أهؤلاء بشـــــــر مثلنا ؟
ورد في صحيح البخاري ومسلم بسند متن صحيح قصة لها العجب , قد يعتقد البعض إن قصصتها عليه انها من قصص الخيال وأنها من وحي وخيال كاتب بارع قادر على الصياغة , وقد يعتقد البعض أنك تكذب عليه , لكن أحبتي في الله هذه القصة رواها سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم , وهو لا ينطلق عن الهوى , ولا تتعجبوا إخواني فهذه حدثت بين بشر مثلي ومثلكم , ولكنهم التزموا الورع والتقوى وحب الغير , والتزموا تعاليم المولى جل وعلا ورست في نفوسهم سفن الإيمان , فاعتمر قلبهم بالورع وأُنير بالتقوى , وتزين بالكرم , وتحلى بحسن الخلق .
عن أبي هريرة قال :
[b]"قال النبي صلى الله عليه وسلم : "اشترى رجل من رجل عقاراً له، فوجد الرجل الذي اشترى العقار من عقاره جرة فيها ذهب، فقال له الذي اشترى العقار : خذ ذهبك مني، إنما اشتريت منك الأرض، ولم أبتع منك الذهب، وقال الذي له الأرض : إنما بعتك الأرض وما فيها فتحاكما إلى رجل، فقال الذي تحاكما إليه: ألكما ولد؟ قال أحدهما : لي غلام، وقال الآخر : لي جارية، قال : أنكحوا الغلام الجارية، وأنفقوا على أنفسهما منه ، وتصدقا".
كما شاهدتم وقرأتم أحبتي فهذه القصة تدور حول شخصيتين أساسيتين وهما شخصية المشتري والبائع فكلاهما موقفه عظيم وكلاهما أعظم من الآخر , فالمشتري عفيف النفس طيبها والبائع كثير الأدب والتجرد من الشح وحب المال , فها هو المشتري عندما وجد ذهبا في العقار الذي اشتراه لم يطمع ويقول عوضني الله ما دفعته , ولم يحلل الحرام ولم تسول له نفسه أكل الحق , فذهب على الفور إلى البائع وأراد أن يرد عليه الذهب الذي وجده , فكان البائع أكرم من المشتري وأكثر زهدا وورعا فلم يقبل أن يأخذ الذهب , ويتخاصم المتخاصمان , فقد صارا متخاصمان ولكن ما أروعه من خصام وما أحلا خصامهما , فذهبا إلى رجل ليختصما عنده , وانظر إلى رد وحكمة هذا الرجل فرده وحكمه ينم عن أنهما لم يذهبا إلى أي شخص ليختصما عنده , بل ذهبا إلى رجل رشيد .
وكلا الرجلين خاف الله فأعزه الله , كلاهما أراد أن يعطي الآخر الذهب فأراد الله أن يكون الذهب من حق ابنيهما .
والسؤال الذي أريد طرحه هو :
هل ممكن أن يكون المال نقمة على صاحبه ؟؟؟
الإجابة نعم , وهذا هو الدليل أقصه عليك من كتاب ربنا عز وجل , قال تعالى :
[b]وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُم مُّعْرِضُونَ (76) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ } (التوبة/75-77).
وهذه الآيات نزلت في حق حاطب الذي ذهب للنبي وطلب منه أن يدعو له بالغني , فحذره النبي من مغبة الغني ضرره , ولكن بعد إلحاح حاطب دعا له النبي بعد أن أخذ من حاطب عهدا ألا يلهيه المال عن العبادة والزكاة , ولكن ما حدث أن حاطب ألهته أمواله عن الصلاة , ثم ألهته عن إخراج الزكاة .
وفي هذه القصة بعض الأشياء التي يجب أن يضعها المسلم أمام ناظريه أهمها :
* أن السعادة ليست في جمع المال وتخزينه , فأنت أخي المسلم لست بجامع للمال بل أنت عابد لله .
* من يتق الله يجعل له مخرجا , فعندما اتقى الاثنان ربهما أخرجهما مما كانا فيه فجعلهما يختصمان ويتحاكمان إلى رجل رشيد , فكان حكمه بحيث لم يخرج المال إلى أحدهما دون الآخر .
* يجل علينا تحري الحلال إلى أبعد الحدود وأن نحرص على أن يكون مأكلنا ومشربنا وملبسنا حلال.
* يجب علينا إذا تحاكم إلينا اثنان ووجدنا في أنفسنا القدرة على الحل بما يرضي الله ألا نتأخر بل يجب علينا أن نحكم بين المتخاصمين مخافة أن يقعا بين يدي جاهل جهول لا يفقه شيئا .
* التزام العقود والمواثيق فقد وفى البائع والمشتري بما في العقد فالمشتري اشترى العقار ولم يشتر الذهب فأراد رده , والمشتري باع الأرض بما فيها فلم يقبل الذهب . قال تعالى [b]قوله تعالى : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالعُقُود..} [/b]
* على من يحتكم إلى حكم يرضاه أن يمتثل إلى حكمه أيا كان حكم الحكم فليس من حقك بعد الاحتكام له أن ترفض حكمه بل يجب عليك تنفيذه .
* لا تنظر إلى الدنيا بل انظر وترقب الآخرة واجعلها أمام ناظريك قال تعالى
[b]{مَن كَانَ يُرِيدُ الحَيَاةَ الدُّنْيَاوَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (هود/15-16)
* لا تكن ممن يحبون المال والذهب والفضة , ويحبون جمعها والتزين بها , قال تعالى :
[b]وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (التوبة/34).
* إذا حكمت بين الناس فلتحكم بالعدل ولو كان ذا قربى قال تعالى :
[b]{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِياًّ أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} (النساء/135).[/b]
[b][/b]
[b]* كن كما كان الرجلان ولا تبخل ولا تكن ممن يحبون المال قالتعالى [/b]
[b][b]{الَّذِينَ يَبْخَلُونَوَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً} (النساء/37).
كتب الفقير إلى عفو ربه أحمد بن محمد بن سليمان
لا تنسوه من صالح الدعاء
[/b][/b][/b][/b][/b]
[/b]