نقد كتاب عدم سهو النبي(ص)
المؤلف الشيخ المفيد والكتاب يدور حول نفى سهو النبى(ص) من خلال تضعيف حديث ذو الشمالين أو ذو اليدين والمفيد ألف الكتاب ردا على كلام قاله فقيه أخر نقله فى رسالة أحدهم له فى المسألة فقال :
"وبعد فقد وقفت أيها الأخ وفقك الله لمياسير الأمور ووقانا واياك المحذور على ما كتبت به في معنى ما وجدته لبعض مشايخك
بسنده إلى الحسن بن محبوب عن الرباطي عن سعيد الأعرج عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (ص) فيما يضاف إلى النبي(ص)من السهو في الصلاة والنوم عنها حتى خرج وقتها. فإن الشيخ الذي ذكرته زعم أن الغلاة تنكر ذلك وتقول لو جاز
أن يسهو في الصلاة لجاز أن يسهو في التبليغ لأن الصلاة عليه فريضة كما أن التبليغ عليه فريضة.
فرد هذا القول بأن قال لا يلزمنا ذلك من قبل أن جميع الأحوال المشتركة يقع على النبي(ص) ما يقع على غيره منها وهو متعبد بالصلاة كغيره من أمته وليس من سواه بنبي والحالة التي اختص بها هي النبوة والتبليغ من شرائطها فلا يجوز أن يقع عليه في التبليغ سهو والصلاة عبادة مشتركة وبهذا تثبت له العبودية على زعمه وبإثبات النوم عن خدمة ربه عز اسمه من غير إرادة له وقصد إليه نفي الربوبية عنه بأن الذي لا تأخذه سنة ولا نوم هو الله الحي القيوم وقال سهو النبي(ص) ليس كسهونا لأن سهوه من الله وانما أسهاه ليعلم أنه مخلوق بشر لا يتخذ ربا معبودا من دونه وليعلم الناس بسهوه حكم السهو متى سهوا. قال وسهونا هو من الشيطان وليس للشيطان على النبي(ص) والأئمة سلطان إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون وعلى من تبعه من الغاوين. "
وتحدث الناقل عن أن النافين لسهو النبى (ص) نفوا وجود صحابى يسمى ذو الشمالين أو اليدين مع ثبات وجود فى كتب الروايات فقال :
"قال والدافعون لسهو النبي(ص) دعواهم أنه لم يك من الصحابة من يقال له ذو اليدين دعوى باطلة لأن الرجل معروف وهو ابو محمد عمير بن عبد عمرو المعروف بذي اليدين فقد نقل عنه المخالف والمؤالف"
وتحدث الناقل عن أنه سيرد على من نفوا وجود ذو اليدين ووجود السهو فقال :
"قال وقد أخرجت عنه أخبارا في كتاب وصف قتال القاسطين بصفين ولو جاز رد الأخبار الواردة في هذا المعنى لجاز رد جميع الأخبار وفي ردها إبطال الدين والشريعة وسألت أعزك الله بطاعته أن أثبت لك ما عندي فيما حكيته عن هذا الرجل وابين عن الحق في معناه وانا مجيبك إلى ذلك والله الموفق للصواب"
وتحدث المفيد عن أن حديث السهو المذكور عن ذو اليدين هو حديث أحاد لا يوجب العمل به فقال :
" اعلم أن الذي حكيت عنه ما حكيت مما قد أثبتناه قد تكلف ما ليس من شأنه فأبدى بذلك عن نقصه في العلم وعجزه ولو كان ممن وفق لرشده لما تعرض لما لا يحسنه ولا هو من صناعته ولا يهتدي إلى معرفة طريقه لكن الهوى مود لصاحبه نعوذ بالله من سلب التو فيق ونسأله العصمة من الضلال ونستهديه في سلوك منهج الحق وواضح الطريق بمنه. الحديث الذي روته الناصبة والمقلدة من الشيعة أن النبي(ص)سها في صلاته فسلم في ركعتين ناسيا فلما نبه على غلطه فيما صنع أضاف إليها ركعتين ثم سجد سجدتي السهو من أخبار الآحاد التي لا تثمر علما ولا توجب عملا "
وتحدث عن أن أحاديث الآحاد هى أحاديث ظنية لا تثبت شىء وقد أمر الله بالبعد عن الظن فقال :
"ومن عمل على شيء منها فعلى الظن يعتمد في عمله بها دون اليقين وقد نهى الله تعالى عن العمل على الظن في الدين وحذر من القول فيه بغير علم ويقين. فقال وان تقولوا على الله ما لا تعلمون . وقال إلا من شهد بالحق وهم يعلمون " وقال "ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلا "
وقال وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغني من الحق شيئا . وقال إن يتبعون إلا الظن وان هم إلا يخرصون ومن أمثال ذلك في القرآن مما يتضمن الوعيد على القول في دين الله بغير علم والذم والتهديد لمن عمل فيه بالظن واللوم له على ذلك والخبر عنه بأنه مخالف الحق فيما استعمله في الشرع والدين"
ومع أن المفيد أثبت وجود ذو اليدين فإنه نفى حديث السهو فقال :
"واذا كان الخبر بأن النبي(ص)سها من أخبار الآحاد التي من عمل عليها كان بالظن عاملا حرم الاعتقاد بصحته ولم يجز القطع به و وجب العدول عنه إلى ما يقتضيه اليقين من كماله (ص)وعصمته وحراسة الله تعالى له من الخطأ في عمله والتوفيق له فيما قال وعمل به من شريعته و في هذا القدر كفاية في إبطال مذهب من حكم على النبي(ص) (ص)بالسهو في صلاته وبيان غلطه فيما تعلق به من الشبهات في ضلالته "
إذا المفيد هو من أنصار نفى السهو عن النبى(ص) مثله مثل الرجل الذى يرد على أقواله وهو حديث يتناقض مع إثبات القرآن سهو وهو نسيان الرسل(ص) كما فى قوله تعالى فى محمد(ص):
" واذكر ربك إذا نسيت"
وأثبت موسى(ص) نسيانه فقال للعبد الصالح(ص):
" لا تؤاخذنى بما نسيت"
وكرر الله نسيان النبى(ص) كما قال البعض فى تفسير فوله تعالى :
" سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله"
ومن ثم لا مجال لنفى سهو الرسل(ص) لكونهم بشر يجوز عليهم ما يجوز على البشر وقد أثبتوا بشريتهم فقالوا:
"إم نحن إلا بشر مثلكم"
وقال محمد(ص):
" قل إنما أنا بشر مثلكم"
وفى الفصل الأول ذكر المفيد اختلاف الروايات فى الصلاة التى سها عنها فمرة الظهر ومرة العشاء وفى هذا قال :
"فصل [1] :
على أنهم قد اختلفوا في الصلاة التي زعموا أنه (ص)سها فيها فقال بعضهم هي الظهر وقال بعض آخر منهم بل كانت عشاء الآخرة. واختلافهم في الصلاة ووقتها دليل على وهن الحديث وحجة في سقوطه و وجوب ترك العمل به واطراحه. على أن في الخبر نفسه ما يدل على اختلاقه وهو ما رووه من أن ذا اليدين قال للنبي (ص)لما سلم في الركعتين الأولتين من الصلاة الرباعية أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت فقال على ما زعموا كل ذلك لم يكن
فنفى (ص) أن تكون الصلاة قصرت ونفى أن يكون قد سها فيها فليس يجوز عندنا وعند الحشوية المجيزين عليه السهو ان يكذب النبي(ص) (ص)متعمدا ولا ساهيا واذا كان قد أخبر أنه لم يسه وكان صادقا في خبره فقد ثبت كذب من أضاف إليه السهو و وضح بطلان دعواه في ذلك بلا ارتياب ."
وفى الفصل الثانى اعتبر أن رد الرسول(ص) فى الرواية هو اتهام له بالكذب والكذب لا يجوز عليه وهو ما دافع عنه فى فقال :
"فصل [2] :
وقد تأول بعضهم ما حكوه عنه من قوله كل ذلك لم يكن على ما يخرجه عن الكذب مع سهوه في الصلاة بأن قالوا إنه (ص)نفى أن يكون وقع الأمران معا يريد أنه لم يجتمع قصر الصلاة والسهو بل حصل أحدهما ووقع وهذا باطل من وجهين أحدهما أنه لو كان أراد ذلك لم يكن جوابا عن السؤال والجواب عن غير السؤال لغو لا يجوز وقوعه من النبي(ص) والثاني أنه لو كان كما ادعوه لكان (ص)ذاكرا به على غير اشتباه في معناه لأنه قد أحاط علما بأن أحد الشيئين كان دون صاحبه ولو كان كذلك لارتفع السهو الذي ادعوه و كانت دعواهم له باطلة بلا ارتياب ولم يكن أيضا مع تحقيقه وجود أحد الأمرين معنى لمسألته حين سأل عن قول ذي اليدين هل هو على ما قال أو على غير ما قال لأن هذا السؤال يدل على اشتباه الأمر عليه فيما ادعاه ذو اليدين ولا يصح وقوع مثله من متيقن لما كان في الحال"
والحقيقة أن الناسى عندما ينفى نسيانه فهو لا يكذب لأن الناسى أساسا لا يتذكر ومن ثم فنفيه عدم النسيان ليس كذب وإنما هو بناء على النسيان الذى لا يؤاخذ الله عليه كما قال تعالى :
" ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا"
وتحدث عن اختلاف الفقهاء فى المعمول بعد السهو فقال :
فصل [3] :
ومما يدل على بطلان الحديث أيضا اختلافهم في جبران الصلاة التي ادعوا السهو فيها والبناء على ما مضى منها أو الإعادة لها فأهل العراق يقولون إنه أعاد الصلاة لأنه تكلم فيها والكلام في الصلاة يوجب الإعادة عندهم واهل الحجاز ومن مال إلى قولهم يزعمون أنه بنى على ما مضى ولم يعد شيئا قد تقضى وسجد لسهوه سجدتين ومن تعلق بهذا الحديث من الشيعة يذهب فيه إلى مذهب أهل العراق لأنه متضمن كلام النبي(ص)في الصلاة عمدا والتفاته عن القبلة إلى من خلفه وسؤاله عن حقيقة ما جرى ولا يختلف فقهاؤهم في أن ذلك يوجب الإعادة والحديث يتضمن أن النبي(ص) (ص)بنى على ما مضى ولم يعد وهذا الاختلاف الذي ذكرناه في هذا الحديث أدل دليل على بطلانه واوضح حجة في وضعه واختلاقه ."
والاختلاف المذكور فى رأى المفيد يثبت كذب الحديث
وفى الفصل الرابه ذكر رواية ثالثة عن أن السهو كان فى صلاة الفجر وأنه ذكر فيها الغرانيق فقال :
"فصل [4] :
على أن الرواية له من طريقي الخاصة والعامة كالرواية من الطريقين معا أن النبي(ص)سها في صلاة الفجر و كان قد قرأ في الأولة منهما سورة النجم حتى انتهى إلى قوله أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى فألقى الشيطان على لسانه تلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى ثم تنبه على سهوه فخر ساجدا فسجد المسلمون و كان سجودهم اقتداء به واما المشركون فكان سجودهم سرورا بدخوله معهم في دينهم قالوا و في ذلك أنزل الله تعالى وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته يعنون في قراءته واستشهدوا على ذلك ببيت من الشعر وهو
تمنى كتاب الله يتلوه قائما *** واصبح ضمانا وقد فاز قاريا"
وفى الفصل الخامس أدخل المفيد الأمور فى بعضها مع عدم وضوخ العلاقة بين السهو وبين ظن يونس(ص) وعشق داود لامرأة والعياذ بالله وهم يوسف(ص) فقال :
"فصل [5] :
وليس حديث سهو النبي(ص) في الصلاة أشهر في الفريقين من روايتهم أن يونس (ص)ظن أن الله تعالى يعجز عن الظفر به ولا يقدر على التضييق عليه وتأولوا قوله تعالى" فظن أن لن نقدر عليه "على ما رووه واعتقدوه فيه و في أكثر رواياتهم أن داود (ص)هوى امرأة أوريا بن حنان فاحتال في قتله ثم نقلها إليه و روايتهم أن يوسف بن يعقوب (ص)هم بالزناء وعزم عليه و غير ذلك من أمثاله ومن رواياتهم التشبيه لله تعالى بخلقه والتجوير له في حكمه.
فيجب على الشيخ الذي حكيت أيها الأخ عنه أن يدين الله بكل ما تضمنته هذه الروايات ليخرج بذلك عن الغلو على ما ادعاه فإن دان بها خرج عن التوحيد والشرع وان ردها ناقض في اعتلاله وان كان ممن لا يحسن المناقضة لضعف بصيرته والله نسأل التوفيق "
وظن يونس (ص) لا يمكن نفيه مع وجود الجملة" فظن أن لن نقدر عليه" وهم يوسف(ص) لا يمكن نفيه مع وجود الجملة" وهم بها" ,اما داود (ص) فحكاية المرأة ليست موجودة فى الوحى ومن ثم هى منفية تماما
والمفيد هنا يعتقد فى عصمة الرسل(ص) من الذنوب (ص) مع أن
القر’ن نفاها تماما بذكر بعذ نوبهم فكيف يمكن أن ننفى قوله تعالى " واستفقر لذنبك" ولا يمكن أن نكذب قواه " ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر " ولا يمكن نفى عصيان آدم(ص) " فعصى آدم ربه"ولا يمكن نفى ذنب موسى بالقتل " ولهم على ذنب "
وفى الفصل السادس حكى عن حديث أخر مماثل للسهو وهو نوم النبى(ص) هم صلاة الفجر فقال :
"فصل [6] :
والخبر المروي أيضا من نوم النبي(ص) (ص)عن صلاة الصبح من جنس الخبر عن سهوه في الصلاة وانه من أخبار الآحاد التي لا توجب علما ولا عملا ومن عمل عليه فعلى الظن يعتمد في ذلك دون اليقين وقد سلف قولنا في نظير ذلك بما يغني عن إعادته في هذا الباب مع أنه يتضمن خلاف ما عليه عصابة الحق لأنهم لا يختلفون في أنه من فاتته صلاة فريضة فعليه أن يقضيها أي وقت ذكرها من ليل أو نهار ما لم يكن الوقت مضيقا لصلاة فريضة حاضرة.
واذا حرم على الإنسان أن يؤدي فريضة قد دخل وقتها ليقضي فرضا قد فاته كان حظر النوافل عليه قبل قضاء ما فاته من الفرض أولى هذا مع الرواية عن النبي(ص) (ص)أنه قال لا صلاة لمن عليه صلاة .
يريد أنه لا نافلة لمن عليه فريضة "
وحكاية النوم عن الصلاة أمر عادى فالبشر يجوز لهم النوم أكثر من التعب ونفى نومه عن صلاة الصبح فى أول وقتها أمر عادى
الغريب أمن الرجل عاد واعترف أن النوم قد يغلب الرسل(ص) أحيانا فقال فى الفصل السابع:
"فصل [7] :
ولسنا ننكر بأن يغلب النوم الأنبياء (ص) في أوقات الصلوات حتى تخرج فيقضوها بعد ذلك وليس عليهم في ذلك عيب ولا نقص لأنه ليس ينفك بشر من غلبة النوم ولأن النائم لا عيب عليه. وليس كذلك السهو لأنه نقص عن الكمال في الإنسان وهو عيب يختص به من اعتراه وقد يكون من فعل الساهي تارة كما يكون من فعل غيره والنوم لا يكون إلا من فعل الله تعالى وليس من مقدور العباد على حال ولو كان من مقدورهم لم يتعلق به نقص وعيب لصاحبه لعمومه جميع البشر وليس كذلك السهو لأنه يمكن التحرز منه ولأنا وجدنا الحكماء يجتنبون أن يودعوا أموالهم واسرارهم ذوي السهو والنسيان ولا يمتنعون من إيداع ذلك من يغلبه النوم أحيانا كما لا يمتنعون من إيداعه من يعتريه الأمراض والأسقام. ووجدنا الفقهاء يطرحون ما يرويه ذوو السهو من الحديث إلا أن يشركهم فيه غيرهم من ذوي التيقظ والفطنة والذكاء والحصافة فعلم فرق ما بين السهو والنوم بما ذكرناه.
ولو جاز أن يسهو النبي(ص) (ص) في صلاته وهو قدوة فيها حتى يسلم قبل تمامها وينصرف عنها قبل كمالها ويشهد الناس ذلك فيه ويحيطوا به علما من جهته لجاز أن يسهو في الصيام حتى يأكل ويشرب نهارا في رمضان بين أصحابه وهم يشاهدونه ويستدركون عليه الغلط وينبهونه عليه بالتوقيف على ما جناه ولجاز أن يجامع النساء في شهر رمضان نهارا ولم يؤمن عليه السهو في مثل ذلك حتى يطأ المحرمات عليه من النساء وهوساه في ذلك ظان أنهم أزواجه ويتعدى من ذلك إلى وطي ذوات المحارم ساهيا. ويسهو في الزكاة فيؤخرها عن وقتها ويؤديها إلى غير أهلها ساهيا ويخرج منها بعض المستحق عليه ناسيا. ويسهو في الحج حتى يجامع في الإحرام ويسعى قبل الطواف ولا يحيط علما بكي فية رمي الجمار ويتعدى من ذلك إلى السهو في كل أعمال الشريعة حتى يقلبها عن حدودها ويضيعها في أوقاتها ويأتي بها على غير حقائقها ولم ينكر أن يسهو عن تحريم الخمر فيشربها ناسيا أو يظنها شرابا حلالا ثم يتيقظ بعد ذلك لما هي عليه من صفتها ولم ينكر أن يسهو فيما يخبر به عن نفسه وعن غيره ممن ليس بربه بعد أن يكون مغصوبا في الأداء. وتكون العلة في جواز ذلك كله أنها عبادة مشتركة بينه وبين أمته كما كانت الصلاة عبادة مشتركة بينهم حسب اعتلال الرجل الذي ذكرت أيها الأخ عنه ما ذكرت من اعتلاله ويكون أيضا ذلك لإعلام الخلق أنه مخلوق ليس بقديم معبود. وليكون حجة على الغلاة الذين اتخذوه ربا. وهذا أيضا سببا لتعليم الخلق أحكام السهو في جميع ما عددناه من الشريعة كما كان سببا في تعليم الخلق حكم السهو في الصلاة وهذا ما لا يذهب إليه مسلم ولا ملي ولا موحد ولا يجيزه على التقدير في النبوة ملحد وهو لازم لمن حكيت عنه ما حكيت فيما أفتى به من سهو النبي(ص) واعتل به و دال على ضعف عقله وسوء اختياره وفساد تخيله. وينبغي أن يكون كل من منع السهو على النبي(ص)في جميع ما عددناه من الشرع غاليا كما زعم المتهور في مقاله أن النافي عن النبي(ص) (ص)السهو غال خارج عن حد الاقتصاد و كفى بمن صار إلى هذا المقال خزيا"
والكلام السابق فى التفرقة بين نوم النبى (ص) وسهوه لا مسوغ لأن النوم ليس بسبب الإنسان وكذلك السهو وإنما هما من الله فى الإنسان لا ينام على هواه ولا ينسى على هواه وإنما هو يصاب بهما بقدرة الله
وكما سبق القول نفى النسيان وهو السهود هو تكذيب لقوله تعالى :
" واذكر ربك إذا نسيت"
والسهو كله من الله والشيطان لا يقدر على اسهاء الإنسان وقد تحدق المفيد هن الفرق بين السهو من الله والسهو من الشيطان فقال :
"فصل [8] :
ثم من العجب حكمه على أن سهو النبي(ص) من الله وسهو من سواه من أمته وكافة البشر من غيرهم من الشيطان بغير علم فيما ادعاه ولا حجة ولا شبهة يتعلق بها أحد من العقلاء اللهم إلا أن يدعي الوحي في ذلك ويبين به ضعف عقله لكافة الألباء ثم العجب من قوله أن سهو النبي(ص) من الله دون الشيطان لأنه ليس للشيطان على النبي(ص) سلطان وانما زعم أن سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون وعلى من اتبعه ثم هو يقول إن هذا السهو الذي من الشيطان يعم جميع البشر الأنبياء والأئمة فكلهم أولياء الشيطان وانهم غاوون إذ كان للشيطان عليهم سلطان و كان سهوهم منه دون الرحمن ومن لم يتيقظ لجهله في هذا الباب كان في عداد الأموات "
وتحدث المفيد عن أن ذو اليدين رجل مجهول فى الكتب فقال :
"فصل [9] :
فأما قول الرجل المذكور أن ذا اليدين معروف وانه يقال له أبو محمد عمير بن عبد عمرو وقد روى عنه الناس فليس الأمر كما ذكر وقد عرفه بما يدفع معرفته من تكنيته وتسميته بغير معروف بذلك ولوانه يعرف بذي اليدين لكان أولى من تعريفه بتسميته بعمير فإن المنكر له يقول من ذو اليدين ومن هو عمير ومن هو ابن عبد عمرو وهذا كله مجهول غير معروف ودعواه أنه قد روى الناس عنه دعوى لا برهان عليها وما وجدنا في أصول الفقهاء ولا الرواة حديثا عن هذا الرجل ولا ذكرا له. ولو كان معروفا كمعاذ بن جبل وعبد الله بن مسعود وابي هريرة وامثالهم لكان ما تفرد به غير معمول عليه لما ذكرناه من سقوط العمل بأخبار الآحاد فكيف وقد بينا أن الرجل مجهول غير معروف والخبر متناقض باطل بما لا شبهة فيه عند العقلاء. ومن العجب بعد هذا كله أن خبر ذي اليدين يتضمن أن النبي(ص)سها فلم يشعر بسهوه أحد من المصلين معه من بني هاشم والمهاجرين والأنصار ووجوه الصحابة وسراة الناس ولا فطن لذلك وعرفه إلا ذواليدين المجهول الذي لا يعرفه أحد ولعله من بعض الأعراب أو شعر القوم به فلم ينبهه أحد منهم على غلطه ولا رأى صلاح الدين والدنيا بذكر ذلك له إلا المجهول من الناس. ثم لم يستشهد على صحة قول ذي اليدين فيما خبره به من سهوه إلا أبا بكر وعمر فإنه سألهما عما ذكره ذو اليدين يعتمد قولهما فيه ولم يثق بغيرهما في ذلك ولا سكن إلى أحد سواهما في معناه وان شيعيا يعتمد على هذا الحديث في الحكم على النبي(ص)بالغلط والنقص وارتفاع العصمة عنه من العناد لناقص العقل ضعيف الرأي قريب إلى ذوي الآفات المسقطة عنهم التكليف."
ونفى وجود ذو اليدين أو عدم نفيه لا ينفى وقوع السهو وهو النسيان من النبى (ص)كما هو نص القرآن
المؤلف الشيخ المفيد والكتاب يدور حول نفى سهو النبى(ص) من خلال تضعيف حديث ذو الشمالين أو ذو اليدين والمفيد ألف الكتاب ردا على كلام قاله فقيه أخر نقله فى رسالة أحدهم له فى المسألة فقال :
"وبعد فقد وقفت أيها الأخ وفقك الله لمياسير الأمور ووقانا واياك المحذور على ما كتبت به في معنى ما وجدته لبعض مشايخك
بسنده إلى الحسن بن محبوب عن الرباطي عن سعيد الأعرج عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (ص) فيما يضاف إلى النبي(ص)من السهو في الصلاة والنوم عنها حتى خرج وقتها. فإن الشيخ الذي ذكرته زعم أن الغلاة تنكر ذلك وتقول لو جاز
أن يسهو في الصلاة لجاز أن يسهو في التبليغ لأن الصلاة عليه فريضة كما أن التبليغ عليه فريضة.
فرد هذا القول بأن قال لا يلزمنا ذلك من قبل أن جميع الأحوال المشتركة يقع على النبي(ص) ما يقع على غيره منها وهو متعبد بالصلاة كغيره من أمته وليس من سواه بنبي والحالة التي اختص بها هي النبوة والتبليغ من شرائطها فلا يجوز أن يقع عليه في التبليغ سهو والصلاة عبادة مشتركة وبهذا تثبت له العبودية على زعمه وبإثبات النوم عن خدمة ربه عز اسمه من غير إرادة له وقصد إليه نفي الربوبية عنه بأن الذي لا تأخذه سنة ولا نوم هو الله الحي القيوم وقال سهو النبي(ص) ليس كسهونا لأن سهوه من الله وانما أسهاه ليعلم أنه مخلوق بشر لا يتخذ ربا معبودا من دونه وليعلم الناس بسهوه حكم السهو متى سهوا. قال وسهونا هو من الشيطان وليس للشيطان على النبي(ص) والأئمة سلطان إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون وعلى من تبعه من الغاوين. "
وتحدث الناقل عن أن النافين لسهو النبى (ص) نفوا وجود صحابى يسمى ذو الشمالين أو اليدين مع ثبات وجود فى كتب الروايات فقال :
"قال والدافعون لسهو النبي(ص) دعواهم أنه لم يك من الصحابة من يقال له ذو اليدين دعوى باطلة لأن الرجل معروف وهو ابو محمد عمير بن عبد عمرو المعروف بذي اليدين فقد نقل عنه المخالف والمؤالف"
وتحدث الناقل عن أنه سيرد على من نفوا وجود ذو اليدين ووجود السهو فقال :
"قال وقد أخرجت عنه أخبارا في كتاب وصف قتال القاسطين بصفين ولو جاز رد الأخبار الواردة في هذا المعنى لجاز رد جميع الأخبار وفي ردها إبطال الدين والشريعة وسألت أعزك الله بطاعته أن أثبت لك ما عندي فيما حكيته عن هذا الرجل وابين عن الحق في معناه وانا مجيبك إلى ذلك والله الموفق للصواب"
وتحدث المفيد عن أن حديث السهو المذكور عن ذو اليدين هو حديث أحاد لا يوجب العمل به فقال :
" اعلم أن الذي حكيت عنه ما حكيت مما قد أثبتناه قد تكلف ما ليس من شأنه فأبدى بذلك عن نقصه في العلم وعجزه ولو كان ممن وفق لرشده لما تعرض لما لا يحسنه ولا هو من صناعته ولا يهتدي إلى معرفة طريقه لكن الهوى مود لصاحبه نعوذ بالله من سلب التو فيق ونسأله العصمة من الضلال ونستهديه في سلوك منهج الحق وواضح الطريق بمنه. الحديث الذي روته الناصبة والمقلدة من الشيعة أن النبي(ص)سها في صلاته فسلم في ركعتين ناسيا فلما نبه على غلطه فيما صنع أضاف إليها ركعتين ثم سجد سجدتي السهو من أخبار الآحاد التي لا تثمر علما ولا توجب عملا "
وتحدث عن أن أحاديث الآحاد هى أحاديث ظنية لا تثبت شىء وقد أمر الله بالبعد عن الظن فقال :
"ومن عمل على شيء منها فعلى الظن يعتمد في عمله بها دون اليقين وقد نهى الله تعالى عن العمل على الظن في الدين وحذر من القول فيه بغير علم ويقين. فقال وان تقولوا على الله ما لا تعلمون . وقال إلا من شهد بالحق وهم يعلمون " وقال "ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلا "
وقال وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغني من الحق شيئا . وقال إن يتبعون إلا الظن وان هم إلا يخرصون ومن أمثال ذلك في القرآن مما يتضمن الوعيد على القول في دين الله بغير علم والذم والتهديد لمن عمل فيه بالظن واللوم له على ذلك والخبر عنه بأنه مخالف الحق فيما استعمله في الشرع والدين"
ومع أن المفيد أثبت وجود ذو اليدين فإنه نفى حديث السهو فقال :
"واذا كان الخبر بأن النبي(ص)سها من أخبار الآحاد التي من عمل عليها كان بالظن عاملا حرم الاعتقاد بصحته ولم يجز القطع به و وجب العدول عنه إلى ما يقتضيه اليقين من كماله (ص)وعصمته وحراسة الله تعالى له من الخطأ في عمله والتوفيق له فيما قال وعمل به من شريعته و في هذا القدر كفاية في إبطال مذهب من حكم على النبي(ص) (ص)بالسهو في صلاته وبيان غلطه فيما تعلق به من الشبهات في ضلالته "
إذا المفيد هو من أنصار نفى السهو عن النبى(ص) مثله مثل الرجل الذى يرد على أقواله وهو حديث يتناقض مع إثبات القرآن سهو وهو نسيان الرسل(ص) كما فى قوله تعالى فى محمد(ص):
" واذكر ربك إذا نسيت"
وأثبت موسى(ص) نسيانه فقال للعبد الصالح(ص):
" لا تؤاخذنى بما نسيت"
وكرر الله نسيان النبى(ص) كما قال البعض فى تفسير فوله تعالى :
" سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله"
ومن ثم لا مجال لنفى سهو الرسل(ص) لكونهم بشر يجوز عليهم ما يجوز على البشر وقد أثبتوا بشريتهم فقالوا:
"إم نحن إلا بشر مثلكم"
وقال محمد(ص):
" قل إنما أنا بشر مثلكم"
وفى الفصل الأول ذكر المفيد اختلاف الروايات فى الصلاة التى سها عنها فمرة الظهر ومرة العشاء وفى هذا قال :
"فصل [1] :
على أنهم قد اختلفوا في الصلاة التي زعموا أنه (ص)سها فيها فقال بعضهم هي الظهر وقال بعض آخر منهم بل كانت عشاء الآخرة. واختلافهم في الصلاة ووقتها دليل على وهن الحديث وحجة في سقوطه و وجوب ترك العمل به واطراحه. على أن في الخبر نفسه ما يدل على اختلاقه وهو ما رووه من أن ذا اليدين قال للنبي (ص)لما سلم في الركعتين الأولتين من الصلاة الرباعية أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت فقال على ما زعموا كل ذلك لم يكن
فنفى (ص) أن تكون الصلاة قصرت ونفى أن يكون قد سها فيها فليس يجوز عندنا وعند الحشوية المجيزين عليه السهو ان يكذب النبي(ص) (ص)متعمدا ولا ساهيا واذا كان قد أخبر أنه لم يسه وكان صادقا في خبره فقد ثبت كذب من أضاف إليه السهو و وضح بطلان دعواه في ذلك بلا ارتياب ."
وفى الفصل الثانى اعتبر أن رد الرسول(ص) فى الرواية هو اتهام له بالكذب والكذب لا يجوز عليه وهو ما دافع عنه فى فقال :
"فصل [2] :
وقد تأول بعضهم ما حكوه عنه من قوله كل ذلك لم يكن على ما يخرجه عن الكذب مع سهوه في الصلاة بأن قالوا إنه (ص)نفى أن يكون وقع الأمران معا يريد أنه لم يجتمع قصر الصلاة والسهو بل حصل أحدهما ووقع وهذا باطل من وجهين أحدهما أنه لو كان أراد ذلك لم يكن جوابا عن السؤال والجواب عن غير السؤال لغو لا يجوز وقوعه من النبي(ص) والثاني أنه لو كان كما ادعوه لكان (ص)ذاكرا به على غير اشتباه في معناه لأنه قد أحاط علما بأن أحد الشيئين كان دون صاحبه ولو كان كذلك لارتفع السهو الذي ادعوه و كانت دعواهم له باطلة بلا ارتياب ولم يكن أيضا مع تحقيقه وجود أحد الأمرين معنى لمسألته حين سأل عن قول ذي اليدين هل هو على ما قال أو على غير ما قال لأن هذا السؤال يدل على اشتباه الأمر عليه فيما ادعاه ذو اليدين ولا يصح وقوع مثله من متيقن لما كان في الحال"
والحقيقة أن الناسى عندما ينفى نسيانه فهو لا يكذب لأن الناسى أساسا لا يتذكر ومن ثم فنفيه عدم النسيان ليس كذب وإنما هو بناء على النسيان الذى لا يؤاخذ الله عليه كما قال تعالى :
" ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا"
وتحدث عن اختلاف الفقهاء فى المعمول بعد السهو فقال :
فصل [3] :
ومما يدل على بطلان الحديث أيضا اختلافهم في جبران الصلاة التي ادعوا السهو فيها والبناء على ما مضى منها أو الإعادة لها فأهل العراق يقولون إنه أعاد الصلاة لأنه تكلم فيها والكلام في الصلاة يوجب الإعادة عندهم واهل الحجاز ومن مال إلى قولهم يزعمون أنه بنى على ما مضى ولم يعد شيئا قد تقضى وسجد لسهوه سجدتين ومن تعلق بهذا الحديث من الشيعة يذهب فيه إلى مذهب أهل العراق لأنه متضمن كلام النبي(ص)في الصلاة عمدا والتفاته عن القبلة إلى من خلفه وسؤاله عن حقيقة ما جرى ولا يختلف فقهاؤهم في أن ذلك يوجب الإعادة والحديث يتضمن أن النبي(ص) (ص)بنى على ما مضى ولم يعد وهذا الاختلاف الذي ذكرناه في هذا الحديث أدل دليل على بطلانه واوضح حجة في وضعه واختلاقه ."
والاختلاف المذكور فى رأى المفيد يثبت كذب الحديث
وفى الفصل الرابه ذكر رواية ثالثة عن أن السهو كان فى صلاة الفجر وأنه ذكر فيها الغرانيق فقال :
"فصل [4] :
على أن الرواية له من طريقي الخاصة والعامة كالرواية من الطريقين معا أن النبي(ص)سها في صلاة الفجر و كان قد قرأ في الأولة منهما سورة النجم حتى انتهى إلى قوله أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى فألقى الشيطان على لسانه تلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى ثم تنبه على سهوه فخر ساجدا فسجد المسلمون و كان سجودهم اقتداء به واما المشركون فكان سجودهم سرورا بدخوله معهم في دينهم قالوا و في ذلك أنزل الله تعالى وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته يعنون في قراءته واستشهدوا على ذلك ببيت من الشعر وهو
تمنى كتاب الله يتلوه قائما *** واصبح ضمانا وقد فاز قاريا"
وفى الفصل الخامس أدخل المفيد الأمور فى بعضها مع عدم وضوخ العلاقة بين السهو وبين ظن يونس(ص) وعشق داود لامرأة والعياذ بالله وهم يوسف(ص) فقال :
"فصل [5] :
وليس حديث سهو النبي(ص) في الصلاة أشهر في الفريقين من روايتهم أن يونس (ص)ظن أن الله تعالى يعجز عن الظفر به ولا يقدر على التضييق عليه وتأولوا قوله تعالى" فظن أن لن نقدر عليه "على ما رووه واعتقدوه فيه و في أكثر رواياتهم أن داود (ص)هوى امرأة أوريا بن حنان فاحتال في قتله ثم نقلها إليه و روايتهم أن يوسف بن يعقوب (ص)هم بالزناء وعزم عليه و غير ذلك من أمثاله ومن رواياتهم التشبيه لله تعالى بخلقه والتجوير له في حكمه.
فيجب على الشيخ الذي حكيت أيها الأخ عنه أن يدين الله بكل ما تضمنته هذه الروايات ليخرج بذلك عن الغلو على ما ادعاه فإن دان بها خرج عن التوحيد والشرع وان ردها ناقض في اعتلاله وان كان ممن لا يحسن المناقضة لضعف بصيرته والله نسأل التوفيق "
وظن يونس (ص) لا يمكن نفيه مع وجود الجملة" فظن أن لن نقدر عليه" وهم يوسف(ص) لا يمكن نفيه مع وجود الجملة" وهم بها" ,اما داود (ص) فحكاية المرأة ليست موجودة فى الوحى ومن ثم هى منفية تماما
والمفيد هنا يعتقد فى عصمة الرسل(ص) من الذنوب (ص) مع أن
القر’ن نفاها تماما بذكر بعذ نوبهم فكيف يمكن أن ننفى قوله تعالى " واستفقر لذنبك" ولا يمكن أن نكذب قواه " ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر " ولا يمكن نفى عصيان آدم(ص) " فعصى آدم ربه"ولا يمكن نفى ذنب موسى بالقتل " ولهم على ذنب "
وفى الفصل السادس حكى عن حديث أخر مماثل للسهو وهو نوم النبى(ص) هم صلاة الفجر فقال :
"فصل [6] :
والخبر المروي أيضا من نوم النبي(ص) (ص)عن صلاة الصبح من جنس الخبر عن سهوه في الصلاة وانه من أخبار الآحاد التي لا توجب علما ولا عملا ومن عمل عليه فعلى الظن يعتمد في ذلك دون اليقين وقد سلف قولنا في نظير ذلك بما يغني عن إعادته في هذا الباب مع أنه يتضمن خلاف ما عليه عصابة الحق لأنهم لا يختلفون في أنه من فاتته صلاة فريضة فعليه أن يقضيها أي وقت ذكرها من ليل أو نهار ما لم يكن الوقت مضيقا لصلاة فريضة حاضرة.
واذا حرم على الإنسان أن يؤدي فريضة قد دخل وقتها ليقضي فرضا قد فاته كان حظر النوافل عليه قبل قضاء ما فاته من الفرض أولى هذا مع الرواية عن النبي(ص) (ص)أنه قال لا صلاة لمن عليه صلاة .
يريد أنه لا نافلة لمن عليه فريضة "
وحكاية النوم عن الصلاة أمر عادى فالبشر يجوز لهم النوم أكثر من التعب ونفى نومه عن صلاة الصبح فى أول وقتها أمر عادى
الغريب أمن الرجل عاد واعترف أن النوم قد يغلب الرسل(ص) أحيانا فقال فى الفصل السابع:
"فصل [7] :
ولسنا ننكر بأن يغلب النوم الأنبياء (ص) في أوقات الصلوات حتى تخرج فيقضوها بعد ذلك وليس عليهم في ذلك عيب ولا نقص لأنه ليس ينفك بشر من غلبة النوم ولأن النائم لا عيب عليه. وليس كذلك السهو لأنه نقص عن الكمال في الإنسان وهو عيب يختص به من اعتراه وقد يكون من فعل الساهي تارة كما يكون من فعل غيره والنوم لا يكون إلا من فعل الله تعالى وليس من مقدور العباد على حال ولو كان من مقدورهم لم يتعلق به نقص وعيب لصاحبه لعمومه جميع البشر وليس كذلك السهو لأنه يمكن التحرز منه ولأنا وجدنا الحكماء يجتنبون أن يودعوا أموالهم واسرارهم ذوي السهو والنسيان ولا يمتنعون من إيداع ذلك من يغلبه النوم أحيانا كما لا يمتنعون من إيداعه من يعتريه الأمراض والأسقام. ووجدنا الفقهاء يطرحون ما يرويه ذوو السهو من الحديث إلا أن يشركهم فيه غيرهم من ذوي التيقظ والفطنة والذكاء والحصافة فعلم فرق ما بين السهو والنوم بما ذكرناه.
ولو جاز أن يسهو النبي(ص) (ص) في صلاته وهو قدوة فيها حتى يسلم قبل تمامها وينصرف عنها قبل كمالها ويشهد الناس ذلك فيه ويحيطوا به علما من جهته لجاز أن يسهو في الصيام حتى يأكل ويشرب نهارا في رمضان بين أصحابه وهم يشاهدونه ويستدركون عليه الغلط وينبهونه عليه بالتوقيف على ما جناه ولجاز أن يجامع النساء في شهر رمضان نهارا ولم يؤمن عليه السهو في مثل ذلك حتى يطأ المحرمات عليه من النساء وهوساه في ذلك ظان أنهم أزواجه ويتعدى من ذلك إلى وطي ذوات المحارم ساهيا. ويسهو في الزكاة فيؤخرها عن وقتها ويؤديها إلى غير أهلها ساهيا ويخرج منها بعض المستحق عليه ناسيا. ويسهو في الحج حتى يجامع في الإحرام ويسعى قبل الطواف ولا يحيط علما بكي فية رمي الجمار ويتعدى من ذلك إلى السهو في كل أعمال الشريعة حتى يقلبها عن حدودها ويضيعها في أوقاتها ويأتي بها على غير حقائقها ولم ينكر أن يسهو عن تحريم الخمر فيشربها ناسيا أو يظنها شرابا حلالا ثم يتيقظ بعد ذلك لما هي عليه من صفتها ولم ينكر أن يسهو فيما يخبر به عن نفسه وعن غيره ممن ليس بربه بعد أن يكون مغصوبا في الأداء. وتكون العلة في جواز ذلك كله أنها عبادة مشتركة بينه وبين أمته كما كانت الصلاة عبادة مشتركة بينهم حسب اعتلال الرجل الذي ذكرت أيها الأخ عنه ما ذكرت من اعتلاله ويكون أيضا ذلك لإعلام الخلق أنه مخلوق ليس بقديم معبود. وليكون حجة على الغلاة الذين اتخذوه ربا. وهذا أيضا سببا لتعليم الخلق أحكام السهو في جميع ما عددناه من الشريعة كما كان سببا في تعليم الخلق حكم السهو في الصلاة وهذا ما لا يذهب إليه مسلم ولا ملي ولا موحد ولا يجيزه على التقدير في النبوة ملحد وهو لازم لمن حكيت عنه ما حكيت فيما أفتى به من سهو النبي(ص) واعتل به و دال على ضعف عقله وسوء اختياره وفساد تخيله. وينبغي أن يكون كل من منع السهو على النبي(ص)في جميع ما عددناه من الشرع غاليا كما زعم المتهور في مقاله أن النافي عن النبي(ص) (ص)السهو غال خارج عن حد الاقتصاد و كفى بمن صار إلى هذا المقال خزيا"
والكلام السابق فى التفرقة بين نوم النبى (ص) وسهوه لا مسوغ لأن النوم ليس بسبب الإنسان وكذلك السهو وإنما هما من الله فى الإنسان لا ينام على هواه ولا ينسى على هواه وإنما هو يصاب بهما بقدرة الله
وكما سبق القول نفى النسيان وهو السهود هو تكذيب لقوله تعالى :
" واذكر ربك إذا نسيت"
والسهو كله من الله والشيطان لا يقدر على اسهاء الإنسان وقد تحدق المفيد هن الفرق بين السهو من الله والسهو من الشيطان فقال :
"فصل [8] :
ثم من العجب حكمه على أن سهو النبي(ص) من الله وسهو من سواه من أمته وكافة البشر من غيرهم من الشيطان بغير علم فيما ادعاه ولا حجة ولا شبهة يتعلق بها أحد من العقلاء اللهم إلا أن يدعي الوحي في ذلك ويبين به ضعف عقله لكافة الألباء ثم العجب من قوله أن سهو النبي(ص) من الله دون الشيطان لأنه ليس للشيطان على النبي(ص) سلطان وانما زعم أن سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون وعلى من اتبعه ثم هو يقول إن هذا السهو الذي من الشيطان يعم جميع البشر الأنبياء والأئمة فكلهم أولياء الشيطان وانهم غاوون إذ كان للشيطان عليهم سلطان و كان سهوهم منه دون الرحمن ومن لم يتيقظ لجهله في هذا الباب كان في عداد الأموات "
وتحدث المفيد عن أن ذو اليدين رجل مجهول فى الكتب فقال :
"فصل [9] :
فأما قول الرجل المذكور أن ذا اليدين معروف وانه يقال له أبو محمد عمير بن عبد عمرو وقد روى عنه الناس فليس الأمر كما ذكر وقد عرفه بما يدفع معرفته من تكنيته وتسميته بغير معروف بذلك ولوانه يعرف بذي اليدين لكان أولى من تعريفه بتسميته بعمير فإن المنكر له يقول من ذو اليدين ومن هو عمير ومن هو ابن عبد عمرو وهذا كله مجهول غير معروف ودعواه أنه قد روى الناس عنه دعوى لا برهان عليها وما وجدنا في أصول الفقهاء ولا الرواة حديثا عن هذا الرجل ولا ذكرا له. ولو كان معروفا كمعاذ بن جبل وعبد الله بن مسعود وابي هريرة وامثالهم لكان ما تفرد به غير معمول عليه لما ذكرناه من سقوط العمل بأخبار الآحاد فكيف وقد بينا أن الرجل مجهول غير معروف والخبر متناقض باطل بما لا شبهة فيه عند العقلاء. ومن العجب بعد هذا كله أن خبر ذي اليدين يتضمن أن النبي(ص)سها فلم يشعر بسهوه أحد من المصلين معه من بني هاشم والمهاجرين والأنصار ووجوه الصحابة وسراة الناس ولا فطن لذلك وعرفه إلا ذواليدين المجهول الذي لا يعرفه أحد ولعله من بعض الأعراب أو شعر القوم به فلم ينبهه أحد منهم على غلطه ولا رأى صلاح الدين والدنيا بذكر ذلك له إلا المجهول من الناس. ثم لم يستشهد على صحة قول ذي اليدين فيما خبره به من سهوه إلا أبا بكر وعمر فإنه سألهما عما ذكره ذو اليدين يعتمد قولهما فيه ولم يثق بغيرهما في ذلك ولا سكن إلى أحد سواهما في معناه وان شيعيا يعتمد على هذا الحديث في الحكم على النبي(ص)بالغلط والنقص وارتفاع العصمة عنه من العناد لناقص العقل ضعيف الرأي قريب إلى ذوي الآفات المسقطة عنهم التكليف."
ونفى وجود ذو اليدين أو عدم نفيه لا ينفى وقوع السهو وهو النسيان من النبى (ص)كما هو نص القرآن