وإما نرينك بعض الذى نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون "المعنى وإما نشهدك بعض الذى نخبرهم أو نميتك فإلينا إيابهم ثم الله خبير بالذى يعملون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه إما يريه ما يعد الكفار والمراد إما يشهده الذى يخبر به القوم من العذاب أو يتوفاه أى يميته والمراد يأخذه لجنته ويبين له أنه إليه مرجعهم وهو إيابهم مصداق لقوله بسورة الغاشية"إنا إلينا إيابهم "وهذا يعنى أن عودتهم هى لجزاء الله ويبين له أنه شهيد على ما يفعلون والمراد خبير بالذى يفعلون فى الدنيا مصداق لقوله بسورة المنافقون"والله خبير بما تعملون "وسيحاسبهم عليه والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضى بينهم بالقسط وهم لا يظلمون "المعنى ولكل جماعة مبعوث فإذا سلم كتبهم حكم بينهم بالعدل وهم لا يبخسون ،يبين الله لنبيه(ص)أن لكل أمة رسول والمراد لكل جماعة نذير يبلغهم بحكم الله مصداق لقوله بسورة فاطر"وإن من أمة إلا خلا فيها نذير"فإذا جاء رسولهم قضى بينهم بالقسط والمراد فإذا أتت كتبهم المنشرة حكم بينهم بالعدل وهو الحق مصداق لقوله بسورة الزمر"وقضى بينهم بالحق"وهم لا يظلمون أى "وهم فيها لا يبخسون"كما قال بسورة هود والمراد لا ينقصون فى يوم القيامة حقا .
"ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين"المعنى ويتساءلون متى هذا الفتح إن كنتم عادلين؟يبين الله لنبيه(ص)أن الكفار يقولون متى هذا الوعد أى الفتح أى القيامة مصداق لقوله بسورة السجدة"متى هذا الفتح"إن كنتم صادقين أى إن كنتم عادلين فى قولكم وهم بهذا يسألون عن موعد القيامة والخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"قل لا أملك لنفسى ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون" المعنى قل لا أقدر لنفسى أذى ولا فائدة إلا ما أراد الله لكل فرقة موعد فإذا أتى موعدهم فلا يتأجلون وقتا ولا يسرعون ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس لا أملك لنفسى ضرا ولا نفعا والمراد لا أقدر لنفسى جلب أذى أو نفع إلا ما أراد أى شاء الله وهذا يعنى أن الإنسان لا يقدر على شىء خيرا أو شرا إلا إذا شاءه الله فى نفس الوقت مصداق لقوله بسورة الإنسان"وما تشاءون إلا أن يشاء الله"ويبين له أن لكل أمة أجل والمراد لكل جماعة موعد موت فإذا جاء أجلهم والمراد إذا حضر موعد موتهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون والمراد فلا يتأجل موعد موتهم وقت ولا يسبق موتهم موعد موتهم بوقت فهم يموتون فى الساعة المحددة .
"قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون أثم إذا ما وقع أمنتم به الآن وقد كنتم به تستعجلون "المعنى قل أعلمونى إن جاءكم عقابى ليلا أو نهارا ماذا يستسرع منه الكافرون ؟أثم إذا ما حدث صدقتم به الآن وقد كنتم له تطلبون ؟يطلب الله من نبيه(ص)أن يسأل الكفار أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا والمراد أخبرونى إن جاءكم بأس الله ليلا أو نهارا مصداق لقوله بسورة الأعراف"فجاءها بأسنا بياتا أو وهم قائلون"ماذا يستعجل منه المجرمون أى ماذا يطالب به الكافرون ؟والغرض من السؤال هو إخبار الناس أن العذاب إذا أتاهم فى الليل أو فى النهار فليس هناك من يطلب سرعة نزوله من الكفار لأنه نزل بهم،ويسأل أثم إذا ما وقع أمنتم به والمراد أثم اذا حدث العذاب صدقتم به الآن وقد كنتم به تستعجلون والمراد وقد كنتم له تطلبون ؟والغرض من السؤال هو إخبار الناس أنهم لا يؤمنون بالعذاب إلا عندما يصيبهم مع أنهم كانوا يطالبون بأن يصيبهم فى الدنيا والخطاب وما بعده للنبى(ص)ومنه للكفار .
"ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون "المعنى ثم قيل للذين كفروا ادخلوا عقاب الدوام هل تعاقبون إلا بالذى كنتم تعملون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين ظلموا أى كفروا بحكم الله تقول لهم الملائكة ذوقوا عذاب الخلد أى ادخلوا عقاب النار مصداق لقوله بسورة السجدة"وقيل لهم ذوقوا عذاب النار" بما كنتم تكسبون أى "بما كنتم تعملون "كما قال بسورة السجدة والمراد بالذى كنتم تفعلون من الكفر فى الدنيا .
"ويستنبئونك أحق هو قل إى وربى إنه لحق وما أنتم بمعجزين "المعنى ويستخبرونك أصدق هو قل نعم وإلهى إنه لواقع وما أنتم بهاربين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار يستنبئونه والمراد يسألونه أحق هو والمراد أصدق وقوع العذاب ؟ويطلب منه أن يجيب قائلا :إى وربى والمراد نعم وإلهى إنه لحق أى لحادث أى لواقع وما أنتم بمعجزين والمراد وما أنتم بمنتصرين وهذا يعنى أنهم لا يقدرون على الهروب من عذاب الله والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"ولو أن لكل نفس ظلمت ما فى الأرض لأفتدت به وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضى بينهم بالقسط وهم لا يظلمون"المعنى ولو أن لكل فرد كفر الذى فى البلاد ما أنقذ به وأخفوا الحسرة لما شاهدوا العقاب وحكم بينهم بالعدل وهم لا يبخسون ،يبين الله لنبيه(ص) أن لو لكل نفس ظلمت ما فى الأرض لأفتدت به والمراد لو كان لكل فرد كذب الحق المال الذى فى الأرض ما أنقذوا به وهذا يعنى أن المال لا ينقذ أحد من العذاب لقوله بسورة الحديد "ولا يؤخذ منكم فدية" ويبين له أن الكفار أسروا الندامة لما رأوا العذاب والمراد أخفوا الحسرة وهى الذل لما شاهدوا العقاب فى انتظارهم وقضى بينهم بالقسط والمراد"وقضى بينهم بالحق" كما قال بسورة الزمر والمراد أن الله حكم بينهم بالعدل وهم لا يظلمون أى لا يبخسون والمراد لا ينقص من حقهم حقا .
"ألا إن لله ما فى السموات والأرض ألا إن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون "المعنى ألا إن لله ملك الذى فى السموات والأرض ألا إن قول الله صدق ولكن معظمهم لا يصدقون ،يبين الله لنبيه(ص)أن لله والمراد"له ملك السموات والأرض "كما قال بسورة آل عمران أى لله حكم الذى فى السموات والأرض من الخلق ويبين له أن وعد الله حق والمراد أن قول الله صدق أى واقع ولكن أكثرهم لا يعلمون والمراد ولكن أغلب الناس لا يصدقون وعد الله أى لا يشكرون مصداق لقوله بسورة النمل"ولكن أكثرهم لا يشكرون".
"هو يحى ويميت وإليه ترجعون"المعنى هو يخلق ويهلك وإليه تعودون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه يحى أى يخلق المخلوق من العدم ويميت أى ويتوفى أى وينقل المخلوق من الدنيا إلى حياة البرزخ وإليه ترجعون أى وإلى جزاء الله تعودون فى القيامة.
"يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما فى الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين"المعنى يا أيها الخلق قد أتتكم نصيحة من خالقكم أى دواء للذى فى النفوس أى نفع أى فائدة للمصدقين ،يخاطب الله الناس وهم الجن والإنس فيقول:قد جاءتكم موعظة من ربكم والمراد قد أتتكم بينة من خالقكم مصداق لقوله بسورة الأعراف" قد جاءتكم بينة من ربكم "وهى الوحى وفسرها بأنها شفاء لما فى الصدور والمراد دواء مذهب لمرض النفوس وهو الكفر وفسره بأنه هدى أى رحمة أى نفع للمؤمنين وهم المسلمين مصداق لقوله بسورة النحل"ورحمة وبشرى للمسلمين"والخطاب للناس.
"قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون "المعنى قل بنفع الله أى بوحيه فبذلك فليتمسكوا هو أفضل من الذى يلمون ،يطلب الله من نبيه(ص) أن يقول بفضل الله وفسره بأنها رحمته والمراد وحيه المنزل فبذلك أى بالوحى فليفرحوا أى فليطيعوا مصداق لقوله بسورة الرعد"والذين أتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك " فهو خير مما يجمعون والمراد رحمة أى ثواب طاعة الله أفضل من الذى يتمتعون فى الدنيا مصداق لقوله بسورة الزخرف"ورحمة ربك خير مما يجمعون ".
"قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل الله أذن لكم أم على الله تفترون "المعنى قل أعلمتم بالذى أعطى الله لكم من عطاء فصنعتم منه ممنوعا و مباحا قل الله سمح لكم أم على الله تكذبون؟ يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق والمراد أعرفتم بالذى وهب الله لكم من نفع فجعلتم منه حراما وحلالا والمراد فشرعتم منه ممنوعا ومباحا والغرض من السؤال هو إخبار القوم أن تحليل وتحريم أنواع الرزق هو تشريع من عند أنفسهم وليس من عند الله الذى أباحه كله ويطلب منه أن يسألهم الله أذن لكم أم على الله تفترون والمراد هل الله سمح لكم بهذه التشريعات أم على الله تكذبون ؟ والغرض من السؤال هو إخبار الناس أن الله لم يسمح لهم بإصدار تلك التشريعات وأنهم نسبوها إليه زورا والخطاب للنبى .
"وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون "المعنى وما اعتقاد الذين ينسبون إلى الله الباطل يوم البعث إن الله لصاحب رحمة بالخلق ولكن أغلبهم لا يطيعون ،يبين الله لنبيه(ص)أن ظن وهو اعتقاد الذين يفترون على الله الكذب أى الذين ينسبون إلى الله الباطل فى يوم القيامة أى البعث اعتقاد باطل واعتقادهم هو أن لهم الحسنى وهى الجنة إن حدثت القيامة مصداق لقوله بسورة النحل"وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى "،ويبين له أن الله ذو فضل على الناس أى صاحب رحمة للعالمين مصداق لقوله بسورة البقرة"ولكن الله ذو رحمة على العالمين"ويبين له أن أكثرهم لا يشكرون والمراد ولكن معظم الناس لا يؤمنون فيطيعون الوحى مصداق لقوله بسورة غافر"ولكن أكثر الناس لا يؤمنون".
"وما تكون فى شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة فى الأرض ولا فى السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا فى كتاب مبين "المعنى وما تكون فى فكر وما تطيع منه من وحى ولا تصنعون من فعل إلا كنا عليكم رقباء إذ تسيرون فيه وما يغيب عن إلهك من قدر ذرة فى الأرض ولا فى السماء ولا أقل من ذلك ولا أكثر إلا فى سجل عظيم ،يبين الله لنبيه (ص)والناس أنه ما يكون فى شأن والمراد أنه ما يفكر فى موضوع وما يتلوا منه من قرآن والمراد وما يتبع منه من وحى وهذا يعنى أن الذى يفكر فيه من الإسلام وما يطيع من أحكام الإسلام ممثلا فى بعضه وأما الناس فما يعملون من عمل والمراد ما يفعلون من فعل إلا كان الله شاهد عليهم إذ يفيضون فيه والمراد إلا كان الله عالم بهم حين يفعلونه وهذا يعنى أن أى شىء يعمله الإنسان مهما كان يكون الله عليم به وهو يمضى فى فعله ،ويبين لنبيه(ص)أنه لا يعزب عنه من مثقال ذرة فى الأرض ولا فى السماء والمراد لا يغيب عن علمه قدر ذرة سواء فى الأرض أو فى السماء ولا أصغر من ذلك والمراد ولا أقل حجما من الذرة وهذا يعنى وجود ما هو أقل من الذرة ولا أكبر أى ولا أعظم حجما من الذرة وكل هذا فى كتاب مبين والمراد سجل عظيم وفى هذا قال بسورة النمل"وما من غائبة فى السماء والأرض إلا فى كتاب مبين".
"ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى فى الحياة الدنيا وفى الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم "المعنى ألا إن أنصار الله لا عقاب عليهم أى لا يعذبون الذين صدقوا وكانوا يطيعون لهم النصر فى المعيشة الأولى وفى القيامة لا تغيير لأحكام الله ذلك هو النصر الكبير،يبين الله لنا أن أولياء الله وهم أنصار دين الله هم الذين آمنوا أى صدقوا بدينه وكانوا يتقون أى يطيعون دينه وهم لا خوف عليهم والمراد لا عقاب عليهم من الله وفسر هذا بأنهم لا يحزنون والمراد أنهم لا يعاقبون وهم لهم البشرى وهى الرحمة وهى النصر فى الحياة الدنيا وهى المعيشة الأولى وهو حكم البلاد بدين الله وفى الآخرة وهى القيامة وهو الجنة ،ويبين لنا أنه لا تبديل لكلمات الله والمراد لا تغيير لأحكام الله وهذا يعنى أن ما حكم به الله لا يتغير مهما حدث ويبين لنا أن ذلك وهو البشرى هو الفوز العظيم أى النصر الكبير مصداق لقوله بسورة البروج"ذلك الفوز الكبير"والخطاب وما قبله وما قبله وما بعده ومابعده للنبى(ص).
"ولا يحزنك قولهم إن العزة لله جميعا هو السميع العليم"المعنى ولا يخفيك قولهم أن القوة لله كلها هو الخبير المحيط،يطلب الله من نبيه(ص)ألا يحزنه قولهم والمراد ألا يتضايق من كفرهم برسالته وهو مكرهم مصداق لقوله بسورة النحل "ولا تك فى ضيق مما يمكرون"ويبين له أن العزة وهى القوة لله جميعها مصداق لقوله بسورة البقرة"أن القوة لله جميعا"والله هو السميع العليم أى العارف الخبير بكل شىء .
"ألا إن لله من فى السموات ومن فى الأرض وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون "المعنى ألا لله ملك الذى فى السموات ومن فى الأرض وما يطيع الذين يعبدون من سوى الله أرباب إن يطيعون إلا الهوى أى إن هم إلا يكذبون،يبين الله لنبيه (ص) أن لله ملك من فى السموات والأرض من المخلوقات مصداق لقوله بسورة المائدة"لله ملك السموات والأرض وما فيهن "وهذا يعنى أنه يحكم كل مخلوقات الكون،ويبين أنه ما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء والمراد أنه ما يطيع الذين يعبدون من غير الله آلهة وهذا يعنى أنهم لا يعبدون آلهة فى الحقيقة وإنما يتبعون الظن أى يطيعون الهوى وهو رأى أنفسهم مصداق لقوله بسورة القصص"فاعلم أنما يتبعون أهواءهم"وفسر هذا بأنه يخرصون أى يكذبون والمراد يكفرون بحكم الله ويطيعون وحى هواهم .
"هو الذى جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن فى ذلك لآيات لقوم يسمعون "المعنى هو الذى خلق لكم الليل لترتاحوا فيه والنهار مضيئا إن فى ذلك لعلامات لناس يفهمون ،يبين الله للناس أنه جعل لهم الليل ليسكنوا فيه والمراد خلق لهم الليل ليرتاحوا فيه وخلق النهار مبصرا أى منيرا ليعملوا فيه ويبين لأن فى ذلك وهو خلق الليل والنهار آيات لقوم يسمعون والمراد علامات أى براهين تدل على وجوب عبادة الله وحده لناس يفهمون فيطيعون حكم الله والخطاب للناس.
"وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغنى له ما فى السموات وما فى الأرض إن عندكم من سلطان بهذا أتقولون على الله ما لا تعلمون"المعنى وقالوا جعل الله ابنا طاعته هو الرازق له الذى فى السموات والذى فى الأرض هل لديكم وحى بهذا ؟أتنسبون إلى الله الذى لا تعرفون أنه الحق؟ يبين الله لنا أن الكفار قالوا اتخذ الله ولدا والمراد جعل الله له ابنا أى أنجب الرحمن ابنا مصداق لقوله بسورة الأنبياء"اتخذ الرحمن ولدا"ويبين أنه سبحانه والمراد التسبيح وهو الطاعة لحكمه هو الغنى أى الرازق أى صاحب الأرزاق كلها ،له ما أى الذى فى السموات والذى فى الأرض والمراد أنه له ملك مخلوقات الكون مصداق لقوله بسورة المائدة"لله ملك السموات والأرض وما فيهن" ويسأل الله الناس إن عندكم من سلطان بهذا أى هل لديكم من علم من الله بهذا مصداق لقوله بسورة الأنعام"هل من عندكم من علم فتخرجوه لنا"والغرض من السؤال هو إخبار الكل بكذبهم فلا يوجد وحى من الله يقول أن له ولد ويسأل أتقولون على الله ما لا تعلمون والمراد هل تنسبون إلى الله الكذب الذى تعرفون مصداق لقوله بسورة آل عمران"ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون"والغرض من السؤال هو إخبار الكل أن الكفار ينسبون إلى الله الباطل وهم يعرفون أنه باطل والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع فى الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون "المعنى قل إن الذين ينسبون إلى الله الباطل لا يفوزون نفع فى الأولى ثم إلينا إيابهم ثم ندخلهم العقاب العظيم بالذى كانوا يكذبون ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول :إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون أى إن الذين "ويقولون على الله"كما قال بسورة آل عمران والمراد إن الذين يقولون على الله الباطل لا يفوزون أى الذين ينسبون لله الباطل لا يرحمون لهم متاع فى الدنيا والمراد لهم نفع قليل فى الأولى ثم إلينا مرجعهم أى "إنا إلينا إيابهم "كما قال بسورة الغاشية والمراد أن عودة الناس إلى جزاء الله ثم نذيقهم العذاب الشديد والمراد ثم ندخلهم العقاب الغليظ مصداق لقوله بسورة فصلت "ولنذيقنهم من عذاب غليظ"وهو النار والسبب ما كانوا يكفرون أى يفسقون مصداق لقوله بسورة الأعراف"بما كانوا يفسقون" والخطاب وما بعده من قصص للنبى(ص)ومنه للناس.
"واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامى وتذكيرى بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلى ولا تنظرون"المعنى وقص عليهم خبر نوح(ص)حين قال لشعبه يا شعبى إن كان عظم عليكم موقفى ودعوتى لأحكام الله فعلى الله اعتمدت فأصدروا قراركم وأنصاركم ثم لا يكن قراركم عليكم خفى ثم قولوا لى ولا تترقبون ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يتلو على الناس نبأ نوح(ص)والمراد أن يحكى للناس قصة نوح(ص)إذ أى حين قال لقومه وهم شعبه :يا قوم أى يا شعبى إن كان كبر عليكم مقامى والمراد إن كان ثقل عليكم دينى أى تذكيرى بآيات الله والمراد إن كان عظم عليكم دعوتى لأحكام الله ،فعلى الله توكلت والمراد فبطاعة حكم الله احتميت من عذابه فأجمعوا أمركم وشركاءكم والمراد فأصدروا قراركم وآلهتكم المزعومة فى ثم لا يكن أمركم عليكم غمة والمراد ثم لا يكن قراركم عندكم مختلف ثم اقضوا لى أى قولوا لى ما قررتم ولا تنظرون أى ولا تتريثون،وهذا يعنى أن نوح(ص)لما يأس من القوم طلب منهم أن يصدروا قرارا بالإشتراك مع الآلهة المزعومة على أن يكون القرار واحد فى أمره وبعد ذلك عليهم أن يبلغوا هذا القرار له دون أن ينتظروا وقتا طويلا.
"فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجرى إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين فكذبوه فنجيناه ومن معه فى الفلك وجعلناهم خلائف و أغرقنا الذين كذبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين"المعنى فإن كفرتم فما طالبتكم عليه بمال إن ثوابى من الله وأوصيت أن أصبح من المطيعين فكفروا برسالته فأنقذناه ومن معه فى السفينة وخلقناكم حكام وأهلكنا الذين كفروا بأحكامنا فاعلم كيف كان جزاء المبلغين ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقص بقية خبر نوح وهو قوله لهم :فإن توليتم والمراد فإن كفرتم برسالتى فما سألتكم من أجر والمراد فما طالبتكم بمال مقابل إبلاغه لكم مصداق لقوله بسورة هود"لا أسألكم عليه مالا"إن أجرى وهو ثوابى من عند الله وأمرت أن أكون من المسلمين والمراد وأوصيت أن أصبح من المطيعين لحكم الله أى المؤمنين مصداق لقوله بسورة يونس"وأمرت أن أكون من المؤمنين"فكانت النتيجة أن نجيناه والمراد أنقذناه ومن معه فى الفلك وهى السفينة من الغرق وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا والمراد وأهلكنا الذين كفروا بأحكامنا فى الماء ويطلب الله من نبيه(ص)أن ينظر كيف كان عاقبة المنذرين والمراد أن يعلم كيف كان جزاء المبلغين بالوحى الكافرين به وهم المجرمين مصداق لقوله بسورة الأعراف"فانظر كيف كان عاقبة المجرمين ".
"ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب المعتدين"المعنى ثم أرسلنا من بعد نوح(ص)مبعوثين إلى شعبهم فأتوهم بالآيات فما كانوا ليصدقوا بما كفروا به من قبل هكذا نختم على نفوس الكافرين ،يبين الله لنبيه(ص)أنه بعث رسلا والمراد أرسل مبعوثين من بعد وفاة نوح(ص)إلى قومهم وهم شعبهم مصداق لقوله بسورة الحديد"لقد أرسلنا رسلنا "فجاءوهم بالبينات والمراد أتوهم بالكتاب وهو الزبر مصداق لقوله بسورة آل عمران"جاءوا بالبينات والزبر والكتاب المنير"ويبين له أنهم ما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل والمراد ما كانوا ليصدقوا بالذى كفروا به من قبل وهو كتاب الله ويبين أن كذلك أى بتلك الطريقة وهى تكذيبهم بكتاب الله يطبع على قلوب المعتدين والمراد يختم على نفوس الكافرين مصداق لقوله بسورة البقرة "ختم الله على قلوبهم "وقوله بسورة الأعراف" كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين "ومعنى الطبع هو الحول بينهم وبين الإسلام بكفرهم به .
"ثم بعثنا من بعدهم موسى وهارون إلى فرعون وملائه بآياتنا فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا إن هذا لسحر مبين "المعنى ثم أرسلنا من بعد وفاتهم موسى (ص)وهارون(ص) إلى فرعون وشعبه بعلاماتنا فكفروا وكانوا ناسا كافرين فلما أتاهم العدل من لدينا قالوا إن هذا خداع عظيم ،يبين الله لنبيه (ص) أنه بعث من بعدهم والمراد أرسل من بعد وفاة الرسل(ص)موسى (ص)وهارون(ص)بآياتنا وهى السلطان المبين أى المعجزات والوحى إلى فرعون وملائه وهم قومه وفى هذا قال بسورة المؤمنون"ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين"فكانت النتيجة أن استكبروا أى كفروا بآيات الله وفسر هذا بأنهم كانوا قوما مجرمين أى ناسا كافرين وفسر هذا بأنهم لما جاءهم الحق والمراد لما أتاهم العدل ممثل فى المعجزات والوحى من لدى الله قالوا إن هذا لسحر مبين والمراد إن هذا مكر كبير وهذا يعنى أنهم اتهموهم بممارسة السحر.
"قال موسى أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هذا ولا يفلح الساحرون "المعنى قال موسى أتقولون للعدل لما أتاكم أخداع هذا ولا يفوز المخادعون ،يبين الله لنبيه (ص)أن موسى (ص)قال لقوم فرعون أتقولون للحق لما جاءكم والمراد أتطلقون على الصدق لما أتاكم أسحر هذا والمراد أخداع هذا ؟ولا يفلح الساحرون والمراد ولا يرحم المجرمون مصداق لقوله بسورة يونس"إنه لا يفلح المجرمون"وهذا يعنى أنه يخبرهم أن ما جاء به ليس سحرا وإنما حق من عند الله .
"قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه أباءنا وتكون لكما الكبرياء فى الأرض وما نحن لكما بمؤمنين "المعنى قالوا هل أتيتنا لتبعدنا عن الذى لقينا عليه أباءنا ويصبح لكما الحكم فى البلاد وما نحن لكما بمصدقين ،يبين الله لنبيه (ص)حتى يقول للناس أن قوم فرعون قالوا لموسى(ص):أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه أباءنا والمراد هل أتيتنا لتبعدنا عن الدين الذى كان عليه أباءنا ؟والغرض من السؤال هو إخباره أن هدفه هو أن يتركوا دين الأباء وتكون لكما الكبرياء فى الأرض والمراد ويكون لكما الحكم وهو السلطة فى البلاد وهذا يعنى إخباره بالهدف الثانى وهو أن يكون وهارون(ص)حكام البلاد وما نحن لكما بمؤمنين والمراد وما نحن لكما بمصدقين حتى نفشل أهدافكما .
"وقال فرعون ائتونى بكل ساحر عليم فلما جاء السحرة قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون "المعنى وقال فرعون جيئونى بكل مخادع خبير فلما أتى المخادعون قال لهم موسى(ص)ارموا الذى أنتم رامون ،يبين الله لنبيه(ص)أن فرعون قال لقومه ائتونى بكل ساحر عليم والمراد أحضروا لى كل ماكر خبير بالسحر فلما جاء السحرة والمراد فلما أتى العلماء بالمكر قال لهم موسى(ص)ألقوا ما أنتم ملقون والمراد اصنعوا السحر الذى أنتم عاملون .
"فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون"المعنى فلما رموا قال موسى(ص)ما صنعتموه هو الخداع إن الله سيمحوه إن الله لا ينصر فعل الكافرين وينصر الله العدل بإراداته ولو بغض الكافرون،يبين الله لنبيه(ص)أن السحرة ألقوا أى عملوا سحرهم فقال لهم موسى (ص)ما جئتم به السحر والمراد الذى فعلتم هو الخداع إن الله سيبطله والمراد إن الله سيزيله من الوجود إن الله لا يصلح عمل المفسدين والمراد إن الله لا ينصر فعل الكافرين وفسر هذا بأن الله يحق الحق بكلماته والمراد أن الله ينصر العدل بجنوده حتى ولو كره المجرمون والمراد حتى ولو مقت الكافرون مصداق لقوله بسورة التوبة"ولو كره الكافرون ".
"فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملائهم أن يفتنهم وإن فرعون لعال فى الأرض وإنه لمن المسرفين"المعنى فما صدق بموسى(ص)إلا جماعة من أهله على رهبة من فرعون وشعبهم أن يعاقبهم وإن فرعون لظالم فى البلاد أى إنه من الكافرين ،يبين الله للنبى (ص)أن موسى (ص)آمن به ذرية من قومه والمراد صدق برسالته عدد قليل من بنى إسرائيل على خوف من فرعون وملائهم والمراد رغم خشيتهم من فرعون وأغنياء بنى إسرائيل أن يفتنهم والمراد أن يعذبوهم ليردوهم عن الحق وإن فرعون لعال فى الأرض والمراد لمفسد فى البلاد مصداق لقوله بسورة القصص "إنه كان من المفسدين " وفسر هذا بأنه من المسرفين وهم المفرطين فى دين الله أى الكافرين .
"وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين فقالوا على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ونجنا برحمتك من القوم الكافرين "المعنى وقال موسى(ص)يا شعبى إن كنتم صدقتم بالله فبطاعته احتموا إن كنتم مطيعين له فقالوا بطاعة الله احتمينا إلهنا لا تخلقنا اختبار للناس الكافرين وأنقذنا بقوتك من الناس المكذبين ،يبين الله لنبيه(ص)أن موسى (ص)قال لهم :يا قوم أى يا أهلى إن كنتم آمنتم بالله والمراد إن كنتم صدقتم بحكم الله فعليه توكلوا والمراد فبطاعة حكمه احتموا إن كنتم مسلمين أى مطيعين لحكمه أى مؤمنين مصداق لقوله بسورة المائدة"إن كنتم مؤمنين "وهذا يعنى أن الله يحمى من يطيع وحيه من الأذى ،فكان ردهم هو :على الله توكلنا والمراد بطاعة حكم الله احتمينا من كل أذى ،ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين والمراد إلهنا لا تجعلنا هدفا للناس الكافرين مصداق لقوله بسورة الممتحنة"لا تجعلنا فتنة للذين كفروا"وهذا يعنى أنهم لا يريدون أن يكونوا هدف لتعذيب الكفار ،وفسروا قولهم فقالوا :ونجنا برحمتك من القوم الكافرين والمراد وأنقذنا بقوتك من الناس المكذبين بحكم الله وهذا يعنى أنهم يريدون النجاة من عذاب الكفار .
"وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين"المعنى وألقينا إلى موسى (ص)وهارون(ص)أن عينا لأهلكما بمصر مساكنا واجعلوا مساكنكم مصلى وأطيعوا حكمى وأفرح المصدقين،يبين الله للنبى(ص)أنه أوحى والمراد ألقى لموسى (ص)وأخيه هارون(ص)حكما يقول:أن تبوءوا لقومكما بمصر بيوتا والمراد اختارا لأهلكما فى مصر مساكنا وهذا يعنى أن يسكنوا كلهم فى مكان واحد ،واجعلوا بيوتكم قبلة والمراد واجعلوا مساكنكم مصلى وهذا يعنى أن يصلوا الصلوات المفروضة فى بيوتهم ،وأقيموا الصلاة والمراد وأطيعوا الدين مصداق لقوله بسورة الشورى "أن أقيموا الدين"ويطلب منه أن يبشر المؤمنين أى أن يخبر المصدقين أى يفرح المحسنين بالجنة مصداق لقوله بسورة الحج"وبشر المحسنين".
"وقال موسى ربنا إنك أتيت فرعون وملأه زينة وأموالا فى الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم"المعنى وقال موسى (ص)إلهنا إنك أعطيت فرعون وقومه متاعا أى أملاكا فى المعيشة الأولى ،إلهنا ليبعدوا عن رحمتك ،إلهنا امحو أملاكهم واربط على نفوسهم فلا يصدقوا حتى يشهدوا العقاب العظيم،؟يبين الله لنبيه(ص)أن موسى قال أى دعا الله"ربنا إنك أتيت فرعون وملأه زينة أى أموالا والمراد إنك وهبت لفرعون وقومه متاعا أى أملاكا فى الحياة الدنيا أى فى المعيشة الأولى ربنا ليضلوا عن سبيلك أى إلهنا ليبعدوا عن دينك وهذا يعنى أنه يطلب من الله أن يبعد قوم فرعون عن دين الله الذى يؤدى لأخذ رحمته ،ربنا اطمس على أموالهم والمراد إلهنا أفسد لهم أملاكهم وهذا يعنى أنه يطلب من الله أن يفسد أموال القوم بكل وسيلة ،واشدد على قلوبهم والمراد وأربط على نفوسهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم والمراد فلا يصدقوا حتى يصيبهم العقاب الموجع وهذا يعنى أنه يطلب منه أن يجعل قوم فرعون كفار حتى يموتوا وهم يرون عقاب الله لهم .
"قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون "المعنى قال الله قد سمع نداءكما فأطيعا ولا تطيعان دين الذين لا يطيعون دينى ،يبين الله لنبيه(ص)أن الله أوحى لموسى (ص)وهارون(ص) قد أجيبت دعوتكما والمراد قد تحقق طلبكما وهذا يعنى أن الله سينفذ لهم ما طلبوا من إضلال القوم لأنهم سيثبتون على ضلالهم مستقبلا وإفساد أملاكهم وقال فاستقيما أى فأطيعا حكمى ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون والمراد ولا تطيعان دين الذين لا يطيعون دينى وهذا يعنى أنه يطلب منهما اتباع دينه وترك أديان الكفار .
"وجاوزنا ببنى إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذى آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين "المعنى وعبرنا بأولاد يعقوب(ص) الماء فخرج خلفهم فرعون وعسكره ظلما أى عدوانا حتى إذا أصابه الهلاك قال صدقت أنه لا رب إلا الذى صدقت به أولاد يعقوب وأنا من المطيعين،يبين الله لنبيه(ص)أنه جاوز ببنى إسرائيل البحر والمراد عبر بأولاد يعقوب (ص)اليم وهو الماء سالمين فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا أى عدوا والمراد فخرج فرعون وعسكره خلفهم ظلما أى رغبة فى قتلهم دون حق حتى إذا أدرك فرعون الغرق والمراد ولما غطى فرعون الماء حتى فمه قال :آمنت أنه لا إله إلا الذى آمنت به بنو إسرائيل والمراد صدقت أنه لا رب سوى الذى صدقت به أولاد يعقوب(ص)وأنا من المسلمين أى المطيعين لحكم الله ،وهذا يعنى أنه حقق لموسى (ص) دعوته بهلاكهم وهم كفار وهنا أعلن فرعون إسلامه فى الوقت الذى لا ينفع فيه إسلام.
"الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون "المعنى الآن وقد خالفت من قبل أى كنت من الكافرين فاليوم ننقذك بجسمك لتصبح لمن بعدك عظة وإن كثيرا من الخلق عن أحكامنا لساهون،يبين الله لنبيه(ص)أنه أرسل ملاكا لفرعون فقال له:الآن تعلن إسلامك وقد عصيت أى خالفت حكمى من قبل أى كنت من المفسدين أى الكافرين بدينى وهذا يعنى أنه يذكره بكفره ،فاليوم ننجيك ببدنك والمراد فالآن ننقذك بجسمك وهذا يعنى أن الله سيحفظ جسم فرعون سليما ويأخذ نفسه للنار والسبب لتكون لمن خلفك آية والمراد لتصبح لمن يعيش بعدك عظة يعتبر بها ويبين أن كثير أى أغلب الناس عن آيات الله غافلين والمراد لأحكام الله عاصين أى تاركين أى معرضين مصداق لقوله بسورة الحجر"وأتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين".
"ولقد بوأنا بنى إسرائيل مبوأ صدق ورزقناهم من الطيبات فما اختلفوا حتى جاءهم العلم إن ربك يقضى بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون"المعنى ولقد أنزلنا أولاد يعقوب مسكن عدل وأعطيناهم من المنافع فما تنازعوا حتى أتاهم الوحى إن إلهك يحكم بينهم يوم البعث فى الذى كانوا فيه يتنازعون ،يبين الله لنبيه(ص) أنه بوأ بنى إسرائيل مبوأ صدق والمراد أسكن أولاد يعقوب(ص)مسكنا مباركا مصداق لقوله بسورة الأعراف"وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التى باركنا فيها"وهى الأرض المقدسة وهى مكة ورزقهم من الطيبات والمراد وأعطاهم من الأرزاق الكثير ،ويبين له أنهم ما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم والمراد ما تنازعوا بينهم إلا من بعد ما أتتهم البينات وهى أحكام الله مصداق لقوله بسورة آل عمران"واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات"،ويبين له أن ربه يقضى بينهم يوم القيامة والمراد يحكم بينهم يوم البعث مصداق لقوله بسورة الحج"الله يحكم بينهم"وهو يفصل بينهم فيما كانوا فيه يختلفون والمراد فى الذى كانوا فيه يتنازعون وهو أى الأديان هو دين الله .
"فإن كنت فى شك مما أنزلنا إليك فسئل الذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين "المعنى فإن كنت فى حيرة من الذى أوحينا لك فاستفهم الذين يتلون الوحى من قبلك لقد أتاك العدل من إلهك فلا تصبحن من الكافرين،يبين الله لنبيه(ص)أنه إن كان فى شك مما أنزل إليه والمراد أنه إن كان فى ارتياب من الذى أوحى له وهو دينى مصداق لقوله بسورة يونس"فى شك من دينى "فسئل الذين يقرءون الكتاب من قبلك والمراد فاستفهم عن صحة دينك من الذين يعلمون الوحى من قبلك إن كنت لا تصدق أنه دين الحق وهذا يعنى أن يسأل أهل الكتاب حتى يعرفوه أن دينه هو الحق ،وقال له لقد جاءك الحق أى لقد أتاك العلم مصداق لقوله بسورة الرعد" ما جاءك من العلم"من ربك أى إلهك ،وينهاه أن يكون من الممترين أى المشركين وهم الكافرين مصداق لقوله بسورة الأنعام"ولا تكونن من المشركين" والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص) .
"ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين "المعنى ولا تصبحن من الذين كفروا بأحكام الله فتصبح من المعذبين ،يطلب الله من نبيه(ص)ألا يكون من الذين كذبوا بآيات الله والمراد ألا يصبح من الذين كفروا بأحكام الله وهم الممترين فى الآية السابقة فيكون من الخاسرين أى المعذبين مصداق لقوله بسورة الشعراء"فتكون من المعذبين" وهذا يعنى أن من يكفر يعذب.
"إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم"المعنى إن الذين وقع عليهم حكم إلهك لا يصدقون ولو أتتهم كل معجزة حتى يشاهدوا العقاب الموجع،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين حقت عليهم كلمة ربه وهم الذين صدق عليهم حكم الله بالعذاب مصداق لقوله بسورة الزمر"ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين"فهم لا يؤمنون أى لا يصدقون ولو جاءتهم كل آية والمراد حتى ولو أتتهم كل معجزة من عند الله وفى هذا قال بسورة الأنعام"ولو أننا نزلنا عليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شىء قبلا ما كانوا ليؤمنوا "وهم يؤمنون فى حالة واحدة وهى أن يروا العذاب الأليم والمراد أن يشاهدوا العقاب الموجع نازل بهم .
"فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما أمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزى فى الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين "المعنى فلولا كانت بلدة صدقت فأفادها تصديقها إلا شعب يونس(ص) لما صدقوا أزلنا عنهم عقاب الذل فى المعيشة الأولى ولذذناهم إلى موعدهم ،يبين الله لنبيه(ص)أن كل أهالى القرى لم يؤمنوا بوحى الله عدا قرية واحدة هى قرية والمراد أهل بلدة يونس (ص) ولذا لما آمنوا أى صدقوا حكم الله حدث التالى كشف الله عنهم عذاب الخزى فى الحياة الدنيا والمراد أزال الله عنهم عقاب الهوان فى المعيشة الأولى ومتعهم إلى حين والمراد ولذذهم إلى موعد موتهم .
"ولو شاء ربك لآمن من فى الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين"المعنى ولو أراد إلهك لصدق من فى البلاد كلهم فهل أنت تجبر الخلق أن يصبحوا مصدقين ؟يبين الله لنبيه(ص)أنه لو شاء لآمن من فى الأرض جميعا والمراد أنه لو أراد لأهتدى كل من فى البلاد مصداق لقوله بسورة الأنعام"ولو شاء ربك لجمعهم على الهدى "ولكنه لم يرد إيمان الكل ،ويسأل الله أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين والمراد فهل أنت تجبر الخلق كلهم أن يصبحوا مسلمين ؟والغرض من السؤال هو إخبار الرسول(ص) أن إجبار الناس على الإيمان حرام كما قال له بسورة الغاشية "لست عليهم بمصيطر" والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون"المعنى وما كان لفرد أن يصدق إلا بأمر الله ويوجب العذاب للذين لا يفقهون ،يبين الله لنبيه(ص)أن ما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله والمراد ما يقدر فرد على أن يصدق بحكم الله إلا بمشيئة الله وهذا يعنى أن الإيمان يحدث من الله والفرد فى وقت واحد مصداق لقوله بسورة الإنسان"وما تشاءون إلا أن يشاء الله"ويبين له أن الرجس وهو العذاب وهو الغضب مصداق لقوله بسورة النحل"فعليهم غضب من الله" يجعله الله على الذين لا يعقلون والمراد يدخله الله الذين لا يؤمنون مصداق لقوله بسورة الأنعام"كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون "
"قل انظروا ماذا فى السموات والأرض وما تغنى الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون"المعنى قل فكروا ماذا فى السموات والأرض وما تمنع الأحكام أى الوحى عن ناس لا يصدقون ،يبين الله لنبيه (ص)أن يقول للناس انظروا ماذا فى السموات والأرض وهذا يعنى أنه يطالب الناس بأن يعلموا قدر ما يستطيعوا عن مخلوقات الكون حتى يصلوا من خلال علمهم إلى الحق ،ويبين له أن الآيات وهى الأحكام وفسرها بأنها النذر وهى الوحى تكرار الدعوة بها لا يغنى عن قوم لا يعقلون والمراد لا يمنع العذاب عن ناس لا يفقهون أى لا يطيعونها مصداق لقوله بسورة التوبة"قوم لا يفقهون"وهذا يعنى الإقلال من مرات دعوة الكفار ما دامت النتيجة استمرارهم فى الكفر والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص)ومنه للناس .
"فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إنى معكم من المنتظرين ثم ننجى رسلنا والذين آمنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين"المعنى فهل يترقبون إلا شبه عذابات الذين مضوا من قبلهم قل فترقبوا إنى معكم من المترقبين ثم ننقذ مبعوثينا والذين صدقوا هكذا واجبا علينا ننقذ المصدقين ،يسأل الله :فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم والمراد هل يتربصون إلا شبه سنن وهى عقوبات الذين مضوا من قبل ؟والغرض من السؤال هو إخبار الكفار أن عليهم أن يعلموا أنه سيصيبهم ما أصاب الذين عاشوا قبلهم لما كفروا وهو العذاب ويطلب الله من نبيه(ص)أن يقول لهم انتظروا أى تربصوا العذاب إنى معكم من المنتظرين أى المتربصين لنزوله عليكم مصداق لقوله بسورة الطور"قل تربصوا إنى معكم من المتربصين "ويبين له أنه ينجى رسله والذين آمنوا والمراد أنه ينقذ مبعوثيه والذين صدقوا بحكمه من العذاب ويبين له أنه حق والمراد فرض فرضه على نفسه أن ينج المؤمنين والمراد أن ينقذ أى ينصر المصدقين بحكمه مصداق لقوله بسورة الروم"وكان حقا علينا نصر المؤمنين".
"قل يا أيها الناس إن كنتم فى شك من دينى فلا أعبد الذى تعبدون من دون الله ولكن أعبد الذى يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين"المعنى قل يا أيها الخلق إن كنتم فى تكذيب لحكمى فلا أطيع الذى تطيعون من غير الله ولكن أطيع الذى يميتكم وأوصيت أن أصبح من المصدقين ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس وهم الخلق :إن كنتم فى شك من دينى والمراد إن كنتم فى كفر بذكر الله مصداق لقوله بسورة ص"بل هم فى شك من ذكرى "فلا أعبد الذى تعبدون من دون الله والمراد فلا أتبع الذين تتبعون من سوى الله ولكن أعبد الذى يتوفاكم والمراد وإنما أتبع دين الذى يميتكم مصداق لقوله بسورة الجاثية "ثم يميتكم"وأمرت أن أكون من المؤمنين والمراد وأوصيت أن أصبح من المسلمين مصداق لقوله بسورة النمل"وأمرت أن أكون من المسلمين" وهذا يعنى أنه يجب أن يطيع دين الله ويترك أديان الكفر لأنه أمر بهذا .
"وأن أقم وجهك للدين حنيفا ولا تكونن من المشركين ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين "المعنى وأن أسلم نفسك للحكم مستقيما ولا تصبحن من الكافرين أى لا تعبد من غير الله الذى لا يفيدك ولا يؤذيك فإن عملت فإنك إذا من الكافرين ،يخاطب الله نبيه (ص)فيقول وأن أقم وجهك للدين حنيفا والمراد وأن أخلص نفسك للإسلام قاصدا والمراد اتبع بنفسك حكم الله قاصدا إياه بإتباعك وفسر هذا بأن لا يكون من المشركين والمراد ألا يصبح من الكافرين بحكم الله وهم الجاهلين مصداق لقوله بسورة الأنعام"فلا تكونن من الجاهلين" وفسر هذا بأن لا يدع من دون الله ما لا ينفعه ولا يضره والمراد ألا يعبد من غير الله إلها مصداقا لقوله بسورة الشعراء"فلا تدع مع الله إلها"لا يفيده برزق ولا يؤذيه بعقاب ويبين له أنه إن فعل أى عمل الكفر وهو عبادة غير الله فإنه يصبح من الظالمين أى الكافرين المستحقين للعذاب مصداق لقوله بسورة الشعراء فتكون من المعذبين"والخطاب للنبى(ص).
"وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم"المعنى وإن يصبك الله بأذى فلا مزيل له إلا هو وإن يصبك بنفع فلا مانع لنفعه يعطيه من يرد من خلقه وهو النافع المفيد،يبين الله لنبيه (ص)أنه إن يمسسه الله بضر والمراد إن يصيبه بشر أى أذى مصداق لقوله بسورة الإسراء"وإذا مسه الشر"فلا كاشف له إلا هو والمراد لا مزيل للشر سوى الله وإن يرده بخير والمراد إن يعطيه نفع فلا راد لفضله والمراد فلا ممسك لنفعه مصداق لقوله بسورة فاطر"ما يفتح الله من رحمة فلا ممسك لها "أى لا مانع لرحمة الله وهى خيره وهو يصيب به من يشاء من عباده والمراد يعطي رحمته لمن يريد من خلقه مصداق لقوله بسورة يوسف"نصيب برحمتنا من نشاء"ويبين له أنه الغفور الرحيم أى النافع المفيد للخلق والخطاب للنبى(ص).
"قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدى لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنا عليكم بوكيل "المعنى قل يا أيها الخلق قد أتاكم برهان من خالقكم فمن أطاع فلمصلحته ومن عصى فإنما يسيىء لها وما أنا عليكم بحفيظ ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس وهم الخلق قد جاءكم الحق من ربكم والمراد قد أتاكم بصائر وهو العدل من إلهكم مصداق لقوله بسورة الأنعام"قد جاءكم بصائر من ربكم" ويقول فمن اهتدى فإنما يهتدى لنفسه والمراد فمن أبصر فلمصلحته ومن ضل فإنما يضل عليها والمراد ومن عمى فعليها مصداق لقوله بسورة الأنعام"فمن أبصر فلنفسه ومن عمى فعليها"وهذا يعنى أن من أسلم فإنما يسلم لنفع نفسه ومن كفر فإنما يعاقب نفسه وما أنا عليكم بوكيل والمراد وما أنا عليكم بحفيظ أى حامى لكم مصداق لقوله فى نفس الآية "وما أنا عليكم بحفيظ "والخطاب للنبى(ص)ومنه للناس.
"واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين"المعنى وأطع الذى يلقى لك أى اتبع حتى يقضى الله وهو أحسن القاضين ، يطلب الله من نبيه(ص)أن يتبع ما يوحى إليه والمراد أن يطيع الذى ينزل له من عند الله وفسر له بأن يصبر حتى يحكم الله والمراد أن يطيع حكم الله حتى يفصل الله بين الناس وهو خير الحاكمين أى أفضل القضاة والخطاب للنبى(ص)
"ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضى بينهم بالقسط وهم لا يظلمون "المعنى ولكل جماعة مبعوث فإذا سلم كتبهم حكم بينهم بالعدل وهم لا يبخسون ،يبين الله لنبيه(ص)أن لكل أمة رسول والمراد لكل جماعة نذير يبلغهم بحكم الله مصداق لقوله بسورة فاطر"وإن من أمة إلا خلا فيها نذير"فإذا جاء رسولهم قضى بينهم بالقسط والمراد فإذا أتت كتبهم المنشرة حكم بينهم بالعدل وهو الحق مصداق لقوله بسورة الزمر"وقضى بينهم بالحق"وهم لا يظلمون أى "وهم فيها لا يبخسون"كما قال بسورة هود والمراد لا ينقصون فى يوم القيامة حقا .
"ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين"المعنى ويتساءلون متى هذا الفتح إن كنتم عادلين؟يبين الله لنبيه(ص)أن الكفار يقولون متى هذا الوعد أى الفتح أى القيامة مصداق لقوله بسورة السجدة"متى هذا الفتح"إن كنتم صادقين أى إن كنتم عادلين فى قولكم وهم بهذا يسألون عن موعد القيامة والخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"قل لا أملك لنفسى ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون" المعنى قل لا أقدر لنفسى أذى ولا فائدة إلا ما أراد الله لكل فرقة موعد فإذا أتى موعدهم فلا يتأجلون وقتا ولا يسرعون ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس لا أملك لنفسى ضرا ولا نفعا والمراد لا أقدر لنفسى جلب أذى أو نفع إلا ما أراد أى شاء الله وهذا يعنى أن الإنسان لا يقدر على شىء خيرا أو شرا إلا إذا شاءه الله فى نفس الوقت مصداق لقوله بسورة الإنسان"وما تشاءون إلا أن يشاء الله"ويبين له أن لكل أمة أجل والمراد لكل جماعة موعد موت فإذا جاء أجلهم والمراد إذا حضر موعد موتهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون والمراد فلا يتأجل موعد موتهم وقت ولا يسبق موتهم موعد موتهم بوقت فهم يموتون فى الساعة المحددة .
"قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون أثم إذا ما وقع أمنتم به الآن وقد كنتم به تستعجلون "المعنى قل أعلمونى إن جاءكم عقابى ليلا أو نهارا ماذا يستسرع منه الكافرون ؟أثم إذا ما حدث صدقتم به الآن وقد كنتم له تطلبون ؟يطلب الله من نبيه(ص)أن يسأل الكفار أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا والمراد أخبرونى إن جاءكم بأس الله ليلا أو نهارا مصداق لقوله بسورة الأعراف"فجاءها بأسنا بياتا أو وهم قائلون"ماذا يستعجل منه المجرمون أى ماذا يطالب به الكافرون ؟والغرض من السؤال هو إخبار الناس أن العذاب إذا أتاهم فى الليل أو فى النهار فليس هناك من يطلب سرعة نزوله من الكفار لأنه نزل بهم،ويسأل أثم إذا ما وقع أمنتم به والمراد أثم اذا حدث العذاب صدقتم به الآن وقد كنتم به تستعجلون والمراد وقد كنتم له تطلبون ؟والغرض من السؤال هو إخبار الناس أنهم لا يؤمنون بالعذاب إلا عندما يصيبهم مع أنهم كانوا يطالبون بأن يصيبهم فى الدنيا والخطاب وما بعده للنبى(ص)ومنه للكفار .
"ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون "المعنى ثم قيل للذين كفروا ادخلوا عقاب الدوام هل تعاقبون إلا بالذى كنتم تعملون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين ظلموا أى كفروا بحكم الله تقول لهم الملائكة ذوقوا عذاب الخلد أى ادخلوا عقاب النار مصداق لقوله بسورة السجدة"وقيل لهم ذوقوا عذاب النار" بما كنتم تكسبون أى "بما كنتم تعملون "كما قال بسورة السجدة والمراد بالذى كنتم تفعلون من الكفر فى الدنيا .
"ويستنبئونك أحق هو قل إى وربى إنه لحق وما أنتم بمعجزين "المعنى ويستخبرونك أصدق هو قل نعم وإلهى إنه لواقع وما أنتم بهاربين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار يستنبئونه والمراد يسألونه أحق هو والمراد أصدق وقوع العذاب ؟ويطلب منه أن يجيب قائلا :إى وربى والمراد نعم وإلهى إنه لحق أى لحادث أى لواقع وما أنتم بمعجزين والمراد وما أنتم بمنتصرين وهذا يعنى أنهم لا يقدرون على الهروب من عذاب الله والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"ولو أن لكل نفس ظلمت ما فى الأرض لأفتدت به وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضى بينهم بالقسط وهم لا يظلمون"المعنى ولو أن لكل فرد كفر الذى فى البلاد ما أنقذ به وأخفوا الحسرة لما شاهدوا العقاب وحكم بينهم بالعدل وهم لا يبخسون ،يبين الله لنبيه(ص) أن لو لكل نفس ظلمت ما فى الأرض لأفتدت به والمراد لو كان لكل فرد كذب الحق المال الذى فى الأرض ما أنقذوا به وهذا يعنى أن المال لا ينقذ أحد من العذاب لقوله بسورة الحديد "ولا يؤخذ منكم فدية" ويبين له أن الكفار أسروا الندامة لما رأوا العذاب والمراد أخفوا الحسرة وهى الذل لما شاهدوا العقاب فى انتظارهم وقضى بينهم بالقسط والمراد"وقضى بينهم بالحق" كما قال بسورة الزمر والمراد أن الله حكم بينهم بالعدل وهم لا يظلمون أى لا يبخسون والمراد لا ينقص من حقهم حقا .
"ألا إن لله ما فى السموات والأرض ألا إن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون "المعنى ألا إن لله ملك الذى فى السموات والأرض ألا إن قول الله صدق ولكن معظمهم لا يصدقون ،يبين الله لنبيه(ص)أن لله والمراد"له ملك السموات والأرض "كما قال بسورة آل عمران أى لله حكم الذى فى السموات والأرض من الخلق ويبين له أن وعد الله حق والمراد أن قول الله صدق أى واقع ولكن أكثرهم لا يعلمون والمراد ولكن أغلب الناس لا يصدقون وعد الله أى لا يشكرون مصداق لقوله بسورة النمل"ولكن أكثرهم لا يشكرون".
"هو يحى ويميت وإليه ترجعون"المعنى هو يخلق ويهلك وإليه تعودون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه يحى أى يخلق المخلوق من العدم ويميت أى ويتوفى أى وينقل المخلوق من الدنيا إلى حياة البرزخ وإليه ترجعون أى وإلى جزاء الله تعودون فى القيامة.
"يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما فى الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين"المعنى يا أيها الخلق قد أتتكم نصيحة من خالقكم أى دواء للذى فى النفوس أى نفع أى فائدة للمصدقين ،يخاطب الله الناس وهم الجن والإنس فيقول:قد جاءتكم موعظة من ربكم والمراد قد أتتكم بينة من خالقكم مصداق لقوله بسورة الأعراف" قد جاءتكم بينة من ربكم "وهى الوحى وفسرها بأنها شفاء لما فى الصدور والمراد دواء مذهب لمرض النفوس وهو الكفر وفسره بأنه هدى أى رحمة أى نفع للمؤمنين وهم المسلمين مصداق لقوله بسورة النحل"ورحمة وبشرى للمسلمين"والخطاب للناس.
"قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون "المعنى قل بنفع الله أى بوحيه فبذلك فليتمسكوا هو أفضل من الذى يلمون ،يطلب الله من نبيه(ص) أن يقول بفضل الله وفسره بأنها رحمته والمراد وحيه المنزل فبذلك أى بالوحى فليفرحوا أى فليطيعوا مصداق لقوله بسورة الرعد"والذين أتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك " فهو خير مما يجمعون والمراد رحمة أى ثواب طاعة الله أفضل من الذى يتمتعون فى الدنيا مصداق لقوله بسورة الزخرف"ورحمة ربك خير مما يجمعون ".
"قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل الله أذن لكم أم على الله تفترون "المعنى قل أعلمتم بالذى أعطى الله لكم من عطاء فصنعتم منه ممنوعا و مباحا قل الله سمح لكم أم على الله تكذبون؟ يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق والمراد أعرفتم بالذى وهب الله لكم من نفع فجعلتم منه حراما وحلالا والمراد فشرعتم منه ممنوعا ومباحا والغرض من السؤال هو إخبار القوم أن تحليل وتحريم أنواع الرزق هو تشريع من عند أنفسهم وليس من عند الله الذى أباحه كله ويطلب منه أن يسألهم الله أذن لكم أم على الله تفترون والمراد هل الله سمح لكم بهذه التشريعات أم على الله تكذبون ؟ والغرض من السؤال هو إخبار الناس أن الله لم يسمح لهم بإصدار تلك التشريعات وأنهم نسبوها إليه زورا والخطاب للنبى .
"وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون "المعنى وما اعتقاد الذين ينسبون إلى الله الباطل يوم البعث إن الله لصاحب رحمة بالخلق ولكن أغلبهم لا يطيعون ،يبين الله لنبيه(ص)أن ظن وهو اعتقاد الذين يفترون على الله الكذب أى الذين ينسبون إلى الله الباطل فى يوم القيامة أى البعث اعتقاد باطل واعتقادهم هو أن لهم الحسنى وهى الجنة إن حدثت القيامة مصداق لقوله بسورة النحل"وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى "،ويبين له أن الله ذو فضل على الناس أى صاحب رحمة للعالمين مصداق لقوله بسورة البقرة"ولكن الله ذو رحمة على العالمين"ويبين له أن أكثرهم لا يشكرون والمراد ولكن معظم الناس لا يؤمنون فيطيعون الوحى مصداق لقوله بسورة غافر"ولكن أكثر الناس لا يؤمنون".
"وما تكون فى شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة فى الأرض ولا فى السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا فى كتاب مبين "المعنى وما تكون فى فكر وما تطيع منه من وحى ولا تصنعون من فعل إلا كنا عليكم رقباء إذ تسيرون فيه وما يغيب عن إلهك من قدر ذرة فى الأرض ولا فى السماء ولا أقل من ذلك ولا أكثر إلا فى سجل عظيم ،يبين الله لنبيه (ص)والناس أنه ما يكون فى شأن والمراد أنه ما يفكر فى موضوع وما يتلوا منه من قرآن والمراد وما يتبع منه من وحى وهذا يعنى أن الذى يفكر فيه من الإسلام وما يطيع من أحكام الإسلام ممثلا فى بعضه وأما الناس فما يعملون من عمل والمراد ما يفعلون من فعل إلا كان الله شاهد عليهم إذ يفيضون فيه والمراد إلا كان الله عالم بهم حين يفعلونه وهذا يعنى أن أى شىء يعمله الإنسان مهما كان يكون الله عليم به وهو يمضى فى فعله ،ويبين لنبيه(ص)أنه لا يعزب عنه من مثقال ذرة فى الأرض ولا فى السماء والمراد لا يغيب عن علمه قدر ذرة سواء فى الأرض أو فى السماء ولا أصغر من ذلك والمراد ولا أقل حجما من الذرة وهذا يعنى وجود ما هو أقل من الذرة ولا أكبر أى ولا أعظم حجما من الذرة وكل هذا فى كتاب مبين والمراد سجل عظيم وفى هذا قال بسورة النمل"وما من غائبة فى السماء والأرض إلا فى كتاب مبين".
"ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى فى الحياة الدنيا وفى الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم "المعنى ألا إن أنصار الله لا عقاب عليهم أى لا يعذبون الذين صدقوا وكانوا يطيعون لهم النصر فى المعيشة الأولى وفى القيامة لا تغيير لأحكام الله ذلك هو النصر الكبير،يبين الله لنا أن أولياء الله وهم أنصار دين الله هم الذين آمنوا أى صدقوا بدينه وكانوا يتقون أى يطيعون دينه وهم لا خوف عليهم والمراد لا عقاب عليهم من الله وفسر هذا بأنهم لا يحزنون والمراد أنهم لا يعاقبون وهم لهم البشرى وهى الرحمة وهى النصر فى الحياة الدنيا وهى المعيشة الأولى وهو حكم البلاد بدين الله وفى الآخرة وهى القيامة وهو الجنة ،ويبين لنا أنه لا تبديل لكلمات الله والمراد لا تغيير لأحكام الله وهذا يعنى أن ما حكم به الله لا يتغير مهما حدث ويبين لنا أن ذلك وهو البشرى هو الفوز العظيم أى النصر الكبير مصداق لقوله بسورة البروج"ذلك الفوز الكبير"والخطاب وما قبله وما قبله وما بعده ومابعده للنبى(ص).
"ولا يحزنك قولهم إن العزة لله جميعا هو السميع العليم"المعنى ولا يخفيك قولهم أن القوة لله كلها هو الخبير المحيط،يطلب الله من نبيه(ص)ألا يحزنه قولهم والمراد ألا يتضايق من كفرهم برسالته وهو مكرهم مصداق لقوله بسورة النحل "ولا تك فى ضيق مما يمكرون"ويبين له أن العزة وهى القوة لله جميعها مصداق لقوله بسورة البقرة"أن القوة لله جميعا"والله هو السميع العليم أى العارف الخبير بكل شىء .
"ألا إن لله من فى السموات ومن فى الأرض وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون "المعنى ألا لله ملك الذى فى السموات ومن فى الأرض وما يطيع الذين يعبدون من سوى الله أرباب إن يطيعون إلا الهوى أى إن هم إلا يكذبون،يبين الله لنبيه (ص) أن لله ملك من فى السموات والأرض من المخلوقات مصداق لقوله بسورة المائدة"لله ملك السموات والأرض وما فيهن "وهذا يعنى أنه يحكم كل مخلوقات الكون،ويبين أنه ما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء والمراد أنه ما يطيع الذين يعبدون من غير الله آلهة وهذا يعنى أنهم لا يعبدون آلهة فى الحقيقة وإنما يتبعون الظن أى يطيعون الهوى وهو رأى أنفسهم مصداق لقوله بسورة القصص"فاعلم أنما يتبعون أهواءهم"وفسر هذا بأنه يخرصون أى يكذبون والمراد يكفرون بحكم الله ويطيعون وحى هواهم .
"هو الذى جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن فى ذلك لآيات لقوم يسمعون "المعنى هو الذى خلق لكم الليل لترتاحوا فيه والنهار مضيئا إن فى ذلك لعلامات لناس يفهمون ،يبين الله للناس أنه جعل لهم الليل ليسكنوا فيه والمراد خلق لهم الليل ليرتاحوا فيه وخلق النهار مبصرا أى منيرا ليعملوا فيه ويبين لأن فى ذلك وهو خلق الليل والنهار آيات لقوم يسمعون والمراد علامات أى براهين تدل على وجوب عبادة الله وحده لناس يفهمون فيطيعون حكم الله والخطاب للناس.
"وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغنى له ما فى السموات وما فى الأرض إن عندكم من سلطان بهذا أتقولون على الله ما لا تعلمون"المعنى وقالوا جعل الله ابنا طاعته هو الرازق له الذى فى السموات والذى فى الأرض هل لديكم وحى بهذا ؟أتنسبون إلى الله الذى لا تعرفون أنه الحق؟ يبين الله لنا أن الكفار قالوا اتخذ الله ولدا والمراد جعل الله له ابنا أى أنجب الرحمن ابنا مصداق لقوله بسورة الأنبياء"اتخذ الرحمن ولدا"ويبين أنه سبحانه والمراد التسبيح وهو الطاعة لحكمه هو الغنى أى الرازق أى صاحب الأرزاق كلها ،له ما أى الذى فى السموات والذى فى الأرض والمراد أنه له ملك مخلوقات الكون مصداق لقوله بسورة المائدة"لله ملك السموات والأرض وما فيهن" ويسأل الله الناس إن عندكم من سلطان بهذا أى هل لديكم من علم من الله بهذا مصداق لقوله بسورة الأنعام"هل من عندكم من علم فتخرجوه لنا"والغرض من السؤال هو إخبار الكل بكذبهم فلا يوجد وحى من الله يقول أن له ولد ويسأل أتقولون على الله ما لا تعلمون والمراد هل تنسبون إلى الله الكذب الذى تعرفون مصداق لقوله بسورة آل عمران"ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون"والغرض من السؤال هو إخبار الكل أن الكفار ينسبون إلى الله الباطل وهم يعرفون أنه باطل والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع فى الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون "المعنى قل إن الذين ينسبون إلى الله الباطل لا يفوزون نفع فى الأولى ثم إلينا إيابهم ثم ندخلهم العقاب العظيم بالذى كانوا يكذبون ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول :إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون أى إن الذين "ويقولون على الله"كما قال بسورة آل عمران والمراد إن الذين يقولون على الله الباطل لا يفوزون أى الذين ينسبون لله الباطل لا يرحمون لهم متاع فى الدنيا والمراد لهم نفع قليل فى الأولى ثم إلينا مرجعهم أى "إنا إلينا إيابهم "كما قال بسورة الغاشية والمراد أن عودة الناس إلى جزاء الله ثم نذيقهم العذاب الشديد والمراد ثم ندخلهم العقاب الغليظ مصداق لقوله بسورة فصلت "ولنذيقنهم من عذاب غليظ"وهو النار والسبب ما كانوا يكفرون أى يفسقون مصداق لقوله بسورة الأعراف"بما كانوا يفسقون" والخطاب وما بعده من قصص للنبى(ص)ومنه للناس.
"واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامى وتذكيرى بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلى ولا تنظرون"المعنى وقص عليهم خبر نوح(ص)حين قال لشعبه يا شعبى إن كان عظم عليكم موقفى ودعوتى لأحكام الله فعلى الله اعتمدت فأصدروا قراركم وأنصاركم ثم لا يكن قراركم عليكم خفى ثم قولوا لى ولا تترقبون ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يتلو على الناس نبأ نوح(ص)والمراد أن يحكى للناس قصة نوح(ص)إذ أى حين قال لقومه وهم شعبه :يا قوم أى يا شعبى إن كان كبر عليكم مقامى والمراد إن كان ثقل عليكم دينى أى تذكيرى بآيات الله والمراد إن كان عظم عليكم دعوتى لأحكام الله ،فعلى الله توكلت والمراد فبطاعة حكم الله احتميت من عذابه فأجمعوا أمركم وشركاءكم والمراد فأصدروا قراركم وآلهتكم المزعومة فى ثم لا يكن أمركم عليكم غمة والمراد ثم لا يكن قراركم عندكم مختلف ثم اقضوا لى أى قولوا لى ما قررتم ولا تنظرون أى ولا تتريثون،وهذا يعنى أن نوح(ص)لما يأس من القوم طلب منهم أن يصدروا قرارا بالإشتراك مع الآلهة المزعومة على أن يكون القرار واحد فى أمره وبعد ذلك عليهم أن يبلغوا هذا القرار له دون أن ينتظروا وقتا طويلا.
"فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجرى إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين فكذبوه فنجيناه ومن معه فى الفلك وجعلناهم خلائف و أغرقنا الذين كذبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين"المعنى فإن كفرتم فما طالبتكم عليه بمال إن ثوابى من الله وأوصيت أن أصبح من المطيعين فكفروا برسالته فأنقذناه ومن معه فى السفينة وخلقناكم حكام وأهلكنا الذين كفروا بأحكامنا فاعلم كيف كان جزاء المبلغين ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقص بقية خبر نوح وهو قوله لهم :فإن توليتم والمراد فإن كفرتم برسالتى فما سألتكم من أجر والمراد فما طالبتكم بمال مقابل إبلاغه لكم مصداق لقوله بسورة هود"لا أسألكم عليه مالا"إن أجرى وهو ثوابى من عند الله وأمرت أن أكون من المسلمين والمراد وأوصيت أن أصبح من المطيعين لحكم الله أى المؤمنين مصداق لقوله بسورة يونس"وأمرت أن أكون من المؤمنين"فكانت النتيجة أن نجيناه والمراد أنقذناه ومن معه فى الفلك وهى السفينة من الغرق وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا والمراد وأهلكنا الذين كفروا بأحكامنا فى الماء ويطلب الله من نبيه(ص)أن ينظر كيف كان عاقبة المنذرين والمراد أن يعلم كيف كان جزاء المبلغين بالوحى الكافرين به وهم المجرمين مصداق لقوله بسورة الأعراف"فانظر كيف كان عاقبة المجرمين ".
"ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب المعتدين"المعنى ثم أرسلنا من بعد نوح(ص)مبعوثين إلى شعبهم فأتوهم بالآيات فما كانوا ليصدقوا بما كفروا به من قبل هكذا نختم على نفوس الكافرين ،يبين الله لنبيه(ص)أنه بعث رسلا والمراد أرسل مبعوثين من بعد وفاة نوح(ص)إلى قومهم وهم شعبهم مصداق لقوله بسورة الحديد"لقد أرسلنا رسلنا "فجاءوهم بالبينات والمراد أتوهم بالكتاب وهو الزبر مصداق لقوله بسورة آل عمران"جاءوا بالبينات والزبر والكتاب المنير"ويبين له أنهم ما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل والمراد ما كانوا ليصدقوا بالذى كفروا به من قبل وهو كتاب الله ويبين أن كذلك أى بتلك الطريقة وهى تكذيبهم بكتاب الله يطبع على قلوب المعتدين والمراد يختم على نفوس الكافرين مصداق لقوله بسورة البقرة "ختم الله على قلوبهم "وقوله بسورة الأعراف" كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين "ومعنى الطبع هو الحول بينهم وبين الإسلام بكفرهم به .
"ثم بعثنا من بعدهم موسى وهارون إلى فرعون وملائه بآياتنا فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا إن هذا لسحر مبين "المعنى ثم أرسلنا من بعد وفاتهم موسى (ص)وهارون(ص) إلى فرعون وشعبه بعلاماتنا فكفروا وكانوا ناسا كافرين فلما أتاهم العدل من لدينا قالوا إن هذا خداع عظيم ،يبين الله لنبيه (ص) أنه بعث من بعدهم والمراد أرسل من بعد وفاة الرسل(ص)موسى (ص)وهارون(ص)بآياتنا وهى السلطان المبين أى المعجزات والوحى إلى فرعون وملائه وهم قومه وفى هذا قال بسورة المؤمنون"ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين"فكانت النتيجة أن استكبروا أى كفروا بآيات الله وفسر هذا بأنهم كانوا قوما مجرمين أى ناسا كافرين وفسر هذا بأنهم لما جاءهم الحق والمراد لما أتاهم العدل ممثل فى المعجزات والوحى من لدى الله قالوا إن هذا لسحر مبين والمراد إن هذا مكر كبير وهذا يعنى أنهم اتهموهم بممارسة السحر.
"قال موسى أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هذا ولا يفلح الساحرون "المعنى قال موسى أتقولون للعدل لما أتاكم أخداع هذا ولا يفوز المخادعون ،يبين الله لنبيه (ص)أن موسى (ص)قال لقوم فرعون أتقولون للحق لما جاءكم والمراد أتطلقون على الصدق لما أتاكم أسحر هذا والمراد أخداع هذا ؟ولا يفلح الساحرون والمراد ولا يرحم المجرمون مصداق لقوله بسورة يونس"إنه لا يفلح المجرمون"وهذا يعنى أنه يخبرهم أن ما جاء به ليس سحرا وإنما حق من عند الله .
"قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه أباءنا وتكون لكما الكبرياء فى الأرض وما نحن لكما بمؤمنين "المعنى قالوا هل أتيتنا لتبعدنا عن الذى لقينا عليه أباءنا ويصبح لكما الحكم فى البلاد وما نحن لكما بمصدقين ،يبين الله لنبيه (ص)حتى يقول للناس أن قوم فرعون قالوا لموسى(ص):أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه أباءنا والمراد هل أتيتنا لتبعدنا عن الدين الذى كان عليه أباءنا ؟والغرض من السؤال هو إخباره أن هدفه هو أن يتركوا دين الأباء وتكون لكما الكبرياء فى الأرض والمراد ويكون لكما الحكم وهو السلطة فى البلاد وهذا يعنى إخباره بالهدف الثانى وهو أن يكون وهارون(ص)حكام البلاد وما نحن لكما بمؤمنين والمراد وما نحن لكما بمصدقين حتى نفشل أهدافكما .
"وقال فرعون ائتونى بكل ساحر عليم فلما جاء السحرة قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون "المعنى وقال فرعون جيئونى بكل مخادع خبير فلما أتى المخادعون قال لهم موسى(ص)ارموا الذى أنتم رامون ،يبين الله لنبيه(ص)أن فرعون قال لقومه ائتونى بكل ساحر عليم والمراد أحضروا لى كل ماكر خبير بالسحر فلما جاء السحرة والمراد فلما أتى العلماء بالمكر قال لهم موسى(ص)ألقوا ما أنتم ملقون والمراد اصنعوا السحر الذى أنتم عاملون .
"فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون"المعنى فلما رموا قال موسى(ص)ما صنعتموه هو الخداع إن الله سيمحوه إن الله لا ينصر فعل الكافرين وينصر الله العدل بإراداته ولو بغض الكافرون،يبين الله لنبيه(ص)أن السحرة ألقوا أى عملوا سحرهم فقال لهم موسى (ص)ما جئتم به السحر والمراد الذى فعلتم هو الخداع إن الله سيبطله والمراد إن الله سيزيله من الوجود إن الله لا يصلح عمل المفسدين والمراد إن الله لا ينصر فعل الكافرين وفسر هذا بأن الله يحق الحق بكلماته والمراد أن الله ينصر العدل بجنوده حتى ولو كره المجرمون والمراد حتى ولو مقت الكافرون مصداق لقوله بسورة التوبة"ولو كره الكافرون ".
"فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملائهم أن يفتنهم وإن فرعون لعال فى الأرض وإنه لمن المسرفين"المعنى فما صدق بموسى(ص)إلا جماعة من أهله على رهبة من فرعون وشعبهم أن يعاقبهم وإن فرعون لظالم فى البلاد أى إنه من الكافرين ،يبين الله للنبى (ص)أن موسى (ص)آمن به ذرية من قومه والمراد صدق برسالته عدد قليل من بنى إسرائيل على خوف من فرعون وملائهم والمراد رغم خشيتهم من فرعون وأغنياء بنى إسرائيل أن يفتنهم والمراد أن يعذبوهم ليردوهم عن الحق وإن فرعون لعال فى الأرض والمراد لمفسد فى البلاد مصداق لقوله بسورة القصص "إنه كان من المفسدين " وفسر هذا بأنه من المسرفين وهم المفرطين فى دين الله أى الكافرين .
"وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين فقالوا على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ونجنا برحمتك من القوم الكافرين "المعنى وقال موسى(ص)يا شعبى إن كنتم صدقتم بالله فبطاعته احتموا إن كنتم مطيعين له فقالوا بطاعة الله احتمينا إلهنا لا تخلقنا اختبار للناس الكافرين وأنقذنا بقوتك من الناس المكذبين ،يبين الله لنبيه(ص)أن موسى (ص)قال لهم :يا قوم أى يا أهلى إن كنتم آمنتم بالله والمراد إن كنتم صدقتم بحكم الله فعليه توكلوا والمراد فبطاعة حكمه احتموا إن كنتم مسلمين أى مطيعين لحكمه أى مؤمنين مصداق لقوله بسورة المائدة"إن كنتم مؤمنين "وهذا يعنى أن الله يحمى من يطيع وحيه من الأذى ،فكان ردهم هو :على الله توكلنا والمراد بطاعة حكم الله احتمينا من كل أذى ،ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين والمراد إلهنا لا تجعلنا هدفا للناس الكافرين مصداق لقوله بسورة الممتحنة"لا تجعلنا فتنة للذين كفروا"وهذا يعنى أنهم لا يريدون أن يكونوا هدف لتعذيب الكفار ،وفسروا قولهم فقالوا :ونجنا برحمتك من القوم الكافرين والمراد وأنقذنا بقوتك من الناس المكذبين بحكم الله وهذا يعنى أنهم يريدون النجاة من عذاب الكفار .
"وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين"المعنى وألقينا إلى موسى (ص)وهارون(ص)أن عينا لأهلكما بمصر مساكنا واجعلوا مساكنكم مصلى وأطيعوا حكمى وأفرح المصدقين،يبين الله للنبى(ص)أنه أوحى والمراد ألقى لموسى (ص)وأخيه هارون(ص)حكما يقول:أن تبوءوا لقومكما بمصر بيوتا والمراد اختارا لأهلكما فى مصر مساكنا وهذا يعنى أن يسكنوا كلهم فى مكان واحد ،واجعلوا بيوتكم قبلة والمراد واجعلوا مساكنكم مصلى وهذا يعنى أن يصلوا الصلوات المفروضة فى بيوتهم ،وأقيموا الصلاة والمراد وأطيعوا الدين مصداق لقوله بسورة الشورى "أن أقيموا الدين"ويطلب منه أن يبشر المؤمنين أى أن يخبر المصدقين أى يفرح المحسنين بالجنة مصداق لقوله بسورة الحج"وبشر المحسنين".
"وقال موسى ربنا إنك أتيت فرعون وملأه زينة وأموالا فى الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم"المعنى وقال موسى (ص)إلهنا إنك أعطيت فرعون وقومه متاعا أى أملاكا فى المعيشة الأولى ،إلهنا ليبعدوا عن رحمتك ،إلهنا امحو أملاكهم واربط على نفوسهم فلا يصدقوا حتى يشهدوا العقاب العظيم،؟يبين الله لنبيه(ص)أن موسى قال أى دعا الله"ربنا إنك أتيت فرعون وملأه زينة أى أموالا والمراد إنك وهبت لفرعون وقومه متاعا أى أملاكا فى الحياة الدنيا أى فى المعيشة الأولى ربنا ليضلوا عن سبيلك أى إلهنا ليبعدوا عن دينك وهذا يعنى أنه يطلب من الله أن يبعد قوم فرعون عن دين الله الذى يؤدى لأخذ رحمته ،ربنا اطمس على أموالهم والمراد إلهنا أفسد لهم أملاكهم وهذا يعنى أنه يطلب من الله أن يفسد أموال القوم بكل وسيلة ،واشدد على قلوبهم والمراد وأربط على نفوسهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم والمراد فلا يصدقوا حتى يصيبهم العقاب الموجع وهذا يعنى أنه يطلب منه أن يجعل قوم فرعون كفار حتى يموتوا وهم يرون عقاب الله لهم .
"قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون "المعنى قال الله قد سمع نداءكما فأطيعا ولا تطيعان دين الذين لا يطيعون دينى ،يبين الله لنبيه(ص)أن الله أوحى لموسى (ص)وهارون(ص) قد أجيبت دعوتكما والمراد قد تحقق طلبكما وهذا يعنى أن الله سينفذ لهم ما طلبوا من إضلال القوم لأنهم سيثبتون على ضلالهم مستقبلا وإفساد أملاكهم وقال فاستقيما أى فأطيعا حكمى ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون والمراد ولا تطيعان دين الذين لا يطيعون دينى وهذا يعنى أنه يطلب منهما اتباع دينه وترك أديان الكفار .
"وجاوزنا ببنى إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذى آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين "المعنى وعبرنا بأولاد يعقوب(ص) الماء فخرج خلفهم فرعون وعسكره ظلما أى عدوانا حتى إذا أصابه الهلاك قال صدقت أنه لا رب إلا الذى صدقت به أولاد يعقوب وأنا من المطيعين،يبين الله لنبيه(ص)أنه جاوز ببنى إسرائيل البحر والمراد عبر بأولاد يعقوب (ص)اليم وهو الماء سالمين فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا أى عدوا والمراد فخرج فرعون وعسكره خلفهم ظلما أى رغبة فى قتلهم دون حق حتى إذا أدرك فرعون الغرق والمراد ولما غطى فرعون الماء حتى فمه قال :آمنت أنه لا إله إلا الذى آمنت به بنو إسرائيل والمراد صدقت أنه لا رب سوى الذى صدقت به أولاد يعقوب(ص)وأنا من المسلمين أى المطيعين لحكم الله ،وهذا يعنى أنه حقق لموسى (ص) دعوته بهلاكهم وهم كفار وهنا أعلن فرعون إسلامه فى الوقت الذى لا ينفع فيه إسلام.
"الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون "المعنى الآن وقد خالفت من قبل أى كنت من الكافرين فاليوم ننقذك بجسمك لتصبح لمن بعدك عظة وإن كثيرا من الخلق عن أحكامنا لساهون،يبين الله لنبيه(ص)أنه أرسل ملاكا لفرعون فقال له:الآن تعلن إسلامك وقد عصيت أى خالفت حكمى من قبل أى كنت من المفسدين أى الكافرين بدينى وهذا يعنى أنه يذكره بكفره ،فاليوم ننجيك ببدنك والمراد فالآن ننقذك بجسمك وهذا يعنى أن الله سيحفظ جسم فرعون سليما ويأخذ نفسه للنار والسبب لتكون لمن خلفك آية والمراد لتصبح لمن يعيش بعدك عظة يعتبر بها ويبين أن كثير أى أغلب الناس عن آيات الله غافلين والمراد لأحكام الله عاصين أى تاركين أى معرضين مصداق لقوله بسورة الحجر"وأتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين".
"ولقد بوأنا بنى إسرائيل مبوأ صدق ورزقناهم من الطيبات فما اختلفوا حتى جاءهم العلم إن ربك يقضى بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون"المعنى ولقد أنزلنا أولاد يعقوب مسكن عدل وأعطيناهم من المنافع فما تنازعوا حتى أتاهم الوحى إن إلهك يحكم بينهم يوم البعث فى الذى كانوا فيه يتنازعون ،يبين الله لنبيه(ص) أنه بوأ بنى إسرائيل مبوأ صدق والمراد أسكن أولاد يعقوب(ص)مسكنا مباركا مصداق لقوله بسورة الأعراف"وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التى باركنا فيها"وهى الأرض المقدسة وهى مكة ورزقهم من الطيبات والمراد وأعطاهم من الأرزاق الكثير ،ويبين له أنهم ما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم والمراد ما تنازعوا بينهم إلا من بعد ما أتتهم البينات وهى أحكام الله مصداق لقوله بسورة آل عمران"واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات"،ويبين له أن ربه يقضى بينهم يوم القيامة والمراد يحكم بينهم يوم البعث مصداق لقوله بسورة الحج"الله يحكم بينهم"وهو يفصل بينهم فيما كانوا فيه يختلفون والمراد فى الذى كانوا فيه يتنازعون وهو أى الأديان هو دين الله .
"فإن كنت فى شك مما أنزلنا إليك فسئل الذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين "المعنى فإن كنت فى حيرة من الذى أوحينا لك فاستفهم الذين يتلون الوحى من قبلك لقد أتاك العدل من إلهك فلا تصبحن من الكافرين،يبين الله لنبيه(ص)أنه إن كان فى شك مما أنزل إليه والمراد أنه إن كان فى ارتياب من الذى أوحى له وهو دينى مصداق لقوله بسورة يونس"فى شك من دينى "فسئل الذين يقرءون الكتاب من قبلك والمراد فاستفهم عن صحة دينك من الذين يعلمون الوحى من قبلك إن كنت لا تصدق أنه دين الحق وهذا يعنى أن يسأل أهل الكتاب حتى يعرفوه أن دينه هو الحق ،وقال له لقد جاءك الحق أى لقد أتاك العلم مصداق لقوله بسورة الرعد" ما جاءك من العلم"من ربك أى إلهك ،وينهاه أن يكون من الممترين أى المشركين وهم الكافرين مصداق لقوله بسورة الأنعام"ولا تكونن من المشركين" والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص) .
"ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين "المعنى ولا تصبحن من الذين كفروا بأحكام الله فتصبح من المعذبين ،يطلب الله من نبيه(ص)ألا يكون من الذين كذبوا بآيات الله والمراد ألا يصبح من الذين كفروا بأحكام الله وهم الممترين فى الآية السابقة فيكون من الخاسرين أى المعذبين مصداق لقوله بسورة الشعراء"فتكون من المعذبين" وهذا يعنى أن من يكفر يعذب.
"إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم"المعنى إن الذين وقع عليهم حكم إلهك لا يصدقون ولو أتتهم كل معجزة حتى يشاهدوا العقاب الموجع،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين حقت عليهم كلمة ربه وهم الذين صدق عليهم حكم الله بالعذاب مصداق لقوله بسورة الزمر"ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين"فهم لا يؤمنون أى لا يصدقون ولو جاءتهم كل آية والمراد حتى ولو أتتهم كل معجزة من عند الله وفى هذا قال بسورة الأنعام"ولو أننا نزلنا عليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شىء قبلا ما كانوا ليؤمنوا "وهم يؤمنون فى حالة واحدة وهى أن يروا العذاب الأليم والمراد أن يشاهدوا العقاب الموجع نازل بهم .
"فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما أمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزى فى الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين "المعنى فلولا كانت بلدة صدقت فأفادها تصديقها إلا شعب يونس(ص) لما صدقوا أزلنا عنهم عقاب الذل فى المعيشة الأولى ولذذناهم إلى موعدهم ،يبين الله لنبيه(ص)أن كل أهالى القرى لم يؤمنوا بوحى الله عدا قرية واحدة هى قرية والمراد أهل بلدة يونس (ص) ولذا لما آمنوا أى صدقوا حكم الله حدث التالى كشف الله عنهم عذاب الخزى فى الحياة الدنيا والمراد أزال الله عنهم عقاب الهوان فى المعيشة الأولى ومتعهم إلى حين والمراد ولذذهم إلى موعد موتهم .
"ولو شاء ربك لآمن من فى الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين"المعنى ولو أراد إلهك لصدق من فى البلاد كلهم فهل أنت تجبر الخلق أن يصبحوا مصدقين ؟يبين الله لنبيه(ص)أنه لو شاء لآمن من فى الأرض جميعا والمراد أنه لو أراد لأهتدى كل من فى البلاد مصداق لقوله بسورة الأنعام"ولو شاء ربك لجمعهم على الهدى "ولكنه لم يرد إيمان الكل ،ويسأل الله أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين والمراد فهل أنت تجبر الخلق كلهم أن يصبحوا مسلمين ؟والغرض من السؤال هو إخبار الرسول(ص) أن إجبار الناس على الإيمان حرام كما قال له بسورة الغاشية "لست عليهم بمصيطر" والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون"المعنى وما كان لفرد أن يصدق إلا بأمر الله ويوجب العذاب للذين لا يفقهون ،يبين الله لنبيه(ص)أن ما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله والمراد ما يقدر فرد على أن يصدق بحكم الله إلا بمشيئة الله وهذا يعنى أن الإيمان يحدث من الله والفرد فى وقت واحد مصداق لقوله بسورة الإنسان"وما تشاءون إلا أن يشاء الله"ويبين له أن الرجس وهو العذاب وهو الغضب مصداق لقوله بسورة النحل"فعليهم غضب من الله" يجعله الله على الذين لا يعقلون والمراد يدخله الله الذين لا يؤمنون مصداق لقوله بسورة الأنعام"كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون "
"قل انظروا ماذا فى السموات والأرض وما تغنى الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون"المعنى قل فكروا ماذا فى السموات والأرض وما تمنع الأحكام أى الوحى عن ناس لا يصدقون ،يبين الله لنبيه (ص)أن يقول للناس انظروا ماذا فى السموات والأرض وهذا يعنى أنه يطالب الناس بأن يعلموا قدر ما يستطيعوا عن مخلوقات الكون حتى يصلوا من خلال علمهم إلى الحق ،ويبين له أن الآيات وهى الأحكام وفسرها بأنها النذر وهى الوحى تكرار الدعوة بها لا يغنى عن قوم لا يعقلون والمراد لا يمنع العذاب عن ناس لا يفقهون أى لا يطيعونها مصداق لقوله بسورة التوبة"قوم لا يفقهون"وهذا يعنى الإقلال من مرات دعوة الكفار ما دامت النتيجة استمرارهم فى الكفر والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص)ومنه للناس .
"فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إنى معكم من المنتظرين ثم ننجى رسلنا والذين آمنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين"المعنى فهل يترقبون إلا شبه عذابات الذين مضوا من قبلهم قل فترقبوا إنى معكم من المترقبين ثم ننقذ مبعوثينا والذين صدقوا هكذا واجبا علينا ننقذ المصدقين ،يسأل الله :فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم والمراد هل يتربصون إلا شبه سنن وهى عقوبات الذين مضوا من قبل ؟والغرض من السؤال هو إخبار الكفار أن عليهم أن يعلموا أنه سيصيبهم ما أصاب الذين عاشوا قبلهم لما كفروا وهو العذاب ويطلب الله من نبيه(ص)أن يقول لهم انتظروا أى تربصوا العذاب إنى معكم من المنتظرين أى المتربصين لنزوله عليكم مصداق لقوله بسورة الطور"قل تربصوا إنى معكم من المتربصين "ويبين له أنه ينجى رسله والذين آمنوا والمراد أنه ينقذ مبعوثيه والذين صدقوا بحكمه من العذاب ويبين له أنه حق والمراد فرض فرضه على نفسه أن ينج المؤمنين والمراد أن ينقذ أى ينصر المصدقين بحكمه مصداق لقوله بسورة الروم"وكان حقا علينا نصر المؤمنين".
"قل يا أيها الناس إن كنتم فى شك من دينى فلا أعبد الذى تعبدون من دون الله ولكن أعبد الذى يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين"المعنى قل يا أيها الخلق إن كنتم فى تكذيب لحكمى فلا أطيع الذى تطيعون من غير الله ولكن أطيع الذى يميتكم وأوصيت أن أصبح من المصدقين ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس وهم الخلق :إن كنتم فى شك من دينى والمراد إن كنتم فى كفر بذكر الله مصداق لقوله بسورة ص"بل هم فى شك من ذكرى "فلا أعبد الذى تعبدون من دون الله والمراد فلا أتبع الذين تتبعون من سوى الله ولكن أعبد الذى يتوفاكم والمراد وإنما أتبع دين الذى يميتكم مصداق لقوله بسورة الجاثية "ثم يميتكم"وأمرت أن أكون من المؤمنين والمراد وأوصيت أن أصبح من المسلمين مصداق لقوله بسورة النمل"وأمرت أن أكون من المسلمين" وهذا يعنى أنه يجب أن يطيع دين الله ويترك أديان الكفر لأنه أمر بهذا .
"وأن أقم وجهك للدين حنيفا ولا تكونن من المشركين ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين "المعنى وأن أسلم نفسك للحكم مستقيما ولا تصبحن من الكافرين أى لا تعبد من غير الله الذى لا يفيدك ولا يؤذيك فإن عملت فإنك إذا من الكافرين ،يخاطب الله نبيه (ص)فيقول وأن أقم وجهك للدين حنيفا والمراد وأن أخلص نفسك للإسلام قاصدا والمراد اتبع بنفسك حكم الله قاصدا إياه بإتباعك وفسر هذا بأن لا يكون من المشركين والمراد ألا يصبح من الكافرين بحكم الله وهم الجاهلين مصداق لقوله بسورة الأنعام"فلا تكونن من الجاهلين" وفسر هذا بأن لا يدع من دون الله ما لا ينفعه ولا يضره والمراد ألا يعبد من غير الله إلها مصداقا لقوله بسورة الشعراء"فلا تدع مع الله إلها"لا يفيده برزق ولا يؤذيه بعقاب ويبين له أنه إن فعل أى عمل الكفر وهو عبادة غير الله فإنه يصبح من الظالمين أى الكافرين المستحقين للعذاب مصداق لقوله بسورة الشعراء فتكون من المعذبين"والخطاب للنبى(ص).
"وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم"المعنى وإن يصبك الله بأذى فلا مزيل له إلا هو وإن يصبك بنفع فلا مانع لنفعه يعطيه من يرد من خلقه وهو النافع المفيد،يبين الله لنبيه (ص)أنه إن يمسسه الله بضر والمراد إن يصيبه بشر أى أذى مصداق لقوله بسورة الإسراء"وإذا مسه الشر"فلا كاشف له إلا هو والمراد لا مزيل للشر سوى الله وإن يرده بخير والمراد إن يعطيه نفع فلا راد لفضله والمراد فلا ممسك لنفعه مصداق لقوله بسورة فاطر"ما يفتح الله من رحمة فلا ممسك لها "أى لا مانع لرحمة الله وهى خيره وهو يصيب به من يشاء من عباده والمراد يعطي رحمته لمن يريد من خلقه مصداق لقوله بسورة يوسف"نصيب برحمتنا من نشاء"ويبين له أنه الغفور الرحيم أى النافع المفيد للخلق والخطاب للنبى(ص).
"قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدى لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنا عليكم بوكيل "المعنى قل يا أيها الخلق قد أتاكم برهان من خالقكم فمن أطاع فلمصلحته ومن عصى فإنما يسيىء لها وما أنا عليكم بحفيظ ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس وهم الخلق قد جاءكم الحق من ربكم والمراد قد أتاكم بصائر وهو العدل من إلهكم مصداق لقوله بسورة الأنعام"قد جاءكم بصائر من ربكم" ويقول فمن اهتدى فإنما يهتدى لنفسه والمراد فمن أبصر فلمصلحته ومن ضل فإنما يضل عليها والمراد ومن عمى فعليها مصداق لقوله بسورة الأنعام"فمن أبصر فلنفسه ومن عمى فعليها"وهذا يعنى أن من أسلم فإنما يسلم لنفع نفسه ومن كفر فإنما يعاقب نفسه وما أنا عليكم بوكيل والمراد وما أنا عليكم بحفيظ أى حامى لكم مصداق لقوله فى نفس الآية "وما أنا عليكم بحفيظ "والخطاب للنبى(ص)ومنه للناس.
"واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين"المعنى وأطع الذى يلقى لك أى اتبع حتى يقضى الله وهو أحسن القاضين ، يطلب الله من نبيه(ص)أن يتبع ما يوحى إليه والمراد أن يطيع الذى ينزل له من عند الله وفسر له بأن يصبر حتى يحكم الله والمراد أن يطيع حكم الله حتى يفصل الله بين الناس وهو خير الحاكمين أى أفضل القضاة والخطاب للنبى(ص)