إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا , ونشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبد ورسوله , نشهد بك ربا وساترا وحاميا ورازقا , نشهد لك وحدك بالألوهية والربوبية , ونشهد لنبيك بتبليغ الأمانة وتأدية الرسالة على أكمل وجه , فلك نعبد ولك نصلي ونسجد , لك وحدك لا شريك لك في الملك , فأنت الملك الجبار الرؤوف الغفور , مالك الملك وملك الملوك , ونصلي ونسلم ونبارك على رسولك ونبيك محمد صلى الله عليه وآله وسلم , أما بعد .
هذه نصائحي إلى كل مهموم ومبتلى وكل من أحس بالوحشة والغم :
سأعطيكم أحبتي في الله بعض الأقراص الإيمانية والتي لو سرتم عليها لخرجتم من غمكم ووحشتكم وهمكم بإذن الله ألا وهي :
* القـــــــــــــــــرص الأول :
قال تعالى: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ [الأنعام:125].
فمعاني هذه الآية عميقة وجميلة وتدلنا على أول قرص يجب علينا اتباعه بل وأهم قرص من الأقراص وهو قرص الإيمان بالله وحده لا شريك له , ومعنى الإيمان متشعب وغير محدود فالإيمان أن تؤمن بالقدر خيره وشره , فإن أصابك هم وغم فلا تضجر وإن أصابك مكروه فلا تبتأس , وكما تشكر ربك في المحاسن والأشياء الحسنة فاشكره في الشرور والكوارث والمصائب , فكم من الحامدين الله والشاكرين في السراء والضراء , وكلنا نعلم أن الإيمان أن تؤمن بالله ورسوله وكتبه ورسله وملائكته والقدر غير وشره .
فغاية الإيمان بالله الرضا بقضائه , فلو رضي كل منا بما قسمه الله له ما غُمَّ ولا هُمَّ ولا تأسَّى على ما فاته أبدا .
* القــــــــــــــــرص الثــــــاني :
هذا القرس مُستلٌّ من قرصنا الأول أو هو نتيجة له , فما من شك في أن من يؤمن بالله حق إيمانه سيكون من المتوكلين على الله , إذا فقرصنا الثاني هو قرص التوكل :
والتوكل هو الثقة بما عند الله، واليأس عما في أيدي الناس.
والتوكل هو الاعتماذ الواثق على الغير وقد اشتق الناس منه الوكالة وهي جزء مهم من فقهنا الإسلامي وأفرد له الفقهاء أبوابا في كتبهم , وحقيقة لن يرضى أي منا أن يوكل عنه من لا يثق فيه , فهكذا توكلك على الله مبني على الثقة في الله وأنه القادر على كل شيء وأنه من يملك زمام أمرك فهو خالقك , ومن يتوكل على الله يجعل له مخرجا .
ومن مميزات المتوكلون على الله أنهم قويوا القلب والعزيمة وهذا ينبع من ثقتهم بالله فهو يثق بالعزيز الجبار ويعلم أنه ليس فوقه أحد لذا تجده دوما شجاعا سبَّاقا مواجها للحق بكل حالاته وفي كل أوقاته .
قال تعالى لنا ليؤكد لنا على هذه المعاني : " أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ " .
بلى يا رب أنت كافينا ومعيننا .
القـــــــــرص الثـــــــــالث :
مستل من القرصين السابقين كذلك وقد استقيته منهما ألا وهو قرص التقوى والصبر .
فليس بخاف علينا أنه من يتق ويصبر أعانه الله على بلواه ومصيبته .
قــــال تعـــــالى :
- قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ ۖ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَٰذَا أَخِي ۖ قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا ۖ إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (يوسف90)
_ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (الطلاق : 2)
- وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ۚ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (الطلاق / 4)
_ ذَٰلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ ۚ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (الطلاق :5)
فالمتمعن في تلك الآيات الجليلات يجد فضيلة تقوى الله وفضيلة الصبر , وكيف أنهما خير معين على الخروج من النكبات والوقوف مرة أخرى بعد الانكسار .
واسمحوا لي نظرا لضيق الوقت أن يكون للحديث بقية إن شاء الله وأرجو إن نسيت أن يذكرني أحدكم باستكمال تلك الأقراص بارك الله فيكم .
ولا تنسونا من صالح الدعاء .