[size=18][size=18][size=24][size=16][size=18][size=18][size=24][size=24]النعى فى الإسلام
[/size][/size][/size][size=18][size=24]البحث تأليف خالد بن عبد الله المصلح وقد بدأ الباحث الكتاب بتعريف النعى فقال:
المبحث الأول : تعريف النعي
معنى النعي في الاصطلاح أوسع منه في اللغة ويتضح ذلك مما قاله أهل العلم في تعريفه
قال ابن الاثير في النهاية : "نعي الميت ينعها نعياً ، ونِعِياً ، وإذا أذاع موته ، وأخبر به ، وإذا نديه" وقال قليوبي في حاشيته : "وهو النداء بموت الشخص وذكر مآثره ومفاخره" وقال الحجاوي في الإقناع : "وهو النداء بموته" وقد ساق المنبحي عدة آثار في النعي ثم قال بعد ذلك : "منها مايدل على أن النعي إعلام الناس بأن فلاناً قد مات ، ومنها ما يدل على أن النعي هو تعداد صفات الميت ، فالظاهر أن كلاهما نعي"
وناقش الرجل التعاريف وانتهى لاختلاف الفقهاء فقال:
"فظهر مما تقدم أن النعي عند أهل العلم منهم من يقصره على النداء بالموت ، ومنهم من يدخل فيه الإخبار بالموت المقرون بمدح الميت وتعديد صفاته ، والذي يظهر لي أنه شامل للأمرين كما أفاده كلام ابن الاثير والمنبجي ، والله أعلم"
وذكر المؤلف وجود ألفاظ تشابه النعى فى المعنى فقال:
"ألفاظ تشارك النعي
هناك ألفاظ يطلقها أهل العلم ويذكرون لها أحكاماً ، وهي تشارك النعي من بعض الوجوه ، ولذلك نحن بحاجة إلى الوقوف على معاني هذه الألفاظ
أولاً : الندب
أما الاصطلاح فقال ابن الأثير في النهاية في تعريف الندب هو : "أن تذكر الناتجة الميت بأحسن أوصافه ، وأفعاله" وقال الدر النقي : "الندب البكاء على الميت وتعداد محاسنه" ، وقال المنبحي : "اسم للبكاء على الميت وتعداد محاسنه" ، وقال النووي : "الندب : أن تعد شمائل الميت وأياديه فيقال : واكريماه "
وعلى هذا فإن الندب يشترك مع النعي في كونه تعداداً الصفات الميت ومحاسنه
ثانياً : النياحة
وأما في الاصطلاح فهي موافقة للمعنى اللغوي قال في الاقناع : "وهي رفع الصوت بذلك -أي بالندب_ برنة" ، وقال في الزواجر : "النوح وهو رفع الصوت بالندب ، ومثله افراط رفعه بالبكاء " ، وأضاف بعض أهل العلم كل ما هيج المصيبة من وعظ أو انشاء شعر فجعله من النياحة
وبهذا يتبين أن النياحة هي اظهار الجزع والتسخط على موت الميت
ثالثاً : الرثاء
وهو في اللغة بكاء الميت بعد موته ومدحه ، وكذا إذا عددت محاسنه وكذلك إذا نظمت فيه شعراً ، ويراد به أيضاً التوجع من الوقوع في مكروه، ومنه قول سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في قول النبي له : "لكن البائس سعد بن خولة" يرثي له رسول الله أن مات بمكة
رابعاً : التأبين
وهو في اللغة من أبن الرجل تأبيناً ، أي : "منحه بعد موته وبكاءه"
مما سبق يتبين أن النعى إخبار على نوعين:
الأول مجرد ذكر اسم الميت وأن جنازته ستكون فى الموعد الفلانى
الثانى تزكية الميت
وهو ما لخصه المؤلف بقوله:
"النعي في كلام أهل العلم :
تقدم أن النعي في كلام أهل العلم يطلق على أمرين:
الأول : الإخبار بموت الميت والثاني : تعداد محاسن الميت"
ثم فصل الكلام فقال:
"القسم الأول : الإخبار بموت الميت:
الإخبار بموت الميت إما أن يكون بنداء ونحوه وإما أن يكون إعلاماً مجرداً عن ذلك ، ولكل منهما حكم
المسألة الأولى : الإعلام بالموت مجردا
ًذهب جمهور أهل العلم من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وغيرهم إلى جواز الإعلام بالموت من غير نداء لأجل الصلاة ، بل ذهب جماعة إلى استحباب ذلك واستدلوا بما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه ، وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر أربعاً ، واستدلوا أيضاً بما أخرجاه من حديث أبي هريرة أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد أو شاب ، ففقدها رسول الله فسأل عنها أو عنه ، فقالوا : مات ، فقال : "أفلا كنتم أذنتموني؟" ، وهذان الحديثان ظاهران في اباحة الاعلام بالموت لأجل الصلاة ، بل هما دالان على الاستحباب ، ولأن ذلك وسيلة لأداء حقه من الصلاة عليه واتباع جنازته ومما يدل على جواز إعلام من لم يعلم بموت الميت لمصلحة غير الصلاة عليه ما في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه وفيه أن النبي : "نعى زيداً وجعفراً وابن رواحه للناس قبل أن يأتي خبرهم، فقال : أخذ الراية زيد فأصيب ، أخذ جعفر فأصيب ، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب ، وعيناه تذرفان حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم" ففي هذا الحديث نعى النبي لهؤلاء الثلاثة رضي الله عنهم ولم يكن ذلم لأجل الصلاة عليهم إنما لأجل إخبار المسلمين بخبر إخوانهم وما جرى لهم في تلك الوقعة "
أما حديث أن النبي نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه ، وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر أربعاً فهو مخالف لعدم علم النبىص)بالغيب كما طلب الله منه أن يقول:"قل لا أعلم الغيب" وأيضا "قل لا أملك لنفسى نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لأستكثرت من الخير وما مسنى السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون"ومن ثم فالنبىص) لم يقله وكذلك الأمر فى حديث نعى زيداً وجعفراً وابن رواحه للناس قبل أن يأتي خبرهم
ومن ثم ذهب المؤلف لإباحة النعى بهذه الصورة فقال:
وعليه فيجوز الإعلام بالموت لكل غرض صحيح كالدعاء له وتحليله وما أشبه ذلك ، وليس ذلك النعي المنهي عنه بل إن بعض ذلك مما دلت النصوص على فضله فقد أجمع أهل العلم على أن شهود الجنائز خير وبر وفضل وأجمعوا على أن الدعاء إلى الخير من الخير قال ابن عبدالبر : "وكان أبو هريرة يمر بالمجالس فيقول : "إن أخاكم قد مات فاشهدوا جنازته"
وذكر المؤلف روايات مناقضة لروايات إباحة النعى تحرم النعى فقال:
"وذهب حذيفة بن اليمان رضي الله عنه وجماعة من الصحابة ممن بعدهم ، إلى عدم الإخبار بموت الميت أن يكون نعياً ، فعن حذيفة رضي الله عنه قال : إذا مت فلا تؤذنوا بي أحداً ، إني أخاف أن يكون نعياً ، فإني سمعت رسول الله ينهى عن النعي رواه أحمد والترمذي وابن ماجه ، وقال عنه الترمذي : حسن وقال البيهقي بعد ذكر حديث حذيفة : "ويروى في ذلك عن ابن مسعود وابن عمر وأبي سعيد ثم عن علقمة وابن المسيب والربيع بن خثيم وابراهيم النخعي" وحمل النووي ما ورد عن هؤلاء على الكراهة"
ومع أن التناقض واضح فى الروايات ومن ثم فى الأحكام فقد حاول الرجل تبرير شىء لا يمكن تبريره بالتلفيق فالنعى فيه حكم واحد هو إباحته فى الصورة موضوع الحديث والتبرير هو القول:
"وعند التأمل والنزر يتبين أن هذا النهي الوارد عن النعي لا يعارض ما جاء عنه فإن المنهي عنه إنما هو عن نعي الجاهلية ف الألف والام في قول حذيفة سمعت رسول الله عن النعي للعهد الذهني ، وهو ما كان معروفاً في الجاهلية ، "وكان من عادتهم إذا مات منهم شريف بعثوا راكباً إلى القبائل يقول : نعايا فلان ، أو يانعايا العرب ، أي : هلكت العرب بمهلك فلان ، ويكون مع النعي ضجيج وبكاء" ، فيكون النهي محمولاً "على النعي لغير غرض ديني مثلاً اظهار التفجع على الميت واعظام حال موته ، ويحمل النعي الجائز على ما فيه غرض صحيح مثل طلب كثرة الجماعة تحصيلاً لدعائهم" وما أشبه ذلك ولا يرد على هذا التوجيه "قول حذيفة لأنه لم يقل إن الإعلام بمجرده نعي ، وإنما قال : أخاف أن يكون نفياً ، وكأنه خشي أن يتولد من الإعلام زيادة مؤدية إلى نعي الجاهلية"
ثم تناول الرجل الصورة الثانية فقال:
"القسم الثاني : الإعلام بالموت بنداء ورفع صوت:
ذهب جمهور أهل العلم من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة إلى كراهية النداء في الإعلام بموت الميت لما تقدم من حديث حذيفة رضي الله عنه ، ولما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله : "إياكم والنعي ، فإن النعي من عمل الجاهلية" قال عبد الله في بيان معنى النعي : أذان بالميت فالنداء ورفع الصوت في الإخبار بموت الميت من فعل أهل الجاهلية وذهب جماعة من الحنفية إلى أنه لا يكره النداء على الميت في الأزقة والأسواق إذا كان نداء مجرداً عن ذكر المفاخر قالوا : لأن فيه تكثير الجماعة من المصلين ، وليس مثله نعي الجاهلية ، بل المقصود بذلك الإعلام بالمصيبة مع ضجيج ضجيج ونياحة"
هذه الصورة مماثلة للصورة السابقة مع زيادة رفع الصوت وهو أمر محتم فى ظل عدم وجود مكبرات الصوت فى تلك الأيام كما يحكى لتاريخ المعروف
وتناول المؤلف صور النعى المعاصرة فقال:
صور النعي المعاصرة :
هناك العديد من الصور المعاصرة التي يتردد الناظر هل هي من النعي المحرم أولاً وهي بحاجة إلى نظر فقهي يتبين به الأمر وقد جعلت محبتها في المسائل التالية:-
المسألة الأولى : الإعلان في الصحف والمجلات السيارة ووسائل الاتصال
إعلان الوفاة في الصحف والمجلات وما أشبهها من وسائل الإعلام المعلم على حالين الحال الأول أن يكون ذلك قبل الصلاة عليه وبعده وأن يكون إعلاناً مجرداً أو اعلان غير مجرد
فإن كان الإعلان قبل الصلاة مجرداً عن النداء وليس فيه تفجع على الميت ولا إعظام لحال موته لا تسخط وضجر فإن ذلك جائز لاسيما إذا كان الميت مما يهم الناس أمره وحاله أو كان له شأن ومكانه في الإسلام أو نفع علم ولا بأس أن يقترن بالإعلان ثناء يسير للواقع يرغب في الدعاء له والصلاة عليه ويشهد لهذا نعي النبي للنجاشي في يوم الذي مات فيه ففي رواية مسلم من حديث جابر قال : قال رسول الله مات عبد لله صالح أصحمة فقام فأمنا وصلى عليه **** فقوله عبد لله صالح هذا ثناء وتزكية له تنشط على الدعاء له والصلاة عليه ويشهد لهذا أيضاً ما ورواه الشيخان من حديث أنس قال: مروا بجنازه فأثنوا عليها خيراً فقال وجبت ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شراً فقال النبي :وجبت ) فأقرهم النبي على الثناء بالخير فدل على جواز ذكر الميت بما فيه من الخير"
هذه الصورة لا وجود لها فى الواقع إلا فى حالات كبار الكفار وهم الرؤساء والملوك فهؤلاء يتم تأجيل جنازاتهم لعدة أيام وأما المسلم فلا يجوز تأجيل دفنه
وخبر موت فلان أو علان فى الصحف والمجلات يكون دوما بعد الموت وأما فى الشبكة العنكبوتية فيكون الخبر بعد الموت مباشرة أو بعدها بدقائق وهى الصورة التالية التى ذكرها بقوله:
"فإن كان الإعلان عن الموت بعد الصلاة عليه الظاهر انه من النعي المنهي عنه لان الصحف وشبهها من الوسائل الإعلامية هي اشبه ما تكون بالمجامع والمنتديات بالعصر الأول ويتأكد النهي والتحريم إذا كان الخبر متضمن لما يثير الأحزان ويهيج على البكاء أو كان متضمن بالشهادة بالجنة للمعين ككتابة بعضهم في خبر الوفاة يا أيتها النفس المطمئنة فإن هذا محرم لا يجوز أما أن كان الخبر بعد الصلاة على الميت لمصلحة كإبراء ذمة الميت او ما أشبه ذلك فإن هذا جائز لا بأس به لما فيه من المصلحة قال شيخنا محمد العثيمين رحمه الله تعالى في فتوى له : " وأما الإعلان عن موت الميت فان كان لمصلحة مثل أن يكون الميت واسع المعاملة مع الناس بين اخذ وإعطاء وإعلان موته لعل أحدا يكون له حق عليه فيقضى أو نحو ذلك"
تأجيل الدفن بسبب الديون وما شاكلها من معاملات غير جائز فالدين أباحه الله بقوله "يا أيها الذين أمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه"فالله يحاسب الميت على نيته فى الدين وتسريع أو تأجيل الدفن لهذا السبب لا يعفى من وجود الدين على الورثة فالأمر لم يعد متعلقا بالميت وإنما بورثة الميت
وذكر الرجل صورة أخرى هى:
"الخطب المنبرية:
ذكر خبر وفاة عالم من العلماء أو علم من الأعلام في الخطب سوء كانت خطبة الجمعة أو خطبة خاصة ينقسم إلى قسمين :
القسم الأول : أن يكون ذلك لإخبار الناس بموت من يهمهم معرفة خبره، ولم يسبق علم عام بموته، أو كان ذلك لمصلحة راجحة فالذي يظهر أن ذلك جائز لا حرج فيه ولو اقترن به ثناء يسير مطابق للواقع ...ويشهد له أيضاً أن أبا بكر رضي الله عنه خطب الناس لما اضطربوا في وفاة الرسول بعد أن تيقن موته فقال في خطبته المشهورة : " أما بعد من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت"أما دليل جواز الثناء اليسير المطابق في خبر الوفاة ما رواه مسلم من حديث جابر قال : قال رسول الله مات عبد لله صالح أصحمة فقام فأمنا وصلى عليه ويحسن في مثل هذا المقام إن كان الناس مصابين أن يصبرهم ببيان أن ما أصاب الميت أمر آتي على كل أحد، وأنه سبيل لابد منه، وباب لابد من دخوله، وأن يبين فضل الصبر وجميل عاقبته وسوء منقلب التسخط والضجر"
لا يجوز استخدام المسجد فى غير الصلاة وهى ذكر اسم الله كما قال تعالى"فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه"
وما استشهد به المؤلف ليس فيه خطب فى المسجد
وتناول صورة أخرى فقال:
القسم الثاني : ألا يكون غرض صحيح من الإخبار بموت الميت أو أن يكون الخطيب قد أكثر من ذكر مآثر الميت وفضائله وأعماله وصفاته أو عظيم الخسارة بموته فإن ذلك لا يجوز، وهو من النعي المحرم إذ هو نظير ما كان يفعله أهل الجاهلية من بعث المنادي ينادي بموت الميت ويذكر مآثره ومفاخره، وقد تقدم في الكلام على النعي ما يدل على تحريم هذا القسم، لاسيما وأن كثير من الخطباء يذكر في كلامه ما يهيج الأحزان ويضعف عن الصبر، ويبعد عن السلوة المصابين بالميت ولا يشك عالم بموارد الشريعة ومصادرها أن مثل هذا لا يجوز"
وهى صورة محرمة
وتناول صورة أخرى فقال:
"المسألة الثالثة : المحاضرات العلمية والمشاركات الإعلامية
مما انتشر بين الناس في الأزمنة المتأخرة أنه إذا مات عالم من العلماء أو علم من الأعلام طلب من طلابه أو معارفه أو أقاربه أو زملائه أو من لهم صلة به أن يتحدثوا عنه إما في مشاركات إذاعية أو مرئية أو محاضرات أو ندوات أو مقالات أو تعليقات وهذا الحديث تلخص ذلك كله في عد محاسن الميت وإبراز لجوانب شخصيته والثناء عليه وما أشبه ذلك والذي يظهر لي أن مثل هذه الأعمال تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول : ما كان وقت المصيبة قبل السلو عنها فهذا داخل في النعي المنهي عنه لأنه مؤداه التفجع على الميت وإعظام حال موته وأن موته خلاف الحكمة لان بموته تنقطع المصالح، ويعني وجود نظير الموصوف وفيها هذا تجديد الأحزان ونكأ الآلام ما يخالف مقصود الشارع بلا ريب ويصنفه نوعاً من النياحة في ثوب جديد
القسم الثاني ما كان بعد السلوة وبرود المصيبة فلا بأس بذلك من حيث الأصل فإن كان الغرض منه التأسي بالصالحين والإقتداء بهم فإن ذلك مستحب لما يتضمنه من الدعوة إلى الخير ومن ذلك ما جاء في صحيح مسلم "
ما يجرى فى هذه الصورة ليس نعيا لأن النعى يكون عند الموت وليس بعده وإن سمى تأبينا أو غير هذا فهو داخل فى باب المدح وهو محرم وأما الدراسة العلمية لمؤلفات الراحل لبيان محاسنها ومساوئها فهو أمر مطلوب مباح
وذكر المؤلف صورة اعتبرها نعيا وهى قول الشعر أو المقالات فى الميت فقال:
المسألة الرابعة :
المراثي
للعلماء رحمهم الله في رثاء الأموات قولان في الجملة:
القول الأول أن لا بأس بالمراثي، وهذا مذهب الحنفية وللشافعية
واستدل هؤلاء بأن الكثير من الصحابة رضي الله عنهم فعله وكذلك فعله كثير من أهل العلم
القول الثاني : أن تكره المراثي، وهو قول للشافعية واستدل هؤلاء بأنه قد نهي عن المراثي ففي مسند الإمام أحمد عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه : نهي عن المراثي وهو عند ابن ابي شيبة بلفظ : " نهانا أن نتراثى "
قالوا: " والأولى الاستغفار له ويظهر حمل النهي عن ذلك على ما يظهر فيه تبرم أو على فعله مع الاجتماع له أو على الإكثار منه او على ما يجدد الأحزان دون ما عدا ذلك فإن الكثير من الصحابة وغيرهم من العلماء يفعلون "
وقد قسّم القرافي في الندب إلى أربع أقسام باعتبار حكمه:
الأول : المراثي المباحة، وهي الخالية عن التحريم من ضجر أو تسخط أو تسفيه للقضاء وما أشبه ذلك
الثاني : المراثي المندوبة، وهو ما كان مسهلاً للمصيبة مذهباً للحزن محسناً لتصرف القضاء مثني على الرب تعالى
الثالث : المراثي المحرمة الكبيرة، وهي ما كان فيه اعتراض على القضاء وتعظيم لشأن الميت وأن موته خلاف الحكمة والمصلحة وما أشبه ذلك
الرابع : المراثي المحرمة الصغيرة، وهو ما كان مبعداً للسلوة عن أهل الميت مهيجاً للأسف معذباً للنفوس "
والمراثى مباحة شرط عدم التزكية والدعوة للحزن وتهييج المشاعر للبكاء على الميت مرة أخرى
ولم يذكر الرجل صورا أخرى من عصرنا مثل:
النداء بمكبرات الصوت فى المساجد عن موت فلان وأن أقاربه فلان وعلان
النداء بمكبر الصوت من سيارة تدور فى البلدة وقبل حوالى أربعة عقود كان البديل المنادى الذى يركب الدابة أو يسير على قدميه فى الشوارع و لا زال فى بعض القرى هذا النظام متبع للفقروعدم وصول الآلات الحديثة لهم
وختاما للقراءة فى الكتاب نذكر التالى:
النعى هو إعلان أن فلان مات وسيدفن فى الوقت الفلانى فى المكان الفلانى وهو أمر يفهم من قوله تعالى "ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره"فالنبى(ص) لن يصلى على ميت إلا أن يعلم إلا من خلال إخبار الآخرين له
النعى يكون خارج المسجد ولعل القدماء فهموا هذا من خلال اختراع مهنة المنادى الذى كان يركب الدابة ويدور فى القرية أو فى البلدة معلنا ذلك ومن لا بأس من استخدام مكبر صوت من مؤسسة غير المسجد أو استخدام سيارة بمكبر صوت تدور فى البلدة لإعلان الخبر أو استخدام شبكات التواصل الاجتماعى وهى غير مغنية لوجود كثرة لا يستخدمونها[/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[/size][/size][/size][size=18][size=24]البحث تأليف خالد بن عبد الله المصلح وقد بدأ الباحث الكتاب بتعريف النعى فقال:
المبحث الأول : تعريف النعي
معنى النعي في الاصطلاح أوسع منه في اللغة ويتضح ذلك مما قاله أهل العلم في تعريفه
قال ابن الاثير في النهاية : "نعي الميت ينعها نعياً ، ونِعِياً ، وإذا أذاع موته ، وأخبر به ، وإذا نديه" وقال قليوبي في حاشيته : "وهو النداء بموت الشخص وذكر مآثره ومفاخره" وقال الحجاوي في الإقناع : "وهو النداء بموته" وقد ساق المنبحي عدة آثار في النعي ثم قال بعد ذلك : "منها مايدل على أن النعي إعلام الناس بأن فلاناً قد مات ، ومنها ما يدل على أن النعي هو تعداد صفات الميت ، فالظاهر أن كلاهما نعي"
وناقش الرجل التعاريف وانتهى لاختلاف الفقهاء فقال:
"فظهر مما تقدم أن النعي عند أهل العلم منهم من يقصره على النداء بالموت ، ومنهم من يدخل فيه الإخبار بالموت المقرون بمدح الميت وتعديد صفاته ، والذي يظهر لي أنه شامل للأمرين كما أفاده كلام ابن الاثير والمنبجي ، والله أعلم"
وذكر المؤلف وجود ألفاظ تشابه النعى فى المعنى فقال:
"ألفاظ تشارك النعي
هناك ألفاظ يطلقها أهل العلم ويذكرون لها أحكاماً ، وهي تشارك النعي من بعض الوجوه ، ولذلك نحن بحاجة إلى الوقوف على معاني هذه الألفاظ
أولاً : الندب
أما الاصطلاح فقال ابن الأثير في النهاية في تعريف الندب هو : "أن تذكر الناتجة الميت بأحسن أوصافه ، وأفعاله" وقال الدر النقي : "الندب البكاء على الميت وتعداد محاسنه" ، وقال المنبحي : "اسم للبكاء على الميت وتعداد محاسنه" ، وقال النووي : "الندب : أن تعد شمائل الميت وأياديه فيقال : واكريماه "
وعلى هذا فإن الندب يشترك مع النعي في كونه تعداداً الصفات الميت ومحاسنه
ثانياً : النياحة
وأما في الاصطلاح فهي موافقة للمعنى اللغوي قال في الاقناع : "وهي رفع الصوت بذلك -أي بالندب_ برنة" ، وقال في الزواجر : "النوح وهو رفع الصوت بالندب ، ومثله افراط رفعه بالبكاء " ، وأضاف بعض أهل العلم كل ما هيج المصيبة من وعظ أو انشاء شعر فجعله من النياحة
وبهذا يتبين أن النياحة هي اظهار الجزع والتسخط على موت الميت
ثالثاً : الرثاء
وهو في اللغة بكاء الميت بعد موته ومدحه ، وكذا إذا عددت محاسنه وكذلك إذا نظمت فيه شعراً ، ويراد به أيضاً التوجع من الوقوع في مكروه، ومنه قول سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في قول النبي له : "لكن البائس سعد بن خولة" يرثي له رسول الله أن مات بمكة
رابعاً : التأبين
وهو في اللغة من أبن الرجل تأبيناً ، أي : "منحه بعد موته وبكاءه"
مما سبق يتبين أن النعى إخبار على نوعين:
الأول مجرد ذكر اسم الميت وأن جنازته ستكون فى الموعد الفلانى
الثانى تزكية الميت
وهو ما لخصه المؤلف بقوله:
"النعي في كلام أهل العلم :
تقدم أن النعي في كلام أهل العلم يطلق على أمرين:
الأول : الإخبار بموت الميت والثاني : تعداد محاسن الميت"
ثم فصل الكلام فقال:
"القسم الأول : الإخبار بموت الميت:
الإخبار بموت الميت إما أن يكون بنداء ونحوه وإما أن يكون إعلاماً مجرداً عن ذلك ، ولكل منهما حكم
المسألة الأولى : الإعلام بالموت مجردا
ًذهب جمهور أهل العلم من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وغيرهم إلى جواز الإعلام بالموت من غير نداء لأجل الصلاة ، بل ذهب جماعة إلى استحباب ذلك واستدلوا بما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه ، وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر أربعاً ، واستدلوا أيضاً بما أخرجاه من حديث أبي هريرة أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد أو شاب ، ففقدها رسول الله فسأل عنها أو عنه ، فقالوا : مات ، فقال : "أفلا كنتم أذنتموني؟" ، وهذان الحديثان ظاهران في اباحة الاعلام بالموت لأجل الصلاة ، بل هما دالان على الاستحباب ، ولأن ذلك وسيلة لأداء حقه من الصلاة عليه واتباع جنازته ومما يدل على جواز إعلام من لم يعلم بموت الميت لمصلحة غير الصلاة عليه ما في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه وفيه أن النبي : "نعى زيداً وجعفراً وابن رواحه للناس قبل أن يأتي خبرهم، فقال : أخذ الراية زيد فأصيب ، أخذ جعفر فأصيب ، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب ، وعيناه تذرفان حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم" ففي هذا الحديث نعى النبي لهؤلاء الثلاثة رضي الله عنهم ولم يكن ذلم لأجل الصلاة عليهم إنما لأجل إخبار المسلمين بخبر إخوانهم وما جرى لهم في تلك الوقعة "
أما حديث أن النبي نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه ، وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر أربعاً فهو مخالف لعدم علم النبىص)بالغيب كما طلب الله منه أن يقول:"قل لا أعلم الغيب" وأيضا "قل لا أملك لنفسى نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لأستكثرت من الخير وما مسنى السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون"ومن ثم فالنبىص) لم يقله وكذلك الأمر فى حديث نعى زيداً وجعفراً وابن رواحه للناس قبل أن يأتي خبرهم
ومن ثم ذهب المؤلف لإباحة النعى بهذه الصورة فقال:
وعليه فيجوز الإعلام بالموت لكل غرض صحيح كالدعاء له وتحليله وما أشبه ذلك ، وليس ذلك النعي المنهي عنه بل إن بعض ذلك مما دلت النصوص على فضله فقد أجمع أهل العلم على أن شهود الجنائز خير وبر وفضل وأجمعوا على أن الدعاء إلى الخير من الخير قال ابن عبدالبر : "وكان أبو هريرة يمر بالمجالس فيقول : "إن أخاكم قد مات فاشهدوا جنازته"
وذكر المؤلف روايات مناقضة لروايات إباحة النعى تحرم النعى فقال:
"وذهب حذيفة بن اليمان رضي الله عنه وجماعة من الصحابة ممن بعدهم ، إلى عدم الإخبار بموت الميت أن يكون نعياً ، فعن حذيفة رضي الله عنه قال : إذا مت فلا تؤذنوا بي أحداً ، إني أخاف أن يكون نعياً ، فإني سمعت رسول الله ينهى عن النعي رواه أحمد والترمذي وابن ماجه ، وقال عنه الترمذي : حسن وقال البيهقي بعد ذكر حديث حذيفة : "ويروى في ذلك عن ابن مسعود وابن عمر وأبي سعيد ثم عن علقمة وابن المسيب والربيع بن خثيم وابراهيم النخعي" وحمل النووي ما ورد عن هؤلاء على الكراهة"
ومع أن التناقض واضح فى الروايات ومن ثم فى الأحكام فقد حاول الرجل تبرير شىء لا يمكن تبريره بالتلفيق فالنعى فيه حكم واحد هو إباحته فى الصورة موضوع الحديث والتبرير هو القول:
"وعند التأمل والنزر يتبين أن هذا النهي الوارد عن النعي لا يعارض ما جاء عنه فإن المنهي عنه إنما هو عن نعي الجاهلية ف الألف والام في قول حذيفة سمعت رسول الله عن النعي للعهد الذهني ، وهو ما كان معروفاً في الجاهلية ، "وكان من عادتهم إذا مات منهم شريف بعثوا راكباً إلى القبائل يقول : نعايا فلان ، أو يانعايا العرب ، أي : هلكت العرب بمهلك فلان ، ويكون مع النعي ضجيج وبكاء" ، فيكون النهي محمولاً "على النعي لغير غرض ديني مثلاً اظهار التفجع على الميت واعظام حال موته ، ويحمل النعي الجائز على ما فيه غرض صحيح مثل طلب كثرة الجماعة تحصيلاً لدعائهم" وما أشبه ذلك ولا يرد على هذا التوجيه "قول حذيفة لأنه لم يقل إن الإعلام بمجرده نعي ، وإنما قال : أخاف أن يكون نفياً ، وكأنه خشي أن يتولد من الإعلام زيادة مؤدية إلى نعي الجاهلية"
ثم تناول الرجل الصورة الثانية فقال:
"القسم الثاني : الإعلام بالموت بنداء ورفع صوت:
ذهب جمهور أهل العلم من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة إلى كراهية النداء في الإعلام بموت الميت لما تقدم من حديث حذيفة رضي الله عنه ، ولما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله : "إياكم والنعي ، فإن النعي من عمل الجاهلية" قال عبد الله في بيان معنى النعي : أذان بالميت فالنداء ورفع الصوت في الإخبار بموت الميت من فعل أهل الجاهلية وذهب جماعة من الحنفية إلى أنه لا يكره النداء على الميت في الأزقة والأسواق إذا كان نداء مجرداً عن ذكر المفاخر قالوا : لأن فيه تكثير الجماعة من المصلين ، وليس مثله نعي الجاهلية ، بل المقصود بذلك الإعلام بالمصيبة مع ضجيج ضجيج ونياحة"
هذه الصورة مماثلة للصورة السابقة مع زيادة رفع الصوت وهو أمر محتم فى ظل عدم وجود مكبرات الصوت فى تلك الأيام كما يحكى لتاريخ المعروف
وتناول المؤلف صور النعى المعاصرة فقال:
صور النعي المعاصرة :
هناك العديد من الصور المعاصرة التي يتردد الناظر هل هي من النعي المحرم أولاً وهي بحاجة إلى نظر فقهي يتبين به الأمر وقد جعلت محبتها في المسائل التالية:-
المسألة الأولى : الإعلان في الصحف والمجلات السيارة ووسائل الاتصال
إعلان الوفاة في الصحف والمجلات وما أشبهها من وسائل الإعلام المعلم على حالين الحال الأول أن يكون ذلك قبل الصلاة عليه وبعده وأن يكون إعلاناً مجرداً أو اعلان غير مجرد
فإن كان الإعلان قبل الصلاة مجرداً عن النداء وليس فيه تفجع على الميت ولا إعظام لحال موته لا تسخط وضجر فإن ذلك جائز لاسيما إذا كان الميت مما يهم الناس أمره وحاله أو كان له شأن ومكانه في الإسلام أو نفع علم ولا بأس أن يقترن بالإعلان ثناء يسير للواقع يرغب في الدعاء له والصلاة عليه ويشهد لهذا نعي النبي للنجاشي في يوم الذي مات فيه ففي رواية مسلم من حديث جابر قال : قال رسول الله مات عبد لله صالح أصحمة فقام فأمنا وصلى عليه **** فقوله عبد لله صالح هذا ثناء وتزكية له تنشط على الدعاء له والصلاة عليه ويشهد لهذا أيضاً ما ورواه الشيخان من حديث أنس قال: مروا بجنازه فأثنوا عليها خيراً فقال وجبت ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شراً فقال النبي :وجبت ) فأقرهم النبي على الثناء بالخير فدل على جواز ذكر الميت بما فيه من الخير"
هذه الصورة لا وجود لها فى الواقع إلا فى حالات كبار الكفار وهم الرؤساء والملوك فهؤلاء يتم تأجيل جنازاتهم لعدة أيام وأما المسلم فلا يجوز تأجيل دفنه
وخبر موت فلان أو علان فى الصحف والمجلات يكون دوما بعد الموت وأما فى الشبكة العنكبوتية فيكون الخبر بعد الموت مباشرة أو بعدها بدقائق وهى الصورة التالية التى ذكرها بقوله:
"فإن كان الإعلان عن الموت بعد الصلاة عليه الظاهر انه من النعي المنهي عنه لان الصحف وشبهها من الوسائل الإعلامية هي اشبه ما تكون بالمجامع والمنتديات بالعصر الأول ويتأكد النهي والتحريم إذا كان الخبر متضمن لما يثير الأحزان ويهيج على البكاء أو كان متضمن بالشهادة بالجنة للمعين ككتابة بعضهم في خبر الوفاة يا أيتها النفس المطمئنة فإن هذا محرم لا يجوز أما أن كان الخبر بعد الصلاة على الميت لمصلحة كإبراء ذمة الميت او ما أشبه ذلك فإن هذا جائز لا بأس به لما فيه من المصلحة قال شيخنا محمد العثيمين رحمه الله تعالى في فتوى له : " وأما الإعلان عن موت الميت فان كان لمصلحة مثل أن يكون الميت واسع المعاملة مع الناس بين اخذ وإعطاء وإعلان موته لعل أحدا يكون له حق عليه فيقضى أو نحو ذلك"
تأجيل الدفن بسبب الديون وما شاكلها من معاملات غير جائز فالدين أباحه الله بقوله "يا أيها الذين أمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه"فالله يحاسب الميت على نيته فى الدين وتسريع أو تأجيل الدفن لهذا السبب لا يعفى من وجود الدين على الورثة فالأمر لم يعد متعلقا بالميت وإنما بورثة الميت
وذكر الرجل صورة أخرى هى:
"الخطب المنبرية:
ذكر خبر وفاة عالم من العلماء أو علم من الأعلام في الخطب سوء كانت خطبة الجمعة أو خطبة خاصة ينقسم إلى قسمين :
القسم الأول : أن يكون ذلك لإخبار الناس بموت من يهمهم معرفة خبره، ولم يسبق علم عام بموته، أو كان ذلك لمصلحة راجحة فالذي يظهر أن ذلك جائز لا حرج فيه ولو اقترن به ثناء يسير مطابق للواقع ...ويشهد له أيضاً أن أبا بكر رضي الله عنه خطب الناس لما اضطربوا في وفاة الرسول بعد أن تيقن موته فقال في خطبته المشهورة : " أما بعد من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت"أما دليل جواز الثناء اليسير المطابق في خبر الوفاة ما رواه مسلم من حديث جابر قال : قال رسول الله مات عبد لله صالح أصحمة فقام فأمنا وصلى عليه ويحسن في مثل هذا المقام إن كان الناس مصابين أن يصبرهم ببيان أن ما أصاب الميت أمر آتي على كل أحد، وأنه سبيل لابد منه، وباب لابد من دخوله، وأن يبين فضل الصبر وجميل عاقبته وسوء منقلب التسخط والضجر"
لا يجوز استخدام المسجد فى غير الصلاة وهى ذكر اسم الله كما قال تعالى"فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه"
وما استشهد به المؤلف ليس فيه خطب فى المسجد
وتناول صورة أخرى فقال:
القسم الثاني : ألا يكون غرض صحيح من الإخبار بموت الميت أو أن يكون الخطيب قد أكثر من ذكر مآثر الميت وفضائله وأعماله وصفاته أو عظيم الخسارة بموته فإن ذلك لا يجوز، وهو من النعي المحرم إذ هو نظير ما كان يفعله أهل الجاهلية من بعث المنادي ينادي بموت الميت ويذكر مآثره ومفاخره، وقد تقدم في الكلام على النعي ما يدل على تحريم هذا القسم، لاسيما وأن كثير من الخطباء يذكر في كلامه ما يهيج الأحزان ويضعف عن الصبر، ويبعد عن السلوة المصابين بالميت ولا يشك عالم بموارد الشريعة ومصادرها أن مثل هذا لا يجوز"
وهى صورة محرمة
وتناول صورة أخرى فقال:
"المسألة الثالثة : المحاضرات العلمية والمشاركات الإعلامية
مما انتشر بين الناس في الأزمنة المتأخرة أنه إذا مات عالم من العلماء أو علم من الأعلام طلب من طلابه أو معارفه أو أقاربه أو زملائه أو من لهم صلة به أن يتحدثوا عنه إما في مشاركات إذاعية أو مرئية أو محاضرات أو ندوات أو مقالات أو تعليقات وهذا الحديث تلخص ذلك كله في عد محاسن الميت وإبراز لجوانب شخصيته والثناء عليه وما أشبه ذلك والذي يظهر لي أن مثل هذه الأعمال تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول : ما كان وقت المصيبة قبل السلو عنها فهذا داخل في النعي المنهي عنه لأنه مؤداه التفجع على الميت وإعظام حال موته وأن موته خلاف الحكمة لان بموته تنقطع المصالح، ويعني وجود نظير الموصوف وفيها هذا تجديد الأحزان ونكأ الآلام ما يخالف مقصود الشارع بلا ريب ويصنفه نوعاً من النياحة في ثوب جديد
القسم الثاني ما كان بعد السلوة وبرود المصيبة فلا بأس بذلك من حيث الأصل فإن كان الغرض منه التأسي بالصالحين والإقتداء بهم فإن ذلك مستحب لما يتضمنه من الدعوة إلى الخير ومن ذلك ما جاء في صحيح مسلم "
ما يجرى فى هذه الصورة ليس نعيا لأن النعى يكون عند الموت وليس بعده وإن سمى تأبينا أو غير هذا فهو داخل فى باب المدح وهو محرم وأما الدراسة العلمية لمؤلفات الراحل لبيان محاسنها ومساوئها فهو أمر مطلوب مباح
وذكر المؤلف صورة اعتبرها نعيا وهى قول الشعر أو المقالات فى الميت فقال:
المسألة الرابعة :
المراثي
للعلماء رحمهم الله في رثاء الأموات قولان في الجملة:
القول الأول أن لا بأس بالمراثي، وهذا مذهب الحنفية وللشافعية
واستدل هؤلاء بأن الكثير من الصحابة رضي الله عنهم فعله وكذلك فعله كثير من أهل العلم
القول الثاني : أن تكره المراثي، وهو قول للشافعية واستدل هؤلاء بأنه قد نهي عن المراثي ففي مسند الإمام أحمد عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه : نهي عن المراثي وهو عند ابن ابي شيبة بلفظ : " نهانا أن نتراثى "
قالوا: " والأولى الاستغفار له ويظهر حمل النهي عن ذلك على ما يظهر فيه تبرم أو على فعله مع الاجتماع له أو على الإكثار منه او على ما يجدد الأحزان دون ما عدا ذلك فإن الكثير من الصحابة وغيرهم من العلماء يفعلون "
وقد قسّم القرافي في الندب إلى أربع أقسام باعتبار حكمه:
الأول : المراثي المباحة، وهي الخالية عن التحريم من ضجر أو تسخط أو تسفيه للقضاء وما أشبه ذلك
الثاني : المراثي المندوبة، وهو ما كان مسهلاً للمصيبة مذهباً للحزن محسناً لتصرف القضاء مثني على الرب تعالى
الثالث : المراثي المحرمة الكبيرة، وهي ما كان فيه اعتراض على القضاء وتعظيم لشأن الميت وأن موته خلاف الحكمة والمصلحة وما أشبه ذلك
الرابع : المراثي المحرمة الصغيرة، وهو ما كان مبعداً للسلوة عن أهل الميت مهيجاً للأسف معذباً للنفوس "
والمراثى مباحة شرط عدم التزكية والدعوة للحزن وتهييج المشاعر للبكاء على الميت مرة أخرى
ولم يذكر الرجل صورا أخرى من عصرنا مثل:
النداء بمكبرات الصوت فى المساجد عن موت فلان وأن أقاربه فلان وعلان
النداء بمكبر الصوت من سيارة تدور فى البلدة وقبل حوالى أربعة عقود كان البديل المنادى الذى يركب الدابة أو يسير على قدميه فى الشوارع و لا زال فى بعض القرى هذا النظام متبع للفقروعدم وصول الآلات الحديثة لهم
وختاما للقراءة فى الكتاب نذكر التالى:
النعى هو إعلان أن فلان مات وسيدفن فى الوقت الفلانى فى المكان الفلانى وهو أمر يفهم من قوله تعالى "ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره"فالنبى(ص) لن يصلى على ميت إلا أن يعلم إلا من خلال إخبار الآخرين له
النعى يكون خارج المسجد ولعل القدماء فهموا هذا من خلال اختراع مهنة المنادى الذى كان يركب الدابة ويدور فى القرية أو فى البلدة معلنا ذلك ومن لا بأس من استخدام مكبر صوت من مؤسسة غير المسجد أو استخدام سيارة بمكبر صوت تدور فى البلدة لإعلان الخبر أو استخدام شبكات التواصل الاجتماعى وهى غير مغنية لوجود كثرة لا يستخدمونها[/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]