قراءة فى كتاب الجامع في الخاتم للبيهقي
الكتاب هو جمع روايات عن الخاتم النبوى مع مناقشة لبعض الخلافات فى تلك الروايات وتقرير بعض الأحكام والآن لمناقشة ما جاء فى الكتاب:
1 - أخبرنا الشيخ الإمام أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن القشيري في كتابه إلينا ، قال : أخبرنا الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، سنة اثنين وخمسين وأربعمائة ، وأخبرنا الشيخ الإمام الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن حبيب العامري أيده الله تعالى قال : أخبرنا الإمام أبو علي إسماعيل بن أحمد البيهقي ، أخبرنا والدي شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، قال : أخبرنا أبو نصر محمد بن علي بن محمد الفقيه الشيرازي ، حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى ، حدثنا إسماعيل بن أبي أويس ، حدثنا سليمان بن بلال ، عن يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، عن أنس بن مالك : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : « تختم بخاتم فضة ، فلبسه في يمينه ، فصه حبشي ، كان يجعل فصه مما يلي بطن كفه " رواه مسلم بن الحجاج رحمه الله في الصحيح عن زهير بن حرب ، عن ابن أبي أويس ، وكذلك قاله ابن يحيى عن يونس بن يزيد ورواه ابن وهب عن يونس بن يزيد دون ذكر اليمين . وذكر اليمين في الخاتم الذي اتخذه من فضة غير محفوظ في سائر الروايات ، وإنما هو في الخاتم الذي اتخذه من ورق ، أنه طرحه ، وذلك بخلاف سائر الروايات"
هنا ألبسوا النبى (ص)خاتما فضة وفى الحديث التالى رمى الخاتم بعد أن لبسه ورمى المسلمون :
2 - أخبرناه أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان ، حدثنا أحمد بن عبيد الصفار ، حدثنا عبيد بن شريك ، وابن ملحان قالا : حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا الليث ، حدثنا يونس ، عن ابن شهاب قال : حدثني أنس بن مالك : « أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده خاتم من ورق يوما واحدا ، ثم اصطنعوا الناس الخواتيم من ورق ولبسوها ، فطرح رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتمه ، فطرح الناس خواتيمهم " رواه البخاري عن يحيى بن بكير قال البخاري : تابعه إبراهيم بن سعد ، وشعيب بن أبي حمزة ، وزياد بن سعد ، عن الزهري . وأخرجه مسلم من حديث إبراهيم ، وزياد ، عن الزهري"
وقد ناقش البيهقى هذه الرواية فبين أنها رواية كاذبة فالرواية التى رميت فيها الخواتم كانت الخواتم من الذهب فقال :
" ويشبه أن يكون ذكر الورق في هذا الحديث وهما سبق إليه لسان الزهري ، فحملوه عنه على الوهم . فسائر الروايات عن أنس بن مالك ، ثم الروايات الصحيحة عن ابن عمر ، تدل على أن الذي طرحه هو الخاتم الذي اتخذه من ذهب ، وأن الذي اتخذه من ورق كان في يده حتى مات ، وأن الذي جعله في يمينه هو الذي اتخذه من ذهب ، دون الذي اتخذه من ورق ، وأن الذي اتخذه من ورق جعله في يساره"
والغريب أن الرواية رغم تكذيب البيهقى لها موجودة عند البخارى ومسلم كما ذكر وقد ذكر الرواية المناقضة لها التى رواها مسلم فقال:
7 - فأخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل القطان ببغداد قال : حدثنا أبو سهل بن زياد ، حدثنا الحسن بن العباس ، حدثنا سهل بن عثمان ، حدثنا عقبة بن خالد ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه أتي بخاتم من ذهب ، فجعله في يده اليمنى ، وجعل فصه مما يلي كفه ، فاتخذ الناس خواتيم من ذهب ، فلما رأى ذلك نزعه ، وقال : « لا ألبسه أبدا " فاتخذه من ورق رواه مسلم في الصحيح ، عن سهل بن عثمان وكذلك قاله : جويرية بن أسماء ، وأسامة بن زيد ، ومحمد بن إسحاق بن يسار ، عن نافع ، عن ابن عمر : في يمينه ، ثم رمى به وزاد بعضهم : ونهاهم عن تختم الذهب ووافق عبد الله بن دينار نافعا ، عن ابن عمر ، في أن الذي نبذه ، ونبذه الناس ، هو الخاتم الذي اتخذه من ذهب"
وذكر البيهقى أن النبى(ص) اتخذ خاتما لضرورة العمل فى الدولة وهو مخاطبة الدول الأخرى حيث نقش فى الخاتم محمد رسول الله فذكر الروايات التالية:
3 - فأخبرناه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن سختويه ، حدثنا أبو المثنى ، ويوسف بن يعقوب القاضي قال : حدثنا محمد بن المنهال ، حدثنا يزيد بن زريع ، حدثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أنس : « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يكتب إلى بعض الأعاجم " قال : « فقيل : إنهم لا يقبلون كتابا إلا بخاتم " قال : « فاتخذ خاتما من فضة ، نقشه : محمد رسول الله "
4 - وأخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الروذباري ، حدثنا أبو بكر بن داسة ، حدثنا أبو داود ، حدثنا وهب بن بقية ، عن خالد ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أنس معنى حديث يزيد بن زريع زاد : « فكان في يده حتى قبض صلى الله عليه وسلم ، وفي يد أبي بكر رضي الله عنه حتى قبض ، وفي يد عمر رضي الله عنه حتى قبض ، وفي يد عثمان رضي الله عنه فبينما هو عند بئر أريس ، إذ سقط في البئر ، فأمر بها فنزحت ، فلم يقدر عليه " أخرجه البخاري في الصحيح ، مختصرا من حديث يزيد بن زريع وأخرج هذه الزيادة ، عن أحمد بن حنبل ، عن محمد بن عبد الله الأنصاري ، عن أبيه ، عن ثمامة ، عن أنس بن مالك"
وحكاية نزح البئر من أجل خاتم تبدو حكاية منافية للعقل فالخاتم إذا سقط فى الماء سيطفو خاصة أن بئر أريس كانت بئرا كبيرة يشرب منه الكثير من الناس وقد كرر البيهقى الرواية فقال :
8 - فأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب ، حدثنا جعفر بن محمد ، حدثنا يحيى بن يحيى ، أخبرنا عبد الله بن نمير ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : « اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتما من ورق ، وكان في يده ، ثم كان في يد أبي بكر من بعده ، ثم كان في يد عمر ، ثم كان في يد عثمان ، حتى وقع منه في بئر أريس " رواه مسلم بن الحجاج في الصحيح ، عن يحيى بن يحيى ورواه البخاري ، عن محمد بن سلام ، عن ابن نمير ، دون قوله : « منه " ورواه أيضا : أيوب بن موسى ، عن نافع ، عن ابن عمر ، في أن الذي ألقاه هو خاتمه من ذهب ، وأن الذي اتخذه من ورق ، كان يلبسه"
ثم ذكر البيهقى روايات ارتداء الخاتم فى اليد اليسرى فذكر التالى:
5 - أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ، حدثنا أبو سهل بن زياد القطان ، حدثنا سعيد بن عثمان الأهوازي ، حدثنا أبو بكر بن خلاد ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس قال : « كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم في هذه " وأشار إلى خنصره ، من يده اليسرى رواه مسلم في الصحيح ، عن أبي بكر بن خلاد . فهذه الروايات الصحيحة ، عن أنس بن مالك ، دلت على أن الخاتم الذي اتخذه النبي صلى الله عليه وسلم من فضة لم يطرحه ، وأنه كان يجعله في خنصره ، من يده اليسرى"
6 - فأخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي ، من أصل كتابه ، حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ ، أخبرنا أبو عبد الرحمن النسائي ، حدثنا الحسين بن عيسى البسطامي ، حدثنا سلم بن قتيبة ، حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن أنس قال : « كأني أنظر إلى بياض خاتم النبي صلى الله عليه وسلم في إصبعه اليسرى " هذا إسناد صحيح"
الرواية فيها تعبير معضل وهو فى إصبعه اليسرى فلا يوجد إصبع يسرى وإنما يد يسرى ولو اعتبرنا الإصبع الأخير من كل يد هو الأيسر لوجدنا الخنصر فى اليمنى والإبهام فى اليسرى عند جعل اليد مقابل الوجه وإذا قلبناه كان إبهام اليمنى وخنصر اليسرى ومن ثم فالرواية من ضمن جنون بعض الروايات
وذكر البيهقى التالى:
"التختم في اليسار ثم في كتاب السنن لأبي داود السجستاني ، رواية مرفوعة ، ورواية موقوفة ، تشهد للمرفوعة بالصحة ، تدل على أنه جعل ذلك في يساره أما المرفوعة :
9 - فأخبرنا أبو علي الروذباري ، أخبرنا أبو بكر بن داسة ، حدثنا أبو داود ، حدثنا نصر بن علي ، حدثني أبي ، حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد ، عن نافع ، عن ابن عمر : أن النبي صلى الله عليه وسلم : « كان يتختم في يساره ، وكان فصه في باطن كفه " وأما الموقوفة :
10 - فأخبرنا أبو علي الروذباري ، أخبرنا أبو بكر بن داسة ، حدثنا أبو داود ، حدثنا هناد بن السري ، عن عبدة ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر : « أنه كان يلبس خاتمه في يده اليسرى " قلت : ومعلوم عن ابن عمر ، أنه كان لا يخالف النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عنه ، فلما روى عنه في خاتم الذهب ، أنه جعله في يمينه ، هو الخاتم الذي طرحه ، وأن الذي جعله في يساره ، هو الذي اتخذه من ورق ، واقتدى به فيما لم يطرحه ، وكان الآخر من أمريه صلى الله عليه وسلم"
وحاول البيهقى الجمع بين روايات التختم فى اليسرى واليمنى فذكر رواية تذكر أنها لبس الذهب فى اليمنى ثم رماه ثم لبس الفضة فى اليسرى ولم يرمه فقال "
"الجمع بين الروايات وقد روينا عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق ، عن أبيه رضي الله عنهما بإسناد صحيح ما يشهد لما ذكرنا من الجمع بين هذه الروايات بالصحة ، وأن الذي جعله في يساره ، هو خاتمه من فضة ، ثم لم يرمه
11 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب وهو الأصم ، حدثنا الربيع بن سليمان ، حدثنا ابن وهب ، حدثنا سليمان بن بلال ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم « تختم خاتما من ذهب في يده اليمنى ، على خنصره ، حتى رجع إلى البيت ، فرماه ، فما لبسه ، ثم تختم خاتما من ورق ، فجعله في يساره ، وأن أبا بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، وحسنا ، وحسينا رضي الله عنهم كانوا يتختمون في يسارهم " هذه رواية صحيحة ، لا يشك أهل العلم بالحديث في صحتها أخرجها أبو عمرو بن مطر في فوائد أبي العباس الأصم رحمه الله"
الغريب فى روايات رمى الخواتم أنها منافية للشرع فلا الذهب ولا الفضة يرمى أيا منهم وإنما تعطى لمن يلبسهم أو يلبسهن لأن رميهم هو من باب الإسراف وإضاعة المال والذى حرمه الله ولم يجعله من صفات المؤمنين حيث قال :
"والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكانوا بين ذلك قواما"
وهو يتنافى مع القول المعروف نهى الله عن قيل وقال وإضاعة المال "
وروايات التختم فى اليسار السابقة والتالية :
12 - وقرأت في كتاب أبي عيسى الترمذي رحمه الله : عن قتيبة بن سعيد ، عن حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه قال : « كان الحسن والحسين يتختمان في يسارهما " قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح قلت : وهو شاهد لبعض متن رواية سليمان بن بلال ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه"
تناقض روايات التختم فى اليمنى التالية:
13 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا الربيع بن سليمان ، حدثنا ابن وهب ، حدثنا سليمان بن بلال ، عن شريك بن أبي نمر ، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه قال شريك : وحدثني أبو سلمة ، « أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس خاتمه في يمينه " فرواية أبي سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم منقطعة وأما رواية ابن حنين عن علي ، فإن أراد هذا الحديث فهي موصولة من تلك الجهة ، لكني أخاف أن يكون أراد حديث النهي عن تختم الذهب ، ولبس القسي ، والمعصفر ، والقراءة في الركوع ، وهو المعروف بهذا الإسناد ، دون ذكر التختم في اليمين ، فشط متنه ، والله أعلم ورواه نافع مولى ابن عمر ، والزهري ، ويزيد بن أبي حبيب ، وزيد بن أسلم ، والوليد بن كثير ، وأسامة بن زيد ، ومحمد بن عمرو ، ومحمد بن إسحاق بن يسار ، كلهم عن إبراهيم ، عن عبد الله بن حنين ، عن علي ، دون هذه اللفظة . ورواه محمد بن المنكدر ، عن عبد الله بن حنين ، دون هذه اللفظة . ثم إن صح ذلك ، فيحتمل أن يكون خبرا عن الأمر الأول ، وهو حين تختم بخاتم من ذهب في يمينه . وهكذا سائر ما روي في التختم في اليمين ، يكون خبرا عن الأمر الأول ، والذي ذكرنا مما لم نذكره هاهنا في التختم في اليسار خبرا عن الأمر الآخر جمعا بين الروايات . والذي روي في التختم في اليمين حتى قبض أسانيده ضعيفة بمرة ، والله أعلم . قلت : ولحديث الزهري ، عن أنس بن مالك ، في ذكر الورق ، في الخاتم الذي طرحه علة أخرى ، وهي أن الزهري ذكر عن أنس بن مالك : أن فصه كان حبشيا . ثم عن ابن عمر ، في الخاتم الذي اتخذه من ورق : أن فصه كان منه ، دل على أن الخاتم الذي فصه حبشيا ، هو الخاتم الذي اتخذه من ذهب ، وهو الذي كان يجعله في يمينه ، ثم طرحه ، والله أعلم"
17 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه ، أخبرنا بشر بن موسى ، حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان ، حدثنا أيوب بن موسى ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : « اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتما من ذهب ، ثم ألقاه ، واتخذ خاتما من فضة ، فصه منه ، وكان يجعل فصه في باطن كفه ، ونقش فيه : محمد رسول الله ونهى أن ينقش أحد عليه ، وهو الذي سقط من معيقيب ، في بئر أريس " قوله : فصه منه ، غريب في حديث ابن عيينة ، حفظه عنه عبد الله بن الزبير الحميدي ، وهو حافظ ثقة"
18 - أخبرناه أبو الحسين بن بشران ببغداد ، حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار ، حدثنا أحمد بن منصور الرمادي ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن أيوب بن أبي تميمة السختياني ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتما من ذهب ، وضع فصه من داخل ، قال : فبينا هو يخطب ذات يوم قال : « إني كنت صنعت خاتما ، وكنت ألبسه ، وأجعل فصه من داخل ، وإني والله لا ألبسه أبدا " قال : فنبذه ، ونبذ الناس خواتيمهم ورواه عبد الوارث ، عن أيوب السختياني ، وقال فيه : فجعل فصه في باطن كفه . ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم في الصحيح . وبهذا المعنى رواه عبيد الله بن عمر ، وموسى بن عقبة ، والليث بن سعد ، وأسامة بن زيد ، عن نافع ، عن ابن عمر "
والرجل لم يصل للحقيقة بمناقشته لأسانيد الرواية السابقة وحاول طرح حلول ولكن لم يوفق فى الأمر
وناقش البيهقى مسألة أخرى وهو تكوين الخاتم فبين أن فص خاتم النبى(ص) كان من الخاتم نفسه فى الروايات التالية :
14 - أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الروذباري ، حدثنا أبو بكر بن داسة ، حدثنا أبو داود ، حدثنا أحمد بن يونس ، حدثنا زهير ، حدثنا حميد الطويل ، عن أنس قال : « كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم من فضة كله ، فصه منه "
15 - أخبرنا أبو عمرو محمد بن عبد الله الأديب ، أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي ، أخبرني الحسن هو ابن سفيان ، حدثنا أمية بن بسطام ، حدثنا المعتمر قال : سمعت حميدا يحدث عن أنس : « أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان خاتمه من فضة ، وكان فصه منه " رواه البخاري في الصحيح عن إسحاق ، عن معتمر بن سليمان"
وهو ما يناقض رواية الفص الحبشى التى تعنى أن الخاتم من مادتين وليس مادة واحدة وهى :
1- قال : أخبرنا أبو نصر محمد بن علي بن محمد الفقيه الشيرازي ، حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى ، حدثنا إسماعيل بن أبي أويس ، حدثنا سليمان بن بلال ، عن يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، عن أنس بن مالك : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : « تختم بخاتم فضة ، فلبسه في يمينه ، فصه حبشي ، كان يجعل فصه مما يلي بطن كفه " رواه مسلم بن الحجاج"
ثم ذكر البيهقى مسألة شكل نقش الخاتم فبين أنه كان سطر محمد وسطر رسول وسطر الله تحت بعضهما فقال:
16 - وأخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الطوسي ، حدثنا أبو محمد بن شوذب الواسطي بها ، حدثنا شعيب بن أيوب ، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري ، حدثني أبي ، عن ثمامة ، عن أنس : أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه : « لما استخلف بعثه إلى البحرين ، وكتب له هذا الكتاب ، وختمه بخاتم النبي صلى الله عليه وسلم وكان نقش الخاتم ثلاثة أسطر : محمد سطر ، ورسول سطر ، والله سطر " رواه البخاري ، عن الأنصاري وقال فيه : حدثني أبي ، عن عمه ثمامة ، عن أنس قال : « كان خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضة ، فصه منه ، نقشه ثلاثة أسطر : سطر محمد ، وسطر رسول ، وسطر الله ، وكان في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قبض "
ثم بين البيهقى تناقضات الروايات فيمن وقع منه الخاتم فى بئر أريس فذكر أنه عثمان فى روايات وفى روايات معيقيب فقال :
" أخبرناه محمد بن عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو أحمد الحافظ ، أخبرني أبو العلاء أحمد بن صالح التميمي بصور ، حدثنا أبو حاتم الرازي ، فذكره . وقال البخاري ، بعد حديثه عن الأنصاري : وزادني يعني أحمد بن حنبل عن الأنصاري ، قال : حدثني أبي ، عن ثمامة ، عن أنس قال : « كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم في يده ، وفي يد أبي بكر بعده ، وفي يد عمر بعد أبي بكر ، قال : فلما كان عثمان ، جلس على بئر أريس ، فأخرج الخاتم ، فجعل يعبث به ، فسقط ، فاختلفنا ثلاثة أيام مع عثمان ، فنزح البئر ، فلم يجده "..فقد خاتم النبوة والذي وقع في بئر أريس ، هو هذا الخاتم الذي اتخذه من ورق ، غير أن ابن عمر يقول في هذه الرواية : سقط من معيقيب ، وأنس بن مالك يقول : من عثمان ، وفي رواية عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، ما دل على ذلك ، فيحتمل أن يكون عثمان أخرجه من يده ، وجعل يعبث به ، ثم دفعه إلى معيقيب ، فسقط منه في البئر جمعا بين الروايتين ، وكان معيقيب فيما روي على خاتم النبي صلى الله عليه وسلم . وإن صرنا إلى الترجيح : فرواية عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، في سقوطه من عثمان أولى ، لزيادة حفظ عبيد الله بن عمر ، ولموافقته رواية أنس بن مالك . وفي رواية أيوب بن موسى ، عن نافع ، شيء آخر ، وهو أن قوله في الخاتم الذي اتخذه من فضة : وكان يجعل فصه في باطن كفه ، وتابعه على ذلك : عبد العزيز بن أبي رواد ، عن نافع ، ورواية الجماعة ، عن نافع : أنه كان يفعل ذلك في الخاتم الذي اتخذه من ذهب"
وفى نهاية الكتاب نجد عنوان يدل على أن هذا الجزء ليس من كتابة البيهقى وهو مذهب البيهقى وتحت العنوان نجد بعض آراء المذهب الشافعى والنص هو :
"مذهب البيهقي التختم في اليسار:
قال الشيخ أحمد رحمه الله : هذا الذي ذكرناه من تختم النبي صلى الله عليه وسلم في يمينه ، ثم في يساره ، لا يخلو من أن يكون واجبا ، أو مستحبا ، أو مباحا . فإن كان واجبا ، فالآخر من فعله هو الواجب . وإن كان مستحبا ، فالآخر هو المستحب . وإن كان مباحا ، وكلاهما جائز ، فالتختم في اليسار أولى ؛ لأنه الآخر من فعله ، والحجة أبدا في الآخر من أمره . وهذا نظير ما قاله الشافعي رحمه الله في قيام النبي صلى الله عليه وسلم للجنازة ، ثم قعوده . وذلك فيما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أنبأنا الربيع ، أنبأنا الشافعي ، قال عقيب : حديث قيام النبي صلى الله عليه وسلم للجنازة : وهذا لا يعدو من أن يكون منسوخا ، أو أن يكون قد قام لها لعلة قد رواها بعض المحدثين فذكرها ثم قال : وأيهما كان فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم تركه بعد فعله ، والحجة في الآخر من أمره ، إن كان الأول واجبا ، فالآخر من أمره ناسخ ، وإن كان استحبابا ، فالآخر هو الاستحباب ، وإن كان مباحا ، فلا بأس بالقيام والقعود ، والقعود أحب إلي ؛ لأنه الآخر من فعله ، وقد روينا عن الشافعي رحمه الله أنه كان يتختم في يساره ، وكان نقش خاتمه : الله ثقة محمد بن إدريس"
كما هو الحال فى أغلب الكتب نجد القوم يلجئون لروايات متناقضة مخالفة لبعضهم البعض فى تقرير الحكم مع وجود حكم واضح صريح فى القرآن للمسالة وهو :
جواز ارتداء الخاتم فى أى يد ومن أى مادة وهو قوله تعالى :
"وهو الذى سخر البحر لتأكلوا لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها"
فالحلية هنا تكون من أى مادة دون تحديد ولم يذكر مكان لبس الحلية دليل على أن لبسه فى أى عضو من المعتاد اللبس فيه حلال
الكتاب هو جمع روايات عن الخاتم النبوى مع مناقشة لبعض الخلافات فى تلك الروايات وتقرير بعض الأحكام والآن لمناقشة ما جاء فى الكتاب:
1 - أخبرنا الشيخ الإمام أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن القشيري في كتابه إلينا ، قال : أخبرنا الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، سنة اثنين وخمسين وأربعمائة ، وأخبرنا الشيخ الإمام الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن حبيب العامري أيده الله تعالى قال : أخبرنا الإمام أبو علي إسماعيل بن أحمد البيهقي ، أخبرنا والدي شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، قال : أخبرنا أبو نصر محمد بن علي بن محمد الفقيه الشيرازي ، حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى ، حدثنا إسماعيل بن أبي أويس ، حدثنا سليمان بن بلال ، عن يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، عن أنس بن مالك : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : « تختم بخاتم فضة ، فلبسه في يمينه ، فصه حبشي ، كان يجعل فصه مما يلي بطن كفه " رواه مسلم بن الحجاج رحمه الله في الصحيح عن زهير بن حرب ، عن ابن أبي أويس ، وكذلك قاله ابن يحيى عن يونس بن يزيد ورواه ابن وهب عن يونس بن يزيد دون ذكر اليمين . وذكر اليمين في الخاتم الذي اتخذه من فضة غير محفوظ في سائر الروايات ، وإنما هو في الخاتم الذي اتخذه من ورق ، أنه طرحه ، وذلك بخلاف سائر الروايات"
هنا ألبسوا النبى (ص)خاتما فضة وفى الحديث التالى رمى الخاتم بعد أن لبسه ورمى المسلمون :
2 - أخبرناه أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان ، حدثنا أحمد بن عبيد الصفار ، حدثنا عبيد بن شريك ، وابن ملحان قالا : حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا الليث ، حدثنا يونس ، عن ابن شهاب قال : حدثني أنس بن مالك : « أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده خاتم من ورق يوما واحدا ، ثم اصطنعوا الناس الخواتيم من ورق ولبسوها ، فطرح رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتمه ، فطرح الناس خواتيمهم " رواه البخاري عن يحيى بن بكير قال البخاري : تابعه إبراهيم بن سعد ، وشعيب بن أبي حمزة ، وزياد بن سعد ، عن الزهري . وأخرجه مسلم من حديث إبراهيم ، وزياد ، عن الزهري"
وقد ناقش البيهقى هذه الرواية فبين أنها رواية كاذبة فالرواية التى رميت فيها الخواتم كانت الخواتم من الذهب فقال :
" ويشبه أن يكون ذكر الورق في هذا الحديث وهما سبق إليه لسان الزهري ، فحملوه عنه على الوهم . فسائر الروايات عن أنس بن مالك ، ثم الروايات الصحيحة عن ابن عمر ، تدل على أن الذي طرحه هو الخاتم الذي اتخذه من ذهب ، وأن الذي اتخذه من ورق كان في يده حتى مات ، وأن الذي جعله في يمينه هو الذي اتخذه من ذهب ، دون الذي اتخذه من ورق ، وأن الذي اتخذه من ورق جعله في يساره"
والغريب أن الرواية رغم تكذيب البيهقى لها موجودة عند البخارى ومسلم كما ذكر وقد ذكر الرواية المناقضة لها التى رواها مسلم فقال:
7 - فأخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل القطان ببغداد قال : حدثنا أبو سهل بن زياد ، حدثنا الحسن بن العباس ، حدثنا سهل بن عثمان ، حدثنا عقبة بن خالد ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه أتي بخاتم من ذهب ، فجعله في يده اليمنى ، وجعل فصه مما يلي كفه ، فاتخذ الناس خواتيم من ذهب ، فلما رأى ذلك نزعه ، وقال : « لا ألبسه أبدا " فاتخذه من ورق رواه مسلم في الصحيح ، عن سهل بن عثمان وكذلك قاله : جويرية بن أسماء ، وأسامة بن زيد ، ومحمد بن إسحاق بن يسار ، عن نافع ، عن ابن عمر : في يمينه ، ثم رمى به وزاد بعضهم : ونهاهم عن تختم الذهب ووافق عبد الله بن دينار نافعا ، عن ابن عمر ، في أن الذي نبذه ، ونبذه الناس ، هو الخاتم الذي اتخذه من ذهب"
وذكر البيهقى أن النبى(ص) اتخذ خاتما لضرورة العمل فى الدولة وهو مخاطبة الدول الأخرى حيث نقش فى الخاتم محمد رسول الله فذكر الروايات التالية:
3 - فأخبرناه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن سختويه ، حدثنا أبو المثنى ، ويوسف بن يعقوب القاضي قال : حدثنا محمد بن المنهال ، حدثنا يزيد بن زريع ، حدثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أنس : « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يكتب إلى بعض الأعاجم " قال : « فقيل : إنهم لا يقبلون كتابا إلا بخاتم " قال : « فاتخذ خاتما من فضة ، نقشه : محمد رسول الله "
4 - وأخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الروذباري ، حدثنا أبو بكر بن داسة ، حدثنا أبو داود ، حدثنا وهب بن بقية ، عن خالد ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أنس معنى حديث يزيد بن زريع زاد : « فكان في يده حتى قبض صلى الله عليه وسلم ، وفي يد أبي بكر رضي الله عنه حتى قبض ، وفي يد عمر رضي الله عنه حتى قبض ، وفي يد عثمان رضي الله عنه فبينما هو عند بئر أريس ، إذ سقط في البئر ، فأمر بها فنزحت ، فلم يقدر عليه " أخرجه البخاري في الصحيح ، مختصرا من حديث يزيد بن زريع وأخرج هذه الزيادة ، عن أحمد بن حنبل ، عن محمد بن عبد الله الأنصاري ، عن أبيه ، عن ثمامة ، عن أنس بن مالك"
وحكاية نزح البئر من أجل خاتم تبدو حكاية منافية للعقل فالخاتم إذا سقط فى الماء سيطفو خاصة أن بئر أريس كانت بئرا كبيرة يشرب منه الكثير من الناس وقد كرر البيهقى الرواية فقال :
8 - فأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب ، حدثنا جعفر بن محمد ، حدثنا يحيى بن يحيى ، أخبرنا عبد الله بن نمير ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : « اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتما من ورق ، وكان في يده ، ثم كان في يد أبي بكر من بعده ، ثم كان في يد عمر ، ثم كان في يد عثمان ، حتى وقع منه في بئر أريس " رواه مسلم بن الحجاج في الصحيح ، عن يحيى بن يحيى ورواه البخاري ، عن محمد بن سلام ، عن ابن نمير ، دون قوله : « منه " ورواه أيضا : أيوب بن موسى ، عن نافع ، عن ابن عمر ، في أن الذي ألقاه هو خاتمه من ذهب ، وأن الذي اتخذه من ورق ، كان يلبسه"
ثم ذكر البيهقى روايات ارتداء الخاتم فى اليد اليسرى فذكر التالى:
5 - أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ، حدثنا أبو سهل بن زياد القطان ، حدثنا سعيد بن عثمان الأهوازي ، حدثنا أبو بكر بن خلاد ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس قال : « كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم في هذه " وأشار إلى خنصره ، من يده اليسرى رواه مسلم في الصحيح ، عن أبي بكر بن خلاد . فهذه الروايات الصحيحة ، عن أنس بن مالك ، دلت على أن الخاتم الذي اتخذه النبي صلى الله عليه وسلم من فضة لم يطرحه ، وأنه كان يجعله في خنصره ، من يده اليسرى"
6 - فأخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي ، من أصل كتابه ، حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ ، أخبرنا أبو عبد الرحمن النسائي ، حدثنا الحسين بن عيسى البسطامي ، حدثنا سلم بن قتيبة ، حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن أنس قال : « كأني أنظر إلى بياض خاتم النبي صلى الله عليه وسلم في إصبعه اليسرى " هذا إسناد صحيح"
الرواية فيها تعبير معضل وهو فى إصبعه اليسرى فلا يوجد إصبع يسرى وإنما يد يسرى ولو اعتبرنا الإصبع الأخير من كل يد هو الأيسر لوجدنا الخنصر فى اليمنى والإبهام فى اليسرى عند جعل اليد مقابل الوجه وإذا قلبناه كان إبهام اليمنى وخنصر اليسرى ومن ثم فالرواية من ضمن جنون بعض الروايات
وذكر البيهقى التالى:
"التختم في اليسار ثم في كتاب السنن لأبي داود السجستاني ، رواية مرفوعة ، ورواية موقوفة ، تشهد للمرفوعة بالصحة ، تدل على أنه جعل ذلك في يساره أما المرفوعة :
9 - فأخبرنا أبو علي الروذباري ، أخبرنا أبو بكر بن داسة ، حدثنا أبو داود ، حدثنا نصر بن علي ، حدثني أبي ، حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد ، عن نافع ، عن ابن عمر : أن النبي صلى الله عليه وسلم : « كان يتختم في يساره ، وكان فصه في باطن كفه " وأما الموقوفة :
10 - فأخبرنا أبو علي الروذباري ، أخبرنا أبو بكر بن داسة ، حدثنا أبو داود ، حدثنا هناد بن السري ، عن عبدة ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر : « أنه كان يلبس خاتمه في يده اليسرى " قلت : ومعلوم عن ابن عمر ، أنه كان لا يخالف النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عنه ، فلما روى عنه في خاتم الذهب ، أنه جعله في يمينه ، هو الخاتم الذي طرحه ، وأن الذي جعله في يساره ، هو الذي اتخذه من ورق ، واقتدى به فيما لم يطرحه ، وكان الآخر من أمريه صلى الله عليه وسلم"
وحاول البيهقى الجمع بين روايات التختم فى اليسرى واليمنى فذكر رواية تذكر أنها لبس الذهب فى اليمنى ثم رماه ثم لبس الفضة فى اليسرى ولم يرمه فقال "
"الجمع بين الروايات وقد روينا عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق ، عن أبيه رضي الله عنهما بإسناد صحيح ما يشهد لما ذكرنا من الجمع بين هذه الروايات بالصحة ، وأن الذي جعله في يساره ، هو خاتمه من فضة ، ثم لم يرمه
11 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب وهو الأصم ، حدثنا الربيع بن سليمان ، حدثنا ابن وهب ، حدثنا سليمان بن بلال ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم « تختم خاتما من ذهب في يده اليمنى ، على خنصره ، حتى رجع إلى البيت ، فرماه ، فما لبسه ، ثم تختم خاتما من ورق ، فجعله في يساره ، وأن أبا بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، وحسنا ، وحسينا رضي الله عنهم كانوا يتختمون في يسارهم " هذه رواية صحيحة ، لا يشك أهل العلم بالحديث في صحتها أخرجها أبو عمرو بن مطر في فوائد أبي العباس الأصم رحمه الله"
الغريب فى روايات رمى الخواتم أنها منافية للشرع فلا الذهب ولا الفضة يرمى أيا منهم وإنما تعطى لمن يلبسهم أو يلبسهن لأن رميهم هو من باب الإسراف وإضاعة المال والذى حرمه الله ولم يجعله من صفات المؤمنين حيث قال :
"والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكانوا بين ذلك قواما"
وهو يتنافى مع القول المعروف نهى الله عن قيل وقال وإضاعة المال "
وروايات التختم فى اليسار السابقة والتالية :
12 - وقرأت في كتاب أبي عيسى الترمذي رحمه الله : عن قتيبة بن سعيد ، عن حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه قال : « كان الحسن والحسين يتختمان في يسارهما " قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح قلت : وهو شاهد لبعض متن رواية سليمان بن بلال ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه"
تناقض روايات التختم فى اليمنى التالية:
13 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا الربيع بن سليمان ، حدثنا ابن وهب ، حدثنا سليمان بن بلال ، عن شريك بن أبي نمر ، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه قال شريك : وحدثني أبو سلمة ، « أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس خاتمه في يمينه " فرواية أبي سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم منقطعة وأما رواية ابن حنين عن علي ، فإن أراد هذا الحديث فهي موصولة من تلك الجهة ، لكني أخاف أن يكون أراد حديث النهي عن تختم الذهب ، ولبس القسي ، والمعصفر ، والقراءة في الركوع ، وهو المعروف بهذا الإسناد ، دون ذكر التختم في اليمين ، فشط متنه ، والله أعلم ورواه نافع مولى ابن عمر ، والزهري ، ويزيد بن أبي حبيب ، وزيد بن أسلم ، والوليد بن كثير ، وأسامة بن زيد ، ومحمد بن عمرو ، ومحمد بن إسحاق بن يسار ، كلهم عن إبراهيم ، عن عبد الله بن حنين ، عن علي ، دون هذه اللفظة . ورواه محمد بن المنكدر ، عن عبد الله بن حنين ، دون هذه اللفظة . ثم إن صح ذلك ، فيحتمل أن يكون خبرا عن الأمر الأول ، وهو حين تختم بخاتم من ذهب في يمينه . وهكذا سائر ما روي في التختم في اليمين ، يكون خبرا عن الأمر الأول ، والذي ذكرنا مما لم نذكره هاهنا في التختم في اليسار خبرا عن الأمر الآخر جمعا بين الروايات . والذي روي في التختم في اليمين حتى قبض أسانيده ضعيفة بمرة ، والله أعلم . قلت : ولحديث الزهري ، عن أنس بن مالك ، في ذكر الورق ، في الخاتم الذي طرحه علة أخرى ، وهي أن الزهري ذكر عن أنس بن مالك : أن فصه كان حبشيا . ثم عن ابن عمر ، في الخاتم الذي اتخذه من ورق : أن فصه كان منه ، دل على أن الخاتم الذي فصه حبشيا ، هو الخاتم الذي اتخذه من ذهب ، وهو الذي كان يجعله في يمينه ، ثم طرحه ، والله أعلم"
17 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه ، أخبرنا بشر بن موسى ، حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان ، حدثنا أيوب بن موسى ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : « اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتما من ذهب ، ثم ألقاه ، واتخذ خاتما من فضة ، فصه منه ، وكان يجعل فصه في باطن كفه ، ونقش فيه : محمد رسول الله ونهى أن ينقش أحد عليه ، وهو الذي سقط من معيقيب ، في بئر أريس " قوله : فصه منه ، غريب في حديث ابن عيينة ، حفظه عنه عبد الله بن الزبير الحميدي ، وهو حافظ ثقة"
18 - أخبرناه أبو الحسين بن بشران ببغداد ، حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار ، حدثنا أحمد بن منصور الرمادي ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن أيوب بن أبي تميمة السختياني ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتما من ذهب ، وضع فصه من داخل ، قال : فبينا هو يخطب ذات يوم قال : « إني كنت صنعت خاتما ، وكنت ألبسه ، وأجعل فصه من داخل ، وإني والله لا ألبسه أبدا " قال : فنبذه ، ونبذ الناس خواتيمهم ورواه عبد الوارث ، عن أيوب السختياني ، وقال فيه : فجعل فصه في باطن كفه . ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم في الصحيح . وبهذا المعنى رواه عبيد الله بن عمر ، وموسى بن عقبة ، والليث بن سعد ، وأسامة بن زيد ، عن نافع ، عن ابن عمر "
والرجل لم يصل للحقيقة بمناقشته لأسانيد الرواية السابقة وحاول طرح حلول ولكن لم يوفق فى الأمر
وناقش البيهقى مسألة أخرى وهو تكوين الخاتم فبين أن فص خاتم النبى(ص) كان من الخاتم نفسه فى الروايات التالية :
14 - أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الروذباري ، حدثنا أبو بكر بن داسة ، حدثنا أبو داود ، حدثنا أحمد بن يونس ، حدثنا زهير ، حدثنا حميد الطويل ، عن أنس قال : « كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم من فضة كله ، فصه منه "
15 - أخبرنا أبو عمرو محمد بن عبد الله الأديب ، أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي ، أخبرني الحسن هو ابن سفيان ، حدثنا أمية بن بسطام ، حدثنا المعتمر قال : سمعت حميدا يحدث عن أنس : « أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان خاتمه من فضة ، وكان فصه منه " رواه البخاري في الصحيح عن إسحاق ، عن معتمر بن سليمان"
وهو ما يناقض رواية الفص الحبشى التى تعنى أن الخاتم من مادتين وليس مادة واحدة وهى :
1- قال : أخبرنا أبو نصر محمد بن علي بن محمد الفقيه الشيرازي ، حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى ، حدثنا إسماعيل بن أبي أويس ، حدثنا سليمان بن بلال ، عن يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، عن أنس بن مالك : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : « تختم بخاتم فضة ، فلبسه في يمينه ، فصه حبشي ، كان يجعل فصه مما يلي بطن كفه " رواه مسلم بن الحجاج"
ثم ذكر البيهقى مسألة شكل نقش الخاتم فبين أنه كان سطر محمد وسطر رسول وسطر الله تحت بعضهما فقال:
16 - وأخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الطوسي ، حدثنا أبو محمد بن شوذب الواسطي بها ، حدثنا شعيب بن أيوب ، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري ، حدثني أبي ، عن ثمامة ، عن أنس : أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه : « لما استخلف بعثه إلى البحرين ، وكتب له هذا الكتاب ، وختمه بخاتم النبي صلى الله عليه وسلم وكان نقش الخاتم ثلاثة أسطر : محمد سطر ، ورسول سطر ، والله سطر " رواه البخاري ، عن الأنصاري وقال فيه : حدثني أبي ، عن عمه ثمامة ، عن أنس قال : « كان خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضة ، فصه منه ، نقشه ثلاثة أسطر : سطر محمد ، وسطر رسول ، وسطر الله ، وكان في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قبض "
ثم بين البيهقى تناقضات الروايات فيمن وقع منه الخاتم فى بئر أريس فذكر أنه عثمان فى روايات وفى روايات معيقيب فقال :
" أخبرناه محمد بن عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو أحمد الحافظ ، أخبرني أبو العلاء أحمد بن صالح التميمي بصور ، حدثنا أبو حاتم الرازي ، فذكره . وقال البخاري ، بعد حديثه عن الأنصاري : وزادني يعني أحمد بن حنبل عن الأنصاري ، قال : حدثني أبي ، عن ثمامة ، عن أنس قال : « كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم في يده ، وفي يد أبي بكر بعده ، وفي يد عمر بعد أبي بكر ، قال : فلما كان عثمان ، جلس على بئر أريس ، فأخرج الخاتم ، فجعل يعبث به ، فسقط ، فاختلفنا ثلاثة أيام مع عثمان ، فنزح البئر ، فلم يجده "..فقد خاتم النبوة والذي وقع في بئر أريس ، هو هذا الخاتم الذي اتخذه من ورق ، غير أن ابن عمر يقول في هذه الرواية : سقط من معيقيب ، وأنس بن مالك يقول : من عثمان ، وفي رواية عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، ما دل على ذلك ، فيحتمل أن يكون عثمان أخرجه من يده ، وجعل يعبث به ، ثم دفعه إلى معيقيب ، فسقط منه في البئر جمعا بين الروايتين ، وكان معيقيب فيما روي على خاتم النبي صلى الله عليه وسلم . وإن صرنا إلى الترجيح : فرواية عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، في سقوطه من عثمان أولى ، لزيادة حفظ عبيد الله بن عمر ، ولموافقته رواية أنس بن مالك . وفي رواية أيوب بن موسى ، عن نافع ، شيء آخر ، وهو أن قوله في الخاتم الذي اتخذه من فضة : وكان يجعل فصه في باطن كفه ، وتابعه على ذلك : عبد العزيز بن أبي رواد ، عن نافع ، ورواية الجماعة ، عن نافع : أنه كان يفعل ذلك في الخاتم الذي اتخذه من ذهب"
وفى نهاية الكتاب نجد عنوان يدل على أن هذا الجزء ليس من كتابة البيهقى وهو مذهب البيهقى وتحت العنوان نجد بعض آراء المذهب الشافعى والنص هو :
"مذهب البيهقي التختم في اليسار:
قال الشيخ أحمد رحمه الله : هذا الذي ذكرناه من تختم النبي صلى الله عليه وسلم في يمينه ، ثم في يساره ، لا يخلو من أن يكون واجبا ، أو مستحبا ، أو مباحا . فإن كان واجبا ، فالآخر من فعله هو الواجب . وإن كان مستحبا ، فالآخر هو المستحب . وإن كان مباحا ، وكلاهما جائز ، فالتختم في اليسار أولى ؛ لأنه الآخر من فعله ، والحجة أبدا في الآخر من أمره . وهذا نظير ما قاله الشافعي رحمه الله في قيام النبي صلى الله عليه وسلم للجنازة ، ثم قعوده . وذلك فيما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أنبأنا الربيع ، أنبأنا الشافعي ، قال عقيب : حديث قيام النبي صلى الله عليه وسلم للجنازة : وهذا لا يعدو من أن يكون منسوخا ، أو أن يكون قد قام لها لعلة قد رواها بعض المحدثين فذكرها ثم قال : وأيهما كان فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم تركه بعد فعله ، والحجة في الآخر من أمره ، إن كان الأول واجبا ، فالآخر من أمره ناسخ ، وإن كان استحبابا ، فالآخر هو الاستحباب ، وإن كان مباحا ، فلا بأس بالقيام والقعود ، والقعود أحب إلي ؛ لأنه الآخر من فعله ، وقد روينا عن الشافعي رحمه الله أنه كان يتختم في يساره ، وكان نقش خاتمه : الله ثقة محمد بن إدريس"
كما هو الحال فى أغلب الكتب نجد القوم يلجئون لروايات متناقضة مخالفة لبعضهم البعض فى تقرير الحكم مع وجود حكم واضح صريح فى القرآن للمسالة وهو :
جواز ارتداء الخاتم فى أى يد ومن أى مادة وهو قوله تعالى :
"وهو الذى سخر البحر لتأكلوا لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها"
فالحلية هنا تكون من أى مادة دون تحديد ولم يذكر مكان لبس الحلية دليل على أن لبسه فى أى عضو من المعتاد اللبس فيه حلال