[size=24]نقد كتاب قضايا المرأة والفكر والسياسة[/size]
الكتاب من تأليف نوال السعداوى وهى إحدى النساء التى تبنت العلمانية كتيار تنتمى له وخاضت الكثير من الصراعات حول الكثير من المسائل التى تتعلق بالمرأة والغريب أن السلطات التى عاصرتها نوال كانت تسمح بنشر مقالاتها فى صحفها التى يسميها البعض القومية أو الرسمية
ومن الغريب أن تكون ابنة الأب الأزهرى علمانية فبحكم العادة نجد أن كل ولد أو بنت قدوته الأهل ولكن فى حالتنا تمردت البنت على جلباب والدها الأزهرى
كعادة الكثير من العلمانيين نجد نوال تناقض نفسها ففى كثير من الأحيان تهاجم الإسلام فى العديد من أحكامه كما فى الأقوال التالية:
"ترتبط صفات الأنوثة منذ نشوء العبودية بالخضوع والطاعة والاستسلام للمصير الأنثوى الذى فرضه الله والمجتمع "ص18
فهنا اتهام صريح لله بعبودية الأنثى المزعومة عندها والقول التالى اتهام أخر له بالظلم بالتفرقة بين الأخ والأخت:
"أصبح الله هو المسئول عن التفرقة بينى وبين أخى دون حق كما أصبح المسئول عن شطب اسم أمى دون وجه حق أيضا قال أبى إن الله هو الجق لم أفهم هذه العبارة فكتبت رسالة إلى الله أسأله كانت أول رسالة أكتبها فى حياتى كالتى يا ربى إذا كنت أنت الحق فلماذا تفرق بينى وبين أخى ولماذا تفرق بين أبى وأمى؟ص38
واتهام اخر للدين بجعلها كإمرأة نصف رجل ليس لها حقوق فى الولاية وهو قولها:
"فى المستشفى ولعيادة أعالج الرجال والنساء أنقذ أرواحهم وأجسادهم من الموت إلا أن القانون والشرع يرانى نصف رجل لا أستطيع ان أدلى بشهادة فى المحكمة كإنسانة كاملة ليس لى حق الولاية على أخواتى القاصرات لا يمكن لى السفر دون إذن مكتوب من زوجى يملك حقوقا لا أملكها منا الطلاق تعدد الزوجات ما سمى قوامة الرجل على المرأة رغم أننى أتحمل مسئولية الانفاق رفضت كل هذا كان معى المنطق والعدل والحق إلا أن الشرع والدين لم يكن معى اصطدمت بالمقدس بدأت ابحث كيف نشأ هذا المقدس فى التاريخ"ص43
واتهام أخر للنبى(ص) بأنه اخترع الدين باختراعه آية القوامة وهو قولها:
"لقد استطاع الرجل بسبب قدرته الاقتصادية أن يسيطر على المرأة سياسيا ودينيا يكفى أن نعيد قراءة الآيات القرآنية التى تقول "الرجال قوامون على النساء بما فضل لله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم"ص101
وفى بعض الأحيان نجدها تدافع عن الإسلام ولا ندرى هل السبب فى هذا الدفاع حقيقى أم انه يطرح كتعبير عن الخوف من المجتمع حتى لا يقوم المجتمع بعقاب المدافع عن هجوماته السابقة ؟ومن أمثلة أقوالها الدفاعية عن الإسلام ما يلى:
"لهذا فإن قضية حرية الإنسان الرجل والمرأة هى جوهر الدين الصحيح ...وهناك فى الكتب السماوية آيات متعددة تؤكد مبدأ الحرية والمساواة بين النساء والرجال وفى القرآن هذه الآيات مثل "خلقكم من نفس واحدة وخلق منا زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء سورة النساء آية 1 "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض "سورة التوبة آية71 وتعنى هذه الآية أن الولاية من حق النساء والرجال وليس من حق الرجال وحدهم ومن أحاديث الرسول محمد(ص) النساء شقائق الرحال والناس سواسية كأسنان المشط وغير ذلك كثير "ص178
"وذلك لأن الإسلام كان فى جوهره كما بدأه سيدنا محمد دعوة على تحرير العبيد ....صوروا الإسلام لى أنه دين رجعى يحمى الطبقات ويحرم الثورة أو التمرد ضد الحكام أو ضد النظام القائم ويحرم الشكوى من الفقر باعتبار أن الله هو الذى يوزع الرزق ... "ص160
"ولا أظن اننى اختف كثيرا مع سهير القلماوى فى فايل رؤيتها لمشروع القانون أو فهمها العميق لجوهر الشريعة واتفق معها تماما فى أن الإسلام لم يبح للرجل أن يستعمل رخصة الزواج كيفما أراد وأن التعدد رخصة مشروعة بالضرورة وبالعدل وأن الإسلام مسئولية وإرادة وتحكم فى الشهوات وليس لإطلاقها بغير مسئولية"ص145
ونجد نوال كالعديد من العلمانيين والعلمانيات لا يعرفون عما يتكلمون هل هو من الإسلام أم من الكفر فمثلا المثل المشهور الجنة تحت أقدام الأمهات جعلته نص مقدس من الإسلام رغم أن العلماء جعلوه من الأقوال الموضوعة المنكرة التى لا علاقة لها بالإسلام فقالت :
"فى طفولتى سمعت أبى يقول الجنة تحت أقدام الأمهات أحد النصوص المقدسة ؟ص43
ومثلا تزعم أن المرأة نصف رجل فتقول:
"إلا أن القانون والشرع يرانى نصف رجل لا أستطيع ان أدلى بشهادة فى المحكمة كإنسانة كاملة"ص43
وهو كلام لا يوجد فى الوحى فالمرأة امرأة وليست نصف رجل وإنما هى تعبير مستحدث أطلقه الكفار الذين يزعمون دراسة الإسلام ونقل عنهم المترجمون
كما نجد أنها كالعديد منهم يأخذون معلوماتهم من العامة فقد أخذت عن الداية العلم بأن الختان أمر الله فى القول التالى:
"قال ابى إن الله هو الخالق الكامل جميع أعماله كاملة خلق أجسادنا على أحسن تقويم وجاءت الداية بالموس فى ليلة مظلمة وأنا فى السادسة من العمر قطعت عضوا من جسدى قالت أنه أمر الله لم أستطع أن أسأل الله كيف يأمر بقطع عضو خلقه فى أجسادنا "ص38
كما أنها أخذت العديد من الأحكام عن نفسها وعن أمها وليس عن التعليم الصحيح كما تقول :
"منذ السابعة من عمرى وأنا أركع وأصلى وأطلب من الله أن يغفر لى ذنوبى ثم بدأت أدرك اننى بريئة ولم اقترف ذنبا كنت أتصور أن ما يحدث فى أعماقى جريمة وما يدور فى رأسى من أفكار وما يظهر على جسدى كلها آثام تستوجب دخول النار ثم تحررت من إثم حين سمعت أمى تقول ما فيش نار ولا حاجة"ص21
المجتمع الذكورى:
المجتمع الذكورى أو الأبوى تعبير مأخوذ من بعض الدراسات الاجتماعية الغربية والتى ابتدعها رجال فى الأصل لأغراض فى أنفسهم ثم اعتنقتها بعض النساء ظنا أن هؤلاء الرجال اخترعوا تلك المقولات دفاعا عنهن بينما الغرض فى الأصل هو أمور متعددة منها إحداث صراعات فى المجتمع ومنها التنصل من حقوق النساء والحصول على المتعة منهن دون مقابل ومن ثم نجد أن نوال تتحدث عن كون المرأة الثائرة المتمردة هى شذوذ ناقصة الأنوثة نتيجة المجتمع الذكورى فتقول:
"أقٌدم العبيد والأجراء على ثورات امتدت فى التاريخ البشرى حتى يومنا هذا إلا أن ثورة النساء لم تحدث فى أى بلد من بلاد العالم إن الثورة تبدأ بالتمرد وقد أصبح التمرد صفة ذكورية قد تنطوى ميزات الرجل ذى الرجولة الصحية على ص17 القوة والشجاعة والإقدام والتمرد والثورة قد يصبح الرجل المتمرد أو الثائر بطلا شعبيا يحترمه الناس لكن المرأة الثائرة المتمردة تبدو للناس شاذة غير طبيعية ناقصة الأنوثة وهذه الإشكالية لا يفطن إليها الرجال الثوار أو الأحزاب السياسية التقدمية التى تحارب الظلم أو العبودية أو الاستعمار الجديد أو القديم وكذلك أطباء النفس ونقاد الفن"ص18
وهى تتحدث عن ظلم الإناث وعبوديتهن التى فرضها الله والمجتمع كما تزعم فى قولها:
"ترتبط صفات الأنوثة منذ نشوء العبودية بالخضوع والطاعة والاستسلام للمصير الأنثوى الذى فرضه الله والمجتمع "ص18
وتزعم أن سبب زيادة المبدعين من الرجال عن الإناث سببه المجتمع الأبوى وهو الذكورى وليس عبقرية الرجال والإبداع كما فى المفهوم الحالى إرادة وليس بالنوع فتقول:
"إنها عملية صعبة قد تبدو مستحيلة فى حياة النساء لهذا تعيش وتموت أغلب النساء دون ان يسهمن فى الأعمال الابداعية ويتساءل نقاد الأدب لماذا يزيد عدد الأدباء المبدعين عن عدد النساء لماذا يزيد عدد العباقرة من الرجل عن عدد النساء لا يدرسون التاريخ منذ نشوء العبودية لا يعرفون شيئا عن القيم الطبقية الأبوية السائدة حتى اليوم لا يعرفون شيئا خارج تخصصهم النقد الأدبى ويردون على أنفسهم قائلين العبقرية صفة ذكورية"ص19
وكررت أن الرجل هو من اخترع آية القوامة وهو كفر بكون القرآن من عند الله فقالت :
"لقد استطاع الرجل بسبب قدرته الاقتصادية أن يسيطر على المرأة سياسيا ودينيا يكفى أن نعيد قراءة الآيات القرآنية التى تقول "الرجال قوامون على النساء بما فضل لله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم"ص101
وقد ناقضت نوال نفسها فجعلت المجتمعات القديمة ليست أبوية بل كانت مجتمعات أمومية نسائية فالنساء هن من اخترعن الفكر والفلسفة واللغة والدين والعلم كلها فى قولها:
"كشف علم الأنثرولوجى علم الإنسان فى السنين الأخيرة عن حقائق تؤكد أن الفكر والفلسفة واللغة والدين والعلم كلها من اكتشاف النساء القديمات "ص85
وهذا ما يعنى أن النساء هن من أعطين الرجال تلك المكانة الكبرى على النساء وهو تناقض ظاهر
الطفولة الأنثوية المظلومة:
يبدو أن حياة نوال فى مجتمع متخلف بعيد عن قيم الإسلام الحقيقية كتفرقة والدها بينها وبين أخيها البليد كان أكبر أسباب تمردها ناسبا تضعيف مصروفه عن مصروفها بأن هذا كلام الله مع أن الكلام كان عن الميراث وليس عن المصروف وفى هذا قالت:
"كان لى أخ اكبر منى بعام واحد كان بليدا فى المدرسة وفى البيت لا يفعل شيئا إلا اللعب والصراخ والنوم والأكل لا يرتب سريره ولا يغسل صحته أنا أصغر منه مع ذلك أرتب له سريره وأغسل صحنه أتفوق عليه فى واجبات المدرسة وأعمال البيت ابى كان يحبه أكثر منى يدلله ويشترى له طيارة بزنبلك وبسكيلته فى العيد يعطيه ضعف ما آخذ من قروشا وملاليم حين أسأل أبى لماذا يقول الله قال فى كتابه البنت نصف الولد "ص37
ونجد العبارة الأخيرة ليست فى كتاب لله " البنت نصف الولد"وإنما الموجود "للذكر مثل حظ الأنثيين"
كما نجد أن جهل الأب فى شطب اسم الأم بدلا من أن يعلمها اسمه واسم والده وغيرهم وأن يعلمها أن الاسمين مكتوبين فى شهادة الميلاد وليس اسم واحد وأن الإنسان لا يستطيع أن يتبرأ من أى اسم منهما لارتباط الحقوق الشرعية بهما وأن كل منهما يشكل أساسا ثابتا كالثانى فى محرمات ومباحات الزواج وكذلك عند الميراث وفى هذا قالت :
"منذ علمتنى أمى الحروف عرفت تكوين كلمة ذات معنى هو اسمى بدأت أكتبها كل يوم أربع حروف متشابكة نوال أحبت شكل الاسم ومعناه النوال أو العطاء ارتبط بى أصبح جزءا منى عرفت اسم أمى زينب كتبته إلى جوار اسمى فوق كراستى الصغيرة أحببت شكل الاسمين معا ومعناهما كما أحببت نفسى وأمى أكبر حب فى حياتى منذ ولدت كان لنفسى وأمى بعد ذلك يأتى الأخرون منهم أبى شطب على اسم أمى وضع اسمه إلى جوار اسمى ثم وضع اسم أبيه السعداوى رجل مات قبل أن أولد ودار فى عقلى السؤال لماذا يشطب أبى اسم أمى ولدتنى أرضعتنى علمتنى الكتابة ترعانى كل يوم يضع مكانه اسم رجل غريب لم أره فى حياتى مات قبل أن أولد كرهت اسم الرجل السعداوى يلغى اسم الأم من الوجود سألت أبى عن السبب فقال إنها إرادة الله كلمة الله سمعتها لأول مرة فى حياتى من أبى عرفت أنه يسكن السماء هو المسئول عن شطب اسم أمى لم يكن لى أن أحب من يشطب امى واسمها زينب أحبها باسمها جسمها شكلها أصابعها الحانية الدافئة تداعب وجهى كشعاع الشمس صوتها ينادينى فى الصبح كل يوم جديد تعلمنى كلمات جديدة كان لى أخ اكبر منى بعام واحد كان بليدا فى المدرسة وفى البيت لا يفعل شيئا إلا اللعب والصراخ والنوم والأكل لا يرتب سريره ولا يغسل صحته أنا أصغر منه مع ذلك أرتب له سريره وأغسل صحنه أتفوق عليه فى واجبات المدرسة وأعمال البيت ابى كان يحبه أكثر منى يدلله ويشترى له طيارة بزنبلك وبسكيلته فى العيد يعطيه ضعف ما آخذ من قروشا وملاليم حين أسأل أبى لماذا يقول الله قال فى كتابه البنت نصف الولد "ص37
ونتيجة أفعال الأب وجهله رغم كونه أزهرى التعليم فإنه جعل البنت تتساءل عن موجب التفرقة وهو ما قالته فى الفقرة التالية:
"أصبح الله هو المسئول عن التفرقة بينى وبين أخى دون حق كما أصبح المسئول عن شطب اسم أمى دون وجه حق أيضا قال أبى إن الله هو الحق لم أفهم هذه العبارة فكتبت رسالة إلى الله أسأله كانت أول رسالة أكتبها فى حياتى كالتى يا ربى إذا كنت أنت الحق فلماذا تفرق بينى وبين أخى ولماذا تفرق بين أبى وأمى؟ص38
وزعمت نوال أن القيم الأخلاقية والاجتماعية والدينية التى تحكم الذكور ليست هى القيم التى تحكم الإناث فقالت:
"تحت اسم المحرمات يتوقف عقل الأطفال عن طرح الأسئلة الطبيعية وإن كان الطفل أنثى فإن المحرمات تكون مضاعفة لأن القيم الأخلاقية والاجتماعية والدينية التى تحكم الذكور ليست هى القيم التى تحكم الإناث بسبب هذه الازدواجية يتوقف ص15عقل البنت عن التفكير فى أشياء قد يفكر فيها أخوها الولد قد يحلم الولد أن يكون طيارا يحارب الأعداء لكن أحلام البنت تختلف قد تحلم البنت بالزواج وولادة الأطفال دون أن تشعر بإثم اللذة الجنسية"صُ16
وهو كلام يعبر عن جهلها فما هو حرام على الولد هو حرام على البنت فى الطفولة وما هو مباح لهذا مباح لتلك ولا تبدأ الفروق فى الظهور إلا عند البلوغ وهى فروق سببها الفروق الجسدية
السبب ليس القيم وإنما السبب ثقافة الأبوين ومن حول الطفل من الناس فهم من يفرقون ويخترعون أحكاما من عند أنفسهم فالعديد من العائلات فى الريف تعتبر ركوب البنت حمار حراما أو عيبا فى ألفاظهم وعائلات أخرى لا تعتبره كذلك وما زالت النساء فى ريف مصر تركب الحمير وفى السعودية نجد قيادة المرأة للسيارة كانت محرمة ثم أصبحت محللة وهو تحريم اجتماعى لأن الفتاوى التى صدرت تبيح وتحرم هى فتاوى بطلب من السلطان الذى يراعى العرف الاجتماعى السائد
وتتحدث نوال عن الكبت فى حياة الأطفال وهو كلام لا علاقة له بالعلم المفترض أن تتكلم به كطبيبة بشرية فالكبت شىء ضرورى تعليمه للأطفال فلو لم يقم الكبار بعمليات التخويف التى ينتج عنه الكبت ما حدث الفطام ولا تعود الطفل على التحكم فى البول والبراز ولأصيب الطفل بالجروح والكسور الخطيرة والمميتة لعدم نهيه وتخويفه من النار أو من الاصطدام بالأشياء أو الوقوع من على الكرسى و السرير أو السلم وفى هذا قالت:
"عملية الكبت تحدث فى حياة جميع الأطفال ذكورا وإناثا لكنها نحدث بدرجة أشد فى حياة البنات فالبنت تشعر بالعار وإن كانت ضحية اعتداء أو اغتصاب البنت تشعر بإثم وإن كانت طفلة لا تعرف ما هو الإثم تحاول البنت التكفير عن ذنوبها"ص20
وما ذكرته هنا كلام فارغ فكيف يعلم الطفل الشعور بالعار وهو لا يعرف معناه وكذلك الإثم وهو لا يعرف معناه؟ ولو كان الطفل يعرف معنى ذلك ما كرر تلك الأفعال التى تشعره بالعار ولكن الطفل أو الطفلة يكرران الأفعال
وتدخلنا نوال فى متاهة أن الأطفال يسألون من خلق ربنا وهو كلام لا يحدث إلا نادرا فعندى مثلا أربعة أطفال كبروا ولم يسأل أحد منهم هذا السؤال وهو سؤال لا يرد على العقول إلا عند التفكير فى الألوهية وهو غالبا ما يكون فى مرحلة الشباب أو ما بعدها وفى هذا قالت :
"يحتاج الأمر إلى شجاعة لطرح السؤال الطفولى الأول من نوع من خلق ربنا هذا السؤال الطفولى المكبوت هو الذى قاد إلى أعظم الاكتشافات فى عالمنا الحديث ..منذ أدركنا أن الأرض كروية وليست مسطحة وأنها تدور حول الشمس وليس العكس وأن الكون لم يخلق فى ستة أيام بل فى ملايين السنين "ص21
ونجد أن المرأة تنسب الاكتشافات الحديثة لهذا السؤال الأخرق الذى تكذبه العلوم فمثلا فى علم الحساب أول الأعداد واحد وليس قبله شىء وفى الهندسة تبدأ الخطوط بنقطة وليس قبلها شىء ونجد المرأة تتحدث عن النظريات وكأنها حقائق فكروية الأرض كما فى نماذج الجغرافيا هى خبل وجنون فكما نجد السماء فوقنا نصف كرة فالأرض هى النصف الثانى للكرة ولابد أن يكون لها سطح أى مسطحة كالطبق الذى يوضع فيه الطعام لأنها لو لم تكن كذلك لسقطت المخلوقات وأما أن الكون خلق فى ملايين السنين فمعلومة خاطئة طبقا للمنهج العلمى لأنه لم يشاهد أى مخلوق ذلك ولم يعش تلك الملايين من السنين أحد حتى يخبرنا بالمشاهدة فهو ضرب من الخبل
ونجد المرأة تربط الإبداع بالشيطان فى قولها:
"كيف إذن نشجع أطفالنا من الذكور والإناث على الإبداع وهو يرتبط بالشيطان كيف نصور لهم أن لذة الجنس آثمة وفاسدة مع أنها غريزة الحياة القادرة على حمايتنا"ص23
فمن قال أن الجنس الحلال نابع من الشيطان لا يوجد نص بل إن الله طلب التمتع بالمتع حلال فقال "قل من حرم زينة لله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق"
مسألة الفنون:
تناولت نوال بالنقد بعض الفنون وركزت على قضية واحدة هى العرى فقالت فى العديد من الفقرات :
"وفى مجال الفن لا يفهم إلا العرى باسم الحداثة أو ما بعد الحداثة أو التغطية باسم الأصالة أو القيم الأصيلة"ص34
"فى معارض الفنانين الرواد ممن يطلق عليهم العباقرة كان يصدمنى دائما ذلك العدد الهائل من اللوحات لنساء عاريات كنت اسأل نفسى دائما لماذا يكون جسد المرأة العارى هو الموديل لهؤلاء الفنانين الرجال كنت احرص على رؤية معارض الفنانات من النساء ولم يكن لى مهما حاولت أن اعثر على لوحة واحدة واسأل نفسى لماذا تعطى الفنانة للرجل الموديل الحرية فى أن يبقى بملابسه على حين يفرض الفنان الرجل على الموديل أن تكون عارية "ص31
"معظم هؤلاء الرجال الفنانين يرون المرأة موديلا صامتا عاريا الصمت والعرى هما اللوحة الغالبة عند هؤلاء الرسامين أو المرأة المتوارية وراء حجاب المختزلة إلى خطوط تجريدية دينية ترمز إلى الملاك الطاهر السيدة مريم العذراء أو واحدة من نساء النبى المقدسات أو تكون العكس تماما الشيطان حواء الآثمة العارية لم أجد نفسى ولا أمى ولا جدتى فى أية لوحة من لوحات الفنانين الرجال العباقرة الرواد لم أجد بنات البلد الشغالات فى البيوت والحقول والمصانع والمدارس والمستشفيات وجدت نساء عاريات جالسات فى وضع ساكن صامت أمام الفنان الرجل "ص34
أنا لم أجد نفسى ولا أمى ولا جدتى فى لوحات محمود سعيد لم أجد بنات البلد الشغالات فى البيوت والحقول ولمصانع والدارس والمستشفيات وجدت نساء عاريات مثل جوارى هارون الرشيد ساكنات فى وضع ساكن صامت أمام المصور أنا بالطبع لست ضد لعرى فى الرم والفن والعلم والطب لست ضد العرى إذا كان العرى من أجل الكشف والصدق والحرية والعدل ولكن فى هذه الحالة لماذا لا يحدث العرى ألا للنساء الشابات لماذا لا يحدث العرى للرجال والأطفال والعجائز؟ص64
"لوحات محمود سعيد لا تكشف انحيازه لنساء بنت البلد بل لفئة صغيرة من النساء الخادمات الجوارى والغوانى لإنه يتطلع سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وفكريا إلى لنساء من الطبقة الحاكمة العليا لكنه يتطلع جنسيا وحسيا لنساء الطبقة لأدنى"ص66
فالنظرة السائدة عنها أنها جسد يمتلكها الرجل جسد يغطى حسب بعض القيم الدينية السائدة ...أو جسد يعرى ليلبى اجتياجات الاستهلاك وتغير موضة لأزياء وإنتاج المصانع الرأسمالية من مساحيق زينة وتجكيل وسواء تغطت او تعرت فالمعنى واحد هو أنا جسم فقط"ص74
من الفقرات السابقة نجد نوال تريد فنا واقعيا مرتبط بالناس وليس بالطبقة الحاكمة ولكننا نجدها عممت حكما وهو أن العرى الفنى مرتبط بالمرأة ولو درست الفنون حقا لوجدت أن الرجل فى الفن اليونانى الوثنى كان أكثر تماثيله وصوره عارية بينما كانت المرأة غالبا ما تغطى وما يحضرنى حاليا هو تمثال كيوبيد وفيما يسمى فن عصر النهضة الأوربى كانت الكثير من تماثيل الرسل (ص) عارية وأشهرها تمثال موسى(ص) وداود(ص) ولو عادت لما يسمى خطا بالفن الفرعونى لوجدت تماثيل وصور الرجال أكثر عرى بينما النساء غالبا أكثر احتشاما
ونجد رأيا طريفا لنوال وهو أنها ليست ضد العرى ومع هذا لم تكن تمشى عارية لا فى مجتمعها ولا حتى عندما تغربت فى بلاد الكفار وتؤكد نوال على رأيها الفنى مرة أخرى فتقول:
"نحن أمام مشكلة تاريخية منذ نشوء العبودية حين انفصل جسد المرأة عن روحها وأصبحت المرأة مجرد جسد يعرى أو يغطى حسب الحاجة إن الرجل لا يعرى فى الفن ولا يغطى بالحجاب لأنه لا يعتبر نفسه مجرد جسد "ص35
فالمرأة ليست جسد فقط فلا أحد يتعامل فى الواقع مع المرأة كجسد فقط لأن التعامل معها كجسد يعنى كونها مجرد أداة لقضاء الشهوة فقط فلا تعمل شىء سواها وينى أن الرجل ليس لدي أى شغلة ولا شغلة سوى جماعها ولكن لواقع ير ذلك
178
ومن الغريب أن تكون ابنة الأب الأزهرى علمانية فبحكم العادة نجد أن كل ولد أو بنت قدوته الأهل ولكن فى حالتنا تمردت البنت على جلباب والدها الأزهرى
كعادة الكثير من العلمانيين نجد نوال تناقض نفسها ففى كثير من الأحيان تهاجم الإسلام فى العديد من أحكامه كما فى الأقوال التالية:
"ترتبط صفات الأنوثة منذ نشوء العبودية بالخضوع والطاعة والاستسلام للمصير الأنثوى الذى فرضه الله والمجتمع "ص18
فهنا اتهام صريح لله بعبودية الأنثى المزعومة عندها والقول التالى اتهام أخر له بالظلم بالتفرقة بين الأخ والأخت:
"أصبح الله هو المسئول عن التفرقة بينى وبين أخى دون حق كما أصبح المسئول عن شطب اسم أمى دون وجه حق أيضا قال أبى إن الله هو الجق لم أفهم هذه العبارة فكتبت رسالة إلى الله أسأله كانت أول رسالة أكتبها فى حياتى كالتى يا ربى إذا كنت أنت الحق فلماذا تفرق بينى وبين أخى ولماذا تفرق بين أبى وأمى؟ص38
واتهام اخر للدين بجعلها كإمرأة نصف رجل ليس لها حقوق فى الولاية وهو قولها:
"فى المستشفى ولعيادة أعالج الرجال والنساء أنقذ أرواحهم وأجسادهم من الموت إلا أن القانون والشرع يرانى نصف رجل لا أستطيع ان أدلى بشهادة فى المحكمة كإنسانة كاملة ليس لى حق الولاية على أخواتى القاصرات لا يمكن لى السفر دون إذن مكتوب من زوجى يملك حقوقا لا أملكها منا الطلاق تعدد الزوجات ما سمى قوامة الرجل على المرأة رغم أننى أتحمل مسئولية الانفاق رفضت كل هذا كان معى المنطق والعدل والحق إلا أن الشرع والدين لم يكن معى اصطدمت بالمقدس بدأت ابحث كيف نشأ هذا المقدس فى التاريخ"ص43
واتهام أخر للنبى(ص) بأنه اخترع الدين باختراعه آية القوامة وهو قولها:
"لقد استطاع الرجل بسبب قدرته الاقتصادية أن يسيطر على المرأة سياسيا ودينيا يكفى أن نعيد قراءة الآيات القرآنية التى تقول "الرجال قوامون على النساء بما فضل لله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم"ص101
وفى بعض الأحيان نجدها تدافع عن الإسلام ولا ندرى هل السبب فى هذا الدفاع حقيقى أم انه يطرح كتعبير عن الخوف من المجتمع حتى لا يقوم المجتمع بعقاب المدافع عن هجوماته السابقة ؟ومن أمثلة أقوالها الدفاعية عن الإسلام ما يلى:
"لهذا فإن قضية حرية الإنسان الرجل والمرأة هى جوهر الدين الصحيح ...وهناك فى الكتب السماوية آيات متعددة تؤكد مبدأ الحرية والمساواة بين النساء والرجال وفى القرآن هذه الآيات مثل "خلقكم من نفس واحدة وخلق منا زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء سورة النساء آية 1 "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض "سورة التوبة آية71 وتعنى هذه الآية أن الولاية من حق النساء والرجال وليس من حق الرجال وحدهم ومن أحاديث الرسول محمد(ص) النساء شقائق الرحال والناس سواسية كأسنان المشط وغير ذلك كثير "ص178
"وذلك لأن الإسلام كان فى جوهره كما بدأه سيدنا محمد دعوة على تحرير العبيد ....صوروا الإسلام لى أنه دين رجعى يحمى الطبقات ويحرم الثورة أو التمرد ضد الحكام أو ضد النظام القائم ويحرم الشكوى من الفقر باعتبار أن الله هو الذى يوزع الرزق ... "ص160
"ولا أظن اننى اختف كثيرا مع سهير القلماوى فى فايل رؤيتها لمشروع القانون أو فهمها العميق لجوهر الشريعة واتفق معها تماما فى أن الإسلام لم يبح للرجل أن يستعمل رخصة الزواج كيفما أراد وأن التعدد رخصة مشروعة بالضرورة وبالعدل وأن الإسلام مسئولية وإرادة وتحكم فى الشهوات وليس لإطلاقها بغير مسئولية"ص145
ونجد نوال كالعديد من العلمانيين والعلمانيات لا يعرفون عما يتكلمون هل هو من الإسلام أم من الكفر فمثلا المثل المشهور الجنة تحت أقدام الأمهات جعلته نص مقدس من الإسلام رغم أن العلماء جعلوه من الأقوال الموضوعة المنكرة التى لا علاقة لها بالإسلام فقالت :
"فى طفولتى سمعت أبى يقول الجنة تحت أقدام الأمهات أحد النصوص المقدسة ؟ص43
ومثلا تزعم أن المرأة نصف رجل فتقول:
"إلا أن القانون والشرع يرانى نصف رجل لا أستطيع ان أدلى بشهادة فى المحكمة كإنسانة كاملة"ص43
وهو كلام لا يوجد فى الوحى فالمرأة امرأة وليست نصف رجل وإنما هى تعبير مستحدث أطلقه الكفار الذين يزعمون دراسة الإسلام ونقل عنهم المترجمون
كما نجد أنها كالعديد منهم يأخذون معلوماتهم من العامة فقد أخذت عن الداية العلم بأن الختان أمر الله فى القول التالى:
"قال ابى إن الله هو الخالق الكامل جميع أعماله كاملة خلق أجسادنا على أحسن تقويم وجاءت الداية بالموس فى ليلة مظلمة وأنا فى السادسة من العمر قطعت عضوا من جسدى قالت أنه أمر الله لم أستطع أن أسأل الله كيف يأمر بقطع عضو خلقه فى أجسادنا "ص38
كما أنها أخذت العديد من الأحكام عن نفسها وعن أمها وليس عن التعليم الصحيح كما تقول :
"منذ السابعة من عمرى وأنا أركع وأصلى وأطلب من الله أن يغفر لى ذنوبى ثم بدأت أدرك اننى بريئة ولم اقترف ذنبا كنت أتصور أن ما يحدث فى أعماقى جريمة وما يدور فى رأسى من أفكار وما يظهر على جسدى كلها آثام تستوجب دخول النار ثم تحررت من إثم حين سمعت أمى تقول ما فيش نار ولا حاجة"ص21
المجتمع الذكورى:
المجتمع الذكورى أو الأبوى تعبير مأخوذ من بعض الدراسات الاجتماعية الغربية والتى ابتدعها رجال فى الأصل لأغراض فى أنفسهم ثم اعتنقتها بعض النساء ظنا أن هؤلاء الرجال اخترعوا تلك المقولات دفاعا عنهن بينما الغرض فى الأصل هو أمور متعددة منها إحداث صراعات فى المجتمع ومنها التنصل من حقوق النساء والحصول على المتعة منهن دون مقابل ومن ثم نجد أن نوال تتحدث عن كون المرأة الثائرة المتمردة هى شذوذ ناقصة الأنوثة نتيجة المجتمع الذكورى فتقول:
"أقٌدم العبيد والأجراء على ثورات امتدت فى التاريخ البشرى حتى يومنا هذا إلا أن ثورة النساء لم تحدث فى أى بلد من بلاد العالم إن الثورة تبدأ بالتمرد وقد أصبح التمرد صفة ذكورية قد تنطوى ميزات الرجل ذى الرجولة الصحية على ص17 القوة والشجاعة والإقدام والتمرد والثورة قد يصبح الرجل المتمرد أو الثائر بطلا شعبيا يحترمه الناس لكن المرأة الثائرة المتمردة تبدو للناس شاذة غير طبيعية ناقصة الأنوثة وهذه الإشكالية لا يفطن إليها الرجال الثوار أو الأحزاب السياسية التقدمية التى تحارب الظلم أو العبودية أو الاستعمار الجديد أو القديم وكذلك أطباء النفس ونقاد الفن"ص18
وهى تتحدث عن ظلم الإناث وعبوديتهن التى فرضها الله والمجتمع كما تزعم فى قولها:
"ترتبط صفات الأنوثة منذ نشوء العبودية بالخضوع والطاعة والاستسلام للمصير الأنثوى الذى فرضه الله والمجتمع "ص18
وتزعم أن سبب زيادة المبدعين من الرجال عن الإناث سببه المجتمع الأبوى وهو الذكورى وليس عبقرية الرجال والإبداع كما فى المفهوم الحالى إرادة وليس بالنوع فتقول:
"إنها عملية صعبة قد تبدو مستحيلة فى حياة النساء لهذا تعيش وتموت أغلب النساء دون ان يسهمن فى الأعمال الابداعية ويتساءل نقاد الأدب لماذا يزيد عدد الأدباء المبدعين عن عدد النساء لماذا يزيد عدد العباقرة من الرجل عن عدد النساء لا يدرسون التاريخ منذ نشوء العبودية لا يعرفون شيئا عن القيم الطبقية الأبوية السائدة حتى اليوم لا يعرفون شيئا خارج تخصصهم النقد الأدبى ويردون على أنفسهم قائلين العبقرية صفة ذكورية"ص19
وكررت أن الرجل هو من اخترع آية القوامة وهو كفر بكون القرآن من عند الله فقالت :
"لقد استطاع الرجل بسبب قدرته الاقتصادية أن يسيطر على المرأة سياسيا ودينيا يكفى أن نعيد قراءة الآيات القرآنية التى تقول "الرجال قوامون على النساء بما فضل لله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم"ص101
وقد ناقضت نوال نفسها فجعلت المجتمعات القديمة ليست أبوية بل كانت مجتمعات أمومية نسائية فالنساء هن من اخترعن الفكر والفلسفة واللغة والدين والعلم كلها فى قولها:
"كشف علم الأنثرولوجى علم الإنسان فى السنين الأخيرة عن حقائق تؤكد أن الفكر والفلسفة واللغة والدين والعلم كلها من اكتشاف النساء القديمات "ص85
وهذا ما يعنى أن النساء هن من أعطين الرجال تلك المكانة الكبرى على النساء وهو تناقض ظاهر
الطفولة الأنثوية المظلومة:
يبدو أن حياة نوال فى مجتمع متخلف بعيد عن قيم الإسلام الحقيقية كتفرقة والدها بينها وبين أخيها البليد كان أكبر أسباب تمردها ناسبا تضعيف مصروفه عن مصروفها بأن هذا كلام الله مع أن الكلام كان عن الميراث وليس عن المصروف وفى هذا قالت:
"كان لى أخ اكبر منى بعام واحد كان بليدا فى المدرسة وفى البيت لا يفعل شيئا إلا اللعب والصراخ والنوم والأكل لا يرتب سريره ولا يغسل صحته أنا أصغر منه مع ذلك أرتب له سريره وأغسل صحنه أتفوق عليه فى واجبات المدرسة وأعمال البيت ابى كان يحبه أكثر منى يدلله ويشترى له طيارة بزنبلك وبسكيلته فى العيد يعطيه ضعف ما آخذ من قروشا وملاليم حين أسأل أبى لماذا يقول الله قال فى كتابه البنت نصف الولد "ص37
ونجد العبارة الأخيرة ليست فى كتاب لله " البنت نصف الولد"وإنما الموجود "للذكر مثل حظ الأنثيين"
كما نجد أن جهل الأب فى شطب اسم الأم بدلا من أن يعلمها اسمه واسم والده وغيرهم وأن يعلمها أن الاسمين مكتوبين فى شهادة الميلاد وليس اسم واحد وأن الإنسان لا يستطيع أن يتبرأ من أى اسم منهما لارتباط الحقوق الشرعية بهما وأن كل منهما يشكل أساسا ثابتا كالثانى فى محرمات ومباحات الزواج وكذلك عند الميراث وفى هذا قالت :
"منذ علمتنى أمى الحروف عرفت تكوين كلمة ذات معنى هو اسمى بدأت أكتبها كل يوم أربع حروف متشابكة نوال أحبت شكل الاسم ومعناه النوال أو العطاء ارتبط بى أصبح جزءا منى عرفت اسم أمى زينب كتبته إلى جوار اسمى فوق كراستى الصغيرة أحببت شكل الاسمين معا ومعناهما كما أحببت نفسى وأمى أكبر حب فى حياتى منذ ولدت كان لنفسى وأمى بعد ذلك يأتى الأخرون منهم أبى شطب على اسم أمى وضع اسمه إلى جوار اسمى ثم وضع اسم أبيه السعداوى رجل مات قبل أن أولد ودار فى عقلى السؤال لماذا يشطب أبى اسم أمى ولدتنى أرضعتنى علمتنى الكتابة ترعانى كل يوم يضع مكانه اسم رجل غريب لم أره فى حياتى مات قبل أن أولد كرهت اسم الرجل السعداوى يلغى اسم الأم من الوجود سألت أبى عن السبب فقال إنها إرادة الله كلمة الله سمعتها لأول مرة فى حياتى من أبى عرفت أنه يسكن السماء هو المسئول عن شطب اسم أمى لم يكن لى أن أحب من يشطب امى واسمها زينب أحبها باسمها جسمها شكلها أصابعها الحانية الدافئة تداعب وجهى كشعاع الشمس صوتها ينادينى فى الصبح كل يوم جديد تعلمنى كلمات جديدة كان لى أخ اكبر منى بعام واحد كان بليدا فى المدرسة وفى البيت لا يفعل شيئا إلا اللعب والصراخ والنوم والأكل لا يرتب سريره ولا يغسل صحته أنا أصغر منه مع ذلك أرتب له سريره وأغسل صحنه أتفوق عليه فى واجبات المدرسة وأعمال البيت ابى كان يحبه أكثر منى يدلله ويشترى له طيارة بزنبلك وبسكيلته فى العيد يعطيه ضعف ما آخذ من قروشا وملاليم حين أسأل أبى لماذا يقول الله قال فى كتابه البنت نصف الولد "ص37
ونتيجة أفعال الأب وجهله رغم كونه أزهرى التعليم فإنه جعل البنت تتساءل عن موجب التفرقة وهو ما قالته فى الفقرة التالية:
"أصبح الله هو المسئول عن التفرقة بينى وبين أخى دون حق كما أصبح المسئول عن شطب اسم أمى دون وجه حق أيضا قال أبى إن الله هو الحق لم أفهم هذه العبارة فكتبت رسالة إلى الله أسأله كانت أول رسالة أكتبها فى حياتى كالتى يا ربى إذا كنت أنت الحق فلماذا تفرق بينى وبين أخى ولماذا تفرق بين أبى وأمى؟ص38
وزعمت نوال أن القيم الأخلاقية والاجتماعية والدينية التى تحكم الذكور ليست هى القيم التى تحكم الإناث فقالت:
"تحت اسم المحرمات يتوقف عقل الأطفال عن طرح الأسئلة الطبيعية وإن كان الطفل أنثى فإن المحرمات تكون مضاعفة لأن القيم الأخلاقية والاجتماعية والدينية التى تحكم الذكور ليست هى القيم التى تحكم الإناث بسبب هذه الازدواجية يتوقف ص15عقل البنت عن التفكير فى أشياء قد يفكر فيها أخوها الولد قد يحلم الولد أن يكون طيارا يحارب الأعداء لكن أحلام البنت تختلف قد تحلم البنت بالزواج وولادة الأطفال دون أن تشعر بإثم اللذة الجنسية"صُ16
وهو كلام يعبر عن جهلها فما هو حرام على الولد هو حرام على البنت فى الطفولة وما هو مباح لهذا مباح لتلك ولا تبدأ الفروق فى الظهور إلا عند البلوغ وهى فروق سببها الفروق الجسدية
السبب ليس القيم وإنما السبب ثقافة الأبوين ومن حول الطفل من الناس فهم من يفرقون ويخترعون أحكاما من عند أنفسهم فالعديد من العائلات فى الريف تعتبر ركوب البنت حمار حراما أو عيبا فى ألفاظهم وعائلات أخرى لا تعتبره كذلك وما زالت النساء فى ريف مصر تركب الحمير وفى السعودية نجد قيادة المرأة للسيارة كانت محرمة ثم أصبحت محللة وهو تحريم اجتماعى لأن الفتاوى التى صدرت تبيح وتحرم هى فتاوى بطلب من السلطان الذى يراعى العرف الاجتماعى السائد
وتتحدث نوال عن الكبت فى حياة الأطفال وهو كلام لا علاقة له بالعلم المفترض أن تتكلم به كطبيبة بشرية فالكبت شىء ضرورى تعليمه للأطفال فلو لم يقم الكبار بعمليات التخويف التى ينتج عنه الكبت ما حدث الفطام ولا تعود الطفل على التحكم فى البول والبراز ولأصيب الطفل بالجروح والكسور الخطيرة والمميتة لعدم نهيه وتخويفه من النار أو من الاصطدام بالأشياء أو الوقوع من على الكرسى و السرير أو السلم وفى هذا قالت:
"عملية الكبت تحدث فى حياة جميع الأطفال ذكورا وإناثا لكنها نحدث بدرجة أشد فى حياة البنات فالبنت تشعر بالعار وإن كانت ضحية اعتداء أو اغتصاب البنت تشعر بإثم وإن كانت طفلة لا تعرف ما هو الإثم تحاول البنت التكفير عن ذنوبها"ص20
وما ذكرته هنا كلام فارغ فكيف يعلم الطفل الشعور بالعار وهو لا يعرف معناه وكذلك الإثم وهو لا يعرف معناه؟ ولو كان الطفل يعرف معنى ذلك ما كرر تلك الأفعال التى تشعره بالعار ولكن الطفل أو الطفلة يكرران الأفعال
وتدخلنا نوال فى متاهة أن الأطفال يسألون من خلق ربنا وهو كلام لا يحدث إلا نادرا فعندى مثلا أربعة أطفال كبروا ولم يسأل أحد منهم هذا السؤال وهو سؤال لا يرد على العقول إلا عند التفكير فى الألوهية وهو غالبا ما يكون فى مرحلة الشباب أو ما بعدها وفى هذا قالت :
"يحتاج الأمر إلى شجاعة لطرح السؤال الطفولى الأول من نوع من خلق ربنا هذا السؤال الطفولى المكبوت هو الذى قاد إلى أعظم الاكتشافات فى عالمنا الحديث ..منذ أدركنا أن الأرض كروية وليست مسطحة وأنها تدور حول الشمس وليس العكس وأن الكون لم يخلق فى ستة أيام بل فى ملايين السنين "ص21
ونجد أن المرأة تنسب الاكتشافات الحديثة لهذا السؤال الأخرق الذى تكذبه العلوم فمثلا فى علم الحساب أول الأعداد واحد وليس قبله شىء وفى الهندسة تبدأ الخطوط بنقطة وليس قبلها شىء ونجد المرأة تتحدث عن النظريات وكأنها حقائق فكروية الأرض كما فى نماذج الجغرافيا هى خبل وجنون فكما نجد السماء فوقنا نصف كرة فالأرض هى النصف الثانى للكرة ولابد أن يكون لها سطح أى مسطحة كالطبق الذى يوضع فيه الطعام لأنها لو لم تكن كذلك لسقطت المخلوقات وأما أن الكون خلق فى ملايين السنين فمعلومة خاطئة طبقا للمنهج العلمى لأنه لم يشاهد أى مخلوق ذلك ولم يعش تلك الملايين من السنين أحد حتى يخبرنا بالمشاهدة فهو ضرب من الخبل
ونجد المرأة تربط الإبداع بالشيطان فى قولها:
"كيف إذن نشجع أطفالنا من الذكور والإناث على الإبداع وهو يرتبط بالشيطان كيف نصور لهم أن لذة الجنس آثمة وفاسدة مع أنها غريزة الحياة القادرة على حمايتنا"ص23
فمن قال أن الجنس الحلال نابع من الشيطان لا يوجد نص بل إن الله طلب التمتع بالمتع حلال فقال "قل من حرم زينة لله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق"
مسألة الفنون:
تناولت نوال بالنقد بعض الفنون وركزت على قضية واحدة هى العرى فقالت فى العديد من الفقرات :
"وفى مجال الفن لا يفهم إلا العرى باسم الحداثة أو ما بعد الحداثة أو التغطية باسم الأصالة أو القيم الأصيلة"ص34
"فى معارض الفنانين الرواد ممن يطلق عليهم العباقرة كان يصدمنى دائما ذلك العدد الهائل من اللوحات لنساء عاريات كنت اسأل نفسى دائما لماذا يكون جسد المرأة العارى هو الموديل لهؤلاء الفنانين الرجال كنت احرص على رؤية معارض الفنانات من النساء ولم يكن لى مهما حاولت أن اعثر على لوحة واحدة واسأل نفسى لماذا تعطى الفنانة للرجل الموديل الحرية فى أن يبقى بملابسه على حين يفرض الفنان الرجل على الموديل أن تكون عارية "ص31
"معظم هؤلاء الرجال الفنانين يرون المرأة موديلا صامتا عاريا الصمت والعرى هما اللوحة الغالبة عند هؤلاء الرسامين أو المرأة المتوارية وراء حجاب المختزلة إلى خطوط تجريدية دينية ترمز إلى الملاك الطاهر السيدة مريم العذراء أو واحدة من نساء النبى المقدسات أو تكون العكس تماما الشيطان حواء الآثمة العارية لم أجد نفسى ولا أمى ولا جدتى فى أية لوحة من لوحات الفنانين الرجال العباقرة الرواد لم أجد بنات البلد الشغالات فى البيوت والحقول والمصانع والمدارس والمستشفيات وجدت نساء عاريات جالسات فى وضع ساكن صامت أمام الفنان الرجل "ص34
أنا لم أجد نفسى ولا أمى ولا جدتى فى لوحات محمود سعيد لم أجد بنات البلد الشغالات فى البيوت والحقول ولمصانع والدارس والمستشفيات وجدت نساء عاريات مثل جوارى هارون الرشيد ساكنات فى وضع ساكن صامت أمام المصور أنا بالطبع لست ضد لعرى فى الرم والفن والعلم والطب لست ضد العرى إذا كان العرى من أجل الكشف والصدق والحرية والعدل ولكن فى هذه الحالة لماذا لا يحدث العرى ألا للنساء الشابات لماذا لا يحدث العرى للرجال والأطفال والعجائز؟ص64
"لوحات محمود سعيد لا تكشف انحيازه لنساء بنت البلد بل لفئة صغيرة من النساء الخادمات الجوارى والغوانى لإنه يتطلع سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وفكريا إلى لنساء من الطبقة الحاكمة العليا لكنه يتطلع جنسيا وحسيا لنساء الطبقة لأدنى"ص66
فالنظرة السائدة عنها أنها جسد يمتلكها الرجل جسد يغطى حسب بعض القيم الدينية السائدة ...أو جسد يعرى ليلبى اجتياجات الاستهلاك وتغير موضة لأزياء وإنتاج المصانع الرأسمالية من مساحيق زينة وتجكيل وسواء تغطت او تعرت فالمعنى واحد هو أنا جسم فقط"ص74
من الفقرات السابقة نجد نوال تريد فنا واقعيا مرتبط بالناس وليس بالطبقة الحاكمة ولكننا نجدها عممت حكما وهو أن العرى الفنى مرتبط بالمرأة ولو درست الفنون حقا لوجدت أن الرجل فى الفن اليونانى الوثنى كان أكثر تماثيله وصوره عارية بينما كانت المرأة غالبا ما تغطى وما يحضرنى حاليا هو تمثال كيوبيد وفيما يسمى فن عصر النهضة الأوربى كانت الكثير من تماثيل الرسل (ص) عارية وأشهرها تمثال موسى(ص) وداود(ص) ولو عادت لما يسمى خطا بالفن الفرعونى لوجدت تماثيل وصور الرجال أكثر عرى بينما النساء غالبا أكثر احتشاما
ونجد رأيا طريفا لنوال وهو أنها ليست ضد العرى ومع هذا لم تكن تمشى عارية لا فى مجتمعها ولا حتى عندما تغربت فى بلاد الكفار وتؤكد نوال على رأيها الفنى مرة أخرى فتقول:
"نحن أمام مشكلة تاريخية منذ نشوء العبودية حين انفصل جسد المرأة عن روحها وأصبحت المرأة مجرد جسد يعرى أو يغطى حسب الحاجة إن الرجل لا يعرى فى الفن ولا يغطى بالحجاب لأنه لا يعتبر نفسه مجرد جسد "ص35
فالمرأة ليست جسد فقط فلا أحد يتعامل فى الواقع مع المرأة كجسد فقط لأن التعامل معها كجسد يعنى كونها مجرد أداة لقضاء الشهوة فقط فلا تعمل شىء سواها وينى أن الرجل ليس لدي أى شغلة ولا شغلة سوى جماعها ولكن لواقع ير ذلك
178