نظرات فى كتيب الحب في الله
استهل المؤلف الكتاب بالحديث عن المحبة فى الله فقال :
"المحبة في الله من أفضل القربات وأجل المزيات التي تكفل الله لمن بلغها بالأجر والمثوبة .
وهو القائل سبحانه يوم أن تعرض عليه الخلائق :
" أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي "
وهذا في الآخرة"
والحديث المستشهد به ليس فى المحبة فى الله وإنما فى محبة جلال الله والغريب فى الحديث هو سؤال الله عن مكان المتحابين وهو اتهام لله بالجهل بمكانهم
ولو كانوا صنف من المسلمين لتعارض مع دخول كل المسلمين الظل وليس المتحابين فقط وفى هذا قال تعالى :
"والذين أمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا"
وتحدث عن أجور المتحابين فى الدنيا فقال :
وأما في الدنيا فإن المتحابين في الله يحصلون على نعم وفضائل عدة ومن أجلها وأزكاها نعمتان عظيمتان :
"الأولى : محبة الله لهم . فقد أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم :
" أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى فأرصد الله له على مدرجته ملكا فلما أتى عليه قال : أين تريد ؟ قال أريد أخا لي في هذه القرية قال : هل لك عليه من نعمة تربها ؟ قال : لا غير أني أحببته في الله عز وجل . قال : فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه ""
والخطأ فى الرواية هو نزول الملاك إلى الأرض كى يقول للرجل الزائر أن الله يحبه وهو ما يخالف أن الله لا ينزل الملائكة الأرض لخوفها وعدم اطمئنانها إلا للرسالة كما قال تعالى :
"قل لو كان فى الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا"
ثم قال :
"والثانية : وضع القبول له في الأرض . فقد أخرج الشيخان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أحب الله العبد نادى جبريل إن الله يحب فلانا فأحببه فيحبه جبريل فينادي جبريل في أهل السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض "."
الحديث لم يقله النبى(ص) بأى حال من الأحوال وهو يعارض كتاب الله فالرسل وهم أفضل الناس لم يوضع له القبول فى الأرض بدليل أن عدد من أحبوهم كان قليل فإبراهيم(ص) مثلا أحبه واحد من قومه وهو لوط(ص) فآمن به كما قال تعالى :
"فآمن له لوط "
ومن ثم تكرر المعنى أن أكثر الناس لا يشكرون أى لا يؤمنون أى يكفرون... كما فى قوله تعالى :
" ولكن أكثر الناس لا يشكرون"
فهل كان قبول من أهل الأرض للرسل(ص)حتى يكون لغيرهم من المسلمين قبول عند الناس ؟
وتحدث عن كون السعادة فى التآخى والمحبة فى الله فقال:
"فلا يمكن لمجتمعاتنا الإسلامية أن تحيا حياة السعداء الذين سعدوا بهذا الدين الحنيف حتى يكون واقعهم واقعا ملموسا من واقع أسلافهم أولئك الأسلاف الذين جمع الله لهم فضل الدنيا والآخرة بتآخيهم ومحبتهم في الله جل وعلا فإن المحبة في الله ديمومة الذكر بالمحاسن والفضائل في المجتمع الإسلامي لا لشيء إلا كونها قامت على إيمان صادق وعقيدة صحيحة . قال عبد الله بن عمر كما في إحياء علوم الدين للغزالي 2/175 : " والله لو صمت النهار لا أفطره ، وقمت الليل لا أنامه ، وأنفقت مالي غلقا في سبيل الله أموت يوم أموت وليس في قلبي حب لأهل طاعة الله وبغض لأهل معصية الله ما نفعني "
وتحدث عما أن ما سموه الفتوح الإسلامية الأولى حدثت بسبب تلك المحبة فقال :
"وما الفتوحات الإسلامية المتوالية التي من الله بها على الرعيل الأول وأبنائه إلا بتلكم المحبة السائدة بين أولئك النفر الذين غرسوا في نفوسهم شمولية الفضائل المشروعة والتي شملت الود والإخاء والرحمة والعطف حتى استحقوا مديح ربهم وثناءه عليهم بقوله : " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا " [سورة الفتح آية رقم 29 ]. هؤلاء هم أهل الإيمان المتحابون في الله بإخلاص تام وصدق مستمر."
وأما الفتوح فحدثت بسبب طاعة الكل لله ولم تكن كلها فتوح قتال وإنما أكثرها فتوح بلا قتال حيث دخل الناس فى دين الله أفواجا كما قال تعالى :
" ورأيت الناس يدخلون فى دين الله أفواجا"
وفتح مكة وهو الفتح الوحيد الموجود فى الوحى الحالى لم يحدث فيه قتال فى مكة مع قوله تعالى :
"وهو الذى كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم"
وكل ما حدث هو مناوشات بسيطة خارج مكة انتصر فيها المسلمون وتحدث عمن سماهم أهل الشهوات والملذات والأموال والتجارات فقال:
"أما أهل الشهوات والملذات والأموال والتجارات فإنهم إن اجتمعوا كان اجتماعهم على مصلحة زائلة أو دنيا فانية ولذا فبنيانهم سريع الهدم منقطع المصلحة لا بركة فيه لماذا ؟
لأن نفوسهم تعلقت بالماديات المحسوسة ولم تتعلق بالله جل وعلا حتى ظن الكثير من الناس أن التاجر وما ملك من الأموال لم يحصل عليها إلا بذكائه وتوقد فطنته ومحض إرادته ! فتقرب إليه البعض حبا فيما عنده من حطام الدنيا ، وبقي الحال كذلك حتى زال ذلك المال، وظهر الفقر ومن ثم اختفت تلك المحبة وغاب صيتها وكأن الأمر لم يكن "
وتحدث عن مثال لأهل الفجور فقال :
"وأقرب مثال لهذا الواقع المشاهد ما قصه الله علينا في كتابه الكريم عن قارون وقومه
قال تعالى : " إن قارون كان من قوم موسى، فبغى عليهم، وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوأ بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة، ولا تنس نصيبك من الدنيا، وأحسن كما أحسن الله إليك، ولا تبغ الفساد في الأرض، إن الله لا يحب المفسدين قال إنما أوتيته على علم عندي، أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا، ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون فخرج على قومه في زينته . قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون، إنه لذو حظ عظيم . وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون فخسفنا به وبداره الأرض، فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله، وما كان من المنتصرين "
فلم يتفطن لذلك الواقع الذي عايشه قارون مع بعض أهل عصره وما ملك من الأموال والكنوز إلا أهل العلم لما من الله به عليهم من العلم النافع والمبادئ الثابتة التي لا تزحزحها الجبال ولا ماديات الدنيا مهما تعددت واختلفت أشكالها ."
وتحدث عن أن المحبة فى المصلحة زائلة فقال :
"فكل محبة تعلقت بأطماع ذاتية ومصالح دنيوية فإنها زائلة لا بقاء لها، وإن استمرت فاستمرارها حولي سريع الانقطاع بخلاف محبة الدين فإنها لا تنقطع البتة "
وتحدث عن زوال محبة الكفار فى الآخرة فقال:
"وإن فصل بينها فاصل الموت فبإعادة الروح إلى الجسد يستمر الحال أبد الآبدين كما أخبر عن ذلك رب العالمين وهو أصدق القائلين :
" الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين " [ سورة الزخرف الآية رقم 67 ] "
كما تحدث عن انتشار تقرب السلمين من أهل الغنى فى عصرنا فقال :
"وقد غلب على مجتمعات المسلمين اليوم قربهم من أهل المال والثراء والملك والجاه وجعلوا ذلك سبيلا لمحبتهم مؤمنين أن النفع والمصلحة لا تكون إلا بهذا القرب، ولو فكروا وأحسنوا استخدام عقولهم لأدركوا أن هذا الملك وهذا المال نعيم زائل، وأن القرب من الله وأوليائه نعيم دائم بما يصير له العبد من نعيم الجنة "
وقد اعتبر ذلك نوع من ضعف الإيمان فقال :
"ولكن لما ضعف الإيمان وقل العلم وانتشر الجهل وضعفت بصائر أهل الإرشاد وقع الكثير في التيه والفساد ونشط الفساق وأخذوا يزينون للناس أن الفلاح والنجاح معقودان بالقرب من أهل الشهوات والملذات فأحب القوم كبراءهم وأغنياءهم لملكية الأموال فإذا فنيت التجارات والمقامات الدنيوية غابت تلك المحبة المزعومة وهذه هي أحوال أهل الدنيا"
واشترط شروطا لاتحاد مجتمعات المسلمين سماها لوازم فقال :
"ولربط المجتمعات الإسلامية برابط المحبة في الله فإنها تلزم لوازم عدة :
أولا: تذكير الناس بأهمية وفضل المحبة الصادقة .
ثانيا: إرساء هذه الرابطة في نفوس حملة العلم حتى تظهر واقعا ملموسا يدركه عامة الناس فإن الإرشاد متى كان مخالفا لواقع أهل العلم كان عديم التأثير أو قليله .
ثالثا : رسم ثوابت المحبة في الله على فهم السلف الصالح وثالث هذه اللوازم بالغ الأهمية فإن سلفنا الصالح عاشوا أيامهم مرتبطين بإخاء مستمر ومحبة صادقة نبعها من الكتاب والسنة فأخذوا من رسول الله عليه الصلاة والسلام ما هو أسلم وأحكم، ولو علموا شيئا هو أولى وأفضل لإرساء الود والإخاء لتتبعوا أثره وأقاموه في نفوسهم . ولذلك حق أن يكونوا مثالا يحتذى به . قال الشاطبي في الموافقات 4/79 : " .. ومن أبغضهم فقد أبغض النبي عليه الصلاة والسلام وما ذاك من جهة كونهم رأوه أو جاوروه أو حاوروه فقط . إذ لا مزية في ذلك وإنما هو لشدة متابعتهم له وأخذهم أنفسهم بالعمل على سنته ونصرته " .أ.هـ
" ومن كان بهذه المثابة حقيق أن يتخذ قدوة وتجعل سيرته قبلة " .أ هـ
قال ابن مسعود : " إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد . فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون على دينه فما رأى المسلمون حسنا فهو عند الله حسن وما رأوا سيئا فهو عند الله سيئ "
وحديث ابن مسعود هذا لا تصح نسبته وهو اتهام لله بأنه كان يجهل من الأفضل حتى نظر فى القلوب وكأنه لم يكتب كل شىء قبل الخلق كما قال:
"ما أصاب من مصيبة فى الأرض ولا فى أنفسكم إلا فى كتاب من قبل أن نبرأها"
وتحدث عن أن إقامة المحبة بين المجتمعات المعاصرة على فهم بشر لا تصلح لمناقضتها كتاب الله فقال :
"فلا يصح إقامة الولاء والمحبة بين المجتمعات المعاصرة على فهم من سولت لهم نفوسهم أن يجمعوا الناس ويحصروهم على مبادئ هي مخالفة لمنهج الله ومنهج رسوله عليه الصلاة والسلام فإن هذا من المزالق الخطيرة التي فيها الجمر تحت الرماد .
والناس متى ما اجتمعوا وكثروا وتآخوا وتحابوا على منهج مخالف لمنهج الله فعواره سيظهر ولو بعد حين . وعندها يفرنقع القوم شذر مذر ، ويندم المنظر الذي بنى صرحه على فكرة مفكر ونظرة قاصر لا يؤهله علمه لبقاء منهجه وديمومة فكره لأن فكرته وفعله شابهت من وضع القوانين على غير مراد الله ليلزم عامة الناس أن يأخذوا بمنوالها مع فارق الحال واختلاف الوجهات والموفق من أنار الله بصيرته وانقاد لأمر الله "
استهل المؤلف الكتاب بالحديث عن المحبة فى الله فقال :
"المحبة في الله من أفضل القربات وأجل المزيات التي تكفل الله لمن بلغها بالأجر والمثوبة .
وهو القائل سبحانه يوم أن تعرض عليه الخلائق :
" أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي "
وهذا في الآخرة"
والحديث المستشهد به ليس فى المحبة فى الله وإنما فى محبة جلال الله والغريب فى الحديث هو سؤال الله عن مكان المتحابين وهو اتهام لله بالجهل بمكانهم
ولو كانوا صنف من المسلمين لتعارض مع دخول كل المسلمين الظل وليس المتحابين فقط وفى هذا قال تعالى :
"والذين أمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا"
وتحدث عن أجور المتحابين فى الدنيا فقال :
وأما في الدنيا فإن المتحابين في الله يحصلون على نعم وفضائل عدة ومن أجلها وأزكاها نعمتان عظيمتان :
"الأولى : محبة الله لهم . فقد أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم :
" أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى فأرصد الله له على مدرجته ملكا فلما أتى عليه قال : أين تريد ؟ قال أريد أخا لي في هذه القرية قال : هل لك عليه من نعمة تربها ؟ قال : لا غير أني أحببته في الله عز وجل . قال : فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه ""
والخطأ فى الرواية هو نزول الملاك إلى الأرض كى يقول للرجل الزائر أن الله يحبه وهو ما يخالف أن الله لا ينزل الملائكة الأرض لخوفها وعدم اطمئنانها إلا للرسالة كما قال تعالى :
"قل لو كان فى الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا"
ثم قال :
"والثانية : وضع القبول له في الأرض . فقد أخرج الشيخان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أحب الله العبد نادى جبريل إن الله يحب فلانا فأحببه فيحبه جبريل فينادي جبريل في أهل السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض "."
الحديث لم يقله النبى(ص) بأى حال من الأحوال وهو يعارض كتاب الله فالرسل وهم أفضل الناس لم يوضع له القبول فى الأرض بدليل أن عدد من أحبوهم كان قليل فإبراهيم(ص) مثلا أحبه واحد من قومه وهو لوط(ص) فآمن به كما قال تعالى :
"فآمن له لوط "
ومن ثم تكرر المعنى أن أكثر الناس لا يشكرون أى لا يؤمنون أى يكفرون... كما فى قوله تعالى :
" ولكن أكثر الناس لا يشكرون"
فهل كان قبول من أهل الأرض للرسل(ص)حتى يكون لغيرهم من المسلمين قبول عند الناس ؟
وتحدث عن كون السعادة فى التآخى والمحبة فى الله فقال:
"فلا يمكن لمجتمعاتنا الإسلامية أن تحيا حياة السعداء الذين سعدوا بهذا الدين الحنيف حتى يكون واقعهم واقعا ملموسا من واقع أسلافهم أولئك الأسلاف الذين جمع الله لهم فضل الدنيا والآخرة بتآخيهم ومحبتهم في الله جل وعلا فإن المحبة في الله ديمومة الذكر بالمحاسن والفضائل في المجتمع الإسلامي لا لشيء إلا كونها قامت على إيمان صادق وعقيدة صحيحة . قال عبد الله بن عمر كما في إحياء علوم الدين للغزالي 2/175 : " والله لو صمت النهار لا أفطره ، وقمت الليل لا أنامه ، وأنفقت مالي غلقا في سبيل الله أموت يوم أموت وليس في قلبي حب لأهل طاعة الله وبغض لأهل معصية الله ما نفعني "
وتحدث عما أن ما سموه الفتوح الإسلامية الأولى حدثت بسبب تلك المحبة فقال :
"وما الفتوحات الإسلامية المتوالية التي من الله بها على الرعيل الأول وأبنائه إلا بتلكم المحبة السائدة بين أولئك النفر الذين غرسوا في نفوسهم شمولية الفضائل المشروعة والتي شملت الود والإخاء والرحمة والعطف حتى استحقوا مديح ربهم وثناءه عليهم بقوله : " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا " [سورة الفتح آية رقم 29 ]. هؤلاء هم أهل الإيمان المتحابون في الله بإخلاص تام وصدق مستمر."
وأما الفتوح فحدثت بسبب طاعة الكل لله ولم تكن كلها فتوح قتال وإنما أكثرها فتوح بلا قتال حيث دخل الناس فى دين الله أفواجا كما قال تعالى :
" ورأيت الناس يدخلون فى دين الله أفواجا"
وفتح مكة وهو الفتح الوحيد الموجود فى الوحى الحالى لم يحدث فيه قتال فى مكة مع قوله تعالى :
"وهو الذى كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم"
وكل ما حدث هو مناوشات بسيطة خارج مكة انتصر فيها المسلمون وتحدث عمن سماهم أهل الشهوات والملذات والأموال والتجارات فقال:
"أما أهل الشهوات والملذات والأموال والتجارات فإنهم إن اجتمعوا كان اجتماعهم على مصلحة زائلة أو دنيا فانية ولذا فبنيانهم سريع الهدم منقطع المصلحة لا بركة فيه لماذا ؟
لأن نفوسهم تعلقت بالماديات المحسوسة ولم تتعلق بالله جل وعلا حتى ظن الكثير من الناس أن التاجر وما ملك من الأموال لم يحصل عليها إلا بذكائه وتوقد فطنته ومحض إرادته ! فتقرب إليه البعض حبا فيما عنده من حطام الدنيا ، وبقي الحال كذلك حتى زال ذلك المال، وظهر الفقر ومن ثم اختفت تلك المحبة وغاب صيتها وكأن الأمر لم يكن "
وتحدث عن مثال لأهل الفجور فقال :
"وأقرب مثال لهذا الواقع المشاهد ما قصه الله علينا في كتابه الكريم عن قارون وقومه
قال تعالى : " إن قارون كان من قوم موسى، فبغى عليهم، وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوأ بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة، ولا تنس نصيبك من الدنيا، وأحسن كما أحسن الله إليك، ولا تبغ الفساد في الأرض، إن الله لا يحب المفسدين قال إنما أوتيته على علم عندي، أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا، ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون فخرج على قومه في زينته . قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون، إنه لذو حظ عظيم . وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون فخسفنا به وبداره الأرض، فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله، وما كان من المنتصرين "
فلم يتفطن لذلك الواقع الذي عايشه قارون مع بعض أهل عصره وما ملك من الأموال والكنوز إلا أهل العلم لما من الله به عليهم من العلم النافع والمبادئ الثابتة التي لا تزحزحها الجبال ولا ماديات الدنيا مهما تعددت واختلفت أشكالها ."
وتحدث عن أن المحبة فى المصلحة زائلة فقال :
"فكل محبة تعلقت بأطماع ذاتية ومصالح دنيوية فإنها زائلة لا بقاء لها، وإن استمرت فاستمرارها حولي سريع الانقطاع بخلاف محبة الدين فإنها لا تنقطع البتة "
وتحدث عن زوال محبة الكفار فى الآخرة فقال:
"وإن فصل بينها فاصل الموت فبإعادة الروح إلى الجسد يستمر الحال أبد الآبدين كما أخبر عن ذلك رب العالمين وهو أصدق القائلين :
" الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين " [ سورة الزخرف الآية رقم 67 ] "
كما تحدث عن انتشار تقرب السلمين من أهل الغنى فى عصرنا فقال :
"وقد غلب على مجتمعات المسلمين اليوم قربهم من أهل المال والثراء والملك والجاه وجعلوا ذلك سبيلا لمحبتهم مؤمنين أن النفع والمصلحة لا تكون إلا بهذا القرب، ولو فكروا وأحسنوا استخدام عقولهم لأدركوا أن هذا الملك وهذا المال نعيم زائل، وأن القرب من الله وأوليائه نعيم دائم بما يصير له العبد من نعيم الجنة "
وقد اعتبر ذلك نوع من ضعف الإيمان فقال :
"ولكن لما ضعف الإيمان وقل العلم وانتشر الجهل وضعفت بصائر أهل الإرشاد وقع الكثير في التيه والفساد ونشط الفساق وأخذوا يزينون للناس أن الفلاح والنجاح معقودان بالقرب من أهل الشهوات والملذات فأحب القوم كبراءهم وأغنياءهم لملكية الأموال فإذا فنيت التجارات والمقامات الدنيوية غابت تلك المحبة المزعومة وهذه هي أحوال أهل الدنيا"
واشترط شروطا لاتحاد مجتمعات المسلمين سماها لوازم فقال :
"ولربط المجتمعات الإسلامية برابط المحبة في الله فإنها تلزم لوازم عدة :
أولا: تذكير الناس بأهمية وفضل المحبة الصادقة .
ثانيا: إرساء هذه الرابطة في نفوس حملة العلم حتى تظهر واقعا ملموسا يدركه عامة الناس فإن الإرشاد متى كان مخالفا لواقع أهل العلم كان عديم التأثير أو قليله .
ثالثا : رسم ثوابت المحبة في الله على فهم السلف الصالح وثالث هذه اللوازم بالغ الأهمية فإن سلفنا الصالح عاشوا أيامهم مرتبطين بإخاء مستمر ومحبة صادقة نبعها من الكتاب والسنة فأخذوا من رسول الله عليه الصلاة والسلام ما هو أسلم وأحكم، ولو علموا شيئا هو أولى وأفضل لإرساء الود والإخاء لتتبعوا أثره وأقاموه في نفوسهم . ولذلك حق أن يكونوا مثالا يحتذى به . قال الشاطبي في الموافقات 4/79 : " .. ومن أبغضهم فقد أبغض النبي عليه الصلاة والسلام وما ذاك من جهة كونهم رأوه أو جاوروه أو حاوروه فقط . إذ لا مزية في ذلك وإنما هو لشدة متابعتهم له وأخذهم أنفسهم بالعمل على سنته ونصرته " .أ.هـ
" ومن كان بهذه المثابة حقيق أن يتخذ قدوة وتجعل سيرته قبلة " .أ هـ
قال ابن مسعود : " إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد . فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون على دينه فما رأى المسلمون حسنا فهو عند الله حسن وما رأوا سيئا فهو عند الله سيئ "
وحديث ابن مسعود هذا لا تصح نسبته وهو اتهام لله بأنه كان يجهل من الأفضل حتى نظر فى القلوب وكأنه لم يكتب كل شىء قبل الخلق كما قال:
"ما أصاب من مصيبة فى الأرض ولا فى أنفسكم إلا فى كتاب من قبل أن نبرأها"
وتحدث عن أن إقامة المحبة بين المجتمعات المعاصرة على فهم بشر لا تصلح لمناقضتها كتاب الله فقال :
"فلا يصح إقامة الولاء والمحبة بين المجتمعات المعاصرة على فهم من سولت لهم نفوسهم أن يجمعوا الناس ويحصروهم على مبادئ هي مخالفة لمنهج الله ومنهج رسوله عليه الصلاة والسلام فإن هذا من المزالق الخطيرة التي فيها الجمر تحت الرماد .
والناس متى ما اجتمعوا وكثروا وتآخوا وتحابوا على منهج مخالف لمنهج الله فعواره سيظهر ولو بعد حين . وعندها يفرنقع القوم شذر مذر ، ويندم المنظر الذي بنى صرحه على فكرة مفكر ونظرة قاصر لا يؤهله علمه لبقاء منهجه وديمومة فكره لأن فكرته وفعله شابهت من وضع القوانين على غير مراد الله ليلزم عامة الناس أن يأخذوا بمنوالها مع فارق الحال واختلاف الوجهات والموفق من أنار الله بصيرته وانقاد لأمر الله "