الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الكرام ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ثم أما بعد :
لطالما سمعنا هذا الحديث من كثير من الخطباء والوعاظ للأسف من غير تحقق بصحة الحديث ومن باب الدين النصيحة لي ولكم إخواني هذا تخريج الحديث وبيان علته وأنه ضعيف جدا لا تحل روايته والله أعلم والرجاء من كل أخ أن ينصح من حوله حول هذا الحديث قبل العيد لئلا نقع في الكذب على رسول الله عليه الصلاة والسلام
الحديث :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد الفطر وقفت الملائكة على أبواب الطرق فنادوا اغدوا يا معشر المسلمين إلى رب كريم يمن بالخير ثم يثيب عليه الجزيل لقد أمرتم بقيام الليل فقمتم وأمرتم بصيام النهار فصمتم وأطعتم ربكم فاقبضوا جوائزكم فإذا صلوا نادى مناد ألا إن ربكم قد غفر لكم فارجعوا راشدين إلى رحالكم فهو يوم الجائزة ويسمى ذلك اليوم في السماء يوم الجائزة .
درجة الحديث : حديث منكر جدا شبه موضوع
. تخريج الحديث : أخرجه الطبراني في الكبير (ج 1 /رقم 617) ، وعند أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (996) قال حدثنا محمد بن خالد (؟) الراسبي ،ثنا الحسن بن جعفر الكرماني ثنا يحي بن أبي بكير ،ثنا عمرو بن شمر عن جابر عن أبي الزبير عن سعد بن اوس الانصاري عن ابيه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : اذا كان يوم الفطر وقفت الملائكة علي ابواب الطرقات فنادوا اغدوا يا معشر المسلمين إلي رب كريم يمن بالخير ثم يثيب عليه الجزيل ،لقد أمرتم بقيام الليل فقمتم ،وأمرتم بصيام النهار فصمتم و أطعتم ربكم فقبضوا جوائزكم ،فإذا صلوا نادي مناد : الا إن ربكم قد غفر لكم فارجعوا راشدين الي رحالكم فهو يوم الجائزة ويسمي ذلك اليوم في السماء يوم الجائزة . وأعله الهيثمي (2/201) بجابر الجعفي ،وترك التنبيه علي حال عمرو بن شمر وهو أحد التلفى . فقد تركه النسائي والدار قطني و غيرهما وقال البخاري "منكر الحديث" . و كذبه الجوزجانى .و قال ابن معين ( ليس بشىء ) .و رماه السليمانى بوضع الحديث للروافض. وقال ابن حبان فى ( المجروحين) (2/75،76) :كان رافضيا يشتم اصحاب رسول الله (،وكان ممن يروى الموضوعات عن الثقات فى فضائل اهل البيت و غيرهم ،لا يحل كتابة حديثه الا على جهة التعجب ). انتهى . اضف الى ذلك عنعنة ابى الزبير : ولكن له طريق اخر الى سعيد ابن اوس . اخرجه الطبرنى فى (الكبير) (618) ،و الحسن بن سفيان فى (مسنده) –كما فى (الاصابة) (1/161)- ومن طريقه ابو النعيم فى (المعرفة)(994) ،و الشجرى فى (الامالى) (2/47) من طرق عن سلم بن سالم ،ثنا سعيد بن الجبار، عن توبة –او ابى شك سلم – عن سعيد بن اوس الانصارى ، عن ابيه مرفعا مثله . وهذا سند ضعيف جدا . و سلم بن سالم كان ابن المبارك شديد الحمل عليه ،وكان يقول اتق حيات سلم لاتلسعك)!. وقد سئل ابن المبارك عن الحديث فى اكل العدس ،وأنه قد س على لسان سبعين نبيا !! فقال : لا،ولا على لسان نبى واحد؛ أنه لمؤذ منفخ ، من يحدثكم ؟ قالوا :سلم بن ٍسالم. قال: عمن ؟ قالوا :عنك! قال : و عنى أيضا !! . وقال أحمد : ليس بذاك . وضعفه ابن معين ، وقال أبو زرعة : " لا يكتب حديثه ، ثم أومأ بيده الى فيه . قال ابن أبى حاتم : يعنى : لا يصدق " . وسعيد بن عبد الجبار ، أظنه أبا عثيم الذى يروى عن الحمصيين مثل حديز بن عثمان وصفوان بن عمرو ، فان يكنه فقد ترجمه ابن أبى حاتم فى (( الجرح والتعديل )) ( 2 /1 /43 ، 44 ) ، ونقل عن قتيبة بن سعيد قال : " كان جدير بن عبد الحميدى يكذبه " وأضجع ابن معين القول فيه . وقال أبو حاتم : " ليس بقوى ، مضطرب الحديث " وتوبة أو أبو توبة لاأعرفه . وسعيد بن أوس مجهول . ورواه عبد الرحمن بن قيس الخضرمي ، عن سعيد بن عبد الجبار ، عن سعيد بن أوس ، عن أبيه مرفوعا ، فسقط ذكر " توبة أو أبى توبة " أخرجه أبو نعيم أيضا ( 995 ) من طريق خلاد بن أسلم ، ثنا عبد الرحمن ، وهذا اسناد ظلمات بعضها فوق بعض ، مع ما فيه من الاضطراب . ووقفت له على شاهد عن ابن عباس مرفوعا ، فساق حديثا طويلا ، جاء فى آخره : " فاذا كانت ليلة الفطر وسميت ليلة الجائزة ، فاذا كانت غداة بعث الله تبارك وتعالى الملائكة فى كل ملاء فيهبطون الى الأرض فييقومون على أفواه السكك فينادون بصوت يسمعه جميع من خلق الله الا الجن والانس ، فيقولون : يا أمة محمد اخرجوا الى رب كريم يغفر العظيم ، واذا برزوا فى مصلاهم يقول الله تعالى : يا ملائكتى ما أجر الأجير اذا عمل عمله ؟ فتقول الملائكة الهنا وسيدنا جزاؤه أن يوفى أجره ، فيقول الله عز وجل : أشهدكم يا ملائكتى أنى قد جعلت ثوابهم من صيامهم شهر رمضان وقيامهم رضائى ومغفرتى ، فيقول الله عز وجل : سلونى وعزتى وجلالى لا تسألونى اليوم شيئا فى جمعكم هذا لآخرتكم الا أعطيتكموه ولا لدنيا الا نظرت لكم ، وعزتى لأسترت عليكم عثراتكم ما راقبتمونى ، وعزتى وجلالى لا أخزيكم ولا أفضحكم بين يدي أصحاب الجدود أو الحدود – شك أبو عمرو – وانصرفوا مغفورا لكم قد أرضيتمونى ورضيت عنكم ، قال : فتفرح الملائكة ويستبشرون بما يعطى الله هذه الأمة اذا أفطروا " . أخرجه الأصبهانى فى (( الترغيب )) ( 11741 ) ، وابن الجوزي فى (( الواهيات )) ( 2 / 43 – 45 / 880 ) ، وقال : " لا يصح " . سنده واه جدا . وعزاة المنذرى فى (( الترغيب )) ( 2 / 99 – 101 ) لأبى الشيخ كتاب الثواب ، والبيهقي وقال : ليس فى اسناده من أجمع على ضعفه ، وليس من شرط الحديث الباطل أن يكون الاجماع انعقد على ضعف أحد رواته . وهذا حديث منكر جدا شبه الموضوع . وان كان ابن الجوزي أخطأ فى زعمه أن القاسم بن الحكم العرنى – أحد رواته – مجهول . فليس بمجهول بل هو معروف ، فقد وثقه غيرواحد منهم أحمد وابن معين والنسائي . وقال أبو زرعة : " صدوق " . وقال ابن حبان : " مستقيم الحديث . وضعفه العقيلي وأبو نعيم الفضل بن دكين لغفلة كانت فيه ، وعلى كل حال ، فليس يصح فى هذا الباب شيءأعلمه . والله أعلم . والحمد الله رب العالمين .
انتهى كلام الشيخ أبي أسحاق الحويني حفظه الله .