نقد كتاب كَشْفُ السِّتْرِ عَمَّا وَرَدَ فيِ السَّفَرِ إِلىَ القَبْرِ
الكتاب تأليف حماد بن محمد الأنصاري وسبب تأليف الكتاب كما قال المؤلف:
"وبعد فقد ورد إليّ سؤال صورته :
وقع بين شخصين نزاع، هل يجوز لشخص أن ينوي السفر لمجرد زيارة قبر النبي - (ص)- دون المسجد أفتونا والله يحفظكم؟"
وكان الجواب على السؤال :
"والجواب :
إن زيارة القبور كان منهيا عنهاً في أول الإسلام لقرب الناس آنذاك من عبادة الأصنام، ثم نسخ ذلك بقوله - (ص)- ((كنتُ نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإنها تذكركم الآخرة )) وأبيحت الزيارة للرجال دون النساء وبقيت في حق النساء محرمة إلى يوم القيامة لحديث ابن عباس عند أبي داود والترمذي وغيرهما ((لعن رسول الله - (ص)- زائرات القبور)) وله شاهدان أحدهما حديث أبي هريرة أخرجه الترمذي (رقم 1056)، وابن ماجه (رقم 1576) عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عنه مرفوعا (لعن الله زوارات القبور) وحديث حسان بن ثابت أخرجه ابن ماجه (رقم 1574)، والبخاري في التاريخ الكبير (3/29)، وأحمد (3/442ـ443)، وابن أبي شيبة (3/345) من طريق عبد الرحمن بن بهمان عن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت عن أبيه (لعن رسول الله - (ص)- زوارات القبور)
كما أن شدّ الرحل إلى قبر مخصوص محرّم لحديث أبي هريرة في الصحيحين (( لا تشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد …)) الحديث
وفي هذا الحديث الأخير مشروعية شد الرحل إلى أحد المساجد الثلاثة المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى وأما ما سوى هذه المساجد الثلاثة فقد دل هذا الحديث الصحيح على أنه لا يجوز شدّ الرحل إليه بمجرده، وذلك إذا كان يقصد الزائر مجرد زيارة قبر النبي - (ص)- دون المسجد، وأما إذا قصد المسجد ثم زار القبر الشريف فهذا مشروع لما تقدم من مشروعية زيارة القبر للرجال ولم يرد عن النبي - (ص)- نص صحيح في جواز شد الرحال إلى قبر مخصوص سواء كان قبره - (ص)- أو قبر غيره، فمن ثَمَّ لم ينقل عن أحد من أصحابه رضي الله عنهم، ولا عن أحد من التابعين لهم بإحسان أنه شد رحلاً لمجرد قصد زيارة قبره - (ص)- ولا لمجرد زيارة قبر غيره وعن عائشة رضي الله عنها مرفوعا (( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد))"
هذا هو الرد وهو صحيح فى بعضه فزيارة القبور ليست مباحة إلا خلال دفن الميت الجديد لأن الزيارة المفروض أنها اتصال بين الأفراد والحى والميت لا اتصال بينهما لأن القبر لا يوجد فيه الميت لأنه موجود فى المكان الموعود وهو الجنة او النار وهو فى السماء كما قال تعالى " وفى السماء رزقكم وما توعدون" وفى وعد المؤمنين قال تعالى " وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها" وفى وعد الكفار والمنافقين قال تعالى "وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها"
هذا للمسلمين وأما الكفار فزيارة القبور مطلوبة منهم للاعتبار بمصير الهلكى كما قال تعالى :
"أفلم يسيروا فى الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم"
وأما شد الرحال وهو السفر للمساجد فلا يجوز سوى لمسجد واحد كما قال تعالى "ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا" ومن ثم فلا سفر لمسجد سوى بيت الله وحده
وذكر المؤلف أدلة المجيزين لزيارة القبور وشد الرحال لها وهى كلها روايات فبين أنها كلها روايات بها كذابين ووضاعين وغير موثوق بهم ولم يبين مخالفات تلك الروايات للقرآن فقال :
"أدلة المجيزين لشد الرحل وعدم قابليتها للاستدلال بها على دعواهم
أربعة عشر حديثا
1ـ (( من زار قبري وجبت له شفاعتي ))
أخرجه أبو الشيخ وابن أبي الدنيا، عن ابن عمر، وهو في صحيح ابن خزيمة، وأشار إلى تضعيفه، وقال "في القلب من سنده شيء، وأنا أبرأ إلى الله من عهدته"
قلت فيه مجهولان
أ ـ عبد الله بن عمر العمري، قال أبو حاتم مجهول
ب ـ موسى بن هلال البصري العبدي، قال أبو حاتم مجهول وقال العقيلي لا يصح حديثه، ولا يتابع عليه، يعني هذا الحديث وقال الذهبي وأنكر ما عنده حديثه عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر … فذكر هذا الحديث وفي رواية (( (من زار قبري حلت له شفاعتي )) "
الرواية تخالف القرآن فى كون الشفاعة وهى الشهادة لكل الأمة المسلمة كما قال تعالى "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا"
2ـ (( من حج فزار قبري بعد وفاتي كان كمن زارني في حياتي )) أخرجه الطبراني والبيهقي، عن ابن عمر وفيه حفص بن سليمان القاري وقال الإمام أحمد بن حنبل متروك الحديث وقال البخاري تركوه وقال ابن خراش كذاب يضع الحديث وذكر الذهبي هذا الحديث من منكراته بما لفظه " وفي ترجمته في كتاب "الضعفاء" للبخاري تعليقاً ابن أبي القاضي حدثنا سعيد بن منصور حدثنا حفص بن سليمان عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعا (( من حج وزارني بعد موتي…)) "
الخطأ شفاعة النبى (ص)لمن يزوره بعد الموت سواء مسلم أو كافر وهو قول يعنى أن الكفار لو زاروه لكان لهم شفيعا وهو ما يعارض قولهم تعالى بسورة غافر "ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع ".
3ـ (( من زارني بالمدينة محتسباً كنت له شهيداً أو شفيعاً يوم القيامة)) أخرجه البيهقي عن أنس وفيه أبو المثنى سليمان بن يزيد الكعبي قال الذهبي متروك وقال أبو حاتم منكر الحديث وقال ابن حبان لا يجوز الاحتجاج به "
وهو نفس خطا الرواية السابقة
4ـ (( من حج ولم يزرني فقد جفاني )) قال السخاوي في "المقاصد" "لا يصح، أخرجه ابن عدي في "الكامل"، وابن حبان في "الضعفاء"، والدارقطني في "العلل"، و"غرائب مالك"، عن ابن عمر مرفوعاً وقال الذهبي في "الميزان" "بل هو موضوع"
الخطأ أن زيارة النبى(ص) غير ممكنة هو وأى ميت لكون الموتى فى السماء فى الجنة أو النار كما قال تعالى "وفى السماء رزقكم وما توعدون" بينما الزوار فى الارض
5ـ (( من زار قبري ـ أو قال من زارني ـ كنت له شفيعاً أو شهيداً، ومن مات بأحد الحرمين بعثه الله من الآمنين يوم القيامة )) أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده عن عمر بن الخطاب وفيه مجهول، وسنده كما يلي قال أبو داود حدثنا سوار بن ميمون أبو الجراح العبدي، قال حدثني رجل من آل عمر، عن عمر، قال سمعت رسول الله - (ص)- يقول… الحديث"
نفس الخطا السابق
6ـ (( من زارني بعد موتي فكأنما زارني في حياتي، ومن مات بأحد الحرمين بعث من الآمنين يوم القيامة )) أخرجه الدارقطني في سننه، وابن عساكر عن حاطب وفيه هارون أبو قزعة أو ابن أبي قزعة
قال البخاري لا يتابع على هذا الحديث وشيخ أبي قزعة أيضاً مجهول وقد ذكر الذهبي في "الميزان" حديث حاطب هذا، وحديث عمر الذي قبله من منكرات هارون بن أبي قزعة"
يخالف أن من مات بأحد الحرمين بعث من الآمنين الوحى فى أمرين الأول أنه لا يوجد سوى حرم واحد هو البيت الحرام والثانى أن الموت موت الكافر فى مكان حتى لو كان البيت الحرام لا يمنع من خوفه وفزعه فى القيامة فالأمن هو للمؤمنين كما قال تعالى "من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون"
7ـ (( من زارني وزار أبي إبراهيم في عام واحد دخل الجنة )) قال النووي في المجموع "حديث موضوع، لا أصل له، ولم يروه أحد من أهل العلم بالحديث"
الخطأ أن دخول الجنة يكون بعمل واحد هو زيارة النبى(ص) وأبوه إبراهيم(ص)وهو ما يناقض أن دخول الجنة يكون بالعمل الصالح كله كما قال تعالى "وتلك الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون"
8ـ (( من جاءني زائراً لم تنزعه حاجة إلا زيارتي كان حقاً عليَّ أن أكون له شفيعاً يوم القيامة ))أخرجه ابن النجار في "الدرة الثمينة في تاريخ المدينة"، والدارقطني وفيه مسلمة بن سالم قال الذهبي في "ديوان الضعفاء" "فيه تجهم" وقال ابن عبد الهادي مجهول الحال لم يعرف بنقل العلم، ولا يحل الاحتجاج بخبره، وهو شبيه موسى بن هلال العبدي المتقدم"
الخطأ شفاعة النبى (ص)لمن يزوره بعد الموت سواء مسلم أو كافر وهو قول يعنى أن الكفار لو زاروه لكان لهم شفيعا وهو ما يعارض قولهم تعالى بسورة غافر "ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع ".
9ـ (( من لم يزر قبري فقد جفاني )) رواه ابن النجار في "تاريخ المدينة" بلا سند بصيغة التمريض، ولفظه "ورُوي عن علي قال قال رسول الله - (ص)- … الحديث" قال ابن عبد الهادي هذا الحديث من الموضوعات المكذوبة على علي بن أبي طالب قلت وفي سنده النعمان بن شبل الباهلي، كان متهماً وقال ابن حبان يأتي بالطامات وذكره الذهبي في "الميزان" وفي سنده أيضاً محمد بن الفضل بن عطية المديني، كذاب مشهور بالكذب، ووضع الحديث قال الذهبي في "الميزان" قال أحمد حديثه حديث أهل الكذب وقال ابن معين الفضل بن عطية ثقة، وابنه محمد كذاب وقال الذهبي مناكير هذا الرجل كثيرة، لأنه صاحب حديث وقال أيضاً قال الفلاس كذاب
وقال البخاري سكتوا عنه، رماه ابن أبي شيبة بالكذب وقد رُوي هذا الحديث عن علي مرفوعاً بسند فيه عبد الملك بن هارون بن عنترة، وهو متهم بالكذب، ووضع الحديث قال يحيى كذاب وقال أبو حاتم متروك ذاهب الحديث وقال السعدي كذاب وقال الذهبي واتهم بوضع حديث (( من صام يوماً من أيام البيض عُدِل عشرة آلاف سنة )) ولهذا الكذاب ـ أعني عبد الملك بن هارون ـ له بلايا كثيرة تراجع في "الميزان" للذهبي"
هذه الرواية سبق ذكرها ضمن رواية أخرى
10ـ (( من أتى زائراً لي وجبت له شفاعتي … )) الحديث أخرجه يحيى الحسيني عن بكير بن عبد الله مرفوعاً وقال ابن عبد الهادي "هذا حديث باطل، لا أصل له، مع أنه ليس فيه دليل على محل النزاع، وهو السفر إلى القبر"
الخطأ شفاعة النبى (ص)لمن يزوره بعد الموت سواء مسلم أو كافر وهو قول يعنى أن الكفار لو زاروه لكان لهم شفيعا وهو ما يعارض قولهم تعالى بسورة غافر "ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع "
11ـ (( من لم تمكنه زيارتي فليزر قبر إبراهيم الخليل )) قال ابن عبد الهادي "هذا من الأحاديث المكذوبة والأخبار الموضوعة، وأدنى من يعدّ من طلبة العلم يعلم أنه حديث موضوع، وخبر مفتعل مصنوع، وإن ذكر مثل هذا الكذب من غير بيان لحاله لقبيح بمن ينتسب إلى العلم"
السؤال لا يوجد قبر معروف لأى نبى من الأنبياء فكلها مجرد روايات والغريب أن تلك القبور عندما يتم البحث فيها عن جثة أحد لا يوجد سوى مجموعة من الصخور الصغيرة مغطاة بملاط وكثيرا ما توجد قطع حديد بها وكأن كل من بنوا تلك المقابر كانوا جميعا منافقين زورا التاريخ
12ـ (( من حج حجة الإسلام، وزار قبري، وغزا غزوة، وصلى عليَّ في بيت المقدس لم يسأله الله فيما افترض عليه )) رواه أبو الفتح الأزدي في الجزء الثاني من فوائده بسنده إلى أبي سهل بدر بن عبد الله المصيصي عن الحسن بن عثمان الزيادي قال الذهبي حديث بدر عن الحسن بن عثمان الزيادي باطل ـ يعني هذا الحديث ـ، وقد رواه عنه النعمان بن هارون هذا مع أن أبا الفتح الأزدي ضعيف وقال ابن الجوزي كان حافظاً ولكن في حديثه مناكير، وكانوا يضعفونه
وقال الخطيب متهم بوضع الحديث ضعفه البرقاني، وأهل الموصل لا يعدونه شيئاً "
الخطا أن الله لا يسأل من حج حجة الإسلام، وزار قبري، وغزا غزوة، وصلى عليَّ في بيت المقدس فى الفرائض وهو ما يناقض أن الكل يسئل أى يحاسب عن كل شىء كما قال تعالى " فأما من أوتى كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه إنى ظننت أنى ملاق حسابيه فهو فى عيشة راضية فى جنة عالية " وقال "وأما من أوتى كتابه بشماله فيقول يا ليتنى لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه يا ليتها كانت القاضية ما أغنى عنى ماليه هلك عنى سلطانيه"
13ـ (( من زارني حتى ينتهي إلى قبري كنت له يوم القيامة شهيداً أو قال شفيعا )) أخرجه العقيلي في "الضعفاء" عن ابن عباس مرفوعا، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر هذا حديث موضوع على ابن جريج قال ابن عبد الهادي "قد وقع تصحيف في متنه وإسناده، أما التصحيف في متنه فقوله (( من زارني ))، من الزيارة، وإنما هو (( من رآني في المنام كان كمن رآني في حياتي ))، هكذا في كتاب العقيلي في نسخة ابن عساكر (( من رآني))، من الرؤيا، فعلى هذا يكون معناه صحيحاً لقوله - (ص)- (( من رآني في المنام فقد رآني، لأن الشيطان لا يتمثل بي )) وأما التصحيف في سنده فقوله "سعيد بن محمد الحضرمي"، والصواب "شعيب بن محمد"، كما في رواية ابن عساكر فعلى كل حال فهذا الحديث ليس بثابت، سواء كان بلفظ الزيارة أو الرؤيا، لأن راويه فضالة بن سعيد ابن زميل المزني شيخ مجهول، لا يعرف له ذكر إلا في هذا الخبر الذي تفرد به، ولم يتابع عليه" وقال الذهبي "قال العقيلي حديثه غير محفوظ، حدثناه سعيد بن محمد الحضرمي، حدثنا فضالة، حدثنا محمد بن يحيى، عن ابن جريج، عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا (( من زارني في مماتي كان كمن زارني في حياتي))
وقال الذهبي هذا موضوع على ابن جريج"
سبق تناول الرواية
14ـ (( ما من أحد من أمتي له سعة ثم لم يزرني فليس له عذر)) أخرجه ابن النجار في "تاريخ المدينة" عن أنس وفيه سمعان بن المهدي قال الذهبي سمعان بن المهدي عن أنس بن مالك حيوان لا يعرف،ألصقت به نسخة مكذوبة رأيتها قبّح الله من وضعها0قال ابن حجر في "اللسان" وهذه النسخة من رواية محمد بن المقاتل الرازي، عن جعفر بن هارون الواسطي، عن سمعان، فذكر النسخة، وهي أكثر من ثلاث مائة حديث
قلت هذه أربعة عشر حديثاً يستدل بها القائلون على جواز شدّ الرحل إلى القبر، وهذا جملة ما احتج به من أجاز شدّ الرحل إلى زيارة القبر الشريف بمجرده "
الخطأ أن عدم زيارة النبى الميت مع القدرة عليها تعنى دخول الذى لم يزر النار وكيف يزار ميت لا حياة فيه وإنما هو جثة هامدة فى الأرض تحللت وأصبحت تراب ؟
وقد بين المؤلف رأيه فى تلك الروايات فقال :
"فقد تبين لك أن جميع هذه الأخبار ليس فيها حديث صحيح، ولا حسن، بل كلها ضعيفة جداً، أو موضوعة لا أصل لها كما تقدم لك عن أئمة هذا الشأن مفصلاً، فلا تغتر بكثرة طرقها وتعددها، فكم من حديث له طرق أعاف هذه الطرق التي سردناها عليك، ومع ذلك فهو موضوع عند أهل الباب، لأن الكثرة لا تفيد إذا كان مدارها على الكذابين، أو المتهمين، أو المتروكين، أو المجهولين كما سمعت في هذه الأحاديث، فإنها لا تخلو من كذاب، أو متهم، أو متروك، أو مجهول لا يعرف أبداً، ومثل هذا لا يصلح للتقوية كما هو معلوم عند أهل هذا الفن"
واستشهد الرجل برأى تيمية على كذب تلك الروايات فقال:
"قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم:"لم يثبت عن النبي - (ص)- حديث واحد في زيارة قبر مخصوص، ولا روى أحد في ذلك شيئاً لا أهل الصحيح ولا السنن ولا الأئمة المصنفون في المسند كالإمام أحمد وغيره، وإنما روى ذلك من جمع الموضوع وغيره، وأجل حديث روي في ذلك حديث رواه الدارقطني، وهو ضعيف باتفاق أهل العلم بالأحاديث المروية في زيارة قبره - (ص)- كقوله (( من زارني وزار أبي إبراهيم الخليل في عام واحد ضمنت له على الله الجنة))، و (( من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي))، و (( من لم يحج ولم يزرني فقد جفاني )) ، ونحو هذه الأحاديث مكذوبة موضوعة"
ثم طلب المؤلف ممن عنده رواية صحيحة فى الموضوع أن يظهرها فقال:
قلت هذا هو الصواب الذي يجب أن يدان الله به، ومن كان عنده حديث صحيح في هذا الموضوع ـ أعني في جواز شدّ الرحل إلى قبر مخصوص ـ فعليه البيان "
الكتاب تأليف حماد بن محمد الأنصاري وسبب تأليف الكتاب كما قال المؤلف:
"وبعد فقد ورد إليّ سؤال صورته :
وقع بين شخصين نزاع، هل يجوز لشخص أن ينوي السفر لمجرد زيارة قبر النبي - (ص)- دون المسجد أفتونا والله يحفظكم؟"
وكان الجواب على السؤال :
"والجواب :
إن زيارة القبور كان منهيا عنهاً في أول الإسلام لقرب الناس آنذاك من عبادة الأصنام، ثم نسخ ذلك بقوله - (ص)- ((كنتُ نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإنها تذكركم الآخرة )) وأبيحت الزيارة للرجال دون النساء وبقيت في حق النساء محرمة إلى يوم القيامة لحديث ابن عباس عند أبي داود والترمذي وغيرهما ((لعن رسول الله - (ص)- زائرات القبور)) وله شاهدان أحدهما حديث أبي هريرة أخرجه الترمذي (رقم 1056)، وابن ماجه (رقم 1576) عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عنه مرفوعا (لعن الله زوارات القبور) وحديث حسان بن ثابت أخرجه ابن ماجه (رقم 1574)، والبخاري في التاريخ الكبير (3/29)، وأحمد (3/442ـ443)، وابن أبي شيبة (3/345) من طريق عبد الرحمن بن بهمان عن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت عن أبيه (لعن رسول الله - (ص)- زوارات القبور)
كما أن شدّ الرحل إلى قبر مخصوص محرّم لحديث أبي هريرة في الصحيحين (( لا تشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد …)) الحديث
وفي هذا الحديث الأخير مشروعية شد الرحل إلى أحد المساجد الثلاثة المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى وأما ما سوى هذه المساجد الثلاثة فقد دل هذا الحديث الصحيح على أنه لا يجوز شدّ الرحل إليه بمجرده، وذلك إذا كان يقصد الزائر مجرد زيارة قبر النبي - (ص)- دون المسجد، وأما إذا قصد المسجد ثم زار القبر الشريف فهذا مشروع لما تقدم من مشروعية زيارة القبر للرجال ولم يرد عن النبي - (ص)- نص صحيح في جواز شد الرحال إلى قبر مخصوص سواء كان قبره - (ص)- أو قبر غيره، فمن ثَمَّ لم ينقل عن أحد من أصحابه رضي الله عنهم، ولا عن أحد من التابعين لهم بإحسان أنه شد رحلاً لمجرد قصد زيارة قبره - (ص)- ولا لمجرد زيارة قبر غيره وعن عائشة رضي الله عنها مرفوعا (( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد))"
هذا هو الرد وهو صحيح فى بعضه فزيارة القبور ليست مباحة إلا خلال دفن الميت الجديد لأن الزيارة المفروض أنها اتصال بين الأفراد والحى والميت لا اتصال بينهما لأن القبر لا يوجد فيه الميت لأنه موجود فى المكان الموعود وهو الجنة او النار وهو فى السماء كما قال تعالى " وفى السماء رزقكم وما توعدون" وفى وعد المؤمنين قال تعالى " وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها" وفى وعد الكفار والمنافقين قال تعالى "وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها"
هذا للمسلمين وأما الكفار فزيارة القبور مطلوبة منهم للاعتبار بمصير الهلكى كما قال تعالى :
"أفلم يسيروا فى الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم"
وأما شد الرحال وهو السفر للمساجد فلا يجوز سوى لمسجد واحد كما قال تعالى "ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا" ومن ثم فلا سفر لمسجد سوى بيت الله وحده
وذكر المؤلف أدلة المجيزين لزيارة القبور وشد الرحال لها وهى كلها روايات فبين أنها كلها روايات بها كذابين ووضاعين وغير موثوق بهم ولم يبين مخالفات تلك الروايات للقرآن فقال :
"أدلة المجيزين لشد الرحل وعدم قابليتها للاستدلال بها على دعواهم
أربعة عشر حديثا
1ـ (( من زار قبري وجبت له شفاعتي ))
أخرجه أبو الشيخ وابن أبي الدنيا، عن ابن عمر، وهو في صحيح ابن خزيمة، وأشار إلى تضعيفه، وقال "في القلب من سنده شيء، وأنا أبرأ إلى الله من عهدته"
قلت فيه مجهولان
أ ـ عبد الله بن عمر العمري، قال أبو حاتم مجهول
ب ـ موسى بن هلال البصري العبدي، قال أبو حاتم مجهول وقال العقيلي لا يصح حديثه، ولا يتابع عليه، يعني هذا الحديث وقال الذهبي وأنكر ما عنده حديثه عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر … فذكر هذا الحديث وفي رواية (( (من زار قبري حلت له شفاعتي )) "
الرواية تخالف القرآن فى كون الشفاعة وهى الشهادة لكل الأمة المسلمة كما قال تعالى "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا"
2ـ (( من حج فزار قبري بعد وفاتي كان كمن زارني في حياتي )) أخرجه الطبراني والبيهقي، عن ابن عمر وفيه حفص بن سليمان القاري وقال الإمام أحمد بن حنبل متروك الحديث وقال البخاري تركوه وقال ابن خراش كذاب يضع الحديث وذكر الذهبي هذا الحديث من منكراته بما لفظه " وفي ترجمته في كتاب "الضعفاء" للبخاري تعليقاً ابن أبي القاضي حدثنا سعيد بن منصور حدثنا حفص بن سليمان عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعا (( من حج وزارني بعد موتي…)) "
الخطأ شفاعة النبى (ص)لمن يزوره بعد الموت سواء مسلم أو كافر وهو قول يعنى أن الكفار لو زاروه لكان لهم شفيعا وهو ما يعارض قولهم تعالى بسورة غافر "ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع ".
3ـ (( من زارني بالمدينة محتسباً كنت له شهيداً أو شفيعاً يوم القيامة)) أخرجه البيهقي عن أنس وفيه أبو المثنى سليمان بن يزيد الكعبي قال الذهبي متروك وقال أبو حاتم منكر الحديث وقال ابن حبان لا يجوز الاحتجاج به "
وهو نفس خطا الرواية السابقة
4ـ (( من حج ولم يزرني فقد جفاني )) قال السخاوي في "المقاصد" "لا يصح، أخرجه ابن عدي في "الكامل"، وابن حبان في "الضعفاء"، والدارقطني في "العلل"، و"غرائب مالك"، عن ابن عمر مرفوعاً وقال الذهبي في "الميزان" "بل هو موضوع"
الخطأ أن زيارة النبى(ص) غير ممكنة هو وأى ميت لكون الموتى فى السماء فى الجنة أو النار كما قال تعالى "وفى السماء رزقكم وما توعدون" بينما الزوار فى الارض
5ـ (( من زار قبري ـ أو قال من زارني ـ كنت له شفيعاً أو شهيداً، ومن مات بأحد الحرمين بعثه الله من الآمنين يوم القيامة )) أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده عن عمر بن الخطاب وفيه مجهول، وسنده كما يلي قال أبو داود حدثنا سوار بن ميمون أبو الجراح العبدي، قال حدثني رجل من آل عمر، عن عمر، قال سمعت رسول الله - (ص)- يقول… الحديث"
نفس الخطا السابق
6ـ (( من زارني بعد موتي فكأنما زارني في حياتي، ومن مات بأحد الحرمين بعث من الآمنين يوم القيامة )) أخرجه الدارقطني في سننه، وابن عساكر عن حاطب وفيه هارون أبو قزعة أو ابن أبي قزعة
قال البخاري لا يتابع على هذا الحديث وشيخ أبي قزعة أيضاً مجهول وقد ذكر الذهبي في "الميزان" حديث حاطب هذا، وحديث عمر الذي قبله من منكرات هارون بن أبي قزعة"
يخالف أن من مات بأحد الحرمين بعث من الآمنين الوحى فى أمرين الأول أنه لا يوجد سوى حرم واحد هو البيت الحرام والثانى أن الموت موت الكافر فى مكان حتى لو كان البيت الحرام لا يمنع من خوفه وفزعه فى القيامة فالأمن هو للمؤمنين كما قال تعالى "من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون"
7ـ (( من زارني وزار أبي إبراهيم في عام واحد دخل الجنة )) قال النووي في المجموع "حديث موضوع، لا أصل له، ولم يروه أحد من أهل العلم بالحديث"
الخطأ أن دخول الجنة يكون بعمل واحد هو زيارة النبى(ص) وأبوه إبراهيم(ص)وهو ما يناقض أن دخول الجنة يكون بالعمل الصالح كله كما قال تعالى "وتلك الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون"
8ـ (( من جاءني زائراً لم تنزعه حاجة إلا زيارتي كان حقاً عليَّ أن أكون له شفيعاً يوم القيامة ))أخرجه ابن النجار في "الدرة الثمينة في تاريخ المدينة"، والدارقطني وفيه مسلمة بن سالم قال الذهبي في "ديوان الضعفاء" "فيه تجهم" وقال ابن عبد الهادي مجهول الحال لم يعرف بنقل العلم، ولا يحل الاحتجاج بخبره، وهو شبيه موسى بن هلال العبدي المتقدم"
الخطأ شفاعة النبى (ص)لمن يزوره بعد الموت سواء مسلم أو كافر وهو قول يعنى أن الكفار لو زاروه لكان لهم شفيعا وهو ما يعارض قولهم تعالى بسورة غافر "ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع ".
9ـ (( من لم يزر قبري فقد جفاني )) رواه ابن النجار في "تاريخ المدينة" بلا سند بصيغة التمريض، ولفظه "ورُوي عن علي قال قال رسول الله - (ص)- … الحديث" قال ابن عبد الهادي هذا الحديث من الموضوعات المكذوبة على علي بن أبي طالب قلت وفي سنده النعمان بن شبل الباهلي، كان متهماً وقال ابن حبان يأتي بالطامات وذكره الذهبي في "الميزان" وفي سنده أيضاً محمد بن الفضل بن عطية المديني، كذاب مشهور بالكذب، ووضع الحديث قال الذهبي في "الميزان" قال أحمد حديثه حديث أهل الكذب وقال ابن معين الفضل بن عطية ثقة، وابنه محمد كذاب وقال الذهبي مناكير هذا الرجل كثيرة، لأنه صاحب حديث وقال أيضاً قال الفلاس كذاب
وقال البخاري سكتوا عنه، رماه ابن أبي شيبة بالكذب وقد رُوي هذا الحديث عن علي مرفوعاً بسند فيه عبد الملك بن هارون بن عنترة، وهو متهم بالكذب، ووضع الحديث قال يحيى كذاب وقال أبو حاتم متروك ذاهب الحديث وقال السعدي كذاب وقال الذهبي واتهم بوضع حديث (( من صام يوماً من أيام البيض عُدِل عشرة آلاف سنة )) ولهذا الكذاب ـ أعني عبد الملك بن هارون ـ له بلايا كثيرة تراجع في "الميزان" للذهبي"
هذه الرواية سبق ذكرها ضمن رواية أخرى
10ـ (( من أتى زائراً لي وجبت له شفاعتي … )) الحديث أخرجه يحيى الحسيني عن بكير بن عبد الله مرفوعاً وقال ابن عبد الهادي "هذا حديث باطل، لا أصل له، مع أنه ليس فيه دليل على محل النزاع، وهو السفر إلى القبر"
الخطأ شفاعة النبى (ص)لمن يزوره بعد الموت سواء مسلم أو كافر وهو قول يعنى أن الكفار لو زاروه لكان لهم شفيعا وهو ما يعارض قولهم تعالى بسورة غافر "ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع "
11ـ (( من لم تمكنه زيارتي فليزر قبر إبراهيم الخليل )) قال ابن عبد الهادي "هذا من الأحاديث المكذوبة والأخبار الموضوعة، وأدنى من يعدّ من طلبة العلم يعلم أنه حديث موضوع، وخبر مفتعل مصنوع، وإن ذكر مثل هذا الكذب من غير بيان لحاله لقبيح بمن ينتسب إلى العلم"
السؤال لا يوجد قبر معروف لأى نبى من الأنبياء فكلها مجرد روايات والغريب أن تلك القبور عندما يتم البحث فيها عن جثة أحد لا يوجد سوى مجموعة من الصخور الصغيرة مغطاة بملاط وكثيرا ما توجد قطع حديد بها وكأن كل من بنوا تلك المقابر كانوا جميعا منافقين زورا التاريخ
12ـ (( من حج حجة الإسلام، وزار قبري، وغزا غزوة، وصلى عليَّ في بيت المقدس لم يسأله الله فيما افترض عليه )) رواه أبو الفتح الأزدي في الجزء الثاني من فوائده بسنده إلى أبي سهل بدر بن عبد الله المصيصي عن الحسن بن عثمان الزيادي قال الذهبي حديث بدر عن الحسن بن عثمان الزيادي باطل ـ يعني هذا الحديث ـ، وقد رواه عنه النعمان بن هارون هذا مع أن أبا الفتح الأزدي ضعيف وقال ابن الجوزي كان حافظاً ولكن في حديثه مناكير، وكانوا يضعفونه
وقال الخطيب متهم بوضع الحديث ضعفه البرقاني، وأهل الموصل لا يعدونه شيئاً "
الخطا أن الله لا يسأل من حج حجة الإسلام، وزار قبري، وغزا غزوة، وصلى عليَّ في بيت المقدس فى الفرائض وهو ما يناقض أن الكل يسئل أى يحاسب عن كل شىء كما قال تعالى " فأما من أوتى كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه إنى ظننت أنى ملاق حسابيه فهو فى عيشة راضية فى جنة عالية " وقال "وأما من أوتى كتابه بشماله فيقول يا ليتنى لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه يا ليتها كانت القاضية ما أغنى عنى ماليه هلك عنى سلطانيه"
13ـ (( من زارني حتى ينتهي إلى قبري كنت له يوم القيامة شهيداً أو قال شفيعا )) أخرجه العقيلي في "الضعفاء" عن ابن عباس مرفوعا، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر هذا حديث موضوع على ابن جريج قال ابن عبد الهادي "قد وقع تصحيف في متنه وإسناده، أما التصحيف في متنه فقوله (( من زارني ))، من الزيارة، وإنما هو (( من رآني في المنام كان كمن رآني في حياتي ))، هكذا في كتاب العقيلي في نسخة ابن عساكر (( من رآني))، من الرؤيا، فعلى هذا يكون معناه صحيحاً لقوله - (ص)- (( من رآني في المنام فقد رآني، لأن الشيطان لا يتمثل بي )) وأما التصحيف في سنده فقوله "سعيد بن محمد الحضرمي"، والصواب "شعيب بن محمد"، كما في رواية ابن عساكر فعلى كل حال فهذا الحديث ليس بثابت، سواء كان بلفظ الزيارة أو الرؤيا، لأن راويه فضالة بن سعيد ابن زميل المزني شيخ مجهول، لا يعرف له ذكر إلا في هذا الخبر الذي تفرد به، ولم يتابع عليه" وقال الذهبي "قال العقيلي حديثه غير محفوظ، حدثناه سعيد بن محمد الحضرمي، حدثنا فضالة، حدثنا محمد بن يحيى، عن ابن جريج، عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا (( من زارني في مماتي كان كمن زارني في حياتي))
وقال الذهبي هذا موضوع على ابن جريج"
سبق تناول الرواية
14ـ (( ما من أحد من أمتي له سعة ثم لم يزرني فليس له عذر)) أخرجه ابن النجار في "تاريخ المدينة" عن أنس وفيه سمعان بن المهدي قال الذهبي سمعان بن المهدي عن أنس بن مالك حيوان لا يعرف،ألصقت به نسخة مكذوبة رأيتها قبّح الله من وضعها0قال ابن حجر في "اللسان" وهذه النسخة من رواية محمد بن المقاتل الرازي، عن جعفر بن هارون الواسطي، عن سمعان، فذكر النسخة، وهي أكثر من ثلاث مائة حديث
قلت هذه أربعة عشر حديثاً يستدل بها القائلون على جواز شدّ الرحل إلى القبر، وهذا جملة ما احتج به من أجاز شدّ الرحل إلى زيارة القبر الشريف بمجرده "
الخطأ أن عدم زيارة النبى الميت مع القدرة عليها تعنى دخول الذى لم يزر النار وكيف يزار ميت لا حياة فيه وإنما هو جثة هامدة فى الأرض تحللت وأصبحت تراب ؟
وقد بين المؤلف رأيه فى تلك الروايات فقال :
"فقد تبين لك أن جميع هذه الأخبار ليس فيها حديث صحيح، ولا حسن، بل كلها ضعيفة جداً، أو موضوعة لا أصل لها كما تقدم لك عن أئمة هذا الشأن مفصلاً، فلا تغتر بكثرة طرقها وتعددها، فكم من حديث له طرق أعاف هذه الطرق التي سردناها عليك، ومع ذلك فهو موضوع عند أهل الباب، لأن الكثرة لا تفيد إذا كان مدارها على الكذابين، أو المتهمين، أو المتروكين، أو المجهولين كما سمعت في هذه الأحاديث، فإنها لا تخلو من كذاب، أو متهم، أو متروك، أو مجهول لا يعرف أبداً، ومثل هذا لا يصلح للتقوية كما هو معلوم عند أهل هذا الفن"
واستشهد الرجل برأى تيمية على كذب تلك الروايات فقال:
"قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم:"لم يثبت عن النبي - (ص)- حديث واحد في زيارة قبر مخصوص، ولا روى أحد في ذلك شيئاً لا أهل الصحيح ولا السنن ولا الأئمة المصنفون في المسند كالإمام أحمد وغيره، وإنما روى ذلك من جمع الموضوع وغيره، وأجل حديث روي في ذلك حديث رواه الدارقطني، وهو ضعيف باتفاق أهل العلم بالأحاديث المروية في زيارة قبره - (ص)- كقوله (( من زارني وزار أبي إبراهيم الخليل في عام واحد ضمنت له على الله الجنة))، و (( من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي))، و (( من لم يحج ولم يزرني فقد جفاني )) ، ونحو هذه الأحاديث مكذوبة موضوعة"
ثم طلب المؤلف ممن عنده رواية صحيحة فى الموضوع أن يظهرها فقال:
قلت هذا هو الصواب الذي يجب أن يدان الله به، ومن كان عنده حديث صحيح في هذا الموضوع ـ أعني في جواز شدّ الرحل إلى قبر مخصوص ـ فعليه البيان "