قراءة فى كتاب مسألة مضاعفة الصلوات في المساجد الثلاثة هل تقع في النوافل أم لا ؟
مؤلف الكتاب هو الحافظ صلاح الدين أبو سعيد خليل بن كَيْكَلْدي بن عبد الله العلائي الدمشقي ثم المقدسي الشافعي
وسبب تأليفه الكتاب هو:
"فهذه أوراق عن التطوع بالصلوات في أحد المساجد الثلاثة التي تُشدُّ الرّحال إليها ، ووردت الأحاديث بمضاعفة الصلوات والأجور فيها
هل فعلها فيها أفضل من فعلها في البيوت؟ أو الإتيان بها في البيوت أفضل كبقية المساجد؟ وهل مضاعفة أجور الصلوات في هذه المساجد الثلاثة يعمّ كلاًّ من الفرض والنفل؟ أو يختص بالفرض فقط؟ وما للعلماء في ذلك؟اقتضى كتابتها كلامٌ جرى مع إمام من أئمة المسلمين ، وعَلَمٍ من أعلام الدين"
وذكر المؤلف جملة من تلك الأحاديث هى :
"روى أبو هريرة أنَّه سمع رسول الله يقول : صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام متفق عليه وهذا لفظ البخاري ولفظ مسلم : خير من ألف صلاة في غيره من المساجد ، وفي رواية لمسلم أيضاً : أفضل من ألف صلاة فيما سواه
وأخرجه أيضاً بهذا اللفظ من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي ، ومن حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - عن ميمونة أمّ المؤمنين - رضي الله عنها - أنّها سمعت رسول الله يقول صلاة فيه - يعني مسجده - أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا مسجد الكعبة "
والخطأ أن أجور الصلاة تختلف باختلاف المكان وهو يخالف أنها واحدة وهو عشر حسنات مصداق لقوله تعالى بسورة الأنعام "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها "وهو يناقض قولهم "صلاة فى مسجدى هذا أفضل من مائة صلاة فى غيره وصلاة فى المسجد الحرام أفضل من ألف صلاة فى مسجدى 000" فنلاحظ تناقض بين 100و1000وبين 1000و100000صلاة فى القول
وبغد هذا بين المؤلف اختلاف القوم فى المفهوم من تلك الروايات فنقل النقول التالية:
|قال الشيخ محيي الدين - رحمه الله - :
اختلف العلماء في المراد بهذا الاستثناء على حسب اختلافهم في مكة والمدينة أيّهما أفضل ، فذهب الشافعي - رحمه الله - وجماهير العلماء إلى أنّ مكة أفضل من المدينة ، وأنّ مسجد مكة أفضل من مسجد المدينة ، وعكسه مالك وطائفة فعند الشافعي والجمهور معناه : إلا المسجد الحرام ، فإنّ الصلاة فيه أفضل من الصلاة في مسجدي وعند مالك وموافقيه : إلا المسجد الحرام فإنّ الصلاة في مسجدي تفضله بدون الألف وقال أبو العباس القرطبي في تقرير قول مالك :
لا شك أنّ المسجد الحرام مستثنى من قوله : من المساجد وهي باتفاق مفضولة ، والمستثنى من المفضول مفضول إذا سكت عليه ، فالمسجد الحرام مفضول لكن لا يقال أنّه مفضول بألف لأنّه قد استثناه منها فلا بدّ أن يكون له مزية على غيره من المساجد لكن ما هي؟ لم يعينها الشرع ، فيتوقف فيها
وقال الإمام الحافظ أبو عمر بن عبد البر :
"قال عبد الله بن نافع الزبيري صاحب مالك : معنى هذا الحديث أنّ الصلاة في مسجد النبي أفضل من الصلاة في سائر المساجد بألف صلاة إلا المسجد الحرام ، فإنّ الصلاة في مسجد النبي أفضل من الصلاة فيه بدون الألف ثم قال : وهذا التأويل على بعده ومخالفة أهل العلم له لا حظَّ له في اللسان العربي وقال عامة أهل الأثر : الصلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة في مسجد النبي بمائة صلاة ، ومن الصلاة في سائر المساجد بمائة ألف صلاة والصلاة في مسجد الرسول أفضل من سائر المساجد بألف صلاة ثم روى ابن عبد البر هذا القول عن سفيان بن عيينة وعن ابن الزبير من الصحابة رضي الله عنهم ، وعن أصبغ بن الفرج أنهما كانا يذهبان إلى تفضيل الصلاة في المسجد الحرام على الصلاة في مسجد النبي قال : فهؤلاء أصحاب مالك قد اختلفوا في ذلك ، وقد روينا عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وأبي الدرداء وجابر بن عبد الله أنهم كانوا يفضلون مكة ومسجدها ، وإذا لم يكن بدٌّ من التقليد فهم أولى أن يُقلّدوا من غيرهم الذين جاءوا من بعدهم ، هذا كله قول ابن عبد البر رحمه الله في كتابه : الاستذكار"
بالقطع لا يوجد نص فى زيادة ثواب عمل ما فى مكة عن المدينة عن غيرهما فقواعد الأجر فى القرآن واحدة وهى :
العمل غير المالى بعشر حسنات كما قال تعالى :
"من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها"
العمل المالى بسبعمائة حسنة أو ألف وأربعمائة حسنة كما قال تعالى :
"مثل الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء"
الجهاد أفضل العمل فى الثواب كما قال تعالى :
"فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"
ومن ثم لا يوجد اختلاف فى الثواب بسبب مكان أو زمان معين
وذكر المؤلف روايتين الأولى هى:
"وأحسن حديث رُوي في ذلك ما رواه حمَّاد بن زيد وغيره عن حبيب المعلم عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن الزبير قال : قال رسول الله : صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام ، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة في مسجدي هذا بمائة صلاة ثم قال: وقال ابن أبي خيثمة : سمعت يحيى بن معين يقول : حبيب المعلم ثقة وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : سمعت أبي يقول : حبيب المعلم ثقة ما أصحّ حديثه ، وسئل أبو زرعة الرازي عن حبيب المعلم ، فقال : بصري ثقة قال أبو عمر : وسائر الإسناد لا يحتاج إلى القول فيه ، وقد روي أيضاً من حديث ابن عمر وحديث جابر رضي الله عنهما عن النبي مثل حديث ابن الزبير
قلت : حديث ابن الزبير هذا صحّحه أيضاً الحاكم في المستدرك ، وأخرجه ابن حبان في صحيحه "
وهى تعنى حسابيا أن الصلاة فى المسجد الحرام أفضل من الصلاة فى المساجد العادية عدا مسجد المدينة بألف+ مائة=1100 صلاة وهو ما يناقض كونها أفضل بـ100000 صلاة والتناقض الثانى أن فضل الصلاة فى المسجد الحرام على مسجد المدينة 100 صلاة وهو ما يناقض كونها 1000 صلاة فى الرواية التالية:
"ثم قال ابن عبد البر :وذكر البزار ، قال : حدثنا إبراهيم بن جميل قال : حدثنا محمد بن يزيد بن شداد ، قال : ثنا سعيد بن سالم القداح ، ثنا سعيد بن بشير عن إسماعيل بن عبيد الله عن أمّ الدرداء عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله : فضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره مائة ألف صلاة ، وفي مسجدي ألف صلاة ، وفي بيت المقدس خمسمائة صلاة قال أبو بكر البزار هذا حديث حسن قلت: هذا الحديث من أجود ما روي في مضاعفة الصلوات في المسجد الأقصى ، فإسماعيل بن عبيد الله اتفق على الاحتجاج به، ويعرف بابن أبي المهاجر ، وسعيد بن بشير وإن كان بعضهم تكلم فيه ، قال فيه شعبة : كان صدوق اللسان ، وقال ابن عيينة : كان حافظاً ، ووثقه دحيم ، وقال : كان مشايخنا يوثقونه ، وقال ابن أبي حاتم : رأيت أبي ينكر على من أدخله في كتاب الضعفاء ، وقال : محله الصدق ، وقال فيه ابن عدي : الغالب على كلامه الاستقامة وسعيد بن سالم القداح قال فيه ابن معين : ليس به بأس ، وقال أبو حاتم : محله الصدق ، وقال فيه أبو داود و ابن عدي : صدوق وشيخ البزار فيه وشيخ شيخه لم يتكلم فيهما وقد رواه محمد بن إسحاق الصَّغَاني أيضاً عن محمد بن يزيد بن شداد الأدمي أخرجه من طريقه القاسم بن عساكر في كتابه المستقصى ، وقد حسنه البزار كما تقدم ، فالحديث جيد ، وهو في مسند الإمام أحمد بن حنبل من هذا الوجه أيضاً "
الغريب أنه رغم التناقض الظاهر فى الروايات لا يظن فريق من القوم أن رواية منهما حتى كاذبة ولا يناقشون الأمر وإنما ذهبوا بعيدا نحو أمر أخر وهو الاختلاف على الصلوات الزائدة فرض أو نافلة وفى هذا نقل الرجل من بطون الكتب :
"قال القرطبي : اختلفوا في قوله : صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه هل المراد بالصلاة هنا الفرض أو هو عام في الفرض والنفل؟ وإلى الأول ذهب الطحاوي ، وإلى الثاني ذهب مطرف من أصحابنا وقال الشيخ محيي الدين رحمه الله في شرح مسلم : اعلم أنَّ مذهبنا أنَّه لا يختص هذا التفضيل في الصلاة في هذين المسجدين بالفريضة بل يعم الفرض والنفل جميعاً ، وبه قال مطرف من أصحاب مالك ، وقال الطحاوي يختص بالفرض لإطلاق هذه الأحاديث الصحيحة وقال أيضاً في كتابه هذا في باب استحباب صلاة النافلة في بيته : قوله : خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة هذا عام في جميع النوافل المترتبة مع الفرائض والمطلقة إلا في النوافل التي هي من شعائر الإسلام ، وهي : العيد والكسوف والاستسقاء وكذا التراويح على الأصحّ ؛ فإنَّها مشروعة في جماعة في المسجد ، والاستسقاء في الصحراء ، وكذا العيد إذا ضاق المسجد وقال أيضاً في صدر هذا الباب : وكذا ما لا يتأتى في غير المسجد كتحية المسجد ، أو يندب كونه في المسجد وهو ركعتا الطواف فظاهر هذا أنَّه لا فرق بين المساجد الثلاثة وبين غيرها في ترجيح فعل النوافل في البيت فيها ؛ لأنه استثنى ركعتي الطواف وهما يفعلان ندباً في المسجد الحرام خلف المقام ، فبينه وبين كلامه الأول الذي اختار فيه تعميم المضاعفة في الفرض والنفل ما لا يخفى من التنافي ، اللهم إلا أن يُقال : إن النافلة في أحد المساجد الثلاثة تكون أفضل من ألف مثلها في غير مسجد المدينة مثلاً ، ويكون فعل هذه النافلة في البيت الذي في تلك البلدة أفضل من فعلها في ذلك المسجد وهذا فيه نظر أيضاً ؛ لأن هذه المضاعفة المخصوصة في هذه المساجد الثلاثة لو لم يختص كلّ مسجد بما جعله الشارع له من المضاعفة لم يبقَ لذلك المسجد مزية على غيره ، فإذا كانت النافلة في البيت تحصل المضاعفة فيها أكثر من ذلك المسجد زالت تلك الخصوصية ، وأيضاً يلزم من ذلك استواء المساجد الثلاثة مع ما ليس بمسجد أفضل ، وفيه ما فيه
وقال الشيخ محيي الدين أيضاً في شرح المهذّب : قال أصحابنا : إن كانت الصلاة مما يتنفل بعدها فالسنة أن يرجع إلى بيته ليفعل النافلة ؛ لأن فعلها في البيت أفضل لقوله : صلوا أيها الناس في بيوتكم ؛ فإنّ أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة رواه البخاري ومسلم
وذكر أحاديث أخر وكلاماً ثم قال : قال أصحابنا : فإن صلى النافلة في المسجد جاز ، وإن كان خلاف الأفضل لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : صليت مع النبي سجدتين قبل الظهر ، وسجدتين بعدها ، وسجدتين بعد المغرب ، وسجدتين بعد العشاء ، وسجدتين بعد الجمعة ، فأمّا المغرب والعشاء ففي بيته رواه البخاري ومسلم قال : فظاهره أنّ الباقي صلاها في المسجد لبيان الجواز في بعض الأوقات ، وواظب على الأفضل في معظم الأوقات وهو صلاة النافلة في البيت ، وفي الصحيحين : أنّ النبي صلّى ليالي في رمضان في المسجد غير المكتوبات وهو ظاهر في ترجيح فعل النافلة في البيت على فعلها في المسجد وإن كان أحد المساجد الثلاثة وقال أيضاً في باب صلاة التطوع من شرح المهذب :
قال أصحابنا وغيرهم من العلماء : فعل ما لا تُسنُّ له الجماعة من التطوع في بيته أفضل منه في المسجد وغيره ، سواء في ذلك تطوع الليل والنهار ، وسواء الرواتب مع الفرائض وغيرها ، وعجب من المصنف رحمه الله - يعني في المهذب - في تخصيصه بتطوع النهار ، وكان ينبغي أن يقول : وفعل التطوع في البيت أفضل كما قاله في التنبيه ، وكما قاله الأصحاب وسائر العلماء وظاهر هذا الكلام التعميم بالنسبة إلى المساجد من غير استثناء المساجد الثلاثة من غيرها وقال فيه أيضاً في باب استقبال القبلة:قال أصحابنا : النفل في الكعبة أفضل منه خارجها ، وكذا الفرض إن لم يرج جماعة أو أمكن الجماعة الحاضرين الصلاة فيها ، فإن لم يمكن فخارجها أفضل ثم احتج لذلك بنصِّ الشافعي فإنه قال في الأم :قضاء الفريضة الفائتة في الكعبة أحبّ إليّ من قضائها خارجها ، قال : وكلما قرب منها كان أحبّ إليّ مما بعد ، وكذا المنذورة في الكعبة أفضل من خارجها قال الشافعي : ولا موضع أفضل ولا أطهر للصلاة من الكعبة وهذا الكلام من الشيخ محيي الدين رحمه الله يقتضي ترجيح النفل في الكعبة على غيره ، وربما فيه منافاة للقولين اللذين تقدم نقلهما آنفاً ، اللهم إلا أن يُقال : إن مراده أنّ صلاة النفل داخل الكعبة أفضل منه خارجها ، وإن كان فعلها في البيت أفضل
وأمّا احتجاجه لذلك بما ذكر من نصّ الشافعي ففيه نظر ؛ ولا يلزم من أفضليتهما في الكعبة أفضلية النفل ؛ لدلالة الأحاديث الآتي ذكرها على أن فعل النافلة في البيت أفضل ، وقد أشار الشافعي إلى ذلك كما سيأتي إن شاء الله تعالى ، على أنّ في ترجيح الصلاة داخل الكعبة على خارجها نظر ؛ لوجود الخلاف في صحة ذلك ، وليس هذا موضع بسط الكلام في ذلك وقال الشيخ محيي الدين أيضاً في شرح المهذب في باب صفة الحج :اختلف العلماء في التطوع في المسجد الحرام بالصلاة والطواف أيّهما أفضل؟ فقال صاحب الحاوي : الطواف أفضل ، وظاهر إطلاق المصنف في قوله في باب صلاة التطوع : أفضل عبادات البدن الصلاة أنّ الصلاة أفضل ، وقال ابن عباس وعطاء وسعيد بن جبير ومجاهد : الصلاة لأهل مكة أفضل ، والطواف للغرباء أفضل وهذا الخلاف يقتضي أن يكون التطوع في المسجد الحرام أفضل منه في البيت إذ لا يصح التفاضل بين الطواف الذي لا يصح فعله إلا في المسجد وبين الصلاة التي هي مفضولة بالنسبة إلى فعلها في البيوت "
ما نقله الرجل يبين أن القوم بدلا من البحث عن سلامة النص صدقوا النصين المتناقضين واختلفوا فى شىء ليس من الدين من شىء بل سودوا الألوف المؤلفة من الصفحات فى مسائل لا أساس لها واختلفوا فيها اختلافا متعارضا حتى قال المؤلف فى إحدى المسائل وهو أفضلية النوافل فى المسجد او البيت فقال:
"فتحصّل من هذا كله اضطراب النقل في النوافل : هل فعلها في المساجد الثلاثة أفضل أو في البيوت؟ والذي تقتضيه الأحاديث عند المحققين أنّ فعلها في البيوت أفضل ، إلا ما شرع له الجماعة كالعيد والكسوف والاستسقاء ، وكذا التراويح على الأصح ، وكذا ركعتي الطواف اتباعاً لفعله لهما خلف المقام ، وكذلك تحية المسجد لاختصاصها بالمسجد ، وما عدا ذلك ففعله في البيت أفضل لدخوله تحت قوله : أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ، وعدم ما يدل على إخراجه من هذا العموم
وهذا الذي اختاره الإمام أبو عمر بن عبد البر ، ونقله عن جماعة من الصحابة ، وحكاه أيضاً عن نصّ الشافعي ، كما سيأتي إن شاء الله
أمّا الأحاديث الدالة على ذلك ففي الصحيحين عن زيد بن ثابت قال : احتجر النبي حُجَيْرَةً بِخَصَفَةٍ أو حصير في المسجد وفي رواية : رمضان فخرج رسول الله يصلي فيها قال : فَتَتَبَّعَ إليه رجال وجاءوا يصلون بصلاته ، قال : ثم جاءوا ليلة فحضروا وأبطأ رسول الله عنهم فلم يخرج إليهم ، فرفعوا أصواتهم وحصبوا الباب ، فخرج إليهم رسول الله مغضباً فقال : ما زال بكم صنيعكم حتى ظننت أنّه سيُكتب عليكم ، فعليكم بالصلاة في بيوتكم ؛ فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة وهذا لفظ مسلم ورواه الدارمي في مسنده بإسناد صحيح ، ولفظه : فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الجماعة وأخرجه الترمذي مختصراً بلفظ : أفضل صلاتكم في بيوتكم إلا المكتوبة ثم قال : وفي الباب عن عمر بن الخطاب وجابر بن عبد الله وأبي سعيد وأبي هريرة وابن عمر وعائشة وعبد الله بن سعد وزيد بن خالد الجهني قلت : حديث أبي سعيد أخرجه ابن خزيمة في صحيحه من حديث جابر عن أبي سعيد رضي الله عنهما عن النبي قال : إذا قضى أحدكم صلاته في المسجد فليجعل لبيته نصيباً من صلاته ؛ فإن الله عز وجلّ جاعل في بيته من صلاته خيراً ، ثم رواه جابر عن النبي من غير ذكر أبي سعيد
وحديث عبد الله بن سعد : رواه الترمذي والنسائي في سننهما وابن خزيمة في صحيحه عن عبد الله بن سعد قال : سألت رسول الله عن الصلاة في بيتي والصلاة في المسجد فقال : قد ترى ما أقرب بيتي من المسجد ، ولأن أصلي في بيتي أحبّ إليّ من أن أصلي في المسجد إلا المكتوبة وهذا لفظ ابن خزيمة في صحيحه وروى فيه أيضاً عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن أبيه عن جدّه قال : صلّى النبي صلاة المغرب في مسجد بني الأشهل فلما صلّى قام ناس يتنفلون فقال النبي : عليكم بهذه الصلاة في البيوت ، ورواه النسائي أيضاً وعن محمود بن لبيد قال : أتى رسول الله بني عبد الأشهل فصلّى بهم المغرب فلمّا سلّم قال لهم : اركعوا هاتين الركعتين في بيوتكم قال عاصم بن عمر بن قتادة : فلقد رأيت محمود بن لبيد وهو إمام قومه يصلّي بهم المغرب فيجلس بفناء المسجد حتى يقوم قبيل العتمة فيدخل البيت فيصليهما أخرجه ابن خزيمة في صحيحه أيضاً فهذه الأحاديث كلها دالة دلالة قوية ظاهرة على ترجيح فعل النافلة في البيوت على فعلها في المسجد وإن كان أحد المساجد الثلاثة ، كما دلّ عليه حديث عبد الله بن سعد المتقدم ذكره ؛ لأن النبي رجح الصلاة في بيته على الصلاة في مسجده الذي هو أحدها ، فهو صريح في المقصود ، ومثله رواية أبي داود لحديث زيد بن ثابت الآتي ذكره إن شاء الله تعالى وهذا أولى بالترجيح من طريق الجمع بينهما ؛ لأنه قد يُقال : إنَّ قوله : صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه وكذلك بقية الأحاديث التي تشبهه عام في جميع الصلوات كما تقدم من اختيار الشيخ محيي الدين رحمه الله في شموله الفرض والنفل فلم يدخله تخصيص بشيء وقوله : أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة وإن كان عاماً فقد اُختصّ بأشياء منها : ما شُرعت فيه الجماعة ، وكذلك تحية المسجد ، وركعتي الطواف وغير ذلك ، وإذا تعارض عامان وأحدهما قد خُصَّ والآخر باقٍ على عمومه ، قُدِّم الباقي على عمومه على الذي دخله التخصيص وجواب هذا أولاً: يمنع العموم في قوله : صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه وأمثاله من الأحاديث ، فإنها نكرة في سياق الإثبات ، ولا عموم لها على الراجح ، بل هو مطلق في كلّ الصلوات ، والمطلق لا عموم له إلا على جهة البدل ، فأمّا عموم الشمول فلا وثانيهما : أنّه على تقدير تسليم العموم فيه فليس هذا من باب العامين المتعارضين ، بل الأحاديث الدالة على ترجيح فعل النافلة في البيوت أخصّ بالنسبة إلى الصلوات ، وإن كان قد خرج منها بعض النافلة ، فهي خاصة من حيث اعتبار النفل والفرض ، وتناولها للنفل فقط وإن كانت عامة في جميع صلوات النفل وقد خرج بعضها بدليلٍ فلا ينافي ذلك كونها خاصة بالنسبة إلى جميع أنواع الصلوات ، فصلاة النفل نوع بالنسبة إلى مطلق الصلاة ، جنس بالنسبة إلى أفرادها من الرواتب وغيرها وما شرع فيه الجماعة ثم هي متناولة لمحل النزاع وهو الصلاة في مسجد النبي الذي هو أحد المساجد الثلاثة بطريق التنصيص ، وذلك في حديث عبد الله بن سعد الذي تقدم ذكره والتنبيه عليه وفيما أخرجه أبو داود في سننه قال : حدثنا أحمد بن صالح ثنا عبد الله بن وهب أخبرني سليمان بن بلال عن إبراهيم بن أبي النضر عن بسر بن سعيد عن زيد بن ثابت أن النبي قال : صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة
وهذا إسناد على شرط البخاري سوى إبراهيم بن أبي النضر ، فقد احتج بهم كلهم سواه ، وإبراهيم هذا وثّقه محمد بن سعد وأبو حاتم بن حبان ، ولم يضعفه أحد ، وقد ثبَّته الإمام أبو عمر بن عبد البر واحتج به فقال في كتاب الاستذكار :اختلفوا في الأفضل في القيام مع الناس أو الانفراد في شهر رمضان؟ فقال مالك والشافعي : المنفرد في بيته في رمضان أفضل ، قال مالك : وكان ربيعة وغير واحد من علمائنا ينصرفون ولا يقومون مع الناس ، قال مالك : وأنا أفعل ذلك ، وما قام رسول الله إلا في بيته قال : واحتج الشافعي بحديث زيد بن ثابت أن النبي قال في قيام رمضان : أيها الناس صلّوا في بيوتكم ؛ فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ، قال الشافعي : ولا سيما مع رسول الله وفي مسجده على ما في ذلك من الفضل قلت : فهذا نص من الشافعي على ترجيح النافلة في البيوت على فعلها في مسجد النبي لدلالة القصة والأحاديث عليه ثم قال ابن عبد البر :وروينا عن ابن عمر وسالم والقاسم وإبراهيم ونافع أنّهم كانوا ينصرفون ولا يقومون مع الناس، وجاء عن عمر وعلي رضي الله عنهما أنّهما كانا يأمران من يقوم للناس في المسجد ، ولم يجئ عنهما أنّهما كانا يقومان معهم ثم ذكر عن الليث بن سعد وأحمد بن حنبل والمزني والمتأخرين من أصحاب أبي حنيفة والشافعي أنّهم اختاروا قيام شهر رمضان في المسجد ، وما احتجوا به ، ثم قال : وقد احتج أهل الظاهر في ذلك بقول رسول الله : صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة ويروى : بسبع وعشرين درجة ولم يخصّ فرضاً من نافلة قال : وهذا عند أكثر أهل العلم في الفريضة ، والحجة لهم قوله في حديث زيد بن ثابت : صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة قال : وهذا الحديث وإن كان موقوفاً في الموطأ على زيد بن ثابت فإنه قد رفعه جماعة ثقات ، فإذا كانت النافلة في البيت أفضل منها في مسجد النبي والصلاة فيه بألف صلاة فأي فضل أبين من هذا؟ ولهذا كان مالك والشافعي رحمهما الله ومن سلك سبيلهما يرون الانفراد في البيت أفضل في كلّ نافلة ، فإذا قامت الصلاة في المسجد في رمضان ولو بأقل عدد فالصلاة حينئذ في البيت أفضل انتهى كلام ابن عبد البر وقال أيضاً في موضع آخر من هذا الكتاب :وفيه أيضاً - يعني حديث زيد بن ثابت المذكور - دليل على أنّ الانفراد بكلّ ما يعمله المؤمن من أعمال البر ويسره ويخفيه أفضل ، ولذلك قال بعض الحكماء : إخفاء العلم هلكة ، وإخفاء العمل نجاة و قال الله عز وجلّ في الصدقات : وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم وإذا كانت النافلة في البيوت أفضل منها في مسجد رسول الله فما ظنك بها في غير ذلك الموضع ، إضافة إلى ما في صلاة المرء في بيته من اقتداء أهله به من بنين وعيال ، والصلاة في البيت نور له وقال الماوردي في كتابه الحاوي :قال الشافعي : وأمّا قيام شهر رمضان فصلاة المنفرد أحبّ إليّمنه وفيه تأويلان لأصحابنا :أحدهما : أنّه أراد بذلك أن قيام شهر رمضان وإن كان في جماعة ففي النوافل التي تفعل فرادى ما هو أوكد منه ، وذلك الوتر وركعتا الفجر وهذا قول أبي العباس ابن سريج والتأويل الثاني : أنّ صلاة المنفرد في قيام شهر رمضان أفضل إذا لم يكن في إفراده تعطيل الجماعة ، وهو قول أكثر أهل العلم ، وإنّما كان ذلك كذلك لرواية زيد بن ثابت أنّ النبي قال : صلوا في بيوتكم ؛ فإن صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في المسجد إلا المكتوبة فأما إن تعطلت الجماعة بانفراده فصلاته في الجماعة أفضل ، لما في تعطيلها من إطفاء نور المساجد وترك السنة المأثورة ، وهذا منه اختيار الوجه الثالث المقابل بالتفضيل في صلاة التراويح وهو : أنّه إن كانت الجماعة تتعطل بغيبته ، أو كان إذا خلا في بيته يغلبه النوم أو الكسل فلا يصلي ، ففعلها في الجماعة أفضل ، وإلا فالانفراد بها أفضل وما اختاره من تأويل نصّ الشافعي فهو أظهر من التأويل الذي قبله ، ومن الأصحاب من قال بترجيح الانفراد بها مطلقاً ، ومنهم من اختار فعلها في الجماعة مطلقاً ، وهو الذي رجح الشيخ محيي الدين كما سبق
وليس ذلك لترجيح فعل النافلة في المساجد على فعلها في البيوت ، بل لمشروعية الجماعة في قيام رمضان ، وما شرعت فيه الجماعة فإظهاره وفعله خارج البيوت أفضل ، وأمّا ما لم تشرع فيه الجماعة ولم يكن له اختصاص بالمسجد كتحية المسجد ، ولا ورد الشرع بفعله فيه كركعتي الطواف ، ففعله في البيوت أفضل وإن كان في أحد المساجد الثلاثة كما سبق تقريره "
مما سبق يتضح أن الفقهاء ما زادوا على أنهم جعلوا ما ينسب للنبى(ص) متناقض متعارض وكأن النبى(ص) قال كل تلك الأحاديث المتناقضة وهو أمر ينفر أى إنسان يبحث عن دين الحق من الإسلام فالقوم بدلا من البحث عن سلامة تعارض نصوص الروايات مع القرآن جعلوا الدين يضرب بعضه بعضا وسلموا بأن النبى(ص) فى الغالب قال كل تلك الأحاديث وهم لم يقل منها شىء سوى نادرا
القوم بحثوا عن الأفضلية فى البيوت أم المساجد وأخذوا منها مسألة فى شهر رمضان فى النوافل والأفضل هو:
البحث عن أساس للنوافل فى القرآن هل توجد نوافل فيه فى الصلاة أم أن المطلوب هو صلاة الفرض فقط ؟
مؤلف الكتاب هو الحافظ صلاح الدين أبو سعيد خليل بن كَيْكَلْدي بن عبد الله العلائي الدمشقي ثم المقدسي الشافعي
وسبب تأليفه الكتاب هو:
"فهذه أوراق عن التطوع بالصلوات في أحد المساجد الثلاثة التي تُشدُّ الرّحال إليها ، ووردت الأحاديث بمضاعفة الصلوات والأجور فيها
هل فعلها فيها أفضل من فعلها في البيوت؟ أو الإتيان بها في البيوت أفضل كبقية المساجد؟ وهل مضاعفة أجور الصلوات في هذه المساجد الثلاثة يعمّ كلاًّ من الفرض والنفل؟ أو يختص بالفرض فقط؟ وما للعلماء في ذلك؟اقتضى كتابتها كلامٌ جرى مع إمام من أئمة المسلمين ، وعَلَمٍ من أعلام الدين"
وذكر المؤلف جملة من تلك الأحاديث هى :
"روى أبو هريرة أنَّه سمع رسول الله يقول : صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام متفق عليه وهذا لفظ البخاري ولفظ مسلم : خير من ألف صلاة في غيره من المساجد ، وفي رواية لمسلم أيضاً : أفضل من ألف صلاة فيما سواه
وأخرجه أيضاً بهذا اللفظ من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي ، ومن حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - عن ميمونة أمّ المؤمنين - رضي الله عنها - أنّها سمعت رسول الله يقول صلاة فيه - يعني مسجده - أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا مسجد الكعبة "
والخطأ أن أجور الصلاة تختلف باختلاف المكان وهو يخالف أنها واحدة وهو عشر حسنات مصداق لقوله تعالى بسورة الأنعام "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها "وهو يناقض قولهم "صلاة فى مسجدى هذا أفضل من مائة صلاة فى غيره وصلاة فى المسجد الحرام أفضل من ألف صلاة فى مسجدى 000" فنلاحظ تناقض بين 100و1000وبين 1000و100000صلاة فى القول
وبغد هذا بين المؤلف اختلاف القوم فى المفهوم من تلك الروايات فنقل النقول التالية:
|قال الشيخ محيي الدين - رحمه الله - :
اختلف العلماء في المراد بهذا الاستثناء على حسب اختلافهم في مكة والمدينة أيّهما أفضل ، فذهب الشافعي - رحمه الله - وجماهير العلماء إلى أنّ مكة أفضل من المدينة ، وأنّ مسجد مكة أفضل من مسجد المدينة ، وعكسه مالك وطائفة فعند الشافعي والجمهور معناه : إلا المسجد الحرام ، فإنّ الصلاة فيه أفضل من الصلاة في مسجدي وعند مالك وموافقيه : إلا المسجد الحرام فإنّ الصلاة في مسجدي تفضله بدون الألف وقال أبو العباس القرطبي في تقرير قول مالك :
لا شك أنّ المسجد الحرام مستثنى من قوله : من المساجد وهي باتفاق مفضولة ، والمستثنى من المفضول مفضول إذا سكت عليه ، فالمسجد الحرام مفضول لكن لا يقال أنّه مفضول بألف لأنّه قد استثناه منها فلا بدّ أن يكون له مزية على غيره من المساجد لكن ما هي؟ لم يعينها الشرع ، فيتوقف فيها
وقال الإمام الحافظ أبو عمر بن عبد البر :
"قال عبد الله بن نافع الزبيري صاحب مالك : معنى هذا الحديث أنّ الصلاة في مسجد النبي أفضل من الصلاة في سائر المساجد بألف صلاة إلا المسجد الحرام ، فإنّ الصلاة في مسجد النبي أفضل من الصلاة فيه بدون الألف ثم قال : وهذا التأويل على بعده ومخالفة أهل العلم له لا حظَّ له في اللسان العربي وقال عامة أهل الأثر : الصلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة في مسجد النبي بمائة صلاة ، ومن الصلاة في سائر المساجد بمائة ألف صلاة والصلاة في مسجد الرسول أفضل من سائر المساجد بألف صلاة ثم روى ابن عبد البر هذا القول عن سفيان بن عيينة وعن ابن الزبير من الصحابة رضي الله عنهم ، وعن أصبغ بن الفرج أنهما كانا يذهبان إلى تفضيل الصلاة في المسجد الحرام على الصلاة في مسجد النبي قال : فهؤلاء أصحاب مالك قد اختلفوا في ذلك ، وقد روينا عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وأبي الدرداء وجابر بن عبد الله أنهم كانوا يفضلون مكة ومسجدها ، وإذا لم يكن بدٌّ من التقليد فهم أولى أن يُقلّدوا من غيرهم الذين جاءوا من بعدهم ، هذا كله قول ابن عبد البر رحمه الله في كتابه : الاستذكار"
بالقطع لا يوجد نص فى زيادة ثواب عمل ما فى مكة عن المدينة عن غيرهما فقواعد الأجر فى القرآن واحدة وهى :
العمل غير المالى بعشر حسنات كما قال تعالى :
"من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها"
العمل المالى بسبعمائة حسنة أو ألف وأربعمائة حسنة كما قال تعالى :
"مثل الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء"
الجهاد أفضل العمل فى الثواب كما قال تعالى :
"فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"
ومن ثم لا يوجد اختلاف فى الثواب بسبب مكان أو زمان معين
وذكر المؤلف روايتين الأولى هى:
"وأحسن حديث رُوي في ذلك ما رواه حمَّاد بن زيد وغيره عن حبيب المعلم عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن الزبير قال : قال رسول الله : صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام ، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة في مسجدي هذا بمائة صلاة ثم قال: وقال ابن أبي خيثمة : سمعت يحيى بن معين يقول : حبيب المعلم ثقة وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : سمعت أبي يقول : حبيب المعلم ثقة ما أصحّ حديثه ، وسئل أبو زرعة الرازي عن حبيب المعلم ، فقال : بصري ثقة قال أبو عمر : وسائر الإسناد لا يحتاج إلى القول فيه ، وقد روي أيضاً من حديث ابن عمر وحديث جابر رضي الله عنهما عن النبي مثل حديث ابن الزبير
قلت : حديث ابن الزبير هذا صحّحه أيضاً الحاكم في المستدرك ، وأخرجه ابن حبان في صحيحه "
وهى تعنى حسابيا أن الصلاة فى المسجد الحرام أفضل من الصلاة فى المساجد العادية عدا مسجد المدينة بألف+ مائة=1100 صلاة وهو ما يناقض كونها أفضل بـ100000 صلاة والتناقض الثانى أن فضل الصلاة فى المسجد الحرام على مسجد المدينة 100 صلاة وهو ما يناقض كونها 1000 صلاة فى الرواية التالية:
"ثم قال ابن عبد البر :وذكر البزار ، قال : حدثنا إبراهيم بن جميل قال : حدثنا محمد بن يزيد بن شداد ، قال : ثنا سعيد بن سالم القداح ، ثنا سعيد بن بشير عن إسماعيل بن عبيد الله عن أمّ الدرداء عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله : فضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره مائة ألف صلاة ، وفي مسجدي ألف صلاة ، وفي بيت المقدس خمسمائة صلاة قال أبو بكر البزار هذا حديث حسن قلت: هذا الحديث من أجود ما روي في مضاعفة الصلوات في المسجد الأقصى ، فإسماعيل بن عبيد الله اتفق على الاحتجاج به، ويعرف بابن أبي المهاجر ، وسعيد بن بشير وإن كان بعضهم تكلم فيه ، قال فيه شعبة : كان صدوق اللسان ، وقال ابن عيينة : كان حافظاً ، ووثقه دحيم ، وقال : كان مشايخنا يوثقونه ، وقال ابن أبي حاتم : رأيت أبي ينكر على من أدخله في كتاب الضعفاء ، وقال : محله الصدق ، وقال فيه ابن عدي : الغالب على كلامه الاستقامة وسعيد بن سالم القداح قال فيه ابن معين : ليس به بأس ، وقال أبو حاتم : محله الصدق ، وقال فيه أبو داود و ابن عدي : صدوق وشيخ البزار فيه وشيخ شيخه لم يتكلم فيهما وقد رواه محمد بن إسحاق الصَّغَاني أيضاً عن محمد بن يزيد بن شداد الأدمي أخرجه من طريقه القاسم بن عساكر في كتابه المستقصى ، وقد حسنه البزار كما تقدم ، فالحديث جيد ، وهو في مسند الإمام أحمد بن حنبل من هذا الوجه أيضاً "
الغريب أنه رغم التناقض الظاهر فى الروايات لا يظن فريق من القوم أن رواية منهما حتى كاذبة ولا يناقشون الأمر وإنما ذهبوا بعيدا نحو أمر أخر وهو الاختلاف على الصلوات الزائدة فرض أو نافلة وفى هذا نقل الرجل من بطون الكتب :
"قال القرطبي : اختلفوا في قوله : صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه هل المراد بالصلاة هنا الفرض أو هو عام في الفرض والنفل؟ وإلى الأول ذهب الطحاوي ، وإلى الثاني ذهب مطرف من أصحابنا وقال الشيخ محيي الدين رحمه الله في شرح مسلم : اعلم أنَّ مذهبنا أنَّه لا يختص هذا التفضيل في الصلاة في هذين المسجدين بالفريضة بل يعم الفرض والنفل جميعاً ، وبه قال مطرف من أصحاب مالك ، وقال الطحاوي يختص بالفرض لإطلاق هذه الأحاديث الصحيحة وقال أيضاً في كتابه هذا في باب استحباب صلاة النافلة في بيته : قوله : خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة هذا عام في جميع النوافل المترتبة مع الفرائض والمطلقة إلا في النوافل التي هي من شعائر الإسلام ، وهي : العيد والكسوف والاستسقاء وكذا التراويح على الأصحّ ؛ فإنَّها مشروعة في جماعة في المسجد ، والاستسقاء في الصحراء ، وكذا العيد إذا ضاق المسجد وقال أيضاً في صدر هذا الباب : وكذا ما لا يتأتى في غير المسجد كتحية المسجد ، أو يندب كونه في المسجد وهو ركعتا الطواف فظاهر هذا أنَّه لا فرق بين المساجد الثلاثة وبين غيرها في ترجيح فعل النوافل في البيت فيها ؛ لأنه استثنى ركعتي الطواف وهما يفعلان ندباً في المسجد الحرام خلف المقام ، فبينه وبين كلامه الأول الذي اختار فيه تعميم المضاعفة في الفرض والنفل ما لا يخفى من التنافي ، اللهم إلا أن يُقال : إن النافلة في أحد المساجد الثلاثة تكون أفضل من ألف مثلها في غير مسجد المدينة مثلاً ، ويكون فعل هذه النافلة في البيت الذي في تلك البلدة أفضل من فعلها في ذلك المسجد وهذا فيه نظر أيضاً ؛ لأن هذه المضاعفة المخصوصة في هذه المساجد الثلاثة لو لم يختص كلّ مسجد بما جعله الشارع له من المضاعفة لم يبقَ لذلك المسجد مزية على غيره ، فإذا كانت النافلة في البيت تحصل المضاعفة فيها أكثر من ذلك المسجد زالت تلك الخصوصية ، وأيضاً يلزم من ذلك استواء المساجد الثلاثة مع ما ليس بمسجد أفضل ، وفيه ما فيه
وقال الشيخ محيي الدين أيضاً في شرح المهذّب : قال أصحابنا : إن كانت الصلاة مما يتنفل بعدها فالسنة أن يرجع إلى بيته ليفعل النافلة ؛ لأن فعلها في البيت أفضل لقوله : صلوا أيها الناس في بيوتكم ؛ فإنّ أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة رواه البخاري ومسلم
وذكر أحاديث أخر وكلاماً ثم قال : قال أصحابنا : فإن صلى النافلة في المسجد جاز ، وإن كان خلاف الأفضل لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : صليت مع النبي سجدتين قبل الظهر ، وسجدتين بعدها ، وسجدتين بعد المغرب ، وسجدتين بعد العشاء ، وسجدتين بعد الجمعة ، فأمّا المغرب والعشاء ففي بيته رواه البخاري ومسلم قال : فظاهره أنّ الباقي صلاها في المسجد لبيان الجواز في بعض الأوقات ، وواظب على الأفضل في معظم الأوقات وهو صلاة النافلة في البيت ، وفي الصحيحين : أنّ النبي صلّى ليالي في رمضان في المسجد غير المكتوبات وهو ظاهر في ترجيح فعل النافلة في البيت على فعلها في المسجد وإن كان أحد المساجد الثلاثة وقال أيضاً في باب صلاة التطوع من شرح المهذب :
قال أصحابنا وغيرهم من العلماء : فعل ما لا تُسنُّ له الجماعة من التطوع في بيته أفضل منه في المسجد وغيره ، سواء في ذلك تطوع الليل والنهار ، وسواء الرواتب مع الفرائض وغيرها ، وعجب من المصنف رحمه الله - يعني في المهذب - في تخصيصه بتطوع النهار ، وكان ينبغي أن يقول : وفعل التطوع في البيت أفضل كما قاله في التنبيه ، وكما قاله الأصحاب وسائر العلماء وظاهر هذا الكلام التعميم بالنسبة إلى المساجد من غير استثناء المساجد الثلاثة من غيرها وقال فيه أيضاً في باب استقبال القبلة:قال أصحابنا : النفل في الكعبة أفضل منه خارجها ، وكذا الفرض إن لم يرج جماعة أو أمكن الجماعة الحاضرين الصلاة فيها ، فإن لم يمكن فخارجها أفضل ثم احتج لذلك بنصِّ الشافعي فإنه قال في الأم :قضاء الفريضة الفائتة في الكعبة أحبّ إليّ من قضائها خارجها ، قال : وكلما قرب منها كان أحبّ إليّ مما بعد ، وكذا المنذورة في الكعبة أفضل من خارجها قال الشافعي : ولا موضع أفضل ولا أطهر للصلاة من الكعبة وهذا الكلام من الشيخ محيي الدين رحمه الله يقتضي ترجيح النفل في الكعبة على غيره ، وربما فيه منافاة للقولين اللذين تقدم نقلهما آنفاً ، اللهم إلا أن يُقال : إن مراده أنّ صلاة النفل داخل الكعبة أفضل منه خارجها ، وإن كان فعلها في البيت أفضل
وأمّا احتجاجه لذلك بما ذكر من نصّ الشافعي ففيه نظر ؛ ولا يلزم من أفضليتهما في الكعبة أفضلية النفل ؛ لدلالة الأحاديث الآتي ذكرها على أن فعل النافلة في البيت أفضل ، وقد أشار الشافعي إلى ذلك كما سيأتي إن شاء الله تعالى ، على أنّ في ترجيح الصلاة داخل الكعبة على خارجها نظر ؛ لوجود الخلاف في صحة ذلك ، وليس هذا موضع بسط الكلام في ذلك وقال الشيخ محيي الدين أيضاً في شرح المهذب في باب صفة الحج :اختلف العلماء في التطوع في المسجد الحرام بالصلاة والطواف أيّهما أفضل؟ فقال صاحب الحاوي : الطواف أفضل ، وظاهر إطلاق المصنف في قوله في باب صلاة التطوع : أفضل عبادات البدن الصلاة أنّ الصلاة أفضل ، وقال ابن عباس وعطاء وسعيد بن جبير ومجاهد : الصلاة لأهل مكة أفضل ، والطواف للغرباء أفضل وهذا الخلاف يقتضي أن يكون التطوع في المسجد الحرام أفضل منه في البيت إذ لا يصح التفاضل بين الطواف الذي لا يصح فعله إلا في المسجد وبين الصلاة التي هي مفضولة بالنسبة إلى فعلها في البيوت "
ما نقله الرجل يبين أن القوم بدلا من البحث عن سلامة النص صدقوا النصين المتناقضين واختلفوا فى شىء ليس من الدين من شىء بل سودوا الألوف المؤلفة من الصفحات فى مسائل لا أساس لها واختلفوا فيها اختلافا متعارضا حتى قال المؤلف فى إحدى المسائل وهو أفضلية النوافل فى المسجد او البيت فقال:
"فتحصّل من هذا كله اضطراب النقل في النوافل : هل فعلها في المساجد الثلاثة أفضل أو في البيوت؟ والذي تقتضيه الأحاديث عند المحققين أنّ فعلها في البيوت أفضل ، إلا ما شرع له الجماعة كالعيد والكسوف والاستسقاء ، وكذا التراويح على الأصح ، وكذا ركعتي الطواف اتباعاً لفعله لهما خلف المقام ، وكذلك تحية المسجد لاختصاصها بالمسجد ، وما عدا ذلك ففعله في البيت أفضل لدخوله تحت قوله : أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ، وعدم ما يدل على إخراجه من هذا العموم
وهذا الذي اختاره الإمام أبو عمر بن عبد البر ، ونقله عن جماعة من الصحابة ، وحكاه أيضاً عن نصّ الشافعي ، كما سيأتي إن شاء الله
أمّا الأحاديث الدالة على ذلك ففي الصحيحين عن زيد بن ثابت قال : احتجر النبي حُجَيْرَةً بِخَصَفَةٍ أو حصير في المسجد وفي رواية : رمضان فخرج رسول الله يصلي فيها قال : فَتَتَبَّعَ إليه رجال وجاءوا يصلون بصلاته ، قال : ثم جاءوا ليلة فحضروا وأبطأ رسول الله عنهم فلم يخرج إليهم ، فرفعوا أصواتهم وحصبوا الباب ، فخرج إليهم رسول الله مغضباً فقال : ما زال بكم صنيعكم حتى ظننت أنّه سيُكتب عليكم ، فعليكم بالصلاة في بيوتكم ؛ فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة وهذا لفظ مسلم ورواه الدارمي في مسنده بإسناد صحيح ، ولفظه : فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الجماعة وأخرجه الترمذي مختصراً بلفظ : أفضل صلاتكم في بيوتكم إلا المكتوبة ثم قال : وفي الباب عن عمر بن الخطاب وجابر بن عبد الله وأبي سعيد وأبي هريرة وابن عمر وعائشة وعبد الله بن سعد وزيد بن خالد الجهني قلت : حديث أبي سعيد أخرجه ابن خزيمة في صحيحه من حديث جابر عن أبي سعيد رضي الله عنهما عن النبي قال : إذا قضى أحدكم صلاته في المسجد فليجعل لبيته نصيباً من صلاته ؛ فإن الله عز وجلّ جاعل في بيته من صلاته خيراً ، ثم رواه جابر عن النبي من غير ذكر أبي سعيد
وحديث عبد الله بن سعد : رواه الترمذي والنسائي في سننهما وابن خزيمة في صحيحه عن عبد الله بن سعد قال : سألت رسول الله عن الصلاة في بيتي والصلاة في المسجد فقال : قد ترى ما أقرب بيتي من المسجد ، ولأن أصلي في بيتي أحبّ إليّ من أن أصلي في المسجد إلا المكتوبة وهذا لفظ ابن خزيمة في صحيحه وروى فيه أيضاً عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن أبيه عن جدّه قال : صلّى النبي صلاة المغرب في مسجد بني الأشهل فلما صلّى قام ناس يتنفلون فقال النبي : عليكم بهذه الصلاة في البيوت ، ورواه النسائي أيضاً وعن محمود بن لبيد قال : أتى رسول الله بني عبد الأشهل فصلّى بهم المغرب فلمّا سلّم قال لهم : اركعوا هاتين الركعتين في بيوتكم قال عاصم بن عمر بن قتادة : فلقد رأيت محمود بن لبيد وهو إمام قومه يصلّي بهم المغرب فيجلس بفناء المسجد حتى يقوم قبيل العتمة فيدخل البيت فيصليهما أخرجه ابن خزيمة في صحيحه أيضاً فهذه الأحاديث كلها دالة دلالة قوية ظاهرة على ترجيح فعل النافلة في البيوت على فعلها في المسجد وإن كان أحد المساجد الثلاثة ، كما دلّ عليه حديث عبد الله بن سعد المتقدم ذكره ؛ لأن النبي رجح الصلاة في بيته على الصلاة في مسجده الذي هو أحدها ، فهو صريح في المقصود ، ومثله رواية أبي داود لحديث زيد بن ثابت الآتي ذكره إن شاء الله تعالى وهذا أولى بالترجيح من طريق الجمع بينهما ؛ لأنه قد يُقال : إنَّ قوله : صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه وكذلك بقية الأحاديث التي تشبهه عام في جميع الصلوات كما تقدم من اختيار الشيخ محيي الدين رحمه الله في شموله الفرض والنفل فلم يدخله تخصيص بشيء وقوله : أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة وإن كان عاماً فقد اُختصّ بأشياء منها : ما شُرعت فيه الجماعة ، وكذلك تحية المسجد ، وركعتي الطواف وغير ذلك ، وإذا تعارض عامان وأحدهما قد خُصَّ والآخر باقٍ على عمومه ، قُدِّم الباقي على عمومه على الذي دخله التخصيص وجواب هذا أولاً: يمنع العموم في قوله : صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه وأمثاله من الأحاديث ، فإنها نكرة في سياق الإثبات ، ولا عموم لها على الراجح ، بل هو مطلق في كلّ الصلوات ، والمطلق لا عموم له إلا على جهة البدل ، فأمّا عموم الشمول فلا وثانيهما : أنّه على تقدير تسليم العموم فيه فليس هذا من باب العامين المتعارضين ، بل الأحاديث الدالة على ترجيح فعل النافلة في البيوت أخصّ بالنسبة إلى الصلوات ، وإن كان قد خرج منها بعض النافلة ، فهي خاصة من حيث اعتبار النفل والفرض ، وتناولها للنفل فقط وإن كانت عامة في جميع صلوات النفل وقد خرج بعضها بدليلٍ فلا ينافي ذلك كونها خاصة بالنسبة إلى جميع أنواع الصلوات ، فصلاة النفل نوع بالنسبة إلى مطلق الصلاة ، جنس بالنسبة إلى أفرادها من الرواتب وغيرها وما شرع فيه الجماعة ثم هي متناولة لمحل النزاع وهو الصلاة في مسجد النبي الذي هو أحد المساجد الثلاثة بطريق التنصيص ، وذلك في حديث عبد الله بن سعد الذي تقدم ذكره والتنبيه عليه وفيما أخرجه أبو داود في سننه قال : حدثنا أحمد بن صالح ثنا عبد الله بن وهب أخبرني سليمان بن بلال عن إبراهيم بن أبي النضر عن بسر بن سعيد عن زيد بن ثابت أن النبي قال : صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة
وهذا إسناد على شرط البخاري سوى إبراهيم بن أبي النضر ، فقد احتج بهم كلهم سواه ، وإبراهيم هذا وثّقه محمد بن سعد وأبو حاتم بن حبان ، ولم يضعفه أحد ، وقد ثبَّته الإمام أبو عمر بن عبد البر واحتج به فقال في كتاب الاستذكار :اختلفوا في الأفضل في القيام مع الناس أو الانفراد في شهر رمضان؟ فقال مالك والشافعي : المنفرد في بيته في رمضان أفضل ، قال مالك : وكان ربيعة وغير واحد من علمائنا ينصرفون ولا يقومون مع الناس ، قال مالك : وأنا أفعل ذلك ، وما قام رسول الله إلا في بيته قال : واحتج الشافعي بحديث زيد بن ثابت أن النبي قال في قيام رمضان : أيها الناس صلّوا في بيوتكم ؛ فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ، قال الشافعي : ولا سيما مع رسول الله وفي مسجده على ما في ذلك من الفضل قلت : فهذا نص من الشافعي على ترجيح النافلة في البيوت على فعلها في مسجد النبي لدلالة القصة والأحاديث عليه ثم قال ابن عبد البر :وروينا عن ابن عمر وسالم والقاسم وإبراهيم ونافع أنّهم كانوا ينصرفون ولا يقومون مع الناس، وجاء عن عمر وعلي رضي الله عنهما أنّهما كانا يأمران من يقوم للناس في المسجد ، ولم يجئ عنهما أنّهما كانا يقومان معهم ثم ذكر عن الليث بن سعد وأحمد بن حنبل والمزني والمتأخرين من أصحاب أبي حنيفة والشافعي أنّهم اختاروا قيام شهر رمضان في المسجد ، وما احتجوا به ، ثم قال : وقد احتج أهل الظاهر في ذلك بقول رسول الله : صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة ويروى : بسبع وعشرين درجة ولم يخصّ فرضاً من نافلة قال : وهذا عند أكثر أهل العلم في الفريضة ، والحجة لهم قوله في حديث زيد بن ثابت : صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة قال : وهذا الحديث وإن كان موقوفاً في الموطأ على زيد بن ثابت فإنه قد رفعه جماعة ثقات ، فإذا كانت النافلة في البيت أفضل منها في مسجد النبي والصلاة فيه بألف صلاة فأي فضل أبين من هذا؟ ولهذا كان مالك والشافعي رحمهما الله ومن سلك سبيلهما يرون الانفراد في البيت أفضل في كلّ نافلة ، فإذا قامت الصلاة في المسجد في رمضان ولو بأقل عدد فالصلاة حينئذ في البيت أفضل انتهى كلام ابن عبد البر وقال أيضاً في موضع آخر من هذا الكتاب :وفيه أيضاً - يعني حديث زيد بن ثابت المذكور - دليل على أنّ الانفراد بكلّ ما يعمله المؤمن من أعمال البر ويسره ويخفيه أفضل ، ولذلك قال بعض الحكماء : إخفاء العلم هلكة ، وإخفاء العمل نجاة و قال الله عز وجلّ في الصدقات : وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم وإذا كانت النافلة في البيوت أفضل منها في مسجد رسول الله فما ظنك بها في غير ذلك الموضع ، إضافة إلى ما في صلاة المرء في بيته من اقتداء أهله به من بنين وعيال ، والصلاة في البيت نور له وقال الماوردي في كتابه الحاوي :قال الشافعي : وأمّا قيام شهر رمضان فصلاة المنفرد أحبّ إليّمنه وفيه تأويلان لأصحابنا :أحدهما : أنّه أراد بذلك أن قيام شهر رمضان وإن كان في جماعة ففي النوافل التي تفعل فرادى ما هو أوكد منه ، وذلك الوتر وركعتا الفجر وهذا قول أبي العباس ابن سريج والتأويل الثاني : أنّ صلاة المنفرد في قيام شهر رمضان أفضل إذا لم يكن في إفراده تعطيل الجماعة ، وهو قول أكثر أهل العلم ، وإنّما كان ذلك كذلك لرواية زيد بن ثابت أنّ النبي قال : صلوا في بيوتكم ؛ فإن صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في المسجد إلا المكتوبة فأما إن تعطلت الجماعة بانفراده فصلاته في الجماعة أفضل ، لما في تعطيلها من إطفاء نور المساجد وترك السنة المأثورة ، وهذا منه اختيار الوجه الثالث المقابل بالتفضيل في صلاة التراويح وهو : أنّه إن كانت الجماعة تتعطل بغيبته ، أو كان إذا خلا في بيته يغلبه النوم أو الكسل فلا يصلي ، ففعلها في الجماعة أفضل ، وإلا فالانفراد بها أفضل وما اختاره من تأويل نصّ الشافعي فهو أظهر من التأويل الذي قبله ، ومن الأصحاب من قال بترجيح الانفراد بها مطلقاً ، ومنهم من اختار فعلها في الجماعة مطلقاً ، وهو الذي رجح الشيخ محيي الدين كما سبق
وليس ذلك لترجيح فعل النافلة في المساجد على فعلها في البيوت ، بل لمشروعية الجماعة في قيام رمضان ، وما شرعت فيه الجماعة فإظهاره وفعله خارج البيوت أفضل ، وأمّا ما لم تشرع فيه الجماعة ولم يكن له اختصاص بالمسجد كتحية المسجد ، ولا ورد الشرع بفعله فيه كركعتي الطواف ، ففعله في البيوت أفضل وإن كان في أحد المساجد الثلاثة كما سبق تقريره "
مما سبق يتضح أن الفقهاء ما زادوا على أنهم جعلوا ما ينسب للنبى(ص) متناقض متعارض وكأن النبى(ص) قال كل تلك الأحاديث المتناقضة وهو أمر ينفر أى إنسان يبحث عن دين الحق من الإسلام فالقوم بدلا من البحث عن سلامة تعارض نصوص الروايات مع القرآن جعلوا الدين يضرب بعضه بعضا وسلموا بأن النبى(ص) فى الغالب قال كل تلك الأحاديث وهم لم يقل منها شىء سوى نادرا
القوم بحثوا عن الأفضلية فى البيوت أم المساجد وأخذوا منها مسألة فى شهر رمضان فى النوافل والأفضل هو:
البحث عن أساس للنوافل فى القرآن هل توجد نوافل فيه فى الصلاة أم أن المطلوب هو صلاة الفرض فقط ؟