عدنا للمدينة ليطردن الأعز منها المهان وفى هذا قال تعالى بسورة المنافقون "يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون ".
-قتال المنافقين :
طلب الله من نبيه (ص) الحذر من المنافقين لأنهم أعداء للمسلمين وفى هذا قال بسورة المنافقون "هم العدو فاحذرهم "كما طلب منه أن يجاهد أى يقاتل المنافقين مع الكافرين وأن يشتد عليهم فى القتال وفى هذا قال بسورة التوبة "يا أيها النبى جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم "