نقد كتاب استحالة النجاسات وعلاقة أحكامها باستعمال المحرم والنجس في الغذاء والدواء
المؤلف هو محمد الهواري وقبل الدخول فى الحديث عما جاء بالكتاب نوضح التالى :
مصطلح النجاسات هو مصطلح بشرى والفقهاء يطلقونه على مجموعة من الأشياء كفضلات الإنسان من بول وبراز ومنى ودم الحيض والنفاس وبعض الأطعمة والمشروبات كالخمر والدم ومن ثم لم نجد فى الكتاب استشهاد واحد بكتاب الله ولا بروايات الحديث
النجس فى كتاب الله شىء واحد وهو المشركون أى الكفار وفى هذا قال تعالى :
"إنما المشركون نجس "
فى أول الكتاب تحدث الهوارى عن تعريف الاستحالة لغة واصطلاحا كما فى كل الأبحاث التى تدور حول شىء فى الإسلام وهو أمر غريب فاللغة لا تعرفنا معنى كلام الله لأن المعانى الموجودة فيها قد تكون مخالفة تماما لما فى كتاب الله وقال الهوارى فى تعريفه:
"1 - الإستحالة في اللغة والاصطلاح:
جاء في معنى حال: " كل شئ تغير عن الإستواء إلى العوج فقد حال في معنى واستحال وهو المستحيل" وأحال الشئ: تحول من حال إلى حال.
ومعنى الإستحالة في الاصطلاح:" انقلاب حقيقة إلى حقيقة أخرى "
وفي المصطلح العلمي الشائع: ينظر إلى كل تفاعل كيميائي يحول المادة إلى مركب آخر، على أنه ضرب من استحالة العين إلى عين أخرى، كتحويل الزيوت والشحوم على اختلاف مصادرها إلى صابون"
الاستحالة إذا هى تغير طبيعة الشىء لطبيعة أخرى فالبراز مثلا يتحول إلى تراب نتيجة تجفيف أشعة الشمس والرياح له وتحدث الهوارى مبينا أقوال القوم فى تغير النجاسات فقال:
"2 - حكم استحالة النجس إلى حقيقة أخرى:
اختلف أهل العلم في استحالة النجاسة إلى حقيقة أخرى بالحرق أو بغيره؛ هل تكسب الطهارة أم لا؟ قولان:
القول الأول: الاستحالة تكسب الطهارة.
ذهب بعض العلماء 'لى القول بالطهارة وممن قال بذلك أبو حنيفة ومحمد وأكثر الحنفية والمالكية ولم يفرقوا ما بين ما هو نجس لعينه وما هو نجس لمعنى.
أما الشافعية فوافقوا هذا الرأي في النجس لمعنى كجلد الميتة.
ومن الحنابلة من يقول بالطهارة وهو ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وهو كذلك ما ذهب إليه أهل الظاهرية.
أدلة هذا الرأي:
أ) جاء في البحر الرائق: من الأمور التي يكون بها التطهير انقلاب العين- ومضى إلى أن قال -: وإن كان في غيره -أي الخمر- كالخنزير والميتة تقع في المملحة فتصير ملحا يؤكل، والسرجين والعذرة تحترق فتصير رمادا تطهر عند محمد .
وقال أيضا: وضم إلى محمد ابا حنيفة في المحيط وكثيرا من المشائخ اختاروا قول محمد، لأن الشرع رتب وصف النجاسة على تلك الحقيقة، وتنتفي تلك الحقيقة بانتفاء بعض أجزاء مفهومها فكيف بالكل فإن الملح غير العظم واللحم، فإذا صار ملحا ترتب حكم الملح، ونظيره في الشرع النطفة نجسة وتصير علقة وهي نجسة، وتصير مضغة فتطهر وفي الخلاصة وعليه الفتوى، وفي الفتح القدير أنه المختار .
وفي شرح فتح القدير: العصير طاهر فيصير خمرا فينجس، ويصير خلا فيطهر، فعرفنا أن استحالة العين تستبع زوال الوصف المرتب عليها. وعلى قول محمد فرعوا الحكم بطهارة صابون صنع من زيت نجس .
وذهب الأحناف إلى الاتفاق فيما بينهم على طهارة انقلاب الخمر إلى خل
وجاء في الفتاوى الهندية .
- السرقين: إذا أحرق حتى صار رمادا فعند محمد يحكم بطهارته وعليه الفتوى هكذا في الخلاصة وكذا العذرة هكذا في البحر الرائق.
- إذا أحرق رأس الشاة ملطخا بالدم، وزال عنه الدم، يحكم بطهارته.
- الطين النجس إذا جعل منه الكوز أو القدر فطبخ فيكون طاهرا، هكذا في المحيط.
- وكذلك اللبن، إذا لبن بالماء النجس واحرق، كذا في فتاوى الغرائب.
- إذا سعرت المرأة التنور ثم مسحته بخرقة مبتلة نجسة، ثم خبزت فيه فإن كانت حرارة التنور أكلت بلة الماء قبل إلصاق الخبز بالتنور لا يتنجس الخبز كذا في المحيط.
- تخلل الخمر في خابية جديدة طهرت بالاتفاق، كذا في القنية.
- الخبز الذي عجن بالخمر لا يطهر بالغسل، ولو صب فيه الخل وذهب أثرها يطهر، كذا في الظهيرية.
- الرغيف إذا ألقي في الخمر ثم صار خلا فالصحيح أنه طاهر إذا لم تبق رائحة الخمر وكذا البصل إذا ألقي في الخمر ثم تخلل لأن ما فيه من أجزاء الخمر صار خلا، هكذا في فتاوى قاضيخان.
- الخمر إذا وقعت في الماء أو الماء في الخمر ثم صارت خلا طهر كذا في الخلاصة.
- وإذا صب الخمر في المرقة، ثم الخل، إن صارت المرقة كالخل في الحموضة طهرت هكذا في الظهيرية.
- الحمار أو الخنزير إذا وقع في المملحة فصار ملحا أو بئر البلوعة إذا صار طينا يطهر عندهما، خلافا لأبي يوسف رحمة الله، كذا في المحيط السرى.
- دن العصير إذا غلى واشتد وقذف بالزبد وسكن عن الغليان وانتقص ثم صار خلا، إن ترك الخل فيه حتى طال مكثه وارتفع بخار الخل إلى رأس الدن يصير طاهرا، وكذا الثوب الذي أصابه الخمر إذا غسل بالخل، كذا في فتاوى قاضيخان.
- جعل الدهن النجس في الصابون يفتى بطهارته لأنه تغير، كذا في الزاهدي
ب) وذهب المالكية إلى أن ما استحال إلى صلاح فهو طاهر وأن استحال إلى فساد فهو نجس جاء في الشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه: من الطاهر لبن الأدمي ولو كافرا لاستحالته إلى الصلاح ثم جاء في موضع اخر: إذا تغير القئ وهو الخارج من الطعام بعد استقراره في المعدة كان نجسا وعلة نجاسته الاستحالة إلى فساد، فإن لم يتغير كان طاهرا وعليه فإن انقلاب العين النجسة إلى عين أخرى كأن احترقت فصارت رمادا أو دخانا فهي طاهرة، قياسا على طهارة الخمر بتخللها، وسواء في ذلك انقلبت بنفسها أو بفعل فاعل، وعلى هذا فأي نجاسة عينية إذا تحولت إلى عين أخرى بخصائص تركيبية مخالفة فإنها تعتبر طاهرة، كانتقال عظام الميتة بعد حرقها إلى أعيان جديدة من دخان ورماد.
ج) وذهب الظاهرية إلى أنه إذا استحالت صفات عين النجس أو الحرام فبطل عنه الاسم الذي به ذلك الحكم فيه وانتقل إلى اسم آخر وارد على حلال طاهر فليس هو ذلك النجس ولا حرام، بل قد صار شيئا آخر ذا حكم آخر وكذلك الحال في استحالة صفات العين الحلال إلى نجس أو حرام.
فالخمر إلى خل والماء إلى بول، والعذرة توهن بها الارض فتعود ثمارا وكوقوع نقطة خمر في ماء أو نقطة ماء في خمر، فلا يظهر لشئ من ذلك أثر، وهكذا كل شئ والأحكام للأسماء والاسماء تابعة للصفات وإذا أحرقت العذرة او الميتة أو تغيرت فصار رمادا أو ترابا فكل ذلك طاهر، ويتيمم بذلك التراب، برهان ذلك أن الاحكام إنما هي على ما حكم الله بها فيها مما يقع عليه ذلك الاسم الذي به خاطبنا الله تعالى فيه والعذرة غير التراب وغير الرماد، وكذلك الخمرة غير الخل والانسان غير الدم الذي خلق منه والميتة غير التراب .
د) وجاء في المغني لابن قدامة: ظاهر المذهب أنه لا يطهر من النجاسات بالاستحالة إلا الخمر إذا انقلبت بنفسها خلا وما عداها لا يطهر كالنجاسات إذا احرقت وصارت رمادا، والخنزير إذا وقع في الملاحة وصار ملحا والدخان المرتقي من وقود النجاسة، والبخار المتصاعد من الماء النجس إذا اجتمعت منه نداوة على جسم صقيل ثم قطر فهو نجس.
ثم قال: ويتخرج أن تطهر النجاسات كلها بالاستحالة قياسا على الخمرة إذا انقلبت وجلود الميتة إذا دبغت والجلالة إذا حبست .
هـ) وافق ابن تيمية ما ذهب إليه كل من المالكية والاحناف فقال: وهذا هو الصواب المقطوع به فإن هذه الأعيان لم تتناولها نصوص التحريم، لا لفظا ولا معنى فليست محرمة ولا في معنى التحريم فلا وجه لتحريمها بل تتناولها نصوص الحل فإنها من الطيبات وأيضا في معنى ما اتفق على حله فالنص والقياس يقتضي تحليلها وعلى هذا استحالة الدم أو الميتة أو لحم الخنزير، وكل عين نجسة استحالت إلى عين ثانية.
ورد ابن تيمية على من فرق بين الخمر وغيرها من النجاسات فقال هذا الفرق ضعيف فإن جميع النجاسات نجسة بالاستحالة فإن الدم مستحيل عن أعيان طاهرة وكذلك العذرة والبول والحيوان النجس مستحيل عن مادة طاهرة مخلوقة، وأيضا فإن الله تعالى حرم الخبائث لما قام بها من وصف الخبث كما أنه أباح الطيبات لما قام من وصف الطيب وهذه الأعيان المتنازع فيها ليس فيها شئ من وصف الخبث وإنما فيها وصف الطيبات.
ويذكر ابن تيمية ما مفاده: أن الخمر إذا انقلبت بنفسها حلت باتفاق المسلمين فغيرها من النجاسات أولى أن تطهر بالانقلاب واذا قدر أن قطرة خمر وقعت في خل مسلم بغير اختيار منه فاستحالت كانت أولى بالطهارة وقال: تدل على أن الدباغ كالذكاة .
إن جميع النجاسات نجست بالاستحالة فإن الانسان يأكل الطعام ويشرب الشراب، وهي طاهرة ثم تستحيل دما وبولا وغائطا فتنجس وكذلك الحيوان يكون طاهرا فإذا مات احتبست فيه الفضلات وصار حاله بعد الموت خلاف حاله في الحياة فتنجس ولهذا يطهر الجلد بعد الدباغ عند الجمهور وقيل إن الدباغ كالحياة أو انه كالذكاة فإن في ذلك قولين مشهورين للعلماء والسنة وإذا وقعت النجاسة كالدم أو الميتة أو لحم الخنزير في الماء أو غيره واستهلكت ولم يبقى هناك دم ولا لحم خنزير أصلا كما أن الخمر إذا استحالت بنفسها وصارت خلا كانت طاهرة باتفاق العلماء، وهذا عند من يقول إن النجاسة إذا استحالت طهرت، أقوى كما هو مذهب أبي حنيفة وأهل الظاهر وأحد القولين في مذهب مالك وأحمد فإن انقلاب النجاسة ملحا أو ترابا أو ماء أو هواء ونحو ذلك، والله تعالى قد أباح لنا الطيبات.
و) وحكم الاستحالة عند ابن القيم مبني على مبدأ التغير، تغير الوصف الملازم للشئ إذ يقول:"وعلى هذا الأصل فطهارة الخمر بالاستحالة على وفق القياس فإنها نجسة لوصف الخبث فإن زال الموجب زال الموجب وهذا أصل الشريعة في مصادرها ومواردها بل وأصل الثواب والعقاب وعلى هذا فالقياس صحيح تعدية ذلك إلى سائر النجاسات إذا استحالت."
ثم قال:"وقد أخبر الله سبحانه عن اللبن أنه يخرج من بين فرث ودم وقد اجمع المسلمون على أن الدابة إذا علفت بالنجاسة ثم حبست وعلفت بالطاهرات حل لبنها ولحمها وكذلك الزرع والثمار إذا سقيت بالماء النجس ثم سقيت بالطاهر حلت لاستحالة وصف الخبث وتبدله بالطيب.
وعكس هذا أن الطيب إذا استحال خبيثا صار نجسا كالماء والطعام إذا استحال بولا وعذرة فكيف اثرت الاستحالة في الانقلاب الطيب خبيثا ولم تؤثر في انقلاب الخبيث طيبا؟ والله تعالى يخرج الطيب من الخبيث والخبيث من الطيب ولا عبرة بالأصل بل يوصف الشئ نفسه ومن الممتنع بقاء حكم الخبث وقد زال اسمه ووصفه والحكم تابع للاسم والوصف دائر معه وجودا وعدما فالنصوص المتناولة لتحريم الميتة والدم ولحم الخنزير والخمر لا تتناول الزروع والثمار والرماد والملح والتراب والخل لا لفظا ولا معنى ولا نصا ولا قياسا
ز) وذهب الإمامية الاثنى عشرية إلى أن الخمر تطهر إذا انقلبت خلا سواء كان انقلابها بعلاج أو من قبل نفسها.
وقالوا أن الغذاء النجس أو المتنجس إذا صار جزء لحيوان مأكول اللحم أو لبنا أو صار جزء من الخضروات أو النباتات أو الاشجار أو الثمار فهو طاهر وكذلك الكلب إذا استحال ملحا وكذا الحكم في غير ذلك مما يعد المستحال إليه متولدا من المستحال منه .
والاستحالة إلى جسم أخر يطهر ما أحالته النار رمادا أو دخانا أو بخارا سواء كان نجسا أو منتجسا وكذا يطهر ما استحال بخارا بغير نار أما الإحالة كأن تحيله النار خزفا أم آجرا أم جصا فهو باقي على نجاسته .
القول الثاني: الاستحالة لا تكسب الطهارة
إن استحالة النجس وزوال أعراض النجاسة عنه وتبدلها بأوصاف طيبة لا تصير طاهرا وممن قال بهذا القول أبو يوسف وهو أحد القولين في مذهب مالك وهو قول الشافعي فيما كانت نجاسته عينية، واحدى الروايتين في مذهب الامام أحمد.
أ) جاء في فتح القدير ان أبا يوسف يرى أن الاشياء النجسة لا تطهر بانقلاب عينها قال: خشبة اصابها البول فاحترقت ووقع رمادها في بئر يفسد الماء وكذلك رماد العذرة والحمار إذا مات في مملحة لا يؤكل الملح هذا كله قول أبي يوسف .
ب) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو أحد قولي أصحاب مالك
ج) وقال الشيرازي: ولا يطهر شئ من النجاسات بالاستحالة إلا شيئان احدهما جلد الميتة إذا دبغ والثاني الخمر - ثم قال صاحب المهذب: وإن حرق العذرة والسرجين حتى صار رمادا لم يطهر .
وقال الشربيني الخطيب: ولا يطهر نجس العين بغسل ولا باستحالة كالكلب إذا وقع في ملاحة فصار ملحا أو احترق فصار رمادا .
د) وقال ابن قدامة: ظاهر المذهب أنه لا يطهر من النجاسات بالاستحالة إلا الخمرة إذا انقلبت بنفسها خلا وما عداها لا يطهر، كالنجاسات إذا احترقت وصارت رمادا والخنزير إذا وقع في الملاحة وصار ملحا والدخان المرتقي من وقود النجاسة، والبخار المتصاعد من الماء النجس إذا اجتمعت منه نداوة على جسم صقيل ثم قطر فهو نجس.
هـ) وقال المرداوي على قول ابن قدامة ولا يطهر شئ من النجاسات بالاستحالة قال: هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونصروه.
لأن نجاستهما - أي العذرة والسرجين - لعينهما وأما ابن قدامة فقد استدل لذلك بأنها نجاسة لم تحصل بالاستحالة فلم تطهر كالدم إذا صار قيحا أو صديدا ."
وبعد أن استعرض الهوارى أقوال فقهاء المذاهب وكلها أقوال قائمة على غير نص أعطانا الخلاصة فقال :
"3 - خلاصة القول في الاستحالة:
يتبين لنا مما سبق في استحالة المادة وانقلابها إلى مادة أخرى، أن هناك أقولا بعضها كان موضع اتفاق وهو استحالة الخمر إلى خل وذلك لمورد النص ولو أن البعض اشترط تخللها بنفسها دون مداخلة الغير والبعض تجاوز هذا الشرط
وبعض الأقوال مختلف فيه: أي تحول من عين إلى عين كتحول عظام الميتة إلى رماد أو دخان بالاحراق أو تحول العذرة إلى رماد بالاحتراق وغيره ........ إلخ.
وقد لاحظنا أن بعض الفقهاء -الشافعية والحنابلة- يبقيها على ما كانت عليه قبل الاستحالة، أي أنها تبقى نجسة.
وفريق أخر من الفقهاء -المالكية والاحناف- يرى أن العين النجسة يتغير الحكم عليها باستحالتها إلى عين أخرى بحيث تتغير خصائصها وتصبح ذات مواصفات جديدة مختلفة عن الأصل ولا يمنع هؤلاء الفقهاء من تناول العين الجديدة إلا إذا حملت من خصائصها خبثا أو ضررا يؤذي البدن والعقل.
واستنادا إلى ما ذهب إليه الحنفية وغيرهم من المالكية ومن تبعهم، وما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والإمامية الاثنى عشرية نستطيع ان نستنتج القواعد التالية المتعلقة باستحالة النجاسة.
1. إذا أحرقت العذرة فصارت رمادا أو نحوه أو ترابا فهو طاهر.
2. إذا أحرقت الميتة وصارت رمادا أو نحوه من الاعيان الطاهرة فهو طاهر.
3. إذا استحال الكلب والخنزير وما شابههما إلى عين اخرى كالملح أو مركبات كيميائية أخرى فالناتج طاهر.
4. إذا استحالت عظام الميتة إلى رماد أو دخان أو بخار أو أية مادة كيميائية أخرى فالناتج طاهر.
5. إذا استحال الطيب خبيثا كاستحالة العصير إلى خمر واستحالة الماء والطعام إلى بول أو عذرة صار نجسا.
6. إذا استحال الخبيث طيبا كاستحالة الخمر إلى خل واستحالة العذرة والسماد الحيواني في ثمار الاشجار ونتاج الأرض فالناتج طاهر.
7. ويترتب على ذلك أن الاستحالات التي تطرأ على الاعيان النجسة بتأثير التفاعلات الكيميائية والمداخلات الصناعية تؤدي إلى ناتج طاهر يجوز تناوله ما لم يتحقق الضرر في الناتج الجديد.
8. إن الاحكام إنما هي على حكم الله بها فيها مما يقع عليه ذلك الاسم الذي به خاطبنا الله عز وجل فإذا سقط ذلك الاسم فقد سقط ذلك الحكم وأنه غير الذي حكم الله تعالى فيه، والعذرة غير التراب وغير الرماد وكذلك الخمر غير الخل والانسان غير الدم الذي خلق منه والميتة غير التراب.
9. إن استخدام المركبات الكيميائية الناتجة عن استحالت النجاسات في الصناعات الدوائية والغذائية يخضع لهذه القواعد ومادام المستحضر الناتج طيبا ولا يحمل خبثا أو ضررا فليس ما يمنع من استعماله وتناوله"
كما قلت فى أول النقد لا يوجد نص فى نجاسة شىء سوى الكفار وأما ما يطلق عليه فضلات النوع فليس بنجس هو والمواد المحرمة كالخمر التى تشرب والدم الذى يؤكل وقد سمى الله تلك الفضلات والمتحولات الزبد فى قوله تعالى :
"أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما يوقدون عليه فى النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض"
الزبد إذا هو ما يسمونه خبث الأشياء والمراد الأشياء الضارة وهى موجودة فى الماء وفى الأشياء التى يوقد عليها وغير ذلك ولذا سمى الله سبب تحريم الخمر الإثم وهو الضرر حيث وصعه فى مقابله النفع فقال:
" قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما"
إذا هذه الأشياء ضارة لأنواع من الخلق ولكنها مفيدة لأنواع أخرى والفقهاء كان عليهم بدلا من التفكير فى تلك ألأمور أن ينظروا فى أمر ثمار النباتات التى يأكلونها والتى تسمد بروث البهائم والدواجن والطيور وحتى دود ألأرض وما فىداخل التربة من حشرات ينتج منها فضلات ومع هذا فهذه الأشياء الضارة والتى يسمونها نجاسة تحولت إلى ثمار نباتات يأكلونها وهى ثمار متنوعة الألوان والمذاقات وكلها حلال
كل ما شغلهم هو تلك الفضلات والمحرمات بينما هم يتناولون أطعمة معظمها تغذت كنباتات على النجاسات التى يزعمونها
والكون ومنه الأرض قائم على نظام الدورة فكل نوع أو عدة أنواع تأكل فضلات نوع أو أنواع أخرى بحيث أن تلك الدورة لا تتوقف إلا مع يوم القيامة فكل نوع بكلام الفقهاء طعامه الذى حلله الله له هو نجاسات نوع أو أنواع أخرى
ومن ثم فالزبد كله حلال متى تحول من الضرر إلى النفع فى كل شىء وبلا استثناء
المؤلف هو محمد الهواري وقبل الدخول فى الحديث عما جاء بالكتاب نوضح التالى :
مصطلح النجاسات هو مصطلح بشرى والفقهاء يطلقونه على مجموعة من الأشياء كفضلات الإنسان من بول وبراز ومنى ودم الحيض والنفاس وبعض الأطعمة والمشروبات كالخمر والدم ومن ثم لم نجد فى الكتاب استشهاد واحد بكتاب الله ولا بروايات الحديث
النجس فى كتاب الله شىء واحد وهو المشركون أى الكفار وفى هذا قال تعالى :
"إنما المشركون نجس "
فى أول الكتاب تحدث الهوارى عن تعريف الاستحالة لغة واصطلاحا كما فى كل الأبحاث التى تدور حول شىء فى الإسلام وهو أمر غريب فاللغة لا تعرفنا معنى كلام الله لأن المعانى الموجودة فيها قد تكون مخالفة تماما لما فى كتاب الله وقال الهوارى فى تعريفه:
"1 - الإستحالة في اللغة والاصطلاح:
جاء في معنى حال: " كل شئ تغير عن الإستواء إلى العوج فقد حال في معنى واستحال وهو المستحيل" وأحال الشئ: تحول من حال إلى حال.
ومعنى الإستحالة في الاصطلاح:" انقلاب حقيقة إلى حقيقة أخرى "
وفي المصطلح العلمي الشائع: ينظر إلى كل تفاعل كيميائي يحول المادة إلى مركب آخر، على أنه ضرب من استحالة العين إلى عين أخرى، كتحويل الزيوت والشحوم على اختلاف مصادرها إلى صابون"
الاستحالة إذا هى تغير طبيعة الشىء لطبيعة أخرى فالبراز مثلا يتحول إلى تراب نتيجة تجفيف أشعة الشمس والرياح له وتحدث الهوارى مبينا أقوال القوم فى تغير النجاسات فقال:
"2 - حكم استحالة النجس إلى حقيقة أخرى:
اختلف أهل العلم في استحالة النجاسة إلى حقيقة أخرى بالحرق أو بغيره؛ هل تكسب الطهارة أم لا؟ قولان:
القول الأول: الاستحالة تكسب الطهارة.
ذهب بعض العلماء 'لى القول بالطهارة وممن قال بذلك أبو حنيفة ومحمد وأكثر الحنفية والمالكية ولم يفرقوا ما بين ما هو نجس لعينه وما هو نجس لمعنى.
أما الشافعية فوافقوا هذا الرأي في النجس لمعنى كجلد الميتة.
ومن الحنابلة من يقول بالطهارة وهو ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وهو كذلك ما ذهب إليه أهل الظاهرية.
أدلة هذا الرأي:
أ) جاء في البحر الرائق: من الأمور التي يكون بها التطهير انقلاب العين- ومضى إلى أن قال -: وإن كان في غيره -أي الخمر- كالخنزير والميتة تقع في المملحة فتصير ملحا يؤكل، والسرجين والعذرة تحترق فتصير رمادا تطهر عند محمد .
وقال أيضا: وضم إلى محمد ابا حنيفة في المحيط وكثيرا من المشائخ اختاروا قول محمد، لأن الشرع رتب وصف النجاسة على تلك الحقيقة، وتنتفي تلك الحقيقة بانتفاء بعض أجزاء مفهومها فكيف بالكل فإن الملح غير العظم واللحم، فإذا صار ملحا ترتب حكم الملح، ونظيره في الشرع النطفة نجسة وتصير علقة وهي نجسة، وتصير مضغة فتطهر وفي الخلاصة وعليه الفتوى، وفي الفتح القدير أنه المختار .
وفي شرح فتح القدير: العصير طاهر فيصير خمرا فينجس، ويصير خلا فيطهر، فعرفنا أن استحالة العين تستبع زوال الوصف المرتب عليها. وعلى قول محمد فرعوا الحكم بطهارة صابون صنع من زيت نجس .
وذهب الأحناف إلى الاتفاق فيما بينهم على طهارة انقلاب الخمر إلى خل
وجاء في الفتاوى الهندية .
- السرقين: إذا أحرق حتى صار رمادا فعند محمد يحكم بطهارته وعليه الفتوى هكذا في الخلاصة وكذا العذرة هكذا في البحر الرائق.
- إذا أحرق رأس الشاة ملطخا بالدم، وزال عنه الدم، يحكم بطهارته.
- الطين النجس إذا جعل منه الكوز أو القدر فطبخ فيكون طاهرا، هكذا في المحيط.
- وكذلك اللبن، إذا لبن بالماء النجس واحرق، كذا في فتاوى الغرائب.
- إذا سعرت المرأة التنور ثم مسحته بخرقة مبتلة نجسة، ثم خبزت فيه فإن كانت حرارة التنور أكلت بلة الماء قبل إلصاق الخبز بالتنور لا يتنجس الخبز كذا في المحيط.
- تخلل الخمر في خابية جديدة طهرت بالاتفاق، كذا في القنية.
- الخبز الذي عجن بالخمر لا يطهر بالغسل، ولو صب فيه الخل وذهب أثرها يطهر، كذا في الظهيرية.
- الرغيف إذا ألقي في الخمر ثم صار خلا فالصحيح أنه طاهر إذا لم تبق رائحة الخمر وكذا البصل إذا ألقي في الخمر ثم تخلل لأن ما فيه من أجزاء الخمر صار خلا، هكذا في فتاوى قاضيخان.
- الخمر إذا وقعت في الماء أو الماء في الخمر ثم صارت خلا طهر كذا في الخلاصة.
- وإذا صب الخمر في المرقة، ثم الخل، إن صارت المرقة كالخل في الحموضة طهرت هكذا في الظهيرية.
- الحمار أو الخنزير إذا وقع في المملحة فصار ملحا أو بئر البلوعة إذا صار طينا يطهر عندهما، خلافا لأبي يوسف رحمة الله، كذا في المحيط السرى.
- دن العصير إذا غلى واشتد وقذف بالزبد وسكن عن الغليان وانتقص ثم صار خلا، إن ترك الخل فيه حتى طال مكثه وارتفع بخار الخل إلى رأس الدن يصير طاهرا، وكذا الثوب الذي أصابه الخمر إذا غسل بالخل، كذا في فتاوى قاضيخان.
- جعل الدهن النجس في الصابون يفتى بطهارته لأنه تغير، كذا في الزاهدي
ب) وذهب المالكية إلى أن ما استحال إلى صلاح فهو طاهر وأن استحال إلى فساد فهو نجس جاء في الشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه: من الطاهر لبن الأدمي ولو كافرا لاستحالته إلى الصلاح ثم جاء في موضع اخر: إذا تغير القئ وهو الخارج من الطعام بعد استقراره في المعدة كان نجسا وعلة نجاسته الاستحالة إلى فساد، فإن لم يتغير كان طاهرا وعليه فإن انقلاب العين النجسة إلى عين أخرى كأن احترقت فصارت رمادا أو دخانا فهي طاهرة، قياسا على طهارة الخمر بتخللها، وسواء في ذلك انقلبت بنفسها أو بفعل فاعل، وعلى هذا فأي نجاسة عينية إذا تحولت إلى عين أخرى بخصائص تركيبية مخالفة فإنها تعتبر طاهرة، كانتقال عظام الميتة بعد حرقها إلى أعيان جديدة من دخان ورماد.
ج) وذهب الظاهرية إلى أنه إذا استحالت صفات عين النجس أو الحرام فبطل عنه الاسم الذي به ذلك الحكم فيه وانتقل إلى اسم آخر وارد على حلال طاهر فليس هو ذلك النجس ولا حرام، بل قد صار شيئا آخر ذا حكم آخر وكذلك الحال في استحالة صفات العين الحلال إلى نجس أو حرام.
فالخمر إلى خل والماء إلى بول، والعذرة توهن بها الارض فتعود ثمارا وكوقوع نقطة خمر في ماء أو نقطة ماء في خمر، فلا يظهر لشئ من ذلك أثر، وهكذا كل شئ والأحكام للأسماء والاسماء تابعة للصفات وإذا أحرقت العذرة او الميتة أو تغيرت فصار رمادا أو ترابا فكل ذلك طاهر، ويتيمم بذلك التراب، برهان ذلك أن الاحكام إنما هي على ما حكم الله بها فيها مما يقع عليه ذلك الاسم الذي به خاطبنا الله تعالى فيه والعذرة غير التراب وغير الرماد، وكذلك الخمرة غير الخل والانسان غير الدم الذي خلق منه والميتة غير التراب .
د) وجاء في المغني لابن قدامة: ظاهر المذهب أنه لا يطهر من النجاسات بالاستحالة إلا الخمر إذا انقلبت بنفسها خلا وما عداها لا يطهر كالنجاسات إذا احرقت وصارت رمادا، والخنزير إذا وقع في الملاحة وصار ملحا والدخان المرتقي من وقود النجاسة، والبخار المتصاعد من الماء النجس إذا اجتمعت منه نداوة على جسم صقيل ثم قطر فهو نجس.
ثم قال: ويتخرج أن تطهر النجاسات كلها بالاستحالة قياسا على الخمرة إذا انقلبت وجلود الميتة إذا دبغت والجلالة إذا حبست .
هـ) وافق ابن تيمية ما ذهب إليه كل من المالكية والاحناف فقال: وهذا هو الصواب المقطوع به فإن هذه الأعيان لم تتناولها نصوص التحريم، لا لفظا ولا معنى فليست محرمة ولا في معنى التحريم فلا وجه لتحريمها بل تتناولها نصوص الحل فإنها من الطيبات وأيضا في معنى ما اتفق على حله فالنص والقياس يقتضي تحليلها وعلى هذا استحالة الدم أو الميتة أو لحم الخنزير، وكل عين نجسة استحالت إلى عين ثانية.
ورد ابن تيمية على من فرق بين الخمر وغيرها من النجاسات فقال هذا الفرق ضعيف فإن جميع النجاسات نجسة بالاستحالة فإن الدم مستحيل عن أعيان طاهرة وكذلك العذرة والبول والحيوان النجس مستحيل عن مادة طاهرة مخلوقة، وأيضا فإن الله تعالى حرم الخبائث لما قام بها من وصف الخبث كما أنه أباح الطيبات لما قام من وصف الطيب وهذه الأعيان المتنازع فيها ليس فيها شئ من وصف الخبث وإنما فيها وصف الطيبات.
ويذكر ابن تيمية ما مفاده: أن الخمر إذا انقلبت بنفسها حلت باتفاق المسلمين فغيرها من النجاسات أولى أن تطهر بالانقلاب واذا قدر أن قطرة خمر وقعت في خل مسلم بغير اختيار منه فاستحالت كانت أولى بالطهارة وقال: تدل على أن الدباغ كالذكاة .
إن جميع النجاسات نجست بالاستحالة فإن الانسان يأكل الطعام ويشرب الشراب، وهي طاهرة ثم تستحيل دما وبولا وغائطا فتنجس وكذلك الحيوان يكون طاهرا فإذا مات احتبست فيه الفضلات وصار حاله بعد الموت خلاف حاله في الحياة فتنجس ولهذا يطهر الجلد بعد الدباغ عند الجمهور وقيل إن الدباغ كالحياة أو انه كالذكاة فإن في ذلك قولين مشهورين للعلماء والسنة وإذا وقعت النجاسة كالدم أو الميتة أو لحم الخنزير في الماء أو غيره واستهلكت ولم يبقى هناك دم ولا لحم خنزير أصلا كما أن الخمر إذا استحالت بنفسها وصارت خلا كانت طاهرة باتفاق العلماء، وهذا عند من يقول إن النجاسة إذا استحالت طهرت، أقوى كما هو مذهب أبي حنيفة وأهل الظاهر وأحد القولين في مذهب مالك وأحمد فإن انقلاب النجاسة ملحا أو ترابا أو ماء أو هواء ونحو ذلك، والله تعالى قد أباح لنا الطيبات.
و) وحكم الاستحالة عند ابن القيم مبني على مبدأ التغير، تغير الوصف الملازم للشئ إذ يقول:"وعلى هذا الأصل فطهارة الخمر بالاستحالة على وفق القياس فإنها نجسة لوصف الخبث فإن زال الموجب زال الموجب وهذا أصل الشريعة في مصادرها ومواردها بل وأصل الثواب والعقاب وعلى هذا فالقياس صحيح تعدية ذلك إلى سائر النجاسات إذا استحالت."
ثم قال:"وقد أخبر الله سبحانه عن اللبن أنه يخرج من بين فرث ودم وقد اجمع المسلمون على أن الدابة إذا علفت بالنجاسة ثم حبست وعلفت بالطاهرات حل لبنها ولحمها وكذلك الزرع والثمار إذا سقيت بالماء النجس ثم سقيت بالطاهر حلت لاستحالة وصف الخبث وتبدله بالطيب.
وعكس هذا أن الطيب إذا استحال خبيثا صار نجسا كالماء والطعام إذا استحال بولا وعذرة فكيف اثرت الاستحالة في الانقلاب الطيب خبيثا ولم تؤثر في انقلاب الخبيث طيبا؟ والله تعالى يخرج الطيب من الخبيث والخبيث من الطيب ولا عبرة بالأصل بل يوصف الشئ نفسه ومن الممتنع بقاء حكم الخبث وقد زال اسمه ووصفه والحكم تابع للاسم والوصف دائر معه وجودا وعدما فالنصوص المتناولة لتحريم الميتة والدم ولحم الخنزير والخمر لا تتناول الزروع والثمار والرماد والملح والتراب والخل لا لفظا ولا معنى ولا نصا ولا قياسا
ز) وذهب الإمامية الاثنى عشرية إلى أن الخمر تطهر إذا انقلبت خلا سواء كان انقلابها بعلاج أو من قبل نفسها.
وقالوا أن الغذاء النجس أو المتنجس إذا صار جزء لحيوان مأكول اللحم أو لبنا أو صار جزء من الخضروات أو النباتات أو الاشجار أو الثمار فهو طاهر وكذلك الكلب إذا استحال ملحا وكذا الحكم في غير ذلك مما يعد المستحال إليه متولدا من المستحال منه .
والاستحالة إلى جسم أخر يطهر ما أحالته النار رمادا أو دخانا أو بخارا سواء كان نجسا أو منتجسا وكذا يطهر ما استحال بخارا بغير نار أما الإحالة كأن تحيله النار خزفا أم آجرا أم جصا فهو باقي على نجاسته .
القول الثاني: الاستحالة لا تكسب الطهارة
إن استحالة النجس وزوال أعراض النجاسة عنه وتبدلها بأوصاف طيبة لا تصير طاهرا وممن قال بهذا القول أبو يوسف وهو أحد القولين في مذهب مالك وهو قول الشافعي فيما كانت نجاسته عينية، واحدى الروايتين في مذهب الامام أحمد.
أ) جاء في فتح القدير ان أبا يوسف يرى أن الاشياء النجسة لا تطهر بانقلاب عينها قال: خشبة اصابها البول فاحترقت ووقع رمادها في بئر يفسد الماء وكذلك رماد العذرة والحمار إذا مات في مملحة لا يؤكل الملح هذا كله قول أبي يوسف .
ب) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو أحد قولي أصحاب مالك
ج) وقال الشيرازي: ولا يطهر شئ من النجاسات بالاستحالة إلا شيئان احدهما جلد الميتة إذا دبغ والثاني الخمر - ثم قال صاحب المهذب: وإن حرق العذرة والسرجين حتى صار رمادا لم يطهر .
وقال الشربيني الخطيب: ولا يطهر نجس العين بغسل ولا باستحالة كالكلب إذا وقع في ملاحة فصار ملحا أو احترق فصار رمادا .
د) وقال ابن قدامة: ظاهر المذهب أنه لا يطهر من النجاسات بالاستحالة إلا الخمرة إذا انقلبت بنفسها خلا وما عداها لا يطهر، كالنجاسات إذا احترقت وصارت رمادا والخنزير إذا وقع في الملاحة وصار ملحا والدخان المرتقي من وقود النجاسة، والبخار المتصاعد من الماء النجس إذا اجتمعت منه نداوة على جسم صقيل ثم قطر فهو نجس.
هـ) وقال المرداوي على قول ابن قدامة ولا يطهر شئ من النجاسات بالاستحالة قال: هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونصروه.
لأن نجاستهما - أي العذرة والسرجين - لعينهما وأما ابن قدامة فقد استدل لذلك بأنها نجاسة لم تحصل بالاستحالة فلم تطهر كالدم إذا صار قيحا أو صديدا ."
وبعد أن استعرض الهوارى أقوال فقهاء المذاهب وكلها أقوال قائمة على غير نص أعطانا الخلاصة فقال :
"3 - خلاصة القول في الاستحالة:
يتبين لنا مما سبق في استحالة المادة وانقلابها إلى مادة أخرى، أن هناك أقولا بعضها كان موضع اتفاق وهو استحالة الخمر إلى خل وذلك لمورد النص ولو أن البعض اشترط تخللها بنفسها دون مداخلة الغير والبعض تجاوز هذا الشرط
وبعض الأقوال مختلف فيه: أي تحول من عين إلى عين كتحول عظام الميتة إلى رماد أو دخان بالاحراق أو تحول العذرة إلى رماد بالاحتراق وغيره ........ إلخ.
وقد لاحظنا أن بعض الفقهاء -الشافعية والحنابلة- يبقيها على ما كانت عليه قبل الاستحالة، أي أنها تبقى نجسة.
وفريق أخر من الفقهاء -المالكية والاحناف- يرى أن العين النجسة يتغير الحكم عليها باستحالتها إلى عين أخرى بحيث تتغير خصائصها وتصبح ذات مواصفات جديدة مختلفة عن الأصل ولا يمنع هؤلاء الفقهاء من تناول العين الجديدة إلا إذا حملت من خصائصها خبثا أو ضررا يؤذي البدن والعقل.
واستنادا إلى ما ذهب إليه الحنفية وغيرهم من المالكية ومن تبعهم، وما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والإمامية الاثنى عشرية نستطيع ان نستنتج القواعد التالية المتعلقة باستحالة النجاسة.
1. إذا أحرقت العذرة فصارت رمادا أو نحوه أو ترابا فهو طاهر.
2. إذا أحرقت الميتة وصارت رمادا أو نحوه من الاعيان الطاهرة فهو طاهر.
3. إذا استحال الكلب والخنزير وما شابههما إلى عين اخرى كالملح أو مركبات كيميائية أخرى فالناتج طاهر.
4. إذا استحالت عظام الميتة إلى رماد أو دخان أو بخار أو أية مادة كيميائية أخرى فالناتج طاهر.
5. إذا استحال الطيب خبيثا كاستحالة العصير إلى خمر واستحالة الماء والطعام إلى بول أو عذرة صار نجسا.
6. إذا استحال الخبيث طيبا كاستحالة الخمر إلى خل واستحالة العذرة والسماد الحيواني في ثمار الاشجار ونتاج الأرض فالناتج طاهر.
7. ويترتب على ذلك أن الاستحالات التي تطرأ على الاعيان النجسة بتأثير التفاعلات الكيميائية والمداخلات الصناعية تؤدي إلى ناتج طاهر يجوز تناوله ما لم يتحقق الضرر في الناتج الجديد.
8. إن الاحكام إنما هي على حكم الله بها فيها مما يقع عليه ذلك الاسم الذي به خاطبنا الله عز وجل فإذا سقط ذلك الاسم فقد سقط ذلك الحكم وأنه غير الذي حكم الله تعالى فيه، والعذرة غير التراب وغير الرماد وكذلك الخمر غير الخل والانسان غير الدم الذي خلق منه والميتة غير التراب.
9. إن استخدام المركبات الكيميائية الناتجة عن استحالت النجاسات في الصناعات الدوائية والغذائية يخضع لهذه القواعد ومادام المستحضر الناتج طيبا ولا يحمل خبثا أو ضررا فليس ما يمنع من استعماله وتناوله"
كما قلت فى أول النقد لا يوجد نص فى نجاسة شىء سوى الكفار وأما ما يطلق عليه فضلات النوع فليس بنجس هو والمواد المحرمة كالخمر التى تشرب والدم الذى يؤكل وقد سمى الله تلك الفضلات والمتحولات الزبد فى قوله تعالى :
"أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما يوقدون عليه فى النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض"
الزبد إذا هو ما يسمونه خبث الأشياء والمراد الأشياء الضارة وهى موجودة فى الماء وفى الأشياء التى يوقد عليها وغير ذلك ولذا سمى الله سبب تحريم الخمر الإثم وهو الضرر حيث وصعه فى مقابله النفع فقال:
" قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما"
إذا هذه الأشياء ضارة لأنواع من الخلق ولكنها مفيدة لأنواع أخرى والفقهاء كان عليهم بدلا من التفكير فى تلك ألأمور أن ينظروا فى أمر ثمار النباتات التى يأكلونها والتى تسمد بروث البهائم والدواجن والطيور وحتى دود ألأرض وما فىداخل التربة من حشرات ينتج منها فضلات ومع هذا فهذه الأشياء الضارة والتى يسمونها نجاسة تحولت إلى ثمار نباتات يأكلونها وهى ثمار متنوعة الألوان والمذاقات وكلها حلال
كل ما شغلهم هو تلك الفضلات والمحرمات بينما هم يتناولون أطعمة معظمها تغذت كنباتات على النجاسات التى يزعمونها
والكون ومنه الأرض قائم على نظام الدورة فكل نوع أو عدة أنواع تأكل فضلات نوع أو أنواع أخرى بحيث أن تلك الدورة لا تتوقف إلا مع يوم القيامة فكل نوع بكلام الفقهاء طعامه الذى حلله الله له هو نجاسات نوع أو أنواع أخرى
ومن ثم فالزبد كله حلال متى تحول من الضرر إلى النفع فى كل شىء وبلا استثناء