قراءة في رسالة الجدل
الرسالة مؤلفها ابن البناء المراكشي وقد استهلها بتعريف الجدل فقال :
"الجدل: قانون نظري يتبين به سبيل الهدى عن سبيل الضلال."
وهذا التعريف مناقض لكتاب الله فالجدل في القرآن على نوعين :
الأول الجدل بالحق لإزالة الباطل كما قال تعالى :
" وجادلهم بالتى هى أحسن"
والثانى الجدل بالباطل لإزالة الحق كما قال تعالى :
"وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق"
وتحدث عن كون مقدماته هى المقبولات والمشهورات فقال :
"ومقدماته: المقبولات والمشهورات، وهي فيه بمنزلة الضروريات، وما ليس كذلك فهو بمنزلة ما ليس بضروري، وغلبة الظن فيه بمنزلة القطع في القطعيات، واتباع الراجح دون المرجوح أمر لازم، والعامل بالراجح دون المرجوح مصيب في عمله لا محالة، وعلى المستدل بيان وجه الرجحان عند الذي أورثه غلبة الظن لإيقاع الرجحان في نفس غيره"
وابن البناء يبين أن الجدال يقوم على غلبة الظن والترجيح وهو ما يخالف القرآن في كون جدال المسلمين يكون بالأحسن وهو القطعيات لأن الظن في الإسلام مهما كان غالب لا قيمة له عند الله وفى هذا قال تعالى :
" إن الظن لا يغنى من الحق شيئا"
وغلبة الظن والترجيح إنما هى فيما يسمونه مسائل الرأى وهى لا تكون عند المسلمين أبدا لأن في كتاب الله كل شىء حكمه واضح كما قال تعالى:
" ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء"
وتحدث عن كون الحكم في الجدال إما ثابت وإما منتفى وكل حكم معلل فقال :
"والحكم إما أن يكون ثابتا لقيام دليل على ثبوته، وإما أن يكون منتفيا لقيام دليل على نفيه، أو تقدم دليل على ثبوته، وكل حكم معلل لأنه لا بد أن يكون مشروعا لمصلحة، وأن يكون منصوبا له علامة تدل على تحققه في الوجود، وتلك العلامة مناط الحكم وضابطه، ويسمى علة وسببا ووجب ألا يكون طرديا ولا عدما، وأن تقرر الضابط لخفائه يعتبر بمعلوم يلازمه ذلك الضابط الخفي غالبا، ويسمى مظنة وإمارة مقتضيا، والمعتبر من التعليل فيما لا يكون منصوصا مما مكننا تعليله ما يغلب على الظن كونه علة، لأجل مناسبة ومشابهة معلومة، ويسمى المناسب أو مظنونة"
وحكاية الحكم المعلل الظنى لا أساس لها لأن الظن لا يبنى عليه في كتاب الله وكل حكم في كتابع الله علته واحدة عامة وهى العدل كما قال تعالى:
" وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا "
وأما البحث عن العلل الجزئية فهو كلام يؤدى بالناس لابتداع أخطاء في الغالب
وتحدث عن المشتبه فقال :
"وسمى المشتبه فيكون راجحا على سائر أوصاف المحل وطلبه بالسبر والتقسيم، وقد يكون للمناسب نظير في الشرع، فيسمى مؤثرا وقد يكون موافقا لتصرفات الشرع خاصة، فيسمى ملائما وقد لا يكون كذلك فيسمى غريبا."
وتحدث عن أنواع العلل فقال:
"والعلل منها ما يكون وصفا، ومنها ما يكون حكما شرعيا ومنها ما يكون أمرا عرفيا، وقد تكون وصفا واحدا، وقد تكون ذات أوصاف، العلة قد تكون معلومة بالنص أو بالاستدلال، فتكون محققة أو منقحة أو مخرجة."
وتحدث عن أحكام الشرع فقال :
"والشرع عام، فأحكامه كلية، وأسبابها عامة الوجود، ومتعلقها بالكليات، ولا وجود للكليات في الأعيان إلا في الجزئيات، وإذا وقع الجزئي حصل الكلي، فالحكم على ما في الذهن مشروط بتحققه في الوجود العيني.
والشروط اللغوية أسباب لأنه يلزم من وجودها الوجود، ومن عدمها العدم وضعا، بخلاف الشرعية والعقلية والعادية."
وتحدث عن الاجتهاد وأدلته فقال :
"والاجتهاد واجب، وأدلة المجتهدين من حيث مشروعية الأحكام دون وقوعها تنحصر بالاستقراء في عشرين، وهي:
الكتاب، السنة، وإجماع الأمة، وإجماع العشرة، وإجماع الخلفاء الأربعة، وإجماع الخليفين أبي بكر وعمر رضي الله عنهم جميعهم، وإجماع أهل المدينة، وإجماع أهل الكوفة، وقول الصحابي، والقياس، والاستدلال، والاستقراء وسد الذرائع، والبراءة الأصلية، والمصلحة المرسلة والاستصحاب، والاستحسان، والأخذ بالأخف والعصمة."
وما قاله عن العشرين دليلا هو تكذيب للقرآن فلا دليل إلى وحى الله وهو الكتاب كما قال تعالى :
" ولقد نزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء"
وتحدث عن أدلة وقوع الأحكام فقال :
"وأما أدلة وقوع الأحكام بعد مشروعيتها فهي أدلة وقوع أسبابها، وحصول شروطها، وانتفاء موانعها، وهي غير محصورة، وتكون معلومة بالضرورة ومظنونة."
وتحدث عن أنواع الخطاب فقال :
"والخطاب على قسمين: خطاب تكليف، ويشترط فيه علم المكلف واستطاعته وغيرهما، وخطاب وضع واختبار لا يشترط فيه ذلك، ولا يثبت النص إلا بإجماع أو نقل."
والخطاب إما تكليف وهو الحكم الإجبارى وإما الحكم الاختيارى بمعنى أن الحكم يكون فيه خيارات يختار المسلم من بينها كحكم القتل القصاص والعفو
وتحدث عن الدعاوى فقال :
"أما طريق النقل فدعوى التواتر والآحاد، ودعوى الإجماع والعدالة والتجريح، فكله مقبول من العدل المباشر أولا المسند إلى إمام مشهور من أهل تلك الصنعة أو إلى كاتبه.
وأما دعوى النصوصية والظهور فمقبولة وعلى النافي لها جليل وإلا كان منقطعا، والتقسيم الأعلى ما احتمل معنيين فأكثر، ولا يسمع إلا إذا اختلفت مآخذ المنع في الأقسام، وهذا من المناقشات.
كما أن من المؤاخذات زيادة ما لا حاجة إليه في الدليل، أو الانتقال من دليل إلى دليل، ولا تصح العناية إلا بما يحتمله اللفظ، وإذا تحقق المراد، فلا سبيل إلى الرجوع عنه، ولا إلى الانتقال إلى غيره، كما لا يسوغ الانتقال من دليل إلى دليل، وعامل اللفظ ما تكون مشهورة أو مسموعة من أهل اللغة، وإلا فلا تقبل، والدليل إن لم تكن أركانه صحيحة، فيرد إليه سؤال المنع، وهو على أنواع لا، وإن كانت أركانه صحيحة، ولم يفد المطلوب، فيرد عليه سؤال القول بالموجب، وإن أفاد المطلوب غيره حيث توجد العلة، ويتخلف الحكم فيرد عليه سؤال النقض، وإن أفاد أقل من المطلوب، بحيث يوجد الحكم، وتخلف العلة فيرد عليه سؤال الكسر، وإن أفاد المطلوب، وكان مؤديا إلى ممتنع، فيرد إليه سؤال الإلزام، وإن لم يكن مؤديا إلى ممتنع، وقام دليل على نقيضه، فيرد عليه سؤال المعارضة، وإلا فهو سالم من السؤالات وتقديم بعض هذه السؤالات على بعض، ودفع بعضها ببعض، وما يجوز من ذلك وما لا يجوز لا يخفى عند التأمل"
وهذا الكلام كله هو من باب الفلسفة وهو بعيد عن أحكام الله في الجدل وهو الجدال بالحسنى أو التى هى أحسن وهى نصوص الوحى
وتحدث عن كون الاجتهاد قائم على الترجيح فقال :
"ومدار الأمر في الاجتهاد على الترجيح، وطريقه لا تنحصر، فيحمل اللفظ على الحقيقة دون المجاز، وعلى العموم دون الخصوص، وعلى الإطلاق دون التقييد، وعلى الإفراد دون الاشتراك، وعلى الاستقلال دون الإضمار، وعلى التأسيس دون التأكيد، وعلى البقاء دون النسخ، وعلى الشرعي دون العقلي، وعلى العرفي دون اللغوي، لأن تقديم ذلك راجح عقلا، والعمل الراجح متعين.
واختلف في الحقيقة المرجوحة، والمجاز الراجح، فقيل يتقدم الحقيقة، وقيل يتقدم المجاز لرجحانه، وقيل بالتوقف، والأظهر هو الثاني، لاسيما إن كان المجاز بعض الحقيقة.
وإذا دار اللفظ بين احتمالين مرجوحين، فيقدم التخصيص والمجاز، والإضمار والنقل والاشتراك على النسخ، ويقدم الأربعة الأول على الاشتراك، ويقدم الثلاثة الأول على النقل، والأولان على الإضمار، والأول على الثاني، ويقع التعارض بين الأحكام، فيقدم الواجب على الممنوع، وكل واحد منهما على الجائز. وأوجب الواجبين على الآخر، وأولي الممنوعين على الآخر. ويقع التعارض بين الأحكام، فيقدم الواجب على الممنوع، وكل واحد منهما على الجائز. وأوجب الواجبين على الآخر، وأولى الممنوعين على الآخر، ويقع التعارض بين الدليلين، وبين البينتين وبين الأصلين، وبين الظاهرين وبين الأصل والظاهر، والقول لا يعارض الفعل، فإن وقع بينهما تعارض، كان أحدهما منسوخا أو مخصوصا، إن علم التقدم، وإلا فالقول راجح لاستقلاله بدلالته. وكل حكم واجب على المكلف في الحال، فكل حكم يمنعه ويضاده مرتفع عنه، كما أنه إذا كان حكم يؤدي إلى إبطال حكم شرعي ثابت، فهو باطل. وقد يكون الحكم على الشيء لنفسه خلاف الحكم عليه، لأجل غيره.
والفروق والمدارك في الفروع تنشأ من تصرفات المكلفين، وكما تنظر بينك وبين نفسك، تنظر بينك وبين خصمك، بشرط الموافقة على الأصول التي تنظر بها، وإلا لم ينضبط الكلام والنظر، وانفتح باب الشغب والعناد."
والاجتهاد مداره ليس على الترجيح وإنما على جمع النصوص في الموضوع لمعرفة الحكم من خلال دراستها معا
الرسالة مؤلفها ابن البناء المراكشي وقد استهلها بتعريف الجدل فقال :
"الجدل: قانون نظري يتبين به سبيل الهدى عن سبيل الضلال."
وهذا التعريف مناقض لكتاب الله فالجدل في القرآن على نوعين :
الأول الجدل بالحق لإزالة الباطل كما قال تعالى :
" وجادلهم بالتى هى أحسن"
والثانى الجدل بالباطل لإزالة الحق كما قال تعالى :
"وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق"
وتحدث عن كون مقدماته هى المقبولات والمشهورات فقال :
"ومقدماته: المقبولات والمشهورات، وهي فيه بمنزلة الضروريات، وما ليس كذلك فهو بمنزلة ما ليس بضروري، وغلبة الظن فيه بمنزلة القطع في القطعيات، واتباع الراجح دون المرجوح أمر لازم، والعامل بالراجح دون المرجوح مصيب في عمله لا محالة، وعلى المستدل بيان وجه الرجحان عند الذي أورثه غلبة الظن لإيقاع الرجحان في نفس غيره"
وابن البناء يبين أن الجدال يقوم على غلبة الظن والترجيح وهو ما يخالف القرآن في كون جدال المسلمين يكون بالأحسن وهو القطعيات لأن الظن في الإسلام مهما كان غالب لا قيمة له عند الله وفى هذا قال تعالى :
" إن الظن لا يغنى من الحق شيئا"
وغلبة الظن والترجيح إنما هى فيما يسمونه مسائل الرأى وهى لا تكون عند المسلمين أبدا لأن في كتاب الله كل شىء حكمه واضح كما قال تعالى:
" ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء"
وتحدث عن كون الحكم في الجدال إما ثابت وإما منتفى وكل حكم معلل فقال :
"والحكم إما أن يكون ثابتا لقيام دليل على ثبوته، وإما أن يكون منتفيا لقيام دليل على نفيه، أو تقدم دليل على ثبوته، وكل حكم معلل لأنه لا بد أن يكون مشروعا لمصلحة، وأن يكون منصوبا له علامة تدل على تحققه في الوجود، وتلك العلامة مناط الحكم وضابطه، ويسمى علة وسببا ووجب ألا يكون طرديا ولا عدما، وأن تقرر الضابط لخفائه يعتبر بمعلوم يلازمه ذلك الضابط الخفي غالبا، ويسمى مظنة وإمارة مقتضيا، والمعتبر من التعليل فيما لا يكون منصوصا مما مكننا تعليله ما يغلب على الظن كونه علة، لأجل مناسبة ومشابهة معلومة، ويسمى المناسب أو مظنونة"
وحكاية الحكم المعلل الظنى لا أساس لها لأن الظن لا يبنى عليه في كتاب الله وكل حكم في كتابع الله علته واحدة عامة وهى العدل كما قال تعالى:
" وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا "
وأما البحث عن العلل الجزئية فهو كلام يؤدى بالناس لابتداع أخطاء في الغالب
وتحدث عن المشتبه فقال :
"وسمى المشتبه فيكون راجحا على سائر أوصاف المحل وطلبه بالسبر والتقسيم، وقد يكون للمناسب نظير في الشرع، فيسمى مؤثرا وقد يكون موافقا لتصرفات الشرع خاصة، فيسمى ملائما وقد لا يكون كذلك فيسمى غريبا."
وتحدث عن أنواع العلل فقال:
"والعلل منها ما يكون وصفا، ومنها ما يكون حكما شرعيا ومنها ما يكون أمرا عرفيا، وقد تكون وصفا واحدا، وقد تكون ذات أوصاف، العلة قد تكون معلومة بالنص أو بالاستدلال، فتكون محققة أو منقحة أو مخرجة."
وتحدث عن أحكام الشرع فقال :
"والشرع عام، فأحكامه كلية، وأسبابها عامة الوجود، ومتعلقها بالكليات، ولا وجود للكليات في الأعيان إلا في الجزئيات، وإذا وقع الجزئي حصل الكلي، فالحكم على ما في الذهن مشروط بتحققه في الوجود العيني.
والشروط اللغوية أسباب لأنه يلزم من وجودها الوجود، ومن عدمها العدم وضعا، بخلاف الشرعية والعقلية والعادية."
وتحدث عن الاجتهاد وأدلته فقال :
"والاجتهاد واجب، وأدلة المجتهدين من حيث مشروعية الأحكام دون وقوعها تنحصر بالاستقراء في عشرين، وهي:
الكتاب، السنة، وإجماع الأمة، وإجماع العشرة، وإجماع الخلفاء الأربعة، وإجماع الخليفين أبي بكر وعمر رضي الله عنهم جميعهم، وإجماع أهل المدينة، وإجماع أهل الكوفة، وقول الصحابي، والقياس، والاستدلال، والاستقراء وسد الذرائع، والبراءة الأصلية، والمصلحة المرسلة والاستصحاب، والاستحسان، والأخذ بالأخف والعصمة."
وما قاله عن العشرين دليلا هو تكذيب للقرآن فلا دليل إلى وحى الله وهو الكتاب كما قال تعالى :
" ولقد نزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء"
وتحدث عن أدلة وقوع الأحكام فقال :
"وأما أدلة وقوع الأحكام بعد مشروعيتها فهي أدلة وقوع أسبابها، وحصول شروطها، وانتفاء موانعها، وهي غير محصورة، وتكون معلومة بالضرورة ومظنونة."
وتحدث عن أنواع الخطاب فقال :
"والخطاب على قسمين: خطاب تكليف، ويشترط فيه علم المكلف واستطاعته وغيرهما، وخطاب وضع واختبار لا يشترط فيه ذلك، ولا يثبت النص إلا بإجماع أو نقل."
والخطاب إما تكليف وهو الحكم الإجبارى وإما الحكم الاختيارى بمعنى أن الحكم يكون فيه خيارات يختار المسلم من بينها كحكم القتل القصاص والعفو
وتحدث عن الدعاوى فقال :
"أما طريق النقل فدعوى التواتر والآحاد، ودعوى الإجماع والعدالة والتجريح، فكله مقبول من العدل المباشر أولا المسند إلى إمام مشهور من أهل تلك الصنعة أو إلى كاتبه.
وأما دعوى النصوصية والظهور فمقبولة وعلى النافي لها جليل وإلا كان منقطعا، والتقسيم الأعلى ما احتمل معنيين فأكثر، ولا يسمع إلا إذا اختلفت مآخذ المنع في الأقسام، وهذا من المناقشات.
كما أن من المؤاخذات زيادة ما لا حاجة إليه في الدليل، أو الانتقال من دليل إلى دليل، ولا تصح العناية إلا بما يحتمله اللفظ، وإذا تحقق المراد، فلا سبيل إلى الرجوع عنه، ولا إلى الانتقال إلى غيره، كما لا يسوغ الانتقال من دليل إلى دليل، وعامل اللفظ ما تكون مشهورة أو مسموعة من أهل اللغة، وإلا فلا تقبل، والدليل إن لم تكن أركانه صحيحة، فيرد إليه سؤال المنع، وهو على أنواع لا، وإن كانت أركانه صحيحة، ولم يفد المطلوب، فيرد عليه سؤال القول بالموجب، وإن أفاد المطلوب غيره حيث توجد العلة، ويتخلف الحكم فيرد عليه سؤال النقض، وإن أفاد أقل من المطلوب، بحيث يوجد الحكم، وتخلف العلة فيرد عليه سؤال الكسر، وإن أفاد المطلوب، وكان مؤديا إلى ممتنع، فيرد إليه سؤال الإلزام، وإن لم يكن مؤديا إلى ممتنع، وقام دليل على نقيضه، فيرد عليه سؤال المعارضة، وإلا فهو سالم من السؤالات وتقديم بعض هذه السؤالات على بعض، ودفع بعضها ببعض، وما يجوز من ذلك وما لا يجوز لا يخفى عند التأمل"
وهذا الكلام كله هو من باب الفلسفة وهو بعيد عن أحكام الله في الجدل وهو الجدال بالحسنى أو التى هى أحسن وهى نصوص الوحى
وتحدث عن كون الاجتهاد قائم على الترجيح فقال :
"ومدار الأمر في الاجتهاد على الترجيح، وطريقه لا تنحصر، فيحمل اللفظ على الحقيقة دون المجاز، وعلى العموم دون الخصوص، وعلى الإطلاق دون التقييد، وعلى الإفراد دون الاشتراك، وعلى الاستقلال دون الإضمار، وعلى التأسيس دون التأكيد، وعلى البقاء دون النسخ، وعلى الشرعي دون العقلي، وعلى العرفي دون اللغوي، لأن تقديم ذلك راجح عقلا، والعمل الراجح متعين.
واختلف في الحقيقة المرجوحة، والمجاز الراجح، فقيل يتقدم الحقيقة، وقيل يتقدم المجاز لرجحانه، وقيل بالتوقف، والأظهر هو الثاني، لاسيما إن كان المجاز بعض الحقيقة.
وإذا دار اللفظ بين احتمالين مرجوحين، فيقدم التخصيص والمجاز، والإضمار والنقل والاشتراك على النسخ، ويقدم الأربعة الأول على الاشتراك، ويقدم الثلاثة الأول على النقل، والأولان على الإضمار، والأول على الثاني، ويقع التعارض بين الأحكام، فيقدم الواجب على الممنوع، وكل واحد منهما على الجائز. وأوجب الواجبين على الآخر، وأولي الممنوعين على الآخر. ويقع التعارض بين الأحكام، فيقدم الواجب على الممنوع، وكل واحد منهما على الجائز. وأوجب الواجبين على الآخر، وأولى الممنوعين على الآخر، ويقع التعارض بين الدليلين، وبين البينتين وبين الأصلين، وبين الظاهرين وبين الأصل والظاهر، والقول لا يعارض الفعل، فإن وقع بينهما تعارض، كان أحدهما منسوخا أو مخصوصا، إن علم التقدم، وإلا فالقول راجح لاستقلاله بدلالته. وكل حكم واجب على المكلف في الحال، فكل حكم يمنعه ويضاده مرتفع عنه، كما أنه إذا كان حكم يؤدي إلى إبطال حكم شرعي ثابت، فهو باطل. وقد يكون الحكم على الشيء لنفسه خلاف الحكم عليه، لأجل غيره.
والفروق والمدارك في الفروع تنشأ من تصرفات المكلفين، وكما تنظر بينك وبين نفسك، تنظر بينك وبين خصمك، بشرط الموافقة على الأصول التي تنظر بها، وإلا لم ينضبط الكلام والنظر، وانفتح باب الشغب والعناد."
والاجتهاد مداره ليس على الترجيح وإنما على جمع النصوص في الموضوع لمعرفة الحكم من خلال دراستها معا