نقد كتاب الدعاء الاقتصادى
المؤلف محمد عبد الحليم عمر وفى مقدمته تحدث عن كون اسم الكتاب غريب فقال:
"الدعاء الاقتصادى غريب فى عنوانه عجيب فى موضوعه نظرا لما استقر فى الأذهان، وتشرب به الوجدان، من أن الاقتصاد وموضوعه المال يرتكز على الشروط المادية وعلاقة السببية والتى تتطلب بذل الجهد العقلى والبدنى فى الموارد لتحقيق الدخل والثروة، والدعاء بوصفه طلبا باللسان ليس فيه بذل جهد ولا سعى"
وفى المبحث ألأول عرف الدعاء ومكانته فى الإسلام فقال :
"المبحث الأول
التعريف بالدعاء ومكانته فى الإسلام
أولا مفهوم الدعاء وحقيقته
الدعاء لغة على إطلاقه هو النداء، ومع الله عز وجل هو العبادة، والاستغاثة، والثناء عليه، والتهليل، والتحميد، والرغبة إلى الله عز وجل، وهو فى الاصطلاح العام الكلام الإنشائى الدال على الطلب مع الخضوع أما فى الاصطلاح الخاص فهو استدعاء العبد ربه عزوجل العناية واستمداده إياه المعونة، ولذا قال الخطابى «وحقيقته - أى الدعاء إلى الله - إظهار الافتقار إلى الله والتبرؤ عن الحول والقوة وهو سمة العبودية واستشعار الذلة البشرية، وفيه معنى الثناء على الله عزوجل وإضافة الجود والكرم إليه» "
هذا التعريف ليس هو تعريف الدعاء المعروف عند الناس وهو ليس نداء فقط وإنما منادى هو الله يطلب منه الإنسان شىء وأما كلمة الدعاء نفسها فى القرآن فلها معانى متعددة منها العبادة وهى طاعة الله والطلب
وتحدث عن مكانة الدعاء فقال :
"ثانيا مكانة الدعاء فى الإسلام
ويمكن التعرف على هذه المكانة من بعض الوجوه منها ما يلى
أ أن الدعاء عبادة لله عزوجل حيث يقول الرسول (ص) «الدعاء هو العبادة» وفى رواية أنه قال «إن الدعاء هى العبادة وقرأ وقال ربكم أدعونى استجيب لكم» وفى رواية ثالثة «الدعاء مخ العبادة» "
الدعاء هنا ليس الطلب وإنما طاعة أحكام الله ومن ثم لا علاقة له بموضوع الكتاب وقال:
"ب أن حكم الدعاء الاستحباب بوجه عام ويكون واجبا كالدعاء الذى تضمنته سورة الفاتحة أثناء الصلاة والأدعية فى صلاة الجنازة وفى خطبة الجمعة "
والخطأ هنا هو أن حكم الدعاء الطلبى هو الاستحباب وهو ما يخالف أن هناك دعاء واجب عند الذنب وهو الاستغفار كما قال تعالى :
" ومن يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما"
وقوله :
" واستغفر لذنبك"
ورغم قوله بكونه مستحب إلا أنه ناقض نفسه فجعله أمر فقال:
"ج- أن للدعاء فضل كبير إذ يكفى أن الله سبحانه وتعالى أمر به ووعد بالإجابة فى قوله تعالى {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان}
وأمر به سبحانه فى تعريض لمن يستكبر عن الدعاء كما جاء فى قوله تعالى {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين} "
وتحدث عن آداب الدعاء فقال :
"ثالثا آداب وشروط وفوائد الدعاء
للعلماء تصنيفات متعددة فى ذلك استقاء من الكتاب والسنة نكتفى منها بالآتى
أ الدعاء عبادة ومن مقتضيات العبادة الثناء على الله عزوجل وإظهار التضرع والخشوع، والعلم بانه واقف بين يدى الله عزوجل وأنه يطلب منه المعونة فليعقل ما يقول ولا يلقى الكلام بدون فهم أو وعى وإدراك ويقين
ب الدعاء بما يتفق مع أحكام وتوجيهات الإسلام، فلا يدعو بمنكر ولا معصية ولا إثم كما جاء فى الحديث الشريف «ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا أتاه الله إياها أو صرف عنه من السوء مثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم»
ج- عدم الاعتداء فى الدعاء لقوله تعالى {ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين} ويقول الرسول (ص) «إنه سيكون قوما يعتدون فى الدعاء» وفسر الاعتداء بوجوه منها
- الجهرة وكثرة الصياح
- الدعاء بالشر على نفسه أو الغير
- الدعاء بمستحيل مثل أن تكون له منزلة الأنبياء أو العافية مدى الحياة أو الاستغناء عن الهواء والتنفس
د- البعد عن ما نهى الله سبحانه وتعالى عنه وأن يكون سعيه وكسبه وماله حلالا، حيث جاء فى الحديث الشريف بعدما قال الرسول (ص) «إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا» ثم ذكر أن الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء، يارب، يارب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وتغذى بالحرام، فأنى يستجاب لذلك»
ه- إن من فوائد الدعاء، إجابة الله عزوجل للداعى إن استكمل شروطه وروعيت آدابه، وليس بالضرورة أن تكون الإجابة على وفق ما طلب العبد إذ قد يطلب ما يظنه خيرا له ولكنه فى الحقيقة شر له، فقصة ثعلبة معروفة لما سأل النبى (ص) أن يدعو له بكثرة المال ونهاه النبى (ص) عن ذلك مرة بعد مرة فلم ينته حتى دعا له ، ورزق المال الوفير وكان سبب شقائه فى الدنيا والآخرة، ولذا قال الله سبحانه وتعالى فى حقه {ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين* فلمآ آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون}
فليدع الإنسان ربه وهو موقن بالإجابة ويترك لله تحقيق ما يصلحه وينفعه، فلقد قال الرسول (ص) «ما من مسلم ينصب وجهه لله عزوجل فى مسألة إلا أعطاها إياه، إما أن يعجلها له فى الدنيا، وإما أن يدخرها له»
ويكفى فى فائدة الدعاء أنه وسيلة يلجأ بها الإنسان لربه وقت الشدة والاضطرار وحالة الضعف وعجز الخلق أن يعينوه"
وما قاله عن استجابة الدعاء خطأ فالاستجابة هى حسب المقدر من الله فهناك أدعية كثيرة لا تستجاب كدعاء نوح(ص) لابنه ودعاء إبراهيم(ص) لوالده ومن ثم لا توجد استجابة إلا حسب ما قدره الله من قبل
وتحدث عن المقدر والدعاء فقال :
"رابعا الدعاء والقضاء والقدر
إن قضية القضاء والقدر وصلتها بأفعال الناس من القضايا الشائكة التى اختلف فيها العلماء ونشأت حولها فرق أخذت كل فرقة منها موقفا مختلفا بين الجبرية والاختيار والوسطية بينهما
ولسنا فى معرض التفصيل فى هذه القضية التى أفاض فيها العلماء ولكننا نتناول منها ما يتصل بالدعاء فى الآتى
أ لقد ناقش العلماء الأوائل هذه القضية واختلفوا إلى ثلاث مذاهب
1 - المذهب الأول قالوا لا معنى للدعاء ولا طائل له، لأن الأقدار سابقة، والأقضية متقدمة والدعاء لا يزيد فيها، وتركه لا ينقص شيئا منها، ولا فائدة من الدعاء
2 - المذهب الثانى قالوا الدعاء واجب وهو يدفع البلاء ويرد القضاء واحتجوا بما روى عن النبى (ص) أنه «لا يرد القضاء إلا الدعاء»
3 - المذهب الثالث قالوا إن الدعاء واجب إلا أنه لا يستجاب منه إلا ما وافق القضاء
ب إن الإيمان بالقضاء والقدر من أصول الاعتقاد كما جاء فى حديث جبريل حينما سأل النبى (ص) قائلا «فأخبرنى عن الإيمان قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره»
والدعاء حق، أمر به ربنا عزوجل فى كتابه الكريم فى آيات عدة منها قوله تعالى {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} وبالتالى فمن أبطل الدعاء فقد أنكر القرآن ورده وهذا فساد كبير
ج- القضاء هو إرادة الله النافذة فى الخلق وإحاطته بها، والقدر هو قضاء الله الأزلى فى الأشياء، وإيجادها على وفق هذا القضاء وعند حلول أوقاتها مع ربط الأسباب بالمسببات، والنتائج بالمقدمات فى إحكام وفق سنن إلهية خاضعة خضوعا مطلقا لمشيئة الله عزوجل
د- إن سنن الله تعالى القائمة على القضاء والقدر نوعان
1 سنن تكوينية أو تصريفية وهو ما تخضع له جميع الكائنات فى وجودها المادى، وهى سنن إجبارية تجرى على جميع الكائنات بما فيها الإنسان مثل الحياة والموت ووظائف الأعضاء كما يقول ربنا {هو الذي يحيي ويميت فإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون}
2 سنن تشريعية أو تكليفية وهى تجرى على الإنسان فى أفعاله وخاضعة لإرادته وقدراته وفى حدود البيئة المحيطة بالإنسان زمانا ومكانا، وارتباطها بالقضاء والقدر يظهر فى الأسباب والمسببات التى خلقها الله سبحانه وتعالى ونظم الكون على أساسها، وهى تصدق على الإنسان وعلى المجتمع ككل، ومن أمثلة هذه السنن الصلاح، فهو سبب للتقدم، والظلم سبب للانهيار والهلاك سنن إلهية وقدر ربانى كما قال ربنا عزوجل {ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا}
وقوله سبحانه وتعالى {وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون}
ويقول عز من قائل بصفة عامة {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}
ه- وفى ضوء كل ما سبق نأتى إلى موقع الدعاء الاقتصادى من القضاء والقدر فنقول إذا كان الرزق لا يحدث إلا وفق ما قدر الله سبحانه وتعالى عن طريق قضائه وقدره بربط تحصيله بأسبابه فى صورة سنن إلهية لا تتغير ولا تتبدل بالنسبة لكل البشر، وأن هذه الأسباب متعددة ومتشابكة وأنها ليست ظاهرة لكل الناس ولا فى مكنتهم
الصلة بالشروط المادية (الأخذ بالأسباب) وهو بذلك يفيد اقتصاديا كما سنرى فى المبحث التالى الذى يناقش التفسير الاقتصادى للدعاء"
وكل هذا الكلام لا ضرورة له لأن الدعاء منه واجب وهو الاستغفار للذنوب وهو مستجاب لمن أخلص فيه كما قال تعالى :
" ومن يستغفر الله يجد الله غفور رحيما"
وأما باقى الأدعية فاستجابتها متوقفة على المقدر ولا يمكن للدعاء أن يرد القدر لأن فى تلك الحالة يكون المخلوق قد غلب خالقه وهو يقول :
" والله غالب على أمره"
وتحدث عما سماه الدعاء الاقتصادى فقال :
"المبحث الثانى التفسير الاقتصادى للدعاء
أولا معنى الدعاء الاقتصادى
هو الطلب من الله عز وجل الحظ فى الدنيا فى مجال المال أو الثروة سواء فى الجانب المادى الكمى بأن يهديه الله سبحانه إلى الأسباب الصحيحة ويعينه على الأخذ بها، أو الجانب الكيفى بتعظيم الانتفاع منها، وهو ما يمكن أن يطلق عليه المصطلح الإسلامى «البركة»، وسواء فى الجانب الإيجابى بما ذكرناه، أو الجانب السلبى بالوقاية من المخاطر الاقتصادية أو التخفيف منها وتحملها
ولقد قسم بعض العلماء الدعاء على ثلاثة أوجه وجعل الدعاء الاقتصادى أحد هذه الوجوه حيث جاء «وقال أبو إسحق فى قوله تعالى {أجيب دعوة الداع إذا دعان}
- معنى الدعاء لله على ثلاثة أوجه فضرب منها، توحيده والثناء عليه كقولك ياالله لا إله إلا أنت، وكقولك ربنا لك الحمد، إذا قلته فقد دعوت بقولك ربنا ثم أتيت بالثناء والتوحيد، ومثله قوله تعالى {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي فهذا ضرب من الدعاء، والضرب الثانى مسألة الله العفو والرحمة وما يقرب منه، كقولك اللهم أغفر لنا، والضرب الثالث مسألة الحظ من الدنيا كقولك اللهم ارزقنى مالا وولدا»
ثانيا الشروط الايمانية والشروط المادية والاقتصاد
لقد سبق القول إن كل شيء يجرى فى الكون بقدر الله سبحانه وتعالى وأن من قدر الله ربط الأسباب بالمسببات وفق السنن الإلهية التى لا تتبدل ولا تتغير وتصدق على جميع خلقه، ولابد للأسباب لكى تؤدى إلى نتائجها من شروط وانتفاء الموانع
وبعد هذا التقديم للشروط وموقعها من الأسباب ننتقل إلى توضيح معانى الشروط الإيمانية والشروط المادية وموقف الإسلام منهما
أ - يعنى بالشروط الإيمانية الإيمان بالله عزوجل وعبادته وما يتطلبه ذلك من اتباع أوامره واجتناب نواهيه فى جميع مجالات الحياة ومنها الاقتصاد الذى ورد فى القرآن عنه حوالى 4000 موطن اقتصادى تشمل أحكاما وتوجيهات للسلوك الاقتصادى
ب - يقوم المنهج الإسلامى على ضرورة أخذ كل من الشروط الإيمانية والشروط المادية معا فى كل أمور الحياة ومنها الاقتصاد، ومن أدلة ذلك ما يلى
1 - إن الله عز وجل ربط بين الإيمان (الشروط الإيمانية) والعمل الصالح (الشروط المادية) لتحقيق الحياة الطيبة التى يتوفر فيها رغد العيش الذى يتحقق بالإشباع الجسمى والإشباع النفسى أو الروحى معا حيث يقول عز وجل {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة }
ويلاحظ هنا ما يلى
- أن الله سبحانه وتعالى جعل شرط الوصول إلى الحياة الطيبة الإيمان والعمل الصالح معا
- أنه سبحانه نسب تحقيق الحياة الطيبة لذاته حقيقة وعلى العبد الأتيان بالشروط الإيمانية والمادية
- أنه سبحانه قدم العمل (الشروط المادية) على الإيمان (الشروط الإيمانية)
- أنه سبحانه وصف العمل بالصالح الذى يتضمن بذل الجهد والأخذ بالأسباب السليمة وبكونه ملتزما بأوامر الله تعالى فى التصرف فى المال
- أنه سبحانه جعل الإيمان شرطا مع العمل للحياة الطيبة، لأن العمل بدون إيمان يمكن أن يؤدى إلى وفرة فى الموارد والإنتاج والثروة ولكنه لن يحقق الحياة الطيبة حيث يشبع الحاجات الجسمية فقط وليس الروحية
2 - إن الربط وثيق وعضوى بين الشروط الإيمانية والشروط المادية، فالشروط المادية متضمنة فى الشروط الإيمانية، لأن الأخذ بالأسباب إيمان بالقضاء والقدر كما أن الشروط الإيمانية متضمنه فى الشروط المادية، إذ من مقتضيات الإيمان بالله عزوجل اتباع أوامره واجتناب نواهيه، ومن أوامره سبحانه وتعالى السعى لكسب الرزق، وبذل الجهد لإعمار الأرض كما جاء فى قوله تعالى { فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه } وقوله عز وجل { هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها } أى طلب منكم عمارتها بالزروع والغرس والبناء، والطلب المطلق من الله يدل على الوجوب
ج- أهمية وحدود عمل الشروط الإيمانية اقتصاديا
1 - من المعروف أن الهدف من الاقتصاد هو إشباع الحاجات الإنسانية من الموارد، وأن هذه الحاجات نوعان مادية جسمية، وروحية نفسية، ولا يمكن تحقيق الحياة الطيبة والرفاهية بدون إشباع الحاجتين
2 - إن أهمية الشروط الإيمانية تبرز فى أنها بجانب الإشباع الروحى تؤدى إلى تنظيم الجانب الكمى والكيفى فى هذا الناتج وهو ما عبر عنه القرآن بالبركة فى قوله تعالى {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض } فأثر البركة فى الجانب الكمى يظهر فى أن يهيئ الله سبحانه وتعالى العوامل الخارجية التى تؤثر فى الإنتاج مثل المناخ الطيب لأن من معانى البركة النماء والزيادة ، أما أثر البركة الكيفى وهو الأهم فيتمثل فى تعظيم المنافع من نفس القدر أو الكمية من الموارد إذ من معانى البركة الكثرة فى كل خير ، وهو المقصود من الحصول على الموارد بشكل عام حتى تتحقق الكفاءة الاقتصادية التى هى أحد هدفين من أهداف الاقتصاد بجانب العدالة، ذلك أن الشائع في قياس الكفاءة هو أن تكون المخرجات أكبر من المدخلات، 3 - ومن جانب آخر فإن الشروط الإيمانية تحقق ليس فقط الرفاهية الشخصية بل تحقق الرفاهية الاجتماعية لأن من مقتضيات الإيمان أداء حقوق الله فى المال، وحق الله فى التصور الإسلامى هو حق المجتمع يعطى لمن حددهم الله سبحانه وتعالى من المحتاجين والمحرومين ليعم الخير على الجميع وتتحقق العدالة المفقودة فى ظل النظم الاقتصادية الوضعية
4 - إن الشروط المادية لازمة شرعا وعقلا لتحقيق الوفرة، ولكنها وحدها ليست كافية لتحقيق الحياة الطيبة وهذا ما نلاحظة فى عالم اليوم الذى أصبحت الرأسمالية فيه هى النظام السائد فى ظل العولمة ذلك أن الرأسمالية وكل النظم الاقتصادية الغربية تقوم على عدة ركائز منها ما يلى
- الركيزة الأولى العلمانية التى تقوم على الفصل بين الدين والدنيا، وتقول بأن الدين والأخلاق لا يمتان بصلة إلى مشاكل الإنسان الاقتصادية
- الركيزة الثانية المادية، التى تقوم على أن الثروة والملذات الحسية والمسرات الحسية هى القيم الوحيدة التى يجب أن يسعى المرء لتحقيقها
- الركيزة الثالثة الحتمية أو الجبرية، التى تنطوى على الفكرة القائلة بأن جميع الوقائع فى الكون المادى وبالتالى فى التاريخ البشرى أيضا مرهونه ومشروطه بصورة مطلقة بأسبابها المادية
- الركيزة الرابعة الأنانية ممثلة فى السعى نحو تحقيق المصلحة الخاصة بكل السبل وإذا كان الاقتصاد القائم على الشروط المادية فقط قد حقق وفرة مادية فى الموارد والإنتاج والثروات، إلا أنه صاحب ذلك وبنفس القدر مشكلات وأزمات خانقة، ويؤكد ذلك شهادات واقعية لبعض العلماء الاقتصاد الغربيين من أمثال
ريتشارد استرلين Richard Easterlin الذى أجرى 30 مسحا فى 19 من البلدان المتقدمة والبلدان النامية خلص منها أن البلدان الغنية ليست سعادة أكثر سعادة من البلدان الفقيرة،رغم وفرة الموارد، وفى شهادة أخرى يقول رالف داهر ندروف Ralf Dahrendrof متسائلا لماذا لا يشعر هذا العدد الكبير من المواطنين فى المجتمعات الغنية بالسعادة بعد أربعة عقود من السلم والازدهار؟ ولماذ يكثر الضيق والضنك مع وجود كل هذه الوفرة؟ والإجابة على ذلك واضحة وهى لأنهم اقتصروا على الشروط المادية فقط وأهملوا الشروط الإيمانية
ونخلص من كل ذلك بالآتى
1 - أن الشروط الإيمانية والشروط المادية مطلوبان معا إسلاميا لتحقيق الرخاء الاقتصادى ورغد العيش والحياة الطيبة
2 - أن عدم الأخذ بالشروط المادية على خير وجه طعن فى الإيمان بالقضاء والقدر الذى منه الأسباب والمسببات
3 - إن عدم الأخذ بالشروط الإيمانية طعن فى العقيدة والإيمان وإنكار لما جاء فى القرآن بربط الحياة الطيبة بالإيمان
4 - إن الاقتصار على الشروط المادية وحدها وإن كان يحقق الوفرة المادية والتى تشبع الحاجات الجسمية إلى أنه لا يحقق الإشباع الروحى والنفسى المطلوب لتحقيق الحياة الطيبة والسعادة فضلا عن المشكلات والأزمات الاقتصادية
5 - إن الشروط الإيمانية وحدها دون أن يصاحبها الأخذ بالشروط المادية لا يحقق شيئا للإنسان فى المجال الاقتصادي هذا عن الشروط الإيمانية عامة "
وبالقطع الدعاء الاقتصادى وهو طلب أمر مالى من الله ولا علاقة له بالشروط أيا كان نوعها فكما سبق القول الأمر كله مرتبط بالمقدر فقد يسعى الإنسان ويدعو ومع هذا يفشل ليس لأنه كفر أو عصى وإنما لأن هذا ابتلاء من الله كما ابتلى المسلمون ببلاء اقتصادى وهو نقص الثمرات والأموال وفى هذا قال تعالى :
"ولنبلونكم بشىء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات"
وتحدث عن الدعاء والقرارات الاقتصادية فقال :
"ثالثا الدعاء واتخاذ القرارات الاقتصادية
إن اتخاذ القرارات يعنى به الاختيار من بين البدائل المتاحة، والاقتصاد فى حقيقته يقوم على اتخاذ القرارات، ففى التعريف الذى يحظى بقبول عام «أن الاقتصاد ذلك الفرع من العلوم الاجتماعية الذى يهتم بالطريقة التى يختار بها أفراد المجتمع تخصيص الموارد النادرة نسبيا بين الاستعمالات البديلة لإشباع رغبات أعضاء المجتمع»
وعملية اتخاذ القرارات تبنى على الظن الغالب أو كما يقول علماء الإدارة تتخذ فى ظل عدم التأكد، وتظهر مدى صحة القرار فى المستقبل عندما يتم تنفيذه، والمستقبل مجهول للإنسان، ولذا يعيش متخذ القرار بين الرجاء والأمل أن يتحقق ما يهدف إليه، وبين القلق والخوف بعدم تحققه، حتى رغم اتخاذ كل الشروط المادية من دراسة الجدوى وتهيئة الإمكانيات، وهنا يأتى الدعاء لله عز وجل الذى يعلم الغيب فيطلب الإنسان من ربه الهداية هداية الإرشاد والدلالة فى اتخاذ القرار السليم وهداية التأييد والتوفيق فى أن يؤدى القرار إلى الهدف المقصود منه، وحتى إن تخلف الهدف فإن الدعاء يكسبه الرضا والسكينة بما قدره الله سبحانه بما يحفظ عليه توازنه الروحى
رابعا الدعاء والعوامل الخارجية
تتأثر التصرفات والأنشطة الاقتصادية بعاملين هما
- العوامل الداخلية التى تقع تحت سيطرة الإدارة
- العوامل الخارجية التى لا يمكن للبشر التحكم فيها أو السيطرة عليها، مثل العوامل الكونية الإلهية - المناخ والفيضانات والبراكين والزلازل، والعوامل الاجتماعية مثل التقلبات الاقتصادية والسياسية
وهذه العوامل الخارجية تؤثر وتساهم إلى حد كبير فى نجاح أو فشل العمل الاقتصادى
ومن أمثلتها الواقعة فى دنيانا الاعصار الذى حدث في بعض دول جنوب شرق آسيا أخيرا والذى أثر إلى حد كبير على اقتصادياتها تدميرا لما كان موجودا من مبانى ومنشآت وتحولا لكثير من القرارات السابق اتخاذها
وعلى المستوى السياسى فإن حرب العراق على سبيل المثال أثرت اقتصاديا ليس على الأفراد والمنشآت والدولة فى العراق بل على كثير من الدول المجاورة بالإفادة للبعض والخسارة للبعض كما أن للعوامل الخارجية دور فى التحليل الاقتصادى الذى ما إن ندرس ظاهرة اقتصادية إلا وتبنى الدراسة على مقولة «مع بقاء الأشياء الأخرى على حالها»
وهذه العوامل الخارجية مجهولة للناس وليس فى قدرتهم التنبؤ بها وأخذها فى الاعتبار أو التحكم فيها وفى آثارها عند حدوثها، ولكن يعلمها خالقها المدبر للكون كله وهو الله عز وجل فهى من قضاء الله عز وجل وقدره ومشيئته، ومن هنا فإن الدعاء يكون أحد الأمور التى يواجه بها الإنسان هذه العوامل بالطلب من الله ليس ردها وإنما أن تكون فى صالحه وأن يخفف عنه بلاءها
ومن جانب آخر فمن المعروف أنه يوجد فى الاقتصاد ما يسمى بالدورات الاقتصادية التى يمر بها الاقتصاد فى أربع فترات فترة رخاء ففترة أزمة ففترة كساد ففترة انتعاش ففترة رخاء أخرى وهكذا وتتراوح كل فترة بين 10، 12 سنة، والاقتصاد الوضعى المادى عجز عن تفسير أسباب هذه الدورات التى تحدث بسبب عوامل وظروف لا يمكن للبشر التنبؤ بها أو التحكم فيها «فستانلى جينونز» أعاد الدورات الاقتصادية إلى البقع الشمسية التى تظهر فى الشمس بين فترة لأخرى وتؤثر على الجو، وبالتالى فى حالة الزراعة وتبعا فى كل من الصناعة والتجارة، و «هنرى مور» أعاد الدورات إلى هطول الأمطار، ويوجد تفسير آخر مبنى على أساس (سيكولوجى) نفسى مرده الخطأ فى الأحكام والقرارات التى يتخذها رجال الأعمال أو حالات من التشاؤم والتفاؤل غير معروفة السبب التى تشيع فى مجتمع الأعمال
وأيا كان التفسير لهذه الدورات فإنه يظهر أن أسبابها نتيجة عوامل خارجية كونية أو نفسية من الله عزوجل، وبالتالى فإنه يلزم التوجيه لخالقها بالدعاء شكرا على فترات الانتعاش والرخاء وطلب استمرارها، وصبرا على فترات الكساد والأزمات وطلب تخفيف وطأتها"
وكل هذا الكلام عن الاقتصاد العالمى لا علاقة له بالدعاء وكما سبق القول ما يحدث مما سماه عوامل خارجية هو ابتلاء أو عقاب من الله للناس ومن ثم فلا يوجد شىء اسمه اقتصاد قوى لأن أى اقتصاد معرض للتدمير فى أى لحظة وإنما ما على المسلم هو :
السعى للنجاح بالتخطيط والعمل ولكن النتيجة هى ما قدره الله ولكن فى غالب الأحوال طاعة الله تؤدى لنتيجة حسنة فى الاقتصاد فى الغالب
وتحدث عن مواجهة المخاطر الاقتصادية بالدعاء فقال :
"خامسا الدعاء ومواجهة المخاطر
لقد أصبح موضوع المخاطر التى تواجه النشاط الاقتصادى من الموضوعات الهامة لدرجة أنه ظهر فرع من العلوم الإدارية يسمى «إدارة المخاطر والأزمات» يدرس تحديد أنواع المخاطر واحتمالات وقوعها والعمل على الحد منها وكيفية معالجة آثارها، ومع أن الواقع يشهد تقدما فى هذا المجال سواء من حيث الدراسات أو الإجراءات، إلا أن المخاطر تتزايد بصورة كبيرة ولا يحد منها ومن آثارها ما ابتكره الإنسان من أنواع التأمين ومن أساليب التحوط فى الاستثمارات، وهذه المخاطر باللغة الإسلامية هى البلاء الذي يقع بالناس ولا يملكون له ردا
ويصيبهم بالقلق والخوف من وقوعه، وبالهم والحزن بعد وقوعه مما أدى إلى زيادة الأمراض النفسية الاقتصادية
والدعاء من الأساليب التى يواجه بها المسلم البلاء بجانب الإجراءات المادية، فبعد أن يتخذ كل الأسباب للوقاية منها تصديقا لقوله تعالى {خذو حذركم} وقوله (ص)«اعقلها وتوكل» فإنه يلجأ إلى الله بالدعاء أن يقيه شر البلاء كما جاء فى حديث الرسول (ص) «لا يغنى حذر من قدر، والدعاء ينتفع ما نزل وما لم ينزل وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة»
وما أحوج الإنسان إلى اللجوء لله عز وجل وقت الشدة والاضطرار وهذه خاصية بشرية أثبتها القرآن الكريم لجميع الناس فى أكثر من آية مثل قوله تعالى {وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قآئما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه } وقوله عزوجل {وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه }
ومن شأن الدعاء فى هذا الموقف إما أن يتحقق ما دعا به من المساعدة فى الوقاية من المخاطر أو تخفيف آثارها عليه فلقد جاء فى القرآن الكريم فى تعداد نعم الله على عباده فى صورة تقريرية للوقاية من المخاطر {أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض }
وإما أن يكسبه الدعاء راحة فى النفس وسكينة فى الصدر وتحمل للمخاطر والرضا بها والتسليم بقضاء الله مصداقا لقوله تعالى {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين} "
والحق أن الله أوجب أحكاما للحفاظ على الاقتصاد تدخل كلها تحت قوله :
"واعدوا لهم ما استطعتم من قوة"
ومن ثم فالحفاظ منوط بتنفيذ أحكام الله وليس بالدعاء فالدعاء هو تحصيل حاصل أحيانا
وتحدث عن الدعاء وترشيد الاقتصاد فقال :
"سادسا الدعاء والرشادة الاقتصادية
إن الاقتصاد اليوم يعانى من مشكلات خطيرة من أهمها ما يطلق عليه اقتصاديا الممارسات غير الأخلاقية والفساد وخيانة الأمانة، فمن الممارسات غير الأخلاقية، الغش فى السلع والخدمات، وتقديم المعلومات المضللة خاصة فى الإعلانات وفى المعاملات فى البورصات، والمعاملات الصورية (النجش) والفساد الذى ينحصر حسب تعريف البنك الدولى فى الرشاوى، وخيانة الأمانة بواسطة مجالس إدارات الشركات مما أظهر لمواجهة «حوكمة الشركات» وأصبحت مكافحة هذه الصور الشغل الشاغل للحكومات والمنظمات الدولية، ومع ذلك فشلت جميع الإجراءات القانونية والرقابية والإدارية فى ذلك، وآخر ما صدر عن الأمم المتحدة هو مشروع قانون نموذجى اشتمل فى أجزاء منه على نصوص بتقوية ودعم الجانب الخلقى وإعلاء القيم الفاضلة لتحقيق الرشادة والنزاهة وأن ذلك واجب رجال الدين، لأنه لا يمكن بناء نظام أخلاقى فعال ودعمه فى التطبيق بدون عون من الدين
وإذا كان من شروط الدعاء كما سبق ذكره طيب الكسب من مصدر حلال فإن ذلك يساعد فى العمل على علاج هذه الممارسات المحرمة
وهكذا يظهر أن الدعاء مطلوب اقتصاديا رجاء أن يقبله الله عز وجل فتتحقق معه البركة أو يدخره له فتهدأ نفسه وتستريح ويذهب عنه القلق والخوف والحزن، بل يكفى فيه أنه عباده لله عز وجل يتقرب الإنسان من ربه ويجعله ذاكرا له، والله عزوجل جعل الإعراض عن الذكر سببا فى ضنك المعيشة فى قوله تعالى {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا } ويقول فى حق من يقتصر على الشروط المادية وينسى ذكر الله {فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا} وليس الأمر مقصورا على ذلك، ولكن علم الله بحاجة الإنسان للدعاء عامة والاقتصادى خاصة أوسع من علمنا ولذلك أمر به سبحانه وجاءنا ارشادا وتعليما من رسوله (ص) "
والترشيد لا علاقة له بالدعاء وإنما هو أحكام تنفذ تطبيق لقوله تعالى :
"ولا تبذر تبذيرا"
فالدعاء غير مفيد فى الترشيد
وأخيرا ذكر لنا أمثلة مما سماه الأدعية الاقتصادية فقال :
"المبحث الثالث
نماذج من الأدعية الاقتصادية
الأدعية الاقتصادية وردت بكثرة فى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة سواء فى صورة إخبار عن أدعية اقتصادية وردت على لسان الأنبياء واستجاب الله سبحانه لدعائهم أو تعليمنا كيفية الدعاء، وهذا الورود بهذه الكثرة يدل على أن الدعاء الاقتصادى موجود ومطلوب، وأن وروده فى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة يتطلب ممارسته لأن القرآن ليس كتابا يتلى فقط وإنما يجب أن نتدبره ونؤمن بما جاء به ونعمل بما فيه حتى نستفيد من هديه ويتحقق إيماننا بالكتاب كما أمر ربنا عزوجل
أولا أدعية اقتصادية من القرآن الكريم
أ- دعاء سيدنا إبراهيم (ص)ربه بتوفير الرزق لأهله فى مكان ليس به أى موارد اقتصادية حيث جاء فى القرآن الكريم {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات}
ب- دعاء سيدنا سليمان (ص)بطلب الملك من الله عزوجل {قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي}
ج- دعاء سيدنا موسى (ص)حينما دعا على قوم فرعون دعوات اقتصادية منها قوله تعالى {ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم}
د- يعلمنا ربنا سبحانه وتعالى فى الدعاء بطلب الحياة الطيبة فى قوله تعالى {ومنهم من يقول ربنآ آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار* أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب} فهذه الآيات من جوامع الدعاء التى عمت الدنيا والآخرة وفى الصحيحين عن أنس قال كان أكثر دعوة يدعو بها النبى (ص) يقول «اللهم آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة» ، وفسرت الحسنة فى الدنيا بالمال ، وقيل كل مطلوب دنيوى من عافية ودار رحبة وزوجة حسنة ورق واسع وعلم نافع وعمل صالح ومركب هين وثناء جميل»
ه- ومثل ذلك قوله تعالى {واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة}
و- طلب الرشد فى الأمور كلها فى قوله تعالى {ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا}
ز- قوله تعالى فى طلب العلم الذى هو أساس المعرفة اللازمة للاقتصاد {وقل رب زدني علما} والعلم هنا ورد منكرا بما يعنى كل إدراك يفيد الإنسان توفيقا فى القيام بواجبه فى إعمار الأرض وعبادة الله
ح- قوله تعالى {قال رب نجني من القوم الظالمين} ذلك أن الظلم والطغيان سبب مباشر لزوال النعم
ثانيا أدعية اقتصادية من السنة النبوية الشريفة
ونذكرها حسب التصنيف التالى
أ- أدعية لطلب الغنى وسعة الرزق والبركة فيه ومنها ما يلى
1 حديث «اللهم إنى أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى»
2 حديث «اللهم إنى أسألك خير هذه السوق وخير ما فيها، وأعوذ بك من شر هذه السوق وشر ما فيها، وأعوذ بك أن أصيب بها يمينا فاجرة، أو صفقة خاسرة»
3 حديث «اللهم إنى أسألك غناى وغنى مولاى»
4 حديث «اللهم أصلح لى دنياى التى فيها معاشى»
5 حديث دعاء الرسول (ص) لأنس قال فيه «اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته»
6 حديث «اللهم أكفنى بحلالك عن حرامك، وأغننى بفضلك عمن سواك»
7 حديث «اللهم زدنا ولا تنقصنا وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا»
8 حديث «اللهم أغفر لى وارحمنى وعافنى وأرزقنى - وجمع أصابعه الأربعة إلا الإبهام وقال فإن هؤلاء يجمعن لك دينك ودنياك»
9 حديث «اللهم إنى أسألك العافية فى دينى ودنياى وأهلى ومالى»
ب- أدعية للتعوذ من الفقر والدين والمشكلات الاقتصادية ومنها ما يلى
1 حديث «اللهم إنى أعوذ بك من الفقر والقلة والذلة وأعوذ بك من أن أضل»
2 حديث «اللهم إنى أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وضلع الدين وغلبة الرجال»
4 5 حديث «اللهم إنى أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك، اللهم اقض عنا الدين واغننا من الفقر»
6 حديث «اللهم إنى أعوذ بك من الأربع من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعاء لا يسمع»
7 حديث «اللهم إنى أعوذ بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء»
8 حديث «اللهم إنى أعوذ بك من الجوع، وأعوذ بك من الخيانة» "
[b]وكما سبق القول لا علاقة للاقتصاد بالدعاء فالمطلوب هو ألأخذ بالأسباب والدعاء هو تحصيل حاصل إن استجاب الله له[/b]
المؤلف محمد عبد الحليم عمر وفى مقدمته تحدث عن كون اسم الكتاب غريب فقال:
"الدعاء الاقتصادى غريب فى عنوانه عجيب فى موضوعه نظرا لما استقر فى الأذهان، وتشرب به الوجدان، من أن الاقتصاد وموضوعه المال يرتكز على الشروط المادية وعلاقة السببية والتى تتطلب بذل الجهد العقلى والبدنى فى الموارد لتحقيق الدخل والثروة، والدعاء بوصفه طلبا باللسان ليس فيه بذل جهد ولا سعى"
وفى المبحث ألأول عرف الدعاء ومكانته فى الإسلام فقال :
"المبحث الأول
التعريف بالدعاء ومكانته فى الإسلام
أولا مفهوم الدعاء وحقيقته
الدعاء لغة على إطلاقه هو النداء، ومع الله عز وجل هو العبادة، والاستغاثة، والثناء عليه، والتهليل، والتحميد، والرغبة إلى الله عز وجل، وهو فى الاصطلاح العام الكلام الإنشائى الدال على الطلب مع الخضوع أما فى الاصطلاح الخاص فهو استدعاء العبد ربه عزوجل العناية واستمداده إياه المعونة، ولذا قال الخطابى «وحقيقته - أى الدعاء إلى الله - إظهار الافتقار إلى الله والتبرؤ عن الحول والقوة وهو سمة العبودية واستشعار الذلة البشرية، وفيه معنى الثناء على الله عزوجل وإضافة الجود والكرم إليه» "
هذا التعريف ليس هو تعريف الدعاء المعروف عند الناس وهو ليس نداء فقط وإنما منادى هو الله يطلب منه الإنسان شىء وأما كلمة الدعاء نفسها فى القرآن فلها معانى متعددة منها العبادة وهى طاعة الله والطلب
وتحدث عن مكانة الدعاء فقال :
"ثانيا مكانة الدعاء فى الإسلام
ويمكن التعرف على هذه المكانة من بعض الوجوه منها ما يلى
أ أن الدعاء عبادة لله عزوجل حيث يقول الرسول (ص) «الدعاء هو العبادة» وفى رواية أنه قال «إن الدعاء هى العبادة وقرأ وقال ربكم أدعونى استجيب لكم» وفى رواية ثالثة «الدعاء مخ العبادة» "
الدعاء هنا ليس الطلب وإنما طاعة أحكام الله ومن ثم لا علاقة له بموضوع الكتاب وقال:
"ب أن حكم الدعاء الاستحباب بوجه عام ويكون واجبا كالدعاء الذى تضمنته سورة الفاتحة أثناء الصلاة والأدعية فى صلاة الجنازة وفى خطبة الجمعة "
والخطأ هنا هو أن حكم الدعاء الطلبى هو الاستحباب وهو ما يخالف أن هناك دعاء واجب عند الذنب وهو الاستغفار كما قال تعالى :
" ومن يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما"
وقوله :
" واستغفر لذنبك"
ورغم قوله بكونه مستحب إلا أنه ناقض نفسه فجعله أمر فقال:
"ج- أن للدعاء فضل كبير إذ يكفى أن الله سبحانه وتعالى أمر به ووعد بالإجابة فى قوله تعالى {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان}
وأمر به سبحانه فى تعريض لمن يستكبر عن الدعاء كما جاء فى قوله تعالى {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين} "
وتحدث عن آداب الدعاء فقال :
"ثالثا آداب وشروط وفوائد الدعاء
للعلماء تصنيفات متعددة فى ذلك استقاء من الكتاب والسنة نكتفى منها بالآتى
أ الدعاء عبادة ومن مقتضيات العبادة الثناء على الله عزوجل وإظهار التضرع والخشوع، والعلم بانه واقف بين يدى الله عزوجل وأنه يطلب منه المعونة فليعقل ما يقول ولا يلقى الكلام بدون فهم أو وعى وإدراك ويقين
ب الدعاء بما يتفق مع أحكام وتوجيهات الإسلام، فلا يدعو بمنكر ولا معصية ولا إثم كما جاء فى الحديث الشريف «ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا أتاه الله إياها أو صرف عنه من السوء مثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم»
ج- عدم الاعتداء فى الدعاء لقوله تعالى {ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين} ويقول الرسول (ص) «إنه سيكون قوما يعتدون فى الدعاء» وفسر الاعتداء بوجوه منها
- الجهرة وكثرة الصياح
- الدعاء بالشر على نفسه أو الغير
- الدعاء بمستحيل مثل أن تكون له منزلة الأنبياء أو العافية مدى الحياة أو الاستغناء عن الهواء والتنفس
د- البعد عن ما نهى الله سبحانه وتعالى عنه وأن يكون سعيه وكسبه وماله حلالا، حيث جاء فى الحديث الشريف بعدما قال الرسول (ص) «إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا» ثم ذكر أن الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء، يارب، يارب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وتغذى بالحرام، فأنى يستجاب لذلك»
ه- إن من فوائد الدعاء، إجابة الله عزوجل للداعى إن استكمل شروطه وروعيت آدابه، وليس بالضرورة أن تكون الإجابة على وفق ما طلب العبد إذ قد يطلب ما يظنه خيرا له ولكنه فى الحقيقة شر له، فقصة ثعلبة معروفة لما سأل النبى (ص) أن يدعو له بكثرة المال ونهاه النبى (ص) عن ذلك مرة بعد مرة فلم ينته حتى دعا له ، ورزق المال الوفير وكان سبب شقائه فى الدنيا والآخرة، ولذا قال الله سبحانه وتعالى فى حقه {ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين* فلمآ آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون}
فليدع الإنسان ربه وهو موقن بالإجابة ويترك لله تحقيق ما يصلحه وينفعه، فلقد قال الرسول (ص) «ما من مسلم ينصب وجهه لله عزوجل فى مسألة إلا أعطاها إياه، إما أن يعجلها له فى الدنيا، وإما أن يدخرها له»
ويكفى فى فائدة الدعاء أنه وسيلة يلجأ بها الإنسان لربه وقت الشدة والاضطرار وحالة الضعف وعجز الخلق أن يعينوه"
وما قاله عن استجابة الدعاء خطأ فالاستجابة هى حسب المقدر من الله فهناك أدعية كثيرة لا تستجاب كدعاء نوح(ص) لابنه ودعاء إبراهيم(ص) لوالده ومن ثم لا توجد استجابة إلا حسب ما قدره الله من قبل
وتحدث عن المقدر والدعاء فقال :
"رابعا الدعاء والقضاء والقدر
إن قضية القضاء والقدر وصلتها بأفعال الناس من القضايا الشائكة التى اختلف فيها العلماء ونشأت حولها فرق أخذت كل فرقة منها موقفا مختلفا بين الجبرية والاختيار والوسطية بينهما
ولسنا فى معرض التفصيل فى هذه القضية التى أفاض فيها العلماء ولكننا نتناول منها ما يتصل بالدعاء فى الآتى
أ لقد ناقش العلماء الأوائل هذه القضية واختلفوا إلى ثلاث مذاهب
1 - المذهب الأول قالوا لا معنى للدعاء ولا طائل له، لأن الأقدار سابقة، والأقضية متقدمة والدعاء لا يزيد فيها، وتركه لا ينقص شيئا منها، ولا فائدة من الدعاء
2 - المذهب الثانى قالوا الدعاء واجب وهو يدفع البلاء ويرد القضاء واحتجوا بما روى عن النبى (ص) أنه «لا يرد القضاء إلا الدعاء»
3 - المذهب الثالث قالوا إن الدعاء واجب إلا أنه لا يستجاب منه إلا ما وافق القضاء
ب إن الإيمان بالقضاء والقدر من أصول الاعتقاد كما جاء فى حديث جبريل حينما سأل النبى (ص) قائلا «فأخبرنى عن الإيمان قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره»
والدعاء حق، أمر به ربنا عزوجل فى كتابه الكريم فى آيات عدة منها قوله تعالى {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} وبالتالى فمن أبطل الدعاء فقد أنكر القرآن ورده وهذا فساد كبير
ج- القضاء هو إرادة الله النافذة فى الخلق وإحاطته بها، والقدر هو قضاء الله الأزلى فى الأشياء، وإيجادها على وفق هذا القضاء وعند حلول أوقاتها مع ربط الأسباب بالمسببات، والنتائج بالمقدمات فى إحكام وفق سنن إلهية خاضعة خضوعا مطلقا لمشيئة الله عزوجل
د- إن سنن الله تعالى القائمة على القضاء والقدر نوعان
1 سنن تكوينية أو تصريفية وهو ما تخضع له جميع الكائنات فى وجودها المادى، وهى سنن إجبارية تجرى على جميع الكائنات بما فيها الإنسان مثل الحياة والموت ووظائف الأعضاء كما يقول ربنا {هو الذي يحيي ويميت فإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون}
2 سنن تشريعية أو تكليفية وهى تجرى على الإنسان فى أفعاله وخاضعة لإرادته وقدراته وفى حدود البيئة المحيطة بالإنسان زمانا ومكانا، وارتباطها بالقضاء والقدر يظهر فى الأسباب والمسببات التى خلقها الله سبحانه وتعالى ونظم الكون على أساسها، وهى تصدق على الإنسان وعلى المجتمع ككل، ومن أمثلة هذه السنن الصلاح، فهو سبب للتقدم، والظلم سبب للانهيار والهلاك سنن إلهية وقدر ربانى كما قال ربنا عزوجل {ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا}
وقوله سبحانه وتعالى {وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون}
ويقول عز من قائل بصفة عامة {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}
ه- وفى ضوء كل ما سبق نأتى إلى موقع الدعاء الاقتصادى من القضاء والقدر فنقول إذا كان الرزق لا يحدث إلا وفق ما قدر الله سبحانه وتعالى عن طريق قضائه وقدره بربط تحصيله بأسبابه فى صورة سنن إلهية لا تتغير ولا تتبدل بالنسبة لكل البشر، وأن هذه الأسباب متعددة ومتشابكة وأنها ليست ظاهرة لكل الناس ولا فى مكنتهم
الصلة بالشروط المادية (الأخذ بالأسباب) وهو بذلك يفيد اقتصاديا كما سنرى فى المبحث التالى الذى يناقش التفسير الاقتصادى للدعاء"
وكل هذا الكلام لا ضرورة له لأن الدعاء منه واجب وهو الاستغفار للذنوب وهو مستجاب لمن أخلص فيه كما قال تعالى :
" ومن يستغفر الله يجد الله غفور رحيما"
وأما باقى الأدعية فاستجابتها متوقفة على المقدر ولا يمكن للدعاء أن يرد القدر لأن فى تلك الحالة يكون المخلوق قد غلب خالقه وهو يقول :
" والله غالب على أمره"
وتحدث عما سماه الدعاء الاقتصادى فقال :
"المبحث الثانى التفسير الاقتصادى للدعاء
أولا معنى الدعاء الاقتصادى
هو الطلب من الله عز وجل الحظ فى الدنيا فى مجال المال أو الثروة سواء فى الجانب المادى الكمى بأن يهديه الله سبحانه إلى الأسباب الصحيحة ويعينه على الأخذ بها، أو الجانب الكيفى بتعظيم الانتفاع منها، وهو ما يمكن أن يطلق عليه المصطلح الإسلامى «البركة»، وسواء فى الجانب الإيجابى بما ذكرناه، أو الجانب السلبى بالوقاية من المخاطر الاقتصادية أو التخفيف منها وتحملها
ولقد قسم بعض العلماء الدعاء على ثلاثة أوجه وجعل الدعاء الاقتصادى أحد هذه الوجوه حيث جاء «وقال أبو إسحق فى قوله تعالى {أجيب دعوة الداع إذا دعان}
- معنى الدعاء لله على ثلاثة أوجه فضرب منها، توحيده والثناء عليه كقولك ياالله لا إله إلا أنت، وكقولك ربنا لك الحمد، إذا قلته فقد دعوت بقولك ربنا ثم أتيت بالثناء والتوحيد، ومثله قوله تعالى {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي فهذا ضرب من الدعاء، والضرب الثانى مسألة الله العفو والرحمة وما يقرب منه، كقولك اللهم أغفر لنا، والضرب الثالث مسألة الحظ من الدنيا كقولك اللهم ارزقنى مالا وولدا»
ثانيا الشروط الايمانية والشروط المادية والاقتصاد
لقد سبق القول إن كل شيء يجرى فى الكون بقدر الله سبحانه وتعالى وأن من قدر الله ربط الأسباب بالمسببات وفق السنن الإلهية التى لا تتبدل ولا تتغير وتصدق على جميع خلقه، ولابد للأسباب لكى تؤدى إلى نتائجها من شروط وانتفاء الموانع
وبعد هذا التقديم للشروط وموقعها من الأسباب ننتقل إلى توضيح معانى الشروط الإيمانية والشروط المادية وموقف الإسلام منهما
أ - يعنى بالشروط الإيمانية الإيمان بالله عزوجل وعبادته وما يتطلبه ذلك من اتباع أوامره واجتناب نواهيه فى جميع مجالات الحياة ومنها الاقتصاد الذى ورد فى القرآن عنه حوالى 4000 موطن اقتصادى تشمل أحكاما وتوجيهات للسلوك الاقتصادى
ب - يقوم المنهج الإسلامى على ضرورة أخذ كل من الشروط الإيمانية والشروط المادية معا فى كل أمور الحياة ومنها الاقتصاد، ومن أدلة ذلك ما يلى
1 - إن الله عز وجل ربط بين الإيمان (الشروط الإيمانية) والعمل الصالح (الشروط المادية) لتحقيق الحياة الطيبة التى يتوفر فيها رغد العيش الذى يتحقق بالإشباع الجسمى والإشباع النفسى أو الروحى معا حيث يقول عز وجل {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة }
ويلاحظ هنا ما يلى
- أن الله سبحانه وتعالى جعل شرط الوصول إلى الحياة الطيبة الإيمان والعمل الصالح معا
- أنه سبحانه نسب تحقيق الحياة الطيبة لذاته حقيقة وعلى العبد الأتيان بالشروط الإيمانية والمادية
- أنه سبحانه قدم العمل (الشروط المادية) على الإيمان (الشروط الإيمانية)
- أنه سبحانه وصف العمل بالصالح الذى يتضمن بذل الجهد والأخذ بالأسباب السليمة وبكونه ملتزما بأوامر الله تعالى فى التصرف فى المال
- أنه سبحانه جعل الإيمان شرطا مع العمل للحياة الطيبة، لأن العمل بدون إيمان يمكن أن يؤدى إلى وفرة فى الموارد والإنتاج والثروة ولكنه لن يحقق الحياة الطيبة حيث يشبع الحاجات الجسمية فقط وليس الروحية
2 - إن الربط وثيق وعضوى بين الشروط الإيمانية والشروط المادية، فالشروط المادية متضمنة فى الشروط الإيمانية، لأن الأخذ بالأسباب إيمان بالقضاء والقدر كما أن الشروط الإيمانية متضمنه فى الشروط المادية، إذ من مقتضيات الإيمان بالله عزوجل اتباع أوامره واجتناب نواهيه، ومن أوامره سبحانه وتعالى السعى لكسب الرزق، وبذل الجهد لإعمار الأرض كما جاء فى قوله تعالى { فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه } وقوله عز وجل { هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها } أى طلب منكم عمارتها بالزروع والغرس والبناء، والطلب المطلق من الله يدل على الوجوب
ج- أهمية وحدود عمل الشروط الإيمانية اقتصاديا
1 - من المعروف أن الهدف من الاقتصاد هو إشباع الحاجات الإنسانية من الموارد، وأن هذه الحاجات نوعان مادية جسمية، وروحية نفسية، ولا يمكن تحقيق الحياة الطيبة والرفاهية بدون إشباع الحاجتين
2 - إن أهمية الشروط الإيمانية تبرز فى أنها بجانب الإشباع الروحى تؤدى إلى تنظيم الجانب الكمى والكيفى فى هذا الناتج وهو ما عبر عنه القرآن بالبركة فى قوله تعالى {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض } فأثر البركة فى الجانب الكمى يظهر فى أن يهيئ الله سبحانه وتعالى العوامل الخارجية التى تؤثر فى الإنتاج مثل المناخ الطيب لأن من معانى البركة النماء والزيادة ، أما أثر البركة الكيفى وهو الأهم فيتمثل فى تعظيم المنافع من نفس القدر أو الكمية من الموارد إذ من معانى البركة الكثرة فى كل خير ، وهو المقصود من الحصول على الموارد بشكل عام حتى تتحقق الكفاءة الاقتصادية التى هى أحد هدفين من أهداف الاقتصاد بجانب العدالة، ذلك أن الشائع في قياس الكفاءة هو أن تكون المخرجات أكبر من المدخلات، 3 - ومن جانب آخر فإن الشروط الإيمانية تحقق ليس فقط الرفاهية الشخصية بل تحقق الرفاهية الاجتماعية لأن من مقتضيات الإيمان أداء حقوق الله فى المال، وحق الله فى التصور الإسلامى هو حق المجتمع يعطى لمن حددهم الله سبحانه وتعالى من المحتاجين والمحرومين ليعم الخير على الجميع وتتحقق العدالة المفقودة فى ظل النظم الاقتصادية الوضعية
4 - إن الشروط المادية لازمة شرعا وعقلا لتحقيق الوفرة، ولكنها وحدها ليست كافية لتحقيق الحياة الطيبة وهذا ما نلاحظة فى عالم اليوم الذى أصبحت الرأسمالية فيه هى النظام السائد فى ظل العولمة ذلك أن الرأسمالية وكل النظم الاقتصادية الغربية تقوم على عدة ركائز منها ما يلى
- الركيزة الأولى العلمانية التى تقوم على الفصل بين الدين والدنيا، وتقول بأن الدين والأخلاق لا يمتان بصلة إلى مشاكل الإنسان الاقتصادية
- الركيزة الثانية المادية، التى تقوم على أن الثروة والملذات الحسية والمسرات الحسية هى القيم الوحيدة التى يجب أن يسعى المرء لتحقيقها
- الركيزة الثالثة الحتمية أو الجبرية، التى تنطوى على الفكرة القائلة بأن جميع الوقائع فى الكون المادى وبالتالى فى التاريخ البشرى أيضا مرهونه ومشروطه بصورة مطلقة بأسبابها المادية
- الركيزة الرابعة الأنانية ممثلة فى السعى نحو تحقيق المصلحة الخاصة بكل السبل وإذا كان الاقتصاد القائم على الشروط المادية فقط قد حقق وفرة مادية فى الموارد والإنتاج والثروات، إلا أنه صاحب ذلك وبنفس القدر مشكلات وأزمات خانقة، ويؤكد ذلك شهادات واقعية لبعض العلماء الاقتصاد الغربيين من أمثال
ريتشارد استرلين Richard Easterlin الذى أجرى 30 مسحا فى 19 من البلدان المتقدمة والبلدان النامية خلص منها أن البلدان الغنية ليست سعادة أكثر سعادة من البلدان الفقيرة،رغم وفرة الموارد، وفى شهادة أخرى يقول رالف داهر ندروف Ralf Dahrendrof متسائلا لماذا لا يشعر هذا العدد الكبير من المواطنين فى المجتمعات الغنية بالسعادة بعد أربعة عقود من السلم والازدهار؟ ولماذ يكثر الضيق والضنك مع وجود كل هذه الوفرة؟ والإجابة على ذلك واضحة وهى لأنهم اقتصروا على الشروط المادية فقط وأهملوا الشروط الإيمانية
ونخلص من كل ذلك بالآتى
1 - أن الشروط الإيمانية والشروط المادية مطلوبان معا إسلاميا لتحقيق الرخاء الاقتصادى ورغد العيش والحياة الطيبة
2 - أن عدم الأخذ بالشروط المادية على خير وجه طعن فى الإيمان بالقضاء والقدر الذى منه الأسباب والمسببات
3 - إن عدم الأخذ بالشروط الإيمانية طعن فى العقيدة والإيمان وإنكار لما جاء فى القرآن بربط الحياة الطيبة بالإيمان
4 - إن الاقتصار على الشروط المادية وحدها وإن كان يحقق الوفرة المادية والتى تشبع الحاجات الجسمية إلى أنه لا يحقق الإشباع الروحى والنفسى المطلوب لتحقيق الحياة الطيبة والسعادة فضلا عن المشكلات والأزمات الاقتصادية
5 - إن الشروط الإيمانية وحدها دون أن يصاحبها الأخذ بالشروط المادية لا يحقق شيئا للإنسان فى المجال الاقتصادي هذا عن الشروط الإيمانية عامة "
وبالقطع الدعاء الاقتصادى وهو طلب أمر مالى من الله ولا علاقة له بالشروط أيا كان نوعها فكما سبق القول الأمر كله مرتبط بالمقدر فقد يسعى الإنسان ويدعو ومع هذا يفشل ليس لأنه كفر أو عصى وإنما لأن هذا ابتلاء من الله كما ابتلى المسلمون ببلاء اقتصادى وهو نقص الثمرات والأموال وفى هذا قال تعالى :
"ولنبلونكم بشىء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات"
وتحدث عن الدعاء والقرارات الاقتصادية فقال :
"ثالثا الدعاء واتخاذ القرارات الاقتصادية
إن اتخاذ القرارات يعنى به الاختيار من بين البدائل المتاحة، والاقتصاد فى حقيقته يقوم على اتخاذ القرارات، ففى التعريف الذى يحظى بقبول عام «أن الاقتصاد ذلك الفرع من العلوم الاجتماعية الذى يهتم بالطريقة التى يختار بها أفراد المجتمع تخصيص الموارد النادرة نسبيا بين الاستعمالات البديلة لإشباع رغبات أعضاء المجتمع»
وعملية اتخاذ القرارات تبنى على الظن الغالب أو كما يقول علماء الإدارة تتخذ فى ظل عدم التأكد، وتظهر مدى صحة القرار فى المستقبل عندما يتم تنفيذه، والمستقبل مجهول للإنسان، ولذا يعيش متخذ القرار بين الرجاء والأمل أن يتحقق ما يهدف إليه، وبين القلق والخوف بعدم تحققه، حتى رغم اتخاذ كل الشروط المادية من دراسة الجدوى وتهيئة الإمكانيات، وهنا يأتى الدعاء لله عز وجل الذى يعلم الغيب فيطلب الإنسان من ربه الهداية هداية الإرشاد والدلالة فى اتخاذ القرار السليم وهداية التأييد والتوفيق فى أن يؤدى القرار إلى الهدف المقصود منه، وحتى إن تخلف الهدف فإن الدعاء يكسبه الرضا والسكينة بما قدره الله سبحانه بما يحفظ عليه توازنه الروحى
رابعا الدعاء والعوامل الخارجية
تتأثر التصرفات والأنشطة الاقتصادية بعاملين هما
- العوامل الداخلية التى تقع تحت سيطرة الإدارة
- العوامل الخارجية التى لا يمكن للبشر التحكم فيها أو السيطرة عليها، مثل العوامل الكونية الإلهية - المناخ والفيضانات والبراكين والزلازل، والعوامل الاجتماعية مثل التقلبات الاقتصادية والسياسية
وهذه العوامل الخارجية تؤثر وتساهم إلى حد كبير فى نجاح أو فشل العمل الاقتصادى
ومن أمثلتها الواقعة فى دنيانا الاعصار الذى حدث في بعض دول جنوب شرق آسيا أخيرا والذى أثر إلى حد كبير على اقتصادياتها تدميرا لما كان موجودا من مبانى ومنشآت وتحولا لكثير من القرارات السابق اتخاذها
وعلى المستوى السياسى فإن حرب العراق على سبيل المثال أثرت اقتصاديا ليس على الأفراد والمنشآت والدولة فى العراق بل على كثير من الدول المجاورة بالإفادة للبعض والخسارة للبعض كما أن للعوامل الخارجية دور فى التحليل الاقتصادى الذى ما إن ندرس ظاهرة اقتصادية إلا وتبنى الدراسة على مقولة «مع بقاء الأشياء الأخرى على حالها»
وهذه العوامل الخارجية مجهولة للناس وليس فى قدرتهم التنبؤ بها وأخذها فى الاعتبار أو التحكم فيها وفى آثارها عند حدوثها، ولكن يعلمها خالقها المدبر للكون كله وهو الله عز وجل فهى من قضاء الله عز وجل وقدره ومشيئته، ومن هنا فإن الدعاء يكون أحد الأمور التى يواجه بها الإنسان هذه العوامل بالطلب من الله ليس ردها وإنما أن تكون فى صالحه وأن يخفف عنه بلاءها
ومن جانب آخر فمن المعروف أنه يوجد فى الاقتصاد ما يسمى بالدورات الاقتصادية التى يمر بها الاقتصاد فى أربع فترات فترة رخاء ففترة أزمة ففترة كساد ففترة انتعاش ففترة رخاء أخرى وهكذا وتتراوح كل فترة بين 10، 12 سنة، والاقتصاد الوضعى المادى عجز عن تفسير أسباب هذه الدورات التى تحدث بسبب عوامل وظروف لا يمكن للبشر التنبؤ بها أو التحكم فيها «فستانلى جينونز» أعاد الدورات الاقتصادية إلى البقع الشمسية التى تظهر فى الشمس بين فترة لأخرى وتؤثر على الجو، وبالتالى فى حالة الزراعة وتبعا فى كل من الصناعة والتجارة، و «هنرى مور» أعاد الدورات إلى هطول الأمطار، ويوجد تفسير آخر مبنى على أساس (سيكولوجى) نفسى مرده الخطأ فى الأحكام والقرارات التى يتخذها رجال الأعمال أو حالات من التشاؤم والتفاؤل غير معروفة السبب التى تشيع فى مجتمع الأعمال
وأيا كان التفسير لهذه الدورات فإنه يظهر أن أسبابها نتيجة عوامل خارجية كونية أو نفسية من الله عزوجل، وبالتالى فإنه يلزم التوجيه لخالقها بالدعاء شكرا على فترات الانتعاش والرخاء وطلب استمرارها، وصبرا على فترات الكساد والأزمات وطلب تخفيف وطأتها"
وكل هذا الكلام عن الاقتصاد العالمى لا علاقة له بالدعاء وكما سبق القول ما يحدث مما سماه عوامل خارجية هو ابتلاء أو عقاب من الله للناس ومن ثم فلا يوجد شىء اسمه اقتصاد قوى لأن أى اقتصاد معرض للتدمير فى أى لحظة وإنما ما على المسلم هو :
السعى للنجاح بالتخطيط والعمل ولكن النتيجة هى ما قدره الله ولكن فى غالب الأحوال طاعة الله تؤدى لنتيجة حسنة فى الاقتصاد فى الغالب
وتحدث عن مواجهة المخاطر الاقتصادية بالدعاء فقال :
"خامسا الدعاء ومواجهة المخاطر
لقد أصبح موضوع المخاطر التى تواجه النشاط الاقتصادى من الموضوعات الهامة لدرجة أنه ظهر فرع من العلوم الإدارية يسمى «إدارة المخاطر والأزمات» يدرس تحديد أنواع المخاطر واحتمالات وقوعها والعمل على الحد منها وكيفية معالجة آثارها، ومع أن الواقع يشهد تقدما فى هذا المجال سواء من حيث الدراسات أو الإجراءات، إلا أن المخاطر تتزايد بصورة كبيرة ولا يحد منها ومن آثارها ما ابتكره الإنسان من أنواع التأمين ومن أساليب التحوط فى الاستثمارات، وهذه المخاطر باللغة الإسلامية هى البلاء الذي يقع بالناس ولا يملكون له ردا
ويصيبهم بالقلق والخوف من وقوعه، وبالهم والحزن بعد وقوعه مما أدى إلى زيادة الأمراض النفسية الاقتصادية
والدعاء من الأساليب التى يواجه بها المسلم البلاء بجانب الإجراءات المادية، فبعد أن يتخذ كل الأسباب للوقاية منها تصديقا لقوله تعالى {خذو حذركم} وقوله (ص)«اعقلها وتوكل» فإنه يلجأ إلى الله بالدعاء أن يقيه شر البلاء كما جاء فى حديث الرسول (ص) «لا يغنى حذر من قدر، والدعاء ينتفع ما نزل وما لم ينزل وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة»
وما أحوج الإنسان إلى اللجوء لله عز وجل وقت الشدة والاضطرار وهذه خاصية بشرية أثبتها القرآن الكريم لجميع الناس فى أكثر من آية مثل قوله تعالى {وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قآئما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه } وقوله عزوجل {وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه }
ومن شأن الدعاء فى هذا الموقف إما أن يتحقق ما دعا به من المساعدة فى الوقاية من المخاطر أو تخفيف آثارها عليه فلقد جاء فى القرآن الكريم فى تعداد نعم الله على عباده فى صورة تقريرية للوقاية من المخاطر {أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض }
وإما أن يكسبه الدعاء راحة فى النفس وسكينة فى الصدر وتحمل للمخاطر والرضا بها والتسليم بقضاء الله مصداقا لقوله تعالى {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين} "
والحق أن الله أوجب أحكاما للحفاظ على الاقتصاد تدخل كلها تحت قوله :
"واعدوا لهم ما استطعتم من قوة"
ومن ثم فالحفاظ منوط بتنفيذ أحكام الله وليس بالدعاء فالدعاء هو تحصيل حاصل أحيانا
وتحدث عن الدعاء وترشيد الاقتصاد فقال :
"سادسا الدعاء والرشادة الاقتصادية
إن الاقتصاد اليوم يعانى من مشكلات خطيرة من أهمها ما يطلق عليه اقتصاديا الممارسات غير الأخلاقية والفساد وخيانة الأمانة، فمن الممارسات غير الأخلاقية، الغش فى السلع والخدمات، وتقديم المعلومات المضللة خاصة فى الإعلانات وفى المعاملات فى البورصات، والمعاملات الصورية (النجش) والفساد الذى ينحصر حسب تعريف البنك الدولى فى الرشاوى، وخيانة الأمانة بواسطة مجالس إدارات الشركات مما أظهر لمواجهة «حوكمة الشركات» وأصبحت مكافحة هذه الصور الشغل الشاغل للحكومات والمنظمات الدولية، ومع ذلك فشلت جميع الإجراءات القانونية والرقابية والإدارية فى ذلك، وآخر ما صدر عن الأمم المتحدة هو مشروع قانون نموذجى اشتمل فى أجزاء منه على نصوص بتقوية ودعم الجانب الخلقى وإعلاء القيم الفاضلة لتحقيق الرشادة والنزاهة وأن ذلك واجب رجال الدين، لأنه لا يمكن بناء نظام أخلاقى فعال ودعمه فى التطبيق بدون عون من الدين
وإذا كان من شروط الدعاء كما سبق ذكره طيب الكسب من مصدر حلال فإن ذلك يساعد فى العمل على علاج هذه الممارسات المحرمة
وهكذا يظهر أن الدعاء مطلوب اقتصاديا رجاء أن يقبله الله عز وجل فتتحقق معه البركة أو يدخره له فتهدأ نفسه وتستريح ويذهب عنه القلق والخوف والحزن، بل يكفى فيه أنه عباده لله عز وجل يتقرب الإنسان من ربه ويجعله ذاكرا له، والله عزوجل جعل الإعراض عن الذكر سببا فى ضنك المعيشة فى قوله تعالى {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا } ويقول فى حق من يقتصر على الشروط المادية وينسى ذكر الله {فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا} وليس الأمر مقصورا على ذلك، ولكن علم الله بحاجة الإنسان للدعاء عامة والاقتصادى خاصة أوسع من علمنا ولذلك أمر به سبحانه وجاءنا ارشادا وتعليما من رسوله (ص) "
والترشيد لا علاقة له بالدعاء وإنما هو أحكام تنفذ تطبيق لقوله تعالى :
"ولا تبذر تبذيرا"
فالدعاء غير مفيد فى الترشيد
وأخيرا ذكر لنا أمثلة مما سماه الأدعية الاقتصادية فقال :
"المبحث الثالث
نماذج من الأدعية الاقتصادية
الأدعية الاقتصادية وردت بكثرة فى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة سواء فى صورة إخبار عن أدعية اقتصادية وردت على لسان الأنبياء واستجاب الله سبحانه لدعائهم أو تعليمنا كيفية الدعاء، وهذا الورود بهذه الكثرة يدل على أن الدعاء الاقتصادى موجود ومطلوب، وأن وروده فى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة يتطلب ممارسته لأن القرآن ليس كتابا يتلى فقط وإنما يجب أن نتدبره ونؤمن بما جاء به ونعمل بما فيه حتى نستفيد من هديه ويتحقق إيماننا بالكتاب كما أمر ربنا عزوجل
أولا أدعية اقتصادية من القرآن الكريم
أ- دعاء سيدنا إبراهيم (ص)ربه بتوفير الرزق لأهله فى مكان ليس به أى موارد اقتصادية حيث جاء فى القرآن الكريم {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات}
ب- دعاء سيدنا سليمان (ص)بطلب الملك من الله عزوجل {قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي}
ج- دعاء سيدنا موسى (ص)حينما دعا على قوم فرعون دعوات اقتصادية منها قوله تعالى {ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم}
د- يعلمنا ربنا سبحانه وتعالى فى الدعاء بطلب الحياة الطيبة فى قوله تعالى {ومنهم من يقول ربنآ آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار* أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب} فهذه الآيات من جوامع الدعاء التى عمت الدنيا والآخرة وفى الصحيحين عن أنس قال كان أكثر دعوة يدعو بها النبى (ص) يقول «اللهم آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة» ، وفسرت الحسنة فى الدنيا بالمال ، وقيل كل مطلوب دنيوى من عافية ودار رحبة وزوجة حسنة ورق واسع وعلم نافع وعمل صالح ومركب هين وثناء جميل»
ه- ومثل ذلك قوله تعالى {واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة}
و- طلب الرشد فى الأمور كلها فى قوله تعالى {ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا}
ز- قوله تعالى فى طلب العلم الذى هو أساس المعرفة اللازمة للاقتصاد {وقل رب زدني علما} والعلم هنا ورد منكرا بما يعنى كل إدراك يفيد الإنسان توفيقا فى القيام بواجبه فى إعمار الأرض وعبادة الله
ح- قوله تعالى {قال رب نجني من القوم الظالمين} ذلك أن الظلم والطغيان سبب مباشر لزوال النعم
ثانيا أدعية اقتصادية من السنة النبوية الشريفة
ونذكرها حسب التصنيف التالى
أ- أدعية لطلب الغنى وسعة الرزق والبركة فيه ومنها ما يلى
1 حديث «اللهم إنى أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى»
2 حديث «اللهم إنى أسألك خير هذه السوق وخير ما فيها، وأعوذ بك من شر هذه السوق وشر ما فيها، وأعوذ بك أن أصيب بها يمينا فاجرة، أو صفقة خاسرة»
3 حديث «اللهم إنى أسألك غناى وغنى مولاى»
4 حديث «اللهم أصلح لى دنياى التى فيها معاشى»
5 حديث دعاء الرسول (ص) لأنس قال فيه «اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته»
6 حديث «اللهم أكفنى بحلالك عن حرامك، وأغننى بفضلك عمن سواك»
7 حديث «اللهم زدنا ولا تنقصنا وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا»
8 حديث «اللهم أغفر لى وارحمنى وعافنى وأرزقنى - وجمع أصابعه الأربعة إلا الإبهام وقال فإن هؤلاء يجمعن لك دينك ودنياك»
9 حديث «اللهم إنى أسألك العافية فى دينى ودنياى وأهلى ومالى»
ب- أدعية للتعوذ من الفقر والدين والمشكلات الاقتصادية ومنها ما يلى
1 حديث «اللهم إنى أعوذ بك من الفقر والقلة والذلة وأعوذ بك من أن أضل»
2 حديث «اللهم إنى أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وضلع الدين وغلبة الرجال»
4 5 حديث «اللهم إنى أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك، اللهم اقض عنا الدين واغننا من الفقر»
6 حديث «اللهم إنى أعوذ بك من الأربع من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعاء لا يسمع»
7 حديث «اللهم إنى أعوذ بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء»
8 حديث «اللهم إنى أعوذ بك من الجوع، وأعوذ بك من الخيانة» "
[b]وكما سبق القول لا علاقة للاقتصاد بالدعاء فالمطلوب هو ألأخذ بالأسباب والدعاء هو تحصيل حاصل إن استجاب الله له[/b]