من طرف 
هذه قصة سيدنا موسى مع الخضر وهي تعلمنا فائدة الصبر على كل شيء وأي شيء
فلتعلموا أحبتي في الله إنه من يصبر ويتقي يجعل الله له مخرجا ويكون رزقه واسعا ومن حيث لا يحتسب .
فمن الناس من لا يستطيع الصبر على أي شيء ويريد أن يأخذ ما يريد لسرعة وفي نفس الوقت وكأنه يتأله على الله وليعاذبالله العلي الكبير .
فالصبر من الأشياء المهمة التي لو تعلمها الإنسان لصارت حياته كلها في سعادة .
صبر على المحبوب صبر على البلاء صبر في السراء والضراء .
اصبروا فالصبر مفتاح جل شيء وكل شيء .
فلا تتعجلوا ولا تتعجلن واصبروا واصبرن .
وهذا القصة التي لم يستطع سيدنا موسى عليه السلام الصبر على الخضر عليه السلام فلننظرها ولنتمعن في معانيا سويا :
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ نَوْفًا الْبِكَالِىَّ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى لَيْسَ بِمُوسَى بَنِى إِسْرَائِيلَ ، إِنَّمَا هُوَ مُوسَى آخَرُ . فَقَالَ كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « قَامَ مُوسَى النَّبِىُّ خَطِيبًا فِى بَنِى إِسْرَائِيلَ ، فَسُئِلَ أَىُّ النَّاسِ أَعْلَمُ فَقَالَ أَنَا أَعْلَمُ . فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِى بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ . قَالَ يَا رَبِّ وَكَيْفَ بِهِ فَقِيلَ لَهُ احْمِلْ حُوتًا فِى مِكْتَلٍ فَإِذَا فَقَدْتَهُ فَهْوَ ثَمَّ ، فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقَ بِفَتَاهُ يُوشَعَ بْنِ نُونٍ ، وَحَمَلاَ حُوتًا فِى مِكْتَلٍ ، حَتَّى كَانَا عِنْدَ الصَّخْرَةِ وَضَعَا رُءُوسَهُمَا وَنَامَا فَانْسَلَّ الْحُوتُ مِنَ الْمِكْتَلِ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِى الْبَحْرِ سَرَبًا ، وَكَانَ لِمُوسَى وَفَتَاهُ عَجَبًا ، فَانْطَلَقَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِهِمَا وَيَوْمِهِمَا فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا ، لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ، وَلَمْ يَجِدْ مُوسَى مَسًّا مِنَ النَّصَبِ حَتَّى جَاوَزَ الْمَكَانَ الَّذِى أُمِرَ بِهِ . فَقَالَ لَهُ فَتَاهُ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّى نَسِيتُ الْحُوتَ ، قَالَ مُوسَى ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِى ، فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ، فَلَمَّا انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ إِذَا رَجُلٌ مُسَجًّى بِثَوْبٍ - أَوْ قَالَ تَسَجَّى بِثَوْبِهِ - فَسَلَّمَ مُوسَى . فَقَالَ الْخَضِرُ وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلاَمُ فَقَالَ أَنَا مُوسَى . فَقَالَ مُوسَى بَنِى إِسْرَائِيلَ قَالَ نَعَمْ . قَالَ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِى مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًا ، يَا مُوسَى إِنِّى عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ لاَ تَعْلَمُهُ أَنْتَ ، وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ عَلَّمَكَهُ لاَ أَعْلَمُهُ . قَالَ سَتَجِدُنِى إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا ، وَلاَ أَعْصِى لَكَ أَمْرًا ، فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ لَيْسَ لَهُمَا سَفِينَةٌ ، فَمَرَّتْ بِهِمَا سَفِينَةٌ ، فَكَلَّمُوهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمَا ، فَعُرِفَ الْخَضِرُ ، فَحَمَلُوهُمَا بِغَيْرِ نَوْلٍ ، فَجَاءَ عُصْفُورٌ فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ ، فَنَقَرَ نَقْرَةً أَوْ نَقْرَتَيْنِ فِى الْبَحْرِ . فَقَالَ الْخَضِرُ يَا مُوسَى ، مَا نَقَصَ عِلْمِى وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ إِلاَّ كَنَقْرَةِ هَذَا الْعُصْفُورِ فِى الْبَحْرِ . فَعَمَدَ الْخَضِرُ إِلَى لَوْحٍ مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ فَنَزَعَهُ . فَقَالَ مُوسَى قَوْمٌ حَمَلُونَا بِغَيْرِ نَوْلٍ ، عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًا قَالَ لاَ تُؤَاخِذْنِى بِمَا نَسِيتُ . فَكَانَتِ الأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا . فَانْطَلَقَا فَإِذَا غُلاَمٌ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ ، فَأَخَذَ الْخَضِرُ بِرَأْسِهِ مِنْ أَعْلاَهُ فَاقْتَلَعَ رَأْسَهُ بِيَدِهِ . فَقَالَ مُوسَى أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًا - قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَهَذَا أَوْكَدُ - فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا ، فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا ، فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ . قَالَ الْخَضِرُ بِيَدِهِ فَأَقَامَهُ . فَقَالَ لَهُ مُوسَى لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا . قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِى وَبَيْنِكَ » . قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى ، لَوَدِدْنَا لَوْ صَبَرَ حَتَّى يُقَصَّ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا » .
هذا الحديث من صحيح البخاري وهو حديث مشهور ولكن أريد توضيح بعض الكلمات الصعبة التي في الحديث :
المسجى : المغطى
تسجى : تغطى
ينقض : يسقط
المكتل : القفة الكبيرة
النول : العطاء والأجر
وانظروا أحبتي في الله إلى ما قاله أفضل الخلق سيدنا وحبيبنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم قال : « يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى ، لَوَدِدْنَا لَوْ صَبَرَ حَتَّى يُقَصَّ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا » .
أعلم أن الصبر صعب فسيدنا موسى نبي من أنبياء أولي العزم لم يستطع الصبر ولكنه كان يريد التعلم سريعا وفي نفس الوقت لا يستطيع أن يسكت على ما يفعله الخضر عليه السلام من أخطاء من وجهة نظره هو ولكنها لم تكن أخطاء في الحقيقة وقد علم هذا سيدنا موسى عندما وضح له الخضر ما فعل ولماذا فعل .
فلو صبر كل منا على الآخر وسأله واستفسر منه وتقصى الحقيقة لم نقع في سوء الظن أو قطيعة الرحم فكم من أناس فقطوا كل شيء لاستعجالهم وكم من أناس قطعوا رحمهم لاستعجالهم وعدم تقصيهم الحقيقة وارتضوا بالجري وراء ما سمعوا فأنا أعلم أناس قطعوا رحمهم بهذا السبب وهو عدم الصبر وعدم سماع الآخر .
وفضيلة الصبر قد تحدث عنها الله سبحانع وتعالى في كتابه الكريم , كما وردت أحاديث كثيرة تتحدث عن فضل الصبر .
وأرجو من الله أن يوفقني حتى أقص عليكم بعض قصص الصابرين وكذا فضل الصبر .
فاللهم اجعلني من الصابرين الحامدين الشاكرين .
وصلى اللهم وبارك وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
لا تنسونا من صالح دعائكم .
دكتور أحمد محمد سليمان .
